Tuesday, February 27, 2007

حول حق النساء العربيات في الميراث

حول حق النساء العربيات في الميراث

النساء العربيات محرومات من ميراث عائلاتهم، حيث يستولي الذكور في العائلة على حصصهن بعد أن يرغموهن على التخلي عن حقوقهن ضاربين بعرض الحائط الحق الشرعي الذي تشير إليه النصوص الدينية الإسلامية والمسيحية وقانون الأحوال الشخصية الدرزي الذي يسري على الطائفة الدرزية في البلاد.
هذا ما تقوله جمعية "نساء وآفاق" في مؤتمر صحفي عقدته في قبل أسبوع في الناصرة وأعقبه نقاش مفتوح حول هذا الموضوع. وبما أن هذه الجمعية كما تعترف لا تهدف إلى تغيير أي قانون شرعي لأية ديانة حول الميراث، ولا تنوي حتى مناقشة عدالة أو ظلم هذه القوانين، وكل ما تصبو إليه هو تطبيق قوانين الميراث الشرعية، فقد دعت إلى النقاش ممثلي الديانات الثلاث الذين لم يحضر منهم أحد (مع أنهم وعدوا بالحضور) وأقتصر النقاش على النشيطات ( وبعض النشطاء) من الجمعيات المختلفة.
في بداية المجتمعات البشرية لم يكن هناك لا ورثة ولا ميراث، لا للرجل ولا للمرأة. لم تكن هناك ملكية خاصة لأحد فمن المنطقي الا يستطيع من لا يملك أن يورث. كل شيء كان ملكية عامة للجميع. كان كل فرد يعمل حسب مقدرته ويأخذ حسب حاجته. وقد اطلق علماء الانتروبولجيا على هذه المرحلة من تاريخ البشرية اسم: المجتمع المشاعي الأول. لمن يرغب بمعرفة المزيد عن تلك المرحلة يمكن الرجوع إلى كتاب فريدريك انجلز القيم:" أصل العائلة، الملكية الخاصة والدولة". لم يندثر هذا الشكل من الملكية وهذا الشكل من المجتمع نهائيا من عالمنا، حيث ما زلنا نجد بعض آثاره عند قبائل اكتشفت مؤخرا في الأمازون وعند بعض القبائل الإفريقية.
مع تطور المجتمع البشري وانتقاله من مجتمعات تعيش على الصيد إلى مجتمعات زراعية حصل التقسيم الأول للعمل بين الرجل والمرأة وظهرت العائلة التي يقودها الرجل ومعها ظهرت الملكية الخاصة، التي بدورها أفرزت ظهور طبقات اجتماعية متصارعة. في هذه المرحلة ظهرت الدولة بشكلها البدائي.
هنا فقط ظهرت مسالة الوراثة والميراث. حيث أفرز كل مجتمع من خلال تطوره الحضاري ( الاقتصادي والسياسي والثقافي) مجموعة من القوانين والأعراف لتسوية قضايا الميراث.
كما أن المجتمع الطبقي الذي يقوم على الهيمنة الذكروية وعلى الملكية الخاصة، يفتقد أسس العدالة الاجتماعية كذلك كانت قوانين الميراث العديدة والمعقدة غير عادلة. وكان هدفها الوحيد أن يضمن المالك (الذكر من حيث الأساس) استمرار ملكيته بواسطة أفراد ذريته (الذكور من حيث الأساس). وهكذا كانت النساء أول ضحاياه. ولكنهن لم يكن الوحيدات. فأفراد الطبقات المعدومة أيضا لم يجدوا لديهم ما يورثونه لأبنائهم. في المجتمع الطبقي يرث الفقير فقرا ويرث الغني غنى.
مع إلغاء المجتمع الطبقي ومع إلغاء الملكية الخاصة سوف تزول بالضرورة كافة قوانين الميراث دينية كانت أو مدنية.
بالطبع هذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي حتى يزول المجتمع الطبقي. حقوق النساء العربيات في الميراث مهضومة. وهو ليس الحق الوحيد المهضوم. فالمرأة العربية تعاني من الظلم والحرمان في كافة المجالات: في التعليم، والعمل، وداخل العائلة، وفي السلطة. النضال من أجل حصول المرأة العربية على حقها بالميراث لا يمكن فصله عن النضال من أجل إن تنال حقوقها كاملة في كافة المجالات. الحرية لا تتجزأ والنضال من أجلها لا يتجزأ أيضا. وهذا أول خطأ ترتكبه جمعية "نساء وآفاق".
تتفق جمعية "نساء وآفاق" وجمعيات نسويه أخرى والحركات الدينية على أن القوانين الشرعية ليست هي المسئولة عن حرمان النساء من حقهن بالميراث، بل العادات والتقاليد الاجتماعية هي المسئولة عن ذلك. والدليل القاطع على ذلك الآيات القرآنية الصريحة في هذا الموضوع.
غير أن هذه النظرة التبسيطية للأمور تطمس حقيقة القضية وتحرف النضال العادل عن مساره الصحيح. من المعروف أن الآيات القرآنية التي تذكر حق المرأة بالميراث لا تساوي بين الرجل والمرأة حيث تحدد هذا الحق بالنصف أو الثلث أو الربع أو السدس أو الثمن. وفي جميع الحالات يكون حظ الرجل متقدما خطوة على المرأة. وبما أن النص واضح وصريح فقد نشأت حوله صناعة هائلة من التحليلات والتبريرات، تبدأ بمقارنة وضع المرأة العربية المسلمة وما نالته من حقوق بوضعها في الجاهلية أو بوضع المرأة في المجتمعات والحضارات الاخري في العصور البائدة مثل اليونانية القديمة والرومانية واليهودية والصينية والمسيحية. النتيجة الحتمية التي يتم التوصل إليها دائما هي: أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي منح المرأة حقوقها كاملة وهو أول من أعطاها حقها بالميراث. أما منح المرأة نصف ما يأخذه الرجل ما هو في حقيقة الأمر إلا تجسيدا للعدالة الاجتماعية. إذ على عاتق الرجل تقع أعباء مادية تعفى منها المرأة، فالرجل هو الذي يدفع المهر عند الزواج وهو المكلف بالنفقة على زوجته وأولاده وباقي الأسرة. فالمرأة تشارك الرجل بالإرث ولكنها لا تشاركه بتحمل المسؤولية والتبعات، فهي تأخذ ولا تعطي، وتغنم ولا تغرم وتدخر نصيبها من الميراث.
قد يكون هذا الكلام صحيحا نسبيا وله ما يبرره قبل 1400 سنة، ولكن أن يقال ألان، فأنه بمثابة إجرام في حق المرأة. فالمرأة العاملة لا تعمل من أجل شراء مواد الماكياج والملابس الأنيقة وتوفير ما تبقى في حسابها الخاص، بل تساهم وفي حالات عديدة أكثر من الرجل في تحمل المسؤوليات المادية للعائلة. وعندما تعمل خارج البيت بأجور زهيدة وتتعرض للعديد من المضايقات، تعود إلى البيت لتواصل العمل مجانا في خدمة الرجل والعائلة. وبعد هذا كله ما زال هناك من يقول وبكل صفاقة: أن النساء معفيات من تحمل أعباء الأسرة المادية.
الأديان والحكومات والعادات والتقاليد جميعها من غير استثناء، ولكن بدرجات متفاوتة، تضطهد المرأة وتمارس عليها شتى أنواع التمييز والاستغلال والعنصرية، وذلك لأنها جميعا تجليات للسيطرة الذكروية على كافة مجالات الحياة. نحن نطالب بفصل الدين عن الدولة ومنح كل فرد حرية أن يختار ما يشاء. وهذا لا يعني انحيازا للدولة، فالدولة الظالمة لا حق لها في الوجود ويجب مقاومتها.
الميراث على جميع أشكاله المدنية والدينية هو"حق" فرضته القوة، قوة السلطة الطبقية القائمة على الملكية الخاصة.
نعم، يجب إلغاء "حق" الميراث" من خلال إلغاء الملكية الخاصة ولكن حتى ذلك الحين يجب النضال ضد جميع الامتيازات التي يتمتع بها الرجل والمجحفة في حق المرأة ومنها التمييز في الميراث.

Sunday, February 25, 2007

ما هي الحرية

ما هي الحرية؟

يوجد هناك أكثر من تعريف للحرية. فمنهم من يقول أن الحرية هي الحق في أن تختار وتوجد لنفسك بدائل اختيار. ومنهم من يقول أن الحرية هي حالة التحرر من القيود المادية والمعنوية التي تكبل طاقات الإنسان. ويؤكد آخر: أن حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين. ويضيف آخر: الحرية هي جزء من الفطرة البشرية التي ترفض الخضوع والانصياع للأحكام الخارجية. أي أنها غريزة تولد معنا. ومن هنا قول عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟؟ وآخر يقول: أن الحرية هي حق ألإنسان في اختيار السلطة التي تحكمه وحقه في المشاركة بها أو المساهمة في تغييرها. بينما يؤكد البعض الآخر على انه لا يوجد حرية بدون مسؤولية، وأن الحرية من غير قانون يضبطها ليست سوى فوضى مدمرة.
هذه التعريفات وغيرها الكثير تتناول جوانب معينة من الحرية ولكننا لا نستطيع بأي شكل من الإشكال إن نعتبرها تعريفا. أصلا كل تعريف للحرية يتناقض جوهريا مع روح الحرية المطلق. حيث أن كل تعريف بصفته تلك، يضع حدودا حول الشيء المعرف ويحاول أن يحصره في إطار واضح المعالم. أما روح الحرية فإنه يستوجب مسبقا عدم الاعتراف بأية حدود. لذلك لن نتوصل أبدا إلى تعريف ملموس، شامل وتام للحرية. فالحرية فكرة مطلقة موجودة فلسفيا على شكل تجريدي مطلق، وهي المقدرة على التحرر من جميع القيود مهما كانت ومن أين جاءت حتى من ذاتها، فلا حدود لها ولا نهاية، إن وجدت بهذا المعنى فهي موجودة في عالم المثل الذي تكلم عنه أفلاطون. أما حريتنا البشرية المتعارف عليها فإنها ليست سوى انعكاس لهذه الفكرة أو ليست سوى جزء محدود منها.
هذا التعريف المطلق والمجرد للحرية لا يقلل من قيمته شيئا. على العكس من ذلك، فهو ضروري لكي لا نفقد البوصلة. بالنسبة لنا، بني البشر الفانين، الطريق إلى الحرية لا يقل عن الحرية نفسها، بل يفوقها أهمية. الحرية المطلقة تتجسد في المجتمع البشري بشكل نسبي وملموس. وهي ككل فكرة مطلقة تتحقق فقط بشكل نسبي. ولكن لا يمكننا أن نطلق ولا بأي حال من الأحوال على هذا النسبي، المحدود، الخاص وكأنه هو المطلق.
الحرية تتناقض وتتصارع مع القوانين والعادات والأفكار والمعتقدات، ولكنها لا تنفصل عنها، انه صراع لا نهاية له. ينتهي لكي يبدأ من جديد. في خضم نضالنا، نحصل على حرية معينة وفي الوقت ذاته نحصل على قيود ولدت من الرحم الحرية التي حصلنا عليها نفسها. فالحرية هي بهذا المعنى النضال الدائم والمستمر ضد "الحرية" التي تحولت إلى نقيضها، إلى قيد أو إلى عبودية.
لذلك، عندما نستعمل هذا المفهوم، أو هذا المصطلح: الحرية، فإننا في الحقيقة نتكلم عن حريات عديدة ملموسة ونسبية. وهي قابلة على التغيير والتحول إلى ضدها. مثل هذه الحريات ليست مقدسة كما قد يعتقد البعض، لأنها في مرحلة معينة وتحت ظروف معينة تكون ذات قيمة أخلاقية وعملية، نناضل من أجلها، ولكن في مرحلة أخرى وتحت ظروف أخرى تتحول إلى ضدها، أي تصبح قيدا ينبغي تحطيمه. إذن يجب أن ندرك هذه الحرية في عملية نشوءها وتطورها وبشكل ديناميكي وديالكتيكي وليس بشكل جامد وميتافيزيقي.
نمارس هذه الحريات أو نناضل من أجل تحقيقها غالبا تحت مسميات أخرى معروفة منها الحريات المادية: حرية الحفاظ على سلامة الذات، حرية الأكل واللبس والمسكن، الحرية التي تؤمن كرامة الإنسان وتحافظ على ماله وعرضه وشرفه، ألحرية في الحركة، منع القتل، التعذيب، الاضطهاد والاستغلال. ومنها الحريات المعنوية مثل: حرية الرأي، حرية التفكير والتعبير، وحرية الاعتقاد.
هذه الحريات التي نرفع رايتها جميعا ليست مفهومة في حد ذاتها ومقبولة على الجميع. فكم من الجرائم ارتكبت باسم الحرية؟ وكم من الحروب البشعة شنت باسم الحرية. تحت اسم حرية الشعوب يا ما احتلت بلدان واضطهدت أمم وشردت شعوب وارتكبت في حقها المجازر. وتحت اسم حرية السوق يا ما استغلت شعوب بأكملها ونهبت خيراتها. لا يوجد حرية حقيقية ما دامت هناك حروب وجوع وأمراض واستغلال وعنصرية واضطهاد.
ما هو الضمان لوجود حرية إنسانية تحفظ للإنسان كرامته كفرد وكمجتمع وكجنس؟ وتقي البشرية من الاندثار؟ الضمان هو المعرفة والضمير، ولكن هذا موضوع آخر.

Friday, February 23, 2007

The first Arab minister: much ado about nothing

The first Arab minister: much ado about nothing
(this article will be published in the Belgian website: www.uitpers.be)
One month ago the Israeli media and some Arabic and international media picked up the news about the appointment of the “first Arab minister” in the Israeli government with much hubble-bubble. Among what they claimed: things are changed; Israel is not an apartheid state as its enemies slander it, but a genuine democratic state; The Arab citizens are integrating in the governmental institutions; equality is accomplished or in the process to be accomplished. Etc.etc.
Is that really so? Let’s let facts talk for themselves:
Galeb Majadele, the nominated minister, was from his youth activist in a Zionist party (the labor party), most the time in the Histadrut (trade union) and since 2004 as a Kennest member for this party. The history and role of this party in the displacement of the Palestinian people and plundering its properties since 1948 until today is well known. Mr. Majadele never represented the Palestinian people in their struggle for their element rights, he never shared them their protests in the land day, October uprising or the Nakba rememberance, in the opposite, he stood always on the other side.
It’s not necessary to go far away back in the past to prove that. Last year, the direct boss of Mr. Majadele, and the one who appointed him, Ameer Peretz (the minister of defense) together with Prime Minister Olmert launched their war crimes for 33 days in Lebanon. (Not to mention their continuous crimes in Gaza). While the whole world condemned these crimes, among them many Israeli anti war movements, Mr. Majadele continue to be faithful to his boss and supported him the whole way.
Ameer Peretz, who went out defeated and broken from the Lebanese war, and his popularity in his own party reached the bottom, and faced more and more voices calling to him to resign, and he felt the breath of Barak and Ayalon on his nick as competitors for the leadership of the labor Party, appointed Majadele to be a minister in return for recruiting the Arab members of the labor party to support him in his coming competition.
Mr. Majadele lost respect even among his followers inside the labor party, who accused him to be cheap and shameless. When Olmeret appointed Avigdor Liberman, the leader of the racist transfer party Ysrael Betteno, to be his deputy and high minister for strategic threats, the “Arab legion” as they call themselves headed by Knesset member Galeb Majadele and Nadia Heleo threatened to step out from the Party if the Labor party continues to sit in the government with Liberman. But of course after few days they had licked their spit and no one was resigned. And when Opher Pines-Paz, the minister for culture, science and sports, resigned as protest for accepting Liberman in the government, the “First Arab minister”, Majadele jumped to catch the opportunity; while many expected that he should be in solidarity with this minister and at least to refuse to occupy his place.
Majadele is very happy with this title, and he mentions it in every interview with him. In spite the fact that he is not the first Arab minister, before him Ariel Sharon appointed the Arab Druze Saleh Tarif as minister without portfolio. But Majadele like the Israeli institutions don’t recognize the Druze as Arabs.
The humiliations of this doubtful honor didn’t stop until today. When Peretz announced the appointment of Majadele, for 2 weeks Olmert refused to approve it in the government meeting. And he agreed only when Peretz and Majadele abandoned their demand that Majadele takes the place of Opher Pines-Paz as minister of culture, science and sports, and that he accepts to be minister without portfolio for too weeks until the government agrees about a new division of the ministries.
One month already passed, and the minister Majadele got only the minister car and salary, and he still waiting for what to do.
As we say: the mountain was in labor and produced a mouse.

Tuesday, February 20, 2007

لجنة المتابعة الى أين يا شيخ؟؟

على مدى ثلاثة أسابيع نشر الشيخ رائد صلاح في صحيفة كل العرب ثلاث مقالات مطولة تحت عنوان: "لجنة المتابعة الى أين؟" وقد وعدنا الشيخ في بداية مقالته الاولى أن "يضع النقاط على الحروف" ويحاسب "البعض" من الذين يتحدثون بإسمنا من غير أن يخولهم أحد أن يقوموا بذلك. هذا "البعض" الذي يسعى " عن قصد أو غير قصد الى إختزال ماهية المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل، وكأنهم أقلية عددية يمكنهم الاندماج مع مؤسسات المؤسسة الاسرائيلية...."
بعد مقدمة طويلة استنفذت المقالة الاولى وتركتني انتظر أسبوعا آخر على أحر من الجمر لكي أرى تلك النقاط تسقط على الحروف كالصاعقة وتضبط مرة واحدة والى الابد معاتي كلماتنا ومصطلحاتنا التي نستعملها لتحقيق مآرب فئوية من قبل مسؤولينا او بالاحرى من قبل من وضعوا انفسهم مسؤولين علينا بعد أن إغتصبوا حق تمثيلنا. وجاءت المقالة الثانية ولم أجد مبتغاي. فاضررت ان أكتفي بكلمة يتبع في آخر المقالة وانتظر اسبوعا آخرا لعل النقاط تهطل على الحروف مرة واحدة كما هبطت الامطار على رؤوسنا مرة واحدة في تلك الايام.
غير ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، إذ حدثت في الاسبوع الثالث أهم في القدس، تمثلت بالعدوان الاسرائيلي على الحرم القدسي الشريف، ووقوف الشيخ وقفة مميزة وشجاعة دفاعا عن الاقصى، بينما كانت المؤسسة التي موضوع المحاسبة (لجنة المتابع) تغط في سبات عميق حيث استيقظت منه جزئيا لكي تدعو لاجتماع شخصياتها القيادية، بعد أن هدأت الامور بعض الشيء، وخرجت بقرارات مستعجلة ما زالت حتى الآن حبرا على ورق وعادت لتغط في سباتها العميق مرة آخرى. وهكذا أضطررت للتريث اسبوعا آخر لقراءة المقالة القالقة ولاخيرة. وكم كانت خيبة املي كبيرة وقد أصابني الذهول عندما إكتشفت انه لا يوجد هناك لا نقاط على الحروف ولا يحزنون. والعنوان المثير: "لجنة المتابعة الى أين" بقي من غير خارطة طريق (عذرا على استعمال هذا المصطلح) ولم استوعب حتى الان إلى اين تتجهة لجنة المتابعة.
لا انكر أن الشيخ رائد ذكر الكثير عن الوضع المأساوي الذي تعاني منه "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في اسرائيل" وهذا هو الاسم الكامل لهذه اللجنة منذ تأسيسها قبل حوالي ربع قرن، فهل الآن فقط تفاجأ الشيخ بأن وظيقة هذه اللجنة الاساسية هي تسوية أوضاعنا مع الدولة التي فرضت علينا وليس تسوية وضعنا مع شعبنا الفلسطيني ولا مع امتنا العربية؟
نعم، لقد ذكر الكثير عن غياب هذه اللجنة في كل مناسبة تستدعي حضورها المكثف. خلال حرب الابادة التي شنتها أسرائيل على الشعب اللبناني أجتمعت هذه اللجنة ( التي من المفروض ان تقود نضالات جماهيرنا) بعد مرور 27 يوما على الحرب، اي بعدما لم يبق جسر واحد في لبنان لم يهدم. وغني عن القول انه لم يتمخض عن هذا الاجتماع أي عمل جدي. وعندما اندلعت الاشتباكات المشبوهة بين حركتي حماس وفتح في غزة لم تحرك هذه اللجنة ساكنا واكتفت بتتطير بعض برقيات الاستنكار. وكما سبق وقلت استيقظت على أحداث القدس والناس صارت راجعة.
هذا بالاضافة الى دور هذه اللجنة في تقريغ المضمون النضالي التقدمي للمناسبات الوطنية مثل يوم الارض وأنتفاضة الاقصى، والاكتفاء بتقديم ضريبة شفوية للإستهلاك المحلي وأعمال هزيلة عدمها خير منها.
حتى "الوثيقة" التي طبلت لها لجنة المتابعة وزمرت وساعدتها بذلك بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية، لم يتطرق الشيخ اليها مع انه قال:"وإن كان عندي الكثير مما اقولها حولها" اللهم الا من جانب واحد، وهو أنها لم تصدر عن لجنة المتابعة حيث لم تعرض عليها اصلا ولم تتخذ بحقها اي قرار، بل صدرت عن لجنة السلطات المحلية. وكل ما في الامر أن رئيس لجنة المتابعة، الذي هو رئيس لجنة السلطات المحلية الذي هو نشيط في حزب سياسي معين، هو من قام بنشرها بدون أن تخوله اللجنة التي يراسها بذلك. وهذه إدانة تحتوي على صك تبرئة.
على كل حال، لسنا ألآن بصدد الكلام عن هذه "الوثيقة" التي انتشرت تحت عنوان "التصور المستقبلي للعرب الفلسطينين في إسرائيل" حيث سجلت موقفي منهاعلى صفحات هذه الجريدة قبل عدة أسابيع وأتهمت في حينه من قبل بعض من طالهم النقد بإن المقالة مليئة بالشتائم.
هكذا إذن، يبدو أن الخلاف بين الشيخ رائد صلاح وقيادة لجنة المتابعة هو خلاف شكلي وليس جوهريا. إذ يعود ويجزم: "لا زلت أؤكد وفق قناعاتي أن لجنة المتابعة هي العنوان العام الذي ينضوي تحته كل مجتمعنا العربي الفلسطيني في الداخل على اختلاف أطيافه السياسية، وهكذا يجب أن ينظر اليها الجميع" عفوا يا شيخ، لماذا هكذا يجب ان ينظر اليها الجميع؟ وكما ذكرت في الاستطلاع الذي اوردته: فقط 8% من فلسطينيي الداخل يؤيدون لجنة المتابعة.
منذ سنوات طويلة ونحن نسمع عن ضرورة إعادة بناء لجنة المتابعة. يوجد هناك تصور لحزب التجمع الوطني الديموقراطي لإعادة هذا البناء، ويوجد هناك تصور آخر لأبنا البلد وللحركة الاسلامية وللعديد من الشخصيات المستقلة. ولكن كما يقول المثل: كلام الليل يمحوه النهار وفي تهاية المطاف لا يوجد هناك لا بناء ولا بناؤون ولا مواد بناء ونستمر في حمل نعش لجنة المتابعة في جنازة عبثية لا تنتهي.
وأخيرا توصلت الى إستنتاج، قد أكون مصيبا أو مخطئا فيه: الشيخ رائد والحركة الاسلامية التي يقودها، لا يريدان أن يدقا المسمار الاخير في نعش لجنة المتابعة وذلك لحاجة في نفس يعقوب كما يقولون. ولكن بما انني غير منضبط تنظيميا اسمح لنفسي أن أجتهد أكثر وأكشف هذه الحاجة، وهي أن الشيخ رائد يطمح في أن يتبوأ قيادة هذه اللجنة، وبشكل ديموقراطي. ومن هنا كان تركيزه، كوسيلة لإعادة بناء لجنة المتابعة، على ضرورة انتخاب رئيس لجنة المتابعة وهيئاتها عن طريق انتخابات حرة مباشرة من قبل الجماهير الفلسطينية في الداخل. وأنا بالطبع لا انكر للشيخ حقه في هذا الطموح، بالعكس، فهو أفضل من يمكنه أن يتبوأ هذا المنصب. ولكن...... ولكن
هل حقا تستطيع الانتخابات مهما كانت نزاهتها وديموقراطيتها أن تحل أزمة الهوية التي نعاني منهاا؟ ألم نتعلم الدرس التي تلقنته حركة حماس بعد فوزها بالانتخابات الديموقراطية والنزيهة؟ هل يعقل نجاح حل "ديموقراطي" في ظل الاحتلال؟ أم أننا لسنا محتلين أكثر؟ هل يمكن أن يكون هناك حل "ديموقراطي" ونحن ما زلنا نتخبط في تحديد هويتنا الوطنية؟ ونرضخ لحالة التمزيق التي نعاني منها منذ 60 سنة؟ اليس من الاحرى بنا تسوية علاقتنا بشعبنا وبمؤسساته اولا؟ كيف ستكون علاقة هذا المسخ المنتخب بالمجلس الوطني الفلسطيني؟ والمجلس التشريعي الفلسطيني؟ ومنظمة التحرير الفلسطينية؟ وما هو موقفنا ودورنا (وأشدد على كلمة دورنا) من حل القضية الفلسطينية؟ هذه اللجنة تتصور فقط كبف نسوي وضعنا مع الدولة الاسرائيلية ومئسساتها ومع الكنيست الاسرائيلي . وماذا سيكون موقفنا اذا أفرزت هذه الانتخابات قيادة متأسرلة؟ ونحن نعرف بالضبط كيف تتم الانتخابات في وسطنا العربي، حيث العائلية، والمصالح الشخصية والطائفية وكرم الاحزاب الصهيونية كفيلة بتزيف أكثر الانتخابات نزاهة.

لجنة المتابعة ليست بحاجة الى إعادة بناء بل هي بحاجة الى طلقة الرحمة، فحرام أن تبقى هذه اللجنة مربوطة بجهاز إحياء إصطناعي. إن جماهيرنا بحاجة الى حركه تقود نضاله من أجل الحرية والحياة الكريمة وليس الى لجنة تساوم على حقوقه.

Wednesday, February 07, 2007

عارنا في غزة

عارنا في في غزة

لم يعد هناك ما يقال لوصف ما يحدث في قطاع غزة من مآسي. لقد قيل كل شيء، حتى استنفذت الكلمات ونضبت الافكار وفقدت الشعارات معانيها. لم ينفع شيء. لا التوسل ولا الاستصراخ ولا المناشدة. كل الحجج التي سيقت لم تكن تساوي جناح بعوضة. الكلام حول قدسية وحرمة الدم الفلسطيني أصبت مقززة ومنفرة. في هذه الحرب القذرة لا يوجد حرمة لشيء. إجترار الكلام حول العودة الى لغة الحوار وبذل المزيد من الجهود لتشكيل "حكومة وحدة وطنية" أصبح ضحكا على الذقون. وأسوأ من ذلك الكلام حول شماتة الاعداء بنا وتقديم الخدمة للإحتلال وتنفيذ مآربه التي فشل في تنفيذها على مدار سنوات.
كفى كفى مثل هذا الكلام. كفى نفاقا وجبنا. لم أقرأ في كل ما كتب على كثرته كلمة جريئة واحدة تشير بإصبع لا يرتعش الى من هو المسؤول وما هي مسؤوليته. بعضهم عن حسن نية ولكن الاغلبية عن نفاق وجبن كما ذكرت. قد يقولون: لا تزيد الطين بلة ولا تسكب الزيت على النار. وكأنه ما زال هناك أمر يزيد الطين بلة أكثر مما هو مبلول بعد أن وصل الطين الى حلوقنا ومناخرنا وسد علينا منافسنا وها نحن نختنق؟ وهل بقي شيء يزيد النار التهابا؟ لم يبق امامنا سوى معالجة هذا المرض العضال الذي أصابنا إلا عن طريق الصدمة، وحتى ذلك لا يضمن الشفاء.

من هو المسؤول؟

المسؤول الاول:
هو الرئيس محمود عباس (ولا أدري رئيس على ماذا) ومحمد دحلان والطغمة المتواجدة حولهما. هؤلاء الذين يراهنون على الحل الاسرائيلي-الامريكي والمستعدون مقابل الفتات أن يشعلوا فلسطين كلها بنار الفتنة. هؤلاء هم الذين جلبوا المصائب للمنطقة ولشعبنا مع اتفاقيات اوسلو المجحفة. وبالرغم من موت هذه الاتفاقيات وتخلي إسرائيل وامريكا عنها الا انها ما زالت تعشعش في رأس محمود عباس الذي كان أحد مهندسيها. ما زالت هذه الطغمة تلهث وراء أوهام هذه الاتفاقيات التي أصبحت جيفة نتنة. هذه الفئة التي عاثت في البلاد فسادا حتى لفظها شعبنا نهائيا قبل حوالي سنة. الا انها ترفض الرضوخ للأمر الواقع. هذه الفئة الطفيلية تحاول أن تعيش، وككل جسم طفيلي، تحت كل الظروف وبكل ثمن، حتى بإغراق الارض بالدم الفلسطيني بواسطة السلاح الاسرائيلي-الامريكي- العربي الرجعي. إن شعبنا الفلسطيني الذي قدم آلاف الشهداء منذ عام النكبة الى يومنا هذا يستحق قيادة افضل من هذه القيادة. أن حركة فتح ذات التاريخ الوطني العريق تستحق قيادة افضل من هذه القيادة. إن كل حل جذري لهذه الفتنة لن يتحقق الا بالاطاحة بهذه الطغمة وتكنيسها الى مزبلة التاريخ. تعلمنا نضالات الشعوب التي خاضت الحروب الطويلة والشرسة ضد الامبريالية من أجل حريتها واستقلالها، أن ثمة شرائح معينة من الشعوب المظلومة تتساقط خلال النضال وتربط مصيرها بالقوى الامبريالية. هذا ما شاهدناه في كوبا وفيتنام والجزائر ومصر وغيرها من البلدان.
المسؤول الثاني:
هو خالد مشعل واسماعيل هنية وباقي القياديين في حركة حماس: هذه الحركة التي اكتسبت ثقة واحترام الجماهير الفلسطينية من خلال نضالها العنيد المقاوم للإحتلال والفساد، من خلال تقديمها آلاف الشهداء والجرحى والاسرى، تخوض اليوم معركة للحفاظ على كراسي سلطة وهمية فاسدة. من يكون ضد اتفاقيات اوسلو وضد ما تمخضت عنها من تنازل عن الثوابت الوطنية وتفريط بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يتكالب على سلطة جاءت نتيجة لهذه الاتفاقيات. الحرب في شوارع غزة اليوم ليست ضد الاحتلال وليست مقاومة بل هي حرب قذرة من اجل إمتيازات وهمية يقدمها الاحتلال. لقد اصبح نضال حماس ضد سياسة التفريط مشكوكا فيه، خصوصا على ضوء تصريحات مشعل وهنية حول واقعية دولة اسرائيل والهدنة طويلة الامد مقابل دويلة مشوهة في الضفة والقطاع. وما تصريحات قادة حماس بعدم الاعتراف بدولة اسرائيل سوى خداع وذر الغبار في العيون. إذا ارادت حركة حماس العودة الى طريق المقاومة والنضال عليها ترمي عظمة السلطة من فمها وأن تصرح بشكل لا يقبل التأويل بأن هذه السلطة (التي تسمى زورا وبهتانا: سلطة وطنية) غير شرعية، تماما كما ان دولة اسرائيل غير شرعية. اللاشرعي لا يمكن أن يمنح الشرعية لغيره.
المسؤول الثالث:
هو الانظمة العربية الرجعية (وجميع الانظمة رجعية من غير استثناء) التي ربطت مصيرها منذ زمن طويل بعجلة اسرائيل وامريكا والتي ساهمت بتدمير العراق ولبنان وفلسطين والتي تذرف اليوم دموع التماسيح في مكة والقاهرة ودمشق وغيرها من العواصم. هذه الانظمة التي تثير الفتن بواسطة دولاراتها القذرة وتوهم الشعب بانها حريصة على مساعدته وعلى مصالحه. يجب قطع ايدي هذه الانظمة الممتدة لتعكير الجو بتسليح هذا وتمويل ذاك. عليها انت تعرف ان مصيرها هي على كف عفريت ولن تصمد امام اول هبة لشعوبها. فمن الافضل لها أن تتوقف حالا عن سياستها الاجرامية في تحريض طرف ضد آخر واضرام نار الفتنة.

المسؤوول الرابع:
هو باقي تنظيمات الشعب الفلسطيني وحركاته واحزابه وحمعياته التي لا تحصى ولا تعد وأخص بالذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، جبهة التحرير العربية، جبهة التحرير الفلسطينة، جبهة النضال الشعبي، حزب الشعب وحزب فدا. وبعضها لايحمل سوى اسمه الكبير المخيف ولكنها غير موجودة على أرض الواقع وتكتفي باصدار بيانات الاستنكار والشجب ودعوة الفرقاء المتقاتلين الى وقف القتال، وكذلك الحركات الطلابية في جامعة بير زيت والنجاح والقدس وبيت لحم وغيرها من المؤسسات التعليمية التي من المفترض أن تكون ضمير هذا الشعب الحي، ولكنها تصمت صمت أهل القبور، كذلك لا أنسى الاحزاب العربية الاسرائيلية التعيسة ولجنة المتابعة الاشد تعاسة والتي هي الاخرى تكتفي بنداءات هزيلة لوقف القتال وتعجز حتى عن تنظيم مظاهرة صغيرة تعبر عن السخط الشعبي. على الجماهير الشعبية أن تنزل للشوارع في جميع المدن، ان تفرض الحصار على المقاطعة في رام الله حتى إرغام محمود عباس على حزم امتعته والرحيل، على الجماهير أن تنزل الى الشوارع في القدس والناصرة وسخنين وام الفحم وتل أبيب، وتبعث رسالة واضحة لحكام اسرائيل أن الدم الذي يسفك في غزة هو دمنا.

المسؤول الخامس والاخير:
هو أسرائيل وامريكا ودول الاتحاد الاوروبي المتآمرة، التي تفرض الحصار التجويعي على شعبنا وتسومه اسوأ انواع العذاب منذ سنوات. ولا أريد الخوض مسهبا في دور هذه القوى بما يحصل اليوم في غزة والضفة الغربية وكل أرجاء العالم العربي. حتى الضرير يرى ما تفعله هذه الدول والاصم يسمع ما تقوله والمطبق غباء يفهم سياستها. قد يصرخ البعض ويقول: هذه القوى هي المسؤول الاول وليس الاخير. وانا أقول لا، في هذه الازمة بالذات فإن ترتيب المسؤولية على النحو المذكور أعلاه. ماذا تتوقعون من إسرائيل وأمريكا؟ أن توزع علينا الحلوى والشكولاطة؟ هل ما زال أحد (ما عدا عباس ودحلان) يتوهم بإن هذه القوى تهتم وتقلق على مصالحنا؟
لقد قلت في مقال سابق أن ما يحدث في غزة ليس حربا أهلية، فالحرب الاهلية لها سمات ومميزات أخرى ليس هنا المجال في خوضها. فالحرب الاهلية قد تكون مقدمة لثورة سياسية واجتماعية تقدمية اذا كانت حربا طبقية تخوضها الجماهير المسحوقة بقيادة ثورية تقدمية. ما يجري في غزة هو حرب عصابات بالمفهوم السلبي لكلمة عصابات. حرب يخططها وينفذها ذووا المصالح الخاصة ويزجون في اتونها بجماهير لا ناقة ولا جمل لها بها. وبعملهم هذا يضرون اولا وقبل كل شيء بانفسهم ، أي يحرقون انفسهم على الصعيد الوطني والسياسي.
العمل الجماهيري الواعي والهادف هو الضمان الوحيد القادر على القاء هؤلاء الى المكان الوحيد الذي يستحقونه، الى مزبلة التاريخ. وهذا العمل الجماهيري هو القادر على دفع المسيرة الى الامام حتى تحقيق اهدافها بالحرية والاستقلال.