راحت
الهبة وبقي أكتوبر
علي
زبيدات – سخنين
للمرة
الاولى منذ عام ٢٠٠٠ سوف تفوتني المشاركة
في ذكرى ما يسمى هبة أكتوبر ، ذلك لأنني
في اليوم نفسه سوف أكون على متن طائرة
مسافرا إلى خارج البلاد.
في البداية
شعرت بنوع من تأنيب الضمير وفكرت مرارا
بتأجيل السفر بالرغم من أهميته حتى قرأت
البيان الصادر عن لجنة المتابعة بخصوص
احياء هذه الذكرى، وتخلصت من تأنيب الضمير
تماما بعد أن خرجت من الاجتماع الذي دعت
اليه بلدية سخنين واللجنة الشعبية تحضيرا
للمسيرة المركزية التي سوف تحتضنها سخنين
في هذه الذكرى.
في
الماضي كان لدي انتقادات كثيرة على كيفية
احياء هذه الذكرى ولكني في الوقت نفسه
كنت أحرص على المشاركة في كافة الاحوال
من منطلق:
شارك ثم انتقد
ومن منطلق عمل شيء أفضل من لا شيء.
ولكن إلى متى
يجب على الانسان أن يجري وراء الوهم؟ أعود
هنا وأكرر بعض انتقاداتي السابقة والتي
تبدأ بالاسم:
معظم المواقع
الاخبارية تتكلم عن هبة آكتوبر وبعضها
فقط يتبعها بهبة الاقصى وقد رأيت بعض
المواقع تضع كلمة الاقصى بين قوسين.
لجنة المتابعة
في بيانتها المتكررة اضفت على هذا التشويه
صبغة شرعية وبذلك تتحمل معظم المسؤولية
عنه. هذه
"الهبة"
هي جزء من
إنتفاضة عرفها القاصي والداني باسم
إنتفاضة القدس والاقصى وهي بدأت قبل
أكتوبر واستمرت الى ما بعد أكتوبر.
مسخنا الانتفاضة
الى هبة والهبة الى يوم وهذا اليوم الصقناه
قصرا بالاول من أكتوبر.
لماذا الاول؟
وقد سقط شهداء في الثاني وفي الثالث وفي
الرابع وفي الثامن من أكتوبر؟ وإذا كان
لا بد من اختيار يوم ووقع الاختيار على
الاول فيجب على هذا اليوم أن يجمع في طياته
ما حدث في باقي الايام.
ولماذا الاستفراد
بالشهداء الثلاثة عشرة وفصلهم عن آلاف
شهداء الانتفاضة الآخرين؟ هل لأنهم يحملون
البطاقة الزرقاء ولا يحق للدولة أن تطلق
النار على "مواطنيها"؟
الاحزاب السياسية التي تلهث وراء التمثيل
في الكنيست وباقي المؤسسات المدنية تبرر
ذلك بوضعنا الخاص ك"مواطنين
في الدولة"
وك"أقلية
قومية". من
يريد أن يبحث عن تبريرات سوف يجد الكثير
منها وبعضها تبريرات وجيهة ومقنعة ولكنها
تبقى تبريرات.
ما حدث في
أكتوبر ٢٠٠٠ هو جزء من انتفاضة مجيدة
بالرغم من الاوساط على طرفي الخط الاخضر
التي تعتبر هذه الانتفاضة مصيبة.
والشهدءا
الثلاثة عشرة هم فرسان في قافلة شهداء
هذه الانتفاضة.
وكل محاولة
لفصلهم عن هذه القافلة مهما كانت التبريرات
هي انتقاص من مكانتهم ومن كرامتهم.
قررت
لجنة المتابعة أن تكون المسيرة المركزية
في سخنين وأن تختتم بمهرجان خطابي، وذلك
كضمان لنجاحها.
أي المهم هنا
هو الكم وليس الكيف ومقياس النجاح الوحيد
هو عدد المشاركين في المسيرة.
في اجتماع
اللجنة الشعبية في مبنى البلدية دار
النقاش العقيم الذي يتكرر كل سنة:
لماذا لا يوجد
اضراب عام ايضا؟ وبما أن النقاش من أجل
النقاش فقط فقد أيد أغلب الحضور ضرورة
الاضراب ولكن حفاظا على الوحدة دعت
للالتزام بقرارات المتابعة متناسين ان
احزابهم هي التي اتخذت القرارات بالاجماع.
الشعارات:
ما هو مسموح
وما هو ممنوع، الاعلام الحزبية، كلمة
لشخصية يهودية والتي لاقت كالعادة معارضة
جارفة من الجميع ما عدا من الجهة التي
تقترحها سنويا.
البعض طالب
باختصار المسيرة وتقصير الطريق لانها
متعبة مع انها لا تستغرق أكثر من ثلاثة
ارباع الساعة.
والبعض طالب
بعدم مرور المسيرة في شوارع البلدة لأن
المتفرجين من الشرفات اصبحوا أكثر من
المشاركين.
كان الجو السائد
هو أنه يجب أن تكون هناك مسيرة ويجب ان
تكون مسيرة ناجحة وذلك من باب إسقاط الواجب
وليس كإستحقاق نضالي.
سوف تكون هناك
مسيرة تختتم بمهرجان خطابي يلعب به رئيس
بلدية سخنين ورئيس لجنة المتابعة دور
البطولة.
لا
ادري لماذا بعد خروجي من هذا الاجتماع
تذكرت نظرية أفلاطون في المثل، حيث يوجد
هناك عالم المثل الكامل الذي يتكون من
الحقائق المطلقة ويوجد هناك عالم المحسوسات
وهو عبارة عن ظل أو صور منقولة أو محاكاة
لعالم المثل.
أما حياتنا
اليومية ما هي الا ظل الظل أو تقليد
التقليد. كل
علاقة بين ما حدث في أكتوبر ٢٠٠٠ وما يحدث
في الذكرى الثانية عشرة هو من باب الصدفة
لا غير.
No comments:
Post a Comment