متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية
أعذرني يا شاعرنا الكبير نزار قباني على وقاحتي وأنا اقلق راحتك في قبرك الضيق. أعذرني وأنا أسطو على كلماتك واستولي على غضبك.
عندما كنت تحاول منذ الطفولة رسم بلاد تسمى - مجازا – بلاد العرب كنا نحن أيضا نحاول أن نرسم ثورة تسمى – مجازا – الثورة الفلسطينية. وكما انك رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم ولكنك ما رأيت العرب، نحن أيضا رأينا شعارات ثورية وانتصارات وهمية وخطابات ملتهبة ولكننا لم نر ثورة.
مات العرب منذ زمن بعيد وشبعوا موتا وأعلنت كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية نبأ وفاتهم، ولكن يبقى السؤال: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟ هذه الثورة التي ماتت قبل أن تلد، أو التي ولدت بعد 42 سنة من الحمل الكاذب. فتح أطلقت الرصاصة الأولى معلنة انطلاقة الثورة الفلسطينية في 1/1/1965 وفتح تطلق ألان رصاصة الرحمة عليها.
في عام 1965 كانت فتح تقول:" الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والعودة" أما اليوم فلسان حالها يقول: يجب شطب كافة اشكال المقاومة المسلحة لأنها ليست سوى وسائل إرهابية حقيرة. في عام 1965 كانت فتح تقول:"نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم ضد الصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية" أما اليوم فقد أصبحت حليفا للصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية. في عام 1965 كانت تقول:" إن حركة التحرر الوطني الفلسطيني هي طليعة حركات التحرر العربية" أما اليوم فقد أصبحت فتح طليعة الحركات والأنظمة الرجعية العربية.
في عام 1948 حلت علينا النكبة، ضاع الوطن وتشرد الشعب. ولكن في الوقت نفسه ولد الحلم، حلم التحرير والعودة. أستحوذ هذا الحلم علينا جميعا حتى أصبح واقعا. كنا نرفض أن نفيق كي لا نعرف إننا نعيش في حلم. كنا في السجن نلتف حول هذا الحلم بغض النظر عن انتماءاتنا التنظيمية، نتكلم عن الحرب الشعبية طويلة الأمد، ندرس تجارب الثورة الروسية والصينية والفيتنامية والكوبية. كنا نناقش أفكار ماو تسي تونغ وهو شي منه والجنرال جياب وتشي جيفارا.
كنا نخدع أنفسنا ونقول: بما أن جميع هذه الثورات قد انتهت بعد أن حققت أهدافها، لم تبق هناك سوى الثورة الفلسطينية، لذلك فهي ليست طليعة حركة التحرر العربية فحسب بل هي طليعة حركات التحرر على المستوى العالمي أيضا. كنا نعتز داخل السجن بأننا بالفعل نشكل نواة للثورة العالمية فقد كان بيننا الألماني والانجليزي والعراقي والهندي والتركي والفرنسي واليوناني والتشيلي والياباني، الخ.
جاءت اتفاقيات أوسلو فقلبت هذه الصورة رأسا على عقب وعكست المفاهيم، فالقادة الثوريين أصبحوا رجال سياسة ومفاوضين وقاموا بتقديم التنازلات تلو التنازلات وأخذوا يهرولون من مؤتمر إلى آخر ويلهثون، تارة سرا وطورا علانية، وراء سراب وعود الصهيونية والامبريالية العالمية التي من المفروض أن نناضل ضدها. وفي النهاية حصلوا على سلطة سموها – مجازا – بالسلطة الوطنية بعد أن ضربوا الوطن بعرض الحائط. وهكذا أصبح هؤلاء القادة "زعماء" هذه السلطة يعرفون قيمتهم الحقيقية عندما يقوم جندي إسرائيلي بسيط بتفتيشهم وإذلالهم على أحد الحواجز. وأصبح الفدائي شرطيا ينفذ أوامر هذا أو ذاك الزعيم. استشرى الفساد على كافة المستويات وتكونت طبقة جديدة من أغنياء مرحلة اوسلو. وأصيبت الجماهير الشعبية بالذهول. أوضاع الفلسطينيين في مخيمات اللجوء تزداد سؤا وبؤسا، حتى أصبح اللاجئ الفلسطيني (ملطة) لمن يسوى ولمن لا يسوى في لبنان والكويت والعراق وغيرها. وتدهورت حالة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاثت بين فلسطينيي الداخل حركات عملت على اسر لتهم بغطاء وطني.
ماتت اتفاقيات أوسلو عند الطرفين، ولكن عقلية أوسلو الانهزامية أعلنت انتصارها عند الطرف الفلسطيني فحسب. مع ذلك، ما زال أبطال أوسلو الصناديد ينهون خطاباتهم بعبارة: وإنها لثورة حتى النصر.
عن أية ثورة يتكلمون؟ ما هي أهداف وغايات هذه الثورة؟ ما هو برنامجها؟ ما هي مبادئها؟ لا أحد يعلم.
نعم يا شاعرنا الكبير، لقد آن الأوان أن يقف أحدنا ويصرخ بكل جرأة وإذا أردتم، بكل وقاحة: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟؟
أعذرني يا شاعرنا الكبير نزار قباني على وقاحتي وأنا اقلق راحتك في قبرك الضيق. أعذرني وأنا أسطو على كلماتك واستولي على غضبك.
عندما كنت تحاول منذ الطفولة رسم بلاد تسمى - مجازا – بلاد العرب كنا نحن أيضا نحاول أن نرسم ثورة تسمى – مجازا – الثورة الفلسطينية. وكما انك رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم ولكنك ما رأيت العرب، نحن أيضا رأينا شعارات ثورية وانتصارات وهمية وخطابات ملتهبة ولكننا لم نر ثورة.
مات العرب منذ زمن بعيد وشبعوا موتا وأعلنت كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية نبأ وفاتهم، ولكن يبقى السؤال: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟ هذه الثورة التي ماتت قبل أن تلد، أو التي ولدت بعد 42 سنة من الحمل الكاذب. فتح أطلقت الرصاصة الأولى معلنة انطلاقة الثورة الفلسطينية في 1/1/1965 وفتح تطلق ألان رصاصة الرحمة عليها.
في عام 1965 كانت فتح تقول:" الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين والعودة" أما اليوم فلسان حالها يقول: يجب شطب كافة اشكال المقاومة المسلحة لأنها ليست سوى وسائل إرهابية حقيرة. في عام 1965 كانت فتح تقول:"نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم ضد الصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية" أما اليوم فقد أصبحت حليفا للصهيونية والاستعمار والامبريالية العالمية. في عام 1965 كانت تقول:" إن حركة التحرر الوطني الفلسطيني هي طليعة حركات التحرر العربية" أما اليوم فقد أصبحت فتح طليعة الحركات والأنظمة الرجعية العربية.
في عام 1948 حلت علينا النكبة، ضاع الوطن وتشرد الشعب. ولكن في الوقت نفسه ولد الحلم، حلم التحرير والعودة. أستحوذ هذا الحلم علينا جميعا حتى أصبح واقعا. كنا نرفض أن نفيق كي لا نعرف إننا نعيش في حلم. كنا في السجن نلتف حول هذا الحلم بغض النظر عن انتماءاتنا التنظيمية، نتكلم عن الحرب الشعبية طويلة الأمد، ندرس تجارب الثورة الروسية والصينية والفيتنامية والكوبية. كنا نناقش أفكار ماو تسي تونغ وهو شي منه والجنرال جياب وتشي جيفارا.
كنا نخدع أنفسنا ونقول: بما أن جميع هذه الثورات قد انتهت بعد أن حققت أهدافها، لم تبق هناك سوى الثورة الفلسطينية، لذلك فهي ليست طليعة حركة التحرر العربية فحسب بل هي طليعة حركات التحرر على المستوى العالمي أيضا. كنا نعتز داخل السجن بأننا بالفعل نشكل نواة للثورة العالمية فقد كان بيننا الألماني والانجليزي والعراقي والهندي والتركي والفرنسي واليوناني والتشيلي والياباني، الخ.
جاءت اتفاقيات أوسلو فقلبت هذه الصورة رأسا على عقب وعكست المفاهيم، فالقادة الثوريين أصبحوا رجال سياسة ومفاوضين وقاموا بتقديم التنازلات تلو التنازلات وأخذوا يهرولون من مؤتمر إلى آخر ويلهثون، تارة سرا وطورا علانية، وراء سراب وعود الصهيونية والامبريالية العالمية التي من المفروض أن نناضل ضدها. وفي النهاية حصلوا على سلطة سموها – مجازا – بالسلطة الوطنية بعد أن ضربوا الوطن بعرض الحائط. وهكذا أصبح هؤلاء القادة "زعماء" هذه السلطة يعرفون قيمتهم الحقيقية عندما يقوم جندي إسرائيلي بسيط بتفتيشهم وإذلالهم على أحد الحواجز. وأصبح الفدائي شرطيا ينفذ أوامر هذا أو ذاك الزعيم. استشرى الفساد على كافة المستويات وتكونت طبقة جديدة من أغنياء مرحلة اوسلو. وأصيبت الجماهير الشعبية بالذهول. أوضاع الفلسطينيين في مخيمات اللجوء تزداد سؤا وبؤسا، حتى أصبح اللاجئ الفلسطيني (ملطة) لمن يسوى ولمن لا يسوى في لبنان والكويت والعراق وغيرها. وتدهورت حالة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاثت بين فلسطينيي الداخل حركات عملت على اسر لتهم بغطاء وطني.
ماتت اتفاقيات أوسلو عند الطرفين، ولكن عقلية أوسلو الانهزامية أعلنت انتصارها عند الطرف الفلسطيني فحسب. مع ذلك، ما زال أبطال أوسلو الصناديد ينهون خطاباتهم بعبارة: وإنها لثورة حتى النصر.
عن أية ثورة يتكلمون؟ ما هي أهداف وغايات هذه الثورة؟ ما هو برنامجها؟ ما هي مبادئها؟ لا أحد يعلم.
نعم يا شاعرنا الكبير، لقد آن الأوان أن يقف أحدنا ويصرخ بكل جرأة وإذا أردتم، بكل وقاحة: متى يعلنون وفاة الثورة الفلسطينية؟؟
No comments:
Post a Comment