Wednesday, November 26, 2014

العنف من اجل القضاء على العنف

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011114 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011098
العنف من أجل القضاء على العنف
علي زبيدات – سخنين
بمناسبة "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة" امتلأت وسائل الاعلام المحلية والعالمية باشكالها المكتوبة، المرئية ، المسموعة والالكترونية بالاخبار والتقارير والنشاطات من اجل مناهضة، محاربة، مكافحة، القضاء على العنف ضد النساء في العالم. في هذه المناسبة اتفقت كافة التنظيمات والمؤسسات، الحكومية وغير الحكومية، النسوية وغير النسوية على ضرورة محاربة هذا العنف االمستشري في كافة انحاء العالم متخطيا الحدود الجغراقية والاجتماعية والسياسية. بالرغم من كل ذلك وحسب كافة التقارير الصادرة عن الجهات المختصة ابتداء بمؤسسات الامم المتحدة وحتى الحركات النسوية المحلية تؤكد تفاقم هذه الظاهرة الحظيرة.
لست هنا بصدد الخوض في سرد تفاصيل هذه التقارير وتكرار ما تحتوية من احصائيات ومعلومات وحقائق حول العنف الموجه ضد النساء في العالم، يكفي أن اذكر هنا ان إمرأة واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض للعنف في حياتها وهذا يعني أن ملايين النساء تتعرضن يوميا للاغتصاب، للاعتداء، للضرب، للاهانة في البيت والمدرسة والشارع واماكن العمل، في أيام السلم وفي ايام الحرب، في البلدان المتطورة وفي البلدان المتخلفة، من كافة الشعوب والطوائف والاديان. زد على ذلك، في عالمني العربي ومن ضمنه الفلسطيني، تتعرض النساء لاشكال خاصة من العنف مثل القتل على خلفية شرف العالئلة، ختان البنات، الارغام على الزواج وزواج القاصرات، التحرش الجنسي الذي يصل في بعض البلدان الى نسبة عالية تكاد لا تنجو منها إمرأة واحدة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: اذا كان الجميع حقا ضد هذا العنف ويدعون الى محاربته فلماذا إذن يزداد تغولا وانتشارا؟ هناك اسباب عديدة لهذه الحالة المزرية والتي لا يمكن حصرها ومعالحتها في مقالة صحفية واحدة. لذلك سوف اقتصر على ما اظنه الاساس في هذا المجال:
أولا، حسب رأيي، الجهة التي تولد العنف ضد النساء هي نفسها الجهة التي تولد العنف ضد الطبقات والفئات والشرائح المضطهدة والمستغلة ومهضومة الحقوق. وهي الدولة بكافة اجهزتها القمعية من جيش وشرطة وسجون وبيرقراطية وبنوك ومؤسسات سياسية واجتماعية وثقافية والتي تشكل جزءا من النظام الرأسمالي العالمي. هذا النظام الذي يدعي الدفاع عن حقوق المسضتعفين ويسن القوانين على الصعيد العالمي والمحلي ويدعي الدفاع غن حقوق الانسان هو في الحقيقة المسؤول الاول عن العنف ضد المرأة وضد باقي المستضعفين في الارض. لذلك ينبغي التعامل معه كعدو وليس كصديق. هذا النظام الرأسمالي العالمي هو المسؤول الاول عن الحروب والمجاعات والامراض في العالم، وهذه الامور بدورها هي المنتج الاول للعنف. لا يعقل مثلا أن تصدر الامم المتحدة قرارا للقضاء على العنف ضد النساء وفي الوقت نفسه تقوم مؤسساتها الاخرى باصدار قرارت لتصدير الحروب للبلدان الفقيرة حتى تتيح للدول المتطورة اقتصاديا تصدير الاسلحة التي تعود عليها بالارباح الفاحشة. وتقوم مؤسساتها الاخرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بدفع ملايين الفقراء الى حافة المجاعة. لا يمكن أن ينحقق القضاء على العنف ضد النساء بدون القضاء على هذا النظام العالمي المتوحش. سفراء النوايا الحسنة من نجوم سينما وتلفزيون وعارضات ازياء، بالرغم من كل نواياهم الحسنة على الصعيد الفردي، لا تهدف سوى ذر الرماد في العيون.
النقظة الثانية والتي قد تثير غضب بعض الحركات النسوية يدور حول تصورهن لدور الضحية يالذات وفي موضوعنا هذا النساء اللاتي يتعرضن للعنف: هل الاكتفاء بتنظيم النشاطات السلمية لتسكين الاوجاع؟ اصدار المنشورات، وادانة تهاون السلطات وشجب تهرب الزعامات من تحمل المسؤولية؟ أم اخذ زمام المبادرة وشن عنف ثوري مضاد ضد العنف الرجعي الموحد من قبل السلطة وعكاكيزها؟. ولكي اتجنب الانزلاق في العموميات ساقتصر الكلام عن وضع المرأة الفلسطينية بشكل عام وفي المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ بشكل خاص: اكتفت معظم الحركات النسوية في هذه المناسبة بتعميم تقارير ونشرات سبق نشرها، خالية من أي جديد أو تجديد. بعضها يعتبر حل مشكلة العنف في يد السلطة عموما والشرطة بشكل خاص، وشاركت في جلسة "لجنة مكانة المرأة في الكنيست". وقي حالة ارتكاب جريمة قتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة تتوجه لاعضاء الكنيست العرب والاحزاب العربية والوجهاء الدينيين لبتحملوا المسؤولية متناسية طبيعتهم الشوفينية الذكروية التي هي احد اسباب هذا العنف.
مع الاحترام لكل الرموز السلمية واللاعنفية من غاندي إلى مارتن لوثر كينغ إلى نلسون مانديلا وغيرهم فإن التاريخ يثبت بانه لا يمكن القضاء على العنف الرجعي الا بالعنف الثوري المضاد. المرأة الفلسطينية المنخرطة في العمل الوطني هي أقوى النساء على مواجهة العنف المجتمهي ضدها، وهي قادرة اكثر من غيرها على مواجهة عنف الرجل مهما كان مقربا لها. العنف الثوري في مواجهة ضد العنف الرجعي مهما كان مصدره هو عنف تحرري يعيد الشعور الانساني للشخص الذي يمارسه ويفجر بداخله شعور الخلق والابداع والانطلاق. الدعوة الى رفض جارف للعنف هي دعوة مشبوهة ومن يقف ضد عنف المظلوم في دفاعه عن حريته وعن انسانيته يقف في الحقيقة مع العنف الرجعي مهما لبس من اقنعة واستعمل من تبريرات. نعم، أنا ادعو النساء المعنفات للجوء إلى العنف الثوري دفاعا عن انسانيتهن.

Wednesday, November 19, 2014

ملعون من يعيدها للنوم

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012415 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012399
ملعون من يعيدها للنوم
علي زبيدات – سخنين
ما حدث في قرية ابو سنان مؤخرا أضاء ضوءا احمرا عند الجميع: لجنة متابعة، احزاب سياسية، مؤسسات مدنية، جمعيات اهلية، وجهاء، شخصيات دينية ومدنية. لم يبق احد إلا وعبر عن دهشته وجزعه واستنكاره لما حدث. اتفق الجميع، وبشكل استثنائي، على ان ما حدث هو فتنة. والفتنة كما هو معروف أشد من القتل لذلك تهافتوا إلى اطلاق النداءات والشعارات الداعية الى إطفاء فتيل الفتنة، اخماد واحتواء الفتنة، وأد الفتنة في مهدها. ودعوا الى التعقل واصلاح ذات البين وتهدئة الخواطر واعادة المياه إلى مجاريها واعتماد لغة الحوار والتسامح ورص الصفوف والوحدة من اجل انقاذ البلد الواحد، البيت الواحد الذي يأوي الجميع. ورددوا بصوت واحد: الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها.ولكنهم لم يشيروا إلى موقظها وبقي مجهول الهوية، ربما استيقظت لوحدها بعد ان نالت قسطها من النوم، وربما لم تستيقظ أصلا وتعاني من اضطراب يجعلها تمشي أثناء نومها.
لست أنا من ايقظ الفتنة، ويا ليتني استطيع ذلك وليلعني الله والناس اجمعين. لم ولن اغني للفتنة او اقص عليها القصص حتى تعود وتغط في نومها لتريحنا وتستريح، من جهتي، لتبق مستيقظة لانه في هذه الحالة فقط يمكن محاربتها والقضاء عليها مرة واحدة وللأبد.
الفتنة في ابو سنان اسمها الطائفية وقد يكون الخوض بها الان كدخول حقل الغام محفوف بالمخاطر ولكن لا مناص من ذلك. وهي ليست من صنع ابو سنان. قبل عدة سنوات رفعت رأسها في الناصرة وفي المغار والرامة وظهر شبحها في سخنين وعكا وحيفا وغيرها من القرى والمدن العربية. لقد آن الاوان أن ننادي الاشياء باسمائها. التعامي عنها لا يعني انها لم تعد موجودة ودفن الوجوه بالرمال يعمينا عن رؤيتها ولكنه لا يجعلها تختفي أو تزول. الطائفية موجودة وتملأ ارضنا وفضاءنا. والطائفية لا تعني أن ينتمي الشخص الى طائفته وأن يفتخر بها، يخدمها ويدافع عنها، الطائفية تعني ان ينظر هذا الشخص إلى العالم من خرم ابرة طائفته، تعني خوفه الوهمي من الآخر، من الطوائف الاخرى، تعني التقوقع داخل جدران الطائفة. الطائفية تعني تقديم مصالح الطائفة على مصالح الوطن. الطائفية تعني أن يكون الانتماء الى الطائفة اقوى من الانتماء إلى الوطن. المعادلة التي امامنا والتي كشفتها احداث ابو سنان بسيطة وواضحة: كلما تقهقر المد الوطني كلما طغى المد الطائفي. لا أظن اني اظلم احدا اذا قلت: ان الذين يذرفون الدموع اليوم على ما يجري في ابو سنان وينادون بعودة الطائفية الى سباتها هم الذين خلقوا الطائفية عن وعي أو عن غير وعي. الانتخابات المحلية، خصوصا في البلدات التي تسكنها عدة طوائف، هي مصنع للطائفية ينزلق الى مستنقعها ليس فقط القوائم العائلية بل الاحزاب التي تتغنى بالدين وبالقومية والاشتراكية ايضا. انتخابات الكنيست هي الاخرى مصنع للطائفية، احزاب عريقة تحدد مرشحيها بناء على اعتبارات طائفية والجميع يعرف ذلك. الحركات والمؤسسات الدينية هي الاخرى تشكل دفيئات خصبة لنمو الطائفية. الفشل في توحيد كافة الطوائف الفلسطينية حول برنامج وطني تحرري هو السبب الرئيسي في ترعرع الطائفية وفلتانها من عقالها.
طبعا الدولة تستفيد من الطائفية ولذلك تعمل على تغذيتها ورعايتها ولكنها ليست المسبب الرئيسي لها. وعلينا أن نكف عن التنصل من المسؤولية وتحميلها للغير. لقد نجحت الدولة الى حد كبير بالاستفراد بالطائفة الدرزية مستخدمة اسطورة "حلف الدم" الذي يربط بين العصابات الكولونيالية وجزء أصيل من سكان البلد، التي التقت باسطورة اخترعها الوصوليون من داخل الطائفة الدرزية حول الاخلاص للدولة من منطلق وقوف الدروز مع "الحيط الواقف" ضاربين بذلك تاريخ الدروز النضالي ضد الاستعمار الاجنبي المشهود له بعرض الحائط. وها هي الدولة تحقق نجاحات في الاستفراد بالبدو وتشدد الحملة لسلخ الطوائف المسيحية عن شعبها، هذا ناهيك عن مئات بل الاف المتطوعين في اذرع الدولة الامنية من الطائفة الاسلامية. المصيبة اننا امام هذا الواقع المظلم قد رفعنا الراية البيضاء. ففرحنا باقامة لجنة السلطات العربية التي تستثني البلدات الدرزية والبدوية التي اقامت بدورها منتدى السلطات الدرزية ومنتدى السلطات البدوية وكأن كل من السلطة المحلية في سخنين وبير المكسور وبيت جن قادمة من كوكب آخر. متى كانت هناك محاولة جدية واحدة لتوحيد السلطات المحلية العربية على اساس وطني وليس على اساس طائفي؟
ليكن واضحا ومما لا يقبل الجدل أن كل شخص يخدم في اذرع الدولة الامنية من جيش وشرطة وحرس الحدود ومخابرات، طوعا أو الزاما، هو جزء لا يتجزأ من آلة القهر الصهيونية بغض النظر عن الطائفة التي ينتمي اليها. وعلى جميع الطوائف ان تتكاتف وتتعاون لتكنيس هذه الشوائب من ساحاتها. في بعض الحالات الوضع على غاية الصعوبة والتعفيد كما هو في الطائفة الدرزية ولكن في هذه الحالات بالذات تتطلب بل تحتم تكثيف الجهود. يجب الوقوف قلبا وقالبا مع الرافضين لسياسة سلخهم عن شعبهم ويحاربون التجنيد الاجباري. التراجع عن هذا الموضوع في السنوات الاخيرة صب في مصلحة الطائفية وسياسة فرق تسد التي تمارسها الدولة. مناهضة التجنيد الاجباري وتصعيد النضال ضده يقع على عاتق الجميع وليس على عاتق الشبان الدروز الذين يتعرضون للضغوطات والعقوبات فقط.
لقد استيقظت الفتنة الطائفية وكشفت عن وجهها البشع فلا تحاولوا حملها برفق واعادتها الى سريرها الدافىء لانها سوف تستيقظ من جديد. يجب اراهقها ومنعها من النوم حتى ينهار قواها ويتم تكنسيها الى مزبلة التاريخ.

Wednesday, November 12, 2014

تحديات العودة إلى نقطة البداية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011200 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011184
تحديات العودة إلى نقطة البداية
علي زبيدات – سخنين
على عكس ما تناقلته وسائل الاعلام العربية وردود مؤسسات المجتمع المدني والحركات والاحزاب السياسية واعضاء الكنيست العرب الذين هاجموا (أو انتقدوا كلاميا على الاقل) تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو الاخيرة (وغيره من المسؤولين: ليبرمان، بنيت، اهرونوفيتش)، ارى نفسي في موقف "الدفاع "عن هذا الرجل وزمرته وعن تصريحاتهم. قبل الانقضاض علي واتهامي بالعمالة والخيانة سأحاول تبرير موقفي هذا.
ماذا قال رئيس الحكومة الاسرائيلية؟: أن العرب في إسرائيل يستفيدون من الجنسية الاسرائيلية وفي الوقت نفسه يحولون مدننا إلى ساحات من الشغب والعنف. وقال بكل بساطة للذين يتظاهرون ضد الدولة ويطالبون بدولة فلسطينية: انتقلوا إلى غزة أو الى مناطق السلطة الفلسطينية ولن يعترض احد طريقكم. وهدد بسحب الجنسية الاسرائيلية من كل من تسول له نفسه الاعتراض على يهودية الدولة، هذا بالاضافة الى تصعيد العقوبات على "المخربين" وذويهم بهدم بيوتهم وتدفيع الاهل الغرامات وتشديد القبضة الحديدية وزيادة قوات الامن من جيش وحرس حدود ومخابرات وشرطة. وبالتالي يقول لكم ايضا، لكي لا نظلم الرجل، انكم مواطنون متساوون في دولة قانون لكم حقوق وعليكم واجبات وواجبكم الاول هو احترام القانون الاسرائيلي واطاعته. ومن لا يقبل بهذا المفهوم فما عليه إلا لملمة اغراضه والرحيل.
هل هذا هو سبب زعلكم وخيبة املكم؟ وماذا كنتم تتوقعون منه؟ أن يقدم الاعتذار عن عمليات الاعدام التي تطال الفلسطيني يغض النظر عن مكان سكناه وعما اقترفه؟ هل توقعتم ان يعترف بالغبن التاريخي الحاصل ويقول لنفتح صفحة جديدة من الحياة المشتركة؟. على الاقل رئيس الحكومة بتصريحاته هذه لم يكذب، على عكس تصريحاته الاخرى المعروفة بالكذب. في هذه المرة انتم الذين تكذبون، على انفسكم اولا وعلينا ثانيا. طبعا انا اتفهم زعلكم وخيبة املكم، فبعد سنوات عديدة من المحاولات لتحديد العلاقة بين "الاقلية القومية" العربية التي تمثلونها وبين الدولة اليهودية الديمفراطية أو الديمقراطية اليهودية، بعد التصور المستقبلي ووثيقة حيفا والدستور الديمقراطي وشعارات التعايش اليهودي-العربي ونضالكم البرلماني في الكنيست الذي افتخر به نتنياهو أمام الكونغرس الامريكي، بعد هذا كله تقول لنا: من لا يعجبه هذا فليذهب إلى غزة؟ أكيد شعور صعب.
اعدام الشهيد خيرالدين حمدان بدم بارد ومن قبله الشهيد ابراهيم العكاري ومعتز حجازي وعشرات الشهداء لم يكن خطأ ولا صدفة بل هي سياسة منهجية ومدروسة. ومن نسي فليتذكر ما حدث في عام ١٩٨٤ لمختطفي حافلة خط ٣٠٠ الذين تمت تصفية اثنين منهم بدم بارد بعد أن قبض عليهما احياء. أولا يكذبون وعندما تنفضح الكذبة تبدأ سلسلة طويلة من التبريرات والتلفيقات ومساندة المجرمين والتغطية عليهم من قبل رئيس الحكومة ورئيس الدولة والقضاء وفي النهاية يخرج المجرمين ابرياء كما تخرج الشعرة من العجين. هذا السيناريو يتجدد ويتكرر على الدوام يكفي أن نذكر هنا الشهداء الثلاثة عشر الذين سقطوا في اكتوبر سنة ٢٠٠٠ ومنذ ذلك الوقت سقوط٤٨ شهيدا آخرا قتلوا بدم بارد لأن الشرطة قررت أن قتلهم أهون من اعتقالهم. طبعا هذا بدون ان نذكر الاف الشهداء الذين سقطوا في حروب اسرائيل "الدفاعية".
أعادت تصريحات نتنياهو وباقي المسؤولين في حكومته الصراع في المنطقة الى خانته الاولى والى مساره الصحيح: صراع وجود وليس صراع حدود. كان بودي ان ارى هذه التصريحات تتحقق بحذافيرها: ليتم سحب الجنسية الاسرائيلية من كل فلسطيني لا يقبل بهذه الدولة كدولة يهودية. وليكن هناك استفتاء شعبي بمراقبة دولية لمعرفة اذا كان الفلسطينيون يقبلون بالدولة اليهودية أم لا. سحب الجنسية الاسرائيلية سوف يكشف عن الجنسية الحقيقية، الجنسية الفلسطينية. نعم، سوف نذهب الى غزة وإلى الضفة الغربية عندما يستطيع أهل غزة والضفة القدوم الى هنا، عندما نعود لنكون شعبا واحدا بدون تجزئة، بدون تمزيق وبدون تشريد. شعب واحد يتنقل في أرجاء وطن واحد. ومن لا يعجبه ذلك فليرحل من حيث أتى ولن يعترض طريقه أحدا. ومن يبقى هنا فعلى الرحب والسعة، سوف يتمتع بالجنسية الفلسطينية بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى: لن يتم اغتياله بدم بارد، واذا حدث ذلك سينال الفاعل عقابه الصارم، لن يهدم بيته، لن يغرم أهله ولن يكون عرضة للتمييز والعنصرية والقمع، واذا ما احتج على غبن لحق به لن يدمغ بالارهاب.
أثبتت التصريحات الاخيرة للطبقة الحاكمة في اسرائيل، لكل من يساوره أي شك، أن المشروع الصهيوني لم يتغير بينما اثبت رد الزعامات الفلسطينية والعربية أن مشروع التحرير هو الذي تغير. اليوم يقف الشعب الفلسطيني امام فرصة تاريخية للعودة إلى مشروع التحرير الوطني والانساني.

Wednesday, November 05, 2014

يسألونك عن الكفاح

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012332 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012316
يسألونك عن الكفاح
علي زبيدات – سخنين
يوجد على الساحة الفلسطينية عدد كبير من الاحزاب والتنظيمات والحركات السياسية ولكن كما يبدو هذا العدد غير كاف. فقد بشرنا بمؤخرا بولادة حركة جديدة تطلق على نفسها: "كفاح -الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني" (لاحظوا أل التعريف). مبدئيا، لست ضد قيام حركات سياسية جديدة، فكل من يجد في نفسه القدرة على اقامة حزب أو تنظيم أو حركة جديدة فليتفضل، فنحن ننادي بالتعددية وحرية التعبير والتنظيم، اليس كذلك؟ كل ما اعرفه عن نفسي بانني لا ولن اتفق مع هذه الاحزاب والتنظيمات والحركات وبالتالي لن اكون عضوا في أي منها جديدة كانت أم قديمة . ولكن ما يهم الوطن ما اعرفه أنا عن نفسي؟ ما يهم الوطن انه يوجد دائما سوق رائجة لمثل هذه الحركات. طبعا يحق لكل حزب أو حركة ان تطلق على نفسها الاسم الذي يعجبها، على عكس المولود الذي يفرض عليه اسمه عند ولادته، لذلك عادة ما تكون الاسماء جمبلة وفخمة تشمل الوطن من ادناه إلى اقصاه. الحركة الجديدة "كفاح" لا تشذ عن هذه القاعدة خصوصا وان من بين مؤسسيها واعضائها اشخاص لا اشك بتفانيهم باخلاصهم للقضية وقد افنيت مع بعضهم سنوات داخل السجن وخارحه. فالقضية ليست شخصية بتاتا وكلامي هنا لن يتطرق لا من قريب ولا من بعيد لأية امور على المستوى الشخصي.
بالرغم من ان كلمة "كفاح" كلمة عربية اصيلة تحمل معانى عميقة وسامية الا انها تثير نفوري ربما لشدة حساسيتي لكتاب هتلر المعروف "كفاحي" ذلمك مع يقيني الفاطع بأنه لا علاقة مهما كان نوعها على الاطلاق تربط بين الاسميين. بداية يجب ان اعترف بان كل معلوماتي عن الحركة الجديدة مستقاة من وسائل الاعلام المحلية التي قامت بتغطية مؤتمرها التأسيسي الذي عقد مؤخرا في الناصرة وخصوصا من المقابلات التي اجريت مع بعض المؤسسين في هذا السياق. هذا بالرغم من تجاهل كافة الاحزاب السياسية الفاعلة على الساحة كل من منطلقه. بالطبع سمعت عن التحضيرات لهذه الحركة ولكن من بعيد. لم اشارك في اي نقاش حولها ولم يطلب احد مني ذلك ربما لأن معظم من يعرفني يعرف بأني غير ملائم بتاتا للالتزام الحزبي.
جاءت الحركة الجديدة، على لسان مؤسسيها، لكي تلبي" حاجة وضرورة على الساحة الفلسطينية ولتغيير قواعد اللعبة". ولكن من كل ما قرأته لم اجد شيئا يشرح هذه الحاجة وهذه الضرورة ولم المس اي تغيير في قواعد اللعبة كما لم اجد هناك أية قواعدجديدة. هذا لا يعني انه لا يوجد هناك حاجة وضورورة لحركة سياسية جديدة. هل بقي احد لا يقول ويردد عن ظهر قلب بأننا جزء حي من الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده؟ وما هي قواعد اللعبة التي تغيرت؟ مقاطعة انتخابات الكنيست؟ وهل هذه فكرة جديدة اكتشفها محمد ميعاري بعد ٣٠ سنة من "الكفاح البرلماني"؟ ام التغيير جاء بالموقف المؤيد للنظام السوري؟ مع ان العديدين من اعضاء التجمع ايدوا النظام السوري من غير ان ينشقوا عن حزبهم المعارض اسوة بالحزب الشيوعي وابناء البلد وحتى بعد المؤيدين للحركة الاسلامية؟. صرح احد القياديين ان حركة كفاح جاءت لتصحيح بعض المسيرات للحركة الوطنية. وآخر قال ان الحركة جاءت لملئ الفراغ الذي تركته الحركة الوطنية في بعض المواضيع. هل هي تصحيح لمسيرات الحركة الوطنية السابقة ام تصحيح لمسيراتهم هم انفسهم؟ وهل لملئ الفراغ الذي كانوا جزءا منه لفترة طويلة؟. ويضيف احد القياديين:" ان حركة كفاح هي الحركة الفلسطينية الوحيدة المفتوحة امام جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والشتات ولكنه سرعان ما ينسى ذلك ويعرف كفاح بأنها "حركة فلسطينية وطنية للاقلية العربية الفلسطينية الاصلانية المتبقية في الداخل الفلسطيني". وينسى الشعار المعلق خلفه على الجدار: "كفاح – الحركة الوطنية في الداخل الفلسطيني". الحركة التي جاءت تصحح المسار وتملأ الفراغ وتغيير قواعد اللعبة تستعمل المصطلحات الممجوجة نفسها: اقلية فلسطينية عربية اصلانية، الداخل الفلسطيني...هذه المصطلحات التي حاربتها شخصيا منذ سنوات وما من مستمع: أقلية تعني ان هناك اغلبية فمن هي هذه الاغلبية ايها الحريصون على الثوابت؟ هل اجاوب عنكم؟ الافلية تعني الاعتراف ليس فقط بالحدود القائمة بل ايضا بتجزئة الشعب الفلسطيني ولن يغير كل صراخكم عن الشعب الواحد وعن الامتداد العربي. هل تعلمون ان الاحصائيات الاسرائيلية الرسمية تعترف بأن الفلسطينيين اصبحوا يشكلون الاغلبية بين النهر والبحر؟ بينما نصر نحن على كوننا اقلية. وما هذا الغباء في استعمال مصطلحات بدون تفكير لان احدهم روجها لغاية في نفسه؟ ماذا يعني الداخل الفلسطيني؟ هل القدس هي خارج فلسطيني؟ ام الخليل ونابلس وغزة؟ هل من الصعب ان تستوعبوا ان كل فلسطين هي داخل وما عداها هو خارج؟
آسف ايها الاخوة والرفاق: برقية تضامن من عبدالحكيم عبدالناصر وحمدين صباحي وليلى خالد وابراهيم علوش وعطالله حنا وصورة جمال عبدالناصر على الحائط والعلم الفلسطيني على المنصة لا تكفي لكي تتوج "كفاح" بلقب "الحركة الوطنية في الداخل" فقد سبقكم كما تعلمون علم اليقين إلى ذلك غيركم واليوم تتهمونهم بالانحراف. هناك العديد من المواقف التي تستحق نقاشا خاصا وشاملا ولكن يضيق المجال للخوض بها هنا وسوف تطرح نفسها مستقبلا. وأخيرا لن اقول: لكم كفاحكم ولي كفاحي لأنني لن اتحمل كل هذه الحساسية، ولكن لنفترق على فلسطين واحدة للجميع.