Wednesday, May 20, 2009

آداب الزيارة الى واشنطن


علي زبيدات- سخنين

للزيارة في التراث العربي مكانة خاصة. خصوصا زيارة الاصدقاء والاقارب والمعارف. فهي تعمق الصداقة وتحافظ على التواصل وتنقي الاجواء. ولكل زيارة آدابها. فالزيارة في المناسبات السعيدة تختلف عنها في المناسبات الحزينة، وزيارة المريض تختلف عن الزيارة من أجل المتعة والترفيه. ولكن بالرغم من تنوع المناسبات يمكن الاشارة الى بعض الآداب العامة للزيارات. مثلا، من الضروري إختيار الوقت المناسب للزيارة إذ من غير المعقول أو المقبول أن تفرض الزيارة في وقت غير ملائم للطرفين. ومن آداب الزيارة الاستئذان مسبقا وفي المصطلحات الدبلوماسية الحديثة تسمى الاعداد للزيارة. ومن آداب الزيارة أن تحمل في طياتها النوايا الحسنة من ترحيب وحسن استقبال. واخيرا من آداب الزيارة عدم الاطالة (ثقل الدم والظل) وعدم الاكثار.
لا أدري كيف أصنف زيارات الزعماء العرب الى واشنطن لمقابلة الرئيس الامريكي الجديد وهل ثمة آداب خاصة بها؟ . فهم بين خائف ومتردد ومتحمس. يبدو أن زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو قد انقذتهم من هذه الورطة. وللوهلة الاولى يبدو لمتتبع هذه الزيارة وكأن نتنياهو هو مبعوث جامعة الدول العربية الى واشنطن. في الشهر الماضي، بعد أحد مؤتمرات القمة، اوفدت الدول العربية والاسلامية الملك عبدالله، ملك الاردن الى واشنطن لكي يمثلها ويحث الرئيس الامريكي الجديد على مواصلة المساعي السلمية بين الدول العربية وإسرائيل. إلا أن هذه الزيارة لم ترتقي الى مستوى الحدث وسرعان ما طواها النسيان ولم تتمخض عن أية نتائج عملية أو سياسية.
أما زيارة نتنياهو الى واشنطن فإنها محط أنظار العالم وخصوصا الانظار العربية. في الحقيقة موقف الزعماء العرب مثير للشفقة. فهم يخدمون أمريكا أضعاف ما تقدمه اسرائيل من خدمات لها. بالاضافة الى انهم أكثر طاعة وإستكانة. ومع ذلك لا يحظون حتى بنسبة ضئيلة من الترحاب والاحترام الذي يحظى به نتنياهو المشاكس.
حمل نتنياهو معه الى واشنطن السياسة الاسرائيلية القديمة-الجديدة لحكومته. وعبر عنها بشكل واضح لا يقبل التأويل الا عند الزعماء العرب. فبدل أن يكرر كذبة موافقة اسرائيل على إقامة دولة فلسطينية كما جرت العادة من أيام رابين مرورا بشارون وبراك واولمرت تجاهل الموضوع نهائيا وأكتفى بالقول: يستطيع الفلسطينيون أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم. وهو على كل حال موضوع ثانوي إذا ما قورن بمهمته الاولى وهي مواجهة الخطر الايراني بمساعدة امريكا ومعسكر الاعتدال العربي. وبخلاف رؤساء الحكومة الاسرائيلية السابقين الذين أكدوا في زياراتهم المتكررة لواشنطن التزامهم بوقف الاستيطان ومواصلته حال عودتهم، أكد أن الاستيطان مسألة اسرائيلية داخلية.
يكاد الزعماء العرب يخرجون من ملابسهم فرحا من مواقف اوباما خلال هذه الزيارة. فقد أكد على تمسكه بحل الدولتين. مرحى، وما الجديد في ذلك؟ ألم يتمسك بوش ومن قبله كلنتون بهذا الحل؟ فماذا كانت النتيجة؟ وطالب اوباما بوقف الاستيطان، وهذا ايضا ليس بالامر الجديد، ألم ينص مؤتمر أنابولس ومن قبله خارطة الطريق الامريكية على ذلك؟ المطالبة بوقف الاستيطان شيء ووقفه على ارض الواقع هو شيء آخر. ولكن يبدو أن هذه الحقيقة تتجاوز مقدرة الزعماء العرب على الاستيعاب. فالاستيطان منذ البداية لا يمكن أن يتم من غير مليارات الدولارات التي تمنحها امريكا سنويا لإسرائيل.
نتنياهو يزور واشنطن كصديق، يستقبل بحرارة ليس فقط من قبل اللوبي الصهيوني المتنفذ بل أيضا من قبل الغالبية العظمى من أعضاء السنات الديموقراطيين والجمهوريين على حد سواء. أما الملك عبدالله فقد زار واشنطن كمتسول وفي الاسبوع القادم يزورها متسول عربي آخر هو محمود عباس.
من كان يظن أن "مبادرة السلام العربية" هي نهاية التنازلات العربية حيث قدمت تطبيع العلاقات بين الدول العربية وأسرائيل على طبق من ذهب بعد تصفية القضية الفلسطينية بحجة حلها، فهو مخطئ. التنازلات مستمرة. وقد استطاع نتنياهو أن يقنع أوباما بضرورة تقديم المزيد من التنازلات وخصوصا فيما يتعلق بقضية عودة اللاجئين. يجب توطين اللاجئين قبل التوصل الى اية تسوية وعلى الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية الدولة لسد اية ثغرات مستقبلية لعودتهم. زيارة عباس الاسبوع القادم تأتي في هذا السياق هدفها تقديم المزيد من التنازلات حتى يتسنى لأوباما القدوم الى القاهرة لكي يعلن مبادرته الجديدة للسلام التي تقوم على اساس "مبادرة السلام العربية" المعدلة.
في خضم مفاوضات أوسلو صرح الرئيس الفلسطيني السابق عرفات بعد زيارته للبيت الابيض انه قد وجد في البيت الابيض صديقا للشعب الفلسطيني هو بيل كلنتون. وكلنا يعرف ما فعله هذا الصديق لتصفية القضية الفلسطينية وتصفية الرئيس نفسه، فهل يجد محمود عباس صديقا جديدا للشعب الفلسطيني في البيت الابيض؟
الحلف الامريكي- الاسرائيلي – الرجعي العربي هو ليس شعارا أكل الدهر عليه وشرب من مخلفات مرحلة منقرضة، بل هو حقيقة راهنة، وعلى شعوب المنطقة أن تبقى متيقظة ومستعدة لمواجهته ودحره.

Wednesday, May 13, 2009

61 عاما على النكبة بين الشرعية واللاشرعية


العلاقة بين المطلق والنسبي هي علاقة جدلية في غاية التعقيد يحكمها قانون وحدة وصراع الاضداد. فعندما نقول:كل شيء نسبي فإننا نقول في الوقت نفسه: كل شي مطلق. هذا لا يعني فقط أن احدهما قد يتحول الى الآخر حسب الزمان والمكان واالظروف بل يعني أيضا أن المطلق موجود داخل النسبي والعكس هو صحيح وأن الفرق بين المطلق والنسبي هو في حد ذاته نسبي حسب كافة المعايير المنطقية.
العلاقة بين الهزيمة والانتصار تجسد هي أيضا قانون وحدة وصراع الاضداد. فكم من إنتصار يكون أسوأ من هزيمة، وكم من هزيمة تحمل في أحشائها بذور الانتصار؟ الهزيمة قد تكون أم الانتصار كما قد يكون الانتصار أب الهزيمة. قد يخوض المرء عدة معارك ويخسرها ولكنه يربح الحرب وقد يحدث عكس ذلك تماما.
أسوق هذه المقدمة النظرية لكي أدخل صلب الموضوع وهو مرة أخرى الذكرى ال61 لنكبة فلسطين. قبل أسبوعين قامت جماهيرنا بإحياء هذه الذكرى بمسيرة العودة الثانية عشر لقرية الكفرين المهجرة تحت شعار: "يوم إستقلالهم هو يوم نكبتنا" حيث كانت دولة إسرائيل في اليوم ذاته، تحتفل بيوم"إستقلالها" حسب التقويم العبري.
لا اريد هنا التطرق الى هذه المسيرة التي كانت حسب رأيي هزيلة من حيث التنظيم والمضمون، بل من أهزل مسيرات العودة حتى اليوم، إذ عبرت عن رايي هذا في حينه. لذلك إخترت التقويم الميلادي المتعارف عليه لتناول جوانب أخرى من هذه الذكرى تتجاهلها عادة مسيرات العودة التي لا تتجاوز عملية رد الفعل التي يوحي اليها شعارها الرئيسي.
في يوم الجمعة، الساعة الرابعة بعد الظهر في 14 ايار ن عام 1948 وقف دفيد بن غوريون في تل ابيب يتلو ما يسمى بوثيقة الاستقلال ويعلن قيام دولة إسرائيل. وكان ذلك عدة ساعات قبل إسدال الستار على الانتداب البريطاني المقررفي منتصف الليل من اليوم نفسه.
بعد مرور أكثر من قرن من قيام الحركة الصهيونية ( المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897) ومرور 61 عاما على تحول هذه الحركة الى دولة نستطيع أن نقيم، بما تسمح به مقالة صحفية قصيرة، هل حققت هذه الحركة – الدولة إنتصارا ساحقا (مطلقا) أم أن إنتصارها كان نسبيا؟ أم أنها هزمت او انها في طريقها الى الهزيمة في تحقيق أهدافها المعلنة؟ هل الشرعية الدولية التي حظيت بها هي شرعية حقا أم غير شرعية؟
مما لا شك فيه أن الحركة الصهيونية إستطاعت أن تحقق إنجازات هامة إستطاعت أن تغير وجه التاريخ في منطقتنا. يكفي أن نذكر هنا وعد بلفور الذي منحها حق الاستيطان في فلسطين بمساعدة دولة عظمى في حينه هي بريطانيا. ومن ثم الانتداب الصادر عن عصبة الامم الذي كان هدفه المعلن هو تنفيذ وعد بلفور وأخيرا قرار التقسيم الذي إتخذته الامم المتحدة.
إلا أن هذه الانجازات بالرغم من أهميتها وخطورتها فإنها لم ترتق الى درجة الانتصار المطلق. حيث بقيت الحركة الصهيونية حركة هامشية حتى بين اليهود أنفسهم الذين فضلوا الهجرة الى أوروبا وأمريكا وكانت الحركة الصهيونية بحاجة الى النازية وجرائمها وإستغلالها الى أقصى الحدود لكي تستطيع جلب أكبر عدد ممكن من يهود العالم الى فلسطين. وكل ما إستطاعت الحركة الصهيونية فعله بعد أكثر من قرن من نشاطها المكثف هو جلب حوالي ثلث يهود العالم. وهذا يعني من منظور تاريخي فشلا أكثر من أن يكون نجاحا إذا علمنا أن مبدأ الصهيونية الاول كان ولا يزال جلب كافة يهود العالم الى فلسطين.
بالاضافة الى ذلك فإن شرعية وعد بلفور وصك الانتداب وقرار التقسيم هي شرعية نسبية جدا قد تحولت الى ضدها بسبب الرفض الفلسطيني الشعبي لها، وهو صاحب القضية والقرار. وقد شعرت الدولة الوليدة بذلك، وتبين لها أن الشرعية الدولية التي حصلت عليها لا تساوي شيئا إذا لم تنل الشرعية العربية والفلسطينية. وهنا يجب أن نعترف أن دولة إسرائيل هنا أيضا حققت إنجازات كبيرة عملت على تغيير وجهة المنطقة. عندما صدر قرار التقسيم عام 1947 كان الحزب الشيوعي الاسرائيلي هو الحزب الوحيد الذي أعترف بشرعية الدولة وبسبب موقفه هذا أفلس جماهيريا ونبذ على الصعيدين الوطني والقومي ووجد نفسه في خندق واحد مع الاحزاب الصهيونية ومع المتعاونين معها من الفلسطينيين. ولكن لاحقا بدأ الشرخ يتسع خصوصا بعد حربي 1967 و1973. وجاء الاختراق الاكبر في إتفاقيات كامب ديفيد التي أخرجت أكبر دولة عربية وهي مصر من دائرة الصراع ومن ثم ضم الاردن في أعقاب إتفاقيات وادي عربة. إلا أن الاختراق الاخطر كان في إتفاقيات اوسلو حيث إنخرط قسم كبير من أصحاب القضية المباشرين في تسوية منحت الدولة العبرية شرعية تفوق كل ما تقدم. وشارك بها أحزاب وتنظيمات "قومية" و"وطنية" رفضت إتفاقيات أوسلو شكلا وقبلت بها روحا ونهجا وأخذت تنظر لدولة ثنائية القومية أو دولة جميع مواطنيها أو صيغ غامضة من الدولة الديموقراطية العلمانية. وأخيرا جاءت "مبادرة السلام العربية" لكي تقدم الشرعية على طبق من ذهب للدولة التي قامت على أسس لا شرعية حسب كل المعايير الدولية والانسانية والاخلاقية.
للوهلة الاولى يبدو وكأن دولة إسرائيل قد حققت حلمها الابدي بعد أن حصلت على الشرعية الدولية والعربية والفلسطينية.ولكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. فإن جميع هذه "الشرعيات" نسبية ومزيفة وهي في نهاية المطاف لاشرعية. فبعد اكثر من 30 سنة على توقيع معاهدة "السلام" بين اسرائيل ومصر ما زال الشعب المصري بكافة طبقاته الاجتماعية يرفض الاعتراف بهذه الدولة والتطبيع معها وعندما يزول النظام القائم سوف تزول "شرعيته" معه. كذلك الشعب الاردني وبعد أكثر من 15 سنة ما زال في غالبيته يرفض منح اي صبغة شرعية لدولة إسرائيل. أما على الساحة الفلسطينية، فأنه الى جانب نهج أوسلو التسووي ينمو ويترعرع نهج المقاومة الشعبية التي تعتبر إسرائيل كيانا غير شرعي.
الخلاصة هي أن الحركة الصهيونية ومن ثم دولة إسرائيل تحمل جرثومة فنائها في أحشائها وتحمل لاشرعيتها تحت ثوب شرعيتها المهترئ. لاشرعية إسرائيل لا تقوم على الجرائم التي إقترفتها في حق الشعب الفلسطيني منذ عام النكبة وحتى اليوم من تشريد وتدمير ونهب واستيطان وحسب بل تتعداها الى لاشرعية مبادئها المعلنة، حيث منحت نفسها،وبصورة غير شرعية، حق تمثيل يهود العالم، في الوقت الذي نبذ معظمهم مبادئها. الحركة الصهيونية التي إنبثقت عنها دولة إسرائيل هي في نهاية المطاف حركة سياسية مصيرها كباقي الحركات السياسية من صعود وهبوط، إزدهار وإضمحلال حتى الزوال.
ما نراه اليوم من سيطرة صهيونية على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي ليس أكثر من حالة طارئة، نسبية ومشروطة، تتحول امام نظارنا الى ضدها.

Tuesday, May 05, 2009

من يتابع لجنة المتابعة؟


تناقلت وسائل الاعلام المحلية من جرائد ومواقع انترنت وإذاعات الاسبوع الماضي نبأ "إنتخاب" رئيس جديد للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية. وبما أن المسألة غير شخصية فقد إخترت عدم التطرق الى الرئيس الجديد لا من قريب ولا من بعيد. كما تلاحظون، وضعت كلمة "انتخاب" بين هلالين صغيرين. بالطبع لم يكن ذلك من باب الصدفة. فمن لم يكتف بقراءة عنوان الخبر وقرأه كاملا لوجد انه لم يكن هناك لا انتخاب ولا يحزنون ولا حتى أي شكل من أشكال قد يوحي بالانتخابات المتعارف عليها. في الحقيقةلا أدري لماذا استعملت معظم الصحف هذه الكلمة، هل هو من باب السهو أم الخطأ أم العادة أم من باب التمنيات المكبوتة.
بالرغم من مساوئ الانتخابات خصوصا في بلادنا مثل الرشوات والكذب، الذي يسمى دعاية إنتخابية والفساد على الوانه واشكاله الا انها تحدد مسبقا ضرورة وجود مرشحين مختلفين وضرورة وجود جمهور يدلي بصوته وفي بعض الاحيان ضرورة وجود نقاش مستفيض وبرامج عمل، الخ. في حالتنا هذه لم يكن هناك أي غبار من هذا النوع.
ينص الخبر على أن سكرتارية لجنة المتابعة، بجميع مركباتها، عقدت جلسة خاصة وقررت بالاجماع التوجه الى السيد زيدان وتكليفه بهذه المهمة بعد تقليده لقب رئيس لجنة المتابعة العليا. تسربت بعض المعلومات التي تقول أن بعض مركبات اللجنة قد تغيب عن الجلسة وبعضها أبدى تحفظاته. ولكننا نحن كجمهور مثل الطرشان بالزفة لم نسمع لا رأي المتغيبين واسباب تغيبهم ولا أية تفاصيل عن المتحفظين وتحفظاتهم.
اصلا دعوني اتساءل: لماذا أقحمت وسائل الاعلام، على الطريقة الماسونية، عن ذكر أعضاء سكرتارية لجنة المتابعة الذين إجتمعوا ولماذا تسترت على اسماء الوفد الذي ارسل لمهمة التكليف؟
هل تم إنتخاب سكرتارية اللجنة كما تم إنتخاب رئيسها؟ أم هل تم تعيين أعضائها بشكل "توافقي"؟ وفي كلا الحالتين من الذي إنتخبهم ومن الذي عينهم عينهم؟ قد يزعم البعض أن الاحزاب والحركات السياسية هي التي إختارت مندوبيها في هذه اللجنة. بالرغم من عدم إنتمائي لأي حزب أو حركة سياسية إلا أن معلوماتي تؤكد انه لا يوجد هناك اية آلية حزبية أو حركية إنتخبت أو إختارت ممثليها للجنة المتابعة، كل ما في الامر يعود الى قرارات شخصية لبعض المتنفذين في هذه الاحزاب والحركات. والنتيجة تبقى واحدة: للجماهير العربية التي تدعي هذه اللجنة بتمثيلها لا ناقة ولا جمل بتركيبة أو عمل هذه اللجنة لا من بعيد ولا من قريب.
يروج البعض بضاعة فاسدة تقول: أن طريقة التوافق بادرة خير وتعبر عن موقف موحد ومسؤول وهي قادرة على الانتقال من موقف التحدي لسياسة التمييز الى موقف التصدي لها. أذا كان هناك من يصدق هذا الكلام فأنا أحسده على حسن نواياه وعلى طيبة قلبه.
رأيي أن هذا التوافق المزيف هو موقف جبان ولا خير يرجى منه. وأن الوحدة التي يتغنون بها ليست سوى قناع هش أضعف من بيت العنكبوت، ولم ترتق لجنة المتابعة في افضل اوقاتها الى درجة التحدي فكم بالاحرى الى مرحلة التصدي؟ لقد آن الاوان أن ننزل عن الشجرة العالية التي تسلقناها وأن نتخلص من شعاراتها الرنانة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
مما لا شك فيه أن أوضاع جماهيرنا مأساوي لا تختلف جذريا عن أوضاع باقي جماهير شعبنا في كافة أماكن تواجده وهي بحاجة الى قيادة حكيمة ومخلصة ومناضلة تقود نضالها من أجل الحرية على ارضها، تدافع عن حقوقها المشروعة وتتصدى للسياسات الاسرائيلية الغاشمة. ولكن هل من الممكن أن تكون لجنة المتابعة بتركيبتها الحالية وبطريقة إختيار مؤسساتها ورئيسها وبغياب أي أفق نضالى عن عملها مرشحة للإرتقاء بالعمل الجماهيري الى المستوى المطلوب؟ للقيام بالدور التي تنسبها الى نفسها؟
في البيان الذي أصدرته سكرتارية لجنة المتابعة لكي تبشرنا ب"إنتخاب" رئيس جديد لم تنس أن تذكر طبعا ضرورة "إعادة تنظيم وبناء لجنة المتابعة". هذا الشعار الذي تتمسك به بعض الاطراف المكونة للجنة منذ سنوات طويلة ولكنها لم تتقدم حتى الآن قيد انملة، يذكرني بشعار آخر يعاني منه باقي جماهير شعبنا الفلسطيني وهو شعار: "إعادة تنظيم وبناء منظمة التحرير الفلسطينية". إسألوا أي مقاول عمار فأنه يسديكم النصيحة التالية: إذا لم تستطع ترميم بيتك الايل الى السقوط فمن الافضل أن تهدمه وتبني بيتا جديدا على أسس راسخة متينة.