Friday, August 17, 2007

لا براك ولا نتنياهو ولا كنيست أصلا

لا براك ولا نتنياهو ولا كنيست أصلا
بعد إنتخاب بنيامين نتنياهو رئيسا لحزب الليكود إكتملت صورة الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية المقبلة. بل يعتبر هذا الانتخاب الطلقة الاولى في هذه المعركة الانتخابية والتي يستلوها العمل من الاطراف الرئيسية المشاركة على تقديم موعد الانتخابات. يبدو واضحا الان أن ايهود أولمرت رئيس الوزراء الراهن سوف يتنحى جانبا عن الحلبة السياسية أو انه في افضل الحالات سوف يلعب دورا ثانويا فحسب.
كل المؤشرات تشير الى ان المعركة الانتخابية القادمة سوف تكون بين المعسكر الذي يلتف حول حزب الليكود بزعامة نتنياهو وبين المعسكر الذي يلتف حول حزب العمل بزعامة ايهود براك. الامر الذي يذكرنا بالمعركة الانتخابية التي جمعت بينهما عام 1999 عندما كان إنتخاب رئيس الحكومة يجري بشكل مباشر. بالرغم من تغيير طريقة الانتخابات والعودة الى سابق عهدها إلا أن شخصية المتنافسين ما تزال هي الطاغية على هذه الانتخابات.
السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه المواقف هو: ما الفرق بين نتنياهو وحزبه ومعسكره وبين براك وحزبه ومعسكره؟ وايهما أفضل؟
الناخب الاسرائيلي المتوسط يرى بالانتخابات القادمة صراعا بين تياريين على الصعيد السياسي والاجتماعي. وكما يصيغها بعض المحللين انها معركة على طابع الدولة وجوهرها. انها معركة بين معسكر اليسار والوسط الصهيونيين (المتعقل) وبين معسكر اليمين المتطرف والمتهور. بين المعسكر الليبرالي والاشتراكي المعتدل وبين معسكر الراسمالية المنفلت. هذا التحليل السطحي والسخيف ينطلي ليس فقط على اوساط واسعة من المواطنين اليهود بل أيضا على كافة الاحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست ويالتالي على اوساط واسعة من فلسطينيي الداخل. لسان حال الاحزاب العربية عندما يخاطب الجماهير الفلسطينية يقول: يجب أن تمنحونا ثقتكم وأصواتكم لأن ذلك من شأنه أن يعزز قوى السلام والديموقراطية في المجتمع الاسرائيلي.
هل هذه الصورة تعكس حقيقة هذين المعسكرين بشكل صادق وأمين؟
إسمعوا ما يقوله رئيس حزب العمل السابق أمير بيرتس عن خليفته في زعامة الحزب براك، وهو طبعا غير متهم بالتحيز لصالح الجماهير الفلسطينية: "إن براك لا يختلف عن بنيامين نتنياهو فهو مثله معاد للشؤون الاجتماعية". في الحقيقة لسنا بحاجة للإستشهاد بهذا الاقتباس للبرهنة على أن براك ونتنياهو توأمين في سياستهما الاقتصادية. كلاهما يدعي الحرص على محاربة الفقر ودعم الفئات الضعيفة في المجتمع ولكن أول ما يعملونه هو تقليص الميزانيات العامة. كلاهما من أنصار إقتصاد السوق المتوحش والمنفلت من عقاله ومع سياسة الخصخصة في جميع المجالات والنتيجة الحتمية لهذه السياسة هو إزدياد الاغنياء غنى والفقراء فقرا.
أما من الناحية السياسية(الامنية)، فإنهما يتنافسان من منهما الأفضل بفرض الاحتلال وتوسيع الاستيطان وقمع نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الانسانية ومن الأفضل في فرض الحصار والحواجز والاغتيالات. ومن منهما الأفضل في سياسة فرق تسد وتسليح فئة فلسطينية وتحريضها لكي تقتل فئة أخرى. ومن منهما الأفضل في الانخراط بالمعسكر الامبريالي الامريكي وبسط نفوذه وهيمنته على العالم العربي من خلال تدمير بناه التحتية ونهب ثرواته الطبيعية وتمزيقه سياسيا وأجتماعيا.
يزعم براك بإنه قد تغيير وانه قد تعلم من أخطائه. حسنا جدا لقد راينا ماذا تعلم، فلم يعد يكتفي بقتل 13 متظاهرا عزل بل خلال الفترة القصيرة له كوزير دفاع يقوم بقتل مثل هذا العدد يوميا تقريبا في غزة والضفة الغربية. ايهود براك، رئيس الوزراء الاسرائيلي عام 1999 ألذي أغدق كرمه في كامب ديفيد على ياسر عرفات الجاحد للجميل وعرض عليه 95% من الاراضي الفلسطينية المحتلة على حد زعمه يصرح اليوم: على الفلسطينيين أن ينسوا أي انسحاب اسرائيلي في الخمس سنوات المقبلة.
من جهة أخرى يفتخر نتنياهو بأنه ما زال مخلصا لبرنامج الليكود القومي وإن كل حل سياسي سوف يبقى على المستوطنات كاملة ولن تكون هناك عودة لأي لاجئ اما القدس فهي العاصمة الابدية لدولة اسرائيل.
نعم، يجب على كل واحد منا أن يضع امام عينيه عدسة مكبرة لكي يرى الفوارق، إذا وجدت، بين براك ونتنياهو، بين الليكود وحزب العمل.
يبقى حزب العمل تاريخيا هو الاخطر على القضية الفلسطينية وذلك ليس بسبب دوره في صنع النكبة الفلسطينية وتشريد الشعب ونهب الارض فحسب بل ايضا بسبب مقدرته على خداع الجماهير الفلسطينية. من الاحصائيات الاخيرة يتضح أن عدد المنتسبين العرب لحزب العمل قد بلغ 65 الف منتسب بينما لم يصل هذا العدد في حزب الليكود لأكثر من 3500 منتسب.
الموقف الوطني الوحيد للجماهير الفلسطينية هو مقاطعة انتخابات الكنيست بشكل مبدئي شامل ومطلق. علينا أن نبدأ منذ اليوم بتشكيل لجان مقاطعة في كل قرية ومدينة. يجب أن يكون صوتنا واضحا وشامخا: لا لا لا لإنتخابات الكنيست.

Tuesday, August 14, 2007

نحن شعب لا ننسى اسرانا

نحن شعب لا ننسى أسرانا....
(في المهرجانات والخطابات فقط)

في مساء الأحد اتصل بي صديق من أهالي الأسرى وسألني إذا كنت أريد أن أسافر مع أهالي الأسرى إلى مهرجان تضامن مع الأسرى في رام الله. وبدون تردد أو مزيد من الاستفسار أجبت بالطبع. في اليوم التالي وعندما كانت الحافلة في طريقها إلى المهرجان تبين أن معظم أهالي الأسرى مثلي لا يعرفون شيئا عن هذا المهرجان فقد تم الاتصال بهم في مساء اليوم السابق ودعوتهم لمهرجان الأسرى في رام الله. فقد كان كافيا أن المهرجان من أجل الأسرى حتى يهبوا ويلبوا النداء. في الطريق علمنا أن وزارة الأسرى في السلطة هي الجهة المنظمة لهذا المهرجان وأن المناسبة المباشرة هو تكريم عميد الأسرى الفلسطينيين سعيد العتبة أبن مدينة نابلس الذي طوي 30 عاما في سجون الاحتلال وهو يدخل العام ال31 ضاربا الرقم القياسي لأطول فترة سجن قضاها أسير في العالم، وكذلك تكريم الأسرى القدامى الذين أمضوا في السجون الإسرائيلية أكثر من 20 سنة والذين بلغ عددهم 65 أسيرا، ومن خلالهم المطالبة بالإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين. وعلمنا أيضا أن رئيس السلطة محمود عباس قد يحضر إلى المهرجان ويلقي كلمته في هذه المناسبة بعد أن ينهي لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت في أريحا( ولكنه بالطبع لم يأت في النهاية).
في الحقيقة، وبعد أن عرفت هذه المعلومات فتر حماسي وندمت على مجيئي المتسرع، فقد شعرت إن هذا المهرجان سوف يكون كغيره من المهرجانات الرسمية، منصة للخطابات وإطلاق الشعارات الرنانة وخدمة السياسة التي تنتهجها الجهة المنظمة ومن ثم يتفرق الجميع ولا يتمخض عنه أي نتيجة ملموسة. ومما زاد الطين بلة إني كنت قد قرأت قبل عدة أيام في إحدى المواقع على شبكة الانترنت تصريحا لوزير الأسرى أن قوات الأمن التابعة للسلطة سوف تلاحق من يرفض تسليم سلاحه من المقاومين في الضفة الغربية بالقوة. وإن هذا الوزير متهم بقضايا فساد ومواقف سياسية تؤيد التخلي عن حق العودة حسب ما ورد في وثيقة جنيف الخ. وبعد ذلك علمنا أن رئيس حكومة الطوارئ سلام فياض بنفسه سيكون هناك ويلقي كلمة بهذه المناسبة وهو الذي أسقط خيار المقاومة نهائيا من برنامج حكومته.
وصلنا إلى قصر الثقافة في رام الله حيث يقام المهرجان وكان واضحا أن الحضور من لون واحد، اللون الفتحاوي المؤيد لحكومة الطوارئ المدعومة عربيا وإسرائيليا وأمريكيا. لم أر أحدا من الأسرى القدامى المحررين أو من أسرى التنظيمات الفلسطينية الأخرى في المعارضة.
بدا المهرجان، وعلى المنصة صورة كبيرة لعميد الأسرى إلى جانبه صور من قضوا 20 سنة وأكثر في السجون يتوسطها وبالخط الغليظ شعار: نحن شعب لا ننسى أسرانا، وقف العريف يكيل المدائح لعميد الأسرى الفلسطينيين وللأسرى القدامى ولكافة الأسرى وأكد أن قضية الأسرى تحظى بالأولوية في سياسة حكومة الطوارئ التي تعمل جاهدة في اللقاءات مع الجانب الإسرائيلي لطرح هذه القضية من أجل إطلاق سراح كافة الأسرى.
وتوالت الخطابات، وأعتلى المنصة الأسير المحرر مؤخرا في صفقة حسن النوايا التي قدمها اولمرت للرئيس عباس والتي شملت 255 معظمهم من فتح ومعظمهم قد انهوا أكثر من 70% من محكوميتهم، وبالطبع الذين " أياديهم ليست ملطخة بالدم"، بعد أن وقعوا على التزام بعدم العودة إلى الإرهاب بعد إطلاق صراخهم، الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكانت المفاجأة عندما قدمه العريف بأنه مندوب رئيس السلطة أبو مازن الذي تعذر وصوله وانه هو الذي سيلقي كلمته. وتساءلت مثلي مثل الكثيرين: هل كان ذلك جزء من ثمن إطلاق سراحه؟ هكذا إذن، دعم سياسة عباس وإدانة ما جرى في غزة وتحميل المسؤولية لطرف واحد كانت أحد أسباب شمل عبدا لرحيم ملوح في هذه الصفقة. ومن ثم اعتلى المنصة وزير الأسرى أشرف عجرمي الذي أسهب عن أهمية إطلاق سرح جميع الأسرى من أجل نجاح المفاوضات وتحقيق السلام. تلاه رئيس الحكومة سلام فياض وهو الآخر تكلم كثيرا ولكنه لم يقل شيئا. وقد تحاشا جميع المتكلمين إدانة الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح وتحميلها مسؤولية الجرائم التي ترتكبها بدءا بزج 11 ألف فلسطيني وراء القضبان مرورا بسياسة الاغتيالات والمداهمات المستمرة وانتهاء بسياسة المماطلة والمراوغة والخداع، هل كان ذلك بهدف عدم تعكير جو اللقاء الحميم في أريحا؟ بينما كانت السهام موجهة إلى الفر قاء الفلسطينيين الذين انقلبوا على الشرعية في غزة. حتى الفقرة الفنية كانت تخدم هذا الاتجاه خصوصا باستغلال أخت احد الأسرى لإلقاء قصيدة ضد ظلم ذوي القربى الأشد مضاضة...
التذمر بين ذوي الأسرى، حتى الموالين للسلطة بدا بالازدياد خصوصا عندما ألقت أخت عميد الأسرى كلمتها وتساءلت لماذا ما زال يقبع شقيقها بالسجن كل هذه المدة الطويلة بينما تم إطلاق سراح العديدين، الا تلعب الانتماءات الحزبية والواسطة دورا في عمليات تحرير الأسرى منذ اتفاقيات اوسلوا وحتى ألان؟
الا أن خيبة الأمل الحقيقية قد بدت على وجوه أهالي الأسرى من الداخل. بالرغم من دعوتهم لحضور هذا المهرجان فقد تم تجاهلهم تماما، حتى أن العريف نسي أن يرحب بهم، واكتفى بالترحيب بعضوا الكنيست محمد بركة وعباس زكور. بينما قام المتكلمون بتجاهل أسرى الداخل نهائيا وكأن هذه القضية محسومة مسبقا، فهم قضية إسرائيلية داخلية محضة لا يحق لأي طرف آخر التطرق إليها.
هنا كانت الصرخة الحقيقية الوحيدة النابعة من الأعماق في هذا المهرجان عندما أصرت أم الأسير مخلص برغال على الكلام. هذه السيدة العجوز التي وصلت إلى المنصة بشق الأنفس: يجب أن نلغي هذه التفرقة التي فرضتها علينا دولة إسرائيل بين عرب 48 وعرب 67. أنا أيضا اركض من سجن إلى آخر منذ 30 سنة، وما قدمه ابني وإخوانه من فلسطينيي الداخل لا يختلف عما قدمه باقي الأسرى وكان من أجل فلسطين، كل فلسطين، فلماذا التفرقة في معاملتهم؟ ولماذا يجري تجاهلهم في كل عملية مفاوضات أو تبديل.
هذه الحكومة التي تتغنى بالأسرى وبدورهم الهام في تحقيق البرنامج الوطني وتتعهد ببذل الجهود لإطلاق سراحهم، وتنظم مهرجانات التكريم، هي نفسها التي تدعو المقاومين إلى تسليم أسلحتهم بينما ما زال الاحتلال جاثم على صدورهم، وتعتقل وتلاحق من لا ينصاع لأوامرها. وهي تغذي الوهم البائس الذي يزعم بأن إطلاق سراح الأسرى منوط بالنوايا الحسنة للمسئولين الاسرائيليين الذي يقابله المزيد من تقديم التنازلات ونبذ المقاومة التي تدمغ بالإرهاب.
لقد اثبت تاريخ النضال الفلسطيني الطويل والمرير أن إسرائيل ترضخ فقط عندما تتصاعد المقاومة ومن خلال المواقف الصلبة أثناء عمليات التبادل.
نعم، يجب أن نكون شعبا لا ينسى أسراه ولكن ليس من خلال الخطابات والمهرجانات بل أولا وقبل كل شيء من خلال متابعة المسيرة على الطريق الذي شقوه بنضالهم وعبدوه بتضحياتهم ودمائهم.



متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية

متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية
أعذرني يا شاعرنا الكبير نزار قباني على وقاحتي وأنا اقلق راحتك في قبرك الضيق. أعذرني وأنا أسطو على كلماتك واستولي على غضبك.
عندما كنت تحاول منذ الطفولة رسم بلاد تسمى - مجازا – بلاد العرب كنا نحن أيضا نحاول أن نرسم ثورة تسمى – مجازا – الثورة الفلسطينية. وكما انك رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم ولكنك ما رأيت العرب، نحن أيضا رأينا شعارات ثورية وانتصارات وهمية وخطابات ملتهبة ولكننا لم نر ثورة.
مات العرب منذ زمن بعيد وشبعوا موتا وأعلنت كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية نبأ وفاتهم، ولكن يبقى السؤال: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟ هذه الثورة التي ماتت قبل أن تلد، أو التي ولدت بعد 42 سنة من الحمل الكاذب. فتح أطلقت الرصاصة الأولى معلنة انطلاقة الثورة الفلسطينية في 1/1/1965 وفتح تطلق ألان رصاصة الرحمة عليها.
في عام 1965 كانت فتح تقول:" الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والعودة" أما اليوم فلسان حالها يقول: يجب شطب كافة اشكال المقاومة المسلحة لأنها ليست سوى وسائل إرهابية حقيرة. في عام 1965 كانت فتح تقول:"نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم ضد الصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية" أما اليوم فقد أصبحت حليفا للصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية. في عام 1965 كانت تقول:" إن حركة التحرر الوطني الفلسطيني هي طليعة حركات التحرر العربية" أما اليوم فقد أصبحت فتح طليعة الحركات والأنظمة الرجعية العربية.
في عام 1948 حلت علينا النكبة، ضاع الوطن وتشرد الشعب. ولكن في الوقت نفسه ولد الحلم، حلم التحرير والعودة. أستحوذ هذا الحلم علينا جميعا حتى أصبح واقعا. كنا نرفض أن نفيق كي لا نعرف إننا نعيش في حلم. كنا في السجن نلتف حول هذا الحلم بغض النظر عن انتماءاتنا التنظيمية، نتكلم عن الحرب الشعبية طويلة الأمد، ندرس تجارب الثورة الروسية والصينية والفيتنامية والكوبية. كنا نناقش أفكار ماو تسي تونغ وهو شي منه والجنرال جياب وتشي جيفارا.
كنا نخدع أنفسنا ونقول: بما أن جميع هذه الثورات قد انتهت بعد أن حققت أهدافها، لم تبق هناك سوى الثورة الفلسطينية، لذلك فهي ليست طليعة حركة التحرر العربية فحسب بل هي طليعة حركات التحرر على المستوى العالمي أيضا. كنا نعتز داخل السجن بأننا بالفعل نشكل نواة للثورة العالمية فقد كان بيننا الألماني والانجليزي والعراقي والهندي والتركي والفرنسي واليوناني والتشيلي والياباني، الخ.
جاءت اتفاقيات أوسلو فقلبت هذه الصورة رأسا على عقب وعكست المفاهيم، فالقادة الثوريين أصبحوا رجال سياسة ومفاوضين وقاموا بتقديم التنازلات تلو التنازلات وأخذوا يهرولون من مؤتمر إلى آخر ويلهثون، تارة سرا وطورا علانية، وراء سراب وعود الصهيونية والامبريالية العالمية التي من المفروض أن نناضل ضدها. وفي النهاية حصلوا على سلطة سموها – مجازا – بالسلطة الوطنية بعد أن ضربوا الوطن بعرض الحائط. وهكذا أصبح هؤلاء القادة "زعماء" هذه السلطة يعرفون قيمتهم الحقيقية عندما يقوم جندي إسرائيلي بسيط بتفتيشهم وإذلالهم على أحد الحواجز. وأصبح الفدائي شرطيا ينفذ أوامر هذا أو ذاك الزعيم. استشرى الفساد على كافة المستويات وتكونت طبقة جديدة من أغنياء مرحلة اوسلو. وأصيبت الجماهير الشعبية بالذهول. أوضاع الفلسطينيين في مخيمات اللجوء تزداد سؤا وبؤسا، حتى أصبح اللاجئ الفلسطيني (ملطة) لمن يسوى ولمن لا يسوى في لبنان والكويت والعراق وغيرها. وتدهورت حالة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاثت بين فلسطينيي الداخل حركات عملت على اسر لتهم بغطاء وطني.
ماتت اتفاقيات أوسلو عند الطرفين، ولكن عقلية أوسلو الانهزامية أعلنت انتصارها عند الطرف الفلسطيني فحسب. مع ذلك، ما زال أبطال أوسلو الصناديد ينهون خطاباتهم بعبارة: وإنها لثورة حتى النصر.
عن أية ثورة يتكلمون؟ ما هي أهداف وغايات هذه الثورة؟ ما هو برنامجها؟ ما هي مبادئها؟ لا أحد يعلم.
نعم يا شاعرنا الكبير، لقد آن الأوان أن يقف أحدنا ويصرخ بكل جرأة وإذا أردتم، بكل وقاحة: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟؟