عدنا
إلى المفاوضات والعود أحمد
على
زبيدات – سخنين
في
الحقيقة لا استغرب عودة سلطة أوسلو الى
المفاوضات مع اسرائيل برعاية امريكية
بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات.
بل استغرب كيف طال
هذا الانقطاع كل هذه الفترة.
بالرغم من انه لم
يكن هناك انقطاع بكل معنى الكلمة فاللقاءات
المتبادلة استمرت بشكل أو بآخر، وعملية
جس النبض لم تتوقف ابدا والاستجداءات
الفلسطينية لتجديدها بشكل رسمي هي الاخرى
لم تتوقف. فلم
يترك رجال السلطة بابا إلا وطرقوه ولم
يتركوا مسؤولا غربيا إلا وطلبوا وساطته.
وفي الحقيقة ايضا
ليس فقط إني لا استغرب هذه العودة بل ولا
استنكرها أيضا، كما يتزاحم على استنكارها
جميع التنظيمات والاحزاب المحسوبة على
المعسكر الوطني من حماس والجبهة الشعبية
لتحرير فلسطين وحتى حزب الشعب والتجمع
الوطني الديموقراطي مرورا بباقي الجهات
التي يصعب حصر عددها ويستحيل لمس وزنها
عمليا.
ماذا
تريدون من الرجل؟ وبالرجل أعني رئيس
السلطة "الوطنية"
الفلسطينية، رئيس
منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس حركة
فتح كبرى الفصائل الفلسطينية السيد محمود
عباس. لقد
صرح منذ وقت طويل مرارا وتكرارا، للقاصي
وللداني، لكل من له أذنان ويريد أن يسمع،
للفلسطيني وللعربي قبل الاسرائيلي
والامريكي إنه ما دام رئيسا لهذه السلطة
لن يكون هناك سوى مفاوضات وسوى مزيد من
المفاوضات. واذا
فشلت المفاوضات في مرحلة معينة ومهما
كانت الاسباب فهناك فرصة ثانية وثالثة
ورابعة...وكم
مرة صرح يجب أن تشطبوا كلمة انتفاضة من
قواميسكم، وإذا ما تجرأ أحد وذكر أمامه
كلمة كفاح مسلح فأراهن بأنه سوف يغمى
عليه. إذن
ما الغريب في عودتة الان الى المفاوضات؟
لإن إسرائيل لم تعده بوقف الاستيطان؟
الرجل يكفيه تعهد امريكا بالعمل على
اقناع الحكومة الاسرائيلية بتقليص
الاستيطان.أم
لأن اسرائيل لم توافق على أن تكون المفاوضات
على اساس حدود ١٩٦٧؟ يكفيه ان امريكا
واوروبا قد وافقتا على ذلك.
ولكني
في الحقيقة استغرب كل الاستغراب المواقف
الباهتة لجميع المعارضين الذين سارعوا
في اصدار استنكاراتهم الروتينية والمملة
والتي يستلونها من جواريرهم كلما تجددت
المفاوضات الخالية من أي شيء جديد ومن ثم
يعودون الى سباتهم وصمتهم بعد أن أدوا
واجب الاستنكار. تقول
الجبهة الشعبية والتي تعتبر نفسها أكبر
وأكثر فصيل جذري على الساحة الفلسطينية
في بيانها الاستنكاري:
"العودة الى
المفاوضات بعيدا عن اطار الامم المتحدة
وقراراتها ذات الصلة بمثابة انتحار سياسي
يطلق يد الاحتلال وحكومة غلاة التطرف
والاستيطان لاقتراف افظع الجرائم بحق
الانسان الفلسطيني وارضه ومقدساته"
وهل تظن الجبهة
بأن الانتحار السياسي سوف يقفز عنها ما
دامت متمسكة بسلطة أوسلو بالرغم من كل
انتقادتها لها؟ وبأي عين تستنكر حماس
العودة الى المفاوضات في ظل الهدنة طويلة
الامد التي تلتزم بها؟
في
هذه السنوات الثلاثة التي توقفت بها
المفاوضات رسميا، احداث خطيرة عصفت
بالمنطقة قلبت عاليها اسفلها:
في مصر تمت الاطاحة
برئيسين من خلال ثورتين، سوريا تم تدميرها
من قبل النظام وحلفائه والمعارضة وحلفائها،
التفجيرات في بغداد لا تتوقف وكأن الشعب
العراقي بات يعيش وسط حقل الغام يمتد على
طول البلاد وعرضها. الارض
تهتز في تركيا وتبشر بقرب انفجار بركان
رهيب. إلا
في فلسطين لا جديد تحت الشمس.
لم يتغير شيء حتى
اسماء المفاوضين : محمود
عباس، صائب عريقات، ياسر عبد ربه، نبيل
ابو ردينة وباقي الشلة.
امريكا غيرت رئيس،
أوروبا غيرت رؤساء وحتى ملوك بالجملة،
اسرائيل غيرت حكومة أما نحن فقد عجزنا عن
تغيير حتى مفاوض فاشل واحد يتفاوض باسمنا
منذ عشرين عاما. أليست
هذه مأساة؟
المفاوضات
عبثية. يا
له من اكتشاف خطير. مواجهة
هذه المفاوضات العبثية بالشكل الراهن هي
الأشد عبثية وبما لا يقاس.
ولنكن صريحين:
لو لم تكن هناك
سلطة برئاسة محمود عباس وحاشيته لقام
معظم هؤلاء المعارضين بخلقها.
وإلا فمن الذي
سيدفع المخصصات؟!. لا
يمكن أن تأكل من الكعكة وتبقيها في الوقت
نفسه سالمة، كما لا يمكن أن تأكل من الكعكة
وتبصق عليها في الوقت نفسه.
شعار
المرحلة القادمة على المستوى الوطني
الفلسطيني ليس اسقاط المفاوضات العبثية
بل اسقاط سلطة أوسلو السوبر عبثية.
No comments:
Post a Comment