Wednesday, January 28, 2015

انتخابات الكنيست أقصر طريق للأسرلة



انتخابات الكنيست أقصر طربق للاسرلة
علي زبيدات – سخنين
سعت دولة اسرائيل منذ قيامها وبعد أن تخلصت من غالبية الشعب الفلسطيني إلى أسرلة من تبقى منه متشبثابارضه وبيته. ألاسرلة لا تعني بأي حال من الاحوال جعل هؤلاء الفلسطينيين اسرائيليين كما يظن البعض، أي منحهم المواطنة الكاملة في الدولة الوليدة. بل تعني منحهم مواطنة شكلية، مشروطة ومشوهة (درجة ثانية أو ثالثة) بحكم تواجودهم الفيزيائي لا أكثر. بينما اقتصرت المواطنة الحقيقية على اليهود من المستوطنين القدامي والجدد ولليهود في شتى ارجاء العالم ممن يحتمل مجيئهم مستقبلا. اذن لا بد من التمييز بين ان تكون متأسرلا وبين أن تكون إسرائيليا، فبينما تبذل الحكومة كل جهدها لاسرلة الفلسطينيين فهي ترفض جعلهم اسرائيليين لان ذلك يتناقض مع طبيعة الدولة العنصرية. وهذا ينطبق على كبار المتأسرلين الحائزين على منسوب عال من الاسرلة ويتوهمون بانهم اصبحوا بذلك اسرائيليين (كشريم) حتى يقفوا امام اول اختبار. أسرلة الجماهير العربية من وجهة نظر اسرائيلية تعني أن تتخلى هذه الجماهير عن هويتها الوطنية الفلسطينية أو على الاقل إفراغها من مضمونها الوطني التحرري، تشويهها وحشوها بمفاهيم الخنوع والولاء.
طالت سياسة الاسرلة هذه كافة نواحي حياة الجماهير العربية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. حيث مارست الحكومة سياسة فرق تسد وتعاملت معها على اساس طائفي: اسلام، مسيحيين ودروز، وعلى اساس قبلي: بدو وقرى ومدن، وجغرافي: جليل مثلث نقب مدن مختلطة. المهم في هذه السياسة هو تفتيت الهوية الوطنية الجامعة بأي ثمن. ومن اجل تحقيق هذا الهدف شنت الدولة حملة ممنهجة لمحو الذاكرة التاريخية الوطنية لهذه الجماهير وتشويه وعيها الوطني والقومي. الهدف النهائي لهذه السياسة هو اخضاع وتدجين الجماهير الفلسطينية وجعلها افرادا ومجموعات مقطعة الاوصال تعلن ولائها للدولة مقابل الاستمرار في الحياة.
واجهت جماهيرنا سياسة الاسرلة هذه من خلال تمسكها بهويتها الوطنية ومن خلال دفاعها عن ذاكرتها الجمعية وعن وعيها الوطني الامر الذي اخرج المؤسسة الاسرائيلية عن طورها وقامت بتكثيف جهودها لاسراع عملية الاسرلة. فقد شهدت السنوات الاخيرة العديد من القوانين العنصرية التي تهدف حصرا الى ضرب الهوية الفلسطينية وتقوية مفهوم يهودية الدولة. في خضم هذا الصراع المستمر حققت الدولة بعض الانجازات والمكاسب التي يجب لا نتهاون بها ونتهادن معها. فسياسة فرق تسد سببت شرخا لا يمكن نكرانه بين مركبات جماهيرنا وآخرها كان محاولة سلخ الشباب المسيحيين عن طريق تجنيدهم والاحداث الطائفية المتراكمة التي انفجرت في ابو سنان. غير أن الخوف الاكبر ليس من سياسة الحكومة التي اصبحت مفضوحة امام معظم قطاعات شعبنا بل من المفاهيم الخاطئة التي ما زالت سائدة في اوساط واسعة من جاهيرنا واخطرها هو الفصل بين الكنيست والخدمة داخلها وبين سياسة الاسرلة.
استغرب أن ترى معظم الجماهير وقواها الفاعلة وخصوصا شريحة الشباب الخطر الكامن في الخدمة المدنية وفي الخدمة في سلك الشرطة والجيش ولا ترى الخطر الكامن في الخدمة في الكنيست وفي التصويت لها. عندما يقف عضو الكنيست امام الكاميرات في جلسة الكنيست الاولى ويتلى امامه يمين الولاء وهذا نصه: "انا التزم بالولاء لدولة اسرائيل واداء واجبي في الكنيست بأمانة" ويجيب مرددا: "انا التزم"، لا أظن أن الخادم في الخدمة المدنية مجبر على قول ذلك. ولاء عضو الكنيست لدولة اسرائيل "اليهودية الديمقراطية" وسوف يصبح قريبا ولاء "لدولة اليهود القومية". فأين المنطق في ان نعتبر الخدمة المدنية في مدرسة او مستشفى او حتى في الشرطة أو الجيش أسرلة بينما الخدمة في الكنيست لا تمت للاسرلة بصلة بل على العكس، تصبح واجبا وطنيا. تذكرني هذه المفارقة العبثية بمقال لاحد المثقفين المعتبرين الذي ينظر ويمهد الطريق امام اعضاء الكنيست العرب، حيث يقسم الأسرلة إلى قسمين: ١) أسرلة صهيونية تشترط التخلي عن الهوية الوطنية. ٢) أسرلة وطنية تتمسك بالهوية الوطنية هدفها اسماع صوتنا والدفاع عن حقوقنا. ويدعو إلى الانخراط في هذه "الأسرلة الوطنية". بالنسبة للاحزاب وللنواب العرب الكنيست هي منبر للاسماع صوتنا والدفاع عن حقوقنا وهذا هو الشيء الوحيد المهم. أما كونها السلطة التشريعية لكيان كولونيالي سنت القوانين العنصرية وسوف تسن المزيد منها، وتنتخب رئيس الدولة وتكلف أحد اعضائها لتشكيل الحكومة فهذا كما يبدو أمر عادي. الانتخابات للكنيست الصهيوني ليست فقط اقصر الطرق للأسرلة بل هو اخطرها و اكثرها فعالية. من أجل احباط سياسة الأسرلة ومن أجل الحفاظ على هويتنا الوطنية يجب مقاطعة انتخابات الكنيست. نحن شعب فلسطين والكنيست لا تمثلنا.

Wednesday, January 21, 2015

النضال الشعبي وانتخابات الكنيست



النضال الشعبي وانتخابات الكنيست
علي زبيدات – سخنين
في خضم النقاش بين انصار مقاطعة انتخابات الكنيست وبين انصار الاحزاب الكنيستية سرهان ما يطرح السؤال المفحم من وجهة نظر هذه الاحزاب: ما هو البديل للنضال البرلماني؟ أليس التقوقع داخل قرانا ومدننا والانسحاب من الساحة السياسية وترك الميدان للاحزاب الصهيونة كي تسرح وتمرح فيه كما يطيب لها؟ وعندما نجاوب بكل بساطة أن البديل للنضال البرلماني (هذا إذا استطعنا اصلا أن نسميه نضالا) هو النضال الشعبي، النضال الجماهيري، النضال في الشارع وعلى الارض، نراهم يردون بكل صلف وغرور كالديوك منفوشة الريش منتفخة الاوداج: وهل يتناقض النضال البرلماني مع النضال الشعبي؟ ألسنا نحن، الاحزاب السياسية من يتصدر النضالات الشعبية أيضا، يبادر لها ويقوودها؟
لقد وفرت لنا الايام القليلة الماضية فرصة جديدة لاثبات صحة أو عدم صحة هذه الادعاءات. حيث قامت شرطة اسرائيل باعدام شابين من النقب ليس لسبب اللهم سوى كونهما عربا، والعربي في هذه البلاد متهم دوما حتى تثبت براءته، وبما ان الاتهام عادي وطبيعي ودائم فالبراءة تبقى مفقودة. أين هي النضالات الشعبية التي بادرت اليها الاحزاب العربية وقادتها؟ وهل كان ردنا "الشعبي" على مستوى الحدث؟ هل كان الاعلان عن اضراب شامل (لم يلتزم به في اماكن عديدة) هو اقصى ما نستطيع فعله؟ لماذا لم نشاهد الاحزاب السياسية تنزل الى الشارع لتعبر عن احتجاجها وغضبها؟ واكتفت في أحسن الحالات بتجنيد بعض الشبان لرفع الشعارات هنا وهناك. في بلد مركزي كمدينة سخنين حيث تنشط كافة الاحزاب وبها عضو كنيست سوف يترأس قائمته في الانتخابات القادمة، تمت الدعوة لاجتماع "شعبي" غاب عنه الشعب حضره نخبة من القيادات الحزبية استمعت إلى خطاب من رئيس البلدية وكلمة عابرة من ممثل اللجنة الشعبية والتي دارت معظمها حول الانتخابات وليس حول ما جرى ويجري في النقب.
البوادر القليلة لدفع العمل الشعبي الى الامام صدرت عن مجموعات شبابية في معظمها غير مؤطرة حزبيا، أو حزبية ولكنها تصرفت بمعزل عن أي قرار حزبي. حتى هذه البوادر لم تكن كافية ولم تكن فعالة ولم ترتق إلى المستوى المطلوب. وأحد الاسباب لذلك هو التهاء الجميع بانتخابات الكنيست. ما ذكرته عن احداث النقب هو مثل واحد فقط على عنجهية الكنيست المنحلة والحكومة المنفلتة من عقالها التي انبثقت عنها. فهي في الوقت نفسه تضرب في لبنان وفي سوريا من غير رادع وتواصل حصارها الاجرامي على قطاع غزة بعد أن شنت حرب ابادة ضده وتوسع سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية وتسارع في تهويد القدس وتخرج الى العالم لابسة قناع الضحية التي تدافع عن نفسها.
هدف الاحزاب العربية هو لجم اليمين الصهيوني المتطرف ومنعه من العودة للسلطة؟ ولكننا رأينا هذا اليمين هائجا خارج جدران الكنيست كالفيل في حانوت من الخزف فلماذا لم نحاول أن نلجمه هنا؟ لماذا يجب أن نتوحد في"النضال" داخل الكنيست ونتفرق في النضال خارجها؟ ماذا يجب أن يحدث بعد لكي تقتنع هذه الاحزاب ومؤيديها بعبثية "النضال" من داخل الكنيست؟ الا يكفي ٦٦ عاما من هذا النضال؟ قد لا يعود هذا اليمين ذاته لتشكيل الحكومة فهناك دائما يمين آخر على اهبة الاستعداد لتشكيل حكومة جديدة حتى لو اطلق على نفسه موقتا يمين معتدل، أو مركز أو يسار. كم مرة علينا أن نحضر هذا الفلم الرديء؟ ونصفق للدور الاشد رداءة الذي تلعبونه في هذا الفلم؟.
صرخ احد المحروقين على الكنيست والمعدود على الزعامة الوطنية في وجه بعض المتناقشين حول ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست: سلموا بطاقات هويتكم اذا كان الوضع لا يعجبكم، وحرروا فلسطين من الذي يمسككم. ربما بالنسبة لهذا الشخص والذين على شاكلته بطاقة الهوية الزرقاء هي التي تحدد هويته ولكن بالنسبة لغالبية جماهيرنا هذه البطاقة ليست سوى قصاصة من الورق لا تمت بإية صلة إلى هويته الوطنية. وبالتأكيد، تحرير فلسطين لن يتم من داخل الكنيست بل حتما سيتم من خلال نضال الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده.
حتى في الدول الديمقراطية العريقة حيث لا يوجد كيانات كولونيالية ولا يوجد احتلال ولا يوجد عنصرية رسمية منهجية يفقد النضال البرلماني أهميته وقدرته على التغيير. معظم التحولات الايجابية في هذه المجتمعات تأتي نتيجة لنضالات احتجاجية شعبية خارج البرلمان. فكم بالاحرى في هذه البلاد حيث الكنيست هي المؤسسة العليا التي ترعى وتحرس الاحتلال والاستيطان والعنصرية؟ لقد آن الاوان أن يتحرر ابناء شعبنا من أوهام الكنيست وأن يخرجوا من ظلمات سرادبها إلى نور الفضاء الرحب حيث أفق النضال واسع، ومجال الرؤية واسع، وحيث الامل الواعد بالحرية.




Wednesday, January 14, 2015

انتخابات الكنيست طريقنا إلى الحضيض



انتخابات الكنيست طريقنا إلى الحضيض
علي زبيدات – سخنين
وضع الاحزاب العربية يثير الشفقة. المحكمة العليا ترفض الالتماسات لاعادة نسبة الحسم الى سابق عهدها ٢٪ وتبقيها كما أقرته الكنيست المنحلة ٣.٢٥٪ الامر الذي ادخل كافة الاحزاب إلى حالة لا تطاق من الضغط وإلى سباق مع الزمن. محاولات الوحدة فيما بينها تتعثر وتواجه مشاكل لم تكن بالحسبان. هذا ناهيك عن ازماتها الداخلية المزمنة الناتجة عن الصراع على الاماكن المضمونة. قناعاتي الشخصية حول واجب مقاطعة انتخابات الكنيست، انخفضت نسبة الحسم ام ارتفعت، توحدت الاحزاب في قائمة مشتركة واحدة أو في قائمتين أو بقيت على حالها أو زادت عن حالها، ليس فقط لم تتغير بل ازدادت رسوخا. ما جرى في الايام القليلة الماضية (والخير لقدام) يجب أن يضيء ضوءا احمرا امام كل مواطن تهمه مواصلة الحياة على هذه الارض. بما أن هذه الاحزاب قد تبنت الشعار السياسي الكلاسيكي الذي صاغه مكيافيلي:"الغاية تبرر الوسيلة" بكل حذافيره وحددت هذه الغاية بالوصول الى الكنيست اصبحت كل الوسائل متاحة. ولا اعني هنا الوسائل السلبية المنتشرة في كل مكان من فساد ورشوات ووعود بلا رصيد وتزييف وغيرها فحسب، بل اعني ايضا ابتذال شعارات سامية طالما تغنينا بها وهتفنا من اجلها مثل الوحدة وخدمة الجماهير والدفاع عن حقوقها.
لم يعد الكلام حول ابتذال شعار الوحدة مقتصرا على المقاطعين ذوي النوايا السيئة بل جرف المشاركين في هذه الانتخابات ايضا الذين قد بزوا المقاطعين في ذلك. في البداية، كان يجرى الحديث عن اربعة احزاب كبيرة اذا ما اتفقت تحققت الوحدة بسلاسة وعلى احسن وجه. وهذه الاحزاب هي: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع الديمقراطي الوطني، الحركة الاسلامية والحركة العربية للتغيير. فيما بعد يبدو انه تم الاستغناء عن هذه الاخيرة بعد رفضها من قبل الثلاثة الكبار الاخرين وكل له اسبابه. وهكذا انضمت الحركة العربية للتغيير الى الحزب الديمقراطي العربي والحزب القومي العربي مشكلة ثلاثية من "الصغار" تقف في مواجهة "الكبار" وتدعي انها في الحقيقة هي التي تمثل غالبية الشعب بعد أن انضم اليها قائمة ناصرتي وبعض المثقفين المستقلين الذين يئسوا من ايجاد مكان آمن لهم في الاحزاب الكبيرة حيث الازدحام خانق في الصفوف الامامية.
يقول المثل: "اذا اختلف لصان انكشفت السرقة". فالاحزاب "الكبيرة" تتهم الاحزاب الصغيرة بانها تعرقل الوحدة لا بل تخربها تنفيذا لأجندة حكومية لتكريس الفرقة والانشقاق يقودها اشخاص انتهازيون تحركهم مصالحهم الشخصية. فترد الاحزاب الصغيرة بأن هذه الاحزاب "الكبيرة" التي هي في الحقيقة ليست كبيرة إذ لا تحظى بأكثر من ثلث الاصوات لا تمثل كافة شرائح المجتمع وتهمش قطاعات واسعة ومهمة داخله مثل الشباب والنساء والاكاديميين والسلطات المحلية والنقب ومدن الساحل وتتبنى سياسة الاقصاء والاستثناء والاحتكار. من على حق؟ جميعهم على حق فيما يقولونه عن بعضهما البعض ولكن جميعهم على غير حق في مواقفهم السياسية الوطنية. بغض النظر عن التصنيف حسب الحجم خصوصا عندما يكون الميزان مختلا، ولكن من الواضح اننا نزن البضاعة نفسها. اجتماع الناصرة الذي ضم مجموعات تسمى مجازا أحزاب وأطراف اخرى لا يختلف من حيث الجوهر عن اجتماع الناصرة الاخر الذي ضم المجموعة الاخرى من الاحزاب. لا خوف، عندما يتوصلون الى صفقة مقبولة سوف يلحس كل طرف شتائمه وينتهي الزعل بقبلة على اللحى وطبطبة على الاكتاف حسب العادات والتقاليد العربية الاصيلة. في النهاية، منهم من سيجد له مكانا في ثنايا القائمة المشتركة ومنهم من سيكتفي ببعض التعويضات المالية كما كان الوضع في السابق وأثبت فعاليته.
لم تبتذل في هذه الانتخابات شعارات سامية كالوحدة فحسب بل تم ابتذال الثقافة ايضا. لست هنا بصدد الخوض في دور الثقافة والمثقفين في المجتمع بشكل عام وفي مجال السياسة بشكل خاص بالرغم من اهميته الفائقة. فهذا موضوع قائم بذاته ويستحق دراسات جدية لا تتحملها مقالة صحفية. يظن بعض المثقفين أن شهادته الجامعية هي جواز سفر سحري يمنحه الحق في تجاوز جميع الحدود وولوج كافة الاماكن من غير أن يغادر برجه العاجي، يتنقل "فكريا" من حزب إلى آخر ويغير مواقفه كما يغير جواربه فتارة يدعو الى اقامة حزب جديد وطورا يدعو الى مقاطعة الانتخابات ويعود لينضم الى بعض المستائين ويسخر لهم ثقافته المتلونة وهكذا دواليك.
لا بد هنا من الاعتراف بأننا في حركة مقاطعة انتخابات الكنيست قد فشلنا في تحويل هذه الحركة الشعبية العفوية التي تعبر أحسن تعبير عن اشمئزاز معظم حماهيرنا من الكنيست وكل ما يدور حولها إلى برنامج سياسي منظم يشكل بديلا للهث وراء أوهام الكنيست. يبدو أن المقاطعة اكبر من الاشخاص ومن الحركات السياسية التي تتبناها. ولكني على ثقة بأن الشهرين القادمين حتى موعد الانتخابات سوف تزود شعبنا بما يكفي من القناعات لكي تؤسس مستقبلا لبرنامج وطني تحرري لن تكون الكنيست احدى مفرداته.

Wednesday, January 07, 2015

خطر انتخابات الكنيست على الهوية الوطنية الفلسطينية



خطر انتخابات الكنيست على الهوية الوطنية الفلسطينية
علي زبيدات – سخنين
لست هنا بصدد الخوض بمسألة الهوية وهي مسألة شائكة ومتشعبة تشغل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية. ولست بصدد الخوض في الهوية الوطنية الفلسطينية من حيث مقوماتها ومضامينها وتطورها التاريخي، فقد كتب حول هذا الموضوع الكثير وكلما كثرت الكتابة كثرت الاختلافات والخلافات حتى اصبح لكل حزب سياسي ولكل مثقف وكاتب تصوره الخاص الذي يتقاطع مع غيره ويبتعد عنه في الوقت نفسه. الحقيقة الثابتة في هذا الموضوع والتي تحظى بالاجماع هي استحالة تناول الهوية الوطنية الفلسطينية بمعزل عن الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني.
الحقيقة الاخرى التي تتغاضى عنها الاحزاب العربية الكنيستية والتي تدعي حرصها على الهوية الوطنية الفلسطينية هي كون الكنيست العمود الفقري للمشروع الصهيوني منذ قيام الدولة وحتى هذه اللحظة. لقد قلنا، كحركة مقاطعة، في الماضي ونكرر ذلك اليوم ان مقاطعة انتخابات الكنيست موجهة من حيث الاساس وفي المقام الاول ضد هذه المؤسسة الصهيونية العنصرية التي لا يمكن أن ينكر دورها احد في صنع وتخليد النكبة الفلسطينية. تصب هذه الاحزاب الكنيستية جل غضبها وانتقادها على الحكومات المتعاقبة وخصوصا حكومات اليمين الاسرائيلي التي وصلت ذروة شراستها في الحكومة الاخيرة ، ولكنها تتجاهل حقيقة بسيطة يعرفها كل طالب درس موضوع المدنيات من الكتب الاسرائيلية نفسها أن هذه الحكومات تستمد شرعيتها وصلاحياتها من الكنيست. فإذا كانت الحكومة معادية للسلام وحقوق الانسان والديمقراطية، تشن الحروب ضد الشعب الفلسطيني وتمارس ضده سياسة احتلال ونهب ذلك لأن الكنيست فوضتها ومنحتها الشرعية وزودتها بالصلاحيات اللازمة لفعل ذلك. لا يمكن ادانة الحكومة وفي الوقت نفسه تبرئة الكنيست، لإن ذلك يشبه ادانة الجندي وتبرئة الضابط الذي اصدر اوامره للجندي.
لا حاجة هنا لتفصيل القوانين العنصرية التي سنتها الكنيست من قانون العودة في الكنيست الاوولى وحتى قانون قومية الدولة في الكنيست الاخيرة والقوانين العنصرية التي لا تعد ولا تحصى فيما بينهما. هدف الكنيست المعلن بعد تشريد الشعب الفلسطيني وسلب ارضه هو طمس كلي لأية سمة من سمات هويته الوطنية. من هذا المنطلق نقول أن مقاطعة انتخابات الكنيست هي اضعف الايمان للدفاع عن الهوية الفلسطينية، هي سلاح الضعيف الاعزل للدفاع عن نفسه وعن حقه في الوجود.
تنظر الاحزاب العربية الكنيستية الى حركة المقاطعة كألد اعدائها بينما تنظر الى الاحزاب الصهيونية كمجرد خصوم ومنافسين. من هذا المنطلق تشن هذه الاحزاب على المقاطعين حربا شعواء ولا تأنف من استعمال كافة الوسائل والتهم مثل المزاودة والتطرف وخدمة الاحزاب اليمينة وغيرها، ولكنها في النهاية في ظل الفساد المستشري في هذه الدولة لا تأنف ايضا من السطو على اصوات المقاطعين من خلال التزييف حيثما وجدت إلى ذلك سبيلا.
الانتخابات في ظل الانظمة الديمقراطية البرجوازية خصوصا عندما تكون هذه الديمقراطية فناعا سميكا كما هو الوضع في هذه الدولة، يكون الاقناع الواعي والحضاري هو آخر وسيلة تلجأ اليه الاحزاب السياسية لكسب ثقة الناخب. الوسائل المحبذة لديها هي الرشوات، التخويف، الوعود، الاكاذيب والافتراءات حسب التقاليد المكيافيلية الكلاسيكية. حركة المقاطعة هي الوحيدة التي لا تملك سوى وسيلة الاقناع، ليس لهدف سوى الدفاع عن قناعات الناس. هل ما زالت هناك حاجة لاقناع السواد الاعظم من الشعب الفلسطيني بأن الكنيست هي مصدر مآسيه؟ وهل هناك ثمة حاجه لاقناعه بعبثية "النضال" من داخل اروقة الكنيست ومن فوق منصتها؟.
لا ينضم الحريص على الهوية الوطنية الفلسطينية إلى الماكنة التي وضعت نصب اعينها اغتيال هذه الهوية، حتى ولو ادعى العكس من ذلك تماما بحجة كونه معارضا يدافع عن المظلومين من الداخل ومن خلال الصفوف الامامية ويفضح السياسات العنصرية. في هذه الماكنة العنصرية التي تسمى الكنيست، حسب اللعبة المتعارف عليها دوليا، المعارضة هي جزء عضوي من النظام. إذ كيف يمكن تسويق قانون عنصرى حسب كافة المعايير الدولية على انه قانون ديمقراطي اذا لم تكن هناك معارضة داخلية؟ المعارضة في هذه الحالة لا تقل من حيث اهميتها عن الائتلاق الحاكم. تقوم الاحزاب الكنيستية العربية بترويج كذبة بأن اليمين الصهيوني يريد ابعادها عن الكنيست من خلال رفع نسبة الحسم. ولكن الواقع يقول بأن اليمين واليسار الصهيونيان معنيان بهذه المعارضة المدجنة وإلا ما هو سر الاموال الاسرائيلية والاوروبية التي تتدفق من اجل رفع نسبة المصوتين؟ وما هو سر تجند كافة وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية لانجاح هذه المهمة؟
صوتك هويتك حافظ عليه.