Wednesday, September 26, 2012

مؤتمر تطبيعي جديد


مؤتمر تطبيعي جديد

علي زبيدات – سخنين

المؤتمر المزمع عقده في نهاية هذا الأسبوع وبالتحديد في 28 تشرين أول 2012 في الناصرة بمبادرة مركز مساواة تحت عنوان:"مكانة الأقلية العربية الفلسطينية القانونية" هو مؤتمر تطبيعي بامتياز. كان هذا المركز قد بدأ نشاطاته التطبيعية منذ عدة سنوات عندما كانت "التصورات المستقبلية" في الموضة بحجة تحديد العلاقة بين المواطنين الفلسطينيين والدولة العبرية. هكذا صدر في حينه "التصور المستقبلي" عن لجنة المتابعة العليا والدستور "الديمقراطي" عن مركز عدالة و"وثيقة حيفا عن مركز مدى الكرمل. وبالرغم من محاولات حزب التجمع الوطني نقل هذه الوثائق النظرية إلى الملعب السياسي من خلال مطالبته بدولة "المواطنين" و"دولة لجميع مواطنيها وبالأساس من خلال شعاره المتناقض :"هوية قومية ومواطنة كاملة" إلا أن جميع هذه المبادرات، النظرية منها والعملية، قد باءت بالفشل حيث نبذتها الجماهير الفلسطينية كل على طريقته حتى وجدت بالتالي طريقها إلى طي النسيان. كنت قدلمؤتمر المزمع عقده إحياء هذه المبادرات ويضيف عليها "صبغة قانونية" لذلك فهو موجه مسبقا من حيث الأساس إلى الحقوقيين والسياسيين المحترفين في الأحزاب العربية وليس للجماهير التي يدعي المنظمون الكلام باسمها وعنها. كنت  قد تعرضت في وقته لهذه الوثائق بالنقد ولست الآن بصدد تكرار ما كتبته في حقها حينذاك.
كان من الممكن في الماضي التغاضي عن بعض نشاطات مركز مساواة عندما كان يدعي أن الهدف من هذه النشاطات هو الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطنين العرب والعمل على تحصيلها حتى تحصيل المساواة المدنية، ولكن عندما يصل الأمر إلى التلاعب بالهوية الوطنية فلم يعد هناك مجال للتغاضي أو للصمت. وكل التبريرات حول ضرورة عقد مثل هذا المؤتمر على خلفية تصاعد العنصرية في المجتمع الإسرائيلي وخلفية الدعوة إلى يهودية الدولة لن تغير من الطبيعة التطبيعية لهذا المؤتمر بشيء.
لماذا الإصرار على مصطلح "الأقلية القومية" المشترك لكافة الوثائق المذكورة؟ حسب رأيي القصد من ذلك هو تبرير الاعتراف ب"الأغلبية القومية" للمستوطنين الذين اغتصبوا فلسطين عام 1948لأنه لا معنى لكلمة أقلية بمعزل عن الأغلبية.  وهذا بدوره يعني الاعتراف بالمبدأ الصهيوني الأول وهو اعتبار اليهود بغض النظر من أين جاؤوا يشكلون قومية واحدة الأمر الذي يرفضه الكثيرون من اليهود أنفسهم. الكلام عن أقلية قومية يحمل في طياته أيضا الاعتراف بكل ما حدث منذ عام 1948 وحتى اليوم. ولا يغير من هذه الحقيقة كل الشعارات التي تقول بأننا جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني ومن الأمة العربية. فلو كان هذا الكلام صحيحا ومن يرددونه يعنونه بالفعل فكيف يعقل أن تكون أقلية وأنت تنتمي إلى أمة تعدادها أكثر من 300 مليون وتنتمي إلى شعب يزيد على 11 مليونا؟ إذن النتيجة إننا جزء يتجزأ من هذا الشعب ومن هذه الأمة وهو الجزء الذي يقبع تحت الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 ولا يغير من هذه الحقيقة الكلمات التجميلية  حول الجزء المتشبث بأرضه و"الأقلية الاصلانية" . حتى لو اعتبرنا أن دولة إسرائيل وجدت لتبقى على حد تعبير أبي مازن، تبقى الجماهير العربية الفلسطينية هي الأغلبية القومية وباقي السكان يشكلون أقليات قادمة من خمسين دولة على الأقل. كنت أتفهم القائمين على هذا المؤتمر لو تحلوا ببعض الجرأة على غرار زملائهم اليهود الذين ينتمون إلى تيار "ما بعد الصهيونية" وقالوا: هناك قومية جديدة قد وجدت وهي القومية الإسرائيلية والتي تضم تاريخيا أقليات مختلفة انصهرت في قومية واحدة. وكما يحافظ اليهود المغاربة أو اليمنيين أو الروس على العديد من تقاليدهم وتراثهم يحق لل"أقلية الفلسطينية" هي أيضا الحفاظ على بعض تقاليدها وتراثها. وهذا هو أصلا جوهر جميع مؤتمراتهم السابقة واللاحقة.  إلا أن الواقع على العكس من ذلك تماما: دولة إسرائيل لم ولن تستطيع التخلص من صهيونيتها وبالتالي لن تستطيع أن تشكل "قومية إسرائيلية" تشمل جميع المواطنين.
في النقاط العشرة التي ذكرها مركز مساواة لتشكل محاور في المؤتمر تبدو هذه الإستراتيجية واضحة: من جهة الانخراط في الهيئات والمؤسسات الحكومية، إعادة تقسيم الموارد المادية وتعبير معين في رموز الدولة ك"العلم والنشيد الوطني" ومن جهة أخرى: إدارة ذاتية للمؤسسات الثقافية والدينية، الحفاظ على اللغة والحفاظ على العلاقة التاريخية بالشعب الفلسطيني والأمة العربية.
مكانة الجماهير الفلسطينية لا يحددها القانون الإسرائيلي ولا حتى القانون الدولي بل يحددها القانون الطبيعي المنبثق من صلب التاريخ والجغرافيا والقيم الإنسانية ولا مكان للمساومة في هذا المجال.

Wednesday, September 19, 2012

راحت الهبة وبقي أكتوبر

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010495 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010479
راحت الهبة وبقي أكتوبر
علي زبيدات – سخنين
للمرة الاولى منذ عام ٢٠٠٠ سوف تفوتني المشاركة في ذكرى ما يسمى هبة أكتوبر ، ذلك لأنني في اليوم نفسه سوف أكون على متن طائرة مسافرا إلى خارج البلاد. في البداية شعرت بنوع من تأنيب الضمير وفكرت مرارا بتأجيل السفر بالرغم من أهميته حتى قرأت البيان الصادر عن لجنة المتابعة بخصوص احياء هذه الذكرى، وتخلصت من تأنيب الضمير تماما بعد أن خرجت من الاجتماع الذي دعت اليه بلدية سخنين واللجنة الشعبية تحضيرا للمسيرة المركزية التي سوف تحتضنها سخنين في هذه الذكرى.
في الماضي كان لدي انتقادات كثيرة على كيفية احياء هذه الذكرى ولكني في الوقت نفسه كنت أحرص على المشاركة في كافة الاحوال من منطلق: شارك ثم انتقد ومن منطلق عمل شيء أفضل من لا شيء. ولكن إلى متى يجب على الانسان أن يجري وراء الوهم؟ أعود هنا وأكرر بعض انتقاداتي السابقة والتي تبدأ بالاسم: معظم المواقع الاخبارية تتكلم عن هبة آكتوبر وبعضها فقط يتبعها بهبة الاقصى وقد رأيت بعض المواقع تضع كلمة الاقصى بين قوسين. لجنة المتابعة في بيانتها المتكررة اضفت على هذا التشويه صبغة شرعية وبذلك تتحمل معظم المسؤولية عنه. هذه "الهبة" هي جزء من إنتفاضة عرفها القاصي والداني باسم إنتفاضة القدس والاقصى وهي بدأت قبل أكتوبر واستمرت الى ما بعد أكتوبر. مسخنا الانتفاضة الى هبة والهبة الى يوم وهذا اليوم الصقناه قصرا بالاول من أكتوبر. لماذا الاول؟ وقد سقط شهداء في الثاني وفي الثالث وفي الرابع وفي الثامن من أكتوبر؟ وإذا كان لا بد من اختيار يوم ووقع الاختيار على الاول فيجب على هذا اليوم أن يجمع في طياته ما حدث في باقي الايام. ولماذا الاستفراد بالشهداء الثلاثة عشرة وفصلهم عن آلاف شهداء الانتفاضة الآخرين؟ هل لأنهم يحملون البطاقة الزرقاء ولا يحق للدولة أن تطلق النار على "مواطنيها"؟ الاحزاب السياسية التي تلهث وراء التمثيل في الكنيست وباقي المؤسسات المدنية تبرر ذلك بوضعنا الخاص ك"مواطنين في الدولة" وك"أقلية قومية". من يريد أن يبحث عن تبريرات سوف يجد الكثير منها وبعضها تبريرات وجيهة ومقنعة ولكنها تبقى تبريرات. ما حدث في أكتوبر ٢٠٠٠ هو جزء من انتفاضة مجيدة بالرغم من الاوساط على طرفي الخط الاخضر التي تعتبر هذه الانتفاضة مصيبة. والشهدءا الثلاثة عشرة هم فرسان في قافلة شهداء هذه الانتفاضة. وكل محاولة لفصلهم عن هذه القافلة مهما كانت التبريرات هي انتقاص من مكانتهم ومن كرامتهم.
قررت لجنة المتابعة أن تكون المسيرة المركزية في سخنين وأن تختتم بمهرجان خطابي، وذلك كضمان لنجاحها. أي المهم هنا هو الكم وليس الكيف ومقياس النجاح الوحيد هو عدد المشاركين في المسيرة. في اجتماع اللجنة الشعبية في مبنى البلدية دار النقاش العقيم الذي يتكرر كل سنة: لماذا لا يوجد اضراب عام ايضا؟ وبما أن النقاش من أجل النقاش فقط فقد أيد أغلب الحضور ضرورة الاضراب ولكن حفاظا على الوحدة دعت للالتزام بقرارات المتابعة متناسين ان احزابهم هي التي اتخذت القرارات بالاجماع. الشعارات: ما هو مسموح وما هو ممنوع، الاعلام الحزبية، كلمة لشخصية يهودية والتي لاقت كالعادة معارضة جارفة من الجميع ما عدا من الجهة التي تقترحها سنويا. البعض طالب باختصار المسيرة وتقصير الطريق لانها متعبة مع انها لا تستغرق أكثر من ثلاثة ارباع الساعة. والبعض طالب بعدم مرور المسيرة في شوارع البلدة لأن المتفرجين من الشرفات اصبحوا أكثر من المشاركين. كان الجو السائد هو أنه يجب أن تكون هناك مسيرة ويجب ان تكون مسيرة ناجحة وذلك من باب إسقاط الواجب وليس كإستحقاق نضالي. سوف تكون هناك مسيرة تختتم بمهرجان خطابي يلعب به رئيس بلدية سخنين ورئيس لجنة المتابعة دور البطولة.
لا ادري لماذا بعد خروجي من هذا الاجتماع تذكرت نظرية أفلاطون في المثل، حيث يوجد هناك عالم المثل الكامل الذي يتكون من الحقائق المطلقة ويوجد هناك عالم المحسوسات وهو عبارة عن ظل أو صور منقولة أو محاكاة لعالم المثل. أما حياتنا اليومية ما هي الا ظل الظل أو تقليد التقليد. كل علاقة بين ما حدث في أكتوبر ٢٠٠٠ وما يحدث في الذكرى الثانية عشرة هو من باب الصدفة لا غير.

Wednesday, September 12, 2012

الاحتجاجات في الضفة الغربية بين الاحتواء والتصعيد

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010021 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010005
الاحتجاجات في الضفة الغربية بين الاحتواء والتصعيد؟
أنا مع المبدأ الذي يقول: المظاهرة جيدة ولكن الاضراب العام أفضل. الانتفاضة جيدة ولكن الثورة أفضل. والافضل على الاطلاق هو استعمال كافة هذه الاساليب النضالية بشكل خلاق وبانسجام حتى يتم تحقيق المطالب المشروعة للجماهير المنتفضة. شهدت الضفة الغربية في الايام الاخيرة عدة مظاهرات تطورت في بعض الاماكن الى مواجهات مع قوات الامن وشهدت اضرابا عاما شمل بعض القطاعات وهذا بحد ذاته أمر جيد وفي الاتجاه الصحيح. ولكن هذه المظاهرات والاضرابات لم تتطور لتصل الى مستوى الانتفاضة وبالطبع ما زلنا بعيدين عن الثورة. هذه الاساليب النضالية ليست فوق النقد بل العكس هو الصحيح: يجب اخضاعها لعملية نقد بناء وجريء لأن ذلك هو الضمان الوحيد للمضي بها قدما.
قرأت بعض الآراء الصادرة عن شخصيات أو مؤسسات وطنية تقول: إن الاحتلال هو المسؤول الاول والوحيد عن الاوضاع الاقتصادية المتردية في الضفة وعن غلاء الاسعار خصوصا في الوقود. بمعنى معين، هذا الكلام صحيح تماما ولكن أن يصل الى تبرئة حكومة سلام فياض والسلطة الفلسطينية بأكملها فهذا كلام آخر وغير صحيح. معروف للجميع أن الاحتلال الاسرائيلي مستمر بفضل الحكومة والسلطة وليس رغما عنها. وللأسف الشديد أصبح من يريد مقاومة الاحتلال حقا فلا بد له الا أن يصطدم أولا بالحكومة والسلطة الفلسطينيتين. ويقول بعض المعدودين على المعسكر الوطني أيضا: أن المشكلة تكمن في اتفاقية باريس المجحفة ويطالب بمراجعة بنود هذه الاتفاقية بعد مرور ١٨ سنة على توقيعها. وقد نسي هولاء أو تناسوا أن اتفاقية باريس الاقتصادية هي جزء لا يتجزأ من اتفاقية أوسلو فلماذا لا يطالبون بمراجعة كافة بنود أوسلو؟
أعلن رئيس السلطة الفلسطينية منذ البداية لتزام السلطة بحرية الرأي والتعبير وأضاف: إن رياح الربيع العربي بدأت تهب على فلسطين. ولكن سرعان ما تبين أن حرية الرأي المقصودة محدودة الضمان وسرعان ما تحولت في أعين القوى الامنية الى تخريب واعمال شغب وهكذا كان لا بد من قمعها وفي حالات عديدة بمساعدة قوات الاحتلال. رئيس السلطة كرر موقفه المعروف: لا بديل عن المفاوضات ولن تكون هناك انتفاضة جديدة مهما كانت نتائج هذه المفاوضات ومهما كانت سياسة الاحتلال. لحسن الحظ أن هذا الامر ليس منوطا بالرئيس ولا بدولة الاحتلال بل هو منوط حصرا بالسواعد المناضلة ومستوى وعيها، وهناك احتمال أن تنفجر الانتفاضة في كل لحظة. وقد شعرت دولة إسرائيل بذلك قبل السلطة الفلسطينية حيث أوصت قوى الامن الاسرائيلية بتحويل مساعدات فورية للسلطة، وفعلا في اليوم التالي أعلنت الحكومة الاسرائيلية تحويل مبلغ ٢٥٠ مليون شيكل للسلطة كدفعة أولى وأعلنت الدول المانحة عقد مـؤتمر خاص الاسبوع القادم في نيويورك لبحث أزمة السلطة الفلسطينية.
اسرائيل تريد اضعاف السلطة الفلسطينية وابقائها في حالة تبعية وخضوع ولكنها لا تريد انهيارها. وهي مستعدة أن تراجع وتعدل هنا وهناك بعض بنود اتفاقية باريس وتنفذ ما تراه مناسبا ومفيدا لها وتتملص من تنفيذ ما لا يلائمها. وفي المقابل تريد السلطة الفلسطينية التشبث بمكانها وتفضل حالة الخضوع والتبعية على السقوط، ففي نهاية المطاف يوجد هناك قطاع لا يستهان به من المنتفعين الذين لا يستطيعون العيش بدون استمرار الاحتلال بشكل أو بآخر.
عندما يصل النضال الفلسطيني الى نقطة تحول فسوف تختار هذه السلطة الوقوف تماما وبشكل علني ومباشر الى جانب الاحتلال. اليوم يحولون بعض الاموال لاسكات الاوجاع ولكن غدا سوف يزودون القوى الامنية بالاسلحة لقمع نضالات الجماهير وسوف يبلغ التنسيق الأمني ذروته.
ما أريد أن أقوله هنا أنه لا يمكن الفصل بين الاحتلال وبين ادواته المحلية ولا يمكن تجزئة اتفاقية اوسلو المجحفة، قبول بعضها ورفض بعضها الآخر.
المطلوب هو دحر الاحتلال وليس التعايش معه، المطلوب هو اسقاط اتفاقيات أوسلو وليس مراجعة بعض بنودها، المطلوب هو اسقاط سلطة أوسلو وليس ترميمها.
من المظاهرة إلى الاضراب إلى الانتفاضة إلى الثورة وحتى النصر.

Wednesday, September 05, 2012

لجنة المتابعة: صامت طويلا وأفطرت على بصلة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010712 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010696
لجنة المتابعة : صامت طويلا وأفطرت على بصلة
علي زبيدات – سخنين
تقوم لجنة المتابعة العليا بجميع مركباتها في الآونة الاخيرة بجهود حثيثة للتحضير لمؤتمرها العام في إطار ما تسميه: "عملية إعادة البناء”. فها هو السكرتير العام لحزب التجمع الوطني عوض عبدالفتاح يقول: "إن ملف اعادة بناء لجنة المتابعة هو ملف قديم عمره ١٥ سنة". هو ملف قديم فعلا والجديد الذي طرأ عليه هو أنه بعد هذا الصوم الطويل تفطر المتابعة بكافة مركباتها على بصلة. ويتابع عبدالفتاح إن إعادة تنظيم اللجنة هو:”هو تنظيم الفلسطينيين في اسرائيل كمجموعة قومية لها قيادتها المنتخبة...”. أولا أرفض مصطلح " الفلسطينيين في إسرائيل" لأن الفلسطينيين موجودين إما في فلسطين المحتلة وإما في الشتات، كما أرفض مصطلح "مجموعة قومية" حيث يستبدله بعد ذلك في مقاله بمصطلح"أقلية قومية". فإن كان هناك ثمة بناء أو إعادة بناء فهو للجنة لا تستطيع أن تنظم نفسها بالشكل اللائق فكم بالاحرى أن تنظم الفلسطينيين؟
كتبت في حينه منتقدا وثيقة التصور المستقبلي الصادرة عن لجنة المتابعة ووثيقة حيفا الصادرة عن مركز مدى الكرمل والدستور الديموقراطي الصادر عن مركز عدالة بصفتها وثائق تطبيعية بإمتياز ويمكن اضافة ما يسمى بدولة المواطنين أو دولة كل مواطنيها لهذه القائمة. ولا أظن انه من الحكمة العودة الى هذه الوثائق التي اصبحت في خبر كان وطواها النسيان كما يليق بها. مثل لجنة المتابعة في التوفيق بين إسرائيل وفلسطين بكل ما تعنيه هاتين الكلمتين كمثل ذلك الغراب الذي شاهد حمامة تمشي فاعجبته مشيتها فبذل كل جهده ليقلد مشيتها ولكنه فشل وعندما حاول العودةإلى مشيته الاولى فشل أيضا. وهكذا اصبح كل مشيه أعوج. فلا هو إسرائيلي لأن اسرائيل ترفضه مبدئيا وتقبل به في أقضل الاحوال كمتأسرل ليس غير ولا هو فلسطيني طبيعي بسبب محاولات التوفيق والابتعاد.
حسب مشروع إعادة البناء، لجنة المتابعة فككت نفسها الى ٨ لجان وأعادت توحيد ما فككته في لجنة واحدة. ولكن في الواقع لم يتغير شيء تقريبا. فالمجلس العام الذي يعتبر أعلى هيئات اللجنة لم يحدد عدد أعضائه أو طريقة انتخابه أو اختياره ، هل سيخضع هو الآخر لمبدأ المخاصصة بين كافة المركبات أم لا؟ من هو العضو؟ هل سيكون هذا هو سؤال المرحلة القادمة؟ وماذا عن سكرتاريا لجنة المتابعه وهي ثاني أعلى هيئة؟ هل سوف تعين أم تنتخب وكيف؟ وماذا عن المجلس المركزي الذي سوف يقر السياسة الاستراتيجية العامة للجنة؟ ولا كلمة. أما رئيس لجنة المتابعة فقد أخرج نهائيا من كل دائرة نقاش خوفا من انهيار كل عملية اعادة البناء وسيبقى هذا الامر محكوما بالتوافق بين المركبات الاساسية.
أما اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الأم فقد أعطي كل حليب للقط الملائم لحراسته: لجنة الدفاع عن الارض والمسكن منحت لأبناء البلد ومع كل الاحترام لحركة أبناء البلد فهي بحاجة للدفاع عن الارض التي تقف عليها والمسكن الذي يأويها في ظل الانشقاقات والزلازل التي تعصف بها. لجنة مناهضة الخدمة المدنية والتجنيد منحت لحزب الشخص الواحد (القومي العربي). لجنة مناهضة الاحتلال والتواصل مع الشعب الفلسطيني (العربية للتغيير) والمقصود هنا طبعا التواصل مع السلطة الفلسطينية لكي تضمن تواصلها مع الاحتلال، ولجنة المالية والتنمية الاقتصادية (للتجمع الوطني] الذي أثبت نفسه في تجنيد الاموال وتيبيضهامن قطر وغيرها. ولجنة متابعة العمل الشعبي والتوجيه والاصلاح الاجتماعي (للحركة الاسلامية الجنوبية) وهي لا تستطيع اصلاح لجان الزكاة أو لجان الحج والعمرة. ولجنة الدراسات والتخطيط الاستراتيجي (العربي الديموقراطي) والتي سوف تقوم بدراسات عميقة وتخطيط استراتيجي من شأنها أن تغير وجه الخارطة السياسية في المنطقة بأسرها. ولجنة الحريات ومتابعة قضايا الاسرى السياسيين والجرحى واحياء ذكرى الشهداء ( للحركة الاسلامية الشمالية) ولا أدري كيف سوف تتفق الحريات بمعناها الواسع مع حركة مقيدة بقيود عقائدية جامدة.
أين هذا التقسيم من مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب؟ من مبدأ منح الفرص لذوي الكفاءات والقدرات؟ أين هذا التفسيم وآلاف المثقفين والمفكرين والاكاديميين غير المنتمين لهذا الحزب أو ذاك خصوصا عندما يكون الحزب مجازيا ؟
مما لا شك فيه أنه من الضروري أن تكون هناك هيئة قيادية لتنظيم وتعبئة وقيادة نضال الجماهير ولكن هذه الهيئة يجب أن تكون على صعيد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده منبثقة من خلال النضال تتبنى نظرية وممارسة ثوريتين.