Monday, May 17, 2021

 الإضراب المضروب

سأحاول الكتابة بكلمات واضحة وبسيطة بقدر الامكان هدفها نقل الفكرة التي من الممكن تقبلها كاملة أو جزئيا وفي الوقت نفسه ممكن رفضها كاملة أو جزئيا. 

الاضراب ليس غاية بحد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق غاية أو غايات معينة. تماما مثل المظاهرة أو الوقفة الاحتجاجية أو حتى الثورة ذاتها في نهاية المطاف هي وسيلة لتحقيق غاية أو غايات سامية. فإذا كانت هذه الوسائل تفتقد للغاية اصلا أو أن الغاية من استعمالها غير واضح بصورة متعمدة، أو انها تستعمل لخدمة أمور أخرى بعيدا عما مصرح به فمن الواجب إعادة النظر في هذه الوسائل ومن ثم تحديد الموقف المناسب منها.

عندما تكون الوسيلة، جهاز كهربائي على سبيل المثال أو اية أداة عمل أخرى معطلة أولا تقوم بمهمتها كما يجب نقول أن هذا الجهاز أو الأداة مضروبة ونعيدها من حيث اشتريناها. الأمر نفسه بالنسبة للوسائل النضالية: الوقفة الاحتجاجية، المظاهرة، الاضراب هي الاخرى قد تكون وسائل مضروبة ويجب إعادتها إلى أصحابها.

الإضراب العام الذي دعت اليه لجنة المتابعة غدا هو، حسب وجهة نظري، إضراب مضروب. لماذا اقول ذلك وقد كنت دائما ادعو للاضراب عام كوسيلة تصعيد للنضال؟ هل إضراب الغد وسيلة لتصعيد النضال أم وسيلة للالتفاف حوله وجره للخلف ومن ثم اجهاضه؟ هل جاء دعما للنضال الشعبي الشبابي الذي فرض نفسه طوال الاسبوع الاخير أم جاء للجم هذا النضال؟. 

هل الغاية من إضراب الغد تصعيد النضال ضد جرائم الحرب في غزة وضد سياسة التطهير العرقي في القدس وفي سائر المدن والقرى الفلسطينية أم العكس من ذلك؟  وخنقه باحتضان دافئ لإضراب شامل ولكن مضروب لا رؤية ولا أفق ولا استراتيجية له؟

الوسيلة المضروبة لها غايات مضروبة. إذن ما هي الغايات المضروبة من هذه الإضراب؟ الجواب في بيان لجنة المتابعة نفسه ومكتوب بأوضح العبارات ولكن الكثيرون لم ينتبهوا لها. إقتباس من البيان:" يجب أن يكون الإضراب سلميا مع نشاطات محلية، مع مرجعية سياسية واضحة تقودها مركبات لجنة المتابعة والسلطات المحلية واللجان الشعبية.."  هذا يعني من ضمن ما يعنيه أن المواجهات ضد الشرطة التي تغلق مداخل معظم البلدات العربية وضد القطعان المتنقلة للمستوطنين هي أعمال شغب يجب وقفها وشجبها. لجنة المتابعة بكافة مركباتها تريد أخذ زمام  الامور مرة ثانية من أيدي هؤلاء المشاغبين والتغني ب"السلمية"

إقتباس: " يجب أن يكون الإضراب تحت الشعارات السياسية التي تطرحها لجنة المتابعة" وهنا بيت القصيد. هل تعرفون ما هي الشعارات السياسية التي تطرحها لجنة المتابعة؟

واضح أن لجنة المتابعة بمركباتها المذكورة قد شعرت في الاسبوع الاخير أن مكانتها قد اهتزت وأن بديلا آخرا يختلف عنها جذريا، ينمو ويصلب عوده ويهدد وجودها وهذا يشكل خطا أحمرا بالنسبة لها. 

إذن،الغاية الحقيقة من الإضراب هو بكل بساطة إنقاذ ما يمكن انقاذه من مكانة وهيمنة المتابعة.  وهي على فكرة صفة طبيعية مشتركة لكل المؤسسات التي تتمتع بنوع من السلطة (من نظام  دولة وحتى اللجنة محلية) للحفاظ على بقائها. وكل ما عدا ذلك ليس سوى تنظيرات.