Wednesday, July 31, 2013

برافر وناتان زاده وجهان لعملة واحدة

 
برافر وناتان زاده وجهان لعملة واحدة
علي زبيدات – سخنين

يعيش مجتمعنا الفلسطيني في الاراضي المحتلة عام ١٩٤٨ في الآونة الاخيرة في ظل قضيتين ملتهبتبن كان وسيكون لهما تأثير بالغ ليس فقط على مجمل علاقتنا بهذه الدولة بل أيضا على مجمل طبيعة هويتنا الوطنية وانتمائنا الوطني. القضية الاولى: محاكمة شباب شفاعمرو المتهمين بقتل الارهابي الصهيوني الجندي عيدن ناتان زاده. القضية الثانية: مخطط برافر والنضال من أجل اسقاطه.
أدانت المحكمة المركزية في حيفا ٤ من شباب شفاعمرو بمحاولة قتل الارهابي ناتان زادة بالاضافة الى تهم أخرى أقل خطورة كما وأدانت الآخرين بتهم "الاعتداء على شرطي في ظروف خطيرة وعرقلته في تأدية عمله والاخلال بالنظام الذي يلحق أضرارا". جميع من له علاقة بهذا الملف من قريب أو من بعيد كان متأكدا من حصول هذه الادانة. اسقاط تهمة القتل مع سبق الاسرار، التي افرحت بعض الجهات، هي الاخرى كانت متوقعة علي الاقل بالنسبة للمطلعين على هذا الملف من قرب.
لا أريد هنا أن أكرر ما نقوله جميعا بأن هذه محاكمة سياسية بالدرجة الاولى وليست قضائية، وأن الدولة تحاكم الضحية ولم تحرك ساكنا لملاحقة الذين يقفون من وراء القاتل.. إلى آخره. كما لا أشكك هنا برغبة الجميع الصادقة بإغلاق هذا الملف نهائيا ومنح كافة المتهمين البراءة الكاملة. ولكن في الوقت نفسه، حسب رأيي، يوجد هناك ما يجب انتقاده، ليس من أجل النقد بحد ذاته بل من أجل التنبيه والتحذير.
النقطة الاولى التي أود طرحها من منطلق نقدي هي: هل كان هناك بالفعل ضرورة لتشكيل لجنة جديدة برئاسة عبدالحكيم مفيد منبثقة عن لجنة المتابعة العليا لمتابعة هذه القضية ؟ لم أجد في أي موقع جوابا عن تساؤلاتي حول كيف ولماذا تم انشاء هذه اللجنة التي لا يعرف من هم أعضاؤها سوى الاعضاء انفسهم. اللجنة، كل لجنة، لها طبيعة مزدوجة: من جهة تعبئة وتحريك الجماهير وتوجيه وقيادة العمل حتى تحقيق اهدافه. ومن جهة اخرى سيطرة روح المحافظة والتزمت عليها مما قد يشكل عائقا في تطور العمل، ومحاولاتها فرض الوصاية على الجماهير وكبت طاقاتها المتدفقة. وعندما تكون طبيعتها الثانية هي الغالبة فمن المفضل الاستغناء عنها. وهذه اللجنة كان من المفضل الاستغناء عنها. فقد حاول رئيسها منذ البداية فرض وصايته على الشباب الذين كانوا يهتفون بحماس وانسجام تام محاولا التدخل والقاء خطاب طويل. لا أدري إذا كان عضو الكنيست باسل غطاس عضوا في هذه اللجنة أم لا ولكنه كان أول من تكلم الى الجمهور مبشرا بسقوط تهمة القتل المتعمد عن جميع الشباب، الامر الذي قوبل بالتصفيق ولكنه لم يقل شيئا عن تهمة القتل غير المتعمد وباقي التهم. ولكن عندما عرف البعض من خلال متابعتهم للمحاكمة عن طريق تلفوناتهم النقالة وعندما ازداد اللغط فجاء متكلم آخر وتحدث عن الادانات، عندها تحول تصفيق الجماهير الى غضب جارف حاول البعض التعبير عن غضبه بالافتراب من الحاجز الحديدي الذي اقامته الشرطة. هنا تدخلت هذه اللجنة، بالاضافة للقيادات السياسية المتواجدة، لتهدئة الوضع وتنفيس غضب الجماهير من خلال تحويل المشهد الى مهرجان خطابي وما أشطرنا في ذلك.
يقول لنا المسؤولون انهم يرفضون الادانة ولا يقبلون بأقل من اغلاق الملفات وإن ما حصل ليس نهاية الطريق، فهناك الاستئناف للمحكمة العليا على الادانة وهناك الطعن بالتهم حتى صدور الاحكام وهناك الاستئناف مرة اخرى. وهنا احذر من صفقات الادعاء المختلفة التي اصبحت السمة السائدة في القضاء الاسرائيلي بمشاركة النيابة والدفاع ومباركة القضاة انفسهم. في هذه القضية لا مجال لأية صفقات ادعاء مهما كانت الاحكام مخففة. وربما يجب دراسة امكانية الطعن بنزاهة المحكمة الاسرائيلية ونزع شرعيتها للنظر بهذا الملف وحتى التوجه الى القضاء الدولي.
لم يعد هناك مجال في هذه المقالة لطرح قانون برافر بكل تفاصيله، وليس هذا هو المطلوب. فالتفاصيل متوفرة ويعرفها الجميع. المحاكمة والقانون صادران عن المؤسسة العنصرية نفسها وهدفها واحد وهو نزع شرعية وجودنا على هذه الارض والمضي بعملية التطهير العرقي التي يتعرض لها شعبنا منذ عام النكبة حتى نهايتها. نحن بحاجة الى أيام غضب طويلة من أجل اسقاط هذا المخطط برمته وليس إلى يوم أو يومين فقط. ونحن بحاجة الى ابتداع طرق جديدة للنضال تمكننا في نهاية المطاف من القاء المحاكمة والقانون إلى مزبلة التاريخ.

Wednesday, July 24, 2013

عدنا إلى المفاوضات والعود أحمد



عدنا إلى المفاوضات والعود أحمد
على زبيدات – سخنين

في الحقيقة لا استغرب عودة سلطة أوسلو الى المفاوضات مع اسرائيل برعاية امريكية بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات. بل استغرب كيف طال هذا الانقطاع كل هذه الفترة. بالرغم من انه لم يكن هناك انقطاع بكل معنى الكلمة فاللقاءات المتبادلة استمرت بشكل أو بآخر، وعملية جس النبض لم تتوقف ابدا والاستجداءات الفلسطينية لتجديدها بشكل رسمي هي الاخرى لم تتوقف. فلم يترك رجال السلطة بابا إلا وطرقوه ولم يتركوا مسؤولا غربيا إلا وطلبوا وساطته. وفي الحقيقة ايضا ليس فقط إني لا استغرب هذه العودة بل ولا استنكرها أيضا، كما يتزاحم على استنكارها جميع التنظيمات والاحزاب المحسوبة على المعسكر الوطني من حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحتى حزب الشعب والتجمع الوطني الديموقراطي مرورا بباقي الجهات التي يصعب حصر عددها ويستحيل لمس وزنها عمليا.
ماذا تريدون من الرجل؟ وبالرجل أعني رئيس السلطة "الوطنية" الفلسطينية، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية السيد محمود عباس. لقد صرح منذ وقت طويل مرارا وتكرارا، للقاصي وللداني، لكل من له أذنان ويريد أن يسمع، للفلسطيني وللعربي قبل الاسرائيلي والامريكي إنه ما دام رئيسا لهذه السلطة لن يكون هناك سوى مفاوضات وسوى مزيد من المفاوضات. واذا فشلت المفاوضات في مرحلة معينة ومهما كانت الاسباب فهناك فرصة ثانية وثالثة ورابعة...وكم مرة صرح يجب أن تشطبوا كلمة انتفاضة من قواميسكم، وإذا ما تجرأ أحد وذكر أمامه كلمة كفاح مسلح فأراهن بأنه سوف يغمى عليه. إذن ما الغريب في عودتة الان الى المفاوضات؟ لإن إسرائيل لم تعده بوقف الاستيطان؟ الرجل يكفيه تعهد امريكا بالعمل على اقناع الحكومة الاسرائيلية بتقليص الاستيطان.أم لأن اسرائيل لم توافق على أن تكون المفاوضات على اساس حدود ١٩٦٧؟ يكفيه ان امريكا واوروبا قد وافقتا على ذلك.
ولكني في الحقيقة استغرب كل الاستغراب المواقف الباهتة لجميع المعارضين الذين سارعوا في اصدار استنكاراتهم الروتينية والمملة والتي يستلونها من جواريرهم كلما تجددت المفاوضات الخالية من أي شيء جديد ومن ثم يعودون الى سباتهم وصمتهم بعد أن أدوا واجب الاستنكار. تقول الجبهة الشعبية والتي تعتبر نفسها أكبر وأكثر فصيل جذري على الساحة الفلسطينية في بيانها الاستنكاري: "العودة الى المفاوضات بعيدا عن اطار الامم المتحدة وقراراتها ذات الصلة بمثابة انتحار سياسي يطلق يد الاحتلال وحكومة غلاة التطرف والاستيطان لاقتراف افظع الجرائم بحق الانسان الفلسطيني وارضه ومقدساته" وهل تظن الجبهة بأن الانتحار السياسي سوف يقفز عنها ما دامت متمسكة بسلطة أوسلو بالرغم من كل انتقادتها لها؟ وبأي عين تستنكر حماس العودة الى المفاوضات في ظل الهدنة طويلة الامد التي تلتزم بها؟
في هذه السنوات الثلاثة التي توقفت بها المفاوضات رسميا، احداث خطيرة عصفت بالمنطقة قلبت عاليها اسفلها: في مصر تمت الاطاحة برئيسين من خلال ثورتين، سوريا تم تدميرها من قبل النظام وحلفائه والمعارضة وحلفائها، التفجيرات في بغداد لا تتوقف وكأن الشعب العراقي بات يعيش وسط حقل الغام يمتد على طول البلاد وعرضها. الارض تهتز في تركيا وتبشر بقرب انفجار بركان رهيب. إلا في فلسطين لا جديد تحت الشمس. لم يتغير شيء حتى اسماء المفاوضين : محمود عباس، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، نبيل ابو ردينة وباقي الشلة. امريكا غيرت رئيس، أوروبا غيرت رؤساء وحتى ملوك بالجملة، اسرائيل غيرت حكومة أما نحن فقد عجزنا عن تغيير حتى مفاوض فاشل واحد يتفاوض باسمنا منذ عشرين عاما. أليست هذه مأساة؟
المفاوضات عبثية. يا له من اكتشاف خطير. مواجهة هذه المفاوضات العبثية بالشكل الراهن هي الأشد عبثية وبما لا يقاس. ولنكن صريحين: لو لم تكن هناك سلطة برئاسة محمود عباس وحاشيته لقام معظم هؤلاء المعارضين بخلقها. وإلا فمن الذي سيدفع المخصصات؟!. لا يمكن أن تأكل من الكعكة وتبقيها في الوقت نفسه سالمة، كما لا يمكن أن تأكل من الكعكة وتبصق عليها في الوقت نفسه.
شعار المرحلة القادمة على المستوى الوطني الفلسطيني ليس اسقاط المفاوضات العبثية بل اسقاط سلطة أوسلو السوبر عبثية.

Wednesday, July 17, 2013

طريق عابر فلسطين: سخنين - ام الفحم - بئر السبع



طريق عابر فلسطين: سخنين – ام الفحم -بئر السبع
علي زبيدات – سخنين
ربما للمرة الاولى منذ النكبة تشق جماهير شعبنا طريقا سريعة تربط شمال فلسطين بجنوبها مخترقة مركزها بخط مستقيم دون لف أو دوران. حتى الاونة الاخيرة كانت هذه الطريق شاقة، مليئة بالحفر والمطبات ولا يسلكها إلا بعض المقتدرين من النخب السياسية. اما اليوم فقد اصبحت شريان حياة لا استغناء عنه اذا ما صمم الشعب الفلسطيني الصمود والبقاء والحياة. لم يكن شق هذا الطريق بالامر السهل. فقد جاء متأخرا ومتلعثما. ولم يكن علينا أن ننتظر قانون برافر العنصري بل كان من الواجب أن نمد هذا الطريق قبل هذا القانون وبغض النظر عن تداعياته. من أجل شق هذه الطريق كان لا بد من اغلاق الشوارع الاسرائيلية التي تعترضها ومواجهة الشرطة وحرس الحدود والاشتباك معها. لا يوجد هناك طريقة اخرى لمواجهة سياسة التهويد العنصرية. المسرحيات التراجي -كوميدية في الكنيست الاسرئيلي التي يتخللها خطابات نارية وتمزيق اوراق لا تجدي فتيلا في مواجهة سياسة التطهير العرقي التي تستمر الحكومة الاسرائيلية في تنفيذها منذ عام النكبة وحتى اليوم. المظاهرات الشعبية والاضرابات العامة التي تتوج بالعصيان المدني تسطيع ذلك. وهي قادرة ليس فقط على مواجهة المخطط بل والانتصار عليه ايضا. المظاهرات لنصرة اهلنا في النقب كانت جيدة ولكننا نطمح بأن تصبح ممتازة وتجرف أضعاف الجماهير التي شاركت حتى الآن. الاضراب هو شكل راق للتعبير عن الاحتجاج والمقاومة مع أنه هذه المرة لم يكن شاملا لعدة اسباب منها: شريحة واسعة من التجار ما زالت تفضل مصالحها الخاصة الضيقة على المصالح الوطنية العامة. والطبقة العاملة لم تنضم بجحافلها للاضراب نظرا لعدم تنظيمها وخوفا من فقدان اماكن عملها في غياب النقابات التي من المفروض ان تدافع عن حقها بالاضراب، والهستدروت هي آخر من يقدم المساعدة للعامل العربي المضرب. وسبب آخر هو تقاعس الاحزاب السياسية التي اضطرت القبول بالاضراب تحت الضغط الجماهيري ولكنها كادت الا تحرك ساكنا من أجل حشد الجماهير واقناعهم بتبني موقف ايجابي فعال إزاء الاضراب وربما كان ذلك نابعا من عدم اقتناعها هي بالاضراب.
على أي حال، ليس هنا المكان والزمان الملائمين للخوض باسهاب في دور المؤسسات القيادية من لجنة متابعة ولجنة توجيه واحزاب سياسية. يكفي الاشارة هنا إلى أن طبيعتها المزدوجة: الرضوخ لمطالب الجماهير من جهة والتجاوب مع الضغوطات الحكومية من جهة أخرى، تجعلها عاجزة عن أخذ دورها القيادي الوطني. لذلك كانت المواجهات بين المتظاهرين والشرطة حتى الآن بالرغم من هذه القيادات وليس بفضلها. وبالرغم من تجييرها للحدث بعد وقوعه وبراعتها في جني ثماره السياسية. أكاد أن اجزم انه في معظم المواجهات الاخيرة كان الالتزام الحزبي يتراجع امام الالتزام الوطني.
سوف يدخل الخامس عشر من تموز/ يوليو من عام ٢٠١٣ التاريخ الى جانب يوم الارض ويوم النكبة وانتفاضة الاقصى ليس كيوم للنقب فحسب بل كيوم لفلسطين، كل فلسطين. كان يوم غضب بحق. ولكن كما يبدو لم يبلغ هذا الغضب ذروته بعد. ولم يتفجر حمما في وجه الغاصب المحتل. ولكن مع هذه الحكومة العنصرية فاننا نسير بخطوات حثيثة نحو هذا الانفجار.
السمة البارزة التي ميزت المواجهات الاخيرة هي الدور المميز للشباب ومقدرتهم على رفض الوصاية مما يؤهلهم مستقبلا تصحيح المسيرة وإجراء التغييرات اللازمة والمضي قدما، بعد تخطي الحدود الوهمية التي تمزق الشعب، حتى انجاز المشروع الوطني الفلسطيني بكافة جوانبه وابعاده
واخيرا وليس آخرا: الحذار ثم الحذار من عزل هذا اليوم عن الامس وعن الغد والاستكانة الى الرضى الذاتي وكأننا قمنا بالواجب وحان وقت العودة للتريث والهدوء ومنح الفرصة لما يسمى بالحلول الدبلوماسية. ما جرى مؤخرا أقرب الى البداية منه إلى النهاية. واهمية النضالات تقاس بعواقبها على المدى البعيد. المهم في هذه المرحلة أن نبقي الطريق السريعة التي وحدت فلسطين من اقصاها الى اقصاها مفتوحة ومزدحمة بحركة الجماهير في الاتجاهيين.

Wednesday, July 10, 2013

وتريات في وضح النهار

 
وتريات في وضح النهار
علي زبيدات سخنين
أعاد المشهد السريالي الذي ساد الساحة المصرية مؤخرا مرة أخرى خلط الاوراق المخلوطة اصلا. ما حدث هل هو انقلاب على الشرعية أم استمرار للثورة وتصحيح لمسارها؟ هن هم الثوار في مصر؟ هل هم الاخوان المسلمون والسلفيون أم إن هؤلاء هم أعداء الثورة؟ وهل يا ترى أصبح الجيش وسلك القضاء وبقايا النظام البائد من أنصار الثورة الجدد؟ أم هم أقطاب ما يسمى بجبهة الانقاذ؟ انقاذ من؟ وماذا؟ وممن؟ لا أحد يدري، ربما كانوا أحوج ما يكون إلى انقاذ أنفسهم من أنفسهم أولا. وتعود إلى ذاكرتي صرخة مظفر النواب: "يا ملك الثوار.. أنا ابكي بالقلب لأن الثورة يزنى فيها.. والقلب تموت أمانيه ..."
لم تكن الثورة المصرية لم استثناءً بل كانت بمثابة التأكيد الاخير على القاعدة: ألم يتم حتى الآن الزنى بجميع الثورات العربية من ثورة المليون شهيد في الجزائر إلى الثورة القلسطينية مرورا بثورات ما يسمى بالربيع العربي؟. سوف تستمر هذه الحالة بل سوف تتفاقم ما دام منطق أنور السادات الذي يقول "ان ٩٩٪ من أوراق اللعبة في يد أمريكا" يستحوذ على عقول الثوار قبل أن يستحوذ على عقول اعداء الثورة. وإلا كيف يفسر لنا الثوار الكتبة المؤامرة الكونية على الوطن العربي والتي تمسك امريكا بكافة خيوطها من وراء المحيط وتحرك شعوب المنطقة كما تشاء عن طريق جهاز التحكم من بعيد؟ حسب منطق ثوار نظرية المؤامرة أمريكا (ومن ورائها اسرائيل وشيوخ النفط) هي التي وضعت نظام حسني مبارك وصانته ثلاثين عاما وهي التي أسقطته، وهي التي أوصلت الاخوان المسلمين الى السلطة وها هي تسقطهم، وهي التي سوف تعين الرئيس الجديد وهي التي تحشد الملايين في ميدان التحرير وغيره من الميادين والمحافظات. ان جريمة الاولى لانصار هذه النظرية هي فقدانهم للثقة بالشعوب المضطهدة وبمقدرتها على النضال التحرري.
نحن في فلسطين آخر من يحق له تقديم النصائح أو انتقاد أي تخبط تنزلق اليه أية ثورة، عربية كانت أم في أي مكان آخر في العالم. فإذا كان السادات يؤمن بأن ٩٩٪ من اوراق اللعبة في يد أمريكا فإن محمود عباس يؤمن بأن امريكا تملك ١٠١٪ من الاوراق على الاقل. المشكلة لا تكمن في السادات أو في بعباس بل تكمن في ادمغتنا جميعا ما دمنا نؤله امريك.ا فهي وراء طفل في درعا يكتب شعارا على جدار مدرسة. وهي التي زودت البوعزيري بالنفط والكبريت وارغمته على اشعال النار ليس في جسده فحسب بل في تونس بأسرها أيضا. وهي التي تملأ ميدان التحرير بالملاين. وهل هي المسؤولة عن التحرش الجنسي الذي يحدث يوميا في هذا الميدان امام كاميرات العالم؟
عذرا مظفر النواب. الثورة في كل مكان كان يزنى بها. ألم يزنى بالثورة الفرنسية العظمى؟ والا كيف تمخضت الثورة التي رفعت شعار الحرية والمساواة والاخوة عن امبراطورية ملأت العالم بالحروبات من نابليون وحتى سراكوزي وهولاند؟ وكيف انتهت الثورة الامريكية التي نقشت على دستورها الديمقراطية وحقوق الانسان الى شرطي عالمي يتمتع بتعذيب الشعوب؟ وماذا حل بثورة اكتوبر العظمى في روسيا التي بشرتنا بعالم يخلو من الطبقات ومن استغلال الانسان لاخية الانسان؟. الثورة أخي مظفر لم يزن بها فحسب بل تم اغتصابها مرارا وتكرارا ونحن خدلناها. سودنا من زنى بها وقبلنا قدمي ويدي من اغتصبها. لا تنمو الثورة ولا تترعرع في ظروف مختبر تؤدي دائما الى الانتصار. لا يوجد هناك حتمية تاريخية. لقد خدعونا لأجيال في هذا الموضوع. التحليل العميق مهما اعتمد على الاساليب العلمية ومهما كان منطقيا لا يكفي للتنبؤ بمسار الثورات وتطورها. لا يوجد هناك تعريف ثابت للثورة وللثوار. لأن الثورة في تطورها قد تصبح ثورة مضادة والثوار قد يغيرون مواقعهم وادوارهم كما تحول عندنا الفدائي الى شرطي أمن. القول بأن الثورة تأكل أبناءها لم يأت من فراغ. التناقضات الداخلية هي أساس تطور كل قضية بما فيها الثورات. التناقضات الخارجية مع كل اهميتها وفى معظم الاوقات تكون ثانوية.
ولكن تبقى الثورات بالرغم من كل ما يعلق بها من غبار وشوائب هي قاطرة التاريخ. وهي وحدها الكفيلة بتمكين شعوبنا أن تلحق بركب الحضارة من جديد. الثورة بحاجة إلى ابنائها لكي يذودوا عنها من اعتداءات الزناة والغاصبين.

Wednesday, July 03, 2013

حاور حوارك لا مفر

 
حاور حوارك لا مفر
علي زبيدات – سخنين
بالنسبة لكبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، الحياة مفاوضات. أما بالنسبة لكبير المحاورين من عرب اسرائيل، سكرتير الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة المحامي أيمن عودة فالحياة حوار. بين مفاوضات ذاك وحوار هذا اختلت البوصلة وضاعت الطريق ومعها كافة خوارطها.
بشرتنا لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في أحد بياناتها الاخيرة بتشكيل لجنة جديدة للاعلام والعلاقات العامة من أجل " الحوار مع الجمهور اليهودي" وأوكلت رئاستها للمحاور الفذ (بجد) أيمن عودة الذي شمر عن ساعدية حالا وملأ صفحتة على الفيسبوك بالترويج للجنة الجديدة التي فصلت على مقاساته تماما. لم يترك أيمن عودة أحدا إلا وجنده من أجل تسويق هذه اللجنة فبدأ بإقتباس لمحمود درويش الذي قال: "خير للضحية أن تعلم جلادها من أن تتعلم منه". ثم انتقل الى المسيح الذي قال: "لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى". ثم ألم يحاور عمر المختار المحتلين الطليان؟ وألم يحاور نيلسون مانديلا نظام الابرتهايد في بلاده؟ ولكي يغلق كافة الابواب والشبابيك التي قد يتسرب منها نقد لمنصبه الجديد ابتدع شعارا جديدا جاعلا منه عنوانا للجنته الجديدة يقول: "حوار لا يرافقه نضال لا طائل منه، وكل حوار لا يعتمد على العدل والكرامة لا يعول عليه". ومن حيث يدري أو لا يدري لخص أيمن عودة تصوره لعمل هذه اللجنة فلا طائل من الحوار عندما يصبح هو النضال ولا يعول عليه لانه بالضرورة لا يعتمد على العدل والكرامة.
كلمة حوار القديمة منذ أيام سقراط وافلاطون أصبحت في السنوات الاخيرة كلمة سحرية، مثلها مثل كلمة سحرية أخرى من تلك الايام الغابرة "الديمقراطية" التي تحاول امريكا فرضها على شعوب العالم بكافة الطرق غير الديمقراطية. هل هناك انسان عاقل يستطيع أن يعترض على كلمة حوار؟ فهناك حوار الاديان وحوار الثقافات والحوار الوطني. إذن ما المانع وما الضرر من الحوار مع "الآخر" ، مع الجمهور اليهودي؟
واضح أن القضية ليست قضية حوار أو لا حوار، تماما كما هو واضح أن القضية ليست مفاوضات أو لا مفاوضات. بل القضية هي هذا الشكل الملموس من الحوار وهذا الشكل الملموس من المفاوضات. ولا يستطيع كافة الانبياء والقديسين والمفكرين والمناضلين الذين تم تجنيدهم واقتباسهم والذين لم يتم تجنيدهم واقتباسهم بعد أن يخفي جوهر القضية. وهو أن وراء الاكمة ما وراؤها، وأن وراء الحوار المطروح تكمن اجندة سياسية معروفة جيدا لجماهير شعبنا. فما هذاالاستغباء والاستهتار بعقول جماهيرنا؟ وهل من باب الصدفة تم تشكيل مثل هذه اللجنة في مثل هذا الوقت بالذات واسناد رئاستها الى سكرتير عام حزب يعرف نفسه بأنه " الاطار اليهودي العربي الوحيد في البلاد" بخلاف كافة الاحزاب القومية والدينية اليهودية والعربية وان ضمت في صفوفها يهودا وعربا بنسب متفاوتة ولكنها لا تعرف نفسها كإطار يهودي عربي. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ألا يأتي هذا الحوار لكي يخدم توجه "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة" السياسي حول "التعايش المشترك" والتعاون مع "القوى الديمقراطية اليهودية"؟ كان من الاحرى ومن الانفع أن تتبادر لجنة المتابعة إلى تشكيل لجنة للحوار مع مركباتها حيث تكاد أن تكون لغة الحوار فيما بينها معطلة تماما. أو لجنة للحوار مع الجمهور العربي التي تدعي اللجنة بأنها تمثلها.
كما يقول مثلنا الشعبي: لقد "طلع على السنتنا شعر" من كثرة الحوار. ماذا فعلنا أصلا من عام النكبة وحتى اليوم غير الحوار؟ تماما كما أن ارجلنا قد كلت ولم تعد تحملنا ونحن نركض وراء مفاوضات عبثية. للأسف الشديد، الحياة ليست مفاوضات كما انها ليست حوار. الحياة معاناة ونضال وتضحية ومقاومة وآمال خائبة واحلام مصادرة وحقوق مهضومة وألف شي وشيء آخر. الشعارات حول الحوار الذي يرافقه نضال، والحوار الذي يعتمد على العدل والكرامة يفتقد إلى نسبة كبيرة من المصداقية. طبعا، من حق أيمن عودة ومن حق غيره أن يحاور من يشاء متى يشاء وحول أي موضوع يشاء ولكن في اطار حزبه اليهودي العربي وبتفويض من هذا الحزب أو من غير تفويض. ولكن لا أظن أنه يحق له الحوار باسم الجماهير العربية التي لم تفوضه بذلك، كما لا أظن أن لجنة المتابعة بشكلها الحالي تمتلك هذا الحق. حسب رأيي كان أيمن عودة مناسبا أكثر في منصبه السابق كرئيس للجنة مناهضة الخدمة المدنية. ولكن من أنا لكي اعترض على التعينات في لجنة المتابعة؟