Wednesday, July 25, 2012

لماذا نحن متخلفون

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010226 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010210
لماذا نحن متخلفون؟
علي زبيدات – سخنين

يظن البعض. وغالبيتهم ينتمون إلى الطبقة التي تعتبر نفسها مثقفة وواعية، أن الأنظمة العربية السياسية هي وحدها الفاسدة وهي وحدهاالتي تقف حجر عثرة في سبيل تطور وتقدم الشعوب العربية وتقف سدا منيعا أمام لحاقها بركب الحضارة. وبناء عليه يجب أن ترحل. حتى أصبح شعار المرحلة هو رحيل هذه الانظمة. ولكن على ضوء ما يجري في وطننا العربي بشكل عام وما يجري في القطر السوري بشكل خاص يؤكد أن الانظمة متخلفة ذلك لأن الشعوب العربية متخلفة. لم يعد هناك مجال لتملق الشعوب. الحقيقة المرة بكل بساطة، وقد آن الأوان لهذه الحقيقة أن تقال علي الملأ علانية: الشعوب العربية المتخلفة تنتج قيادة متخلفة. وبدورها القيادة المتخلفة تحافظ على شعوبها متخلفة. هناك علاقة جدلية لا تنفصم بين القيادة والجماهير، بين الانظمة والشعوب. لم يعد بالإمكان الهروب أو التهرب من هذه البديهية.
لطالما أوسعنا الانظمة العربية سبا وشتما، نعتناها بابشع الصفات ودمغناها باقبح السلبيات وبينا بالتفصيل الممل لماذا يجب عليها أن ترحل لكي تريحنا وتستريح. ولكننا ملأنا أفواهنا ماءا عندما وصلنا الى الشعوب، لأنه من الجريمة التي لا تغتفر أن توجه نقدك الى شعب بأكمله أو إلى شعوب بأكملها. ولكن حسب رأيي أصبح السكوت على هذا الوضع جريمة أبشع بما لا يقاس.
هل تعلمون أنه في القرن الواحد والعشرين ما زالت الأمية تضرب أطنابها في الوطن العربي من المحيط الى الخليج؟ وحسب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليسكو) تبلغ نسبة الامية من ٧٠ – ١٠٠ مليون عربي؟ وهذا حسب التعريف القديم للأمية أي عدم معرفة القراءة والكتابة ولكن هذه النسبة تتضاعف إذا اعتمدنا التعريف الحديث للأمية أي جهل لغة الحاسوب والتخنولوجيا. وهذه النسبة هي من اعلى النسب في العالم، أعلى حتى من البلدان الافريقية التي رزحت لقرون طويلة تحت نير الاستعمار الاجنبي. الأمية هي العدو رقم واحد للشعوب العربية. لا حرية مع الأمية. وكل نضال تحرري يتحول عاجلا أم آجلا الى أعمال قتل جماعي متبادل كما يحدث الان في سوريا.
المصيبة العظمى عندما يرافق الأمية تعطيل كامل للعقل، عندما تقمع أبسط أشكال حرية الفكر والنقد، عندما يتم اغتيال الابداع عند العالم والكاتب والفنان والمفكر كما يحدث في عالمنا العربي. لن يجدينا فتيلا الوقوف والبكاء على أطلال القرن التاسع عندما كانت أوربا تتلفع بظلمات القرون الوسطى ونرفل نحن بأنوار الحضارة. نحن الان في القرن الواحد والعشرين ونكاد لا نرى أصابعنا من شدة الظلمات التي تحيط بنا.
كيف خرجت أوروبا من ظلماتها؟ كان هناك عصر سموه عصر النهضة نادى بالتطور والتحديث وترك التقاليد القديمة وكسر القيود التي كبلت العقل واستعماله. كانت هناك حركة عنيدة تحدت سلطة الكنيسة ورجال الدين. ومن ثم جاء عصر التنوير الذي شهد ثورة علمية في الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك، تلتها الاختراعات في كافة المجالات. كانت هناك ثورة ثقافية أبطالها عمانوئيل كانت وفولتير وروسو وجون لوك وغيرهم الكثيرون. كانت هناك ثورة صناعية سرعان ما القت بالنظام الاقطاعي الى مزبلة التاريخ. وفي النهاية جاءت الثورات السياسية مستلهمة كل ما سبقها من ثورات.
ولكن عالمنا العربي وصل الى الثورات السياسية من غير أن تسبقها ثورات فكرية، ثقافية، علمية أو صناعية. كان العالم العربي في حالة ركود لم يعرف التاريخ مثيلا لها استمرت أكثر من عشرة قرون. فهل من الغريب أن تكون النتيجة عمليات قتل همجية تسمى مجازا ثورات؟.
متى سوف نبدأ في استخدام العقل؟ استخدام العقل ليس بالضرورة نقيضا للإيمان وللإعتقاد الديني. ولكن من يستطيع أن يطمئن أحزاب الاسلام السياسي؟ لقد حاول بعض المفكرين المسلمين ذلك أمثال الطهطاوي ومحمد عبدو والافغاني ولطفي السيد وغيرهم كثيرون ومن ثم تلاهم جيل آخر أمثال نصر حامد ابو زيد والجابري ومحد اركون وغيرهم. ولكن جميع هؤلاء قد فشلوا في ايقاظ العقل العربي من سباته، ربما لأنه ليس في حالة سبات عادية بل في حالة شلل كامل أو موت سريري. وهو بحاجة الى علاج عن طريق الصدمة. وأظن أنه يجب في هذه المرحلة التاريخية التركيز على الشعوب العربية وليس على انظمتها. ولنبدأ بشن حرب لا هوادة فيها على الأمية بكافة مسمياتها وكافة أشكالها و مستوياتها وبجميع أماكن تواجدها.

Wednesday, July 18, 2012

أولا هدم ومن ثم بناء

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010337 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010321
أولا هدم ومن ثم إعادة بناء
علي زبيدات – سخنين

أذكر أنني في سنوات الثمانين والتسعين كنت مشاغبا سياسيا أكثر من اليوم. وكنت زبونا كثير التردد على أحد القضاة العرب الذين خرجوا إلى التقاعد في محكمة الصلح في عكا. وفي إحدى المرات قال القاضي موجها كلامه لي: لقد آن الأوان أن تبدأ بالبناء وتكف عن الهدم. فأجبت بدون أن يطلب مني أحد الكلام: في كثير من الحالات يجب أن تهدم أولا ومن ثم تبني. وقد كلفتني وقاحتي هذه عقابا مضاعفا.
طبعا لست أنا من اخترع نظرية ضرورة الهدم أولا حتى تصبح عملية البناء مجدية وناجحة. تصوروا أن يبني أحدهم عمارة ضخمة مؤلفة من عدة طوابق على بيت قديم تكاد أسسه لا تحمله. وقد يكون للبيت القديم قيمة معنوية كبيرة بالنسبة لصاحبه. ولكن إذا أراد أن يبني بيتا جديدا بمواصفات متطورة تسد حاجاته المتقدمة فلا مناص أمامه سوى التضحية بهذه القيمة المعنوية.
زفت لنا وسائل الاعلام المحلية مؤخرا خبر اقرار لجنة المتابعة بالاجماع وبعد مشورات طويلة ومضنية مشروع اعادة بنائها. ويشمل هذا المشروع اقامة سبع لجان منبثقة عن لجنة المتابعة وتستثنى لجنة متابعة التعليم العربي لأنها ما زالت مسألة خلافية بين الاحزاب المختلفة من جهة وبين لجنة المتابعة واللجنة القطرية للمجالس المحلية العربية من جهة أخرى. وأقرت عقد مؤتمرها الوطني ومن بعده تنتقل لجنة المتابعة من دور التنسيق بين والاحزاب والسلطات المحلية الى موقع القيادة الوطنية الموحدة للجماهير العربية والتمثيلية أمام موسسات الدولة والمؤسسات الدولية.
مما لا شك فيه أن جماهيرنا العربية التي هي جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني بحاجة ماسة إلى هيأة قيادية وطنية و تمثيلية. أي بحاجة إلى بناء قوي وصامد وحديث. والسؤال الذي يطرج نفسه هنا: كيف يمكن أن تبني بناء متينا كهذا من غير أن تهدم الجدران المهترئة والسطح الآيل الى السقوط المتواجدة في صلبه؟
سوف تقوم سبع لجان. سبع لجان بدون أسنان.أي حبر على ورق. هل تتدكرون المثل الذي يقول: اذا اردت أن تقبر أمرا فشكل له لجنة. رئيس اللجنة سيبقى بالتوافق هو هو. أعضاء اللجنة سيبقون كما خلقوا: ممثلي أحزاب وأعضاء كنيست ورؤساء سلطات محلية. حتى لو تقرر في المستقبل (حتى الان لا يوجد اتفاق) انتخاب رئيس اللجنة واعضائها فهل سيغير هذا من الصورة شيئا؟ لا اظن ذلك. فكلنا يعرف ان الانتخابات في هذه البلاد هي مدرسة للفساد والرشوات والمصالح الشخصية أصف الى ذلك في مجتمعنا هي وصفة اكيدة لتأجيج النزاعات العائلية والطائفية.
إعادة البناء: هي كلمة جميلة قد تخدع أوساطا واسعة. وقد جربها شعبنا في كافة اماكن تواجده ولسنوات طويلة حتى اصبحت كلمة سحرية يرددها اليساري واليميني والقومي والاسلامي والاشتراكي. أقصد بها "إعادة بناء" منظمة التحرير الفلسطينية.
المطلوب: هدم ثم هدم ثم هدم ثم بناء. كلمة "إعادة" تصبح مجازا. البناء الجديد هو جديد بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.
أنا شخصيا أؤمن بأن اللجنة الوحيدة التي تستحق قيادة وتمثيل الجماهير هي اللجنة التي تنبثق من رحم نضال هذه الجماهير. من خلال العمل الثوري الذي يهدف إلى تحرير الجماهير. مثل هذه اللجنة ليست بحاجة الى شرعية توافقية ولا شرعية انتخابية فاسدة، تكفيها شرعيتها الثورية.

Wednesday, July 11, 2012

المؤسسات الوطنية أولا

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009781 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009765
المؤسسات الوطنية أولا
علي زبيدات – سخنين
تناقلت الصحف والمواقع الاخبارية العربية الاسبوع الماضي خبر وقوع شرخ بين لجنة المتابعة أو بالاحرى بعض مركباتها الاساسية وبين اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية على خلفية توصيات لجنة بلسنر بخصوص الخدمة المدنية للشباب العرب وعلى خلفية البيان الصادر عن اللجنة القطرية بهذا الخصوص والبيانات المضادة من قبل عدة أطراف تستظل تحت مظلة المتابعة. ومع اختلاط الحابل بالنابل في هذه المسألة نسي كافة الاطراف المثل الشعبي القائل: كلنا بالهوا سوا.
أولا يجب التأكيد على الحقيقة التالية: أن فشل السياسة الحكومية في فرض الخدمة المدنية بكافة أشكالها وتسمياتها يعود من حيث الاساس الى شعور الشباب العرب بالنفور والاشمئزاز الطبيعي والعفوي ليس فقط للخدمة المدنية بل أيضا وبالأساس للدولة التي تقف وراءها. من الناحية النفسية والعاطفية والاخلاقية لا يستطيع الشاب العربي الطبيعي أن يتماهى مع مثل هذه المشاريع الاسرائيلية التي تذكره في كل لحظة بالنكبة وعواقبها التي تلاحقة حتى اليوم.
اذن، ليست لجنة المتابعة ولا اللجنة القطرية ولا لجنة مناهضة الخدمة المدنية ولا الاحزاب السياسية أو ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني من الجمعيات الممولة اسرائيليا أو غربيا هي التي أفشلت مخططات الخدمة المدنية. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن الاجحاف بحق ودور الافراد والمؤسسات المناهضة لهذه الخدمة.
قلت في السابق وأكررها هنا أن الذي يعترف بدولة اسرائيل وينصهر بمؤسساتها حتى النخاع وفي الوقت نفسه يدعو الى مناهضة الخدمة المدنية لا بد انه يعيش في تناقض وصراع داخلي، هذا في أحسن الحالات ولكنه قد يكون محترفا للنفاق والرقص في عرسين واللعب على أوتار السلطة وأوتار الوطنية في وقت واحد.
مثلا، النائب مسعود غنايم يصرح وكأنه اكتشف أمريكا من جديد: “ليس الهدف من الخدمة المدنية المساواة انما ضمان الولاء للدولة". اليست الخدمة في الكنيست الاسرائيلي مشروطة بالولاء للدولة؟ ولماذا مسموح لك ولباقي اعضاء الكنيست العرب "الوطنيين" أن يقسموا يمين الولاء للدولة ويحرم ذلك على المواطن العادي؟ ألستم قدوة لهذا المواطن؟وأليست مصداقيتكم على المحك؟
بيان اللجنة القطرية يصر على رفض الخدمة المدنية أسوة بباقي المؤسسات، ولكن لماذا لا نسميها خدمة أهلية أو مجتمعية؟ ولماذا تكون تحت مظلة وزارة الأمن الداخلي ولا تنتقل الى وزارة الصحة أو وزارة الرفاه والخدمات الاجتماعية أو وزارة المعارف؟ ولماذا لا يتم تعميمها ومأسستها من خلال السلطات المحلية؟ وكأن الوزارات المذكورة ليست جزء من الحكومة أو وزراء هذه الوزارات أقل عنصرية من الوزراء الآخرين، وكأنه لا تربط السلطات المحلية العربية أيه صلة بالسلطة المركزية. حقا انها فوضى خلاقة.
وكعادته سارع الدكتور أسعد غانم للتنطير لهذه الفوضى الخلاقة في مقال نشرته صحيفة كل العرب بعنوان:”نعم للخدمة المجتمعية الالزامية ولا لتهريج المنصات والاذاعات". وبعد أن ينفي عن نفسه مسبقا أن يكون مؤيدا للخدمة المدنية بعد أن استبدلها بالخدمة المجتمعية طالب بجعلها مشروعا وطنيا ينفذ من خلال السلطات المحلية، ولضمان الإلزام فلا مانع من سن قانون عام. خلاصة التنظير هو تحويل الخدمة المدنية من مشروع حكومي هدفه طمس الهوية الفلسطينية الوطنية عند الشباب العرب إلى مشروع وطني لخدمة المجتمع العربي. قد يكون هذا كلاما جميلا لو كان لدينا مؤسسات وطنية حقيقية مستقلة تماما عن الدولة.
الخلاصة هي أن القضية ليست خدمة مدنية أو مجتمعية، ليست وزارة الامن الداخلي أو الرفاه الاجتماعي، ليست السلطة المركزية أو السلطة المحلية، بل القضية : هل هي مؤسسات وطنية مستقلة أم مؤسسات حكومية. ومن هنا تنبع وتتفرع كافة المسائل.
من أجل خدمة المجتمع الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الاسرائيلي لا بديل عن بناء مؤسساتنا الوطنية المستقلة في كافة المجالات.

Saturday, July 07, 2012

هذا هو العرس الفلسطيني

 
هذا هو العرس الفلسطيني
علي زبيدات – سخنين

قصتان الأولى منهما من نسج الخيال ولكنها لو حدثت بالفعل لكانت شديدة الواقعية الى درجة اللامعقول والاخرى حقيقية ولكن من شدة واقعيتها تبدو أغرب وأبعد من الخيال. القصة الاولى: استير (اسم مستعار) فتاة يهودية فارسية تسكن مع عائلتها افتراضيا في مدينة طهران. استير، وهي فتاة جميلة ورقيقة، احبت شابا يهوديا من بلد آخر ولتفترض انه كان اسرائيليا او امريكيا أو من أي بلد آخر لا يهم. وقد اتفق الحبيبان على الزواح ومن اجل ذلك طلبت القتاة من السلطات الايرانية أن تسمح لحبيبها القدوم الى طهران لكي يتم عقد الزواج ويبدأ الحبيبان حياتهنما الزوجية بشكل طبيعي. الا ان السلطات التي تمثل محور الشر في العالم ويحكمها ملالي ظلاميين رفضت طلبها جملة وتفصيلا. ولم تعط السلطات أي سبب لرفضها هذا البيسط سوى كون الفتاة يهودية. وطلبت الفتاة ان يسمح لها علـــــى الاقل بالسفر الى حبيبها للعيش معه في بلده من غير أن تفقد حقها بوطنها. ولكن السلطات هددتها مرة اخرى بانها سوف تكون سفرة من غير رجعة ولن يسمح لها ابدا برؤية عائلتها. تسرب هذا الخبر وتناقلته وسائل الاعلام العالمية. في هذه الاثناء كان الرئيس الامريكي أوباما يلقي خطابا هاما في الكونغرس فقطع خطابه ليهاجم النظام الايراني الذي يفمع الحريات الشخصية وينتهك ابسط حقوق الانسان وهو حرية استبر وحقها في اختيار زوجها والعيش معه في بلدها. اما هيلاري كلنتون التي كانت تلقي خطابا في الامم المتحدة فقد قطعت هي الاخرى خطابها لكي تنعت النظام الايراني بابشع الصفات. اما المستشارة الالمانية ميركل فقد طالبت المجتمع الدولي بفرض المزيد من العقوبات على النظام الايراني وطالبت يعقد جلسة خاصة لمجلس الامن لاتخاذ قرار دولي لقرض العقوبات كما صرح كل من الرئيس الفرنسي المنتخب حديثا ورئيس الوزراء البريطاني بدعم موقف ميركل وطالبا الاتحاد الاوروبي باتخاذ موقف حاسم لادانة النظام الايراني ونصرة الفتاة أما رئيس الوزراء الاسرائيلي فقد أكد على ضوء هذه الحادثة المذكورة ضرورة شن حرب ابادة ضد ايران. وهكذا اصبحت أستير بين ليلة وضحاها سوبر ستار ورمزا للحرية.
واليكم القصة الثانية الحقيقية التي اصبحت ابعد من كل خيال:
دينا(الاسم حقيقي وليس مستعارا) فتاة فلسطينية كتب عليها أن تحمل الجنسية الاسرائيلية مثلها مثل باقي ابناء شعبها الذين لم يرحلوا في عام النكبة تسكن في مدينة سخنين. أحبت شابا فلسطينيا يسكن في غزة. بعد فترة قررا الزواج وهنا فتح عليهما صندوق باندورا على مصراعيه. لا تستطيع دينا حتى أن تطلب من السلطات الاسرائيلية أن تتيح للشاب الذي احبته الدخول الى البلاد لعقد زواجها. فقانون الجنسية الاسراىئيلي الدي يسميه الفلسطينيون قانون لم الشمل والذي كان من الاحرى أن يسموه قانون تفريق الشمل. واذا ما حاولت السفر الى غزة لتحقيق حلمها هناك فعليها أن تنسى بلدها سخنين. وقد توجه والدها الى جمعية حقوق المواطن في اسرائيل وسأل: ماذا تستطيع الجمعية أن نعمل لمساعدة دينا؟ وكان الجواب قصيرا وجافا: لا شيء. كل ما يمكن عمله هو تسجيل حالتها لكي تنضم الى آلاف الحالات الاخري وتصبح رقما للاحصاء.
لم يتسرب خبر زواج دينا لوسائل الاعلام العالمية ولم يسمع بها أوباما ولا كلنتون أو ميركل. وبالتالي لم تصبح دينا سوبر ستار أو رمزا لأي شيء. ولكن دينا لم تستسلم. لم تقبل أن تحدد لها دولة اسرائيل من يكون شريك حياتها. قررت الزواج ممن اختاره قلبها مهما كانت الظروف. تحدت ولكنها دفعت الثمن. تزوجت شرعا وسوف تعيش بعض الوقت خارج بلدها. مساء الغد سوف تكون سهرة زفافها. وزعت الدعوات بنفسها على خلفية صورة لناجي العلي مكتوب عليها عائدون وأضافت عليها: ستبقى سخنين بلدي.
هذه قصة حقيقية لأن دينا هي ابنتي وما سردته هنا ليس سوى النزر القليل من التفاصيل. الحقيقة الكاملة تجعل منها قصة من الخيال.
غدا في السهرة سوف تمتزج الزعازيد ببالآهات. ودموع الفرح بدموع الحزن. سوف تخبئ أعاني الطرب بين طياتها الحانا حزينة وسوف تكون خبطة الاقدام في الدبكة خبطة تحدي وغضب. ولكنها ستكون سهرة مميزة.
هذا هر العرس الذي لا ينتهي
في ساحة لا تنتهي
هدا هو العرس الفلسطيني
لا يصل الحبيب الى الحبيب
الا شهيدا او شريدا
كان بودي ان ادعوكم جميعا الى سهرة دينا ولكن عتدما تقرأون هذه السطور تكون السهرة قد انتهت.