Wednesday, April 27, 2016

عندما يلتقي المثقف الفهلوي بالسياسي الفهلوي



عندما يلتقي المثقف الفهلوي بالسياسي الفهلوي
علي زبيدات – سخنين
بتفق العديد من المفكرين وعلماء الاجتماع والنفس العرب على أن الشخصية الفهلوية هي الشخصية السائدة في المجتمعات العربية حتى اصبحت في كثير من البلدان الصفة الملازمة للشخصية القومية العربية. لعل افضل من تناول هذه الشخصية بالدراسة والتحليل عالم الاجتماع المصري حامد عمار في عدد من كتبه اهمها: "في بناء البشر: دراسات في التغيير الحضاري والفكر التربوي" و " التربية والنمط الاجتماعي للشخصية" والمفكر السوري صادق جلال العظم في كتابه "النقد الذاتي بعد الهزيمة". حيث طور افكار حامد عمار حول الشخصية الفهلوية وعممها على الشخصية القومية العربية وحملها المسؤولية عن الهزيمة النكراء التي تعرضت لها الجيوش العربية في حرب حزيران عام ١٩٦٧.
لا تطمح هذه المقالة الصحفية المتواضعة بأي شكل من الاشكال لان تكون بحثا اكاديميا او دراسة في علم الاجتماع أو علم النفس. كل ما اردت أن اؤكده هنا هو أن الشخصية الفهلوية التي تناولها كل من حامد عمار وصادق جلال العظم في سنوات الستين والسبعين من القرن الماضي بالنقد والتحليل ما زالت سارية المفعول وما زالت هذه الشخصية هي المسيطرة في مجتمعاتنا العربية ومن ضمنها مجتمعنا الفلسطيني المحلي موضوع هذه المقالة.
السمات الاساسية للشخصية الفهلوية حسب حامد عمار هي:
أولا، "القدرة على التكيف السريع لمختلف المواقف وادراك ما تتطلبه من استجابات مرغوبة والتصرف وفقا لمقتضياتها إلى الحد الذي يراه مناسبا". وهذه القدرة على التكيف السريع تتميز بجانبين متلازمين: المرونة والفطنة والقابلية للهضم والتمثل للجديد من جهة والمسايرة السطحية والمجاملة العابرة لتغطية الموقف وتورية المشاعر الحقيقية.
ثانيا، "النكتة المواتية التي غدت من خصائص النمط المصري"
ثالثا، " المبالغة في تأكيد الذات والميل الملح إلى اظهار القدرة الفائقة والتحكم بالامور"
رابعا، "سيادة نظرة رومانتيكية للمساواة". الشعور بالنقمة والسخط على الاوضاع التي توجد التمايز والتفرقة والتي يواجهها الفهلوي بعملية "الازاحة والاسقاط"، إزاحة المسؤولية إلى غيره من الناس واسقاطها على امور خارج نطاق الذات ليتيسر تبرير ما قد يقع فيه المرء من مواقف محرجة او تقصير في المسؤوليات الاجتماعية. وتزداد الفهلوة بازدياد القدرة على احكام هذه العمليات الازاحية والاسقاطية.
خامسا، "الطمأنينة إلى العمل الفردي وايثاره على العمل الجماعي".
سادسا، "الوصول إلى الهدف باقصر الطرق واسرعها وعدم الاعتراف بالمسالك الطبيعية".
هذه الصفات تكون نتائجها وخيمة على المجتمع عندما تحدد شخصية المثقف والسياسي، او عندما يخدم المثقف الفهلوي السياسي الفهلوي أو العكس، أو عندما يكون المثقف الفهلوي في الوقت نفسه سياسيا فهلويا. وحسب رأيي تغول هذه الشخصيةا هو السبب الرئيسي في اوضاعنا المزرية في هذه الايام. فالسياسي الفهلوي يحترف الخطابات النارية والكلام في العموميات وتكرار واجترار ما يقوله في عدة مناسبات واماكن. نراه يتكيف بسرعة غريبة تفوق سرعة الحرباء، فليس غريبا عليه أن يعتلي المنصة في مناسبة وطنية، يلقي خطابا عصاميا في النهار وفي المساء يتناول العشاء مع احد الوزراء. واذا كان يتبوأ مركزا مرموقا، رئيس بلدية على سبيل المثال وقصدته في شيء يستقبلك بحفاوة وربما بالاحضان ويبادرك بأن مشكلتك محلولة، ولكنه ينسى وعوده حال مغادرتك. يبحث عن اقصر الطرق واسهل الحلول ولكنه يتجنب العناء ومواجهة العقبات. تنتاب السياسي الفهلوي نوبات من الحماس المفاجئ والاستهانة بالصعاب ولكن سرعان ما يتبعها الفتور والتهرب من العمل الجدي والمثابرة والعمل المنظم. كثيرا ما يتكلم عن المبادىء ولكن قي عمله المهني وفي سلوكه اليومي لا يمقت شيئا أكثر من تذكيره بالمبادىء. يتكلم كثيرا عن العمل الجماعي وعن تكاتف الجهود والوحدة بين كافة الفرقاء ولكنه في الواقع عكس ذلك تماما: لا يعمل الا بشكل فردي استبدادي وفي احسن الاحوال من خلال شلة مغلقة من المساعدين الذين يشاركونه الفهلوية. عندما اتكلم عن الفهلوية في السياسة اقصد من حيث الاساس أعضاء الكنيست العرب، زعامات لجنة المتابعة والاحزاب السياسية وقسم كبير من رؤساء السلطات المحلية. ومما يزيد الطين بلة ويزيد الصورة تعقيدا هو دخول المثقفين الفهلويين إلى حلبة الصرا ع الامر الذي بنطوي على مخاطر جمة. فالمثقف الفهلوي يتستعمل عادة الكلمات الفخمة للتعبير عن معاني ركيكة. ثقافته انتقائية، غير منتجة، غير خلاقة وغير مبدعة يميل إلى التقليد والمحاكاة. في كثير من الاحيان يضع قدراته "الفكرية " في خدمة وتصرف السياسي الفهلوي فيشكلان جبهة فهلوية موحدة تقود المجتمع باسره إلى التقهقر والضياع. واذكر على سبيل المثال لا الحصر: التصور المستقبلي الصادر عن بعض المثقفين والسياسيين لتحديد (او بالاحرى لتشويه)الهوية الوطنية الفلسطينية من خلال تعريف علاقة المواطن الفلسطيني بالدولة، مشروع الدستور الديمقراطي الذي قدمته عدالة، وثيقة حيفا الصادرة عن مركز مدى الكرمل وغيرها الكثير. انظروا إلى الايام الدراسية التي تنظمها هذه "المؤسسات الثقافية" بتمويل اجنبي (وهذا موضوع آخر قائم بذاته) والتي تضع دائماعلى المنصة اعضاء كنيست إلى جانب مثقفين مختصين. ليس من باب الصدفة انتشار ما يسمى بالمؤسسات الثقافية كالفقع بعد يوم ماطر، اذكر، مرة اخرى على سبيل المثال لا الحصر، عشرات الباحثين الاكاديميين في المعاهد الاسرائيلية: فان لير، بيت بيرل، جيفعات حبيبة، المركز اليهودي العربي وغيرها من المراكز والجامعات الاسرائيلية بالاضافة إلى المؤسسات "المستقلة" مثل إعلام، مساواة، انجاز، مسارات، مركز الثقافة العربية، المجلس التربوي، شتيل، مركز دراسات، عدالة، مدى الكرمل، المركز العربي للتخطيط البديل، المؤسسة العربية لحقوق الانسان، وغيرها وغيرها.
تنطوي الشخصية الفهلوية، حسب صادق جلال العظم في النقد الذاتي بعد الهزيمة، على شعور حقيقي بالنقص اتجاه الاآخرين. وهي لا تستطيع البوح به لانها تتمسك بقيم الحياء والخوف من الفضيحة اكثر مما تتمسك بالواقعية والموضوعية وبضرورة الاعتراف الصريح بالنقص لمعالجته والتغلب عليه.
تقف الشخصية الفهلوية عاجزة امام التحديات التي يواجهها شعبنا لذلك يجب العمل على مقاومتها على كافة الاصعدة والمستويات حتى التخلص منها نهائيا.

Wednesday, April 20, 2016

نكتة الدجاجة وحبة القمح



نكتة الدجاجة وحبة القمح
علي زبيدات – سخنين

لا ادري اذا كنت قد قرأت هذه النكتة السمجة في احدى الصحف الصفراء قبل وقت طويل أو سمعتها من احد الاصدقاء ثقيلي الظل الذين يظنون انفسهم عكس ذلك تماما واغلب الظن انني لست الوحيد الذي قرأها أو سمعها. من حين لآخر تعود هذه النكتة، تراود ذاكرتي وتتجول في ذهني فترة من الزمن ثم تختفي. تذكرت هذه النكتة مؤخرا، تبسمت ابتسامة شاحبة بيني وبين نفسي، ولكن بعد قليل من التمعن اتضح لي ان هذه النكتة تصور حالتنا الراهنة على اصدق شكل وربما كان ذلك هو السبب الرئيسي في تذكرها في هذا الوقت بالذات.
تقول النكتة أن شخصا ولنطلق عليه مجازا اسم "ع". وكان "ع" هذا يعاني من مرض نفسي يجعله يؤمن بأنه حبة قمح لذلك كان يخاف الخروج من البيت لئلا تصادفه دجاجة وتلتقطه علفا لها. لذلك لزم بيته وامتنع عن الخروج مهما كان السبب. بعد جهود كبيرة بذلها اصدقاؤه وبمساعدة مختصين في مجال علم النفس استطاعوا اقناعه بأنه ليس حبة قمح بل هو رجل مثله مثل غيره ولا يوجد لديه أي سبب للخوف من الدجاجة. بعد ذلك تأبطوا ذراعيه ورافقوه إلى خارج البيت لكي يثبت انه رجل. ما ان اجتاز عتبة البيت بامتار حتى رأى من بعيد دجاجة كبيرة قادمة نحوه. فانتفض "ع" وافلت ذراعيه من مرافقيه وعاد مرعوبا الى البيت واغلق وارءه الباب والشبابيك. عاد الاصدقاء والمختصين النفسيين ووبخوه بقولهم: ماذا جرى؟ الم نتفق بانك رجل ولست حبة قمح؟ فاجابهم: نعم، انا مقتنع بذلك تماما ولكن عليكم ان تقنعوا الدجاجة بأنني لست حبة قمح.
من غير استعارات وتوريات ومجازات، هذه هي حالتنا اليوم بحذافيرها. اننا نفكر ونشعر ونتصرف وكأننا ٣٥٠ مليون حبة قمح مبذورة على طول وعرض ما كان يسمى بالعالم العربي من المحيط وحتى الخليج، وأن اسرائيل هي تلك الدجاجة الشرسة التي سوف تلتقطنا حبة حبة. حتى تلك الفئات القليلة التي تحررت شكليا من عقدة حبة القمح ما زالت تعاني من عقدة عدم اقناع اسرائيل تبأننا لسنا حبات فمح واعتبارها تلك الدجاجة الشرسة التي سوف تلتقطها حال اعتراض طريقها.
ربما "ع" عنده حق: لا يكفي أن نقنع انفسنا بأننا لسنا حبات قمح، بل يجب أن نقنع الدجاجة الشرسة ايضا بأننا لسنا حبات قمح ملقاة على قارعة الطريق لمن يريد إن يلتقطها. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: على عاتق من ملقاة هذه المهمة؟ لن يفعل ذلك اصدقاء ولا مختصين نفسيين، ولا مجتمع دولي، ولا منظمات حقوق انسان. لن يفعل ذلك احد غيرنا. صحيح، الدجاجة الاسرائيلية مدججة باحدث الاسلحة الفتاكة من منقارها وحتى مخالبها (هذا على اعتبار ان الدجاج الشرس له مخالب وليس اظافر). فهي تنوء تحت حمل اسلحتها ولن تستطيع حمله لمسافة بعيدة ولزمن طويل، وبالتالي سوف تتفجر من فوقها ومن تحتها. ان جيشا يعتبر نفسه ويعتبره العالم رابع اقوى جيش في العالم يطلق على طفل أو طفلة اسم ارهابي/ة (מחבל/ת) ويطلق على قاتلهما بدم بارد اسم محارب (לוחם) ويصبح بطلا قوميا لن يكون مثل هذا الجيش سوى نمر من ورق. وان جيشا يدعي طهارة السلاح ويقتل احد جنوده جريحا مغمى عليه وتجتمع الجماهير الغفيرة تطالب باعتبار هذا القاتل بطلا قوميا لهو جيش يتمرمغ في حضيض اعمق مستنقع لا اخلاقي.
نعم، من يعتبر نفسه حبة قمح تصبح الدجاجة أقوى وألد اعدائه. ولكن على عكس صاحبنا "ع" الذي اعتكف في البيت واغلق على نفسه الابواب، نرى حبات القمح المهترئة والتي ينخر فيها السوس والمنتشرة في ارجاء الوطن العربي، والتي بالرغم من كل ذلك تتبوأ الصدارة وتحكم شعوبا وبلدانا، تهرول كرها أو طوعا مرتمية في احضان قن الدجاجة الاسرائيلية عارضة نفسها للالتقاط. تبدو دولة اسرائيل خارقة القوة في عيون حكام مصر والسعودية ودول الخليج وعصابة أوسلو ومن على شاكلتهم، ولكنها تصاب بالفزع والرعب امام اطفال القدس والخليل، حملوا حجرا أم لم يحملوا، حملوا سكينا أم لم يحملوا. تشير جميع الظواهر: قتل الاطفال، القتل بدم بارد، الحواجز، الجدار، تفاقم كافة اشكال العنصرية افعالا واقوالا، إلى أن المجتمع الاسرائيلي على شفا انهيار عصبي يسبق الانهيار الاقتصادي والسياسي القادمان لا محالة. من يريد أن يبقى علفا للدجاج الاسرائيلي فهنيئا له ومن يريد ان يحافظ على كرامته الانسانية فليتعلم من اطفال فلسطين.


Thursday, April 07, 2016

نودع ذكرى ونستقبل ذكرى ويبتعد الامل



نودع ذكرى ونستقبل ذكرى ويبتعد الامل
علي زبيدات – سخنين
الذكرى التي ودعناها هي الذكرى الاربعين ليوم الارض أما الذكرى التي نستعد لاستقبالها فهي الذكرى ال٦٨ للنكبة وأما الامل الذي يبتعد فهو أمل العودة وأمل تحرير اراضينا المسلوبة. تشاؤم؟ احباط للمعنويات؟ المس بالمناعة الوطنية؟ لا يهم، أليس هذا هو الواقع؟ أليست هذه هي الحقيقة العارية؟ لن يتغير شيء الا اذا اعترفنا بهذا الواقع وبهذه الحقيقة بدون لف ودوران، بدون خطابات نارية وشعارات رنانة وبدون ديماغوغية. اللهم الا اذا كان هناك من يعتبر ٦٨ أو ٤٠ عاما لا تعد زمنا طويلا. كم بؤلمني عندما اقرأ شهادات معظم، إن لم يكن جميع، اجدادنا الذين نزحوا في عام النكبة أن النزوح عن فلسطين لن يطول اكثر من ايام أو اسابيع وربما في اسوأ الحالات اكثر من أشهر معدودة. وها هم ماتوا ولم يعودوا بعد أن اورثونا الذكرى.
بعد احياء ذكرى يوم الارض الاخيرة قال "المتفائلون": كان الالتزام بالاضراب العام في بعض المدن والقرى العربية كان الالتزام كاملا وكان في اماكن اخرى جزئيا، وشارك الالاف في المسيرات المركزية، وإن دل ذلك على شيئ فانه يدل على أن شعبنا لم ينس الارض التي صودرت ولن يرضى بمصادرة المزيد من الاراضي خصوصا وان معظم المشاركين ممن ولدوا بعد يوم الارض الاول. اذا كان الهدف من احياء ذكرى يوم الارض هو عدم النسيان فقد نجح في تحقيقه كل هذه السنين الطويلة. ولكن الا ندعي بأن هدفنا هو منع المصادرة ومنع هدم البيوت واعادة الاراضي التي صودرت؟
لنتكلم قليلا عن الاضراب العام. انا شخصيا ( ولا ادعي بانني كنت الوحيد) كنت من المطالبين بأن يكون يوم الارض كل سنة يوم اضراب عام. ولكن عندما يصبح الاضراب العام جزءا من مسرحية عبثية (على ضوء المرات القليلة التي اقر بها الاضراب في يوم الارض) كان من الواجب اعادة النظر في هذه المسألة من جذورها. لا تقتصر المسألة على الالتزام او عدم الالتزام بالاضراب العام بقدر ما تعني من هي القوى الاجتماعية التي تخوضه وما هو الهدف السياسي من الاضراب. هل تنبه احد إلى تجاهل ا بل اخراج الطبقة العاملة الفلسطينية من جميع حسابات متخذي قرار الاضراب بالرغم من أن بعضهم يدعي تمثيل هذه الطبقة؟ لقد كانالتوجه دائما مقتصرا على اصحاب المصالح من الطبقة الوسطى والمستقلين والمؤسسات التابعة لها، خصوصا بعد ان اعفتهم عطلة الربيع من وجع الرأس مع الطلاب والمعلمين. اقول هنا بأعلى واوضح صوت: كل دعوة لاضراب عام لا يشمل بل لا يكون اساسها العمال الفلسطينيين فهي دعوة مشبوهة. لأن العمال هم الوحيدون القادرون على التأثير على الاقتصاد الاسرائيلي وتكبيده الخسائر التي لا يستطيع أن يتحملها. طبعا يترتب على دعوة كهذه مسؤوليات جسيمة لا تستطيع ولا تجرؤ لجنة المتابعة العليا (التي اتخذت قرار الاضراب) أن تتحملها. نجاح اضراب يوم الارض الاول يعود من حيث الاساس الى هؤلاء العمال الذين خاطروا بلقمة عيشهم ولم يتحدوا الحكومة واصحاب العمل فحسب بل الهستدروت المفروض (نظريا) حمايتهم والدفاع عنهم. خلال اربعين سنة تم تجاهل هذه الحقيقة البسيطة ولكنها الساطعة كنور الشمس وبالمقابل نسبوا النجاح لبعض الافراد من النخبة الذين تكالبوا على تبني هذا النجاح اسوة بالمثل الذي يقول: الفشل يتيم والنجاح له مائة أب.
في الدول الديمقراطية، والتي تدعي اسرائيل بانها من طيلعة هذه الدول، يحق للعمال أن يمارسوا حقهم بالاضراب من غير أن يتعرضوا للطرد والتهديد والملاحقة. ماذا يهم اسرائيل اذا اغلق مطعم، مقهى، دكان أو مكتب أبوابه في سخنين، عرابة، الناصرة ليوم أو حتى لشهر؟ ولكنها ستفقد اعصابها اذا شل العمال الفلسطينيون احد مرافقها الافتصادية ليوم واحد. وما يهمها اذا تظاهرنا بالالاف في شوارعنا الضيقة داخل مدننا وقرانا، ولكنها سوف تستنفر كامل قواتها اذا خرجنا عشرة امتار خارج قوقعاتنا. نحن بحاجة الى قيادة تضع كافة قطاعات شعبنا في صلب استراتيجيتها من اجل الدفاع عن الارض وتؤمن الاحتياجات الضرورية والحماي لكل من يتعرض للطرد من عمله.والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل لديها استراتيجية أصلا؟
قريبا جدا، سوف نحيي الذكرى ال٦٨ للنكبة. سوف نشارك بالآلاف في مسيرة العودة الى قرية وادي زبالة في النقب وسوف نستمع إلى العديد من الخطابات التي تحثنا على عدم نسيان ما جرى في عام النكبة وتذكرنا بحق العودة، وكأن مثل هذه الامور يمكن أن تنتسى، وكأننا بحاجة لمن يذكرنا بحقنا. ألا تثبت المشاركة الجماهيرية في مسيرات يوم الارض وفي مسيرات العودة، بالرغم من كافة العوائق وخيبات الامل،و بما لا يبقي مجالا للشك بأن ذاكرتنا سليمة ولا خوف عليها؟ ولكنها للأسف لا تقربنا إلى تحقيق العودة واسترجاع الارض. لقد آن الاوان لكي نخطو خطوة إلى الامام، خطوة تحررنا من سحر العادة ومن ارهاصات الذكرى وتقربنا من الامل، أمل العودة والتحرير. لا احد يملك اجوبة جاهزة ولا وصفات جاهزة ولكن شعبنا قادر على الابداع وابتكار وسائل واشكال جديدة للنضال. على سبيل المثال للحصر، تعميم تجربة شباب اقرت وبرعم الذين رفضوا الانتظار اكثر واعلنوا عودتهم إلى قراهم ولكنهم لم يتلقوا الدعم اللازم والكافي من الهيئات القيادية وغير القيادية حتى استفردت بهم السلطات الاسرائيلية. لقد سئمنا من استعمال الاعداد الترتيبية لوصف هذه الذكرى أو تلك. ليكن شعارنا المستقبلي: لتكن الذكرى القادمة هي الذكرى الاخيرة.