Wednesday, July 20, 2011

حمى المصالحة وأوهام الوحدة

حمى المصالحة وأوهام الوحدة
علي زبيدات – سخنين

كتبت في الماضي وها أنا أعود وأكتب: ليست كل وحدة هي وحدة ايجابية وليس كل انشقاق هو انشقاق سلبي. الوحدة التي تجمع بين الغث والسمين، وتخلط القمح مع الزوان وبين من يخدم قضية شعبه العادلة بإخلاص وبين الذي يتاجر ويفرط بها لا يمكن أن تكون وحدة ايجابية حتى وأن جعلنا منها بقرة مقدسة وأحطناها بهالة من القدسية وأطلقنا عليها اسم "الوحدة الوطنية" الذي لا يستطيع أن يتطاول عليه أحد. في المقابل، الانشقاق الذي جاء ليفرز القمح عن الزوان، ليعري ويسقط العناصر الطفيلية التي تساوم على الثوابت، والذي جاء للدفاع عن قضية الشعب لا يمكن أن يكون سلبيا.
حسب رأيي، في خضم النضال ومع تطور الأحداث على كافة المستويات لا يوجد هناك حالة نموذجية مثالية. فالوحدة كما الانشقاق يحملان بين طياتهما عناصر ايجابية وأخرى سلبية وتشكل عملية معقدة من وحدة وصراع الأضداد. لذلك يجب تناول كل ظاهرة وحدة أو انشقاق بشكل ملموس وبروح نقدية.
في الفترة الأخيرة طغت على الساحة الفلسطينية موجة من المصالحات والكلام المكثف عن إعادة الوحدة بدأت بين فتح وحماس وانتقلت إلى الحركة الإسلامية الشمالية والجنوبية ومن ثم إلى حركة أبناء البلد.
في الحقيقة كنت في البداية متعاطفا إلى أبعد الحدود مع الانشقاق بين فتح وحماس بالرغم من أنه لا يربطني بالطرفين أية علاقة تنظيمية أو أيديولوجية. وكنت أرى فيما حصل بأنه فرز بين نهجين متعارضين: نهج المقاومة مقابل نهج التفريط. وجاء لينظف الشوائب الفاسدة التي علقت بالقضية الفلسطينية والتي فرضتها النخبة المهيمنة في سلطة أوسلو. ولكن مع الوقت تبين أن الصورة تختلف بعض الشيء وأن الهدف الأساسي من الانشقاق كان الصراع على سلطة وهمية هي سلطة أوسلو. وإن الشعارات في واد والواقع في واد. طبعا منذ اللحظة الأولى للانشقاق بدأ الكلام عن المصالحة وعن إعادة اللحمة بين الطرفين والتي تكللت مؤخرا بالنجاح بعد 5 سنوات من المحاولات المعروفة لكل فلسطيني. المصالحة لم تتطرق حتى ولا بكلمة واحدة عن نهج المقاومة مقابل نهج التفريط، أو عن أية قضية مبدئية تخص صلب النضال الفلسطيني. ولكنها تمركزت حول الاتفاق لتشكيل حكومة انتقالية جديدة تضم شخصيات مستقلة، تشكيل لجنة انتخابية وبعض المطالب المتبادلة كإطلاق سراح المعتقلين من كلا الطرفيين. هل كان الانشقاق منذ البداية حول هذه الأمور؟
وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية تصور المصالحة وإعادة الوحدة بين كافة الفصائل وكأنه مطلب جماهيري مقدس على الجميع أن يهتف له ويصفق لنجاحه. بينما استمرار الانقسام هو مطلب إسرائيلي – أمريكي ويكفي تهديد نتنياهو لرئيس السلطة: يجب أن تختار إما إسرائيل وإما حماس.
الحقيقة غير ذلك. صحيح أن المطلب الإسرائيلي – الأمريكي هو أن يكون هناك انقسام فلسطيني يشغل الفلسطينيين بعيدا عن قضية العودة والتحرير ولكنه يفضل أن تكون هناك وحدة فلسطينية تعمل على وأد العودة والتحرير إلى الأبد.
المصالحة بين شقي الحركة الاسلامية في الداخل لا يهم أعضاء الحركتين وحدهم بل يهم كافة قطاعات شعبنا. هل كان الانشقاق قبل حوالي 15 سنة حول موقف مبدئي من الانتخابات للكنيست الصهيوني وحول الموقف من الكيان الصهيوني برمته أم كانت هناك خلافات شخصية امتزجت مع بعض المواقف السياسية؟ لا أخفي مرة أخرى بأني كنت اشد ميلا إلى الشق الشمالي، هذا بالرغم من بعدي التنظيمي والايدولوجي عن الطرفين. مقاطعة انتخابات الكنيست هو موقف مبدئي من غير شك، ولكن مقاطعة الشق الشمالي لهذه الانتخابات لم تكن جذرية بالقدر المطلوب وكانت تتخذ موقفا ليبراليا منها: قيادة الحركة لا ترشح نفسها ولا تنتخب ولكن القاعدة تستطيع أن تشارك أو لا تشارك. مرة أخرى تكللت محاولات المصالحة بالنجاح، هذا حسب وسائل الإعلام التي هي مصدري الوحيد للمعلومات، ولكن من غير أن تحسم هذه القضية. واليوم يقوم التحضير على قدم وساق لمهرجان الوحدة تحت شعار: مهرجان "البيعة والوفاء لرسول الله"، وكأن الانقسام كان لهذا السبب. لو كنت عضوا في أحدى الحركتين الإسلاميتين لسالت: لماذا كان الانشقاق؟ ولماذا الوحدة الآن.
المصالحة الأخيرة والوحدة الأخيرة هي بين شقي أبناء البلد، هذا على اعتبار أن الشق الثالث الذي شارك في تأسيس التجمع الوطني الديمقراطي وما زال منخرطا في صفوفه قد تنازل عن اعتبار نفسه طرفا في المصالحة والوحدة. على عكس الحالتين السابقتين أجد نفسي هنا متورطا عاطفيا على الأقل. فقد كانت وما زالت تربطني بهذا التيار أواصر عديدة. ولكني هنا أيضا أقف أمام لغز: لماذا كان الانشقاق أصلا وعلى أي أساس تأتي الوحدة الآن؟
بعد التجربة القصيرة والخروج من التجمع الوطني الديمقراطي أعلن كلا الشقين المقاطعة المبدئية الانتخابات للكنيست. وكانت توجه الانتقادات بين الحين والآخر لأحد الشقين بأن مقاطعته للانتخابات ليست حاسمة وليست مبدئية وأن خروجه من التجمع كان لعدم حصوله على المراكز التي كان يطمح بها. كلا الشقين وجد مكانا له في لجنة المتابعة العليا جنبا إلى جنب مع باقي الأحزاب العربية التي تؤمن بالكنيست وانتخاباتها. وأخيرا تبنى كلا الشقين حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة. إذن أين الاختلافات الفكرية والسياسية التي تبرر الانشقاق؟ وهل حقا لم تلعب الخلافات الشخصية دورا حاسما في هذا الانشقاق. وعلى أي أساس تتم الوحدة حاليا؟ لم أقرأ أية وثيقة سياسية تبين أسس مثل هذه الوحدة المقترحة. أبناء البلد تاريخيا هي الحركة السياسية الوحيدة التي تمسكت بالهوية الوطنية الفلسطينية كهوية وحيدة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948. ولكنها لم تتطور فكريا كما وتعثرت سياسيا. في الماضي كان هناك نقاش أيديولوجي في صفوفها فمنهم من أراد أن تتبنى الحركة الماركسية اللينينية والاشتراكية العلمية ومنهم من اكتفى بالأفكار القومية العامة. اليوم لا يوجد هناك أي نقاش فكري حيث ما زال البعض يتبنى الماركسية والبعض الآخر قريب من فكر الإخوان المسلمين.
القضية ليست وحدة أو عدم وحدة الحركة بل ما هو الأساس السياسي والايدولوجي لهذه الوحدة. والقضية في الوقت نفسه ليست الانشقاق ولكن ما هي المبررات الإيديولوجية لهذا الانشقاق.
الصراع الفكري والأيديولوجي هو الضمان الوحيد لعدم الانجراف في تيار أوهام الوحدة والمصالحات.

Wednesday, July 13, 2011

من كذبة المفاوضات إلى كذبة الاعتراف

من كذبة المفاوضات إلى كذبة الاعتراف

علي زبيدات – سخنين

لنفرض جدلا أن سلطة أوسلو ذهبت إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولنفرض جدلا أن 190 دولة من أصل 193 دولة ( على اعتبار أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ودولة ميكرونيزيا سوف تصوت ضد القرار) صوتت لصالح هذا القرار وأصبحت دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة وليست بصفة مراقب كما هي عليه الآن، فهل يتغير شيء على أرض الواقع؟ هل ستزول مئات الحواجز ويستطيع المواطن العادي أو حتى الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس السلطة نفسه أن يتنقل بحرية بين مدينة وأخرى أو قرية وأخرى؟ هل سيغادر مستوطن واحد الأرض التي اغتصبها ويعيدها بمحض إرادته لهذه الدولة الوليدة؟ هل سيحترم الجيش الإسرائيلي هذه الدولة ويكف عن شن الغارات والاعتقالات متى شاء وأينما شاء؟ هل سيكون لهذه الدولة حدود معترف بها ما عدا التصريح المبهم بأنها تقوم على أساس حدود حزيران 1967؟ هل ستكون القدس فعلا عاصمة هذه الدولة أو إنها ستكون عاصمة مع وقف التنفيذ أو ربما عاصمة افتراضية؟
بعد 20 عاما من المفاوضات العبثية يهربون من جحيم هذه المفاوضات إلى نعيم الاعتراف في الأمم المتحدة ويصورون ذلك على أنه صمود عظيم بل هل انتصار باهر وإنجاز ما بعده إنجاز. فقط نفوس مريضة سقيمة تستطيع أن تصور هذا السيناريو على هذا الشكل. بل أستطيع أن أقول إنها نفوس ميتة. وفقط نفوس مريضة تستطيع أن تصدق هذا الكلام.
سوف تكون دولة ميكرونيزيا التي نشتمها ونتهكم عليها كلما ذكر أسمها أكثر استقلالا من الدولة الفلسطينية المقترحة. على الأقل ميكرونيزيا هي التي تحدد من يدخل إليها ومن يخرج منها ولا يوجد هناك حواجز تعرقل الحركة وتمنع التنقل من جزيرة إلى أخرى.
عشرون سنة كذبوا علينا هو عمر المفاوضات، ولا أريد هنا أن أتطرق إلى أكاذيب ما قبل المفاوضات، فهل المقصود عشرين سنة أخرى كذب حول الاعتراف؟
الأمم المتحدة لا تخلق دولا مستقلة. النظرية التي تقول إن الأمم المتحدة هي التي خلقت دولة إسرائيل عام 1948 غير دقيقة وغير صحيحة. فهذه الدولة ولدت بقوة السلاح بعد أن دمرت المجتمع الفلسطيني وشردت الشعب وسلبت الأرض الفلسطينية وأقامت دولتها. وكان قبولها عضوا في الأمم المتحدة تحصيل حاصل ليس إلا. الأمم المتحدة اليوم أسوأ من الأمم المتحدة في عام 1948. اليوم أصبحت أداة طيعة بين أصابع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الامبريالية الأخرى. الأمين العام لهذه المنظمة ليس أكثر من موظف لخدمة سياسة الهيمنة الأمريكية. ولم يخجل قبل فترة أن يصرح أن لإسرائيل الحق في فرض الحصار البحري على قطاع غزة وناشد الدول الأعضاء الابتعاد عن أي تحرك لكسر هذا الحصار.
الشرعية الدولية التي تتمسك فيها سلطة أوسلو هي أيضا كذبة كبيرة. هذه ليست شرعية دولية بل العكس تماما: إنها لاشرعية دولية.
يعترف اليوم ب"الدولة الفلسطينية" أكثر من 120 دولة أي أكثر من نصف أعضاء الأمم المتحدة، أي أكثر من الدول التي تعترف بدولة إسرائيل. ويوجد في هذه الدول سفارات وقنصليات فلسطينية. ومن يظن أن هذه السفارات والقنصليات تمثل قضية شعب فلسطين العادلة فهو مخطئ. إنها بؤر للفساد ليس أكثر. فها هو سفير سلطة أوسلو لدى الأمم المتحدة ضيف مرغوب فيه لدى المنظمات الصهيونية يصرح حول الهدف من الذهاب للأمم المتحدة وطلب الاعتراف:" الهدف من هذه الخطوة هو إنقاذ حل الدولتين ومنع قيام الدولة الواحدة، وهذه هي الفرصة الأخيرة أمام إسرائيل لأن الدولة الواحدة تعني انتحار إسرائيل".
هكذا إذن. يضعوننا أمام خيارين: إما المفاوضات وإما الاعتراف. وكلا الخيارين هما عملية اغتصاب. وعملية الاعتراف أصلا هي مجرد مناورة للعودة في اللحظة الأخيرة للمفاوضات العبثية لكي تستمر المسرحية.
كما يقول المثل العربي: "بين حانا ومانا ضاعت لحانا": بين المفاوضات والاعتراف ضاعت القضية.
لقد آن الأوان كشف ووضع حد لهذا الكذب. وفقط استمرار النضال الثوري التقدمي وتطويره الكفيل بذلك.

Wednesday, July 06, 2011

حاصروا حصاركم ولنحاصر حصارنا

حاصروا حصاركم ولنحاصر حصارنا
علي زبيدات – سخنين

مخطئ من يظن أن دولة إسرائيل لوحدها تفرض الحصار على قطاع غزة. العالم بأسره يشارك في هذا الحصار بشكل أو بآخر. ما يجري اليوم أمام أنظار وسمع العالم في ملاحقة أسطول الحرية الثاني نزع القناع عن وجوه الكثيرين وكشف عورات الجميع. لم يعد كافيا أن نكيل الشتائم لدولة الاحتلال حتى نتبرأ من هذا الحصار بعد أن نسل أنفسنا كالشعرة من العجين، ننفض عن كاهلنا تحمل المسؤولية ونردد لا حول لنا ولا قوة أو لا حول ولا قوة إلا بالله.
الأمر لم يعد يتحمل هذا التملق والكذب والتزوير والخوف من المواجهة، لم يعد يتحمل الشعارات الرنانة ولا المجاملات ولا حتى الأحاديث الدبلوماسية الدبقة.
من هنا، أنا أتهم، وأظن أن معظم سكان قطاع غزة البسطاء يتهمون معي هذا العالم الجبان، الصامت، المتواطئ، الغادر بالمشاركة في هذا الحصار المجرم الذي يشكل وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء. لا أستثني أحدا.
أبدأ باتهام أنفسنا نحن في فلسطين المحتلة عام 1948، من مؤسسات رسمية وعلى رأسها لجنة المتابعة والأحزاب والحركات السياسية وهي معروفة، وأذكرها مرة أخرى بالاسم: الحركتان الإسلاميتان، الحزب الشيوعي وجبهته، التيار "الوطني" كما يحب أن يطلق على نفسه حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وباقي أحزاب التهريج ذات الأسماء الرنانة "الديمقراطي العربي" و"القومي العربي" و"العربية للتغيير" وأبناء البلد بشقيها أو بثلاثة أو أربعة شقوقها، لا أدري، كذلك اتهم ما يسمى بمؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات التي تعيش على فضلات الأموال المستجداة من الصناديق والدول المانحة الامبريالية. كذلك لا استثني الأفراد من الجماهير، مثلي ومثل غيري الذين يتابعون ما يجري على شاشات التلفزيون وعلى شبكة الانترنت ويضربون كفا بكف بعدما أصابهم مرض اليأس والإحباط والشعور بالعجز. نعم، جميعنا مشاركون في حصار غزة وجميعنا نتحمل مسؤولية هذه الجريمة.
ماذا فعلنا من أجل كسر الحصار عن غزة؟ لماذا يجب أن ننتظر أصلا بعض النشطاء القادمين من عشرين دولة أو أكثر وبعض السفن الصغيرة أكثر لكي نعبر عن مشاعرنا؟ قد يقول البعض: إننا لا نملك سفنا لكسر الحصار، لذلك نكتفي بإرسال عشرة مندوبين من النخبة للمساهمة في الأسطول. ولكن هل الحصار على غزة من البحر فقط؟ ألا يوجد هناك حصار بري أيضا؟ كم "أسطولا" بريا نظمنا لكسر الحصار؟ أسطول؟؟ آسف أقصد كم شاحنة؟ ها هو شهر رمضان على الأبواب ويكفي ما يتبقى على موائدنا لإطعام جميع المحاصرين، هذا ناهيك عن ولائم الإفطار الجماعية التي يشارك فيها رموز من يفرضون الحصار من رئيس الدولة شمعون بيرس وحتى أصغر وزير وموظف.
صرح رئيس لجنة المتابعة، السيد محمد زيدان لوسائل الإعلام: لن نشارك بأسطول الحرية الثاني لأننا نخشى المضايقات الإسرائيلية". من يخشى المضايقات الإسرائيلية من المفضل أن يبحث لنفسه عن منصب آخر. بالمناسبة، أنصح رئيس هذه اللجنة حفاظا على ماء الوجه أن يقدم استقالته فورا.
لماذا لا ننظم أسبوعيا، كل يوم جمعة، أسطولا بريا لكسر الحصار؟ قد يقول البعض: لا نستطيع. وأنا أجيب: هل حاولتم؟
الفلسطينيون في المناطق المحتلة عام 1967، من أحزاب وتنظيمات وفصائل بغض النظر عن موقعها، في السلطة كانت أو في المعارضة، هم أيضا متورطون في فرض هذا الحصار.أليس من العار أن يكون الرئيس الفلسطيني أول من يؤيد اقتراح اليونان التي رضخت للضغط الإسرائيلي بأن يتم نقل المعونات إلى ميناء اشدود ومن ثم تقوم السلطات الإسرائيلية بنقله إلى غزة كما تراه مناسبا؟ على كل حال، دور هذا "الرئيس" ودور رئيس حكومته في حصار غزة منذ سنوات معروف للقاصي والداني. كل فلسطيني يقبل بسلطة أوسلو هو موضوعيا شريك في حصار غزة شاء ذلك أم أبى.
الدول العربية بدون استثناء شريكة في هذا الحصار الغاشم. أكتفي هنا بالإشارة إلى موقف مصر "الثورة" المخزي من هذا الحصار. بالرغم من الضجيج الإعلامي ما زال معبر رفح على حاله، فتحه لبضعة أيام في الأسبوع أو لبضعة ساعات في اليوم وشروط عبوره لا تخجل حتى نظام حسني مبارك البائد. يا حيف، كيف يستطيع نظام أن يتكلم عن كرامته القومية وهو لا يملك السيطرة على معبر في أرضه؟ هذا الواقع ليس من شيم الثوار بل من صفات العملاء والمتعاونين.
إذا كنا نحن، الفلسطينيون والعرب نشارك في حصار قطاع غزة، بدون أن يرجف لنا جفن، فبأي وازع أخلاقي نستطيع أن نلوم تركيا على موقفها الغادر؟ ونلوم اليونان على رضوخها، ونلوم الأمم المتحدة على تواطؤها والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على تعاونهما مع إسرائيل؟
الشعب الذي يرضى بالإهانة ويرضى بأن تداس كرامته فهو يستحق أن يعامل كالعبيد.
العالم يحاصر قطاع غزة عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ولكن في المقابل، قطاع غزة يحاصر العالم أخلاقيا. ولن يهزم الحصار إلا الحصار.