Wednesday, January 07, 2015

خطر انتخابات الكنيست على الهوية الوطنية الفلسطينية



خطر انتخابات الكنيست على الهوية الوطنية الفلسطينية
علي زبيدات – سخنين
لست هنا بصدد الخوض بمسألة الهوية وهي مسألة شائكة ومتشعبة تشغل علم النفس وعلم الاجتماع والعلوم السياسية. ولست بصدد الخوض في الهوية الوطنية الفلسطينية من حيث مقوماتها ومضامينها وتطورها التاريخي، فقد كتب حول هذا الموضوع الكثير وكلما كثرت الكتابة كثرت الاختلافات والخلافات حتى اصبح لكل حزب سياسي ولكل مثقف وكاتب تصوره الخاص الذي يتقاطع مع غيره ويبتعد عنه في الوقت نفسه. الحقيقة الثابتة في هذا الموضوع والتي تحظى بالاجماع هي استحالة تناول الهوية الوطنية الفلسطينية بمعزل عن الصراع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني.
الحقيقة الاخرى التي تتغاضى عنها الاحزاب العربية الكنيستية والتي تدعي حرصها على الهوية الوطنية الفلسطينية هي كون الكنيست العمود الفقري للمشروع الصهيوني منذ قيام الدولة وحتى هذه اللحظة. لقد قلنا، كحركة مقاطعة، في الماضي ونكرر ذلك اليوم ان مقاطعة انتخابات الكنيست موجهة من حيث الاساس وفي المقام الاول ضد هذه المؤسسة الصهيونية العنصرية التي لا يمكن أن ينكر دورها احد في صنع وتخليد النكبة الفلسطينية. تصب هذه الاحزاب الكنيستية جل غضبها وانتقادها على الحكومات المتعاقبة وخصوصا حكومات اليمين الاسرائيلي التي وصلت ذروة شراستها في الحكومة الاخيرة ، ولكنها تتجاهل حقيقة بسيطة يعرفها كل طالب درس موضوع المدنيات من الكتب الاسرائيلية نفسها أن هذه الحكومات تستمد شرعيتها وصلاحياتها من الكنيست. فإذا كانت الحكومة معادية للسلام وحقوق الانسان والديمقراطية، تشن الحروب ضد الشعب الفلسطيني وتمارس ضده سياسة احتلال ونهب ذلك لأن الكنيست فوضتها ومنحتها الشرعية وزودتها بالصلاحيات اللازمة لفعل ذلك. لا يمكن ادانة الحكومة وفي الوقت نفسه تبرئة الكنيست، لإن ذلك يشبه ادانة الجندي وتبرئة الضابط الذي اصدر اوامره للجندي.
لا حاجة هنا لتفصيل القوانين العنصرية التي سنتها الكنيست من قانون العودة في الكنيست الاوولى وحتى قانون قومية الدولة في الكنيست الاخيرة والقوانين العنصرية التي لا تعد ولا تحصى فيما بينهما. هدف الكنيست المعلن بعد تشريد الشعب الفلسطيني وسلب ارضه هو طمس كلي لأية سمة من سمات هويته الوطنية. من هذا المنطلق نقول أن مقاطعة انتخابات الكنيست هي اضعف الايمان للدفاع عن الهوية الفلسطينية، هي سلاح الضعيف الاعزل للدفاع عن نفسه وعن حقه في الوجود.
تنظر الاحزاب العربية الكنيستية الى حركة المقاطعة كألد اعدائها بينما تنظر الى الاحزاب الصهيونية كمجرد خصوم ومنافسين. من هذا المنطلق تشن هذه الاحزاب على المقاطعين حربا شعواء ولا تأنف من استعمال كافة الوسائل والتهم مثل المزاودة والتطرف وخدمة الاحزاب اليمينة وغيرها، ولكنها في النهاية في ظل الفساد المستشري في هذه الدولة لا تأنف ايضا من السطو على اصوات المقاطعين من خلال التزييف حيثما وجدت إلى ذلك سبيلا.
الانتخابات في ظل الانظمة الديمقراطية البرجوازية خصوصا عندما تكون هذه الديمقراطية فناعا سميكا كما هو الوضع في هذه الدولة، يكون الاقناع الواعي والحضاري هو آخر وسيلة تلجأ اليه الاحزاب السياسية لكسب ثقة الناخب. الوسائل المحبذة لديها هي الرشوات، التخويف، الوعود، الاكاذيب والافتراءات حسب التقاليد المكيافيلية الكلاسيكية. حركة المقاطعة هي الوحيدة التي لا تملك سوى وسيلة الاقناع، ليس لهدف سوى الدفاع عن قناعات الناس. هل ما زالت هناك حاجة لاقناع السواد الاعظم من الشعب الفلسطيني بأن الكنيست هي مصدر مآسيه؟ وهل هناك ثمة حاجه لاقناعه بعبثية "النضال" من داخل اروقة الكنيست ومن فوق منصتها؟.
لا ينضم الحريص على الهوية الوطنية الفلسطينية إلى الماكنة التي وضعت نصب اعينها اغتيال هذه الهوية، حتى ولو ادعى العكس من ذلك تماما بحجة كونه معارضا يدافع عن المظلومين من الداخل ومن خلال الصفوف الامامية ويفضح السياسات العنصرية. في هذه الماكنة العنصرية التي تسمى الكنيست، حسب اللعبة المتعارف عليها دوليا، المعارضة هي جزء عضوي من النظام. إذ كيف يمكن تسويق قانون عنصرى حسب كافة المعايير الدولية على انه قانون ديمقراطي اذا لم تكن هناك معارضة داخلية؟ المعارضة في هذه الحالة لا تقل من حيث اهميتها عن الائتلاق الحاكم. تقوم الاحزاب الكنيستية العربية بترويج كذبة بأن اليمين الصهيوني يريد ابعادها عن الكنيست من خلال رفع نسبة الحسم. ولكن الواقع يقول بأن اليمين واليسار الصهيونيان معنيان بهذه المعارضة المدجنة وإلا ما هو سر الاموال الاسرائيلية والاوروبية التي تتدفق من اجل رفع نسبة المصوتين؟ وما هو سر تجند كافة وسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية لانجاح هذه المهمة؟
صوتك هويتك حافظ عليه.

No comments: