من كذبة المفاوضات إلى كذبة الاعتراف
علي زبيدات – سخنين
لنفرض جدلا أن سلطة أوسلو ذهبت إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولنفرض جدلا أن 190 دولة من أصل 193 دولة ( على اعتبار أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ودولة ميكرونيزيا سوف تصوت ضد القرار) صوتت لصالح هذا القرار وأصبحت دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة وليست بصفة مراقب كما هي عليه الآن، فهل يتغير شيء على أرض الواقع؟ هل ستزول مئات الحواجز ويستطيع المواطن العادي أو حتى الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس السلطة نفسه أن يتنقل بحرية بين مدينة وأخرى أو قرية وأخرى؟ هل سيغادر مستوطن واحد الأرض التي اغتصبها ويعيدها بمحض إرادته لهذه الدولة الوليدة؟ هل سيحترم الجيش الإسرائيلي هذه الدولة ويكف عن شن الغارات والاعتقالات متى شاء وأينما شاء؟ هل سيكون لهذه الدولة حدود معترف بها ما عدا التصريح المبهم بأنها تقوم على أساس حدود حزيران 1967؟ هل ستكون القدس فعلا عاصمة هذه الدولة أو إنها ستكون عاصمة مع وقف التنفيذ أو ربما عاصمة افتراضية؟
بعد 20 عاما من المفاوضات العبثية يهربون من جحيم هذه المفاوضات إلى نعيم الاعتراف في الأمم المتحدة ويصورون ذلك على أنه صمود عظيم بل هل انتصار باهر وإنجاز ما بعده إنجاز. فقط نفوس مريضة سقيمة تستطيع أن تصور هذا السيناريو على هذا الشكل. بل أستطيع أن أقول إنها نفوس ميتة. وفقط نفوس مريضة تستطيع أن تصدق هذا الكلام.
سوف تكون دولة ميكرونيزيا التي نشتمها ونتهكم عليها كلما ذكر أسمها أكثر استقلالا من الدولة الفلسطينية المقترحة. على الأقل ميكرونيزيا هي التي تحدد من يدخل إليها ومن يخرج منها ولا يوجد هناك حواجز تعرقل الحركة وتمنع التنقل من جزيرة إلى أخرى.
عشرون سنة كذبوا علينا هو عمر المفاوضات، ولا أريد هنا أن أتطرق إلى أكاذيب ما قبل المفاوضات، فهل المقصود عشرين سنة أخرى كذب حول الاعتراف؟
الأمم المتحدة لا تخلق دولا مستقلة. النظرية التي تقول إن الأمم المتحدة هي التي خلقت دولة إسرائيل عام 1948 غير دقيقة وغير صحيحة. فهذه الدولة ولدت بقوة السلاح بعد أن دمرت المجتمع الفلسطيني وشردت الشعب وسلبت الأرض الفلسطينية وأقامت دولتها. وكان قبولها عضوا في الأمم المتحدة تحصيل حاصل ليس إلا. الأمم المتحدة اليوم أسوأ من الأمم المتحدة في عام 1948. اليوم أصبحت أداة طيعة بين أصابع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الامبريالية الأخرى. الأمين العام لهذه المنظمة ليس أكثر من موظف لخدمة سياسة الهيمنة الأمريكية. ولم يخجل قبل فترة أن يصرح أن لإسرائيل الحق في فرض الحصار البحري على قطاع غزة وناشد الدول الأعضاء الابتعاد عن أي تحرك لكسر هذا الحصار.
الشرعية الدولية التي تتمسك فيها سلطة أوسلو هي أيضا كذبة كبيرة. هذه ليست شرعية دولية بل العكس تماما: إنها لاشرعية دولية.
يعترف اليوم ب"الدولة الفلسطينية" أكثر من 120 دولة أي أكثر من نصف أعضاء الأمم المتحدة، أي أكثر من الدول التي تعترف بدولة إسرائيل. ويوجد في هذه الدول سفارات وقنصليات فلسطينية. ومن يظن أن هذه السفارات والقنصليات تمثل قضية شعب فلسطين العادلة فهو مخطئ. إنها بؤر للفساد ليس أكثر. فها هو سفير سلطة أوسلو لدى الأمم المتحدة ضيف مرغوب فيه لدى المنظمات الصهيونية يصرح حول الهدف من الذهاب للأمم المتحدة وطلب الاعتراف:" الهدف من هذه الخطوة هو إنقاذ حل الدولتين ومنع قيام الدولة الواحدة، وهذه هي الفرصة الأخيرة أمام إسرائيل لأن الدولة الواحدة تعني انتحار إسرائيل".
هكذا إذن. يضعوننا أمام خيارين: إما المفاوضات وإما الاعتراف. وكلا الخيارين هما عملية اغتصاب. وعملية الاعتراف أصلا هي مجرد مناورة للعودة في اللحظة الأخيرة للمفاوضات العبثية لكي تستمر المسرحية.
كما يقول المثل العربي: "بين حانا ومانا ضاعت لحانا": بين المفاوضات والاعتراف ضاعت القضية.
لقد آن الأوان كشف ووضع حد لهذا الكذب. وفقط استمرار النضال الثوري التقدمي وتطويره الكفيل بذلك.
علي زبيدات – سخنين
لنفرض جدلا أن سلطة أوسلو ذهبت إلى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ولنفرض جدلا أن 190 دولة من أصل 193 دولة ( على اعتبار أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ودولة ميكرونيزيا سوف تصوت ضد القرار) صوتت لصالح هذا القرار وأصبحت دولة فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة وليست بصفة مراقب كما هي عليه الآن، فهل يتغير شيء على أرض الواقع؟ هل ستزول مئات الحواجز ويستطيع المواطن العادي أو حتى الوزير أو رئيس الوزراء أو رئيس السلطة نفسه أن يتنقل بحرية بين مدينة وأخرى أو قرية وأخرى؟ هل سيغادر مستوطن واحد الأرض التي اغتصبها ويعيدها بمحض إرادته لهذه الدولة الوليدة؟ هل سيحترم الجيش الإسرائيلي هذه الدولة ويكف عن شن الغارات والاعتقالات متى شاء وأينما شاء؟ هل سيكون لهذه الدولة حدود معترف بها ما عدا التصريح المبهم بأنها تقوم على أساس حدود حزيران 1967؟ هل ستكون القدس فعلا عاصمة هذه الدولة أو إنها ستكون عاصمة مع وقف التنفيذ أو ربما عاصمة افتراضية؟
بعد 20 عاما من المفاوضات العبثية يهربون من جحيم هذه المفاوضات إلى نعيم الاعتراف في الأمم المتحدة ويصورون ذلك على أنه صمود عظيم بل هل انتصار باهر وإنجاز ما بعده إنجاز. فقط نفوس مريضة سقيمة تستطيع أن تصور هذا السيناريو على هذا الشكل. بل أستطيع أن أقول إنها نفوس ميتة. وفقط نفوس مريضة تستطيع أن تصدق هذا الكلام.
سوف تكون دولة ميكرونيزيا التي نشتمها ونتهكم عليها كلما ذكر أسمها أكثر استقلالا من الدولة الفلسطينية المقترحة. على الأقل ميكرونيزيا هي التي تحدد من يدخل إليها ومن يخرج منها ولا يوجد هناك حواجز تعرقل الحركة وتمنع التنقل من جزيرة إلى أخرى.
عشرون سنة كذبوا علينا هو عمر المفاوضات، ولا أريد هنا أن أتطرق إلى أكاذيب ما قبل المفاوضات، فهل المقصود عشرين سنة أخرى كذب حول الاعتراف؟
الأمم المتحدة لا تخلق دولا مستقلة. النظرية التي تقول إن الأمم المتحدة هي التي خلقت دولة إسرائيل عام 1948 غير دقيقة وغير صحيحة. فهذه الدولة ولدت بقوة السلاح بعد أن دمرت المجتمع الفلسطيني وشردت الشعب وسلبت الأرض الفلسطينية وأقامت دولتها. وكان قبولها عضوا في الأمم المتحدة تحصيل حاصل ليس إلا. الأمم المتحدة اليوم أسوأ من الأمم المتحدة في عام 1948. اليوم أصبحت أداة طيعة بين أصابع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية والدول الامبريالية الأخرى. الأمين العام لهذه المنظمة ليس أكثر من موظف لخدمة سياسة الهيمنة الأمريكية. ولم يخجل قبل فترة أن يصرح أن لإسرائيل الحق في فرض الحصار البحري على قطاع غزة وناشد الدول الأعضاء الابتعاد عن أي تحرك لكسر هذا الحصار.
الشرعية الدولية التي تتمسك فيها سلطة أوسلو هي أيضا كذبة كبيرة. هذه ليست شرعية دولية بل العكس تماما: إنها لاشرعية دولية.
يعترف اليوم ب"الدولة الفلسطينية" أكثر من 120 دولة أي أكثر من نصف أعضاء الأمم المتحدة، أي أكثر من الدول التي تعترف بدولة إسرائيل. ويوجد في هذه الدول سفارات وقنصليات فلسطينية. ومن يظن أن هذه السفارات والقنصليات تمثل قضية شعب فلسطين العادلة فهو مخطئ. إنها بؤر للفساد ليس أكثر. فها هو سفير سلطة أوسلو لدى الأمم المتحدة ضيف مرغوب فيه لدى المنظمات الصهيونية يصرح حول الهدف من الذهاب للأمم المتحدة وطلب الاعتراف:" الهدف من هذه الخطوة هو إنقاذ حل الدولتين ومنع قيام الدولة الواحدة، وهذه هي الفرصة الأخيرة أمام إسرائيل لأن الدولة الواحدة تعني انتحار إسرائيل".
هكذا إذن. يضعوننا أمام خيارين: إما المفاوضات وإما الاعتراف. وكلا الخيارين هما عملية اغتصاب. وعملية الاعتراف أصلا هي مجرد مناورة للعودة في اللحظة الأخيرة للمفاوضات العبثية لكي تستمر المسرحية.
كما يقول المثل العربي: "بين حانا ومانا ضاعت لحانا": بين المفاوضات والاعتراف ضاعت القضية.
لقد آن الأوان كشف ووضع حد لهذا الكذب. وفقط استمرار النضال الثوري التقدمي وتطويره الكفيل بذلك.
No comments:
Post a Comment