Wednesday, May 27, 2015

وطن في مهب الريح



وطن في مهب الريح
علي زبيدات – سخنين

تطل علينا من فترة لاخرى مبادرات جديدة لحل الصراع العربي – الاسرائيلي واحلال السلام الذي طال انتظاره في المنطقة. عادة ما تكون مثل هذه المبادرات جديدة بالاسم فقط وربما ببعض المساحيق والاقنعة التي تكاد لا تخفي شيئا أيضا. فبعد حلول الدولتين لشعبين باشكالها المختلفة، بكل وجوهها المتشابهة والمتباينة والمتقاطعة والمشتركة والتي اتفق انصارها مؤخرا على انها اصبحت مستحيلة التطبيق، وبعد موجة حلول الدولة الواحدة التي اتفق انصارها ومعارضوها، كل من منطلقه على انها مستحيلة التطبيق على الاقل في المستقبل المنظور، تطل علينا المبادرة الجديدة بفستانها القشيب تحت عنوان: "دولتان وطن واحد".
ما زلنا نلتقط انفاسنا ونجفف عرقنا من جراء مطاردتنا للمبادرة السابقة أو من جراء مطاردتها لنا، تلك المبادرة التي عرفت باسم "مبادرة جنيف" والتي اكد مطلقوها من الطرفين في حينه بانها سوف تدخل كل بيت اسرائيلي وكل بيت فلسطيني وتشق طريقها نحو تحقيق الهدف المنشود وهو تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. في السنوات الاخيرة خفت صوت المبادرين لهذه المبادرة ربما لان الاموال التي خصصت لها قد نضبت بعد أن تم تقاسمها فيما بينهم.
يبدو انه يوجد هناك ممول أو ممولون جدد (ليس من العسير اقتفاء اثرهم، ولكن لا رغبة لدي الان للقيام بهذه المهمة) ويبدو انهم وجدوا خيولا جديدة لتخوض السباق مما شجعهم للاعلان عن عقد مؤتمر تأسيسي لانطلاقة هذه المبادرة التي سوف توحد اليمين الاسرائيلي مع اليسار الاسرائيلي وتوحد اليمين الفلسطيني مع اليسار الفلسطيني. فمن الذي يجرؤ على رفض" الوطن الواحد"؟
هذه المبادرة كما سبق وقلت ليست جديدة كل الجدة. فقد مرت في عدة مراحل حتى اتخذت شكلها النهائي حتى على صعيد الشعار. كانت في البداية: ارض إسرائيل/ فلسطين ودولتان، يبدو ان هذا الاسم حساس وفي الوقت نفسه منفر لكلا الطرفين، فتمت الاستعاضة عنه ب"دولتين في حيز واحد". ولكن المصطلح "حيز" غير متداول عند الفلسطينيين وغير جذاب، اما مصطلح وطن، ووطن واحد فسوف ينتشر بالتأكيد مثل النار بالهشيم، خصوصا بين الاوساط اليسارية المولعة في حب الوطن.
للمعلومات فقط، (يستطيع كل شخص التوصل لهذه المعلومات واكثر منها بواسطة بحث بسيط يجريه في الشبكة العنكبوتبة) المركز الاسرائيلي – الفلسطيني للابحاث والمعلومات (ايبكري) الذي يتبنى هذه المبادرة هو مركز مشبوه بعلاقاته المتشعبة مع المخابرات الاسرائيلية. وما زال دور مديره السابق غرشون باسكن بالتوسط في صفقة شاليط يحفه الغموض. اما شريكه في الجانب الفلسطيني حنا سنيورة فمواقفه "الوطنية" معروفة لجماهير شعبنا في القدس وفي الضفة الغربية. يدعي هذا المركز بانه عمل طوال ربع قرن على دفع عملية السلام الاسرائيلي الفلسطيني وله تجربة في هذا المجال وانجازات ايضا. على حد علمي، عملية السلام في ربع القرن الاخير تمخضت عن ثلاثة حروب ضد غزة وحربين ضد لبنان وعمليا حرب مستمرة في الضقة الغربية وضد الشعب الفلسطيني في جميع اماكن تواجده.
المهم في الموضوع، النقاط الاساسية في حل الدولتين ووطن واحد:
اولا: التأكيد على الرواية الصهيونية (اليسارية) بأن الحركة الصهيونية حركة تحرر قومي اصطدمت بحركة تحرر اخرى على نفس الارض. فالصراع لم يكن ابدا بين حركة كولونيالية غزت البلاد شردت شعبها ونهبت ارضه، بل هو صراع بين حقين.
ثانيا: عودة رمزية للاجئين الفلسطينيين. وهذ العودة لن تكون اكثر من اقامة دائمة للم شمل بعض العائلات لدوافع "انسانية" بالمقابل يحق لدولة اسرائيل أن تجلب من تريده من يهود العالم. اما المستوطنين في الضفة الغربية فسيبقون في مستوطناتهم وسيتمتعون بالجنسية الاسرائيلية حتى وان كانوا في الدولة الفلسطينية.
بعد هاتين النقطتين المركزيتين يمكن الكلام عن الديمقراطية. حقوق الانسان، وسيادة القانون ويمكن الكلام عن المؤسسات المشتركة والتعويضات والتنسيق الامني وفتح المعابر وغيرها من المواضيع.
من يتقبل هذه المبادرة ويساهم في نشرها والترويج لها يمنح من قبل مركز ايبكري شهادة تسمى "التفكير خارج القفص" واذا كان أكثر ذكاء قد يمنح شهادات اخرى وربما جوائز مادية ايضا.
انا شخصيا باق للتفكير في قفص الوطن، وانت؟

Wednesday, May 20, 2015

ممنوع دخول الكلاب والعرب



ممنوع دخول الكلاب والعرب
علي زبيدات – سخنين

أثار القرار الذي اصدره وزير الحرب الاسرائيلي موشه يعلون بخصوص الفصل بين العمال الفلسطينيين العائدين الى قراهم وبين المستوطنين اليهود في المواصلات العامة في الضفة الغربية والذي اضطر إلى تجميده بعد اقل من يوم عاصفة من ردود الفعل محليا وعالميا. ما زال راسخا فيا ذهان اوساط واسعة من الليبراليين الاسرائيليين والغربيين. تلك اللافتات العنصرية التي كانت منتشرة في جنوب افريقيا أبان نظام الفصل العنصري على ابواب المطاعم والملاهي ودور السينما والشواطئ والحافلات المخصصة للبيض والمكتوب عليها: ممنوع دخول السود والكلاب. وما زال راسخا في اذهان هذه الاوساط قصة السيدة السوداء روزا باركس التي رفضت أن تخلي مقعدها في الباص لرجل ابيض وتمت اهانتها وتقديمها للمحاكمة.
تستطيع الاوساط الليبرالية الاسرائيلية، من رئيس الدولة وبعض الوزراء وحتى قيادة احزاب الوسط واليسار الصهيوني إن تتنفس الصعداء قائلة: الحمد لله، لا يوجد لدينا أية لافتة مشابهة تقول: ممنوع الدخول للكلاب والعرب. كل ما حدث ليس سوى محاولة لفصل الفلسطينيين عن المستوطنين في المواصلات العامة وذلك لدوافع مهنية امنية وليس حتى لدوافع سياسية أو لا سمح الله لدوافع عنصرية. فمن حق المستوطنين أن يتنقلوا بأمان وبدون خوف لأن الفلسطيني اماأن يكون ارهابيا بالفعل واما أن يكون ارهابيا بالقوة، وهو في كل الحالات يثير الخوف والرعب بملابسه الرثة وربما بشواربه الغليظة ولحيته الكثيفة. هذا بالاضافة إلى تحرشاتهم بنساء اسرائيل العفيفات والسرقات التي يقومون بها عالطالع والنازل. وبالرغم من كل ذلك حسنا فعلت الحكومة بتجميد هذه الاجراءات التي من شأنها ان تشوه الوجه الديمقراطي للدولة خصوصا وأن العديد من وسائل الاعلام الغربية "اللاسامية" انقضت على هذا الخبر واخذت تنشره في بلادها.
في هذه الايام، حيث تحيي جماهير الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ذكرى النكبة التي لم تنته بعد، تبدو هذه الحادثة العنصرية ضئيلة الشأن تكاد لا تذكر اذا ما قارناها بتدمير ٥٣٢ قرية فلسطينية وتهحير ٨٠٠٠٠٠ فلسطيني ومصادرة ما يقارب ٩٧٪ من اراضيهم هذا بالاضافة الى هدم القرى والبيوت من ام الحيران في الجنوب مرورا بدهمش في الوسط وحتى كفر كنا وسخنين بالشمال.
ولتذكير الاوساط الليبرالية الاسرائيلية فقط: فإن التمييز العنصري ضد السود لم يبدأ بالسيدة باركس التي نالت تعاطف العالم ولم يقتصر عليها فقط. فقد حاولت الدعاية الامريكية اقناع العالم بإن ابراهام لينكولن قد حرر العبيد قبل قرن من هذه الحادثة.بينما لا زال السود يموتون على يد الشرطة لاسباب عنصرية إلى هذا اليوم وفي ظل رئيس أسود. هذا طبعا من غير الخوض في عملية التطهير العرقي التيأودت بحياة عشرات الملايين من السكان الاصليين من الهنود الحمر. والتمييز العنصري في جنوب افريقيا لم يقتصر على منع السود من الدخول الى بعض الاماكن المخصصة للمستوطنين البيض بل شمل كل مجالات الحياة. وهنا في فلسطين العنصرية لا تتوقف على فصل الحافلات في الضفة الغربية. مع كتابة لافتات عنصرية أو بدون كتابة مثل هذه اللافتات.
لم يكن المقصود من كتابة عنوان هذه المقابلة المبالغة أو الاستفزاز، بل هي تعكس جزء طفيف من الحقيقة فقط. ففي كثير من الاماكن مسموح الدخول للكلاب ولكنه ممنوع للعرب. واعني ذلك حرفيا: فإن انسى لا انسى تلك الحادثة "الطريفة" التي كنت مع بعض الاصدقاء شاهدا عليها، عندما اقتربنا الى احد الحواجز الذي اعلنت سلطات الاحتلال عن اغلاقه ووقوف عشرات ان لم يكن مئات السيارات في طابور رهيب ولم تسمح قوات الجيش لاحد بمرور الحاجز وفي هذه الاثناء شاهدنا كلبا ضالا يمشي بخيلاء عابرا الحاجز من غير ان يعترضه احد، وقلنا لبعض على سبيل النكتة لو كنا كلاب لعبرنا الحاجز بسلام. وهناك مئات بل الالف الاماكن على طول البلاد وعرضها يحق للكلاب دخولها ولا يحق للعربي دخولها. ومن يريد أن يتأكد و يرى ذلك بأم عينه فليصطحب كلبا ويذهب الى الخليل او بيت لحم أو إلى اي حاجز وليطلق سراح الكلب ويجري وراءه ، وانا اراهنكم بان الكلب سوف يعبر وصاحبه سوف يسقط برصاص الجيش او الشرطة. فهل هناك من يجرؤ بالقيام بمثل هذه التجربة؟.
العنصرية لا تزول إلا مع زوال النظام الذي ينتجها.



Wednesday, May 13, 2015

احياء ذكرى مجزرة الطنطورة - على المجرم أن ينال عقابه مهما طال الزمن



احياء ذكرى مجزرة الطنطورة
على المجرم أن ينال عقابه مهما طال الزمن

علي زبيدات – سخنين

اعلنت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بالتعاون مع اوساط شعبية، في خطوة ايجابية وغير مسبوقة، بيانا لاحياء ذكرى مجزرة الطنطورة في يوم الجمعة، الثاني والعشرين من شهر ايار وذلك على ارض الطنطورة المهجرة أي على الارض التي شهدت الجريمة قبل ٦٧ سنة. وقد ناشد البيان اهالي الطنطورة ممن ما زالوا يعيشون في البلاد وباستطاعتهم الوصول الى قريتهم المهجرة أن يتغلبوا على مخاوفهم مهما كان مصدرها وأن ينفضوا عن ذاكرتهم غبار النسيان واللامبالاة ويشاركوا في هذه الذكرى. كما تضمن البيان دعوة كافة ابناء شعبنا للمشاركة في هذه الذكرى الاليمة.
لقد اقترفت دولة إسرائيل، قبل وخلال وبعد قيامها، العشرات من المجازر الرهيبة. منها ما تم الكشف عنه بعد ارتكابها مباشرة ونالت قسطها من الاعلام ومن ثم من احياء ذكراها مثل مجزرة دير ياسين، كفر قاسم، صبرا وشاتيلا، قانا، مخيم جنين ومنها ما كشف الستار عنه في مرحلة متأخرة ولم تنل ما تستحقه من اهتمام وذكرى ومنها عشرات المجازر التي تم نسيانها أو تناسيها ولم توثق بالشكل الكافي وتنتظر ان تظهر للعالم لكي تساهم في الكشف عن الوجه البشع لدولة اسرائيل.
تعتبر مجزرة الطنطورة التي يتم احياء ذكراها اليوم للمرة الاولى من اشرس وابشع المجازر التي اقترفتها العصابات الصهيونية في عام النكبة. كانت الطنطورة قرية وادعة مسالمة لا تملك جيشا منظما مدججا بالسلاح كما كان حال العصابات الصهيونية التي شنت العدوان عليها لمحوها تماما عن وجه الارض، وصل عدد سكانها إلى ما يزيد عن ١٥٠٠ نسمة يعيشون على صيد الاسماك وزراعة الحمضيات والحبوب. لم تكن مجزرة الطنطورة نتيجة لحرب متكافئة بين طرفين بل كانت جزءا من خطة متكاملة هدفها تطهير الفلسطينيين تطهيرا كاملا من منطقة الساحل ما بين تل ابيب وحيفا وجاءت بناء على قرار مخطط ومدروس اتخذته القيادة الصهيونية، حيث ان الكتيبة ٣٣ التابعة للواء الكسندروني التي هاجمت القرية كانت تابعة للجيش الرسمي الذي شكلته الدولة الوليدة.
يظن البعض أن الستار عن هذه المجزرة لم يزل الا بعد أن قدم المؤرخ تيدي كاتس رسالته لجامعة حيفا للحصول على درجة الماجستير في نهاية سنوات التسعين وبداية سنوات الالفين حيث تعرض المؤرخ لهجوم شرس من قبل المؤسسة الاسرائيلية وصلت الى المحاكم مما اضطرته للتراجع مؤقتا عما توصل اليه في ابحاثه واضطرت جامعة حيفا لسحب الدرجة التي منحتها له. ولكن حقيقة المجزرة كانت معروفة لاهالي القرية الذين نجوا منها ولسكان القرى المجاورة. الا ان شهاداتهم في ذلك الوقت لم تؤخذ بمأخذ الجد ولم يتم توثيقها بشكل جدي مدروس. رسالة المؤرخ تيدي كاتس اكدت شهادات الناجين ممن قدموا شهاداتهم مدعومة هذه المرة باعترافات بعض من شاركوا في هذه المجزرة بالرغم من تراجعهم عن اقوالهم في مرحلة لاحقة. نحن نقدر عاليا دور وجهود المؤرخين اليهود الجدد في اظهار الحقائق ليس بالنسبة لمجزرة الطنطورة فحسب بل في فضح الكثير من الاكاذيب والافتراءات التي روجتها ابواق الدعاية الصهيونية. لسنوات طويلة ادعت هذه الابواق بأن اللاجئين تركوا قراهم ومدنهم بمحض ارادتهم وتلبية لنداءت الزعماء العرب بالنزوح من اجل العودة بعد ان تحرر جيوشهم فلسطين. هذه الافتراءات تم دحضها منذ اليوم الاول لانتشارها من قبل الفلسطينيين الذين هجروا قسرا، ولم تكن دراسات المؤرخين الجدد اللاحقة سوى تأكيدا للرواية الفلسطينية.
في هذه المناسبة ادعو كافة المؤسسات الوطنية وعلى رأسها جمعية الدفاع عن المهجرين الا تكتفي برصد اخبار القرى الفلسطينية التي دمرت وهجرت عام النكبة بل برصد وتوثيق عشرات المجازر التي اقترفها الكيان الصهيوني والعمل على احياء ذكراها على المستوى المحلي بمشاركة من بقي من اهلها وعلى المستوى القطري في مخيمات وبلدان اللجوء. احياء ذكرى المجازر يجب أن يكون مقدمة لملاحقة المجرمين في كافة المحافل الدولية حتى ينالوا عقابهم مهما طال الزمن.

Saturday, May 09, 2015

العربي الجديد يبحث عن الاسرائيلي الجديد



العربي الجديد يبحث عن الاسرائيلي الجديد
علي زبيدات – سخنين

عندما نقول: "انسان يقوم بعمل لا انساني"، ألا نقف امام مفارقة؟ امام معضلة؟ امام ما يسمى في علم المنطق برادوكس؟ اذا كان الانسان انسانا فمن المفروض أن تكون أعماله انسانية، فاذا كان العمل غير انساني فلا يصح أن يكون من عمله انسانا، اليس كذلك؟ هل يعقل أن اقول لمن يقوم بأعمال غير انسانية: أنت أخي في الانسانية؟ هل يجب ان نعود إلى اكثر من الفين سنة لافلاطون وارسطو لكي نعرف من هو الانسان؟ هل الانسان الحقيقي موجود في عالم المثل وما الانسان الذي نراه حولنا سوى تقليد أو تقليد التقليد للانسان المثالي حسب نظرية المثل لافلاطون؟ ام أن الانسان هو صورة الانسان كما نراها في الواقع كما يزعم ارسطو؟ كيف نتخلص من هذه المعضلة؟
مرت كل هذه الافكار بذهني وانا اشاهد فيديو الخطاب الاول لرئيس القائمة المشتركة في الكنيست ايمن عودة. وتذكرت في الوقت نفسه صور الاحتفال بافتتاح الكنيست ووقوفه بخشوع عند سماع النشيد الوطني الاسرائيلي بالرغم من اعترافه بان هذا النشيد لا يعبر عن تطلعاته. كما تذكرت مقابلاته التلفزيونية في حملته الانتخابية وخصوصا تلك المناظرة مع ليبرمان ودرعي وغيرهما من زعماء الاحزاب الصهيونية. لقد استطاع ايمن عودة ان يرسم صورة جديدة للعربي الجديد وان يخترق بها الحيز اليهودي باحثا عن اليهودي الجديد الذي يتجاوب معه. الكلمة السحرية المستعملة لوصف لهذه الصورة هي: الانسانية. وكأن كل نضالنا السابق كان غير انساني،بل كان همجيا متطرفا مبنيا على الكراهية وغريزة الانتقام. اما العربي الجديد الذي يمثله ايمن عودة فلا يمثل الطفل البدوي سالم، الذي يعيش في قرية غير معترف بها مهددة بالهدم فحسب، ولا يمثل مجد الطالب في جامعة تل ابيب الذي لا يستطيع ان يجد مكانا للسكنى لكونه عربيا فحسب، ولا يمثل عماد وامل الزوج الشاب العاجز عن ايجاد بيت يأويه فحسب، ولا يمثل هبة خريجة المدرسة الثانوية التي تبحث عن عمل مؤقت فلا تستطيع بسبب اشتراط الخدمة العسكرية فحسب، بل يمثل ايضا المهاجرين الروس افضل من ليبرمان ويمثل اليهود الشرقيين افضل من كحلون ومن درعي ويمثل اليهود المتدينيين وغير المتدينين والاثويبيين ولولا الحياء لقال بانه يمثل المستوطنين افضل من بانيت ويمثل امن اسرائيل افضل من نتنياهو نفسه.
العربي الجديد يتفهم معاناة اليهود على مر الاجيال ويتفهم مخاوفهم الامنية. هنا على ارض فلسطين يوجد متسع للجميع يهودا وعربا، لا يوجد هنا محتل وشعب يرزح تحت الاحتلال، لا يوجد مستعمر وارض مغتصبة، لا يوجد شعب مشرد ومستوطنين اتوا من كافة ارجاء العالم. يوجد هناك حقان متساويان. العربي الجديد لا يعترف بوجود حق وباطل. المسألة هي مجرد سوء تفاهم ليس اكثر. خلال عشر سنوات سوف يغير الواقع وسوف تتحقق نبوءة يشعيا وسوف يلعب الذئب مع النعجة وتتحول البندقية الى منجل.سيسود البلاد السلام وسيعيش الجميع في ظل العدالة الاجتماعية والمساواة. سوف تختفي العنصرية تماما وتشتقل فلسطين وتقيم علاقات سياحية وافتصادية طبيعية مع اسرائيل، وسوف يتعلم اليهود اللغة العربية وسيحافظ العرب على العبرية، مشاكل القرى والمدن العربية سوف تختفي وخرائط هيكلية سوف تشملها جميعا والعمال العرب سوف يعملون في كافة المجالات بحرية، امنحوه عشر سنوات فقط!!.
حتى الشباك الذي عانى منه الاف الفلسطينيين سوف يصبح شريكا في بناء مجتمع ديمقراطي يكون مفخرة امام العالم.
العربي الجديد يحمل في داخله كل من مارتن لوثر كينغ ونلسون ماندبلا والمهاتما غاندي، ينظم المسيرات السلمية، ويدعو الى انهاء التمييز العنصري وهو يحمل عنزته. ولا يهم اذا جعل من كينغ ومانديلا وغاندي مجرد ابطال لفلم من الصور المتحركة انتجته شركة والت ديزني الامريكية. هذا العربي الجديد ليس سوى دمية سوف تهترئ سريعا من كثرة ركله اواللعب بها.
للاسف الجديد لم يحقق الانسان جوهره بعد، أي انه لم يحقق انسانيته بشكل كامل وما زالت غريزته الحيوانية تتحكم بتصرفاته بدرجات متفاوتة. الانسان يحقق انسانيته بواسطة الحرية والابداع والعمل. النظام الرأسمالي العالمي المسيطر يقمع كل هذه الامور. يستعبد العامل وينزعه عن نتاج عمله وعن غيره من العمال ويفرض عليه حالة من الاغتراب وينزع المبدع عن ابداعه. لذلك فان النضال ضد هذا النظام وضد ممثليه في جميع ارجاء العالم هو نضال من اجل الانسانية. والسكوت على مقترفي الجرائم ضد الانسانية لا يمكن ان يكون لصالح الانسانية مهما حمل من شعارات.