Wednesday, November 21, 2012

زمن النعاج العربي

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010764 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010748
زمن النعاج العربي
علي زبيدات – سخنين

المكان الطبيعي للنعاج، كما هو معروف، هو إما أن تكون في الحظائر تأوي اليها تتقي الحر والبرد وتنتظر مصيرها حتى ترسل الى المسالخ، وإما أن تكون في المراعي تأكل وتسرح وتمرح حتى يعيدها الراعي مستعملا عصاه الى حظائرها. إلا في العالم العربي، وخصوصا تلك النعاج التي تشرب ولا ترتوي من آبار النفط. فهي نعاج فريدة من نوعها: فهي أولا، يكون الراعي منها وفيها، أي أن الراعي هو أيضا نعجة. وهي عادة نعاج سمينة تكاد كروشها تندلق أمامها وعلى جانبيها ويكاد شحمها يتفتق عن جسدها وينسكب تحت أقدامها. وفي الوقت نفسه هي نعاج تجتمع، تعقد المؤتمرات، تتخذ القرارات وتتوسط لحل النزاعات. وفي بعض الحالات تلبس أقنعة الليوث، تقود الثورات، تنظم المليشيات، تهرب الاسلحة وتملأ العالم ثغاء من خلال وسائل اعلامها المتطورة. ولكنها في نهاية المطاف تعود الى طبيعتها "النعاجية" الخاضعة والمستكينة خصوصا كلما اقتربت من أمريكا واسرائيل.
وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة مؤخرا لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة ولنصرة أهل غزة وباعتراف كبيرهم هم ممثلون لهذه النعاج العربية الاصيلة. ومنذ الاجتماع الاول تبين أن دورهم الحقيقي هو ترجمة العدوان الاسرائيلي العسكري الى مكتسبات سياسية لصالح هذا العدوان. وذلك من خلال التوصل الى تهدئة أو هدنة لفترة طويلة جدا حسب الإملاءات والشروط الاسرائيلية. بينما لمساعدة غزة فقد اكتفوا بفيض من الادانات شديدة اللهجة والوعود العرقوبية باعادة اعمارها بعد تدميرها. وقد نسوا اننا قد حضرنا هذا الفلم السخيف قبل أربع سنوات.
يبدو أن الربيع العربي قد جلب فيما جلبه المزيد من العشب الاخضر لهذه النعاج لكي تسرح وتمرح وتزداد سمنة وتزداد عددا. إلى نعاج الخليج انضمت نعاج من مصر وتونس توهم بعضنا انها سوف تكون "نعاجا ثورية" تقوم بطرد ومطاردة الذئاب التي تنهش في جسد العالم العربي. ولكن هل تستطيع النعجة أن تخرج من نفسها وتغير طبيعتها؟ بالطبع لا. لم تكن ثورية هذه النعاج الا قناعا سرعان ما سقط عند أول اختبار. ذكرتني بقصة ذلك الحمار الذي زهق من معاملة باقي الحيوانات له باحتقار. فوجد أسدا ميتا فنزع عنه جلده ولبسه ومشى في الغابة متبخترا يخيف باقي الحيوانات. ومر في طريقه على الثعلب الذي كان من اشد الحيوانات احتقارا له فأراد أن يرعبه في أن يزأر في ووجهه، فخرج من بين فكي هذا التعيس نهيق قبيح، فقال له الثعلب: لقد فضحت نفسك. كنا نتوقع من هذه النعاج "الثورية" أن تقطع علاقتها بالكامل بدولة إسرائيل وتفتح معبر رفح على مصراعيه، أولا وقبل كل شيء كتعبير عن سيادتها المطلقة عليه وتدع الجماهير المصرية والعربية تتدفق للدفاع عن غزة. ولكن كيف تعمل ذلك بينما كلأها وعلفها مرهون بأمريكا وإسرائيل؟ وهكذا سرعان ما تحولت شعاراتها الثورية الى ثغاء استجداء.
لقد برهنت جامعة الدول العربية للمرة الألف، منذ ولادتها على يد القابلة الانجليزية وحتى يومنا هذا، بأنها أفضل حظيرة للنعاج العربية. حتى انها في اجتماع وزراء خارجيتها الاخير تفوقت على نفسها عندما تجرأت ووجهت النقد الذاتي لنفسها بإعادة النظر بمبادرة السلام التي قدمتها لاسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات وألقت بها هذه في سلة المهملات.
ولكي أكون منصفا أقول أن "زمن النعاج" لا يقتصر على عالمنا العربي بل يمتد الى كافة اطراف العالم. فماذا نقول عن أوباما الذي توقف خلال زيارته لبعض الدول الاسيوية لكي يصرح: "من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها" ووزيرة خارجيته التي طارت على جناح السرعة لكي تعبر عن تضامنها مع العدوان وتساهم مع النعاج العرب لترجمة هذا العدوان الى مكاسب سياسية. هذا ناهيك عن باقي الوزراء والدبلوماسيين الاوروبيين من انجلترا وفرنسا والمانيا الذين هرولوا ليقدموا مساعدتهم لدولة اسرائيل المسالمة التي تدافع عن نفسها.
وإن أنسى فلا أنسى في هذه المناسبة نعاجنا المحلية التي تحترف الثغاء السياسي، الثوري والوطني والتقدمي والتي صرح بعضها بأنه سوف يقيم الدنيا ولا يقعدها في حالة استمرار العدوان الاسرائيلي. وكل ما تصبو اليه هو الحصول على حفنة اضافية من االاصوات في انتخابات الكنيست الصهيونية القادمة. هذه النعاج التي شرذمت العمل الوطني وفشلت في تنظيم حتى مظاهرة قطرية واحدة.
زمن النعاج العربي سوف يزول عاجلا أم آجلا. وسوف تبقى غزة صامدة، والقضية الفلسطينية سوف تبقى حية حتى يهل ويسود زمن الأسود العربية التي سوف تصنع العودة والتحرير.

Wednesday, November 14, 2012

غزة تنتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009916 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009900
غزة تنتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم
علي زبيدات – سخنين

من يظن أن التنافس بين الاحزاب الصهيونية في انتخابات الكنيست القادمة يجري علي اساس برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فهو مخطىء. لم أجد أي برامج من هذا القبيل في كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية. ومن وجد مثل هذه البرامج فليتفضل ويوجهنا اليها. التنافس الوحيد فيما بين هذه الاحزاب هو حول غزة: من يؤيد اقسى ضربة عسكرية لقطاع غزة. هل يجب اعادة احتلال القطاع كاملا أم الاكتفاء بالقصف من الجو والبر والبحر وتدمير ما يمكن تدميره من البنى التحتية؟ هل يجب العودة الى سياسة الاغتيالات للقادة السياسيين ومن منهم يجب اهدار دمه؟ ما هي انجع الوسائل لتضييق الحصار وتعميقه. نتائج الانتخابات مرهونة بما يجري في غزة من اقصى شمالها الى اقصى جنوبها وما تبقى ما هو إلا كلام فارغ. لا اهمية تذكر في هذه الانتخابات للاحتجاجات الاجتماعية والازمة الاقتصادية وحتى للبرنامج النووي الايراني. المعادلة أصبحت مكشوفة ومعروفة للجميع: كلما ازداد القصف والقتل والعدوان على غزة كلما ضمنت هذه الاحزاب المزيد من الاصوات في الانتخابات القادمة. هذا الامر لا يقتصر على رئيس الحكومة وحزبه وائتلافه ولا يقتصر على الاحزاب اليمينية بل يشمل بشكل أو بآخر كافة الاحزاب الصهيونية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار.
أذن، هل من الخطأ إذا قلت أن قطاع غزة بدماء أبنائه هو الذي سوف ينتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم؟ ها هو رئيس الحكومة يصدر اوامره بقصف غزة بشكل عشوائي اسفر حتى الآن عن مقتل وجرح العشرات وتدمير عدد من المنشآت الحيوية. وها هو وزير الحرب المأزوم ايهود براك الذي تتنبأ له كافة استطللاعات الرأي بالسقوط والاندثار يهدد بحرب جديدة أشرس من الحرب الماضية التي قادها ويهدد باحتلال القطاع كاملا لعل ذلك ينقذه. ولم يبق حزب واحد لم يسهم بنصيبه في التحريض على غزة وذلك بحجة الحفاظ على أمن مليون مستوطن في جنوب البلاد وكأنه لا يوجد هناك، في الطرف الآخر، مليونان أمنهم مفقود منذ سنوات طويلة.
آخر المحرضين على غزة كان وزير الامن الداخلي والمفتش العام للشرطة في قلب مدينة سخنين وأمام لجنة المتابعة واللجنة القطرية لروساء المجالس المحلية وممثلي بعض الاحزاب العربية وبلدية سخنين ولجنتها الشعبية بالاضافة الى لفيف من المتعاونين والمتسلقين في مؤتمر يحمل عنوانا بريئا يسمى "مؤتمر مكافحة حوادث الطرق في المجتمع العربي". فقد صرح الاول، وزير الامن الداخلي، بضرورة اعادة الامن والهدوء الى جنوب البلاد وتحرير أمن مليون مواطن من كونه رهينة بأيدي منظمات ارهابية واعادة سياسة الردع بكافة اشكالها. بينما كشف المفتش العام للشرطة عن مخطط تكثيف وتعميق تجنيد الشباب العرب لسلك الشرطة والذي بدأ تنفيذه منذ فترة وتمخض حتى الان عن تجنيد مئات الشباب. جرى كل ذلك أمام سمع وبصر زعماء ما يسمى بالوسط العربي الذين ينادون في الخارج بمواجهة السياسة الحكومية العدوانية ولكن في المؤتمر لم يجرؤ احد بفتح فمه والاعتراص على هذه التصريحات.
لذلك هل من المبالغ فيه عندما نؤكد أن الاحزاب العربية موضوعيا، عن قصد أو عن غير قصد، عن سوء أو عن حسن نية، بمجرد مشاركتها في هذه الانتخابات المحسومة سلفا، تتحمل هي الاخرى مسؤولية الجرائم التي تقترف الان في غزة؟ وهل من باب الصدفة انها لم تحرك ساكنا إزاء هذه الجرائم بينما كانت منهمكة في الاجتماعات للوحدة فيما بينها ليس من أجل مواجهة العدوان على غزة بل من أجل ايجاد افضل الطرق لخوض انتخابات الكنيست وكيفية رفع نسبة المصوتين وتقسيم المقاعد فيما بينها.
الاحزاب العربية هي الاخرى، أسوة بالاحزاب الصهيونية، لا تخوض الانتخابات على أساس برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. مرة أخرى من يعلم بوجود مثل هذه البرامج فليوجهنا اليها مشكورا.
الانتخابات للكنيست الصهيوني كانت وما زالت مجبولة بالدماء الفلسطينية. ومهما استعملت الاحزاب العربية من تبريرات وحجج لا يمكنها الهرب من هذه الحقيقة. شروط اللعبة لانتخابات الكنيست محسومة مسبقا. من يشارك في هذه اللعبة لا بد إلا أن يتقيد بشروطها. الكنيست بكافة أعضائها ال١٢٠ يشاركون في هذه اللعبة حتى وأن اختلفت ادوار البعض. في نهاية المطاف، احزاب الائتلاف والمعارضة، احزاب اليمين والوسط واليسار والاحزاب العربية جميعها تشكل فريقا واحدا يتحمل وإن بدرجات متفاوتة المسؤولية عن الجرائم المقترفة في حق شعبنا الفلسطيني. لذلك فإننا ندعو الى كسر قواعد هذه اللعبة، الى الانسحاب من هذا الفريق المجرم، الى مقاطعة الانتخابات للكنيست الصهيونية.

Wednesday, November 07, 2012

من انتخابات إلى انتخابات

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000008764 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000008748
من انتخابات الى انتخابات
علي زبيدات – سخنين

انتهت انتخابات الرئاسة الامريكية بفوز براك أوباما بولاية ثانية لأربع سنوات أخرى. وكان هذا الفوز متوقعا من قبل معظم المراقبين والمهتمين. وأظن أن معظم المهتمين بالقضية الفلسطينة قد تنفسوا الصعداء بعد فشل المرشح الجمهوري "المرعب" ميت رومني وفوز أوباما. ويأملون أن يتنفسوا الصعداء مرة أخرى إذا ما تمخضت انتخابات الكنيست الصهيونيةة عن فشل نتنياهو – ليبرمان وفوز المعارضين لهما. في الحقيقة أنا لا أخفي فرحي من سقوط ميت رومني في الانتخابات الامريكية ولن أخفى فرحي في حالة سقوط نتنياهو – ليبرمان. ولكن أن أتنفس الصعداء بسبب فوز البدلاء الآخرين، هذا ما لن يحصل أبدا.
لو كنت مواطنا أمريكيا لكان موقفي مطابقا للموقف من الانتخابات الاسرائيلية: المقاطعة. ولن أكون وحيدا في هذا الموقف حيث أن نصف الشعب الامريكي على الاقل مقاطع لهذه الانتخابات ولاسباب لا تختلف من حيث المبدأ عن أسباب المقاطعة هنا. الانتخابات "الديمقراطية" في الولايات المتحدة الامريكية، كما في إسرائيل، كما في كافة دول العالم الرأسمالية ليست تعبيرا عن إرادة الشعوب بل هي تشويها وتزيفا لها وحتى مصادرتها نهائيا. من يستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة الامريكية إذا عرفنا أن تكاليف الحملة الانتخابية قد تجاوزت الثلاثة مليار دولار؟ مرشحو الرئاسة بغض النظر اذا كانوا ينتمون للحزب الديموقراطي أو الحزب الجمهوري هم ليسوا ولم يكونوا ابدا مرشحين للشعب الامريكي بل مرشحين للشركات الامريكية وأرباب رؤوس الاموال الذين جمعوا ثروتهم من نهب وسلب ليس فقط الجماهير الكادحة الامريكية بل آيضا شعوب العالم بأسره. نصف الشعب الامريكي أحس بذلك على جسده لذلك في يوم الانتخابات فضل البقاء في البيت، حتى انه لم يتابعها على التلفزيون واستمر في مشاهدة برامجه الخاصة.
اختلف المرشحان حول كافة المواضيع في العالم كما شاهدنا ذلك في مناظراتهما التلفزيونية، ولكنهما اتفقا على موضوع واحد: تقديم الدعم اللامحدود لإسرائيل وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ما هي الانجازات التي حققها أوباما خلال الاربع سنوات الماضية والتي منحته مسبقا جائزة نوبل للسلام؟ هل وضع حدا للحروب التي بدأها سابقه كما وعد؟ أم استمرت وتفاقمت وها نحن نجد انفسنا نقف أمام إمكانية حروب جديدة؟ يقول البعض: يجب منح أوباما فرصة ثانية ليس فقط من أجل اصلاح النواقص من ولايته الاولى بل في الاساس للمضي قدما في "رعاية المسيرة السلمية" لأن يديه اليوم متحررة أكثر من أي ضغط انتخابي.مثل هذه الاقوال تتكرر في كل ولاية ثانية، ولكن على ارض الواقع لا شيئ يتغير، لماذا؟ لأن السياسة الامريكية في منطقتنا راسخة: العمل على تمزيق العالم العربي وتدمير ما يمكن تدميرة وغرس النزاعات التي لا تنتهي من خلال التدخل في شؤون البلدان الداخلية وكل ذلك من أجل خدمة دولة اسرائيل والحفاظ على أمنها وكأنه لا حاجة للشعوب العربية للأمن والسلام.
يظن البعض أن أوباما في ولايته الثانية سوف يقف بحزم في مواجهة نتنياهو خصوصا على ضوء دعم الاخير العلني للمرشح الجمهوري. مثل هذه الاوهام التي تدغدغ الكثيرين من رجال السياسة العرب والفلسطينيين من غير رصيد. أنا هنا أصدق نتياهو الذي قال في تهنئته لأوباما:” المعاهدة الاستراتيجية بين إسرائيل وأمريكا اليوم أقوى من أي وقت مضى".
فاز براك أوباما في الانتخابات الرئاسية كما كان متوقعا وقد يفوز نتنياهو في انتخابات الكنيست كما هو متوقع أيضا، ولكن كلاهما ليس فقط سيكونان عاجزين عن تحقيق السلام ولكنهما سيكونان قادرين على إثارة المزيد من الحروب والنزاعات. لعبة الانتخابات المبنية على الفساد والكذب والرشوات والديماغوية وتملق الجماهير لم تعد تنطلي على الشعوب التي تناضل من أجل انتزاع كافة حقوقها.