Wednesday, January 21, 2015

النضال الشعبي وانتخابات الكنيست



النضال الشعبي وانتخابات الكنيست
علي زبيدات – سخنين
في خضم النقاش بين انصار مقاطعة انتخابات الكنيست وبين انصار الاحزاب الكنيستية سرهان ما يطرح السؤال المفحم من وجهة نظر هذه الاحزاب: ما هو البديل للنضال البرلماني؟ أليس التقوقع داخل قرانا ومدننا والانسحاب من الساحة السياسية وترك الميدان للاحزاب الصهيونة كي تسرح وتمرح فيه كما يطيب لها؟ وعندما نجاوب بكل بساطة أن البديل للنضال البرلماني (هذا إذا استطعنا اصلا أن نسميه نضالا) هو النضال الشعبي، النضال الجماهيري، النضال في الشارع وعلى الارض، نراهم يردون بكل صلف وغرور كالديوك منفوشة الريش منتفخة الاوداج: وهل يتناقض النضال البرلماني مع النضال الشعبي؟ ألسنا نحن، الاحزاب السياسية من يتصدر النضالات الشعبية أيضا، يبادر لها ويقوودها؟
لقد وفرت لنا الايام القليلة الماضية فرصة جديدة لاثبات صحة أو عدم صحة هذه الادعاءات. حيث قامت شرطة اسرائيل باعدام شابين من النقب ليس لسبب اللهم سوى كونهما عربا، والعربي في هذه البلاد متهم دوما حتى تثبت براءته، وبما ان الاتهام عادي وطبيعي ودائم فالبراءة تبقى مفقودة. أين هي النضالات الشعبية التي بادرت اليها الاحزاب العربية وقادتها؟ وهل كان ردنا "الشعبي" على مستوى الحدث؟ هل كان الاعلان عن اضراب شامل (لم يلتزم به في اماكن عديدة) هو اقصى ما نستطيع فعله؟ لماذا لم نشاهد الاحزاب السياسية تنزل الى الشارع لتعبر عن احتجاجها وغضبها؟ واكتفت في أحسن الحالات بتجنيد بعض الشبان لرفع الشعارات هنا وهناك. في بلد مركزي كمدينة سخنين حيث تنشط كافة الاحزاب وبها عضو كنيست سوف يترأس قائمته في الانتخابات القادمة، تمت الدعوة لاجتماع "شعبي" غاب عنه الشعب حضره نخبة من القيادات الحزبية استمعت إلى خطاب من رئيس البلدية وكلمة عابرة من ممثل اللجنة الشعبية والتي دارت معظمها حول الانتخابات وليس حول ما جرى ويجري في النقب.
البوادر القليلة لدفع العمل الشعبي الى الامام صدرت عن مجموعات شبابية في معظمها غير مؤطرة حزبيا، أو حزبية ولكنها تصرفت بمعزل عن أي قرار حزبي. حتى هذه البوادر لم تكن كافية ولم تكن فعالة ولم ترتق إلى المستوى المطلوب. وأحد الاسباب لذلك هو التهاء الجميع بانتخابات الكنيست. ما ذكرته عن احداث النقب هو مثل واحد فقط على عنجهية الكنيست المنحلة والحكومة المنفلتة من عقالها التي انبثقت عنها. فهي في الوقت نفسه تضرب في لبنان وفي سوريا من غير رادع وتواصل حصارها الاجرامي على قطاع غزة بعد أن شنت حرب ابادة ضده وتوسع سياستها الاستيطانية في الضفة الغربية وتسارع في تهويد القدس وتخرج الى العالم لابسة قناع الضحية التي تدافع عن نفسها.
هدف الاحزاب العربية هو لجم اليمين الصهيوني المتطرف ومنعه من العودة للسلطة؟ ولكننا رأينا هذا اليمين هائجا خارج جدران الكنيست كالفيل في حانوت من الخزف فلماذا لم نحاول أن نلجمه هنا؟ لماذا يجب أن نتوحد في"النضال" داخل الكنيست ونتفرق في النضال خارجها؟ ماذا يجب أن يحدث بعد لكي تقتنع هذه الاحزاب ومؤيديها بعبثية "النضال" من داخل الكنيست؟ الا يكفي ٦٦ عاما من هذا النضال؟ قد لا يعود هذا اليمين ذاته لتشكيل الحكومة فهناك دائما يمين آخر على اهبة الاستعداد لتشكيل حكومة جديدة حتى لو اطلق على نفسه موقتا يمين معتدل، أو مركز أو يسار. كم مرة علينا أن نحضر هذا الفلم الرديء؟ ونصفق للدور الاشد رداءة الذي تلعبونه في هذا الفلم؟.
صرخ احد المحروقين على الكنيست والمعدود على الزعامة الوطنية في وجه بعض المتناقشين حول ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست: سلموا بطاقات هويتكم اذا كان الوضع لا يعجبكم، وحرروا فلسطين من الذي يمسككم. ربما بالنسبة لهذا الشخص والذين على شاكلته بطاقة الهوية الزرقاء هي التي تحدد هويته ولكن بالنسبة لغالبية جماهيرنا هذه البطاقة ليست سوى قصاصة من الورق لا تمت بإية صلة إلى هويته الوطنية. وبالتأكيد، تحرير فلسطين لن يتم من داخل الكنيست بل حتما سيتم من خلال نضال الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده.
حتى في الدول الديمقراطية العريقة حيث لا يوجد كيانات كولونيالية ولا يوجد احتلال ولا يوجد عنصرية رسمية منهجية يفقد النضال البرلماني أهميته وقدرته على التغيير. معظم التحولات الايجابية في هذه المجتمعات تأتي نتيجة لنضالات احتجاجية شعبية خارج البرلمان. فكم بالاحرى في هذه البلاد حيث الكنيست هي المؤسسة العليا التي ترعى وتحرس الاحتلال والاستيطان والعنصرية؟ لقد آن الاوان أن يتحرر ابناء شعبنا من أوهام الكنيست وأن يخرجوا من ظلمات سرادبها إلى نور الفضاء الرحب حيث أفق النضال واسع، ومجال الرؤية واسع، وحيث الامل الواعد بالحرية.




No comments: