Friday, November 28, 2008

في الذكرى ال61 لقرار التقسيم: القرار ما زال باطلا



صرح ايهود اولمرت، رئيس الحكومة الاسرائيلية المستقيل، الذي اجبر على الاستقالة بشكل مخز بسبب فضائحه وإخفاقاته المتكررة:" حلم إسرائيل الكبرى انتهى من غير رجعة. ومن أجل الحفاظ على يهودية الدولة يجب تقاسم الارض مع من نعيش معهم". اي انه بعد 60 عاما إستيقظ من النوم ليشاهد أن الحلم الصهيوني بإقامة اسرايل الكبرى قد تبدد وذهب مع الريح. فلا يسعنا هنا إلا ان نقول له: صح النوم.
ولكن ماذا عن حلم "اسرائيل الصغرى"، تلك الدولة التي يريد أولمرت وغيره من زعماء الصهيونية الذين يقفون الى يساره او الى يمينه يريدون المحافظة على "يهوديتها"؟. يبدو أن هذا الحلم، بالنسبة لهؤلاء الزعماء، لم ينته بعد ولكنه من المؤكد انه لم يعد حلما ورديا جميلا بل نراه يتحول كل ليلة الى كابوس مرعب ومخيف. وحتى يزول هذا الحلم أيضا بشكل نهائي ويعترفوا بزواله، سيبقى الصراع مستمرا حتى يجد التاريخ الحل الوحيد الذي يقبله: الحلم الذي يقوم على الاساطير وعلى القرارات غير الشرعية مصيره الاندثار.
أظن أن دولة اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت على اساطير وخرافات لم يعد يؤمن بها أحد حتى اؤلئك الذين يدعون الايمان بها. ثمة لا يوجد هناك شعب مختار لله وبالتالي لا يوجد وعد رباني لمنح هذه الارض أو تلك لمثل هذا الشعب. هذه الاساطير لم تعد موجودة في صورتها الحديثة أيضا والتي تقول: "شعب بلا أرض يعود الى ارض بلا شعب".
تبقى القرارات غير الشرعية والتي لعبت بالفعل دورا حاسما في إقامة هذه الدولة. ولكن عدم شرعية هذه القرارات يحمل في احشائه ضرورة وحتمية زوالها. يكفي أن نذكر في هذا السياق ثلاثة قرارات غير شرعية بإمتياز كانت دولة اسرائيل نتجة لتنفيذها.
وعد بلفور:
وهو من أغرب الوعود التي عرفها التاريخ قديمه وحديثه. حيث يقوم طرف غريب، غاشم مغتصب، بوعد طرف آخر يحمل الصفات نفسها لمنحه شيئا لا يملكه وليس له ادنى حق فيه. هكذا قامت بريطانيا، الدولة الاستعمارية العريقة التي نهبت خيرات العالم بوعد الحركة الصهيونية، وهي حركة استعمارية نشأت وترعرعت فيي ظل الاستعمار الاوروبي، بمنحها فلسطين من غير أخذ رأي اهلها لا من قريب ولا من بعيد. ما زالت لاشرعية هذا الوعد بعد حوالي قرن من صدوره تصرخ حتى السماء.
صك الانتداب البريطاني على فلسطين:
خطوة عملية لتحقيق وعد بلفور المذكور، ولكن هذه المرة بتغطية دولية وتحت وصاية عصبة الامم المتحدة. الانتداب هي كلمة مخادعة استعملت كقناع لحالة استعمارية كلاسيكية. كان الهدف الصريح منها هو تمكين الحركة الصهيونية حتى تصبح قادرة على إقامة دولة تحل في الوقت المناسب مكان الاستعمار البريطاني وتواصل دوره في المنطقة.
قرار التقسيم:
في 29 تشرين ثاني من عام 1947 إكتملت المؤامرة وأصبح تنفيذها ممكنا. في هذا اليوم اتخذت الامم المتحدة، وريثة عصبة الامم، قرار 181 بتقسيم فلسطين ومنح الجزء الاكبر منها للحركة الصهيونية لإقامة دولة اسرائيل عليها. وإعتبر هذا القرار تجسيدا "للشرعية" الدولية حيث صوت الى جانبه 33 عضوا بينما عارضه 13 آخرون. ولكن دراسة حيثيات هذا القرار والظروف التي أتخذ بها تؤكد العكس من ذلك تماما: فقد كان تجسيدا للاشرعية الدولية. البرهنة على لا شرعية هذا القرار هي موضوع لدراسات عميقة ومستفيضة وليس مقالة صحفية، ولكن يكفي هنا أن نذكر بعض السمات التي طبعت لاشرعية هذا القرار:
كان عام 1947 عام انتخابات للرئاسة الامريكية ومن أجل كسب دعم تأييد اللوبي الصهيوني قام الرئيس ترومان بالضغط لاتخاذ هذا القرار الصهيوني. الا يذكرنا ذلك بالانتخابات الامريكية الاخيرة حيث قام جميع المرشحين من اوباما الى ماكين ونائبيهما وباقي المرشحين بالتهافت على اللوبي الصهيوني والتسابق في تعبيرهم عن مدى التأييد للدولة لعبرية؟
وكان هناك سبب آخر يكمن خلف تأييد ترومان وباقي الزعماء الغربين لهذا القرار وهو رغبتهم في تحويل أنظار يهود اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية من الهجرة الى بلدان اوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية وتشجيعهم للهجرة الى فلسطين. هكذا قامت الادارة الامريكية بالضغط وفي بعض الاحيان تهديد وحتى ابتزاز بعض الدول لكي تصوت الى جانب قرار التقسيم. وقد كانت حال الامم المتحدة في ذلك الوقت لا تختلف عن حالها في أيامنا هذه حيث تفعل الولايات المتحد بها ما تشاء، كل ذلك تحت قناع "الشرعية الدولية"
لقد كان رفض الشعب الفلسطيني لهذه القرارت المجحفة أمرا طبيعيا حتى ولو كلفه ذلك غاليا. ولكن المصيبة أن اوساط فلسطينية متنفذة بدأت تتراجع عن هذا الموقف المبدئي الرافض. هذا التراجع بدأ منذ زمن بعيد وكان أول تجلياته الرسمية تبني منظم التحرير الفلسطينية ما يسمى بالبرنامج المرحلي وقبولها بمبدأ المفاوضات والمساومات لحل الصراع. وبعد سنتين من تبني هذا الخيار، أي في عام 1976 قررت الامم المتحدة منح منظمة التحرير مكافأة على تراجعها هذا، وأصدرت قرارا بإعتبار يوم 29/11 وهو ذكرى قرار التقسيم المشؤوم يوما "للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني". وقد بلع هذا الطعم السام اوساط واسعة من الجماهير الفلسطينية والعربية، ناهيك عن كافة الانظمة، بعد أن بهرت أبصارهم مظاهر "التضامن" الرسمية من ملوك ورؤساء وزعماء عالميين ومحافل دولية. وكان ثمن ذلك إما نسيان قرار التقسيم المجحف وإما تبنيه على إعتبار انه يجسد الشرعية الدولية التي يجب أن نؤسس عليها مطالبنا. ومن أجل الحقيقة نقول: لقد دفع هذا الثمن كاملا.
قرار تقسيم فلسطين كان باطلا عندما أصدر في عام 1947 وهو ما زال باطل اليوم حتى بعد أن قبله عدد كبير من ضحاياه وهو سيبقى باطل مهما طال به الزمن.


Wednesday, November 19, 2008

مواعظ الحاخام بيرس ومواعظ الشيخ عبدالله



لقد أثار مؤتمر "حوار الاديان" الذي عقد مؤخرا في نيويورك بمبادرة ملك السعودية عبدالله بن عبد العزيز ورعاية الامم المتحدة والذي حضره مندوبون من 80 دولة بينهم 20 من ملوك ، رؤساء ورؤساء حكومات العالم، العديد من ردود الفعل. وقد لفت إنتباهي مقال الصحفي القدير محرر جريدة القدس العربي، عبدالباري عطوان وأعادت نشره صحيفة العنوان الرئيسي في الاسبوع الماضي بعنوان: "مواعظ الحاخام بيريس" كنموذج لردود الفعل هذه. لقد كرس الكاتب مقاله لفضح ما هو مفضوح من أكاذيب بيرس حول السلام وحقوق الانسان والتسامح بينما تقوم حكومته بتجويع مليون ونصف فلسطيني في قطاع غزة وتدوس على ابسط الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني. وأسهب الكاتب في وصف هذه الاكاذيب التي حولت المجرم الى ضحية والضحية الى مجرم وسط تصفيق الوفود العربية المشاركة. وكان واضحا للجميع أن لا علاقة لهذا المؤتمر بالاديان ولا بالحوار ولكنه كان مؤتمرا تطبيعيا من الطراز الاول.
بالطبع كل ما قاله عطوان صحيح تماما، ولكن كما قلت فهو يفضح المفضوح. فهل كان الكاتب يتوقع من بيريس الذي يعتبر أسوأ سياسي اسرائيلي منذ دافيد بين غوريون أن يدافع عن حقوق الفلسطينيين وأن يعترف بالجرائم التي اقترفتها دولته على مدى أكثر من 60 عاما وأن يقدم الاعتذار؟ ما فقدته في هذا المقال هو التغاضي عن "مواعظ" الشيوخ العرب وعلى راسهم العبدين: عبدالله بن عبد العزيز وعبدالله بن الحسين. إن الاكتفاء بالانتقاد الخجول للزعماء العرب وبالمقابل صب جام غضبنا على بيريس سيكون في أفضل الحالات صوتا تائها في الصحراء العربية وسهما طائشا عديم الجدوى.
أكاد أقول كل الاحترام لبيريس الذي جاء زعماء العالم من كل صوب وحدب لسماع اكاذيبه على أنغام تصفيق أصحاب القضية وأصدقائهم. بيرس الذي يمتدح العاهل السعودي ويصف مبادرته لحل النزاع العربي – الصهيوني التي صدرت منذ أكثر من ست سنوات بالمبادرة "الملهمة" التي سوف تقودنا الى الوئام العالمي والتفاهم المتبادل هو بيرس نفسه الذي أصطف فلسطينيو الداخل لأنتخابه بعد إقترافه لمجزرة قانا بحجة أن البديل له أسوأ منه.
مؤتمر حوار الاديان لا يفضح مواعظ بيرس الزائفة والمخادعة بقدر ما يفضح "مواعظ" الزعماء العرب الذين إتحدوا في حلف غير مقدس مع أمريكا واسرائيل. هذا الحلف الذي تتزعمه السعودية ويرتكز على الانظمة العميلة السائدة في عالمنا العربي من المحيط الى الخليج، هذا الحلف الاسوأ بما لا يقاس من حلف بغداد سيء الصيت هو الذي يجب أن يفضح وأن يحارب حتى اسقاطه.
يقول العاهل السعودي في المؤتمر:"ان الارهاب والاجرام أعداء الله وأعداء كل دين وحضارة وما كانا ليظهرا لولا غياب مبدأ التسامح". يا لسخرية الاقدار، أن يقال هذا الكلام في حضرة نخبة من الارهابيين والمجرمين وعلى رأسهم بوش وبيرس وليفني. أين التسامح وايسط حقوق التعبير عن الراي مقموعة في السعودية منذ أن إغتصبت هذه العائلة السلطة بمساعدة الامريكان؟. من المعروف أن المذهب الوهابي السائد يخنق كافة المذاهب والآراء والاجتهادات. فعن أي تسامح يتكلم؟
اننا نعرف على الاقل ما هو عدد الاسرى في السجون الاسرائيلية وبماذا تتهمهم المؤسسة الصهيونية، فهل يوجد هناك أحد يعرف ما هو عدد الاسرى في السجون السعودية والاردنية والمصرية وما هي تهمهم؟
في مؤتمر "حوار الاديان" لم يكن هناك لا حوار ولا متدينون. كان هناك مجموعة من الزعماء المرعوبين يتداولون في كيفية الحفاظ على كراسيهم. ولم يكن الدين سوى قناع على وجوههم.
لو كان الحوار هو المقصود والتسامح هو الغاية لبدأ به كل واحد في بيته. العالم الاسلامي ممزق بين سنة وشيعة وصوفية واصولية وحنفية وحنبلية واخوان مسلمين وحزب تحرير وقاعدة وأسماء العشرات من الحركات والاحزاب والمذاهب ولغة الحوار الوحيدة المتعارف عليها فيما بينهم هي لغة التكفير ومن ثم القتل.
من أجل حوار حقيقي داخل العقيدة الواحدة ليس هناك ادنى حاجة لشد الرحال الى نيويورك ودعوة كل من هب ودب.
بالمناسبة، لماذا ينحصر "حوار الاديان" على الاسلام والمسيحية واليهودية؟ متى سوف نتحرر من الاساطير التوراتية التي تؤسس عليها اسرائيل شرعية كيانها وقمنا نحن بتبنيها وألحقناها بمقدساتنا؟ هذه الاساطير تضرب جذورا عميقة في ادبيات ومسلمات الاديان الثلاثة وقد آن الاوان لإجتثاثها، جمعها وإرسالها الى متحف التاريخ الى جانب الاساطير الاغريقية والرومانية وغيرها من الحضارات.
وإذا كان المقصود من هذا المؤتمر هو التسامح وإحترام مختلف الثقافات والاديان فلماذا لم يدع له ممثلون عن الديانة الهندوسية مثلا؟. خصوصا وانه يوجد أكثر من 150 مليون مسلم يعيشون بالهند وما احوحجهم للحوار مع أبناء وطنهم الآخرين لحل قضية كشمير والعديد من المشاكل الحياتية الاخرى، ولماذا يتم تجاهل الديانة البوذية حيث يعيش حوالي 100 مليون مسلم في الصين والدول الاخرى التي تدين بالبوذية؟. حسب رايي المتواضع الحوار مع هذه الاديان أكثر أهمية من الحوار مع الديانة اليهودية التي لا تشمل بضعة ملايين.
الحوار، التسامح، الاحترام في ظل العولمة الشرسة المنفلتة من عقالها أصبحت مصطلحات فارغة تماما كمصطلحات السلام والديموقراطية.
علي زبيدات - سخنين

Sunday, November 16, 2008

ايها المرشحون: لملموا صوركم من الشوارع وانصرفوا



الحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه. انتهت الجولة الاولى من الانتخابات المحلية. فمنهم من فاز ومنهم من فشل ومنهم ما زال ينتظر حظه. لن أذرف الدمع على من لملم بضاعته الفاسدة وعاد الى بيته مكفهر الوجه بعد أن تحملناه خمس سنوات. ولن انثر الورد أمام الفائز الذي سوف يجثم على كاهلنا السنوات الخمس القادمة.
انتهت الانتخابات البلدية وليتها لم تبدأ. البعض يسميها المعركة الانتخابية، وإذا صحت هذه التسمية فهي معركة وهمية نشنها على انفسنا. والبعض يسميها "العرس الديموقراطي" وكان من الاحرى أن يسميها "البغاء الديموقراطي". هذه الانتخابات كشفت أكثر من غيرها عن عوراتنا، عن إفلاسنا الاخلاقي، عن وجهنا القبيح. وبالمقابل نحن لا نملك الجرأة حتى على النظر الى المرآة لكي لا نواجه قبحنا. بعض النعم التي جلبتها لنا هذه الانتخابات يخجل القلم من وصفها وتشمئز الصفحات البيضاء من أن تلطخ بها.
لا تكتفي الدعاية الانتخابية بتلويث شوراعنا بالملصقات والصور وبالمناشير الفارغة والكثير منها مناشير ساقطة، ولا تقتصر على "الاقناع" بما يرافقه من ضغوطات وأكاذيب ووعود عرقوبية ولكنها تتجاوزها الى الرشوات وشراء الذمم وعقد الصفقات المشبوهة في الدهاليز المظلمة. الصوت أصبح سلعة. وكما أن لكل سلعة ثمنها كذلك لكل صوت ثمنه. وقد علمت من مصادر موثوقة، وحسب رأيي كلكم يعلم ذلك، أن العديد من المرشحين قد دفع ما يلزم ثمنا لهذه الاصوات. وكانت الاسعار تتراوح من 100 شيكل الى بضعة آلاف من الشواكل. شيء مخز.
لقد وضع المرشحون الاقوياء نصب أعينهم، وبإعترافهم الواضح والصريح: تحقيق الفوز بكل ثمن. أي الغاية تبرر الوسيلة. هذه المكيافيلية الرخيصة قد نسفت جميع المقاييس الاخلاقية وجرتها الى الحضيض. يدعون الناس الى تحكيم ضمائرهم قبل التوجه الى صناديق الاقتراع وفي الوقت نفسه يدفنون ضمائرهم.
خمس سنوات والحفر تملأ الشوارع والمياه تنقطع كل أثنين وخميس والقمامة تصبح تلالا. ولكن بقدرة قادر تدب النخوة والحياة في عروق المسؤولين في الشهر الاخير قبل الانتخابات، فتمتلئ الشوارع بعمليات الترقيع والتعبيد، وتتناثر سيارات الكركار، وبناء الاسوار الواقية. يراهنون على قصر ذاكرة الناس وبساطتهم. قد تنطلي هذه الامور على البعض ولكن تبقى اللعبة مكشوفة امام الغالبية العظمى الذين يرفضون العبث الى هذه الدرجة بعقولهم ويقومون في نهاية المطاف بمعاقبة هؤلاء المسؤولين.
وصل الى يدي عدد لا يستهان به من المناشير الساقطة، التي كما قلت يخجل القلم من وصفها والتي تنضح بالكلام البذيء والشتائم الموجهة الى المرشح الآخر وهي إن دلت على شيء فإنها تدل على الحضيض الاخلاقي الذي وصلنا اليه بسبب هذه الانتخابات. ومهما قام المرشحون الآخرون بإستنكارها والتنصل منها فإنها تبقى وصمة عار يلازم هذا "العرس الديموقراطي".
زعم اكبر حزبين في وسطنا العربي: الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، بأنهما حققا الانتصارات الباهرة. إنتصار آخر كهذا وعلى الدنيا ومن عليها السلام. أي إنتصار حققاه وقد سقطت آخر ورقة سياسية كانت تستر عوراتهما؟ أعطوني مثلا واحدا خاض به هذان الحزبان الانتخابات ببرنامج سياسي بعيدا عن الاستقطاب العائلي او الطائفي وإبرام الصفقات المشبوهة؟.
تتغنى الجبهة الديموقراطية بإنتصارها في الناصرة، عاصمة وسطنا العربي، العزيزة على قلوبنا جميعا. الجميع يعرف أن هذا الانتصار جاء نتيجة للإستقطاب الطائفي الخطير الذي نما وترعرع خلال سنوات طويلة. وبسب الخلافات الداخلية في المعسكر المنافس. فهل يوجد ما يفرح؟ والامثلة كثيرة.
ولكن الطامة الكبرى حسب رأيي تكمن في نسبة المنتخبين العالية التي وصلت في كثير من القرى والمدن الى 98%. وكأحد الذين نادوا بمقاطعة الاتخابات أعترف بالفشل الذريع وبعدم فهمي المطبق لنفسية وعقلية المنتخبين. إننا أمام حالة من الادمان المرضي، تماما كالادمان على المخدرات أو الكحول او التدخين. فكما لا ينفع أن تعظ المدمن على التدخين وتنصحه بالاقلاع عنه بسبب الاضرار الجسيمة التي يسببها، كذلك لا ينفع الوعظ بمقاطعة الانتخابات بسبب أضرارها. من أجل ذلك يوجد ضرورة لعلاج. نعم، التهافت على الانتخابات بهذه الصورة مرض. فالمواطن في سخنين، حيث وصلت نسبة التصويت الى 97% ليس أكثر وعيا من المواطن في تل أبيب حيث كانت النسبة 32% أو في القدس حيث بلغت النسبة 42%. وبما أنني لست معالجا نفسيا أكتفي بالقول: الله يشفينا.
كل ما أطلبه، حتى الانتخابات القادمة، أن يقوم المرشحون بتنظيف الاماكن العامة من صورهم وملصقاتهم وألا يتركونها حتى تزيلها امطار الشتاء القادم.
أرفق هذه القصيدة الرائعة للشاعر والمغني الامريكي التقدمي توم باكستون
We All Sound The Same
Words and Music by Tom Paxton

The candidates come and the candidates go, and we all sound the same
I'm Eeenie, I'm Meenie, I'm Minie, I'm Mo, and we all sound the same
We're having another election this year,
We're hiring the halls and we're pouring the beer
We'll tell you precisely what you long to hear,
And we all sound the same.

We're there every time you turn on your TV, and we all sound the same
Help stop unemployment, try voting for me! Yes, we all sound the same
We're kissing the babies and shaking the hands,
We're blowing balloons and we're leading the bands
We're hoping that nobody here understands
That we all sound the same.

[bridge]We'll fearlessly take our positions when we know how you feel
We've taken the polls, and we know it's the safe thing to do
We've studied the trends for the feelings that we're allowed to feel
We'll be out there leading, about two or three steps behind you
[that's off of the record]
(spoken*) Mr. Chairman, my close friend, Mr. Lincoln, has a ... we all sound the same
(spoken) Introducing our new economic plan for the future of America...and we all sound the same
(spoken) And I have come before this august gathering to promise you that if I am elected, I will further discover misbeliefs in institution, constitution, and prosperity...and we all sound the same

[bridge]We'll fearlessly take our positions when we know how you feel
We've taken our polls, and we know it's the safe thing to do
We've studied the trends for the feelings that we're about to feel
We'll be out there leading, about two or three steps behind you
[that's off of the record]

We're fast on our feet when the ball's in our court, and we all sound the same
We're earnestly hoping your memories are short, and we all sound the same
We've mastered the art of rhetorical curve,
We've practiced sincerity, screwed up our nerve
We're praying we don't get what we all deserve
And we all sound the same
We're praying we don't get what we all deserve
And we all sound the same

Wednesday, November 05, 2008

الذكرى ال 91 للثورة الاشتراكية العظمى



قد يقول البعض: ولماذا احياء هذه الذكرى بعد أن انهار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وأصبحت الثورة في خبر كان. من يردد هذا الكلام ينتمي على الارجح الى معسكر واسع من القوى اليمينية والمحافظة تقوده الكراهية والحقد ليس على الثورة الروسية ذاتها، ولكن على ما تجسده هذه الثورة وترمز اليه من منظار تاريخي. من المعروف أن هذه الثورة تجسد وترمز أكثر من غيرها الى ضرورة وأمكانية قيام الطبقات والشعوب المضطهدة بالانتصار على النظام الراسمالي العالمي وبناء نظام آخر مختلف جذريا.
حتى لو قبلنا جدلا أن الثورة الاشتراكية قد فشلت فإن ذلك لا يقلل بشيء من قيمتها التاريخية. من المعروف أن الثورة الفرنسية الكبرى قد تحولت خلال فترة قصيرة جدا الى امبراطورية قمعية أغرقت اوروبا بالحروب وانتهت بإعادة الملكية الفرنسية لعدة سنوات. ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر دورها في تغيير وجه العالم الحديث. حتى ارغمت ألد أعدائها الى تنفيذ وصيتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما حصل لباقي الثورات الحديثة التي لعبت دورا حاسما في نقل البشرية من القرون الوسطى والانظمة الاقطاعية الى العصر الحديث. فهذه كومونة باريس تغرق بالدماء بعد حوالي الشهرين من استلام الثوار للحكم في العاصمة الفرنسية وفرض النظام الاشتراكي الجديد. ومن ثم عادت الرجعية لتسيطر على البلاد. ولم يفكر أحد في العالم أن يسحب من تحت اقدامها أهميتها التاريخية. ونحن في العالم العربي ما زلنا نحتفل بثورة المليون شهيد في الجزائر بالرغم من انها وخلال فترة قصيرة تحولت الى ثورة مضادة وفرضت نظاما قمعيا وأعادت الاستعمار من الشباك بعد أن خرج من الباب. ونحن في فلسطين ما زالنا نحيي إنطلاق الثورة الفلسطينية بالرغم من انها لم تكن في يوم من الايام ثورة حقيقية. كانت مقاومة بسيطة للإحتلال على أمل أن تتطور الى ثورة للتحرير الوطني. ولكنها تطورت الى سلطة هزيلة تتعامل مع الاحتلال بدل أن تقاومه. مع كل ذلك لم يقم أحد بهضم حقها التاريخي وإنكار اهميتها على تطور الصراع العربي – الصهيوني. الامر نفسه يمكن أن نطبقه على باقي الثورات في شتى انحاء العالم التي إما انها تحولت الى ثورة مضادة واما انها انتهت وماتت بشكل طبيعي، مثل الثورات الصينية، الفيتنامية، الكوبية، الاسبانية، وغيرها الكثير.
إذن ما هو سر تكالب جميع قوى العالم الراسمالي على الثورة الاشتراكية العظمى بالرغم من تعثرها منذ زمن طويل وزوال الاتحاد السوفياتي منذ حوالي عقدين؟ لماذا يتحد سياسيو ومفكرو المعسكر الرأسمالي وإتباعهم في الدول النامية على إدانة ومهاجمة هذه الثورة في كل مناسبة وبدون مناسبة وتجريدها من طبيعتها الثورية التقدمية؟
السبب هو أن هذه الثورة كانت الثورة الوحيدة التي وضعت نصب اعينها القضاء على النظام الراسمالي العالمي وبرهنت أن ذلك ممكن من خلال الثورة لجموع الكادحين الثوريين المنظمين والمسلحين.
النظام الراسمالي العالمي، بشكله الجديد، العولمة بقيادة أمريكية، يعرف تمام المعرفة أن ما انهار في الاتحاد السوفياتي ودول اوروبا الشرقية والصين لم يكن سوى تجربة محدودة وملموسة للثورة الاشتراكية في بلد واحد وتحت ظروف معينة، ولكن هذا لا يعني بأنه لن تكون هناك تجارب أخرى، تجارب تتعلم الدروس والعبر من التجربة السوفياتية وتصحح أخطاءها ومن ثم تنفجر من جديد.
أصلا، الذي انهار في الاتحاد السوفياتي هو نظام راسمالية الدولة، والذي سمي بشكل إعتباطي نظاما إشتراكيا. فمن المعروف انه بحكم الظروف التاريخية التي مرت بها روسيا بعد الثورة مباشرة وبسبب تخلفها الاقتصادي والحرب العالمية التي تحولت الى حرب اهلية والتدخل الاجنبي والحصار العالمي، حافظت الثورة الاشتراكية على العديد من السمات الرأسمالية والتي تفاقمت بسبب البيروقراطية المستشرية حتى تحولت الى رأسمالية الدولة فترة طويلة قبل الانهيار الرسمي للإتحاد السوفياتي في بداية سنوات التسعين.
على الثورة الاشتراكية القادمة ألا تقدم مثل هذه التنازلات المبدئية التي تقود في نهاية المطاف الى عودة الرأسمالية. عليها القضاء على النظام الراسمالي بشكل كامل وشامل من خلال القضاء على الملكية الخاصة والعمل المأجور والنضال مباشرة لتحقيق الشعار الشيوعي: "من كل واحد حسب مقدرته ولكل واحد حسب حاجته"
للذكرى ال91 للثورة الاشتراكية هذه السنة أهمية خاصة في ظل تفاقم الازمة الاقتصادية التي تعصف في النظام الرأسمالي العالمي وفي ظل الحروب الوحشية التي تشنها امريكا في شتى ارجاء العالم. الظروف الراهنة تؤكد من جديد المنطلق الاساسي للثورة الاشتراكية العظمى الذي يقول: ما دام النظام الراسمالي سائدا فالازمات الاقتصادية والحروب الامبريالية تبقى حتمية.
الاحزاب والتنظيمات التي تسمى نفسها اشتراكية وشيوعية اليوم هي جزء من التجربة التي انهارت واندثرت ولا تستطيع أن تقوم بأي دور ثوري. وهي في طريقها الى الاضمحلال والزوال. الثورة الاشتراكية الجديدة بحاجة الى تنظيمات وأحزاب ثورية جديدة، انها بحاجة الى إنسان إشتراكي جديد.
يقول ماركس: الثورات هي قاطرة التاريخ. واليوم التاريخ بحاجة الى قاطرة تنقل البشرية الى عصر افضل، خال من الاستغلال والحروب.
إن ذكرى الثورة الاشتراكية العظمى سوف تبقى خالدة الى الابد، وأن الثورة الاشتراكية القادمة سوف تكون أعظم وأعمق.