Wednesday, December 26, 2012

الشاطب والمشطوب وما بينهما

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010667 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010651
الشاطب والمشطوب وما بينهما
علي زبيدات – سخنين

عند كتابة هذه السطور، ما زال قرار شطب النائبة حنين الزعبي من قبل لجنة الانتخاببات المركزية ساري المفعول. ولكن عند قراءتها ستكون هذه المسألة قد حسمت نهائيا. فإما أن تقوم المحكة العليا بشطب الشطب وتعود النائبة حنين لممارسة حقها كمواطنة في هذه الدولة وإما أن تصادق المحكمة على قرار لجنة الانتخابات وتبقي الحال على ما هو. يرجح معظم المراقبين ممن يهتمون بهذا الشأن أن تقوم المحكمة بإعادة النائبة المشطوبة الى قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي. وذلك بناء على تجارب الماضي وسياسة تقاسم الادوار في المؤسسات الاسرائيلية (الديمقراطي الجيد مقابل الديمقراطي السيء) ولكن يبقى البعض متخوفا بسبب انحراف المجتمع الاسرائيلي الى اليمين جارفا معه السلطة القضائية والذي جعل مبدأ فصل السلطات فارغا من أي معنى.
طبعا، حزب التجمع الذي يخوض في هذه الساعات حملة ضد لجنة الانتخابات تحت شعار "كلنا حنين الزعبي" ويؤكد أنه في حالة استمرار الشطب سوف تتغير قواعد اللعبة وسوف ينادي بمقاطعة الانتخابات، يراهن على حكمة وعقلانية الديمقراطية الاسرائيلية وعلى نزاهة القضاء الاسرائيلي الذي سوف يتم اقناعه بالرغم من عنصريته وانتهازه بواسطة خيرة المحامين بأن الشطب قرار خاطىء ومجحف ولا حاجة له ففى نهاية المطاف التجمع هو حزب اسرائيلي يعترف بالدولة وبمؤسساتها التمثيلية.
مع قرار لجنة الانتخابات بالشطب طلب مني بعض الاصدقاء اعادة النظر بموقف المقاطعة الذي يظلم النواب العرب ويلتقي حسب رأيهم مع مواقف غلاة اليمين الصهيوني العنصري. وعلينا جمعيا أن نتوحد للدفاع عن حنين الزعبي وعن حقها في خوض الانتخابات.
ها أنا ذا أعيد النظر في موقف المقاطعة. قلت في السابق وها أنا أكرر ذلك مرة أخرى، وقد أكون مخطئا أو قاسيا، أن حزب التجمع في قرارة نفسه سعيد بقرار الشطب فهي شهادة ، من مصدر غير مشكوك بصهيونيته، على وطنيته وأن هذا القرار دعاية مجانية للحزب يفوق من حيث فعاليته جميع المهرجانات والخطابات والنشرات الانتخابية.
ولكن موقفي من مقاطعة انتخابات الكنيست الصهيونية لم يتغير بل زاد رسوخا. ولا أجد حرجا هنا أن استعين في ايماني هذا ببعض النواب من اليمين الصهيوني العنصري الذي اتهم بالتلاقي معه في المواقف. لذلك اخترت تصريحات نجمة حزب الليكود النائبة العنصرية ميري ريغف. في مقابلة تلفزيونية جمعتها مع رئيس حزب التجمع النائب جمال زحالقة صرخت في وجهه قائلة:" لا تنسى، أنت عضو في البرلمان الاسرائيلي، إذا أردت ان تمثل الفلسطينيين اذهب الى غزة. بدون اخلاص للدولة اليهودية وليس فقط الديمقراطية لا يوجد مواطنة، انت خائن وحصان طروادة في الكنيست" انتهي الاقتباس. هذا الموقف عبرت عنه ميري ريغف في مقابلة اخرى مع النائب احمد الطيبي وحتى مع النائب غالب مجادلة الذي ينتمي الى حزب صهيوني لا غبار عليه. هكذا اذا يا احزابنا العربية، تناضلون من اجل حقكم لأن تكونوا زملاء لهذه النائبة العنصرية وأمثالها. من بالله عليكم الذي يلتقي معها؟ من يدعو الى نبذها ومقاطعتها أو من يعمل كل ما يستطيعه ليكون برفقتها داخل أربع جدران الكنيست؟
بعد رؤية مقاطع الفيديو الثلاث لنائبة حزب الليكود ميري ريغف (وأنا انصح الجميع بمشاهدتها) لا يسعني الا أن اقدم لها الشكر على نصائحها القيمة. عندما تقول لنا اذهبوا الى غزة يجب أن نقول لها: نعم سوف نذهب الى غزة وسوف تأتي غزة الينا، وسوف نذهب الى الضفة الغربية وسوف تأتي الضفة الغربية الينا وسوف يعود اللاجؤون من جميع أماكن تواجدهم الينا. ألسنا جميعا شعبا واحدا؟وجميعنا سوف نشكل برلمانا ديمقراطيا حقيقيا تمنع داخله كافة أشكال العنصرية حسب القانون. سوف تكون العنصرية جريمة يعاقب عليها القانون تماما كالقتل والسرقة والفساد.
لا يوجد مجال هنا للتشفي. أنا ادافع بطريقتي عن حنين الزعبي. ليس عن طريق المهرجانات والخطابات. وحسب رأيي دفاعي عنها أفضل من دفاع جميع المقربين اليها بل افضل من دفاعها هي عن نفسها. ليس من الشرف ولا من الفخر أن تكوني في رفقة ميري ريغف ورفاقها. لن يقبلوك باحترام في هذه البؤرة الملوثة التي تسمى كنيست إسرائيل حتى لو كنت عميلة لهم. لماذا تنتظرين حتى يشطبوك؟ اشطبيهم انت مسبقا مرة واحدة وإلى الابد. لماذا تستجدينهم لأن يزيلوا الشطب؟ ألا تقولين أن شرعيتك غير مستمدة من الكنيست؟. مقاطعة انتخابات الكنيست في هذه الظروف بالذات هي فرصة تاريخية قد لا تتكرر لسنوات طويلة لكي تبدو هذه المؤسسة العنصرية عارية أمام العالم بأسره بدون أقنعة وبدون ورقة توت تستر عوراتها.

Wednesday, December 19, 2012

انتخابات الكنيست وصراع الهوية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012334 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012318
انتخابات الكنيست وصراع الهوية
علي زبيدات – سخنين

استطيع أن اتفهم الحملة الشرسة التي تشنها الاحزاب العربية الاسرائيلية التي تخوض انتخابات الكنيست على المقاطعين لهذه الانتخابات. في نهاية المطاف، بالنسبة لهذه الاحزاب وبالنسبة للمقاطعين جمهور الهدف واحد. كل صوت مقاطع هو خسارة مباشرة لهذه الاحزاب. هناك صراع، وصراع عنيف بين هذين التوجهين لا يمكن نكرانه أو حتى اخفائه. لذلك ليس غريبا أن تضع الاحزاب العربية الاسرائيلية المقاطعين، من حيث الخصومة والعداء، في المكان الاول ومن ثم الاحزاب الصهيونية. فإذا كانت المقاطعة بشتى اشكالها تصل الى النصف تقريبا بينما لا تتجاوز نسبة المصوتين للاحزاب الصهيونية مجتمعة ال ١٢٪ فمن الطبيعي، من وجهة نظر هذه الاحزاب، أن يكون الهجوم على فكرة المقاطعة وعلى المقاطعين أشرس.
قلت اتفهم هذه الحملة الشرسة ودوافعها ولكن هذا لا يعني قبولها. على العكس من ذلك تماما ارفضها رفضا قاطعا جملة وتفصيلا. بالنسبة للاحزاب المشاركة في الانتخابات الصوت هو المهم، بالنسبة للمقاطعة المبدئية الانسان وراء الصوت أو بتعبير أدق الانسان صاحب الصوت و هو المهم. الصراع في هذه المنطقة من العالم شئنا أم أبينا هو صراع على الهوية وعلى الوعي بهذه الهوية. تتفق جميع هذه الاحزاب على أن مهمتها الاولى هي رفع نسبة التصويت بين الجماهير الفلسطينية ومن أجل ذلك ترى بكافة الوسائل وسائل مشروعة بما في ذلك تشويه وتزييف افكار المقاطعة. على سبيل المثال لا الحصر: احد هذه الاحزاب (هو مجازا حزب) يقول أن التصويت للكنيست هو واجب وطني ولكنه نسي أن يقول هل هو واجب وطني صهيوني إسرائيلي أم فلسطيني. حزب آخر يؤكد أن عدم التصويت هو تقوية لليمين الصهيوني ولكنه لا يرى أو لا يريد أن يرى حقيقة أن التصويت بحد ذاته هو الذي يقوي اليمين الصهيوني. حزب آخر يصرح: "سوف نقاطع هذه الانتخابات إذا ما تم شطب قائمتنا". هذا يعني أن المقاطعة كلام هبل ما دمنا مقبولين ومشاركين وتصبح موقفا مبدئيا اذا تم شطبنا فقط. يا له من منطق يعجز عنه حتى أرسطو. أما رئيس القائمة العربية الموحدة فقد بز جميع رفاقه في الافتراء على المقاطعة، مع ان سهامه كانت موجهة بالاساس لاخوانه في الحركة الاسلامية الشمالية التي تتخذ كعادتها موقفا خجولا الى جانب المقاطعة. يقول في بيان نشره على الملأ:"المقاطعة هي خلل خطير في منهجية التفكير وقصور واضح في استشراف الواقع بكل تعقيداته". غريب، يتهم نصف المجتمع بأنه يعاني من خلل خطير في تفكيره، أي يتهمه بالتخلف أو الجنون (وهل يوجد تفسير آخر للخلل الخطير في منهجية التفكير؟) وفي الوقت نفسه يدعي بأنه أفضل من يمثل أبناء هذا المجتمع ويلهث وراء الفوز بأصواتهم.
كما قلت، الصراع في هذه المنطقة من العالم هو صراع على الهوية الوطنية وعلى الوعي بهذه الهوية. من هذا المنطلق تختلف المقاطعة المبدئية عن كافة الاحزاب المشاركة بغض النظر عن الفوارق فيما بينها. تقول هذه الاحزاب مجتمعة وكل على حدة: لا نسمح لأحد بأن يزاود علينا وعلى تمسكنا بهويتنا وانتمائنا لشعبنا وعلى نضالنا من أجل الحصول على حقوقه كاملة. حسن جدا، ولكن من حقنا أن نفهم هويتنا الوطنية ونعي هذه الهوية بشكل يختلف تماما بل يتناقض مع المفهوم التي تروج له هذه الاحزاب. بالنسبة لهذه الاحزاب لا يوجد هناك تناقض أو لم يعد هناك تناقض بين أن يكون المرء فلسطينيا واسرائيليا في الوقت نفسه. ولعل حزب التجمع الوطني الديمقراطي كان افضل من عبر عن هذا الواقع السريالي عندما رفع شعار: "هوية قومية ومواطنة كاملة". نحن نقول بكل بساطة إن هويتنا القومية تتناقض تناقضا مباشرا ومطلقا مع مطالبتنا بمواطنة كاملة في دولة اسرائيل ولا يهم اذا سمت هذه الدولة نفسها دولة يهودية ديمقراطية أو دولة الشعب اليهودي أو دولة المواطنين أو دولة جميع مواطنيها. لا يمكن التلاعب بمركبات الهوية الوطنية وتحويلها الى كوكتيل يتكون من عناصر متناقضة تلبي رغبات ومصالح فئوية. يمكن تبرير كل شيئ في العالم وفي بعض الحالات يمكن ايجاد مبررات جيدة، ولكنها تبقى مبررات لا أكثر ولا أقل. الاحزاب العربية تردد الاسطوانة المشروخة: نحن جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ولكننا نعيش في ظروف خاصة تحتم علينا التعامل معها للحفاظ على بقائنا وعلى مستقبلنا. وهذه المبررات تلقى آذان صاغية من البعض. بالنسبة لهذه الاحزاب الاندماج في الدولة لا تمت بصلة للأسرلة والانضمام الى أعلى هيئة تشريعية للدولة الصهيونية تفسر بطريقة مهينة لعقولنا على انها مناهضة للصهيونية. وهكذا يختلط الحابل بالنابل وتتكون هوية مزيفة مليئة بالشوائب بحجة الحفاظ والتمسك بالهوية الوطنية.
من المستحيل أن تكون خادما لسيدين كما تقول المسرحية الكوميدية الشهيرة. ومن غير اللائق الرقص في عرسين في آن واحد كما يقول المثل الشعبي. الهوية الوطنية لا تقاس بالشعارات البراقة والخطابات الساخنة. ولا تقاس بحجم الاعلام التي ترفع في المسيرات وعلى سطوح النوادي. الهوية الوطنية تقاس بمدى وعيك لكافة مكوناتها وبمدى محافظتك على نقائها. نحن نؤمن بأن الكنيست الصهيونية لا تشكل اعلى هيئة تمثيلية صهيونية فحسب بل هي زبدة الفكرة الصهيونية على أرض الواقع. وكل اقتراب منها هو مس بهويتنا الوطنية. لذلك مقاطعة انتخابات الكنيست هي واجب وطني فلسطيني.

Wednesday, December 12, 2012

ديمقراطية بقرش

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012457 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012441
ديمقراطية بقرش
علي زبيدات – سخنين

لا أدري اذا ما زال هناك احد ممن يعتبر نفسه من المفكرين يستطيع ان يفسر لنا بشكل مقنع العلاقة بين المصطلح اليوناني: "ديمقراطية" (حكم الشعب) وبين النظام الرأسمالي السائد الذي يحمل الاسم نفسه والذي يعتبر افضل نظام سياسي توصلت اليه الحضارة البشرية. أصبح هذا النظام، الذي تشكل الانتخابات البرلمانية عموده الفقري، ارضا خصبة للفساد على انواعه من رشوات وسرقات وانحطاط اخلاقي. اصبح دفيئة ليس فقط لنمو الافكار العنصرية والرجعية بل ايضا للافكار الفاشية التي تتناقض مع الروح التي يدعي تجسيدها وتمثيلها.
لست هنا بصدد الكلام عن النظام "الديمقراطي" بشكل عام ولا حتى عن النظام "الديمقراطي" الاسرائيلي بشكل خاص فهذا موضوع واسع جدا يتطلب في كل الاحوال اكثر من مقالة صحفية. ما اطمح اليه هنا هو الوقوف ولو للحظة وادعو الاخرين للوقوف هم أيضا ولو للحظة امام بعض المظاهر المثيرة للقرف والاشمئزاز والتي تصاحب الانتخابات للكنيست الصهيونية في الدولة العبرية.
يتفق الجميع تقريبا، ومن ضمنهم بعض الكتاب والمفكرين الصهاينة، أن الايديولوجيات قد سقطت أو رحلت أو ماتت. لم يعد هناك حزب مهما كان حجمه ومهما كان دوره وتاريخه يطرح ايديولوجية معينة او حتى خط سياسي معين أو على الاقل برنامج انتخابي يعالج قضايا المواطنين. الهدف المعلن والمخفي لكافة الاحزاب هو الوصول للسلطة أو على الاقل الاقتراب منها بقدر الامكان والحصول على نصيبه منها مهما كان هذا النصيب ضئيلا. ومن اجل ذلك كافة الوسائل مشروعة. وهذه الوسائل تتراوح بين اقتراف جرائم القتل في غزة وخصوصا بالنسبة للاحزاب الكبيرة والاحزاب التي تدور في فلكها وحتى الكذب على الناخب ودغدغة مشاعره وهذا ما تلجأ له الاحزاب الصغيرة عادة. في الانتخابات "الديمقراطية" الاسرائيلية كل شيء قابل للبيع والشراء: الاحزاب، قادة الاحزاب وحتى المواطن البسيط. كل شيء وله ثمنه. الاحزاب كاملة تشترى بحصولها على حصتها من السلطة وتوزيعها على اعضائها. قيادة الاحزاب تشترى بالوظائف والمراكز الموعودة والمواطن يشترى بحفنة من المال. فليس من الغريب أن يقفز زعيم حزب الى حزب آخر ويعود للحزب الاول مرة اخرى لكي يقفز من جديد وهكذا دواليك.عادي.
قد يقول البعض: قد يكون ذلك صحيحا بالنسبة للاحزاب الصهيونية ولكنه ليس كذلك بالنسبة للاحزاب العربية. فهي احزاب مبدئية لا تناضل من اجل الاستفادة من السلطة أو من اجل أي مصلحة خاصة بل من اجل الدفاع عن حقوقنا المهضومة ومن اجل مواجهة العنصرية المتفشية في الحكومة والمجتمع الاسرائيليين. وهكذا نكذب الكذبة ونصدقها. لنتكلم قليلا عن مبدئية الاحزاب العربية التي لا تساوم على مبدئيتها: فهذه الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وهي أكبر حزب عربي، آسف حزب يهودي -عربي يرفع من ضمن الشعارات التي يرفعها في هذه الانتخابات شعار "بقاء نحميه ومستقبل نبنيه" ويريدنا أن نصدق ان وجودنا في الكنيست هو الذي سوف يحمي بقاءنا وهو الذي سوف يبني مستقبلنا وهذا بحد ذاته ليس سوى تبرئة للكنيست التي تحمل المسئولية الاولى عن تقويض بقاءشعبنا وهدم مستقبله. نعم، لنا على هذه الارض بقاء نحميه: نحميه من الكنيست وهي اليد الآثمة للحركة الصهيونية التي صنعت نكبة شعبنا. ولنا على هذه الارض مستقبل نبنيه ولكن الكنيست التي لا تطيق حتى خيمة بدوي في النقب فهل هي التي تسوف تبني هذا المستقبل؟
وهناك حزب آخر يعرف نفسه بأنه حزب قومي عربي وطني فلسطيني ديمقراطي ويرفع شعار: هوية قومية ومواطنة كاملة ودولة المواطنين أو دولة جميع مواطنيها والحكم الذاتي الثقافي وغيرها من الشعارات البراقة، ويرفع صور القائد القومي جمال عبد الناصر في مظاهراته وعلى جدران نواديه وقد نسي هذا الحزب ان يقول لاتباعه أن عبد الناصر وبالرغم من الهزيمة النكراء التي مني بها قد مات وهو يقول: لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف باسرائيل. اليوم "الحركة الوطنية"، كما يحب حزب التجمع أن يسمي نفسه، سوف تحقق الحلم العربي من على منبر الكنيست من خلال خطابات جمال آخر ومن خلال حنين ولكن ليس حنين الى كلمات الشاعر صلاح جاهين ومن خلال التكامل الاقتصادي الاسرائيلي-الفلسطيني-العربي برعاية بورصة تل ابيب وبنك هبوعليم ومنيب المصري الذي يقوده المرشح الجديد للتجمع باسل غطاس. هل حقا شعبنا أقوى بالتجمع؟
وهناك القائمة العربية الموحدة على جميع مركباتها والتي تضم من يرفع شعار "الاسلام هو الحل" ويرى بالكنيست منبرا للدعوة الى الاسلام. ولكنه في الوقت نفسه يستبسل في سبيل القبض بيد من فولاذ على عضويته في الكنيست التي تؤمن له حاجاته الدنيوية. وتضم من أسس حزبا خصيصا للشحاتة يعرضه مع اقتراب كل انتخابات على كل قائمة مستعدة للدفع. وتضم زعيم حزب ملكية خاصة ولا ادري ما هي علاقته بالوطنية ولكنه يوزع الشهادات الوطنية ويصرح:" التصويت في يوم الانتخابات هو موقف وطني من الدرجة الاولى وعدم التصويت هو التصويت لليكود واليمين المتطرف"
هذه هي الاحزاب العربية شكلا الاسرائيلية مضمونا. انها لا تمثلني فهل تمثلكم؟

Wednesday, December 05, 2012

كفى انتصارات وهمية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010480 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010464
كفى انتصارات وهمية
علي زبيدات – سخنين

بعد سنوات طويلة تمتد على مدى قرون تكبدنا خلالها هزائم لا تعد ولا تحصى تمخضت عن ضياع فلسطين كاملة وتشرد شعبها في شتى انحاء العالم، احتفلنا في فترة أقل من شهر بتحقيق انتصاريين "تاريخيين" ونستعد للاحتفال بانتصار "تاريخي" ثالث في المستقبل القريب وعلى وجه التحديد بعد حوالي شهر ونصف من اليوم. طبعا، لعل من نافل القول أن هذين الانتصارين (والانتصار الثالث القادم) لم يحررا حتى شبرا واحدا من أرض فلسطين ولم يعيدا حتى لاجئا واحدا الى بيته. ولماذا هذا؟ لأنها وبكل بساطة انتصارات وهمية، انتصارات كاذبة، تماما مثل الحمل الكاذب حيث تريد المرأة الواقعة تحت ضغط من حولها أن تلد، أن تصبح أما بعد سنوات طويلة من الزواج ومن كثرة القيل والقال واليأس والحزن فتنفخ البطن ويضفي الوحم جوا حميميا لاستقبال المولود، ولكن سرعان ما تأتي النهاية: لا ولد ولا يحزنون، انه حمل كاذب.
بأي انتصار احتفلت حركة حماس وخلفها باقي الفصائل بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة؟ من هم أولئك الذين نزلوا الى الشوارع في غزة وفي مدن فلسطينية أخرى يحتفلون بالانتصار؟ هل احتفل ال١٦٠ شهيدا وال١٤٠٠ جريحا الذين لم تجف دماءهم بعد أيضا بهذا الانتصار؟ هل عائلة الدلو التي ابيدت عن بكرة ابيها تقريبا احتفلت هي الاخرى بهذا الانتصار؟ وماذا عن الدمار الرهيب الذي لم تنج منه مؤسسة واحدة؟ وهل تكفي أموال قطر الموعودة لتحولها الى انتصار؟ كان أحرى بقيادة حماس وغيرها أن تفتح المآتم وتستقبل المعزين وليس الاحتفال بانتصار وهمي.
ما هي الانجازات التي حققها هذا الانتصار التاريخي؟ زيارة رئيس الحكومة المصرية لغزة لمدة ساعة ونصف؟ أم زيارة بعض وزراء الخارجية العرب الذين يسبحون في فلك السياسة الامريكية – الاسرائيلية ويتآمرون على القضية الفلسطينية؟ أم الموقف المخزي للنظام "الثوري" الاخوانجي في مصر الذي لعب دور الوسيط بدل أن يتخذ موقفا منحازا الى جانب المقاومة؟ أم تصريحات مشعل للتلفزيون الامريكي ولكل من يريد أن يسمع بقبوله دولة فلسطينية بحدود ١٩٦٧ علىى غرار تصريحات عباس بما يرضي حلفاءه الجدد من الخليج؟. وهل حقا كان اتفاق الهدنة أو التهدئة أو وقف اطلاق النار سموه ما شئتم، حسب شروط حماس؟ هل رفع الحصار وفتحت المعابر؟ هل توقفت الانتهاكات الاسرائيلية؟
الانجاز الحقيقي الوحيد لهذا الانتصار الوهمي هو أن دولة إسرائيل مرة أخرى تنجو بجرائمها. لن يكون هناك من يحاسبها على اعمال القتل والتدمير، حتى ولا غولدستون آخر.
ما أن انتهت الاحتفالات بالانتصار الوهمي الاول حتى دقت طبول الاحتفال بالانتصار الوهمي الثاني: انتصار الدولة غير العضو، انتصار الدولة المراقب. ماذا لو رحبنا بوعد بلفور ووفرنا على انفسنا قرنا من الشقاء؟ ولماذا ننعت وعد بلفور بالشؤم ونعتبر القرار الفارغ من أي مضمون انتصارا تاريخيا؟ على الاقل وعد بلفور اشترط اقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين بعدم المساس بالحقوق المدنية والدينية لباقي الطوائف. ماذا اشترط قرار الاعتراف بالدولة غير العضو غير التنازل عن كافة الثوابت؟ ماذا استفدنا من اعتراف ١٣٨ دولة بدولة فلسطين الوهمية؟ أنا شخصيا أفضل اعتراف دولة واحدة بحق الشعب الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه من كل هذه الاعترافات. اللوم بالطبع لا يقع على ال١٣٨ دولة بل يقع على من ذهب الى نهاية العالم لكي ينال مثل هذا الاعتراف البائس. واللوم اكثر يقع على كل من اعتبر هذا الاعتراف انتصارا تاريخيا واحتفل به. ولا اقتصر هنا على رئيس السلطة الفلسطينية الذي بادر وقاد هذه الخطوة ومن حوله من المنتفعين، بل أشمل باقي الفصائل بدءا بحماس وانتهاء بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومرورا بباقي الفصائل "اليسارية" والاحزاب العربية الاسرائيلية التي طبلت وزمرت ورقصت لهذا “الانتصار”.
الانتصار الوهمي الثالث الذي لم يأت بعد وننتظره بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر هو الانتصار الذي سوف تحققه الاحزاب العربية في انتخابات الكنيست الصهيوني. تشير استطلاعات الرأي أن هذه الاحزاب سوف تحافظ على قوتها وتمثيلها وهذا بحد ذاته في نظرها يعد انتصارا. وربما سوف تحقق بعض الاحزاب تقدما طفيفا قد يصل الى انجاح مندوب آخر، هذا بالرغم من أنف المنادين بالمقاطعة. وطبعا بعد الانتصار سوف تحلو الاحتفالات فاستعدوا. لا تسألوا بعد تحقيق هذا الانتصار اذا ما زادت العنصرية في أروقة الكنيست التهابا. واذا ما انهمر وابل من القوانيين العنصرية على رؤوسنا واذا ما كان مجرد وجودنا مهددا وعلى كف عفريت. كل هذا لا يهم ما دمنا نعيش في نشوة الانتصار الوهمي وطالما يعمل نوابنا بلا كلل أو ملل كشهود زور على ديمقراطية الدولة العبرية.
مع مثل هذه الانتصارات من يريد هزائم؟