Thursday, August 25, 2016

السماسرة قادمون السماسرة قادمون



السماسرة قادمون السماسرة قادمون
علي زبيدات – سخنين

هل تؤمنون بطاقية الاخفاء؟ تلك الطاقية السحرية التي اذا وضعها احدكم على رأسه يصبح غير مرئي ويستطيع ان يذهب إلى احيث يشاء ويعمل ما يشاء؟ اغلب الظن انه لا احد منكم يؤمن بوجود مثل هذه الطاقية ويعتبرها خرافة قدا تصلح لأن تكون قصة ترويها جدة لاحفادها الصغار قبل أن يخلدوا للنوم. أما أنا، فبعد مظااهرة سخنين الاخيرة ضد السماسرة فقد بدأت أؤمن بوجود بمثل هذه الطاقية يعتمرها حصرا هؤلاء السماسرة الذين سببوا الرعب والفزع لاهل البلد من غير أن يلمحهم أحد. تعالت الهتافات في هذه المظاهرة ضد السماسرة داعية إلى مقاطعتهم بل الى طردهم من البلد التي يقومون ببيع ارضها وحرمان ابناءها من بناء بيت يأويهم. وقبل المظاهرة تتالت البيانات المنددة بالسماسرة من البلدية والمعارضة واللجنة الشعبية ورجال الدين ومن الحراك الجديد الذي يطلق على نفسه الحراك الشبابي حتى سببت الاختناقات في أزقة مواقع التواصل الاجتماعي وكل طرف يتهم الطرف الآخر بالتقاعس أو التواطؤ أو التورط. وعندما سألت احد المنظمين القياديين الذي تكلم بانفعال شديد لكافة وسائل الاعلام المتواجدة عن خطر السماسرة: أين هم هؤلاء السماسرة، اريد أن اتعرف على احدهم، هل تعرف من هم؟ هل تعرف اين يسكنون؟ ولماذا كلامك دائما في صيغة المبني للمجهول؟ فكان جوابه بكل بساطة: لا اعرف، وسألت آخر وآخرين ومن عدة اطراف ودائما اتلقى نفس الجواب: لا أعرف. وكررت على مسمع من يريد أن يسمع ما كتبته في اليوم السابق في احد مواقع التواصل الاجتماعي: أعطوني اعطوني معلومات اكيدة وموثوقة واسم سمسار واحد وانا سوف افضحه في كل مكان وفي كل زمان وسوف اتحمل مسؤولية عملي مهما كانت العواقب وخيمة. ولكني لم احصل على اسم واحد، وأمامي (لأني مشيت في آخر المظاهرة) تعالت الهتافات: بدنا نحكي عالمكشوف سماسرة ما بدنا نشوف. ومنذ تلك اللحظة بدأت أؤمن بان هولاء السماسرة الملاعين يلبسون طواقي الاخفاء.
بعد انتهاء المظاهرة عدت إلى البيت وقررت اولا أن اجري بحثا قصيرا في الشبكة العنكبوتية لعلي اتوصل إلى تعريف مقنع لما هي السمسرة ؟ومن هو السمسار؟ فوجدت كما هائلا من التعريفات: عرفت أن اصل الكلمة فارسي ولكنها تعربت منذ زمن طويل وكانت مستعملة حتى في زمن الجاهلية وفي زمن الرسول الذي، حسب بعض المصادر، لم يحربها بل تقبلها ونعت بعض سماسرة المدينة بالتجار. وكدت أقع في فخ علماء الدين والمفسرين الذين كالعادة يختلفون حول كل مسألة: فمنهم من اتاحها ومنهم من حرمها ومنهم تحفظ منها واعتبرها مكروهة. ولكن، لغويا على الاقل، وجدت بعض التوافق، فالسمسرة هي التوسط بين البائع والشاري لتسهيل الصفقات التجارية والسمسار بكل بساطة هو من يجعل من السمسرة مهنته. وبما انه في عالمنا الحديث كل شيء يباع ويشترى فقد استنتجت أننا في الحقيقة جميعنا سماسرة بشكل أو آخر، فبالاضافة لسمسارة الارض والعقارات المتعارف عليهما يوجد هناك سمسارة البورصة والتأمين والاسهم والسندات والشحن، واضيف من عندي: سمسارة الوطن والفكر والدين.
هكذا لن اتقدم خطوة واحدة. تبا لجميع التعريفات ولجميع القواميس، في وضعنا الراهن، كلنا يعرف ما المقصود بالسمسرة والسماسرة ولا حاجة لمزيد من الفذلكة والتفلسف.
يوجد هناك ستة أطراف التفاعل فيما بينها انتج ظاهرة السمسرة بالمعنى الذي نفهمه جميعنا: ١- وزارة البناء والاسكان. ٢- سلطة اراضي اسرائيل. ٣- البلدية. ٤- لجنة التنظيم والبناء. ٥- المواطنون. ٦- السماسرة.
الطرف الاول،الوزارة، هي المسؤولة عن رسم سياسة حل مشاكل السكن وقد اتحفتنا في السنوات الاخيرة بمصطلحات جديدة في هذا المجال غريبة عن مجتمعنا مثل"سعر للساكن"، "بناء مشبع" أي بناء يصل إلى ٧-٨ طبقات، "بناء ملتصق بالارض" مع تحديد لوحدات السكن على الدونم الواحد. والتي قد تلائم البناء في المدن اليهودية ولكنها لم تأخذ بعين الاعتبار البناء في المدن العربية. الطرف الثاني، سلطة الاراضي، هي التي تحدد مكان ومقدار الارض المعدة للبناء.وبالتعاون بين الطرفين يتم تنظيم مناقصات لتسويق قسائم البناء المعروضة. هذه المناقصات لا تتم الا بالتعاون مع الطرف الثالث، ألا وهو البلدية، لا تتم المناقصات بدون موافقة البلدية. جاء في موقع الوزارة ما يلي:”هناك تعاون وثيق مع سلطة الاراضي وبلدية سخنين في تسويق وتطوير الحي الجديد". بناء على هذا التعاون الذي شمل زيارات ولقاءات عديدة على مستوى رفيع بين ممثلي الاطراف الثلاثة تم تنظيم المناقصة الاولى لبناء ٢٠٩ وحدات سكن تم تسويق ١٣٥ منها. كان ذلك بتاريخ ١٩-٣-٢٠١٣. وقد فاز في هذه المناقصة : ٢٤ وحدة سكن لشركة ديكل التي يملكها رجل الاعمال بسام شواهنة من سخنين. ٣٥ وحدة سكن لشركة فكتور غريب من الناصرة. ٣٤ وحدة سكن لشركة شتيت وصاحبها يهودي مقره في نيشر. المجموع ٩٣ وحدة سكن. (هذه المعلومات من موقع وزارة البناء والاسكان). وهذه حسب شروط المناقصة من المفروض ان تكون ما يسمى "وحدات اشباع" أي طوابق، ولكنها خلافا للشروط تم بيعها كقسائم بعشرة اضعاف سعر شرائها على الاقل. كما يبدو كانت هناك مناقصات اخرى فاز بها مقاولون ،جمعيات أو مبادرون عرفت منهم جمعية لراجح غاليه، اخوان حنا، حسن سيد احمد ويوسف سيد احمد. لم اجد في المواقع الرسمية معلومات عن هذه المناقصات ولا ادري كيف تم تسويق هذه القسائم التي فازوا بها ولكن بما ان هؤلاء الاشخاص معروفين في البلد كان من المفروض على اللجنة الشعبية الاستفسار منهم مباشرة. حسب رأيي البلدية تعرف كل التفاصيل على الاقل من خلال الطرف الرابع المشارك الا وهو لجنة التنظيم والبناء والتي اصدرت ترخيصات لكل االعمارات التي بنيت، ليس فقط من خلال تواجد ممثل دائم للبلدية في اللجنة بل ايضا لان مهندس البلدية يجب أن يوقع على كافة الخرائط. لجنة التنظيم والبناء تلعب في هذه الحالة دور مبيض الاموال. يبقى لغز السمسار مقاري من كفر كنا، لم اجد اي معلومات في المواقع الرسمية او غير الرسمية كيف حصل على الفسائم في سخنين، منهم من يقول انه فاز بها هو الآخر في مناقصة، والبعض يقول بل اشتراها من الشركة اليهودية التي لم تواصل عملها، والبعض يقول تم تبديلها مع اراضي كان قد سمسر عليها في اماكن اخرى بدعم وتشجيع اوساط حكومية . ولكن من المؤكد انه يوجد هناك من يعرف التفاصيل ولا يريد او لا يجرؤ على كشفها. الطرف الاخير وهم المواطنون، ما عدا بعض المتمكنين، فقد خرجوا من المولد بلا حمص،
الخلاصة الجميع متورطون. اذا كانت البلدية تعلم ولم تتحرك كما يجب فهذه مصيبة واذا كانت لا تعلم فالمصيبة اكبر. المعارضة تتحمل المسؤولية تماما كالبلدية فهي تشارك في الاجتماعات ولها حق المساءلة، واصدار بيان هنا وبيان هناك وغالبا بعد ان تنفضح الامور لا يمنحها صك البراءة، خصوصا وان هذه المعارضة كانت في الماضي غير البعيد في السلطة وكانت متورطة بعدة فضائح تتعلق بالارض. واخيرا وليس آخرا، اقل ما يقال عن اللجنة الشعبية انها كانت حاضر غائب على الهامش أو "شاهد مشفش حاجة”.
اعتذر سلفا اذا كانت بعض المعلومات الواردة هنا غير دقيقة او خاطئة، ومجال التصحيح والاضافة مفتوح امام الجميع.
تكلمت ببعض الاسهاب عن الوضع في سخنين، ولكن اليست هذه الظاهرة مشتركة في معظم قرانا ومدننا مع بعض الاختلاف بالتفاصيل؟

Thursday, August 18, 2016

لماذا تخلى العرب عن فلسطين؟



لماذا تخلى العرب عن فلسطين؟
علي زبيدات – سخنين

قد يرفع بعض القراء حاجبه دهشة واستنكارا لمجرد طرح مثل هذا السؤال. غير معقول، من يقول مثل هذا الكلام الخطير والسخيف؟ اليست فلسطين هي قضية العرب الاولى؟ ألم تقاتل الدول العربية بغض المظر عن انظمتها دولة اسرائيل دفاعا عن فلسطين؟ ألم تعادي الشعوب العربية هذه الدولة الغاصبة بسبب ما جلبته من كوارث على فلسطين واهلها؟ مثل هذه الاسئلة الاستنكارية ان دلت على شيء فانها تدل على ان ما تستنكره قد وقع بالفعل.
سؤالي او تساؤلي لا يدور اصلا حول اذا ما تخلى العرب عن فلسطين أو لم يتخلوا فهذا الامر محسوم سلفا، ما احاول الاجابة عليه هنا: لماذا تخلى العرب عن فلسطين؟ فوجدت الاجابة سهلة جدا يستطيع كل واحد ان يتوصل اليها من غير عناء ويمكن تلخيصها حسب رأيي في سببين رئيسيين:
اولا: لان الفلسطينيين انفسهم تخلوا عن فلسطين.
ثانيا: لان الفلسطينيين تخلوا عن العرب.
مرة اخرى قد يصاب القارئ بالذهول والانكار. ومتى تخلى الفلسطينيون عن فلسطين وهم اكثر شعوب الارض تمسكا بوطنهم وبحقهم في العودة اليه؟ اليس مثل هذا الكلام مجرد افتراء لا يقبله المنطق؟ ولكن للاسف الشديد للحقيقة عدة وجوه وقد يخدعنا أحد وجوهها ويبهرنا إلى درجة عجزنا عن رؤية الصورة كاملة بكافة جوانبها. عند كتابة هذه السطور مر أمام بصري تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية كشريط سينمائي بدءا برفض قرار التقسيم والنتائج التي تمخضت عنها النكبة بكل ابعادها والتصميم على تحرير فلسطين كاملة من البحر الى النهر عن طريق حرب التحرير الشعبية طويلة الامدوالكفاح المسلح وحتى الوصول، بعد ربع قرن من النكبة، الى مرحلة مكانك قف ومن ثم إلى مرحلة خلفك در التي اعادتنا الى نقطة البداية بل الى ما قبل البداية وحتى تخلت الحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية وبشكل رسمي وامام العالم اجمع عن ٨٠٪ من فلسطين والان يجري التفاوض على ال٢٠٪ الباقية والتي لا احد يعلم كم سيبقى منها في نهاية المفاوضات والتوصل إلى" السلام العادل والثابت". لم يستمر البرنامج الوطني الفلسطيني الذي طالب بتحرير كامل التراب الفلسطيني لاكثر من تسع سنوات وبالتحديد من ١٩٦٥ (انطلاقة فتح) وحتى ١٩٧٤ (البرنامج المرحلي). ومن ثم جاءت مرحلة اقناع العالم باستعدادنا للتنازل والاكتفاء ب"تحرير جزء من فلسطين فقط لاقانة السلطة الوطنية عليها". امتدت هذه الفترة حوالي عشرين عاما حتى مفاوضات مدريد وأوسلو وتوجت بالتوقيع على اتفاقيات اوسلو التي نصت على الورق فقط على معادلة: ٨٠٪مقابل٢٠٪ ولكنها على ارض الواقع وبعد حوالي ربع قرن من التوقيع عليها ما زالت المعادلة ١٠٠٪مقابل صفر٪. بناء على ذلك فالسؤال الذي يطرحه العربي المتوسط: اذا تخلى الفلسطينيون عن فلسطين بهذا الشكل فلماذا اتمسك بها انا؟
وكيف تخلى الفلسطينيون عن العرب؟
منذ البداية، وضعت منظمة التحريرالحركة الفلسطينية نفسها، مع بعض التفاوت بين الفصائل، في سلة الانظمة العربية مقابل حفنة من الدولارات هنا أو الدعم السياسي مقابل السكوت هناك. الحركة الوطنية الفلسطينية التي كانت تطمح لان تكون طليعة حركات التحرر العربية سرعان ما وجدت نفسها جزءا لا يتجزأ من انظمة الاستبداد والرجعية العربية بحكم كونها عضو في جامعة الدول العربية وفي ممارساتها خارج الجامعة. في الوقت نفسه، قامت هذه الانظمة باستغلال فلسطين لتبرير جرائمها في حق شعوبها: مصادرة الحريات الاساسية للمواطنين لانها تضعف الدولة في حربها ضد العدو الصهيوني، القبول بالفقر والجوع والامراض لانه يجب حشد كافة الامكانيات للمعركة ضد العدو الصهيوني. وفي النهاية تبين انه لا يوجد حرب ولا معركة ضد العدو الصهيوني، على العكس من ذلك، يوجد هناك تحالف وانسجام سري أو علني وأن السياسة العربية مثلها مثل سياسة السلطة الفلسطينية هدفها الوحيد المحافظة على أمن اسرائيل ومن يتقاعس عن تأدية هذه المهمة او يحيد ولو قليلا عنها فانه يعرض نفسه لخطر السقوط. وهنا يتساءل العربي المتوسط مرة اخرى: اذا اختار الفلسطينيون جانب الانظمة العربية التي تقمعني يوميا فلماذا اقف إلى جانبها؟
العودة إلى برنامج التحرير بعد تصحيح المسار والابتعاد عن الانظمة القمعية والالتصاق بالجماهير العربية هو الضمان الوحيد لعودة هذه الجماهير لاحتضان قلسطين والكقيل باحداث تغيير جذري على صعيد العالم العربي.

Thursday, August 04, 2016

أين كرامة العامل الفلسطيني؟



أين كرامة العامل الفلسطيني؟
علي زبيدات – سخنين
اعتقالات، طرد، اهانات، ضرب، تعذيب، هذا هو اسلوب شرطة اسرائيل في تعاملها اليومي مع العمال الفلسطينيين. لم يعد هذا الاسلوب سرا، بل تتناقله وسائل الاعلام المحلية يوميا، الشرطة نفسها لا تنكره وتمارسه في وضح النهار، الحكومة لا تعترف به فحسب بل تبادر إلى سن القوانيين في الكنيست لتشريعه ايضا. بالمقابل لا يوجد هناك من يحرك ساكنا. لا اريد أن اتكلم هنا عن تقاعس سلطة اوسلو المعيب في الدقاع عن الحقوق الاساسية للعمال الفلسطينيين، فهذا موضوع قائم بذاته اتركه لاهلنا هناك، ولكني اريد الكلام عن تقاعس مؤسساتنا هنا في الداخل من لجنة المتابعة والاحزاب السياسية والنقابات العمالية التي تصمت صمت اهل القبور عن الممارسات الوحشية التي تقوم بها السلطات الاسرائيلية امام بصرها وسمعها، فتغلق اعينها كي لا ترى وتصم آذانها كي لا تسمع.
معظم العمال الفلسطينيين يعملون بدون تصاريح لذلك يعتبرون متسللين أو حسب المصطلح الرسمي المتداول: متواجدين غير شرعيين. ومن هذا المنطلق يعاملون منذ اللحظة الاولى على اعتبارهم مجرمين، خارجين عن القانون يجب ملاحقتهم ومعاقبتهم. يقوم هؤلاء العمال، خلال سعيهم وراء لقمة العيش، باجتياز الاسلاك الشائكة والجدار العازل في جو من الخوف والرعب خوفا من اكتشاف امرهم من قبل حرس الحدود وقوات الجيش والشرطة. وبسبب فرض العقوبات ايضا على اصحاب العمل والمقاولين وعلى من ينقلهم بسيارته أو من يؤجرهم سكن، نراهم يسكنون في الملاجئ والمخازن وفي الحقول والكروم تحت الاشجار، بفترشون الارض ويلتحفون السماء. وكأن هذه الظروف غير الانسانية لا تكفي فهم عرضة دائما للمداهمات من قبل رجال الشرطة الذين لا يعرفون سوى استعمال العنف والاهانات والاذلال. ولا اريد ان اضيف ان معاملتنا نحن، الذين نعتبر انفسنا جزء حي من الشعب الفلسطيني، لهم في كثير من الاحيان ومن الاماكن تزيد الطين بلة ولا تزيدنا شرفا بسبب نظرتنا الفوقية المتعالية التي تصل في بعض الاحيان إلى استعمال العنف والاهانات اسوة برجال الشرطة.
المأساة لا تنتهي عند العمال "غير الشرعيين" الذين يعملون بدون تصاريح. إذ ان ظروف العمال الذين يحملون التصاريح ليست افضل بل في كثير من الحالات أسوأ. تبدأ معاناة هؤلاء في ساعات الصباح الباكر حيث يتجمعون باعداد كبيرة عند الحواجز. يصل البعض في الساعة الثانية او الثالثة بعد منتصف الليل لكي يؤمن دوره لاجتياز الحاجز في الساعة السادسة صباحا. هذا ناهيك عن التفتيش المهين كل صباح. وكل عامل معرض لأن يعود ادراجه لاسباب تافهة يختلقها رجال الامن. غنى عن القول أن هولاء العمال يعملون باجور منخفضة جدا لا تصل في معظم الاحيان الحد الادنى من الاجور وبدون أي حقوق عمالية هذا بالاضافة لاستغلالهم من قبل سماسرة العمل ومحاولة تجنيد بعضهم لخدمة الاجهز الامنية.
في الاشهر الاخيرة، كثفت الشرطة ملاحقتها ومطاردتها للعمال الفلسطينيين من النقب في الجنوب حيث تمت مداهمة احد المصانع واعتقال العمال الفلسطينيين واغلاق سوبرماركت لانه شغل عاملا من الضفة بدون ترخيص، مرورا بالمثلث وحتى الجليل حيث تقوم الشرطة يوميا بالمداهمات والملاحقات.
ازاء هذا الوضع، تصريحات الادانة من هذا الطرف أو ذاك وفي اوقات متباعدة، لم تعد مجدية. اننا بحاجة إلى حراك شعبي ورسمي لحماية العمال الفلسطينيين، تماما كما اننا بحاجة إلى حراك شعبي ورسمي لحماية الاسرى السياسيين وعلى نفس الدرجة من الاهمية. أين دور الاحزاب التي ترفع على رايتها شعار يا عمال العالم اتحدوا والشعارات العمالية الاخرى؟ اين النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني؟ لماذا لم ننظم حتى اليوم مظاهرة واحدة أو حتى وقفة احتجاجية واحدة دافاعا عن العمال الفلسطينيين.
احاول في هذه المقالة العاجلة أن أدق ناقوس الخطر: الدفاع عن حقوق العمال من الضفة الغربية ورفع الحصار عن العمال في قطاع غزة هي قضية وطنية بالغة الاهمية. لقد آن الاوان لكي نرفع شعار: لن نسمح بامتهان كرامة العمال الفلسطينيين.