Wednesday, May 28, 2014

اخدم بلدك لا تخدم عدوك



اخدم بلدك لا تخدم عدوك
علي زبيدات – سخنين

سوف يعقد في مدينة سخنين في الاسبوع القادم ما يسمى ب" المؤتمر الوطني العام ضد كافة اشكال التجنيد". ومن أجل الاعداد لهذا المؤتمر أقيمت لجنة خاصة منبثقة عن لجنة مناهضة الخدمة المدنية المنبثقة بدورها عن لجنة المتابعة العليا أطلقت على نفسها "اللجنة التحضيرية" عقدت عدة اجتماعات كان آخرها اجتماع في الناصرة قبل اسبوع سيطر عليه التراشق الكلامي الحاد بين بعض مركبات هذه اللجنة (جبهة – تجمع).
قبل حوالي سنة وبالتحديد في ٨/٦/٢٠١٣ عقد في الناصرة مؤتمر آخر تحت عنوان: " المؤتمر الوطني لمناهضة الخدمة المدنية والعسكرية وكافة اشكال التجنيد". في اعقاب ذلك المؤتمر، كتبت مقالا راودتني فكرة إعادة نشره كاملا بدون زيادة كلمة واحدة للاجابة على السؤال: ما الجديد الذي يحمله المؤتمر الحالي في هذا الموضوع؟ وكان سؤالي حينذاك والذي لم انتظر عليه جوابا: لماذا كلما علا صراخنا ضد الخدمة المدنية وكلما اصبحت خطاباتنا أشد التهابا كلما ازداد عدد شبابنا وفتياتنا المنخرطين في الخدمة المدنية؟ تقول التقارير (ومن لديه تقارير اخرى فليبرزها): قبل عشر سنوات كان عدد المنخرطين في الخدمة المدنية لا يتجاوز المائة، وقبل ٨ سنوات اصبح عددهم ٢٤٠ وقبل ثلاث سنوات وصل العدد الى ١٢٥٦ خادما، ومع انبثاق لجنة مناهضة الخدمة المدنية عن لجنة المتابعة العليا ارتفع العدد خلال سنة واحدة ليصل عشية انعقاد المؤتمر العام في الناصرة قبل سنة إلى٢٧١١ خادما وها هو اليوم على اعتاب مؤتمر سخنين يتجاوز عددهم ٣٥٠٠ مع نية المؤسسات الحكومية الوصول حتى نهاية السنة إلى ٦٠٠٠ خادما مدنيا. ألم يكن من الافضل لو أغلق "ممثلوننا" أفواههم؟
الذين أعدوا وحضروا مؤتمر الناصرة قبل عام هم انفسهم الذين يحضرون مؤتمر سخنين اليوم، ربما بتعديلات طفيفة بالاشخاص وليس بالنهج. وهم انفسهم الذين سيلقون بخطاباتهم الملتهبة حول تفكيك هوية المجتمع الفلسطيني وتحويله الى طوائف متناحرة وضرورة التصدي للمخططات الحكومية من خلال وضع خطة عمل تشارك بها الاحزاب والسلطات المحلية، الخ. الخ.. هل سيقوم احدهم بتقييم ما فعلوه على الاقل في السنتين الاخيرتين؟ هل سيعترف أحدهم بالفشل؟ لا أظن هذا اذا لم يحولوه إلى نجاح باهر.
كان مؤتمر الناصرة في السنة الماضية بالاساس ردا على قانون "المساواة بتقاسم العبء" الذي قدمته الحكومة وصادقت عليه الكنيست. وقد فشل المؤتمر في مواجهة القانون حيث تضاعف تقريبا عدد المنخرطين بالخدمة المدنية. وجاء مؤتمر سخنين اليوم للرد على قانون خدمة الشباب المسيحيين حيث وصل عدد الشبان المسيحيين الذين تقدموا للخدمة في الجيش إلى ٣٠٠ خادم، وللخدمة الوطنية في مؤسسات اخرى الى ٤٢٩ خادم.
ينبع الفشل الاول من ان كل تحركاتنا تبقى محكومة بالفعل ورد الفعل. بل اكثر من ذلك: مواجهة فعل مخطط ومدروس برد فعل عفوي وعابر. لا يمكن مواجهة السياسة الحكومية بالخطابات، ليس على منبر الكنيست وليس في المؤتمرات. هل تستطيع زعاماتنا الراهنة أن تخترق هذه الدائرة المغلقة؟ بكل تأكيد لا. الخدمة المدنية تتم تحت يصر وسمع رؤساء البلديات ولمجالس المحلية، في المدارس والمؤسسات الاخرى التابعة لها. الخدمة المدنية الكبرى التي يقدمها اعضاء الكنيست العرب للدولة تفقدهم المصداقية في مناهضة الخدمة المدنية الصغرى.
الشرط الاول لنجاح أي حراك مناهض للخدمة المدنية هو رفع وصاية رؤساء السلطات المحلية واعضاء الكنيست عنه. يجب الكف عن عقد المؤتمرات التي تدعو لها لجنة المتابعة العليا ولجنة مناهضة الخدمة المدنية المنبثقة عنها والتي ترش عليها بعض البهارات بالحديث عن التعاون مع "الحملة الاهلية لمناهضة الخدمة المدنية". الحملة الاهلية أصلا لا يمكن أن تكون أهلية حقا إلا اذا هي بادرت بعقد هذه المؤتمرات، وبعدها تستطيع أن تقول بحذر شديد:"بالتعاون مع لجنة المتابعة ولجنة السلطات المحلية". الضريبة الكلامية حول دور الشباب بصفتهم الشريحة المستهدفة لا تكفي.
من أجل تقديم البديل لمخططات الخدمة المدنية الحكومية ينبغي القيام بدراسات عميقة حول احتياجات وميول الشباب، مثلا: لماذا معظم الملتحقين بالخدمة المدنية من الفتيات؟ ماذا نعرف عن ظروفهن الاجتماعية والاقتصادية؟ ولماذا نتركهن فريسة للمؤسسات الحكومية؟ قبل أن يقوم احد أعضاء الكنيست الاشاوس في أحد المؤتمرات ويقول: "يجب فرض حرمان الزواج على الفتيات اللاتي يقمن بالخدمة المدنية". لو قامت كل بلدية بخصم ١٠٪ من معاشات كبار موظفيها وخصصت المبلغ لدعم الفتيات لما احتجن للخدمة المدنية ولكان بالامكان توفير فرصة ومكان لخدمة مجتمعهن وبلدهن. هل يوجد هناك ولو سلطة محلية عربية واحدة تقدم منحة دراسية لطالبة محتاجة؟.
ايجاد بديل للخدمة المدنية الحكومية ليس مستحيلا، بل وليس على تلك الدرجة من الصعوبة. كل ما هو مطلوب أن يتنازل المؤتمرون عن بعض خطاباتهم وشعاراتهم فقط ويبدلوها بدراسات هادفة وبعض الخطوات العملية . لنبدأ بتغيير شعار المؤتمر الجامد والسلبي: "ارفض، لست خادما" الى شعار حي وايجابي: "اخدم بلدك، لا تخدم عدوك".

Wednesday, May 21, 2014

قضايانا ما بين الداخل والخارج



قضايانا ما بين الداخل والخارج
علي زبيدات – سخنين

عاتبني بعض الاصدقاء بأن معظم مقالاتي تتناول مواضيع بعيدة عن واقعنا المحلي وحياتنا اليومية، تتناول عادة مواضيع سياسية علي الصعيد الوطني العام او العربي أو حتى العالمي. وحتى اذا كتبت عن السياسة المحلية اخوض بها من حيث علاقتها بالسياسة الوطنية العامة مثل ذكرى يوم الارض، ذكرى النكبة، وقضايا التطبيع وغيرها. ويتابع المعاتبون عتابهم بان ذلك يأتي على حساب القضايا اليومية التي تواجها جماهيرنا وإن مقالاتي نوع من الهروب الى الامام جاءت لتغطي على غيابي عن الساحة المحلية. وقد ذكرتني احدى الصديقات بمقالة كتبتها قبل فترة حول النظافة في سخنين (وفي معظم القرى والمدن العربية) وقد اعجبها وصفي للوضع بأن مدينة سخنين قبل أن تكون محاصرة بمستوطنات المجلس الاقليمي مسغاف هي محاصرة باكوام الزبالة التي صنعناها نحن.
اعترف جزئيا بهذا العتاب ولا اجد حرجا من القول بهذه التهمة. طبعا لدي مبررات كثيرة ولكني لن اسردها جميعها هنا واكتفي بتبريرين: الاول، هو العلاقة المتينة والمتبادلة بين ما هو محلي وما هووطني (والعالمي) واولوية الوطني على الاقل في تقديري. والثاني، وهو الاهم أن الانتخابات المحلية قد افرزت ادارات جديدة ترحب بمن يتحالف معها ويكيل لها المدائح وتقصي كل من يتجرأ بانتقادها وخصوصا عندما يكون الانتقاد موجعا.
قضية النظافة قضية مهمة جدا واعود واكرر ما قلته سابقا: مشكلة النظافة في قرانا ومدننا هي قضية تربوية وثقافية قبل أن تكون قضية ميزانيات. وقضايا التربية والتقافة لا تتغير بين يوم وليلة. فإذا قال بن غوريون كما تروي الحكاية: سيكون أمن اسرائيل في خطر عندما ترى العرب يقفون بالدور قبل دخول الحافلة، اقول: سوف تصبح مدننا وقرانا نظيفة عندما يكف السائقون عن القاء محارم الورق وقناني البلاستك من شبابيك السيارات.
طبعا قضية النظافة ليست القضية الوحيدة التي تعاني منها مدننا وقرانا. اذا اخذنا مدينة سخنين كمثل ، وكل مواطن عربي يستطيع أن يقيس على هذا المثل، هل يستطيع أحد أن يقدم سببا مقنعا لماذا على العمل في مدخل البلد وعلى طول الشازع الرئيسي أن يستمر سنوات طويلة؟ هل هي مجرد ميزانية وتمييز؟ ام يوجد هناك اهمال وسوء ادارة ولامبالاة؟ مما لا شك فيه ان التمييز في الميزانيات هو سبب هام ووجيه، ولكنه لا يكفي إلا لكي يكون جدارا للاختباء خلفه. هذا الوضع بدوره له علاقة وثيقة بحوادث الطرق التي ما زلنا نتكلم عنها كقضاء وقدر.
قضية اخري تطفو على السطح من حين لآخر وتعود لكي يطويها النسيان هي قضية الهوائيات ومخاطرها على المواطنين. حتى الان لم اسمع بأية بلدية (ائتلاف ومعارضة) او احزاب سياسية أو ما يسمى بمنظمات مجتمع مدني وخصوصا تلك التي تهتم بالبيئة قامت بمعالجة هذه القضية بشكل جدي. كنت اتوقع ان تقوم جمعية الجليل التي تطلق على نفسها مركز الحقوق الصحية والعدل البيئي للجماهير العربية بتتبنى هذه القضية وعدم تركها في أيدي "اتحاد مدن جودة البيئة" شبه الحكومي.
هناك مواضيع محلية اخرى على درجة عالية من الاهمية والخطورة تعاني منها قرانا ومدننا بدون استثناء وكل موضوع بحاجة ليس فقط لمقالة صحفية بل لدراسات عميقة وموسعة اذكر بعضها بدون الخوض في تقاصيلها:
١) قضية "دفع الثمن". أي الاعتداءات التي يقوم بها أوباش الصهيونية بتواطؤ من الاجهزة الامنية. الاجتماع الذي شمل رجال الدين (من المسلمين والمسيحين) ومسؤول مشروع مدينة بلا عنف وغيرهم ليس سوى مهزلة. يجب أن تبحث هذه القضية على مستوى لجنة المتابعة والاحزاب السياسية، وحتى هذه اشك في مقدرتها على الرد الحاسم على هذه الاعتداءات.
٢) قضية توسيع مناطق النفوذ: الاساليب المتبعة: استجداء المجالس الاقليمية أو وزير الداخلية او تعيين لجان حدود، كلها اساليب اكل الدهر عليها وشرب وعقيمة. متى سوف تتحول هذه القضية الى قضية وطنية تماما كقضية الارض والعودة؟
٣) قضايا التهجير: عكا، رمية، النقب ، مصادرة الاراضي وهدم البيوت: تستحف جميع هذه القضايا الارتقاء بها الى اعلى المستويات.
وأخيرا، لكي لا اتهم ثانية بالهروب الى الامام اقترح العودة الى قضية النظافة ونبدأ بحملة شعبية تشمل جميع القرى والمدن العربية لتنظيف الحيز العام بأن يقوم كل واحد منا بالتقاط شيء من القاذورات من الشارع والالقاء بها في صندوق القمامة.

Wednesday, May 14, 2014

الانتخابات تليق بكم



الانتخابات تليق بكم
علي زبيدات – سخنين

من يقول أن قطار الحضارة الحديثة قد أقلع وترك العرب من وراءه؟ ومن الذي يدعي بأنهم لم يساهموا بشيء يذكر في التاريخ الحديث وانهم بحاجة الى الغرب ليعلموهم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان حتى ولو كان ثمن ذلك اعادة احتلال بلدانهم أو تدميرها؟ لقد قدم العالم العربي مؤخرا وفي الشهر المنصرم بالذات وسوف يقدم قريبا وفي الشهر القادم بالذات المزيد من براءات الاختراع والابداعات الفذة في مجالات الديمقراطية واساليب الحكم، ابداعات لم يحلم بها الغرب على مر العصور. فإذا كانت الانتخابات هي المظهر الاساسي للديمقراطية في العصر الراهن فإن ماقدمته النخب العربية من اختراعات وابداعات محفوظة الحقوق في هذا المجال لم يحلم به جون لوك وجان جاك روسو ومونتسكية مجتمعين.
لنبدأ بانتخابات الجزائر بلد المليون شهيد، بلد الثورة العربية الاولى التي دحرت الاستعمار الفرنسي. الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يربح الانتخابات الرئاسية لدورة رابعة بدون أن يحرك ساكنا. واقصد لم "يحرك ساكنا" بالمعنى الحرفي، فالرجل اصيب قبل عدة اشهر بجلطة دماغية اصابته بشلل جزئي، ولو اصابته بنوم عميق كما اصابت شارون لما تغيير من الواقع شيء. ادار حملته الانتخابية محمولا على كرسي متجرك يكاد لا يستطيع تجميع بعض الكلمات لتكوين جملة مفيدة واحدة، ادلى بصوته وهو مجرور على كرسي متحرك واقسم اليمين الدستوري وهو جالس على كرسي متحرك. ومع ذلك فاز باكثر من ٨٠٪ من الاصوات. اليس هذا ابداع ما بعده ابداع؟ يا لسخافة الرئيس الامريكي (وأظن رؤساء آخرين ايضا)الذي يجب ان يقدم تقريرا طبيا مفصلا عن حالته الصحية قبل ان يرشح نفسه للانتخابات. لا ننسى أن بوتفليقة تجاوز ال٧٧ من العمر وهذه الدورة الرئاسية الرابعة بالرغم من أن الدستور لا يسمح سوى بدورتين. لا يوجد مشكلة في تعديل الدستور كما سوف نراه في ابداعات عربية اخرى. ولا ننسى طبعا أن تاريخ بوتفليقة حافل بالفساد والاختلاسات.
في مصر سجل عبدالفتاح السيسي هو الاخر اختراع انتخابي مميز. فبعد أن اقصى الرئيس المنتخب في الانتخابات النزيهة الوحيدة التي جرت في مصر، واعلن عن جماعة الرئيس بانهم ارهابيون يجب ملاحقتهم في كل مكان واصدر عليهم احكام اعدام بالجملة، واصدر مرسوما بمنع المظاهرات مهما كانت غايتها ومهما كان منظمها لانها تعكر استقرار البلد وفي الوقت نفسه يدعي بانه مكمل الثورة المصرية التى عرفت اكبر المظاهرات في العالم الذي لم ينس الملايين في ميدان التحرير. حتى موسيليني لم يكن يحلم بسيناريو كهذا. في الشهر القادم سوف يفوز السيسي بنسبة تفوق النسبة التي حصل عليها زميله الجزائري.
في لبنان، الديمقراطية الطائفية تتفوق على نفسها. سمير جعجع المرشح الاوفر حظا هو مجرم حرب لا اكثر ولا اقل، حكم عليه بالسجن المؤبد وهو مكانه الطبيعي ولكنه حظي بالعفو من خلال لعبة طائفية قذرة. لم يحكم عليه بالسجن لانه قتل العديد من الفلسطينيين ومن الوطنيين اللبنانيينومعظمهم من المدنيين العزل بل لانه قتل بعض زملائة وحلفائه السابقين. تعرض مسرحية انتخاب الرئيس اللبناني الآن على منصة مسرح مجلس النواب اللبناني والتي تعرضها بالتقسيط حتى يكتمل النصاب القانوني. هذا النموذج الفريد من نوعه من الديمقراطية الطائفية في لبنان لا شبيه له في العالم، الا يستحق أن يسجل كاختراع ويكون محميا حسب قانون الملكية الفردية.
انتخابات الرئاسة في سوريا تستحق الجائزة الاولى في سباق براءات الاختراع في مجال الديمقراطية. ميزتها الاولى انها غير ضرورية وغير ملزمة. فالرئيس بشار الاسد يستطيع أن يبقى رئيسا طالما نظامه قائم لا يحاسبه احد. اصلا اصبح رئيسا بالوراثة وهذا بحد ذاته براءة اختراع. والدستور الحالى الذي يحدد عمر المرشح بأربعين عاما تم تعديله قبل ١٤ عاما لأن الرئيس في ذلك الوقت لم يتجاوز السن القانونية. اذن، انتخابات الرئاسة في سوريا هي من باب الرفاهية ومن باب المقاهرة والمكايدة للمؤامرة الكونية على هذا النظام الممانع. في الماضي كان يتم تمديد ولاية الرئيس عن طريق الاستفتاءات، كل سبع سنوات تقوم الاجهزة الامنية بتنظيم استفتاءات نموذجية يحصل الرئيس بموجبها ما بين ال٩٠ وال١٠٠٪. اليوم يريد العالم أن يرى انتخابات حرة ونزيهة؟ حسنا ما المشكلة. بدل المرشح الواحد خذوا ٢١ مرشحا، والا اقولكم: يكفي مرشحان آخرين. بشرط منع أي معارض جدي من خوض الانتخابات (حسب الدستور طبعا) الا ينص الدستور على أن يكون المرشح مقيما في سوريا عشر سنوات اقامة دائمة ومتصلة؟ وهذا الشرط لا يتوفر الا للذين يقبعون في السجون أو في القبور. وماذا بالنسبة للاجئين في المخيمات في الاردن وتركيا ولبنان والعراق وغيرها؟ لهم الله. وماذا بالنسبة للمواطنين في المناطق التي يسيطر عليها "الارهابيون"؟ حظ اوفر في الانتخابات القادمة. الا يوجد أحد من أنصار الرئيس بشار الاسد يهمس في اذنه:" سيادة الرئيس لا يوجد احد يعتب عليك فلماذا تجعلنا اضحوكة في أعين الكفار المتآمرين؟"
وأخير وليس آخرا، كلنا بانتظار الانتخابات الرئاسية الفلسطينية وما تحمله لنا من مفاجآت.

Wednesday, May 07, 2014

العودة ما بين الذكرى والذاكرة



العودة ما بين الذكرى والذاكرة
علي زبيدات – سخنين
تعودت في السنوات السابقة أن أكتب عن ذكرى النكبة بما يرافقها من قضايا حول حق العودة ومسيرة العودة قبل حلولها. لكني ظننت هذه السنة انه لم يعد لدي اية انتقادات جديدة ولم اكن راغبا في تكرار الانتقادات نفسها. ولكن بعد العودة من مسيرة لوبيا اقتنعت بانه لا يزال هناك ما يقال في هذا الموضوع. في البداية ولكي لا اتهم بالسلبية أؤكد انه لو شارك ضرير في المسيرة لرأى ببصيرته ولو شارك أصم لسمع بقلبه أن ذكرى النكبة حية وكأنها حدثت بالامس القريب وليس قبل ٦٦ عاما وأن الذاكرة الجمعية لجماهيرنا سليمة لم يعتريها أي خلل.
الذكرى حية والذاكرة سليمة ولكن العودة(ولا اقول حق العودة) للاسف ما زالت اسيرة ما بين الذكرى والذاكرة ومن حقنا أن نتساءل بعد مضي ٦٦ عاما: متى سوف تكسر العودة قيود الذكرى وتخرج من أسر الذاكرة وتسير على ارض الوطن في طرقات وشوارع لوبيا والقرى المهجرة الاخرى؟.
احد الاعذار المحبذة لدى القيادات السياسية من لجنة المتابعة مرورا بالاحزاب السياسية وحتى بعض الاوساط الشعبية: أن الجماهير ليست جاهزة بعد. هذا العذر تخرجه هذه القيادات من تحت قبعتها في مناسبات عديدة مثل يوم الارض، هبة القدس والاقصى وغيرها من المواجهات، وغالبا ما يعمل هذا العذر مفعوله ويحقق الغاية المنشودة من استعماله وهو الابقاء على العمل الجماهيري تحت السيطرة، لاخفاء الحقيقة أن القيادات هي غير الجاهزة وليست الجماهير. بعد مسيرة لوبيا هل ما زال هناك من يشك في جاهزية الجماهير؟ إذن لماذا ما زلنا نتكلم عن احياء الذكرى وعن حق العودة؟ ومتى سوف نبدأ بالكلام عن العودة ذاتها بدونمقدمات أو مجملات؟
مما لا شك فيه أن لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين بالاضافة الى عدد كبير من الحراكات الشبابية قد بذلت جهودا جبارة لانجاح مسيرة العودة وهم يستحقون كل الشكر والتقدير لذلك. ولكن يخطىء من يظن أن هذه الجهود هي السر وراء نجاح المسيرة، بل حيوية الذكرى وسلامة الذاكرة الشعبية هي التي ضمنت هذا النجاح .
نقاط الضعف الملازمة لمسيرات العودة لم تتغير: الخطابات: كلمة لجنة المتابعة، كلمة لجنة المهجرين، وهذه السنة اضافوا كلمة بائسة اخرى وهي كلمة ممثل ما تبقى من منظمة التحرير التي يهيمن عليها تجار حق العودة. أما نقطة الضعف الاولى حسب رأيي تبقى غياب الرؤيا، غياب الفكرة، المثل الاعلى، الابداع، الغاية. ما حصل في في لوبيا في نهاية الامر هو تبديد للطاقات الثورية، هو عملية امتصاص للغضب الشعبي. قد يقول البعض: هذه دعوة للمواجهات العنيفة، كلا، هذه فقط دعوة للعمل الهادف، للاصرار على تحقيق المطالب العادلة التي تكفلها كافة القيم الانسانية والقوانين الدولية. على الطرف الاخر، الغاصب، أن يخشى المواجهات العنيفة ويتحمل كافة عواقبها في حال وقوعها. هذا الطرف ليس انه ما زال ينكر النكبة ويتملص من تحمل مسؤوليتها فحسب بل يتجاهل ما يراه امام أعينه أيضا: فهذا موقع واللا وهومن اكبر المواقع الاخبارية في البلاد يقول بكل وقاحة بعد ان عكس الحقيقة: "سار بعض المئات من الفلسطينيين نحو انقاض القرية المدمرة في غابة ليفي بينما كان آلاف الاسرائيليين يحتفلون في الجانب الاخر من الغابة بعيد الاستقلال". اماموقع "يديعوت احرونوت" فقد اعترف بانهم كانوا بضعة الاف، بينما تجاهل موقع معاريف الحدث وكأنه لم يحصل مطلقا. فقط موقع هآرتس تحدث عن عشرات الالاف وذلك لأن مراسله الذي نقل الخبر فلسطيني.
على لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين أن تعيد النظر في شعارها الخاطىء: "يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا". هل حقا هذا اليوم هو يوم استقلالهم؟ هل خاضوا نضالا وطنيا تحرريا ضد مستعمر اجنبي ونالوا استقلالهم؟ أليسوا هم المستعمر الاجنبي؟ اليس من الاحرى ان نقول: "يوم احتلالهم هو يوم نكبتنا"؟ او أن نضع هذه الكلمة على الاقل بين هلالين مزدوجين؟
لقد اثبتت مسيرة العودة إلى لوبيا بما لا يترك مجالا للشك: لا خوفا من النسيان. ولكن ما الفائدة من الانتظار؟