Friday, November 29, 2019

كذبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني

كذبة يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني
قد يتساءل البعض: هل يوجد هناك رجل عاقل يرفض التضامن "العالمي" مع شعبه ومع قضيته العادلة خصوصا حينما يخوض هذا الشعب نضالا مريرا ضد قوى عاتية لا قدرة لديه على مواجهتها وحيدا؟ جوابي هو: نعم يوجد. أنا ضد هذا التضامن عندما يكون كذبة بل أكثر من ذلك عندما يكون قناعا لتصفية هذه القضية العادلة.
كنت في عام 1977 أسيرا سياسيا في سجن الرملة المركزي عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار 32/40 بالاعلان عن يوم ال29 من نوفمبر/تشرين الثاني كيوم عالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. كنا نستعد كعادتنا في سنوات سابقة لإحياء ذكرى قرار 181 المشؤوم الصادر عن المؤسسة ذاتها لتقسيم فلسطين. أذكر أنني فكرت كثيرا في هذا التحول المفاجئ: هل جاء اختيار هذا التاريخ بالذات من باب الصدفة؟  وإذا كانت النوايا حسنة فلماذا لم يتم إختيار تاريخ آخر. وقد ناقشت شكوكي هذه مع بعض أصدقاء السجن، ولكن كما يبدو كان الوقت متأخرا  فقد جاءت تعليمات قيادة فصائل منظمة التحرير للاحتفال بهذا اليوم على أنه يوم تضامن عالمي وليس كذكرى لقرار مجحف. وقد صور الأمر وكأنه انجاز بل انتصار فلسطيني تاريخي على الساحة الدولية. كان أكثر المتحمسين لهذا التحول الأسرى من حركة فتح والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وبشكل أقل باقي التنظيمات والاسرى المستقلين. واذكر أن حديثا دار بيني وبين رفيق من الجبهة الشعبية حول هذا الموضوع وكان جوابه في النهاية: يا رفيقي ما المانع أن نحيي ذكرى التقسيم ونحتفل بيوم التضامن في آن واحد؟! كانت الجبهة الشعبية في ذلك الوقت تتزعم جبهة الرفض على الساحة الفلسطينية ومن ثم انضمت لبعض الانظمة العربية مشكلة جبهة الصمود والتصدي التي عارضت خطوات السادات التي افضت الى اتفاقيات كامب ديفيد. ولكن، حسب رأيي، لم تستطع الجبهة الشعبية الربط بين قرار الأمم المتحدة المشبوه حول يوم التضامن العالمي وبين تطورات الحلول التصفوية التي قادها السادات.
لنعود الى الساحة الفلسطينية: لم يأت هذا اليوم من فراغ ولم ينزل دفعة واحدة من السماء. تعود البداية (الرسمية) إلى قرارت المجلس الوطني في دورته الثانية عام 1974 والتي تعرف بالبرنامج المرحلي أو النقاط العشر وطرح شعار "السلطة الوطنية". جاء هذا التحول في أعقاب "الانتصار" في حرب أكتوبر 1973 والذي فتح الباب على مصراعيه للتوصل إلى تسوية سلمية مع إسرائيل حيث هرول "المنتصرون" إلى مؤتمر جنيف الذي صممه هنري كيسنجر.  وقد جلس ياسر عرفات ينتظر الدعوة للحاق بهذا المؤتمر تلك الدعوة التي لم تصل ابدا، وخرج النظام السوري من المؤتمر بلا حمص بعد تعنت الجانب الاسرائيلي ولم يبق في الميدان سوى أنور السادات الذي فضل الانتقال من جنيف إلى كامب ديفيد. 
نتائج التسوية على الساحة الفلسطينية فشلت مؤقتا ولكن نهج التسوية حافظ على استمراريته وتطوره حتى بلغ غايته بعد عقد من الزمن في اتفاقيات أوسلو. جاء قرار يوم التضامن العالمي أولا وقبل كل شيء دعما مباشرا لزيارة السادات إلى الكيان الصهيوني وخطابه في الكنيست وتقديم قطعة صغيرة من الحلوى صغيرة لزعامة منظمة التحرير كرشوة لتخفيف معارضتها لخطوات السادات. وقد حققت بذلك نجاحا كبيرا، فليس من باب الصدفة أن يكون ياسر عرفات متواجدا في البرلمان المصري عندما أعلن السادات عن نيته في زيارة القدس المحتلة. وحتى بعدما انضمت منظمة التحرير رسميا لجبهة الصمود والتصدي فقد كان انضمامها شكليا وعلى أي حال فقد انهارت هذه الجبهة بعد سنتين من قيامها.
الهدف الآخر من هذا القرار كان موجها للجماهير الفلسطينية وكانت الرسالة واضحة بأن انسوا قرار التقسيم وأنه لم يبق أمامكم سوى الانضمام لمن هللوا للتقسيم منذ صدوره والتهوا  واستمتعوا بيوم التضامن العالمي.
  بعد مرور 42 عاما على قرار الأمم المتحدة من حقنا أن نسأل: أين هو التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني؟ وماذا حقق أكثر من رفع العلم الفلسطيني على بناية الأمم المتحدة في نيويورك؟
هذا اليوم كان وسيبقى وصمة عار على جبين الأمم المتحدة ويوم ذكرى لأحد بشع القرارات في التاريخ الحديث، قرار تقسيم فلسطين الذي منح عمليا كلا القسمين للكيان الصهيوني.

Tuesday, September 03, 2019

الكبار يلعبون والصغار يصفقون

الكبار يلعبون والصغار يصفقون

لعل والغوغائية التي رافقت وتلت المواجهة الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل وما انبثق عنها من لغط وهرج ومرج كانت أهم من المواجهة نفسها. خرج أنصار حزب الله ومعسكر "المقاومة" من جلودهم فرحا وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها. فهذه العملية قلبت موازين القوى راسا على عقب وشطبت كافة الخطوط الحمراء وكأنها الخطوة الأولى في مسيرة أل200كم (المسافة بين حدود لبنان والقدس). أما معارضو هذا المعسكر، الذين نطق بإسمهم وزير الخارجية البحريني، فقد أدانوا العملية "خوفا" على الشعب اللبناني والدولة اللبنانية ولكن في الحقيقة دعموا حليفهم الإسرائيلي. وكالعادة حاول "الممانعون" زج كافة المواقف في إحدى الزاويتين: إذا لم تكن مع "المقاومة" فأنت حتما مع إسرائيل والرجعيين العرب. وقد سارع أحد المتفذلكين على الفيسبوك الذي يعرف موقفي جيدا من حزب الله وحلفائه ومن إسرائيل وحلفائها مستفزا بسؤاله: هل أنت مع المقاومة أم مع خالد بن أحمد آل خليفة؟ وبما أني كنت مشغولا في حينه في أمر خاص (فحوصات في المستشفى) أجبته محاولا التخلص منه، بأن كل هذه الهيزعة ليست سوى مسرحية. الأمر الذي إستشاطه غضبا وتهجما. وبعدما إزداد الحاحا وعدته بالرد المفصل عندما أجد الوقت لذلك. بالرغم من معرفتي لهذا الشخص بأنه غير قادر على قراءة المقالات المفصلة لطولها ويكتفي بالتعليقات المستفزة على المنشورات القصيرة. لذلك أرى بجوابي هذا غير موجه لشخص بعينه بل لكل من يقرأ المقالات الهادفة ويناقشها بشكل موضوعي.
قال شكسبير قبل اربعة قرون:" الدنيا مسرح كبير وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون على هذا المسرح". وقد تقبل هذه المقولة العديد من المثقفين بغض النظر عن تياراتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية المتناقضة. المسرحية بحد ذاتها ليست مصطلحا ايجابيا أو سلبيا. أنا، وربما كان هناك غيري الكثيرون، لم أتقبل هذه المقولة المبهمة من غير نقد وتمحيص. شكسبير لم يتطرق الى الدور الذي يلعبه الممثلون (كل الرجال وكل النساء). هل هو دور إرتجالي أم يوجد هناك سيناريو، نص مسبق؟ وإن وجد فمن الكاتب يا ترى؟ ومن هو المخرج والمنتج لهذه المسرحية الكونية؟ وطبعا بعد مرور أربعة قرون غزت التكنولوجيا من بين ما غزته المسرح، فهناك المسؤول عن المؤثرات الصوتية والضوئية والملابس والمكياج والتي من شأنها أن تقلب المسرحية رأسا على عقب. وكيف يتعامل هذا المسرح الكوني مع أدوار البطولة والكومبارس.
لنقل أن مقولة شكسبير هذه في أحسن حالاتها مقولة إشكالية. على كل حال، لنعود هنا إلى المواجهة الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل: تعريف المسرحية هنا اقتصر على بعد واحد فقط. حسب هذا التعريف المسرحية هي حكاية ملفقة، كاذبة هدفها خداع الناس. والممثل القدير هو الذي يقوم بدوره بشكل جيد ومقنع. من هنا أشد ما يغيظ "معسكر المقاومة" أن تصف هذه المواجهة وكأنها مسرحية. بينما تستطيع بل يجب أن تصف وبكل حرية محاولة إسرائيل نفي تكبدها خسائر بشرية بالمسرحية الفاشلة.
للتذكير فقط: موقفي من حزب الله مبني على ثلاث نقاط أساسية قلتها في الماضي بشكل علني وها أنا أعيد ذكرها الآن غير عابئ بما قد تثيره من خلاف عند أقرب الأصدقاء.
 أولا: تدخلة الدموي لقمع تطلعات الشعب السوري للحرية والكرامة بحجة محاربة التنظيمات الإرهابية والتكفيرية ودعم النظام السوري "الممانع".
ثانيا: ايديولوجية وتركيبة الحزب الطائفية. لا يمكن لحزب طائفي مهما كان أن يمتلك رؤيا تقدمية أو أفق ثوري.
ثالثا: تجيير القضية الفلسطينية لمصالح إقليمية وطائفية .ومواجهة العدو الصهيوني من هذا المنطلق.
تحليلي الشخصي لما حدث إنها بالفعل مسرحية، مسرحية على صعيد دولي يلعب بها الكبار أدوار البطولة ويقوم الصغار (الكومبارس) بالتصفيق. من الواضح للجميع أن الهدف الوحيد لرئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو في الانتخابات السابقة والحالية على حد سواء هو البقاء على قيد الحياة ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على الصعيد الشخصي أيضا  لكي لا يدخل السجن لسنوات طويلة. فهو من أجل ذلك مستعد أن يعمل كل يستطيعه وكل ما يتفتق به تفكيره. في الانتخابات السابقة تلقى دعما غير محدود من قبل دونالد ترامب بنقل السفارة الامريكية إلى القدس، الاعتراف بضم الجولان وحق إسرائيل بضم مستوطنات الضفة. ومن جهته قدم بوتين هدايا ثمينة لصديقه نتنياهو بإعادة جثمان الجندي المفقود زخاريا باومل بعد 39سنة وقبلها إعادة الدبابة الاسرائيلية التي فقدت في نفس المعركة، وساعة ايلي كوهن، وإطلاق أيدي الطيران الاسرائيلي لكي يقصف سوريا من غير أن يحرك ساكنا، حتى بعد أن سببت إحدى هذه الغارات اسقاط طائرة روسية ومقتل طاقمها. ولم تقصر السعودية ودول الخليج بتقديم شتى المساعدات لاعادة انتخاب نتنياهو. ولكن كل هذه المساعدات لم تكن كافية لكي يحقق نتنياهو انتصارا في ساحة الانتخابات.
 اليوم تتجند كل هذه الاطراف مجتمعة وكل على حدة للقيام بمحاولات جديدة ومبتكرة تضمن بقاء نتنياهو . فمن المتوقع أن يقوم ترامب بخطوة جديدة غير مسبوقة مثل الإعلان عن معاهدة دفاع مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل. أما روسيا (حليف المقاومة) فانها تلعب دورا أشد قذارة من الموقف الأمريكي.
هكذا ينتج لنا مسرح اللامعقول السائد حاليا مسرحية سريالية بالغة التعقيد إلى درجة عدم تصديقها. لا أحد يدرك تفاصيل مشاهدها لأنها تحاك في الظلمات، ولكن التفكير العميق والتحليل المنطقي قد يلقي الضوء على بعض خيوطها. يعلم نتنياهو أن تصعيد الصراع مع إيران يعود عليه بمزيد من الاصوات الصهيونية، ولكنه يعلم أيضا أنه لا يستطيع التصعيد اللامحدود والوقوع في ورطة حرب ليس مستعدا لها ولا يعرف عواقبها. فهو يصعد من جهة و يفرمل قبل الوصول إلى مرحلة الانفجار من جهة أخرى. هكذا ضرب في العراق وسوريا ولبنان خلال اسبوع واحد، في الوقت نفسه أعلن ترامب عن استعداده لمقابلة روحاني لمناقشة ملفها النووي. بينما كانت مهمة الصديق الآخر بوتين أن يطمئن ايران وحزب الله بأن اسرائيل غير معنية بحرب واسعة، و كبادرة حسن نية ألغى الجيش الإسرائيلي مناورات واسعة كان سيقوم بها على الجبهة الشمالية.
 في ظل هذه الأجواء حصلت المواجهة الاخيرة بين حزب الله وإسرائيل. مما أتاح للأول أن يتباهى بالنصر الإلهي وأتاح للثاني أن يتبجح بمواجهة الخطر على الأمن القومي من غير وقوع خسائر بشرية في صفوف الجنود الإسرائيليين. مسرحية سريالية مع نهاية سعيدة (happy end).
وأخيرا، في ظل هذا الزمن التعيس وبغض النظر عن المسرح والمسرحيات والممثلين والأدوار والرسائل والغايات غيرها وغيرها.. يحق للشعوب العربية (بتنظيماتها وأفرادها مهما بلغت من انتهازية ) أن تدافع عن نفسها ضد كل إستعمار وضد كل استبداد. 

Saturday, August 10, 2019

قصة واقعية من الخيال

قصة واقعية من الخيال
بما أنني رجل شرقي ذو خيال جامح وواسع ساقص عليكم ماذا سيجري في يوم الانتخابات واليوم الذي يليه. نعم، سوف نهرول إلى صناديق الاقتراع بإلوفنا المؤلفة وسوف تنقلنا الحافلات الممولة من قبل المنظمات اليسارية (اليهودية) ليس نكاية في نتنياهو فحسب بل تحقيقا لحلم القائمة المشتركة أيضا. سوف تصل نسبة مشاركتنا إلى 99.9% وهذه النسبة ليست مستحيلة وليست غريبة علينا فقد حققناها في انتخابات العديد من الدول العربية وحتى في بعض مجالسنا المحلية. سوف تخرج القائمة المشتركة من ثيابها فرحا، لهول هذه المفاجأة إذ كان طموحها يقف عند رفع النسبة إلى 70%. وبما أن عدد الناخبين العرب (مع الجولان والقدس الشرقية الذين سوف يقفون وقفة رجل واحد لنصرة أخوانهم على الطرف الآخر) يصل إلى حوالي 900.000 ناخب سوف يدلون باصواتهم عن بكرة أبيهم وستكون كل هذه الأصوات صحيحة، سيصل عدد النواب العرب في الكنيست إلى 24 عضوا. لا تنسوا أن طموحات القائمة المشتركة حتى في أحلام يقظتها لا تتجاوز 15-17 نائبا. لن يخرج صوت عربي واحد خارج المشتركة حتى الذين رشحوا انفسهم ضمن أحزاب صهيونية سيضعون في اللحظة الاخيرة ورقة القائمة المشتركة. وهكذا كانت النتائج جنونية لا تصدق حيث تساوت القائمة المشتركة مع القائمتين المركزيتين في الوسط اليهودي.
في اليوم التالي سمع صوت نتنياهو يصرخ ويولول في شوارع تل أبيب:
 أيها الخون لقد أسقطوني بأصوات العرب، اخجلوا من انفسكم.
وفي الوقت نفسه سمع غانتس ولبيد على يمينه ويعلون على يساره يقول:
 لن ندخل في ائتلاف حكومي مع النواب العرب مهما كانت الظروف ومهما كان الثمن.
ومن خلفهم وقف براك وحوله فلول اليسار الصهيوني قائلا:
 لسنا بحاجة لأي نائب عربي.
وما هي إلا لحظات حتى تعانق الجميع وهم يهتفون: حكومة وحدة وطنية، حكومة وحدة وطنية. 
خرجت باقي الاحزاب الصهيونية الصغيرة وانضمت إلى باقي الاحزاب تقف خلف قادتها والجميع يرقصون وينشدون: "هني ما طوف وما نعيم لشفت أحيم جم ياحد" (كم جيد وكم لطيف أن نجلس إخوانا ومع بعض)
خيال؟! صحيح. ولكن الحقيقة أبعد من الخيال. وكما يقول العندليب الاسمر: لا شفتها عين ولا خطرت ببال.

Tuesday, July 30, 2019

من أنتم؟ ومن نحن؟

 من أنتم؟ ومن نحن؟
من غير اتهامات بالمزاودة، التطرف، العدمية وعشرات التهم الجاهزة من هذا القبيل، لندع الحقائق تتكلم:
لندع قانون الأحزاب الإسرائيلي لعام 1992 يتكلم:
" סייגים לרישום מפלגה (תיקון מס" 12)
5. לא תירשם מפלגה אם יש במורה ממטרותיה או במעשיה, במפורש או במשתמע, אחת מאלה:
שלילת קיומה של מדינת ישראל כמדינה יהודית ודמוקרטית.
הסתה לגזענות.
     (2א) תמיכה במאבק מזוין, של מדינת אויב או של ארגון טרור, נגד מדינת ישראל.
     (3) יסוד סביר למסקנה כי המפלגה תשמש מסווה לפעולות בלתי חוקיות".
ولمن يحتاج إلى ترجمة للعربية:
"قيود على تسجيل حزب (تصحيح رقم 12)
المادة 5. لا يسجل حزب إذا كان هدف من أهدافه أو أعماله،صراحة أو ضمنا، واحدا مما يلي:
نفي وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية.
التحريض على العنصرية
     (2أ)  دعم الكفاح المسلح لدولة عدو أو تنظيم إرهابي ضد دولة إسرائيل.
     (3) أساس معقول للاستنتاج بأن الحزب سوف يستخدم للتستر على أعمال غير قانونية"
أظن القانون واضح وصريح ولا مجال لأي تأويل. حسب هذا القانون، مركبات القائمة المشتركة الاربعة وبالإسم: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، الحركة الاسلامية، الحركة العربية للتغيير، التجمع الوطني الديمقراطي هي أحزاب إسرائيلية تقر بأن دولة إسرائيل هي دولة "يهودية ديمقراطية". وكل ما تسمعوه غير ذلك ليس سوى ديماغوجية وكذب وخداع.
 انسوا: لا يوجد هناك أحزاب تريد اشتراكية أو علمانية أو خلافة اسلامية أو وحدة قومية.
 الاحزاب العربية هي أحزاب إسرائيلية، وهذه حقيقة لا تقبل الجدل، ولكن الكارثة أن جماهيرها، وهي الاخرى حقيقة لا تقبل الجدل، فلسطينية حتى النخاع.
إنتخابات الكنيست عملية أسرلة. نقطة.



Sunday, July 21, 2019

حزب جديد بحلة قديمة

حزب جديد بحلة قديمة
وربما الاصح: حزب مجدد بحلة مجددة، وذلك لكي اكون اكثر تفاؤلا.
هذا هو حال حزب الوحدة الشعبية كما أعلن عنه بالامس من خلال مؤتمره الأول في شفاعمرو. بعد أن أسدلت لجنة الوفاق الستار على مسرحية القائمة المشتركة، جاء هذا الحزب لكي يملأ الفراغ وفي الوقت ذاته لكي يطرح نفسه بديلا وشريكا ومنافسا لاحزاب القائمة المفككة. دعونا نتجاوز للحظة الشعارات البراقة المشتركة لكافة الاحزاب والتي ترددها بكلمات وصيغ مختلفة حول الاهتمام بجيل الشباب، رفع مكانة المرأة، ومكافحة العنف، إسقاط اليمين وتحقيق المساواة المدنية و لندخل في صلب الموضوع.
في الحقيقة نادرا ما قرأت هذا الكم الهائل من المغالطات والتناقضات في خطاب البروفيسور بالعلوم السياسية خصوصا وأن هذا الخطاب جاء في مؤتمر للإعلان عن ولادة حزب جديد.
افتتح اسعد غانم خطابه على الطريقة العرفاتية: باسم شعب الجبارين الذي لم يهزم أبدا..
عفوا، قليلا من التواضع لن يضر أحدا، من الذي فوضك بأن تتكلم باسم الشعب وما زلت في الخطوة الاولى في طريقك الحزبي أليس من الاوجب أن تنتظر حتى يمنحك الشعب شرف هذا التفويض؟ ومن قال لك أصلا اننا شعب الجبارين؟ نحن لسنا سوى شعب كباقي الشعوب يضم في طياته الجبارين والمتخاذلين، والجميع يعلم أن معظم الجبارين من شعبنا أما أن يكونوا شهداء تحت الارض واما اسرى فوقها واكثر الاحتمالات أن يكون مصير الباقين من جباري هذا الشعب مشروع شهادة أو أسر. لا أحسبني اتجنى على احد اذا قلت أن الاحزاب عندما تتكلم عن الشعب تقصد المتخاذلين منه وليس الجبارين. 
الذي لم يهزم أبدا؟؟!! وهل تسمي ما جرى لنا منذ عام النكبة وحتى اليوم انتصارات؟ هل أكفر عندما اقول: نحن شعب لم ينتصر ابدا؟؟!!وأننا في انتظار أول انتصار على أحر من الجمر؟ لقد قرأت كثيرا عن شعار:" إزالة آثار النكبة" ولكني لأول مرة اسمع شعار "ترميم آثار النكبة" لا أدري ما تقصده بالضبط وانتظر أن تشرح لنا كيفية ترميم آثار النكبة، ربما تستحق حق الملكية الفكرية على ابداع مثل هذا المصطلح الفريد من نوعه.  
لقد كشف مؤسس وزعيم الحزب الجديد عن وجهه الفتحاوي (جناح ياسر عرفات!) في نقطتين أساسيتين وردتا في خطابه. الاولى عندما قال: "في حزبنا لا يوجد يمين أو يسار، علماني أو متدين بل نحن حزب الوحدة الشعبية" هذا ما كان يردده ياسر عرفات عن حركة فتح قبل وبعد استيلائها على منظمة التحرير بقوله: لا يمين ولا يسار في حركة التحرر الوطني الفلسطيني فالجميع ضحايا الحركة الصهيونية. ولكن الحقيقة الساطعة ولم يكن بالإمكان طمسها بمثل هذا الكلام شكل تبريرا مكشوفا لسيطرة اليمين على الحركة الوطنية الفلسطينية.
النقطة الثانية "العرفاتية" التي ذكرها اسعد غانم في خطابه هي كذبة استقلالية القرار الفلسطيني. هذا الشعار الذي طالما استخدمه عرفات لتبرير هيمنته واحتكاره لزعامة حركة التحرر الوطني الفلسطيني والتي وقعت في فخها باقي التنظيمات الفلسطينية اليسارية واليمينية. هذه الاستقلالية المزعومة كان يضرب بها عرض الحائط عندما كانت تلتقي او تتقاطع مع مصالح هذه الفئة المتنفذة، مثل التماهي مع الحلول التصفوية التي كانت تطرح من حين لأخر، مؤتمر جنيف في أعقاب حرب تشرين 1973، لاعتراف بقرار 242 تمهيدا لفتح الحوار المباشر مع أمريكا واسرائيل، مؤتمر مدريد ومن ثم اتفاقيات أوسلو حتى تم التنازل عنها نهائيا بعد إقامة سلطة رام الله. أما استقلالية الحزب الجديد فإنها تعني رفض تدخل دول الخليج والسلطة الفلسطينية في سياسة الحزب ولكنها كما صرح رئيس الحزب صراحة لا تعني الائتلاف مع أحزاب دينية صهيونية تريد فرض شريعتها على تل أبيب مقابل الاعتراف بالقرى غير المعترف بها في النقب. اين الاستقلالية بربط الاعتراف بهذه القرى بمثل هذا الائتلاف المعيب مع الأحزاب الصهيونية الدينية. أين الاستقلالية بأن تلعب دور الجسم المانع؟ عندما يكون المقصود بيع هذا الجسم مقابل ثمن بخس. الأمر الوحيد الذي يشوش هذا الظهور "العرفاتي" هو تواجد ضيف الشرف ساري نسيبة الذي تخلى علنا عن حق العودة ووصفه بالوهم.
لعل أخطر تناقض تضمنه خطاب اسعد غانم هو التلويح بالمقارنة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكنيست الصهيوني. لا أدري ماذا قصد اسعد غانم بالضبط عندما قال يجب أن نشارك في انتخابات منظمة التحرير الفلسطينية وهو يعرف تمام المعرفة أن هذه المنظمة حتى في عصرها الذهبي لم تعرف أي شكل من أشكال الانتخابات. وهو يعلم تماما ما هي حالة منظمة التحرير الحالية والتي تشبه حالة الموت السريري. لا اذكر انني قرأت شيئا كتبه اسعد غانم، وأنا أعتبر نفسي متابعا لما ينشره، يتناول ما آلت إليه منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة وكيفية إعادة بنائها.
لنعود إلى نقطة البداية، يدعي مؤسس حزب الوحدة الشعبية أن أهم ما يميز هذا الحزب عن الاحزاب الاخرى المنهارة هو امتلاكه لبرنامج عمل سيتم نشره قريبا جدا لان هذا البرنامج مكتوب ولا يحتاج سوى لجمعه، طباعته وتوزيعه. وهذا البرنامج ليس وليد اللحظة بل تراكم من ايام التصور المستقبلي الذي أعلن عنه قبل 12 سنة تحت رعاية اللجنة القطرية للمجالس المحلية العربية ولجنة المتابعة حيث لعب اسعد غانم دورا مركزيا في صياغته خلال عام من النقاش والبحث وحتى يومنا هذا. هذا التصور الذي أكل الدهر عليه وشرب، متاح للجميع ويمكن العودة لمراجعته وقد كتبت في حينة عدة مقالات نقدية عنه، لذلك لا مجال للخوض به مجددا يكفي أن أذكر هنا انه تصور ذو أفق ضيق ينطلق من كوننا اقلية نستجدي بعض المطالب المدنية من دولة الأكثرية باستخدام بعض المصطلحات الديكورية التجميلية مثل: أقلية اصلا نية، إدارة دينية وثقافية ذاتية، الخ..
أما باقي المطالب فقد سمعناها منذ زمن طويل من أحزاب ومؤسسات وأفراد آخرين مثل انتخاب لجنة المتابعة، إقامة صندوق وطني، التأثير على متخذي القرارات، والمشاركة الفعلية في السياسة الإسرائيلية.
 أهذه هي "المواطنة الثورية الجذرية" التي يقبلها البروفيسور ويدعو إليها؟        

Wednesday, April 03, 2019

مقاطعة انتخابات الكنيست - الجولة الاخيرة

مقاطعة إنتخابات الكنيست - الجولة الاخيرة
علي زبيدات - سخنين
دعونا نضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالانتخابات للكنيست الصهيوني، بعيدا عن الدعايات الانتخابية خصوصا وأن معظمنا يعرف ما تحتويه هذه الدعاية من فقدان للمصداقية والافتقار للثقة إلى جانب كم هائل من الكذب المكشوف وتشويه الحقائق وبكل جرأة وصراحة. السؤال الذي يطرح نفسه مرارا وتكرارا وفي كل حملة انتخابية بزخم متجدد هو: ما هو الموقف الوطني الصحيح: المشاركة في انتخابات الكنيست أم مقاطعتها؟
دعونا نتفق هنا أولا على أن الصراع بين معسكر المشاركة وبين المعسكر الذي يدعو للمقاطعة ليس وهميا وليس من باب الترف السياسي أو الفكري بل نابع من صلب الصراع المستمر على الارض منذ أكثر من قرن، أي أن خلفياته تتعدى وتتجاوز الموقف من الكنيست وتقع في جوهر القضية الفلسطينية نفسها. الأمر الذي يرفع هذا الصراع الى درجات عالية من التوتر تصل في بعض الاحيان الى درجة التصادم ناهيك عن سيل الاتهامات والشتائم التشكيك، هو أن كلا المعسكرين يعملان على وبين جمهور الهدف نفسه.
أنا، كواحد من المقاطعين، أتفهم جيدا مخاوف الأحزاب المشاركة وغضبها وحقدها على المقاطعين. حيث يشكل كل مواطن لا يصل الى صندوق الانتخابات بسبب المقاطعة خسارة لهذه الأحزاب. المعادلة واضحة في هذا الشأن واضحة لكلا الطرفين ولا يوجد مجال للتحايل عليها: كلما إزداد معسكر المقاطعين عددا وقوة كلما تراجعت الأحزاب المشاركة من حيث العدد وازدادت ضعفا. لسوء حظ هذه الأحزاب، هذا هو الواقع ولا يمكن تغييره. هدفي كمقاطع هو أن اقنع المواطنين حتى الذين ينتمون للأحزاب المشاركة بتغيير مواقفهم والانضمام إلى حركة المقاطعة، بل اكثر من ذلك، هدفي اقناع الاحزاب نفسها تبني موقف المقاطعة والخروج من الكنيست.
واتفهم أيضا أن ضعف الأحزاب العربية في الكنيست يؤثر سلبيا في تعاملها مع الاحزاب الاخرى ومن ضمنها الأحزاب اليمينية. ولكن الترويج للفرية وكأن المقاطعة تخدم الاحزاب اليمينية بعيدة كل البعد عن الحقيقة وتصل الى جريمة القذف والتشهير. أنا لا أعرف مقاطعا واحدا قد صوت للأحزاب الصهيونية (اليمينية وغير اليمينية) أو يدعو للتصويت لها.  ولكني أعرف الكثيرين الذين يتنقلون ذهابا وايابا فيما بينهما. وبالعكس، الحقيقة تقول أن المقاطعين هم دائما رأس الحربة في التصدي لسياسة اليمين على ارض الواقع ويتعرضون للملاحقات واحيانا يدفعون ثمنا باهضا.  المصدر الأول والأخير لقوة أو ضعف الاحزاب الصهيونية اليمينية وغير اليمينية هم المصوتون الصهاينة (والمتصهينين) وكيفية توزيعهم على الأحزاب الصهيونية.
بالرغم من أننا نعمل على نفس جمهور الهدف الذي هو جمهورنا إلا أن حملتنا ليست موجهة لا من بعيد ولا من قريب للأحزاب العربية المشاركة. بل هي موجهة حصريا ضد الكنيست الصهيوني وفقط ضد الكنيست  كأهم وارفع مؤسسة في هذا الكيان.
تستطيع الأحزاب العربية المشاركة أن تستمر في دعايتها الانتخابية التي أشرفت على الإفلاس التام حتى في أعين مؤيديها، حول تعظيم وتبجيل الكنيست وكأنه افضل مكان لخدمة الجماهير والدفاع عن حقوقهم. وحول ضرورة عدم ترك الكنيست للأحزاب الصهيونية وضرورة مواجهتها في عقر دارها وفضح سياستها امام العالم وعدم الانسحاب من السياسة الى غير ذلك من الدعايات الانتخابية.
دعونا نلقي نظرة سريعة على هذه الدعاية التي تؤسس السياسة البرغماتية كما تمارسها الأحزاب العربية في الكنيست:
خدمة جماهيرنا العربية في الداخل:
 ما هي الخدمات التي يقدمها الكنيست لمجتمعنا؟ مصادرة أراضيه، هدم بيوته، التمييز ضده في كافة المجالات، ضرب الحصار على مدننا وقرانا، ملاحقة مناضليه والزج بهم في السجون هذا من غير التطرق للجرائم المقترفة بحق شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. هل استطاعت الأحزاب العربية بعد سبعين عاما من "النضال" في الكنيست تغيير هذا الواقع ولو بقيد انملة؟. نحن نقول أن هذا الواقع لن يتغير حاشا وكلا بسبب كسل أو عدم اخلاص النواب العرب بل بسبب طبيعة الكنيست. 
   المطالبة والدفاع عن حقوقنا المشروعة:
نحن نطالب بحق شعبنا بالعودة الى وطنه، نطالب بعودة المهجرين في الداخل الى بيوتهم وقراهم. فما هو موقف الكنيست بكل أحزابها من هذا الحق؟ هل ما زلنا نعيش في عصر المعجزات وننتظر حتى تحصل معجزة وتغير الكنيست موقفها؟ من حقنا أن نسكن في بيت آمن غير مهدد بالهدم، ومن حقنا أن نتعلم لغتنا وتاريخنا وأدبنا بدون تدخل أصابع غريبة. هل تعترف الكنيست وتضمن لنا هذا الحق؟
فضح سياسة الحكومة العنصرية في المحافل الدولية:
حقا؟ هل من خلال الكنيست، نحن نفضح هذه السياسة العنصرية أم نتستر عليها ونجملها في أعين العالم؟
عدم ترك اليمين يسرح ويمرح في الكنيست لوحده. وهل من الوطنية بشيء أن تسرح وتمرح معه؟
انكم تدعون للانسحاب من السياسة!! كلا يا سادة اننا ندعو للانسحاب من الكنيست ومن سياسة الكنيست فقط. هناك سياسة بديلة من حولكم ولا ينقصكم سوى أن تفتحوا أعينكم لكي تتكحلوا بجمالها و افتحوا آذانكم لكي تصغوا الى انغامها ومن ثم الطريق مفتوحة لكي تنضموا إلى قوافلها.
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف وطني بامتياز. يحافظ على الهوية الوطنية وعلى وحدة الشعب الفلسطيني بالرغم من كل الظروف التي تجمعت لتقطيع اوصاله.
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف اخلاقي لأنه مع الحق والعدالة
مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف إنساني، لأنه يدافع عن حرية وكرامة الإنسان. 

Thursday, January 31, 2019

الثورة العربية الدائمة

الثورة العربية الدائمة
علي زبيدات - سخنين

أولا وقبل كل شيء ينبغي أن أنوه بأنه لا علاقة لعنوان هذه المقالة بما كتبه ليون تروتسكي حول الثورة الدائمة. وفي الوقت نفسه لا علاقة له بالصراع الدامي الذي نشب بين تروتسكي وستالين والذي ظهرت بذوره الايديولوجية والسياسية في أعقاب فشل الثورة الروسية الاولى عام 1905 وتفاقمت بعد ثورة أكتوبر عام 1917 حتى وصلت ذروتها بعد وفاة لينين حيث انتهت بطرد تروتسكي من الحزب ومن ثم من البلاد واغتياله في عام 1940 في المكسيك. لم يكن تروتسكي أول من تكلم عن الثورة الدائمة فقد سبقة في ذلك كل من ماركس وانجلز ولينين وكل حسب رؤيته. لذلك اسمح لنفسي استعمال هذا المصطلح حسب رؤيتي الخاصة وكما تمليه علي تطور العمل الثوري. فلا أحد يمتلك حق احتكار اي مصطلح سياسي خصوصا وأن ظروف الثورات العربية الحديثة التي أطلق عليها ثورات الربيع العربي والتي نقف أمام الذكرى الثامن لانطلاقها تختلف كليا عن ظروف الثورتين الروسيتين. هذا بالإضافة إلى أن معظم  التيارات الستالينية والتروتسكية  الراهنة قد تخلت منذ زمن طويل عن الثورة الاشتراكية الدائمة وغير الدائمة.
اليوم يقف معظم اليساريين من شيوعيين، اشتراكيين، راديكاليين، تقدميين وممانعين  في صف واحد مع الرجعيين التقليدين يصرخون بمناسبة وغير مناسبة حتى وصل صراخهم السماء بأن ما حدث في العالم العربي في السنوات الثماني الاخيرة وما زال يحدث لا صلة له بالثورات لا من بعيد ولا من قريب. واصطف كل فريق يدافع عن النظام الذي يفرد جناحي حمايته ونعمه عليهم واصفين ما يحدث بالمؤامرة الكونية هدفها تخريب لا بل تدمير الجنة التي شيدتها أنظمة الاستبداد وتعيش في ربوعها الشعوب العربية السعيدة. هذه المؤامرة التي تقوم الماسونية والصهيونية والامبريالية والعملاء المحليين بتنفيذها. حيث بدأت المؤامرة في تونس، ولا أدري لماذا قام قادة المؤامرة الكونية باختيار تونس لكي تكون نقطة الانطلاق خصوصا وأن نظامها كان من اشد الانظمة اخلاصا وطاعة لهؤلاء المتآمرين!. ومن ثم تمددت هذه المؤامرة الكونية الى مصر وليبيا واليمن والبحرين حتى وصلت الى سوريا، حيث سقطت كافة اقنعتها وبانت جميع ابعادها. وبدت حالة الانظمة كمن تلقى ضربة عنيفة على رأسه أدخلته في حالة من الدوخان، فاختصروا  المؤامرة الكونية تارة بفيلسوف فرنسي من الدرجة الثالثة يدعى برنارد هنري ليفي والذي كان بجرة قلم قادرا على إخراج ملايين المصريين الى ميدان التحرير وبكلمة واحدة كان يشتت دبابات معمر القذافي هذا، وتارة أخرى بعزمي بشارة حيث توجوه قائدا لثورات الربيع العربي، ومرة ثالثة يلصقون التهمة بامارة قطر، التي تكاد لا تحمي نفسها بدون القاعدة العسكرية الأمريكية، بزعزعة استقرار الأنظمة خدمة لاسيادها الاجانب. وتنتقل التهمة  بالسرعة نفسها الى دولة الامارات التي وضعت بترودولاراتها تحت تصرف الثوار. وأخيرا رست التهمة على مجموعة من الاشباح تلبس قبعات الاختفاء تقمع هنا لتظهر هناك وأطلقوا عليها اسم داعش. وقد راقت هذه الفكرة لجميع الاطراف وهكذا تشكلت تحالفات اقليمية ودولية لم تعرفها الحرب العالمية الأولى ولا الثانية هدفها الوحيد محاربة هؤلاء الأشباح.
منذ البداية، وصفت ثورات الربيع العربي بأنها ثورات متواضعة وجاءت متأخرة بعد حوالي خمسة قرون من الركود السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ولهذه الاسباب بالذات كان المفروض دعمها على علاتها على أمل أن تتعمق وتتطور وتختصر الزمن من منطلق أن الثورات حسب التعريف التقليدي هي قاطرة التاريخ. ولكن إنصافا للتاريخ أيضا اعتبرت هذه الثورات هي موجة ثورية ثانية إذ كانت بشكل أو آخر امتدادا للموجة الثورية التي اجتاحت العالم العربي في سنوات الخمسين والستين في خضم النضال ضد الاستعمار القديم ومن أجل الاستقلال الوطني. وأخص هنا بالذكر الثورة الجزائرية التي قدمت مليون شهيد لكي تنتهي إلى نظام فاسد يقوده رجل مقعد، والثورة اليمنية التي قطعت خطوات واسعة ليس على طريق التحول السياسي فحسب بل التغيير الاقتصادي والاجتماعي أيضا ولكنها انتهت بحرب أهلية دمرت كل شيء. والثورة العراقية التي أسقطت الملكية ولكنها انتجت نظاما استبداديا لم يعرف التاريخ الحديث مثله إلا قليلا من أيام عبدالكريم قاسم ومرورا بحكم البعث وصدام حسين تحت شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية إلى ما بعد صدام حسين وقيام نظام طائفي برعاية الاحتلال الامريكي المباشر والهيمنة الايرانية. والثورة المصرية التي بدأت بإسقاط النظام الملكي ومواجهة مباشرة للاستعمار وانتهت الى  نظام فاسد موالي للاستعمار الأجنبي. وأخيرا وليس آخرا الثورة الفلسطينية والتي اعتبرت طليعة الثورات العربية وأطولها حيث انطلقت في عام 1965 تحت شعار التحرير وانتهت  باتفاقيات أوسلو التصفوية في أوائل سنوات التسعين من القرن الماضي.
عبرت ثورات الربيع العربي عن تواضعها ونسبيتها بطرح الشعار الجذاب ولكن الساذج في الوقت نفسه: "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي انتشر كالنار بالهشيم، حتى عندما بدأ في سوريا تحت شعار:" الشعب يريد إصلاح النظام". محدودية هذا الشعار بأن لشعوب فهمته وذوتته على أنه يعني اسقاط راس النظام، أي هروب بن علي، سقوط حسني مبارك، استقالة علي عبدالله الصالح، وهكذا. نادرا ما كانت تعني أن إسقاط النظام لا يقتصر على إسقاط النخبة الحاكمة بل يشمل تغيير جذري لكل نواحي الحياة.
حتى هذه الثورات المتواضعة استكثروها علينا. حيث تكالب الاعداء من قريب ومن بعيد لقمعها. ليس هنا المكان الملائم لسرد تفاصيل اسباب هذا الفشل، اكتفي بذكر ثلاثة أسباب رئيسية: أولا، استماتة الطبقات الحاكمة في الدفاع عن حكمها مستعملة جهاز الدولة القمعي المكون من جيش وشرطة ومخابرات وسجون.
 ثانيا، تكالب القوى الاقليمية والدولية لاخمادها.
 ثالثا، وهو الاهم الضعف الذاتي لقوى الثورة وخصوصا غياب قيادة ثورية وايديولوجية ثورية بالاضافة إلى سهولة اختراقها من قبل عناصر الثورة المضادة.
نعم، فشلت الثورات العربية. ولكنه فشل مؤقت، فهي سوف تعود بعنفوان أشد وبعمق أكبر. ما دام الاستبداد موجودا فلن تنتهي المقاومة. من هنا أقول أن الثورات العربية دائمة، تخمد هنا لتنطلق هناك. تتقهقر هنا لكي تتقدم هناك. تاريخ الشعوب لا يحصى بعدة سنوات. بهذا المعنى هي ثورة دائمة وعلى أنظمة الاستبداد الا تستعجل الاحتفال بانتصارها. فالنصر الأخير لثورات الشعوب.
l  

Thursday, January 24, 2019

المقاطعة الفاشلة

المقاطعة الفاشلة
علي زبيدات - سخنين
طالما كتبت أنا شخصيا وكتب رفاق آخرون عن ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست. ذكرنا كل ما يخطر ببال من أسباب سياسية واجتماعية وأخلاقية لشرح وتعميم موقف المقاطعة. ولا أخفي عليكم أنني قبل كتابة هذه السطور راجعت ما كتبته في هذا المجال في السنوات الماضية وما كتبه غيري  فلم أجد شيئا جديدا يمكن إضافته. ولو اخترت كتابة مقالا جديدا حول ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست لوجدت نفسي أغوص في تكرار ممل لا بل في اجترار أفكار وآراء كتبت مرارا وتكرارا. 
كتبت، وكتب غيري، عن خطر انتخابات الكنيست على هويتنا الوطنية الفلسطينية. إذ لا يعقل أن نهرول لانتخابات يحرم منها 80% من ابناء شعبنا بينما نهتف ليل نهار بأننا جزء لا يتجرأ من هذا الشعب المنكوب وقضيته هي قضيتنا ومصيره هو مصيرنا، وبالتالي نهرول إلى صناديق الاقتراع بحجة وضعنا الخاص الذي يختلف عن وضع باقي أبناء شعبنا ودورنا الخاص. 
كتبت عن عبثية التواجد في الكنيست وهي أرفع وأهم مؤسسة صهيونية في الدولة وعن عقم "النضال" الكلامي
كتبت عن المشكل الاخلاقي إذ كيف يعقل أن نكون جزءا من مؤسسة هدفها الأول والأخير العمل على استمرارية نكبة شعبك؟ بل كيف يعقل أن تكون شريكا في سن قوانين عنصرية تعاني منها حتى وإن كانت مشاركتك سلبية؟
وكتبت عن أمور أخرى كثيرة لن أدخل في تفاصيلها هنا حيث باتت معروفة لكل من يهمه الامر.
وجدت أنه يوجد هناك مقاطعة جماهيرية نقية، عفوية ووجدانية لانتخابات الكنيست ولكني لم أجد، مع الأسف الشديد، حركة مقاطعة منظمة، هادفة وأمينة. وعن هذا الموضوع بالذات قررت أن أكتب هذه المرة. العمل العفوي جيد خصوصا إذا كان نابعا من القلب وصادرا عن قاعدة واسعة من الناس، ولكنه سرعان ما يهدر إذا لم تكن هناك حركة طلائعية تنظم هذا العمل، تبث فيه روح الوعي الوطني الصادق وتقوده حتى يصبح سلاحا فعالا لتغيير الواقع نحو الأفضل. حتى الآن كانت مقاطعتنا لانتخابات الكنيست فاشلة، كما يقول عنوان هذا المقال، وعلينا أن نعترف بذلك. شخصيا، لا أملك أجوبة نهائية وحاسمة عن أسباب هذا الفشل، ولا أملك وصفات سحرية تحول هذا الفشل الذريع إلى نجاح باهر بجرة قلم. هذه المسؤولية ملقاة على عاتق جميع المقاطعين وأخص بالذكر منهم الناشطين والمثقفين الملتزمين (المثقفين العضويين على حد تعريف انطونيو غرامشي، أو المثقفين المشتبكين على حد تعبير الشهيد باسل الأعرج).
بالطبع هذا لا يعفيني من ذكر، حسب وجهة نظري، أسباب هذا الفشل وكيف يمكن تحويله الى نقيضه أي الى نجاح. وأكتفي هنا بذكر بعض النقاط الاساسية في هذا المضمار على أمل أن تتظافر الجهود لجعل موضوع مقاطعة انتخابات الكنيست في صلب كل برنامج وطني تحرري.
1- يعاني النشطاء، كافراد أو كمجموعات سياسية صغيرة، من حالة ركود أو سبات عميق تستمر اربع سنوات (تقريبا) وتستيقظ شهر أو شهرين قبل الانتخابات. مع أن المطلوب هو حالة من النشاط والعمل المستمر.
2- توجد هناك مشاكل تواصل تصل في كثير من الاحيان الى قطيعة كاملة بين النشطاء وبين القاعدة الجماهيرية بما في ذلك القطاعات المقاطعة ذاتها مما يترك الجماهير فريسة سائغة للأحزاب الكنيستية عربية كانت أم يهودية.
3- السماح لبعض الانتهازيين والمتسلقين ممن يتلفعون بشهادات أكاديمية تبوء مراكز قيادية في حركة المقاطعة لخدمة مصالحهم الخاصة.
4- التهاون مع المواقف الوسطية والمتذبذبة التي تتخذها بعض الأحزاب والحركات السياسية ذات القاعدة الجماهيرية وهدفها من وراء ذلك الربح من الطرفين.
5- تجاهل أو استخفاف بالجانب الإعلامي على أهميته، وعدم الاهتمام بتأسيس جهاز إعلامي مقاطع ومستقل.
6- بما أن المقاطعين ينتمون إلى تيارات سياسية، فكرية واجتماعية شتى ينبغي العمل الجاد على إيجاد معادلة تتيح التعايش بين المقاطعين رغم الاختلافات في الآراء والأفكار.
7- وأخيرا وليس آخرا،وهذا موضوع قائم بذاته، يجب التركيز على أن البديل لمقاطعة انتخابات الكنيست هو بناء وتنظيم مؤسساتنا الوطنية على أسس علمية وتحريرية تحت شعار: لا تنتخب بل تنظم. Don't vote-organize