Wednesday, December 31, 2014

عام جديد مآس قديمة

 
عام جديد مآس قديمة
علي زبيدات – سخنين
الزمن لا يعرف القطيعة. الانسان هو المغرم بتقطيع اوصال الزمن الى ماض وحاضر ومستقبل، إلى أزمنة قديمة واخرى حديثة، ازمنة ظلامية وازمنة تنوير، إلى عام قديم وعام جديد. الزمن، لا يعرف احد متى كانت بدايته هذا اذا كانت له بداية اصلا ومتى ستكون نهايته اذا كانت هناك ثمة من نهاية. على ما أظن، الزمن لا مبال بتقسيماتنا هذه يقف مقهقها ساخرا منها ومن افكارنا ومن عواطفنا. سأقف هذه المرة في صف الزمن واشاركه في قهقهته وسخريته بنا نحن بني البشر. لنفرض اننا نقف في هذه الايام لنودع العام القديم الذي رحل عنا من غير رجعة ونستقبل عاما جديدا، ألم نسأم من تكرار عبارة: كل عام وانتم بخير؟ لقد رحل العام القديم ولكن ليس قبل ان يلقي بنفاياته في احضان العام الجديد الذي تقبلها بكل رضى وسرور وزاد عليها نفاياته. علينا الا ننسى ان العام الماضي كان قبل عام جديدا استقبلناه بالامل والتمنيات وها نحن نودعه بالشتائم غير آسفين على رحيله. لا علاقة لما اكتبه هنا بالتفاؤل والتشاؤم. ولكني سئمت مثل غيرى تكرار عبارة "كل عام وانتم بخير" والجميع يتساءل: ولكن اين هو الخير؟ وقد سئمت تكرار الامنيات نفسها في كل عام بالسلام والامان والاستقرار والسعادة والرفاهية وان يكون العام الجديد اقضل من العام الذي سبقه.
لا استطيع أن احصي مآسي العالم التي ورثها العام الجديد من العام المنصرم الذي قد ورثها بدوره من العام الذي سبقه والتي سوف يورثها للعام الذي لم يأت بعد. عندنا من المآسي ما يكفينا. مأساتنا العظمى هي القضية الفلسطينية بكل ابعادها ومعانيها. نعم، قضيتنا اصبحت مأساتنا اعترفنا بذلك ام لم نعترف. واكبر دليل على ذلك ان اخوتنا في فتح سوف يحتفلون بذكرى الانطلاقة وسوف يختتمون خطاباتهم النارية بقولهم: "وانها ثورة حتى النصر" ولا يجرؤ احد أن يقول: ولكن اين الثورة؟ حتى لا يتهم بالخيانة والانهزامية. لم تعد القضية الفلسطينية القضية المركزية ليس بالنسبة للشعوب العربية فحسب بل وللشعب الفلسطيني نفسه ايضا. حتى حرب الابادة التي شنتها اسرائيل في غزة لم تغير في هذا الوضع قيد أنملة. القيادة المنتهية صلاحيتها منذ سنوات تحاول تصدير القضية للخارج وتعرضها للبيع في المزاد العلني على مجلس الامن على شكل مسرحية رديئة الاخراج والمضمون. اما نحن هنا، في الاراضي المحتلة عام ١٩٤٨ ، فنرى خلاصنا للمرة العشرين في الكنيست الاسرائيلي. واصبح السؤال الذي يؤرق مضاجعنا هو: هل نذهب موحدين للكنيست لتقبيل الاقدام التي تدوسنا أم نذهب منفردين وكل واحد وشطارته؟ عندما كانت الطائرات الاسرائيلية تلقي بقنابلها وصواريخها على غزة ، تهدم البيوت على رؤوس اهلها لم نفكر بالوحدة. كان كل حزب يتربص بغيره ويبعث بعض مؤيديه الى احد المفارق قبل غيره اسقاطا للواجب ولكي يسجل موقفا. وعندما ازفت الحرب من نهايتها واتفقوا أخيرا على مظاهرة مشتركة اشتبكوا مع بعضهم البعض. اليوم اصبحت وحدة الحج إلى الكنيست شعار المرحلة، عنوان الوطنية وقدس الاقداس. حتى اصبحت القائمة الواحدة المشتركة الامنية الاكثر انتشارا لهذا العام.
اعذروني، في هذا العام وفي كل عام، لن اضم تمنياتي الى باقي التمنيات. لن اتمنى الاستقرار للمنطقة لان الاستقرار يعني استمرار الواقع بكل عفنه. يعني ان تبقى الطغمة التي انتهت صلاحيتها متربعة على صدور شعبنا. لان الاستقرار يعني ان تبقى دولة اسرائيل تصرح وتمرح في ارجاء الوطن من غير رادع. ولن اتمنى الامان للمنطقة لان الامان يعني ان يبقى المحتل آمنا وان يبفى الحرامي آمنا بينما يعيش المواطن في خوف مستمر. ولن اتمنى الوحدة فالوحدة العربية تعني اليوم أن يتحد العرب لمحاربة العرب نيابة عن امريكا واسرائيل، والوحدة الفلسطينية تعني الوحدة من أجل تصفية القضية الفلسطينية، بينما الوحدة عندنا تعني ضمان الكراسي في الكنيست الصهيوني. ولن اتمنى السلام، استغفر الله العظيم، لأن السلام لا يعني إلا الاستسلام.
لم تعد تخدعني هذه الامنيات الجوفاء: الاستقرار، الامان، الوحدة، السلام. واذا كان لا بد من التمنيات استقبالا للعام الجديد فإتي اتمنى ان تستعيد هذه المصطلحات معانيها الحقيقية ولن تستعيدها الا بالثورة. فكل عام وانتم ثوار.

Wednesday, December 24, 2014

الاحزاب العربية - الاسرائيلية والحلول التصفوية



الاحزاب العربية - الاسرائيلية والحلول التصفوية
على زبيدات – سخنين
في خضم دفاعها عن نفسها من انتقادات المقاطعين وفي سبيل كسب الاصوات في انتخابات الكنيست القادمة، تقوم الاحزاب العربية بلبس قناع سميك من الوطنية. تهاجم كل من يشكك في وطنيتها وتتهمه بالمزوادة واتباع اسلوب التخوين وغير ذلك من التهم. طبعا لا احد لديه الصلاحية لتخوين أحد او لديه التفويض من اية جهة كانت لتوزيع شهادات في الوطنية. ولكن هذه الردود المتشنجة ينبغي ألا تردعنا من توجيه اي نقد. قالمسألة ليست شخصية على الاطلاق وليست من باب الترف والتسلية السياسية أيضا.
لا يخفى على احد ان جميع الاحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست الصهيوني تتبنى الحل التصفوي للفضية الفلسطينية الذي تمخض عن اتفاقيات اوسلو، حتى ولو انتقدت بعض الاحزاب بخجل شديد بعض النتائج السلبية لهذه الاتفاقيات. هل من باب الصدفة تحافظ كافة هذه الاحزاب على علاقات حميمة مع رموز سلطة اوسلو؟ وهل من باب الصدفة تدعم المفاوضات العبثية التي لا يعرف احد متى ستنتهي وماذا تحمل في احشائها وماذا ستخلف وما هو ظاهرها وما هو باطنها؟ لا أظن ان كل ذلك من باب الصدفة بل هو اولا وقبل كل شيء هذا هو خيارها وموقفها السياسي.
لا نتهم احدا ولا نتبلى على احد، فهي تعترف بذلك بعظمة لسانها بل وبعضها يفتخر به. ماذا بعني أن يقول حزب ما مثلا:" الحجر الذي اهمله البناؤون اصبح حجر الزاوية"؟ الا يعني ذلك الاعتراف باسرائيل كتعبير ل"حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره؟ الا يعني ذلك ان الاعتراف بدولة إسرائيل لا يقبل الجدل؟ ومن بعد ذلك فقط يمكن الكلام عن الاحتلال وهضم الحقوق وسياسة التمييز. وعندما يرفع حزب آخر شعار:"المواطنة الكاملة" هل يعني المواطنة الكاملة في جزر الواق الواق أو ربما على المريخ؟
من كان يظن ان تهافت الاحزاب العربية على الكنيست فقط من اجل المصالح الشخصية والفئوية المادية منها وغير المادية فهو مخطئ، ناهيك عن القول بان تهافتها هذا لوجه الله ولخدمة جماهيرها من على منصة بالغة الاهمية. كلا، والف كلا، اللهث وراء الكنيست هو موقفها السياسي المعلن والمبطن. ومما يشجعها على تبني هذا الموقف هو بالذات التخاذل العربي والتخاذل الفلسطيني (ولا اريد استعمال عبارة اقسى).
تعاني الاحزاب العربية من انفصام في الشخصية وتجر وراءها جمهورا كاملا يحمل هو الآخر اعراض الانفصام في الشخصية. كما يقول المثل الاجنبي: "لا يمكن أن تكون خادما لسيدين مختلفين". مع الاسف، لا يمكن ان تكون جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه جزءا لا يتجزأ من الكيان الصهيوني، وهل يشك احد بان الكنيست هي جزء هضوي وحيوي من الكيان الصهيوني؟
اذن ،بكل بساطة وبكل صراحة ولا حاجة لكل هذا اللف والدوران، اعترفوا بانكم احزاب اسرائيلية ذكرتم ذلك حرفيا في اسمكم ام لم تذكروه؟ أذكر في سنوات السبعين عندما اعترف العالم باسره بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني وكان في ذلك الوقت مجرد الانتماء لاحدى تنظيمات منظمة التحرير الفلسطينية تهمة يعاقب عليها القانون وتكلف المنتمي سنوات طويلة في السجن. وقف احد الاحزاب الاسرائيلية قائلا: ربما تمثل منظمة التحرير الفلسطينية الشعب الفلسطيني في كل مكان، ولكن هنا نحن الذين نمثله. مع اندثار منظمة التحرير الفلسطينية اندثر هذا النقاش ايضا. كنت من بين الاوائل في فلسطين المحتلة عام ١٩٤٨ الذي رأي بتراجع المنظمة بعد هذا الاعتراف تراجعا استراتيجيا وليس تكتيكيا أو مرحليا كما ادعى البعض وقلت حبنذاك: أن الشرعية ليست صفة ابدية بل هي صفة مكتسبة ممكن خسارتها كما كان من الممكن كسبها. اليوم اتفقت الاحزاب العربية الاسرائيلية مع ما تبقى من منظمة التحرير على تبني الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية. يؤسفني ان اقول لاصدقائي المشاركين في انتخابات الكنيست انكم تخدمون موضوعيا هذه الحلول التصفوية.

Wednesday, December 17, 2014

وفاق على النفاق - القائمة العربية الواحدة



وفاق على النفاق – القائمة العربية الواحدة
علي زبيدات – سخنين
قرأت في أحد المواقع الاخبارية المحلية عن لجنة جديدة تطلق على نقسها اسم: "لجنة الوفاق الوطني" أخذت على عاتقها بذل كل الجهود لتوحيد الاحزاب العربية في قائمة واحدة لانتخابات الكنيست القادمة، وذلك تحقيقا للحلم العربي وللمطلب الجماهيري بالوحدة. اردت أن اعرف المزيد من المعلومات عن هذه اللجنة: من هي الجهة التي القت على عاتقها هذه المهمة؟ من هم أعضاؤها؟ كيف تم اختيارها؟ واسئلة عادية من هذا النوع. فابحرت في الشبكة العنكبوتية طولا وعرضا فلم اجد سوى النزر القليل من المعلومات التي لم تشف غليلي، ولكني وجدت أن عالمنا العربي مغرم بل مهووس بلجان الوفاق الوطني وحكومات الوفاق الوطني وجمعيات الوفاق الوطني. يكاد لا يخلو بلد عربي من لجنة وفاق واحدة او أكثر من اليمن إلى السودان ومن المغرب العربي إلى المشرق العربي. حتى تعحبت وتساءلت هل كثرة الخلافات العربية هي المسبب لكثرة لجان الوفاق أم أن كثرة لجان الوفاق هي المسبب لكثرة الخلافات؟ ولكن هذا موضوع آخر.
من المعلومات الشحيحة التي وجدتها: إسم أو اسمان، صورة صورتان وبما ان القضية ليست شخصية فلا داع لذكر اسماء، ووجدت بيانا صادرا عن هذه اللجنة عمم على وسائل الاعلام المحلية يدعو الى خوض انتخابات الكنيست القادمة في قائمة واحدة وذلك في سبيل التصدي لليمين والقوانين العنصرية وسياسة الاضطهاد والتمييز. كما وجدت مقابلة في تلفزيون بسام جابر بادر اليها احد اعضاء هذه اللجنة جمعت ممثلين عن بعض الاحزاب السياسية.
يوجد هناك ستة أحزاب تشارك في انتخابات الكنيست ممثلة حاليا في ثلاثة قوائم انتخابية هي: ١)القائمة العربية الموحدة. ٢) الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. ٣) التجمع الوطني الديمقراطي. اما الاحزاب الستة فهي: ١) الحزب الشيوعي الاسرائيلي (والجبهة). ٢) التجمع الوطني الديمقراطي. ٣) الحركة الاسلامية الجنوبية. ٤) الحركة العربية للتغيير. ٥) الحزب الديمقراطي العربي. ٦) الحزب القومي العربي. كما يوجد هناك تنظيمان سياسيان يقاطعان أو على الاصح لا يشاركان في انتخابات الكنيست (سوف اتطرق فيما بعد للفرق بين المقاطعة وعدم المشاركة).
اذن المطلوب هو توحيد هذه الاحزاب الستة، المتوحدة حاليا في ثلاث كتل برلمانية، في قائمة واحدة. كل ذلك من أجل ماذا؟ منع اليمين من العودة للحكم؟ حسنا، اليمين موجود في الحكم منذ أكثر من ٤٠ عاما( تخللتهما فترتين قصيرتين لحكم "اليسار" الصهيوني) فلماذا لم تتحد هذه الاحزاب في الانتخابات السابقة والتي سبقتها والتي سبقتها؟ من أجل التصدي للعنصرية والتمييز؟ ولكن العنصرية والتمييز عمرهما مثل عمر الدولة نفسها؟ من أجل نزع الحقوق وتحصيل الانجازات والخدمات؟ من أين يا حسرة؟. ما هي واضحة (هل تذكرون شعار الجبهة هذا من احدى حملاتها الانتخابية قبل عدة سنوات؟): خوفا من سقوط كافة القوائم بسبب رفع نسبة الحسم. عندما يكون الهدف الوصول إلى الكنيست فإن جميع الوسائل مبررة ومشروعة فكم بالاحرى عندما تدغدغ هذه الوسائل عواطف الجماهير وتعزف على وتر إرهابها من بعبع اليمين؟
على فكرة، نسيت أن أقول ان معظم الاحزاب المذكورة أعلاه تسمى مجازا أحزاب فلا تغرنكم الاسماء الكبيرة الجذابة وخلط القومية بالوطنية بالديمقراطية. أي حزب سياسي هذا الذي ليس لديه برنامج سياسي أو دستور أو مؤسسات؟ أي حزب سياسي هذا الذي زعامته هي قاعدته الجماهيرية؟. مما لا شك فيه، هناك أيضا احزاب سياسية عريقة لديها برنامج سياسي ولكنه للأسف موضوع على الرف يعلوه الغبار أو محفوظ داخل خزنة مقفلة باحكام مصاب بداء التكلس والتحجر، لديها مؤسسات ولكنها معطلة تماما أو عرجاء وتحظى بقاعدة جماهيرية ولكنها عاجزة عن ان تقدم لها افقا تحرريا. حسب رأيي هذه الاحزاب العريقة تشكل خطرا على القضية الوطنية التي تدعي خدمتها والاخلاص لها أكثر من الاحزاب المجازية. لا استطيع ان استوعب مثلا كيف بستطيع الحزب الشيوعي الاسرائيلي تحقيق الاشتراكية من خلال برلمان كولونيالي عنصري؟، وكيف تستطيع الحركة الاسلامية أن تقنع الكنيست الصهيوني بأن الاسلام هو الحل؟ وكيف يستطيع التجمع الوطني الديمقراطي تحقيق الهوية القومية الكاملة في اروقة الكنيست؟
وأخيرا وليس آخرا، الحركتان المقاطعتان للانتخابات وهما الحركة الاسلامية الشمالية وحركة ابناء البلد ليستا فوق النقد. فالاولى موقفها وسطي فهي تقاطع الانتخابات من جهة ولكنها تمتنع عن دعوة جمعورها للمقاطعة لذلك يبقى موقفها في المحصلة الاخيرة هو عدم المشاركة وليس المقاطعة. اما بالنسبة لابناء البلد فبسبب هشاشتها التنظيمية فانها تنشط في هذا الموضوع لفترة قصيرة قبيل كل انتخابات وتعود لسباتها. مشكلة المقاطعة انها موسمية ولا تبذل اية جهود جدية لاستمراريتها وتطويرها حتى تشكل بديلا لاحزاب الكتيست. نحن بحاجة الى وحدة جماهير وليس إلى وحدة زعامات، إلى وحدة اهداف وليس الى وحدة وسائل للحفاظ على كرسي الكنيست.

Wednesday, December 10, 2014

رقصة الوحدة الاخيرة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012293 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012277
رقصة الوحدة الاخيرة
علي زبيدات – سخنين

لعل أكثر الشعارات رواجا في موسم الانتخابات هو شعار "الوحدة". انه ملك الشعارات من غير منازع الجميع حريص على الوحدة ويعمل لانجازها ويضحي من أجلها. في هذا الموسم يتم نبش التاريخ للتنقيب عن الايات، الاحاديث، الامثال والقصص التراثية التي تحث على الوحدة ونبذ التفرقة. فلا غرابة ان تسمع السياسي المتدين وغير المتدين يبدأ حديثه أو خطابه: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.. أو يد الله مع الجماعة أو في الوحدة قوة وفي الفرقة ضعف أو يسرد حكاية الشيخ الحكيم الذي جمع اولاده حوله فبل مماته ووزع عليهم حزمة من العيدان فاستطاع الابناء كسر كل عود على حدة ولكنهم عجزوا عن كسر العيدان مجتمعة.
الموسم الراهن لانتخابات الكنيست قد باغت الاحزاب العربية وادخلها في حالة من الضغط والتوتر فهو بالنسبة لهم أكثر من موسم، إنه معركة وأية معركة، وقد تنبه قيادي في احد الاحزاب "القومية" وصرح على غير عادته "ان انتخابات الكنيست ليست أم المعارك ولكنها رافعة للتحدي". على كل حال، دخول مجموعة من الاشخاص في معركة ، مهما كان تعريفهم لهذه المعركة، متفرقين هو نوع من الانتحار السياسي. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هذه الاحزاب، أو ربما الاصح تسميتها قوائم انتخابية، عن أية وحدة تتكلم؟ هل يوجد هناك ثمة برنامج سياسي مطروح للنقاش وتدعو الجماهير لللوحدة والالتفاف حوله؟ هل يوجد هناك غايات عينية يراد تحقيقها أو ربما اهداف تكتيكية أو استراتيجية؟. جميعنا نريد الوحدة، ولكن الوحدة حول ماذا؟ الوحدة من أجل ماذا؟ اليس من حق الجمهور ان يسأل هذه الاسسئلة ومن حقه ان يتلقى اجوبة شافية عليها؟.
في الحقيقة ابتدأ جمهور المنتخبين يسأل مثل هذه الاسئلة على الاقل ابتداء من عام ١٩٦٦ (الكنيست الرابعة عشرة) حيث للمرة الاولى ظهر نوع من التعددية السياسية كسرت احتكار الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وبعض القوائم المرتبطة او المنبثقة عن حزب العمل. وتلقى طوال هذه الفترة بعض الاجوبة على اسئلته: وكانت جميع الاجوبة صادمة وما زالت صادمة حتى هذه اللحظة: كانت الوحدة فوقية هدفها الوحيد تأمين الدخول للكنيست للمتنافسين المتنفذين. لذلك تفككت هذه الوحدة بعد الانتخابات مباشرة: الوحدة بين الجبهة والتجمع الوطني الديمقراطي ومن ثم بين هذا الاخير والحركة العربية للتغيير ولم يكن الوضع افضل في القائمة العربية الموحدة حتى ان احد اعضاءها انشق وانضم الى حزب صهيوني هذا ناهيك عن النزاعات الداخلية في القوائم الثلاث الممثلة في الكنيست. صدق من قال: لقد كانت وحدة كراسي وما زالت وحدة كراسي.
هل يبدو الوضع قد تغير اليوم؟ أظن أن التغيير الوحيد الذي حصل هو رفع نسبة الحسم لدخول الكنيست (من ٢٪ إلى ٣.٣٥٪) الذي اشبه بسيف مسلط على رقاب كل الاحزاب العربية. وهذا هو سر اكتساب شعار الوحدة كل هذه الاهمية الفائقة. حساب بسيط يستطيع توضيح كافة الامور: في الانتخابات السابقة حققت الاحزاب العربية مجتمعة نسبة ٩.٢٠٪ من الاصوات (الجبهة: ٣.٦٥ ، العربية الموحدة ٢.٩٩٪ ، ألتجمع ٢.٥٦٪) عندما كانت نسبة الحسم ٢٪ نجح الجميع. اليوم تحت وطأة النسبة الجديدة الجميع مهدد بالسقوط بما فيها الجبهة بالرغم من انها نالت في المرة السابقة على أعلى نسبة، فمعدل النسبة للاحزاب الثلاث هو:٣.٠٧٪ فزيادة طفيفة على نسبة المقاطعين أو مشاركة قائمة جديدة، أو زيادة التصويت للاحزاب اليهودية خصوصا اذا ضمت بعض النجوم العربية (زهير بهلول، فيصل عزايزة) ومصير الاحزاب العربية الثلاث على كف عفريت. من هنا تبدأ الحملة المسعورة لتوحيد القوائم من جهة ولمحاربة حركة المقاطعة من حهة اخرى. ومما يزيد الطين بلة كما قال لي احد الاصدقاء: "النزول (لاحظوا كلمة نزول) للكنيست فيه مصة اصبع". وأنا اضيف على قول صديقي: أن مصة الاصبع هذه هي عامل حاسم في اللهث وراء تحقيق وحدة الكراسي وتصعيد المعركة ضد المقاطهين. لتمويل "المعركة" الانتخابية سوف تتلقى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ميلغ وقدره ٤.٥ مليون شيكل والقائمة العربية الموحدة هي الاخرى ٤.٥ مليون شيكل، بينما سيكتفي التجمع الوطني الديمقراطي ب٣.٣ مليون شيكل، أي سوف تقبض القوائم العربية الثلاث مجتمعة ١٢.٣ مليون شيكل سيتم صرفها خلال ثلاثة أشهر. العامل المالي سيواصل لعب دوره الحاسم ما دامت هذه الاحزاب داخل الكنيست. طبعا من يجني كل هذه الارباح لن تكون لديه مشكلة أن يدفع ضريبة كلامية لارضاء ناخبية هلى شكل خطابات نارية وتصريحات ملتهبة. تماما كما أن مؤسسة الكنيست هي الاخرى ليس لديها أية مشكلة لدفع ضريبة مالية على الارباح التي تجنيها من وجود النواب العرب داخلها بأن تترك لهم الحبل على الغارب.



Wednesday, December 03, 2014

إنتخابات كنيست؟ لأ شكرا

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011102 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011086
إنتخابات كنيست؟ لأ شكرا
علي زبيدات - سخنين
أظن بعد ١٩ إنتخابات للكنيست وبعد تشكيل ٣٣ حكومة آن الاوان للإنسان الفلسطيني في هذه البلاد أن يحسم قراره بشكل نهائي: هل هو مع خوض هذه الانتخابات أم هو مع مقاطعتها. بالنسبة لي شخصيا، أقولها مسبقا لكل من يهمه الامر، القضية تجاوزت المقاطعة، التي هي بطبيعتها طوعية، إلبى الرفض الكامل والشامل ليس للانتخابات فحسب بل للكنيست نفسها وللدولة التي انجبتها.. ولكن بما ان الانتخابات للكنيست ال٢٠ هي اخبار الساعة فلا مانع من ابقاء الحوار داخل هذا الاطار.
بكل بساطة وبكل صراحة أقول: لم يعد هناك من جديد ليضيفة انصار المشاركة أو انصار المقاطعة. لقد قيل كل ما يمكن أن يقال واكثر من ذلك من كلا الطرفين. ماذا لم يقل أو يكتب انصار المشاركة من احزاب وجمعيات وافراد عن: ١) خدمة الجمهور والدفاع عن حقوقه. ٢) محاربة العنصرية والتمييز العنصري من الداخل. ٣) تحقيق المساواة. ٤) استغلال منبر مهم لاسماع صوتنا إلى المجتمع الاسرائيلي وإلى العالم. ٥) لجم اليمين الاسرائيلي المتطرف وأوباش المستوطنين. ٦) الحفاظ على المواطنة كسكان الاصليين. واذا كانت هناك ثمة اسباب اخرى عند انصار المشاركة فليتفضلوا باضافتها، بالمقابل، انصار المقاطعة هم ايضا قالوا وكتبوا الكثير عن: ١) إضفاء الشرعية على المؤسسة الاسرائيلية الاولى المسؤولة عن نكبة وتشريد الشعب الفلسطيني. ٢) سن القوانين التي تمنعه من العودة وتجرده من ابسط حقوقه الطبيعية في وطنه. ٣) عقم وعدم جدوى النضال البرلماني المسيطر عليه من قبل الاغلبية الصهيونية. ٤) شهادة زور للديمقراطية الاسرائيلية المزيفة. ٥) عدم القدرة على منع الحروب المتكررة على الشعب الفلسطيني أو وقف الاستيطان أو منع سن القوانين العنصرية. ٦) تشويه الهوية الوطنية الفلسطينية بكافة ابعادها. واذا كانت هناك اسباب اخرى لمقاطعة انتخابات الكنيست فليتفضل انصار المقاطعة لاضافتها.
حسب رأيي الصورة واضحة تماما، واذا لم تكن واضحة لأحد بعد كل هذه الفترة من الكنيست الاولى وحتى الكنيست الاخيرة على امتداد ٦٥ سنة تبقى مصيبة. من لم يقتنع حتى الان فلن يقتنع، حزبا كان أم فردا. لذلك غايتي من وراء هذه المقالة ليست اقناع احد، لن اتوجه الى الاحزاب المشاركة وادعوها لتقييم عملها ومراجعة سياستها ولن اطالب الافراد بالتخلي عن قناعاتهم، بل كل ما اطمح به وأصبو إليه أن يقف كل واحد منا للحظة قبل ادلائه بصوته أمام ضميره ويسأل نفسه: هل قمت بالشيء الصحيح؟.
لقد كانت نسبة المصوتين الفلسطينيين في البداية تصل إلى ٩٠٪ وأخذت تتراجع حتى وصلت في انتخابات الكنيست الاخيرة إلى اقل من ٥٠٪. لا ادعي بأن هذا التراجع كان بفضل المنادين بالمقاطعة بالرغم من كل جهودهم ونشاطاتهم، بل كان في الاساس ترجمة مباشرة وصادقة لشعورهم واحاسيسهم الوجدانية، كان نتيجة لتجربة شخصية طويلة ومريرة. احتراما لهذه المشاعر والاحاسيس على الاحزاب المشاركة مهما كانت ان تتوقف عن شراء الذمم وعن تزييف ارادة الانسان الفلسطيني بكافة الطرق والاساليب الفاسدة. لتشارك هذه الاحزاب بانتخابات الكنيست كما يحلو لها ولتقنع من تستطيع اقناعه ولتجره وراءها ما دام يقبل الانجرار ويرضى به ولكنها يجب ان تخحل من مد يدها لتزييف ضمير الانسان المقاطع.
جميع استطلاعات الرأي التي سارعت لاجرائها وسائل الاعلام الاسرائيلية تشير الى زيادة قوة اليميين الصهيوني (هذا اذا سلمنا جدلا بوجود يمين ويسار في الصهيونية) وجميعها تشير إلى عدم وجود بديل لنتياهو. ولو فرضنا جدلا وجود مثل هذا البديل فهل سيكون مختلفا عنه؟ انظروا الى الاحزاب الصهيونية كيف تنشق على بعضها البعض وكيف تعود وتلتئم، انظروا الى السياسيين كيف يتجولون بين الاحزاب ويقفزون من حزب لآخر، هل الانتخابات القادمة ستغير هذا الوضع أم ستزيده حدة؟ اظن الجواب واضح.
في انتخابات الكنيست القادمة سوف تلعب الاحزاب العربية لكي تنقذ نفسها لعبة جديدة اسمها "القائمة المشتركة" ليس حبا بوحدتها أو بوحدة جماهيرها بل لانقاذ رؤوسها من سيف نسبة الحسم المرتفعة. لو كانت الوحدة هي الغاية لانجزتها من قبل ولحرصت على صيانتها اولا وقبل كل شيء خارج الكنيست، في القرى والمدن الممزقة من جراء صراعاتها الفؤية. الخروح من الكنيست لا يعني الخروج من السياسة بل يعني الدخول إلى الساحة الحقيقية، ساحة العمل الجماهيري بين الجماهير، مع الجماهير ومن أجل الجماهير.

Wednesday, November 26, 2014

العنف من اجل القضاء على العنف

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011114 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011098
العنف من أجل القضاء على العنف
علي زبيدات – سخنين
بمناسبة "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة" امتلأت وسائل الاعلام المحلية والعالمية باشكالها المكتوبة، المرئية ، المسموعة والالكترونية بالاخبار والتقارير والنشاطات من اجل مناهضة، محاربة، مكافحة، القضاء على العنف ضد النساء في العالم. في هذه المناسبة اتفقت كافة التنظيمات والمؤسسات، الحكومية وغير الحكومية، النسوية وغير النسوية على ضرورة محاربة هذا العنف االمستشري في كافة انحاء العالم متخطيا الحدود الجغراقية والاجتماعية والسياسية. بالرغم من كل ذلك وحسب كافة التقارير الصادرة عن الجهات المختصة ابتداء بمؤسسات الامم المتحدة وحتى الحركات النسوية المحلية تؤكد تفاقم هذه الظاهرة الحظيرة.
لست هنا بصدد الخوض في سرد تفاصيل هذه التقارير وتكرار ما تحتوية من احصائيات ومعلومات وحقائق حول العنف الموجه ضد النساء في العالم، يكفي أن اذكر هنا ان إمرأة واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف في حياتها وهذا يعني أن ملايين النساء تتعرضن يوميا للاغتصاب، للاعتداء، للضرب، للاهانة في البيت والمدرسة والشارع واماكن العمل، في أيام السلم وفي ايام الحرب، في البلدان المتطورة وفي البلدان المتخلفة، من كافة الشعوب والطوائف والاديان. زد على ذلك، في عالمني العربي ومن ضمنه الفلسطيني، تتعرض النساء لاشكال خاصة من العنف مثل القتل على خلفية شرف العالئلة، ختان البنات، الارغام على الزواج وزواج القاصرات، التحرش الجنسي الذي يصل في بعض البلدان الى نسبة عالية تكاد لا تنجو منها إمرأة واحدة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: اذا كان الجميع حقا ضد هذا العنف ويدعون الى محاربته فلماذا إذن يزداد تغولا وانتشارا؟ هناك اسباب عديدة لهذه الحالة المزرية والتي لا يمكن حصرها ومعالحتها في مقالة صحفية واحدة. لذلك سوف اقتصر على ما اظنه الاساس في هذا المجال:
أولا، حسب رأيي، الجهة التي تولد العنف ضد النساء هي نفسها الجهة التي تولد العنف ضد الطبقات والفئات والشرائح المضطهدة والمستغلة ومهضومة الحقوق. وهي الدولة بكافة اجهزتها القمعية من جيش وشرطة وسجون وبيرقراطية وبنوك ومؤسسات سياسية واجتماعية وثقافية والتي تشكل جزءا من النظام الرأسمالي العالمي. هذا النظام الذي يدعي الدفاع عن حقوق المسضتعفين ويسن القوانين على الصعيد العالمي والمحلي ويدعي الدفاع غن حقوق الانسان هو في الحقيقة المسؤول الاول عن العنف ضد المرأة وضد باقي المستضعفين في الارض. لذلك ينبغي التعامل معه كعدو وليس كصديق. هذا النظام الرأسمالي العالمي هو المسؤول الاول عن الحروب والمجاعات والامراض في العالم، وهذه الامور بدورها هي المنتج الاول للعنف. لا يعقل مثلا أن تصدر الامم المتحدة قرارا للقضاء على العنف ضد النساء وفي الوقت نفسه تقوم مؤسساتها الاخرى باصدار قرارت لتصدير الحروب للبلدان الفقيرة حتى تتيح للدول المتطورة اقتصاديا تصدير الاسلحة التي تعود عليها بالارباح الفاحشة. وتقوم مؤسساتها الاخرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدفع ملايين الفقراء الى حافة المجاعة. لا يمكن أن ينحقق القضاء على العنف ضد النساء بدون القضاء على هذا النظام العالمي المتوحش. سفراء النوايا الحسنة من نجوم سينما وتلفزيون وعارضات ازياء، بالرغم من كل نواياهم الحسنة على الصعيد الفردي، لا تهدف سوى ذر الرماد في العيون.
النقظة الثانية والتي قد تثير غضب بعض الحركات النسوية يدور حول تصورهن لدور الضحية يالذات وفي موضوعنا هذا النساء اللاتي يتعرضن للعنف: هل الاكتفاء بتنظيم النشاطات السلمية لتسكين الاوجاع؟ اصدار المنشورات، وادانة تهاون السلطات وشجب تهرب الزعامات من تحمل المسؤولية؟ أم اخذ زمام المبادرة وشن عنف ثوري مضاد ضد العنف الرجعي الموحد من قبل السلطة وعكاكيزها؟. ولكي اتجنب الانزلاق في العموميات ساقتصر الكلام عن وضع المرأة الفلسطينية بشكل عام وفي المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ بشكل خاص: اكتفت معظم الحركات النسوية في هذه المناسبة بتعميم تقارير ونشرات سبق نشرها، خالية من أي جديد أو تجديد. بعضها يعتبر حل مشكلة العنف في يد السلطة عموما والشرطة بشكل خاص، وشاركت في جلسة "لجنة مكانة المرأة في الكنيست". وقي حالة ارتكاب جريمة قتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة تتوجه لاعضاء الكنيست العرب والاحزاب العربية والوجهاء الدينيين لبتحملوا المسؤولية متناسية طبيعتهم الشوفينية الذكروية التي هي احد اسباب هذا العنف.
مع الاحترام لكل الرموز السلمية واللاعنفية من غاندي إلى مارتن لوثر كينغ إلى نلسون مانديلا وغيرهم فإن التاريخ يثبت بانه لا يمكن القضاء على العنف الرجعي الا بالعنف الثوري المضاد. المرأة الفلسطينية المنخرطة في العمل الوطني هي أقوى النساء على مواجهة العنف المجتمهي ضدها، وهي قادرة اكثر من غيرها على مواجهة عنف الرجل مهما كان مقربا لها. العنف الثوري في مواجهة ضد العنف الرجعي مهما كان مصدره هو عنف تحرري يعيد الشعور الانساني للشخص الذي يمارسه ويفجر بداخله شعور الخلق والابداع والانطلاق. الدعوة الى رفض جارف للعنف هي دعوة مشبوهة ومن يقف ضد عنف المظلوم في دفاعه عن حريته وعن انسانيته يقف في الحقيقة مع العنف الرجعي مهما لبس من اقنعة واستعمل من تبريرات. نعم، أنا ادعو النساء المعنفات للجوء إلى العنف الثوري دفاعا عن انسانيتهن.

Wednesday, November 19, 2014

ملعون من يعيدها للنوم

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012415 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012399
ملعون من يعيدها للنوم
علي زبيدات – سخنين
ما حدث في قرية ابو سنان مؤخرا أضاء ضوءا احمرا عند الجميع: لجنة متابعة، احزاب سياسية، مؤسسات مدنية، جمعيات اهلية، وجهاء، شخصيات دينية ومدنية. لم يبق احد إلا وعبر عن دهشته وجزعه واستنكاره لما حدث. اتفق الجميع، وبشكل استثنائي، على ان ما حدث هو فتنة. والفتنة كما هو معروف أشد من القتل لذلك تهافتوا إلى اطلاق النداءات والشعارات الداعية الى إطفاء فتيل الفتنة، اخماد واحتواء الفتنة، وأد الفتنة في مهدها. ودعوا الى التعقل واصلاح ذات البين وتهدئة الخواطر واعادة المياه إلى مجاريها واعتماد لغة الحوار والتسامح ورص الصفوف والوحدة من اجل انقاذ البلد الواحد، البيت الواحد الذي يأوي الجميع. ورددوا بصوت واحد: الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها.ولكنهم لم يشيروا إلى موقظها وبقي مجهول الهوية، ربما استيقظت لوحدها بعد ان نالت قسطها من النوم، وربما لم تستيقظ أصلا وتعاني من اضطراب يجعلها تمشي أثناء نومها.
لست أنا من ايقظ الفتنة، ويا ليتني استطيع ذلك وليلعني الله والناس اجمعين. لم ولن اغني للفتنة او اقص عليها القصص حتى تعود وتغط في نومها لتريحنا وتستريح، من جهتي، لتبق مستيقظة لانه في هذه الحالة فقط يمكن محاربتها والقضاء عليها مرة واحدة وللأبد.
الفتنة في ابو سنان اسمها الطائفية وقد يكون الخوض بها الان كدخول حقل الغام محفوف بالمخاطر ولكن لا مناص من ذلك. وهي ليست من صنع ابو سنان. قبل عدة سنوات رفعت رأسها في الناصرة وفي المغار والرامة وظهر شبحها في سخنين وعكا وحيفا وغيرها من القرى والمدن العربية. لقد آن الاوان أن ننادي الاشياء باسمائها. التعامي عنها لا يعني انها لم تعد موجودة ودفن الوجوه بالرمال يعمينا عن رؤيتها ولكنه لا يجعلها تختفي أو تزول. الطائفية موجودة وتملأ ارضنا وفضاءنا. والطائفية لا تعني أن ينتمي الشخص الى طائفته وأن يفتخر بها، يخدمها ويدافع عنها، الطائفية تعني ان ينظر هذا الشخص إلى العالم من خرم ابرة طائفته، تعني خوفه الوهمي من الآخر، من الطوائف الاخرى، تعني التقوقع داخل جدران الطائفة. الطائفية تعني تقديم مصالح الطائفة على مصالح الوطن. الطائفية تعني أن يكون الانتماء الى الطائفة اقوى من الانتماء إلى الوطن. المعادلة التي امامنا والتي كشفتها احداث ابو سنان بسيطة وواضحة: كلما تقهقر المد الوطني كلما طغى المد الطائفي. لا أظن اني اظلم احدا اذا قلت: ان الذين يذرفون الدموع اليوم على ما يجري في ابو سنان وينادون بعودة الطائفية الى سباتها هم الذين خلقوا الطائفية عن وعي أو عن غير وعي. الانتخابات المحلية، خصوصا في البلدات التي تسكنها عدة طوائف، هي مصنع للطائفية ينزلق الى مستنقعها ليس فقط القوائم العائلية بل الاحزاب التي تتغنى بالدين وبالقومية والاشتراكية ايضا. انتخابات الكنيست هي الاخرى مصنع للطائفية، احزاب عريقة تحدد مرشحيها بناء على اعتبارات طائفية والجميع يعرف ذلك. الحركات والمؤسسات الدينية هي الاخرى تشكل دفيئات خصبة لنمو الطائفية. الفشل في توحيد كافة الطوائف الفلسطينية حول برنامج وطني تحرري هو السبب الرئيسي في ترعرع الطائفية وفلتانها من عقالها.
طبعا الدولة تستفيد من الطائفية ولذلك تعمل على تغذيتها ورعايتها ولكنها ليست المسبب الرئيسي لها. وعلينا أن نكف عن التنصل من المسؤولية وتحميلها للغير. لقد نجحت الدولة الى حد كبير بالاستفراد بالطائفة الدرزية مستخدمة اسطورة "حلف الدم" الذي يربط بين العصابات الكولونيالية وجزء أصيل من سكان البلد، التي التقت باسطورة اخترعها الوصوليون من داخل الطائفة الدرزية حول الاخلاص للدولة من منطلق وقوف الدروز مع "الحيط الواقف" ضاربين بذلك تاريخ الدروز النضالي ضد الاستعمار الاجنبي المشهود له بعرض الحائط. وها هي الدولة تحقق نجاحات في الاستفراد بالبدو وتشدد الحملة لسلخ الطوائف المسيحية عن شعبها، هذا ناهيك عن مئات بل الاف المتطوعين في اذرع الدولة الامنية من الطائفة الاسلامية. المصيبة اننا امام هذا الواقع المظلم قد رفعنا الراية البيضاء. ففرحنا باقامة لجنة السلطات العربية التي تستثني البلدات الدرزية والبدوية التي اقامت بدورها منتدى السلطات الدرزية ومنتدى السلطات البدوية وكأن كل من السلطة المحلية في سخنين وبير المكسور وبيت جن قادمة من كوكب آخر. متى كانت هناك محاولة جدية واحدة لتوحيد السلطات المحلية العربية على اساس وطني وليس على اساس طائفي؟
ليكن واضحا ومما لا يقبل الجدل أن كل شخص يخدم في اذرع الدولة الامنية من جيش وشرطة وحرس الحدود ومخابرات، طوعا أو الزاما، هو جزء لا يتجزأ من آلة القهر الصهيونية بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها. وعلى جميع الطوائف ان تتكاتف وتتعاون لتكنيس هذه الشوائب من ساحاتها. في بعض الحالات الوضع على غاية الصعوبة والتعفيد كما هو في الطائفة الدرزية ولكن في هذه الحالات بالذات تتطلب بل تحتم تكثيف الجهود. يجب الوقوف قلبا وقالبا مع الرافضين لسياسة سلخهم عن شعبهم ويحاربون التجنيد الاجباري. التراجع عن هذا الموضوع في السنوات الاخيرة صب في مصلحة الطائفية وسياسة فرق تسد التي تمارسها الدولة. مناهضة التجنيد الاجباري وتصعيد النضال ضده يقع على عاتق الجميع وليس على عاتق الشبان الدروز الذين يتعرضون للضغوطات والعقوبات فقط.
لقد استيقظت الفتنة الطائفية وكشفت عن وجهها البشع فلا تحاولوا حملها برفق واعادتها الى سريرها الدافىء لانها سوف تستيقظ من جديد. يجب اراهقها ومنعها من النوم حتى ينهار قواها ويتم تكنسيها الى مزبلة التاريخ.

Wednesday, November 12, 2014

تحديات العودة إلى نقطة البداية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011200 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011184
تحديات العودة إلى نقطة البداية
علي زبيدات – سخنين
على عكس ما تناقلته وسائل الاعلام العربية وردود مؤسسات المجتمع المدني والحركات والاحزاب السياسية واعضاء الكنيست العرب الذين هاجموا (أو انتقدوا كلاميا على الاقل) تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الاخيرة (وغيره من المسؤولين: ليبرمان، بنيت، اهرونوفيتش)، ارى نفسي في موقف "الدفاع "عن هذا الرجل وزمرته وعن تصريحاتهم. قبل الانقضاض علي واتهامي بالعمالة والخيانة سأحاول تبرير موقفي هذا.
ماذا قال رئيس الحكومة الاسرائيلية؟: أن العرب في إسرائيل يستفيدون من الجنسية الاسرائيلية وفي الوقت نفسه يحولون مدننا إلى ساحات من الشغب والعنف. وقال بكل بساطة للذين يتظاهرون ضد الدولة ويطالبون بدولة فلسطينية: انتقلوا إلى غزة أو الى مناطق السلطة الفلسطينية ولن يعترض احد طريقكم. وهدد بسحب الجنسية الاسرائيلية من كل من تسول له نفسه الاعتراض على يهودية الدولة، هذا بالاضافة الى تصعيد العقوبات على "المخربين" وذويهم بهدم بيوتهم وتدفيع الاهل الغرامات وتشديد القبضة الحديدية وزيادة قوات الامن من جيش وحرس حدود ومخابرات وشرطة. وبالتالي يقول لكم ايضا، لكي لا نظلم الرجل، انكم مواطنون متساوون في دولة قانون لكم حقوق وعليكم واجبات وواجبكم الاول هو احترام القانون الاسرائيلي واطاعته. ومن لا يقبل بهذا المفهوم فما عليه إلا لملمة اغراضه والرحيل.
هل هذا هو سبب زعلكم وخيبة املكم؟ وماذا كنتم تتوقعون منه؟ أن يقدم الاعتذار عن عمليات الاعدام التي تطال الفلسطيني يغض النظر عن مكان سكناه وعما اقترفه؟ هل توقعتم ان يعترف بالغبن التاريخي الحاصل ويقول لنفتح صفحة جديدة من الحياة المشتركة؟. على الاقل رئيس الحكومة بتصريحاته هذه لم يكذب، على عكس تصريحاته الاخرى المعروفة بالكذب. في هذه المرة انتم الذين تكذبون، على انفسكم اولا وعلينا ثانيا. طبعا انا اتفهم زعلكم وخيبة املكم، فبعد سنوات عديدة من المحاولات لتحديد العلاقة بين "الاقلية القومية" العربية التي تمثلونها وبين الدولة اليهودية الديمفراطية أو الديمقراطية اليهودية، بعد التصور المستقبلي ووثيقة حيفا والدستور الديمقراطي وشعارات التعايش اليهودي-العربي ونضالكم البرلماني في الكنيست الذي افتخر به نتنياهو أمام الكونغرس الامريكي، بعد هذا كله تقول لنا: من لا يعجبه هذا فليذهب إلى غزة؟ أكيد شعور صعب.
اعدام الشهيد خيرالدين حمدان بدم بارد ومن قبله الشهيد ابراهيم العكاري ومعتز حجازي وعشرات الشهداء لم يكن خطأ ولا صدفة بل هي سياسة منهجية ومدروسة. ومن نسي فليتذكر ما حدث في عام ١٩٨٤ لمختطفي حافلة خط ٣٠٠ الذين تمت تصفية اثنين منهم بدم بارد بعد أن قبض عليهما احياء. أولا يكذبون وعندما تنفضح الكذبة تبدأ سلسلة طويلة من التبريرات والتلفيقات ومساندة المجرمين والتغطية عليهم من قبل رئيس الحكومة ورئيس الدولة والقضاء وفي النهاية يخرج المجرمين ابرياء كما تخرج الشعرة من العجين. هذا السيناريو يتجدد ويتكرر على الدوام يكفي أن نذكر هنا الشهداء الثلاثة عشر الذين سقطوا في اكتوبر سنة ٢٠٠٠ ومنذ ذلك الوقت سقوط٤٨ شهيدا آخرا قتلوا بدم بارد لأن الشرطة قررت أن قتلهم أهون من اعتقالهم. طبعا هذا بدون ان نذكر الاف الشهداء الذين سقطوا في حروب اسرائيل "الدفاعية".
أعادت تصريحات نتنياهو وباقي المسؤولين في حكومته الصراع في المنطقة الى خانته الاولى والى مساره الصحيح: صراع وجود وليس صراع حدود. كان بودي ان ارى هذه التصريحات تتحقق بحذافيرها: ليتم سحب الجنسية الاسرائيلية من كل فلسطيني لا يقبل بهذه الدولة كدولة يهودية. وليكن هناك استفتاء شعبي بمراقبة دولية لمعرفة اذا كان الفلسطينيون يقبلون بالدولة اليهودية أم لا. سحب الجنسية الاسرائيلية سوف يكشف عن الجنسية الحقيقية، الجنسية الفلسطينية. نعم، سوف نذهب الى غزة وإلى الضفة الغربية عندما يستطيع أهل غزة والضفة القدوم الى هنا، عندما نعود لنكون شعبا واحدا بدون تجزئة، بدون تمزيق وبدون تشريد. شعب واحد يتنقل في أرجاء وطن واحد. ومن لا يعجبه ذلك فليرحل من حيث أتى ولن يعترض طريقه أحدا. ومن يبقى هنا فعلى الرحب والسعة، سوف يتمتع بالجنسية الفلسطينية بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى: لن يتم اغتياله بدم بارد، واذا حدث ذلك سينال الفاعل عقابه الصارم، لن يهدم بيته، لن يغرم أهله ولن يكون عرضة للتمييز والعنصرية والقمع، واذا ما احتج على غبن لحق به لن يدمغ بالارهاب.
أثبتت التصريحات الاخيرة للطبقة الحاكمة في اسرائيل، لكل من يساوره أي شك، أن المشروع الصهيوني لم يتغير بينما اثبت رد الزعامات الفلسطينية والعربية أن مشروع التحرير هو الذي تغير. اليوم يقف الشعب الفلسطيني امام فرصة تاريخية للعودة إلى مشروع التحرير الوطني والانساني.

Wednesday, November 05, 2014

يسألونك عن الكفاح

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012332 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012316
يسألونك عن الكفاح
علي زبيدات – سخنين
يوجد على الساحة الفلسطينية عدد كبير من الاحزاب والتنظيمات والحركات السياسية ولكن كما يبدو هذا العدد غير كاف. فقد بشرنا بمؤخرا بولادة حركة جديدة تطلق على نفسها: "كفاح -الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني" (لاحظوا أل التعريف). مبدئيا، لست ضد قيام حركات سياسية جديدة، فكل من يجد في نفسه القدرة على اقامة حزب أو تنظيم أو حركة جديدة فليتفضل، فنحن ننادي بالتعددية وحرية التعبير والتنظيم، اليس كذلك؟ كل ما اعرفه عن نفسي بانني لا ولن اتفق مع هذه الاحزاب والتنظيمات والحركات وبالتالي لن اكون عضوا في أي منها جديدة كانت أم قديمة . ولكن ما يهم الوطن ما اعرفه أنا عن نفسي؟ ما يهم الوطن انه يوجد دائما سوق رائجة لمثل هذه الحركات. طبعا يحق لكل حزب أو حركة ان تطلق على نفسها الاسم الذي يعجبها، على عكس المولود الذي يفرض عليه اسمه عند ولادته، لذلك عادة ما تكون الاسماء جمبلة وفخمة تشمل الوطن من ادناه إلى اقصاه. الحركة الجديدة "كفاح" لا تشذ عن هذه القاعدة خصوصا وان من بين مؤسسيها واعضائها اشخاص لا اشك بتفانيهم باخلاصهم للقضية وقد افنيت مع بعضهم سنوات داخل السجن وخارحه. فالقضية ليست شخصية بتاتا وكلامي هنا لن يتطرق لا من قريب ولا من بعيد لأية امور على المستوى الشخصي.
بالرغم من ان كلمة "كفاح" كلمة عربية اصيلة تحمل معانى عميقة وسامية الا انها تثير نفوري ربما لشدة حساسيتي لكتاب هتلر المعروف "كفاحي" ذلمك مع يقيني الفاطع بأنه لا علاقة مهما كان نوعها على الاطلاق تربط بين الاسميين. بداية يجب ان اعترف بان كل معلوماتي عن الحركة الجديدة مستقاة من وسائل الاعلام المحلية التي قامت بتغطية مؤتمرها التأسيسي الذي عقد مؤخرا في الناصرة وخصوصا من المقابلات التي اجريت مع بعض المؤسسين في هذا السياق. هذا بالرغم من تجاهل كافة الاحزاب السياسية الفاعلة على الساحة كل من منطلقه. بالطبع سمعت عن التحضيرات لهذه الحركة ولكن من بعيد. لم اشارك في اي نقاش حولها ولم يطلب احد مني ذلك ربما لأن معظم من يعرفني يعرف بأني غير ملائم بتاتا للالتزام الحزبي.
جاءت الحركة الجديدة، على لسان مؤسسيها، لكي تلبي" حاجة وضرورة على الساحة الفلسطينية ولتغيير قواعد اللعبة". ولكن من كل ما قرأته لم اجد شيئا يشرح هذه الحاجة وهذه الضرورة ولم المس اي تغيير في قواعد اللعبة كما لم اجد هناك أية قواعدجديدة. هذا لا يعني انه لا يوجد هناك حاجة وضورورة لحركة سياسية جديدة. هل بقي احد لا يقول ويردد عن ظهر قلب بأننا جزء حي من الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده؟ وما هي قواعد اللعبة التي تغيرت؟ مقاطعة انتخابات الكنيست؟ وهل هذه فكرة جديدة اكتشفها محمد ميعاري بعد ٣٠ سنة من "الكفاح البرلماني"؟ ام التغيير جاء بالموقف المؤيد للنظام السوري؟ مع ان العديدين من اعضاء التجمع ايدوا النظام السوري من غير ان ينشقوا عن حزبهم المعارض اسوة بالحزب الشيوعي وابناء البلد وحتى بعد المؤيدين للحركة الاسلامية؟. صرح احد القياديين ان حركة كفاح جاءت لتصحيح بعض المسيرات للحركة الوطنية. وآخر قال ان الحركة جاءت لملئ الفراغ الذي تركته الحركة الوطنية في بعض المواضيع. هل هي تصحيح لمسيرات الحركة الوطنية السابقة ام تصحيح لمسيراتهم هم انفسهم؟ وهل لملئ الفراغ الذي كانوا جزءا منه لفترة طويلة؟. ويضيف احد القياديين:" ان حركة كفاح هي الحركة الفلسطينية الوحيدة المفتوحة امام جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والشتات ولكنه سرعان ما ينسى ذلك ويعرف كفاح بأنها "حركة فلسطينية وطنية للاقلية العربية الفلسطينية الاصلانية المتبقية في الداخل الفلسطيني". وينسى الشعار المعلق خلفه على الجدار: "كفاح – الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني". الحركة التي جاءت تصحح المسار وتملأ الفراغ وتغيير قواعد اللعبة تستعمل المصطلحات الممجوجة نفسها: اقلية فلسطينية عربية اصلانية، الداخل الفلسطيني...هذه المصطلحات التي حاربتها شخصيا منذ سنوات وما من مستمع: أقلية تعني ان هناك اغلبية فمن هي هذه الاغلبية ايها الحريصون على الثوابت؟ هل اجاوب عنكم؟ الافلية تعني الاعتراف ليس فقط بالحدود القائمة بل ايضا بتجزئة الشعب الفلسطيني ولن يغير كل صراخكم عن الشعب الواحد وعن الامتداد العربي. هل تعلمون ان الاحصائيات الاسرائيلية الرسمية تعترف بأن الفلسطينيين اصبحوا يشكلون الاغلبية بين النهر والبحر؟ بينما نصر نحن على كوننا اقلية. وما هذا الغباء في استعمال مصطلحات بدون تفكير لان احدهم روجها لغاية في نفسه؟ ماذا يعني الداخل الفلسطيني؟ هل القدس هي خارج فلسطيني؟ ام الخليل ونابلس وغزة؟ هل من الصعب ان تستوعبوا ان كل فلسطين هي داخل وما عداها هو خارج؟
آسف ايها الاخوة والرفاق: برقية تضامن من عبدالحكيم عبدالناصر وحمدين صباحي وليلى خالد وابراهيم علوش وعطالله حنا وصورة جمال عبدالناصر على الحائط والعلم الفلسطيني على المنصة لا تكفي لكي تتوج "كفاح" بلقب "الحركة الوطنية في الداخل" فقد سبقكم كما تعلمون علم اليقين إلى ذلك غيركم واليوم تتهمونهم بالانحراف. هناك العديد من المواقف التي تستحق نقاشا خاصا وشاملا ولكن يضيق المجال للخوض بها هنا وسوف تطرح نفسها مستقبلا. وأخيرا لن اقول: لكم كفاحكم ولي كفاحي لأنني لن اتحمل كل هذه الحساسية، ولكن لنفترق على فلسطين واحدة للجميع.

Wednesday, October 29, 2014

بناؤون آخر زمن

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000007840 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000007824
بناؤون آخر زمن
علي زبيدات – سخنين
اذكر عندما كنت طفلا صغيرا قد ساعدت وبعض اخوتي جدي على بناء جدار من الحجارة (سنسلة) على حدود ارضنا. وبعد ساعات من العمل الشاق وبعد أن أخذ العرق يتصبب من جبهاتنا وانتهينا من العمل جاء جدي ولكز الحجارة بعكازه فانهارت جميعها، واخذ يوبخنا قائلا: هل تسمون هذه سنسلة؟ أم " كعكور" من الحجارة؟ كل شغلكم " تكعكر بتكعكر”. وقد اعجبتني هذه الكلمة. وعندما كبر اخوتي واصبح بعضهم معلمين عمار كنت اسمع جدي بين الحين والآخر عندما يغضب يصيح بهم٬ هذا شغل تكعكر وليس شغل عمار. مرت سنوات كثيرة منذ ذلك الوقت ولكن كما يبدو ظلت هذه الكلمة محفورة في ذاكرتي وانفجرت مرة واحدة عندما قرأت مقالة زميلي في الكتابة في هذه الجريدة عودة بشارات بعنوان: "الحجر الذي اهمله البناؤون اصبح رأس الزاوية". حاولت ان ابحث في الفواميس المتوفرة لدي عن معنى كلمة "كعكر" ومشتقاتها ولكني لم اجد المعنى الذي قصده جدي والذي عشش في ذاكرتي كل هذه السنين. وبما ان المسألة ليست شخصية فإني اسمح لنفسي أن اقول للزميل بشارات أن حجرك هذا ليس سوى تكعكر بتكعكر وهو سوف ينهار من اول ضربة عكاز للاجىء فلسطيني عائد ولن يصلح ابدا لأن يكون رأس الزاوية ولن يصبح كذلك حتى ولو نشرت مقالك هذا في جريدة هآرتس والغارديان وليس فقط في صحيفة حديث الناس ومهما تملق هذا المقال اليساريين الصهاينة من مجموعة مبادرة جنيف وروج لحسنات تبادل الاراضي من مدرسة ليبرمان وخطة كلنتون لتفسيم الفدس لكي تصبح عاصمة للدولتين.
المقصود طبعا بحجر الزاوية هو حل الدولتين لشعبين على اساس الاعتراف بقرار التقسيم والفرارت الاخرى التي تلته مثل قرار ٢٤٢ و٣٣٨ التي تهضم الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني وتمنح الكيان الصهيوني الكولونيالي الشرعية. لا يجوز في كل مرة أن نعود ونكتب التاريخ من جديد ونفصل الحقيقة على مقاسنا. لم يعترف الحزب الشيوعي الاسرائيلي (الفلسطيني في ذلك الوقت) بقرار التقسيم لانه كان الحزب الوحيد الواعي للموامرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني واراد بكل ما يملك من قوة انقاذ ما يمكن انقاذه كما يدعي الان ، بل بكل بساطة لانه تلقى اوامر من موسكو في اعقاب الخطاب الصهيوني للمندوب السوفياتي في الام المتحدة أندريه غروميكو بضرورة الاعتراف بالدولة العبرية الوليدة. ما قاله الكاتب من أن الشيوعيين قد دفعوا ثمنا باهضا بسبب تأييدهم لقرار التقسيم صحيح تماما. وكان الثمن هو نبذهم من شعبهم وفي الوقت نفسه تسديد ضربة قاصمة لكافة الاحزاب الشيوعية العربية. ويتوهم الكاتب ان شأنهم قد ارتفع مرة اخرى في اعقاب قبول العالم بحل الدولتين بما فيه الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية. ولكن كل الحقائق تؤكد على ان شأن كل من قبل بحل الدولتين هو الذي انخفض وخصوصا بعد انتقال العالم العربي من معسكر اللاءات الثلاثة إلى معسكر ال ٩٩٪ من اوراق االحل في يد امريكا وانتقال منظمة التحرير الفلسطينية من معسكر الكقاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين إلى معسكر الحياة مفاوضات.
حجر الاعتراف بقرار التفسيم الذي بني عليه الاعتراف بدولة اسرائيل ومن ثم حقها بالحدود الآمنة وحقها في هضم حقوق الشعب الفلسطيني كما جاءت في القرارات اللاحقة واتفاقيات اوسلو المختلفة كيف يمكن لمثل هذا الحجر أن يكون رأس الزاوية؟
الحجر الذي اهمله البناؤون هو حجر الثورة الشعبية طويلة الامد وهو الذي سوف يصبح رأس الزاوية.