Wednesday, November 12, 2014

تحديات العودة إلى نقطة البداية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011200 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011184
تحديات العودة إلى نقطة البداية
علي زبيدات – سخنين
على عكس ما تناقلته وسائل الاعلام العربية وردود مؤسسات المجتمع المدني والحركات والاحزاب السياسية واعضاء الكنيست العرب الذين هاجموا (أو انتقدوا كلاميا على الاقل) تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الاخيرة (وغيره من المسؤولين: ليبرمان، بنيت، اهرونوفيتش)، ارى نفسي في موقف "الدفاع "عن هذا الرجل وزمرته وعن تصريحاتهم. قبل الانقضاض علي واتهامي بالعمالة والخيانة سأحاول تبرير موقفي هذا.
ماذا قال رئيس الحكومة الاسرائيلية؟: أن العرب في إسرائيل يستفيدون من الجنسية الاسرائيلية وفي الوقت نفسه يحولون مدننا إلى ساحات من الشغب والعنف. وقال بكل بساطة للذين يتظاهرون ضد الدولة ويطالبون بدولة فلسطينية: انتقلوا إلى غزة أو الى مناطق السلطة الفلسطينية ولن يعترض احد طريقكم. وهدد بسحب الجنسية الاسرائيلية من كل من تسول له نفسه الاعتراض على يهودية الدولة، هذا بالاضافة الى تصعيد العقوبات على "المخربين" وذويهم بهدم بيوتهم وتدفيع الاهل الغرامات وتشديد القبضة الحديدية وزيادة قوات الامن من جيش وحرس حدود ومخابرات وشرطة. وبالتالي يقول لكم ايضا، لكي لا نظلم الرجل، انكم مواطنون متساوون في دولة قانون لكم حقوق وعليكم واجبات وواجبكم الاول هو احترام القانون الاسرائيلي واطاعته. ومن لا يقبل بهذا المفهوم فما عليه إلا لملمة اغراضه والرحيل.
هل هذا هو سبب زعلكم وخيبة املكم؟ وماذا كنتم تتوقعون منه؟ أن يقدم الاعتذار عن عمليات الاعدام التي تطال الفلسطيني يغض النظر عن مكان سكناه وعما اقترفه؟ هل توقعتم ان يعترف بالغبن التاريخي الحاصل ويقول لنفتح صفحة جديدة من الحياة المشتركة؟. على الاقل رئيس الحكومة بتصريحاته هذه لم يكذب، على عكس تصريحاته الاخرى المعروفة بالكذب. في هذه المرة انتم الذين تكذبون، على انفسكم اولا وعلينا ثانيا. طبعا انا اتفهم زعلكم وخيبة املكم، فبعد سنوات عديدة من المحاولات لتحديد العلاقة بين "الاقلية القومية" العربية التي تمثلونها وبين الدولة اليهودية الديمفراطية أو الديمقراطية اليهودية، بعد التصور المستقبلي ووثيقة حيفا والدستور الديمقراطي وشعارات التعايش اليهودي-العربي ونضالكم البرلماني في الكنيست الذي افتخر به نتنياهو أمام الكونغرس الامريكي، بعد هذا كله تقول لنا: من لا يعجبه هذا فليذهب إلى غزة؟ أكيد شعور صعب.
اعدام الشهيد خيرالدين حمدان بدم بارد ومن قبله الشهيد ابراهيم العكاري ومعتز حجازي وعشرات الشهداء لم يكن خطأ ولا صدفة بل هي سياسة منهجية ومدروسة. ومن نسي فليتذكر ما حدث في عام ١٩٨٤ لمختطفي حافلة خط ٣٠٠ الذين تمت تصفية اثنين منهم بدم بارد بعد أن قبض عليهما احياء. أولا يكذبون وعندما تنفضح الكذبة تبدأ سلسلة طويلة من التبريرات والتلفيقات ومساندة المجرمين والتغطية عليهم من قبل رئيس الحكومة ورئيس الدولة والقضاء وفي النهاية يخرج المجرمين ابرياء كما تخرج الشعرة من العجين. هذا السيناريو يتجدد ويتكرر على الدوام يكفي أن نذكر هنا الشهداء الثلاثة عشر الذين سقطوا في اكتوبر سنة ٢٠٠٠ ومنذ ذلك الوقت سقوط٤٨ شهيدا آخرا قتلوا بدم بارد لأن الشرطة قررت أن قتلهم أهون من اعتقالهم. طبعا هذا بدون ان نذكر الاف الشهداء الذين سقطوا في حروب اسرائيل "الدفاعية".
أعادت تصريحات نتنياهو وباقي المسؤولين في حكومته الصراع في المنطقة الى خانته الاولى والى مساره الصحيح: صراع وجود وليس صراع حدود. كان بودي ان ارى هذه التصريحات تتحقق بحذافيرها: ليتم سحب الجنسية الاسرائيلية من كل فلسطيني لا يقبل بهذه الدولة كدولة يهودية. وليكن هناك استفتاء شعبي بمراقبة دولية لمعرفة اذا كان الفلسطينيون يقبلون بالدولة اليهودية أم لا. سحب الجنسية الاسرائيلية سوف يكشف عن الجنسية الحقيقية، الجنسية الفلسطينية. نعم، سوف نذهب الى غزة وإلى الضفة الغربية عندما يستطيع أهل غزة والضفة القدوم الى هنا، عندما نعود لنكون شعبا واحدا بدون تجزئة، بدون تمزيق وبدون تشريد. شعب واحد يتنقل في أرجاء وطن واحد. ومن لا يعجبه ذلك فليرحل من حيث أتى ولن يعترض طريقه أحدا. ومن يبقى هنا فعلى الرحب والسعة، سوف يتمتع بالجنسية الفلسطينية بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى: لن يتم اغتياله بدم بارد، واذا حدث ذلك سينال الفاعل عقابه الصارم، لن يهدم بيته، لن يغرم أهله ولن يكون عرضة للتمييز والعنصرية والقمع، واذا ما احتج على غبن لحق به لن يدمغ بالارهاب.
أثبتت التصريحات الاخيرة للطبقة الحاكمة في اسرائيل، لكل من يساوره أي شك، أن المشروع الصهيوني لم يتغير بينما اثبت رد الزعامات الفلسطينية والعربية أن مشروع التحرير هو الذي تغير. اليوم يقف الشعب الفلسطيني امام فرصة تاريخية للعودة إلى مشروع التحرير الوطني والانساني.

No comments: