Thursday, January 24, 2019

المقاطعة الفاشلة

المقاطعة الفاشلة
علي زبيدات - سخنين
طالما كتبت أنا شخصيا وكتب رفاق آخرون عن ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست. ذكرنا كل ما يخطر ببال من أسباب سياسية واجتماعية وأخلاقية لشرح وتعميم موقف المقاطعة. ولا أخفي عليكم أنني قبل كتابة هذه السطور راجعت ما كتبته في هذا المجال في السنوات الماضية وما كتبه غيري  فلم أجد شيئا جديدا يمكن إضافته. ولو اخترت كتابة مقالا جديدا حول ضرورة مقاطعة انتخابات الكنيست لوجدت نفسي أغوص في تكرار ممل لا بل في اجترار أفكار وآراء كتبت مرارا وتكرارا. 
كتبت، وكتب غيري، عن خطر انتخابات الكنيست على هويتنا الوطنية الفلسطينية. إذ لا يعقل أن نهرول لانتخابات يحرم منها 80% من ابناء شعبنا بينما نهتف ليل نهار بأننا جزء لا يتجرأ من هذا الشعب المنكوب وقضيته هي قضيتنا ومصيره هو مصيرنا، وبالتالي نهرول إلى صناديق الاقتراع بحجة وضعنا الخاص الذي يختلف عن وضع باقي أبناء شعبنا ودورنا الخاص. 
كتبت عن عبثية التواجد في الكنيست وهي أرفع وأهم مؤسسة صهيونية في الدولة وعن عقم "النضال" الكلامي
كتبت عن المشكل الاخلاقي إذ كيف يعقل أن نكون جزءا من مؤسسة هدفها الأول والأخير العمل على استمرارية نكبة شعبك؟ بل كيف يعقل أن تكون شريكا في سن قوانين عنصرية تعاني منها حتى وإن كانت مشاركتك سلبية؟
وكتبت عن أمور أخرى كثيرة لن أدخل في تفاصيلها هنا حيث باتت معروفة لكل من يهمه الامر.
وجدت أنه يوجد هناك مقاطعة جماهيرية نقية، عفوية ووجدانية لانتخابات الكنيست ولكني لم أجد، مع الأسف الشديد، حركة مقاطعة منظمة، هادفة وأمينة. وعن هذا الموضوع بالذات قررت أن أكتب هذه المرة. العمل العفوي جيد خصوصا إذا كان نابعا من القلب وصادرا عن قاعدة واسعة من الناس، ولكنه سرعان ما يهدر إذا لم تكن هناك حركة طلائعية تنظم هذا العمل، تبث فيه روح الوعي الوطني الصادق وتقوده حتى يصبح سلاحا فعالا لتغيير الواقع نحو الأفضل. حتى الآن كانت مقاطعتنا لانتخابات الكنيست فاشلة، كما يقول عنوان هذا المقال، وعلينا أن نعترف بذلك. شخصيا، لا أملك أجوبة نهائية وحاسمة عن أسباب هذا الفشل، ولا أملك وصفات سحرية تحول هذا الفشل الذريع إلى نجاح باهر بجرة قلم. هذه المسؤولية ملقاة على عاتق جميع المقاطعين وأخص بالذكر منهم الناشطين والمثقفين الملتزمين (المثقفين العضويين على حد تعريف انطونيو غرامشي، أو المثقفين المشتبكين على حد تعبير الشهيد باسل الأعرج).
بالطبع هذا لا يعفيني من ذكر، حسب وجهة نظري، أسباب هذا الفشل وكيف يمكن تحويله الى نقيضه أي الى نجاح. وأكتفي هنا بذكر بعض النقاط الاساسية في هذا المضمار على أمل أن تتظافر الجهود لجعل موضوع مقاطعة انتخابات الكنيست في صلب كل برنامج وطني تحرري.
1- يعاني النشطاء، كافراد أو كمجموعات سياسية صغيرة، من حالة ركود أو سبات عميق تستمر اربع سنوات (تقريبا) وتستيقظ شهر أو شهرين قبل الانتخابات. مع أن المطلوب هو حالة من النشاط والعمل المستمر.
2- توجد هناك مشاكل تواصل تصل في كثير من الاحيان الى قطيعة كاملة بين النشطاء وبين القاعدة الجماهيرية بما في ذلك القطاعات المقاطعة ذاتها مما يترك الجماهير فريسة سائغة للأحزاب الكنيستية عربية كانت أم يهودية.
3- السماح لبعض الانتهازيين والمتسلقين ممن يتلفعون بشهادات أكاديمية تبوء مراكز قيادية في حركة المقاطعة لخدمة مصالحهم الخاصة.
4- التهاون مع المواقف الوسطية والمتذبذبة التي تتخذها بعض الأحزاب والحركات السياسية ذات القاعدة الجماهيرية وهدفها من وراء ذلك الربح من الطرفين.
5- تجاهل أو استخفاف بالجانب الإعلامي على أهميته، وعدم الاهتمام بتأسيس جهاز إعلامي مقاطع ومستقل.
6- بما أن المقاطعين ينتمون إلى تيارات سياسية، فكرية واجتماعية شتى ينبغي العمل الجاد على إيجاد معادلة تتيح التعايش بين المقاطعين رغم الاختلافات في الآراء والأفكار.
7- وأخيرا وليس آخرا،وهذا موضوع قائم بذاته، يجب التركيز على أن البديل لمقاطعة انتخابات الكنيست هو بناء وتنظيم مؤسساتنا الوطنية على أسس علمية وتحريرية تحت شعار: لا تنتخب بل تنظم. Don't vote-organize
  



No comments: