Wednesday, December 26, 2012

الشاطب والمشطوب وما بينهما

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010667 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010651
الشاطب والمشطوب وما بينهما
علي زبيدات – سخنين

عند كتابة هذه السطور، ما زال قرار شطب النائبة حنين الزعبي من قبل لجنة الانتخاببات المركزية ساري المفعول. ولكن عند قراءتها ستكون هذه المسألة قد حسمت نهائيا. فإما أن تقوم المحكة العليا بشطب الشطب وتعود النائبة حنين لممارسة حقها كمواطنة في هذه الدولة وإما أن تصادق المحكمة على قرار لجنة الانتخابات وتبقي الحال على ما هو. يرجح معظم المراقبين ممن يهتمون بهذا الشأن أن تقوم المحكمة بإعادة النائبة المشطوبة الى قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي. وذلك بناء على تجارب الماضي وسياسة تقاسم الادوار في المؤسسات الاسرائيلية (الديمقراطي الجيد مقابل الديمقراطي السيء) ولكن يبقى البعض متخوفا بسبب انحراف المجتمع الاسرائيلي الى اليمين جارفا معه السلطة القضائية والذي جعل مبدأ فصل السلطات فارغا من أي معنى.
طبعا، حزب التجمع الذي يخوض في هذه الساعات حملة ضد لجنة الانتخابات تحت شعار "كلنا حنين الزعبي" ويؤكد أنه في حالة استمرار الشطب سوف تتغير قواعد اللعبة وسوف ينادي بمقاطعة الانتخابات، يراهن على حكمة وعقلانية الديمقراطية الاسرائيلية وعلى نزاهة القضاء الاسرائيلي الذي سوف يتم اقناعه بالرغم من عنصريته وانتهازه بواسطة خيرة المحامين بأن الشطب قرار خاطىء ومجحف ولا حاجة له ففى نهاية المطاف التجمع هو حزب اسرائيلي يعترف بالدولة وبمؤسساتها التمثيلية.
مع قرار لجنة الانتخابات بالشطب طلب مني بعض الاصدقاء اعادة النظر بموقف المقاطعة الذي يظلم النواب العرب ويلتقي حسب رأيهم مع مواقف غلاة اليمين الصهيوني العنصري. وعلينا جمعيا أن نتوحد للدفاع عن حنين الزعبي وعن حقها في خوض الانتخابات.
ها أنا ذا أعيد النظر في موقف المقاطعة. قلت في السابق وها أنا أكرر ذلك مرة أخرى، وقد أكون مخطئا أو قاسيا، أن حزب التجمع في قرارة نفسه سعيد بقرار الشطب فهي شهادة ، من مصدر غير مشكوك بصهيونيته، على وطنيته وأن هذا القرار دعاية مجانية للحزب يفوق من حيث فعاليته جميع المهرجانات والخطابات والنشرات الانتخابية.
ولكن موقفي من مقاطعة انتخابات الكنيست الصهيونية لم يتغير بل زاد رسوخا. ولا أجد حرجا هنا أن استعين في ايماني هذا ببعض النواب من اليمين الصهيوني العنصري الذي اتهم بالتلاقي معه في المواقف. لذلك اخترت تصريحات نجمة حزب الليكود النائبة العنصرية ميري ريغف. في مقابلة تلفزيونية جمعتها مع رئيس حزب التجمع النائب جمال زحالقة صرخت في وجهه قائلة:" لا تنسى، أنت عضو في البرلمان الاسرائيلي، إذا أردت ان تمثل الفلسطينيين اذهب الى غزة. بدون اخلاص للدولة اليهودية وليس فقط الديمقراطية لا يوجد مواطنة، انت خائن وحصان طروادة في الكنيست" انتهي الاقتباس. هذا الموقف عبرت عنه ميري ريغف في مقابلة اخرى مع النائب احمد الطيبي وحتى مع النائب غالب مجادلة الذي ينتمي الى حزب صهيوني لا غبار عليه. هكذا اذا يا احزابنا العربية، تناضلون من اجل حقكم لأن تكونوا زملاء لهذه النائبة العنصرية وأمثالها. من بالله عليكم الذي يلتقي معها؟ من يدعو الى نبذها ومقاطعتها أو من يعمل كل ما يستطيعه ليكون برفقتها داخل أربع جدران الكنيست؟
بعد رؤية مقاطع الفيديو الثلاث لنائبة حزب الليكود ميري ريغف (وأنا انصح الجميع بمشاهدتها) لا يسعني الا أن اقدم لها الشكر على نصائحها القيمة. عندما تقول لنا اذهبوا الى غزة يجب أن نقول لها: نعم سوف نذهب الى غزة وسوف تأتي غزة الينا، وسوف نذهب الى الضفة الغربية وسوف تأتي الضفة الغربية الينا وسوف يعود اللاجؤون من جميع أماكن تواجدهم الينا. ألسنا جميعا شعبا واحدا؟وجميعنا سوف نشكل برلمانا ديمقراطيا حقيقيا تمنع داخله كافة أشكال العنصرية حسب القانون. سوف تكون العنصرية جريمة يعاقب عليها القانون تماما كالقتل والسرقة والفساد.
لا يوجد مجال هنا للتشفي. أنا ادافع بطريقتي عن حنين الزعبي. ليس عن طريق المهرجانات والخطابات. وحسب رأيي دفاعي عنها أفضل من دفاع جميع المقربين اليها بل افضل من دفاعها هي عن نفسها. ليس من الشرف ولا من الفخر أن تكوني في رفقة ميري ريغف ورفاقها. لن يقبلوك باحترام في هذه البؤرة الملوثة التي تسمى كنيست إسرائيل حتى لو كنت عميلة لهم. لماذا تنتظرين حتى يشطبوك؟ اشطبيهم انت مسبقا مرة واحدة وإلى الابد. لماذا تستجدينهم لأن يزيلوا الشطب؟ ألا تقولين أن شرعيتك غير مستمدة من الكنيست؟. مقاطعة انتخابات الكنيست في هذه الظروف بالذات هي فرصة تاريخية قد لا تتكرر لسنوات طويلة لكي تبدو هذه المؤسسة العنصرية عارية أمام العالم بأسره بدون أقنعة وبدون ورقة توت تستر عوراتها.

Wednesday, December 19, 2012

انتخابات الكنيست وصراع الهوية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012334 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012318
انتخابات الكنيست وصراع الهوية
علي زبيدات – سخنين

استطيع أن اتفهم الحملة الشرسة التي تشنها الاحزاب العربية الاسرائيلية التي تخوض انتخابات الكنيست على المقاطعين لهذه الانتخابات. في نهاية المطاف، بالنسبة لهذه الاحزاب وبالنسبة للمقاطعين جمهور الهدف واحد. كل صوت مقاطع هو خسارة مباشرة لهذه الاحزاب. هناك صراع، وصراع عنيف بين هذين التوجهين لا يمكن نكرانه أو حتى اخفائه. لذلك ليس غريبا أن تضع الاحزاب العربية الاسرائيلية المقاطعين، من حيث الخصومة والعداء، في المكان الاول ومن ثم الاحزاب الصهيونية. فإذا كانت المقاطعة بشتى اشكالها تصل الى النصف تقريبا بينما لا تتجاوز نسبة المصوتين للاحزاب الصهيونية مجتمعة ال ١٢٪ فمن الطبيعي، من وجهة نظر هذه الاحزاب، أن يكون الهجوم على فكرة المقاطعة وعلى المقاطعين أشرس.
قلت اتفهم هذه الحملة الشرسة ودوافعها ولكن هذا لا يعني قبولها. على العكس من ذلك تماما ارفضها رفضا قاطعا جملة وتفصيلا. بالنسبة للاحزاب المشاركة في الانتخابات الصوت هو المهم، بالنسبة للمقاطعة المبدئية الانسان وراء الصوت أو بتعبير أدق الانسان صاحب الصوت و هو المهم. الصراع في هذه المنطقة من العالم شئنا أم أبينا هو صراع على الهوية وعلى الوعي بهذه الهوية. تتفق جميع هذه الاحزاب على أن مهمتها الاولى هي رفع نسبة التصويت بين الجماهير الفلسطينية ومن أجل ذلك ترى بكافة الوسائل وسائل مشروعة بما في ذلك تشويه وتزييف افكار المقاطعة. على سبيل المثال لا الحصر: احد هذه الاحزاب (هو مجازا حزب) يقول أن التصويت للكنيست هو واجب وطني ولكنه نسي أن يقول هل هو واجب وطني صهيوني إسرائيلي أم فلسطيني. حزب آخر يؤكد أن عدم التصويت هو تقوية لليمين الصهيوني ولكنه لا يرى أو لا يريد أن يرى حقيقة أن التصويت بحد ذاته هو الذي يقوي اليمين الصهيوني. حزب آخر يصرح: "سوف نقاطع هذه الانتخابات إذا ما تم شطب قائمتنا". هذا يعني أن المقاطعة كلام هبل ما دمنا مقبولين ومشاركين وتصبح موقفا مبدئيا اذا تم شطبنا فقط. يا له من منطق يعجز عنه حتى أرسطو. أما رئيس القائمة العربية الموحدة فقد بز جميع رفاقه في الافتراء على المقاطعة، مع ان سهامه كانت موجهة بالاساس لاخوانه في الحركة الاسلامية الشمالية التي تتخذ كعادتها موقفا خجولا الى جانب المقاطعة. يقول في بيان نشره على الملأ:"المقاطعة هي خلل خطير في منهجية التفكير وقصور واضح في استشراف الواقع بكل تعقيداته". غريب، يتهم نصف المجتمع بأنه يعاني من خلل خطير في تفكيره، أي يتهمه بالتخلف أو الجنون (وهل يوجد تفسير آخر للخلل الخطير في منهجية التفكير؟) وفي الوقت نفسه يدعي بأنه أفضل من يمثل أبناء هذا المجتمع ويلهث وراء الفوز بأصواتهم.
كما قلت، الصراع في هذه المنطقة من العالم هو صراع على الهوية الوطنية وعلى الوعي بهذه الهوية. من هذا المنطلق تختلف المقاطعة المبدئية عن كافة الاحزاب المشاركة بغض النظر عن الفوارق فيما بينها. تقول هذه الاحزاب مجتمعة وكل على حدة: لا نسمح لأحد بأن يزاود علينا وعلى تمسكنا بهويتنا وانتمائنا لشعبنا وعلى نضالنا من أجل الحصول على حقوقه كاملة. حسن جدا، ولكن من حقنا أن نفهم هويتنا الوطنية ونعي هذه الهوية بشكل يختلف تماما بل يتناقض مع المفهوم التي تروج له هذه الاحزاب. بالنسبة لهذه الاحزاب لا يوجد هناك تناقض أو لم يعد هناك تناقض بين أن يكون المرء فلسطينيا واسرائيليا في الوقت نفسه. ولعل حزب التجمع الوطني الديمقراطي كان افضل من عبر عن هذا الواقع السريالي عندما رفع شعار: "هوية قومية ومواطنة كاملة". نحن نقول بكل بساطة إن هويتنا القومية تتناقض تناقضا مباشرا ومطلقا مع مطالبتنا بمواطنة كاملة في دولة اسرائيل ولا يهم اذا سمت هذه الدولة نفسها دولة يهودية ديمقراطية أو دولة الشعب اليهودي أو دولة المواطنين أو دولة جميع مواطنيها. لا يمكن التلاعب بمركبات الهوية الوطنية وتحويلها الى كوكتيل يتكون من عناصر متناقضة تلبي رغبات ومصالح فئوية. يمكن تبرير كل شيئ في العالم وفي بعض الحالات يمكن ايجاد مبررات جيدة، ولكنها تبقى مبررات لا أكثر ولا أقل. الاحزاب العربية تردد الاسطوانة المشروخة: نحن جزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ولكننا نعيش في ظروف خاصة تحتم علينا التعامل معها للحفاظ على بقائنا وعلى مستقبلنا. وهذه المبررات تلقى آذان صاغية من البعض. بالنسبة لهذه الاحزاب الاندماج في الدولة لا تمت بصلة للأسرلة والانضمام الى أعلى هيئة تشريعية للدولة الصهيونية تفسر بطريقة مهينة لعقولنا على انها مناهضة للصهيونية. وهكذا يختلط الحابل بالنابل وتتكون هوية مزيفة مليئة بالشوائب بحجة الحفاظ والتمسك بالهوية الوطنية.
من المستحيل أن تكون خادما لسيدين كما تقول المسرحية الكوميدية الشهيرة. ومن غير اللائق الرقص في عرسين في آن واحد كما يقول المثل الشعبي. الهوية الوطنية لا تقاس بالشعارات البراقة والخطابات الساخنة. ولا تقاس بحجم الاعلام التي ترفع في المسيرات وعلى سطوح النوادي. الهوية الوطنية تقاس بمدى وعيك لكافة مكوناتها وبمدى محافظتك على نقائها. نحن نؤمن بأن الكنيست الصهيونية لا تشكل اعلى هيئة تمثيلية صهيونية فحسب بل هي زبدة الفكرة الصهيونية على أرض الواقع. وكل اقتراب منها هو مس بهويتنا الوطنية. لذلك مقاطعة انتخابات الكنيست هي واجب وطني فلسطيني.

Wednesday, December 12, 2012

ديمقراطية بقرش

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012457 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012441
ديمقراطية بقرش
علي زبيدات – سخنين

لا أدري اذا ما زال هناك احد ممن يعتبر نفسه من المفكرين يستطيع ان يفسر لنا بشكل مقنع العلاقة بين المصطلح اليوناني: "ديمقراطية" (حكم الشعب) وبين النظام الرأسمالي السائد الذي يحمل الاسم نفسه والذي يعتبر افضل نظام سياسي توصلت اليه الحضارة البشرية. أصبح هذا النظام، الذي تشكل الانتخابات البرلمانية عموده الفقري، ارضا خصبة للفساد على انواعه من رشوات وسرقات وانحطاط اخلاقي. اصبح دفيئة ليس فقط لنمو الافكار العنصرية والرجعية بل ايضا للافكار الفاشية التي تتناقض مع الروح التي يدعي تجسيدها وتمثيلها.
لست هنا بصدد الكلام عن النظام "الديمقراطي" بشكل عام ولا حتى عن النظام "الديمقراطي" الاسرائيلي بشكل خاص فهذا موضوع واسع جدا يتطلب في كل الاحوال اكثر من مقالة صحفية. ما اطمح اليه هنا هو الوقوف ولو للحظة وادعو الاخرين للوقوف هم أيضا ولو للحظة امام بعض المظاهر المثيرة للقرف والاشمئزاز والتي تصاحب الانتخابات للكنيست الصهيونية في الدولة العبرية.
يتفق الجميع تقريبا، ومن ضمنهم بعض الكتاب والمفكرين الصهاينة، أن الايديولوجيات قد سقطت أو رحلت أو ماتت. لم يعد هناك حزب مهما كان حجمه ومهما كان دوره وتاريخه يطرح ايديولوجية معينة او حتى خط سياسي معين أو على الاقل برنامج انتخابي يعالج قضايا المواطنين. الهدف المعلن والمخفي لكافة الاحزاب هو الوصول للسلطة أو على الاقل الاقتراب منها بقدر الامكان والحصول على نصيبه منها مهما كان هذا النصيب ضئيلا. ومن اجل ذلك كافة الوسائل مشروعة. وهذه الوسائل تتراوح بين اقتراف جرائم القتل في غزة وخصوصا بالنسبة للاحزاب الكبيرة والاحزاب التي تدور في فلكها وحتى الكذب على الناخب ودغدغة مشاعره وهذا ما تلجأ له الاحزاب الصغيرة عادة. في الانتخابات "الديمقراطية" الاسرائيلية كل شيء قابل للبيع والشراء: الاحزاب، قادة الاحزاب وحتى المواطن البسيط. كل شيء وله ثمنه. الاحزاب كاملة تشترى بحصولها على حصتها من السلطة وتوزيعها على اعضائها. قيادة الاحزاب تشترى بالوظائف والمراكز الموعودة والمواطن يشترى بحفنة من المال. فليس من الغريب أن يقفز زعيم حزب الى حزب آخر ويعود للحزب الاول مرة اخرى لكي يقفز من جديد وهكذا دواليك.عادي.
قد يقول البعض: قد يكون ذلك صحيحا بالنسبة للاحزاب الصهيونية ولكنه ليس كذلك بالنسبة للاحزاب العربية. فهي احزاب مبدئية لا تناضل من اجل الاستفادة من السلطة أو من اجل أي مصلحة خاصة بل من اجل الدفاع عن حقوقنا المهضومة ومن اجل مواجهة العنصرية المتفشية في الحكومة والمجتمع الاسرائيليين. وهكذا نكذب الكذبة ونصدقها. لنتكلم قليلا عن مبدئية الاحزاب العربية التي لا تساوم على مبدئيتها: فهذه الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وهي أكبر حزب عربي، آسف حزب يهودي -عربي يرفع من ضمن الشعارات التي يرفعها في هذه الانتخابات شعار "بقاء نحميه ومستقبل نبنيه" ويريدنا أن نصدق ان وجودنا في الكنيست هو الذي سوف يحمي بقاءنا وهو الذي سوف يبني مستقبلنا وهذا بحد ذاته ليس سوى تبرئة للكنيست التي تحمل المسئولية الاولى عن تقويض بقاءشعبنا وهدم مستقبله. نعم، لنا على هذه الارض بقاء نحميه: نحميه من الكنيست وهي اليد الآثمة للحركة الصهيونية التي صنعت نكبة شعبنا. ولنا على هذه الارض مستقبل نبنيه ولكن الكنيست التي لا تطيق حتى خيمة بدوي في النقب فهل هي التي تسوف تبني هذا المستقبل؟
وهناك حزب آخر يعرف نفسه بأنه حزب قومي عربي وطني فلسطيني ديمقراطي ويرفع شعار: هوية قومية ومواطنة كاملة ودولة المواطنين أو دولة جميع مواطنيها والحكم الذاتي الثقافي وغيرها من الشعارات البراقة، ويرفع صور القائد القومي جمال عبد الناصر في مظاهراته وعلى جدران نواديه وقد نسي هذا الحزب ان يقول لاتباعه أن عبد الناصر وبالرغم من الهزيمة النكراء التي مني بها قد مات وهو يقول: لا صلح ولا مفاوضات ولا اعتراف باسرائيل. اليوم "الحركة الوطنية"، كما يحب حزب التجمع أن يسمي نفسه، سوف تحقق الحلم العربي من على منبر الكنيست من خلال خطابات جمال آخر ومن خلال حنين ولكن ليس حنين الى كلمات الشاعر صلاح جاهين ومن خلال التكامل الاقتصادي الاسرائيلي-الفلسطيني-العربي برعاية بورصة تل ابيب وبنك هبوعليم ومنيب المصري الذي يقوده المرشح الجديد للتجمع باسل غطاس. هل حقا شعبنا أقوى بالتجمع؟
وهناك القائمة العربية الموحدة على جميع مركباتها والتي تضم من يرفع شعار "الاسلام هو الحل" ويرى بالكنيست منبرا للدعوة الى الاسلام. ولكنه في الوقت نفسه يستبسل في سبيل القبض بيد من فولاذ على عضويته في الكنيست التي تؤمن له حاجاته الدنيوية. وتضم من أسس حزبا خصيصا للشحاتة يعرضه مع اقتراب كل انتخابات على كل قائمة مستعدة للدفع. وتضم زعيم حزب ملكية خاصة ولا ادري ما هي علاقته بالوطنية ولكنه يوزع الشهادات الوطنية ويصرح:" التصويت في يوم الانتخابات هو موقف وطني من الدرجة الاولى وعدم التصويت هو التصويت لليكود واليمين المتطرف"
هذه هي الاحزاب العربية شكلا الاسرائيلية مضمونا. انها لا تمثلني فهل تمثلكم؟

Wednesday, December 05, 2012

كفى انتصارات وهمية

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010480 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010464
كفى انتصارات وهمية
علي زبيدات – سخنين

بعد سنوات طويلة تمتد على مدى قرون تكبدنا خلالها هزائم لا تعد ولا تحصى تمخضت عن ضياع فلسطين كاملة وتشرد شعبها في شتى انحاء العالم، احتفلنا في فترة أقل من شهر بتحقيق انتصاريين "تاريخيين" ونستعد للاحتفال بانتصار "تاريخي" ثالث في المستقبل القريب وعلى وجه التحديد بعد حوالي شهر ونصف من اليوم. طبعا، لعل من نافل القول أن هذين الانتصارين (والانتصار الثالث القادم) لم يحررا حتى شبرا واحدا من أرض فلسطين ولم يعيدا حتى لاجئا واحدا الى بيته. ولماذا هذا؟ لأنها وبكل بساطة انتصارات وهمية، انتصارات كاذبة، تماما مثل الحمل الكاذب حيث تريد المرأة الواقعة تحت ضغط من حولها أن تلد، أن تصبح أما بعد سنوات طويلة من الزواج ومن كثرة القيل والقال واليأس والحزن فتنفخ البطن ويضفي الوحم جوا حميميا لاستقبال المولود، ولكن سرعان ما تأتي النهاية: لا ولد ولا يحزنون، انه حمل كاذب.
بأي انتصار احتفلت حركة حماس وخلفها باقي الفصائل بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة؟ من هم أولئك الذين نزلوا الى الشوارع في غزة وفي مدن فلسطينية أخرى يحتفلون بالانتصار؟ هل احتفل ال١٦٠ شهيدا وال١٤٠٠ جريحا الذين لم تجف دماءهم بعد أيضا بهذا الانتصار؟ هل عائلة الدلو التي ابيدت عن بكرة ابيها تقريبا احتفلت هي الاخرى بهذا الانتصار؟ وماذا عن الدمار الرهيب الذي لم تنج منه مؤسسة واحدة؟ وهل تكفي أموال قطر الموعودة لتحولها الى انتصار؟ كان أحرى بقيادة حماس وغيرها أن تفتح المآتم وتستقبل المعزين وليس الاحتفال بانتصار وهمي.
ما هي الانجازات التي حققها هذا الانتصار التاريخي؟ زيارة رئيس الحكومة المصرية لغزة لمدة ساعة ونصف؟ أم زيارة بعض وزراء الخارجية العرب الذين يسبحون في فلك السياسة الامريكية – الاسرائيلية ويتآمرون على القضية الفلسطينية؟ أم الموقف المخزي للنظام "الثوري" الاخوانجي في مصر الذي لعب دور الوسيط بدل أن يتخذ موقفا منحازا الى جانب المقاومة؟ أم تصريحات مشعل للتلفزيون الامريكي ولكل من يريد أن يسمع بقبوله دولة فلسطينية بحدود ١٩٦٧ علىى غرار تصريحات عباس بما يرضي حلفاءه الجدد من الخليج؟. وهل حقا كان اتفاق الهدنة أو التهدئة أو وقف اطلاق النار سموه ما شئتم، حسب شروط حماس؟ هل رفع الحصار وفتحت المعابر؟ هل توقفت الانتهاكات الاسرائيلية؟
الانجاز الحقيقي الوحيد لهذا الانتصار الوهمي هو أن دولة إسرائيل مرة أخرى تنجو بجرائمها. لن يكون هناك من يحاسبها على اعمال القتل والتدمير، حتى ولا غولدستون آخر.
ما أن انتهت الاحتفالات بالانتصار الوهمي الاول حتى دقت طبول الاحتفال بالانتصار الوهمي الثاني: انتصار الدولة غير العضو، انتصار الدولة المراقب. ماذا لو رحبنا بوعد بلفور ووفرنا على انفسنا قرنا من الشقاء؟ ولماذا ننعت وعد بلفور بالشؤم ونعتبر القرار الفارغ من أي مضمون انتصارا تاريخيا؟ على الاقل وعد بلفور اشترط اقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين بعدم المساس بالحقوق المدنية والدينية لباقي الطوائف. ماذا اشترط قرار الاعتراف بالدولة غير العضو غير التنازل عن كافة الثوابت؟ ماذا استفدنا من اعتراف ١٣٨ دولة بدولة فلسطين الوهمية؟ أنا شخصيا أفضل اعتراف دولة واحدة بحق الشعب الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه من كل هذه الاعترافات. اللوم بالطبع لا يقع على ال١٣٨ دولة بل يقع على من ذهب الى نهاية العالم لكي ينال مثل هذا الاعتراف البائس. واللوم اكثر يقع على كل من اعتبر هذا الاعتراف انتصارا تاريخيا واحتفل به. ولا اقتصر هنا على رئيس السلطة الفلسطينية الذي بادر وقاد هذه الخطوة ومن حوله من المنتفعين، بل أشمل باقي الفصائل بدءا بحماس وانتهاء بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومرورا بباقي الفصائل "اليسارية" والاحزاب العربية الاسرائيلية التي طبلت وزمرت ورقصت لهذا “الانتصار”.
الانتصار الوهمي الثالث الذي لم يأت بعد وننتظره بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر هو الانتصار الذي سوف تحققه الاحزاب العربية في انتخابات الكنيست الصهيوني. تشير استطلاعات الرأي أن هذه الاحزاب سوف تحافظ على قوتها وتمثيلها وهذا بحد ذاته في نظرها يعد انتصارا. وربما سوف تحقق بعض الاحزاب تقدما طفيفا قد يصل الى انجاح مندوب آخر، هذا بالرغم من أنف المنادين بالمقاطعة. وطبعا بعد الانتصار سوف تحلو الاحتفالات فاستعدوا. لا تسألوا بعد تحقيق هذا الانتصار اذا ما زادت العنصرية في أروقة الكنيست التهابا. واذا ما انهمر وابل من القوانيين العنصرية على رؤوسنا واذا ما كان مجرد وجودنا مهددا وعلى كف عفريت. كل هذا لا يهم ما دمنا نعيش في نشوة الانتصار الوهمي وطالما يعمل نوابنا بلا كلل أو ملل كشهود زور على ديمقراطية الدولة العبرية.
مع مثل هذه الانتصارات من يريد هزائم؟

Wednesday, November 21, 2012

زمن النعاج العربي

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010764 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010748
زمن النعاج العربي
علي زبيدات – سخنين

المكان الطبيعي للنعاج، كما هو معروف، هو إما أن تكون في الحظائر تأوي اليها تتقي الحر والبرد وتنتظر مصيرها حتى ترسل الى المسالخ، وإما أن تكون في المراعي تأكل وتسرح وتمرح حتى يعيدها الراعي مستعملا عصاه الى حظائرها. إلا في العالم العربي، وخصوصا تلك النعاج التي تشرب ولا ترتوي من آبار النفط. فهي نعاج فريدة من نوعها: فهي أولا، يكون الراعي منها وفيها، أي أن الراعي هو أيضا نعجة. وهي عادة نعاج سمينة تكاد كروشها تندلق أمامها وعلى جانبيها ويكاد شحمها يتفتق عن جسدها وينسكب تحت أقدامها. وفي الوقت نفسه هي نعاج تجتمع، تعقد المؤتمرات، تتخذ القرارات وتتوسط لحل النزاعات. وفي بعض الحالات تلبس أقنعة الليوث، تقود الثورات، تنظم المليشيات، تهرب الاسلحة وتملأ العالم ثغاء من خلال وسائل اعلامها المتطورة. ولكنها في نهاية المطاف تعود الى طبيعتها "النعاجية" الخاضعة والمستكينة خصوصا كلما اقتربت من أمريكا واسرائيل.
وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا في القاهرة مؤخرا لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة ولنصرة أهل غزة وباعتراف كبيرهم هم ممثلون لهذه النعاج العربية الاصيلة. ومنذ الاجتماع الاول تبين أن دورهم الحقيقي هو ترجمة العدوان الاسرائيلي العسكري الى مكتسبات سياسية لصالح هذا العدوان. وذلك من خلال التوصل الى تهدئة أو هدنة لفترة طويلة جدا حسب الإملاءات والشروط الاسرائيلية. بينما لمساعدة غزة فقد اكتفوا بفيض من الادانات شديدة اللهجة والوعود العرقوبية باعادة اعمارها بعد تدميرها. وقد نسوا اننا قد حضرنا هذا الفلم السخيف قبل أربع سنوات.
يبدو أن الربيع العربي قد جلب فيما جلبه المزيد من العشب الاخضر لهذه النعاج لكي تسرح وتمرح وتزداد سمنة وتزداد عددا. إلى نعاج الخليج انضمت نعاج من مصر وتونس توهم بعضنا انها سوف تكون "نعاجا ثورية" تقوم بطرد ومطاردة الذئاب التي تنهش في جسد العالم العربي. ولكن هل تستطيع النعجة أن تخرج من نفسها وتغير طبيعتها؟ بالطبع لا. لم تكن ثورية هذه النعاج الا قناعا سرعان ما سقط عند أول اختبار. ذكرتني بقصة ذلك الحمار الذي زهق من معاملة باقي الحيوانات له باحتقار. فوجد أسدا ميتا فنزع عنه جلده ولبسه ومشى في الغابة متبخترا يخيف باقي الحيوانات. ومر في طريقه على الثعلب الذي كان من اشد الحيوانات احتقارا له فأراد أن يرعبه في أن يزأر في ووجهه، فخرج من بين فكي هذا التعيس نهيق قبيح، فقال له الثعلب: لقد فضحت نفسك. كنا نتوقع من هذه النعاج "الثورية" أن تقطع علاقتها بالكامل بدولة إسرائيل وتفتح معبر رفح على مصراعيه، أولا وقبل كل شيء كتعبير عن سيادتها المطلقة عليه وتدع الجماهير المصرية والعربية تتدفق للدفاع عن غزة. ولكن كيف تعمل ذلك بينما كلأها وعلفها مرهون بأمريكا وإسرائيل؟ وهكذا سرعان ما تحولت شعاراتها الثورية الى ثغاء استجداء.
لقد برهنت جامعة الدول العربية للمرة الألف، منذ ولادتها على يد القابلة الانجليزية وحتى يومنا هذا، بأنها أفضل حظيرة للنعاج العربية. حتى انها في اجتماع وزراء خارجيتها الاخير تفوقت على نفسها عندما تجرأت ووجهت النقد الذاتي لنفسها بإعادة النظر بمبادرة السلام التي قدمتها لاسرائيل منذ اكثر من عشر سنوات وألقت بها هذه في سلة المهملات.
ولكي أكون منصفا أقول أن "زمن النعاج" لا يقتصر على عالمنا العربي بل يمتد الى كافة اطراف العالم. فماذا نقول عن أوباما الذي توقف خلال زيارته لبعض الدول الاسيوية لكي يصرح: "من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها" ووزيرة خارجيته التي طارت على جناح السرعة لكي تعبر عن تضامنها مع العدوان وتساهم مع النعاج العرب لترجمة هذا العدوان الى مكاسب سياسية. هذا ناهيك عن باقي الوزراء والدبلوماسيين الاوروبيين من انجلترا وفرنسا والمانيا الذين هرولوا ليقدموا مساعدتهم لدولة اسرائيل المسالمة التي تدافع عن نفسها.
وإن أنسى فلا أنسى في هذه المناسبة نعاجنا المحلية التي تحترف الثغاء السياسي، الثوري والوطني والتقدمي والتي صرح بعضها بأنه سوف يقيم الدنيا ولا يقعدها في حالة استمرار العدوان الاسرائيلي. وكل ما تصبو اليه هو الحصول على حفنة اضافية من االاصوات في انتخابات الكنيست الصهيونية القادمة. هذه النعاج التي شرذمت العمل الوطني وفشلت في تنظيم حتى مظاهرة قطرية واحدة.
زمن النعاج العربي سوف يزول عاجلا أم آجلا. وسوف تبقى غزة صامدة، والقضية الفلسطينية سوف تبقى حية حتى يهل ويسود زمن الأسود العربية التي سوف تصنع العودة والتحرير.

Wednesday, November 14, 2012

غزة تنتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009916 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009900
غزة تنتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم
علي زبيدات – سخنين

من يظن أن التنافس بين الاحزاب الصهيونية في انتخابات الكنيست القادمة يجري علي اساس برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فهو مخطىء. لم أجد أي برامج من هذا القبيل في كافة وسائل الاعلام الاسرائيلية. ومن وجد مثل هذه البرامج فليتفضل ويوجهنا اليها. التنافس الوحيد فيما بين هذه الاحزاب هو حول غزة: من يؤيد اقسى ضربة عسكرية لقطاع غزة. هل يجب اعادة احتلال القطاع كاملا أم الاكتفاء بالقصف من الجو والبر والبحر وتدمير ما يمكن تدميره من البنى التحتية؟ هل يجب العودة الى سياسة الاغتيالات للقادة السياسيين ومن منهم يجب اهدار دمه؟ ما هي انجع الوسائل لتضييق الحصار وتعميقه. نتائج الانتخابات مرهونة بما يجري في غزة من اقصى شمالها الى اقصى جنوبها وما تبقى ما هو إلا كلام فارغ. لا اهمية تذكر في هذه الانتخابات للاحتجاجات الاجتماعية والازمة الاقتصادية وحتى للبرنامج النووي الايراني. المعادلة أصبحت مكشوفة ومعروفة للجميع: كلما ازداد القصف والقتل والعدوان على غزة كلما ضمنت هذه الاحزاب المزيد من الاصوات في الانتخابات القادمة. هذا الامر لا يقتصر على رئيس الحكومة وحزبه وائتلافه ولا يقتصر على الاحزاب اليمينية بل يشمل بشكل أو بآخر كافة الاحزاب الصهيونية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار.
أذن، هل من الخطأ إذا قلت أن قطاع غزة بدماء أبنائه هو الذي سوف ينتخب رئيس الحكومة الاسرائيلية القادم؟ ها هو رئيس الحكومة يصدر اوامره بقصف غزة بشكل عشوائي اسفر حتى الآن عن مقتل وجرح العشرات وتدمير عدد من المنشآت الحيوية. وها هو وزير الحرب المأزوم ايهود براك الذي تتنبأ له كافة استطللاعات الرأي بالسقوط والاندثار يهدد بحرب جديدة أشرس من الحرب الماضية التي قادها ويهدد باحتلال القطاع كاملا لعل ذلك ينقذه. ولم يبق حزب واحد لم يسهم بنصيبه في التحريض على غزة وذلك بحجة الحفاظ على أمن مليون مستوطن في جنوب البلاد وكأنه لا يوجد هناك، في الطرف الآخر، مليونان أمنهم مفقود منذ سنوات طويلة.
آخر المحرضين على غزة كان وزير الامن الداخلي والمفتش العام للشرطة في قلب مدينة سخنين وأمام لجنة المتابعة واللجنة القطرية لروساء المجالس المحلية وممثلي بعض الاحزاب العربية وبلدية سخنين ولجنتها الشعبية بالاضافة الى لفيف من المتعاونين والمتسلقين في مؤتمر يحمل عنوانا بريئا يسمى "مؤتمر مكافحة حوادث الطرق في المجتمع العربي". فقد صرح الاول، وزير الامن الداخلي، بضرورة اعادة الامن والهدوء الى جنوب البلاد وتحرير أمن مليون مواطن من كونه رهينة بأيدي منظمات ارهابية واعادة سياسة الردع بكافة اشكالها. بينما كشف المفتش العام للشرطة عن مخطط تكثيف وتعميق تجنيد الشباب العرب لسلك الشرطة والذي بدأ تنفيذه منذ فترة وتمخض حتى الان عن تجنيد مئات الشباب. جرى كل ذلك أمام سمع وبصر زعماء ما يسمى بالوسط العربي الذين ينادون في الخارج بمواجهة السياسة الحكومية العدوانية ولكن في المؤتمر لم يجرؤ احد بفتح فمه والاعتراص على هذه التصريحات.
لذلك هل من المبالغ فيه عندما نؤكد أن الاحزاب العربية موضوعيا، عن قصد أو عن غير قصد، عن سوء أو عن حسن نية، بمجرد مشاركتها في هذه الانتخابات المحسومة سلفا، تتحمل هي الاخرى مسؤولية الجرائم التي تقترف الان في غزة؟ وهل من باب الصدفة انها لم تحرك ساكنا إزاء هذه الجرائم بينما كانت منهمكة في الاجتماعات للوحدة فيما بينها ليس من أجل مواجهة العدوان على غزة بل من أجل ايجاد افضل الطرق لخوض انتخابات الكنيست وكيفية رفع نسبة المصوتين وتقسيم المقاعد فيما بينها.
الاحزاب العربية هي الاخرى، أسوة بالاحزاب الصهيونية، لا تخوض الانتخابات على أساس برامج سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. مرة أخرى من يعلم بوجود مثل هذه البرامج فليوجهنا اليها مشكورا.
الانتخابات للكنيست الصهيوني كانت وما زالت مجبولة بالدماء الفلسطينية. ومهما استعملت الاحزاب العربية من تبريرات وحجج لا يمكنها الهرب من هذه الحقيقة. شروط اللعبة لانتخابات الكنيست محسومة مسبقا. من يشارك في هذه اللعبة لا بد إلا أن يتقيد بشروطها. الكنيست بكافة أعضائها ال١٢٠ يشاركون في هذه اللعبة حتى وأن اختلفت ادوار البعض. في نهاية المطاف، احزاب الائتلاف والمعارضة، احزاب اليمين والوسط واليسار والاحزاب العربية جميعها تشكل فريقا واحدا يتحمل وإن بدرجات متفاوتة المسؤولية عن الجرائم المقترفة في حق شعبنا الفلسطيني. لذلك فإننا ندعو الى كسر قواعد هذه اللعبة، الى الانسحاب من هذا الفريق المجرم، الى مقاطعة الانتخابات للكنيست الصهيونية.

Wednesday, November 07, 2012

من انتخابات إلى انتخابات

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000008764 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000008748
من انتخابات الى انتخابات
علي زبيدات – سخنين

انتهت انتخابات الرئاسة الامريكية بفوز براك أوباما بولاية ثانية لأربع سنوات أخرى. وكان هذا الفوز متوقعا من قبل معظم المراقبين والمهتمين. وأظن أن معظم المهتمين بالقضية الفلسطينة قد تنفسوا الصعداء بعد فشل المرشح الجمهوري "المرعب" ميت رومني وفوز أوباما. ويأملون أن يتنفسوا الصعداء مرة أخرى إذا ما تمخضت انتخابات الكنيست الصهيونيةة عن فشل نتنياهو – ليبرمان وفوز المعارضين لهما. في الحقيقة أنا لا أخفي فرحي من سقوط ميت رومني في الانتخابات الامريكية ولن أخفى فرحي في حالة سقوط نتنياهو – ليبرمان. ولكن أن أتنفس الصعداء بسبب فوز البدلاء الآخرين، هذا ما لن يحصل أبدا.
لو كنت مواطنا أمريكيا لكان موقفي مطابقا للموقف من الانتخابات الاسرائيلية: المقاطعة. ولن أكون وحيدا في هذا الموقف حيث أن نصف الشعب الامريكي على الاقل مقاطع لهذه الانتخابات ولاسباب لا تختلف من حيث المبدأ عن أسباب المقاطعة هنا. الانتخابات "الديمقراطية" في الولايات المتحدة الامريكية، كما في إسرائيل، كما في كافة دول العالم الرأسمالية ليست تعبيرا عن إرادة الشعوب بل هي تشويها وتزيفا لها وحتى مصادرتها نهائيا. من يستطيع أن يرشح نفسه للرئاسة الامريكية إذا عرفنا أن تكاليف الحملة الانتخابية قد تجاوزت الثلاثة مليار دولار؟ مرشحو الرئاسة بغض النظر اذا كانوا ينتمون للحزب الديموقراطي أو الحزب الجمهوري هم ليسوا ولم يكونوا ابدا مرشحين للشعب الامريكي بل مرشحين للشركات الامريكية وأرباب رؤوس الاموال الذين جمعوا ثروتهم من نهب وسلب ليس فقط الجماهير الكادحة الامريكية بل آيضا شعوب العالم بأسره. نصف الشعب الامريكي أحس بذلك على جسده لذلك في يوم الانتخابات فضل البقاء في البيت، حتى انه لم يتابعها على التلفزيون واستمر في مشاهدة برامجه الخاصة.
اختلف المرشحان حول كافة المواضيع في العالم كما شاهدنا ذلك في مناظراتهما التلفزيونية، ولكنهما اتفقا على موضوع واحد: تقديم الدعم اللامحدود لإسرائيل وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ما هي الانجازات التي حققها أوباما خلال الاربع سنوات الماضية والتي منحته مسبقا جائزة نوبل للسلام؟ هل وضع حدا للحروب التي بدأها سابقه كما وعد؟ أم استمرت وتفاقمت وها نحن نجد انفسنا نقف أمام إمكانية حروب جديدة؟ يقول البعض: يجب منح أوباما فرصة ثانية ليس فقط من أجل اصلاح النواقص من ولايته الاولى بل في الاساس للمضي قدما في "رعاية المسيرة السلمية" لأن يديه اليوم متحررة أكثر من أي ضغط انتخابي.مثل هذه الاقوال تتكرر في كل ولاية ثانية، ولكن على ارض الواقع لا شيئ يتغير، لماذا؟ لأن السياسة الامريكية في منطقتنا راسخة: العمل على تمزيق العالم العربي وتدمير ما يمكن تدميرة وغرس النزاعات التي لا تنتهي من خلال التدخل في شؤون البلدان الداخلية وكل ذلك من أجل خدمة دولة اسرائيل والحفاظ على أمنها وكأنه لا حاجة للشعوب العربية للأمن والسلام.
يظن البعض أن أوباما في ولايته الثانية سوف يقف بحزم في مواجهة نتنياهو خصوصا على ضوء دعم الاخير العلني للمرشح الجمهوري. مثل هذه الاوهام التي تدغدغ الكثيرين من رجال السياسة العرب والفلسطينيين من غير رصيد. أنا هنا أصدق نتياهو الذي قال في تهنئته لأوباما:” المعاهدة الاستراتيجية بين إسرائيل وأمريكا اليوم أقوى من أي وقت مضى".
فاز براك أوباما في الانتخابات الرئاسية كما كان متوقعا وقد يفوز نتنياهو في انتخابات الكنيست كما هو متوقع أيضا، ولكن كلاهما ليس فقط سيكونان عاجزين عن تحقيق السلام ولكنهما سيكونان قادرين على إثارة المزيد من الحروب والنزاعات. لعبة الانتخابات المبنية على الفساد والكذب والرشوات والديماغوية وتملق الجماهير لم تعد تنطلي على الشعوب التي تناضل من أجل انتزاع كافة حقوقها.

Wednesday, October 31, 2012

أسطورة التغيير من الداخل

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010132 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010116 -->
أسطورة التغيير من الداخل
علي زبيدات - سخنين
كتبت في مقال سابق أن الكنيست الصهيونية أخطر بما لا يقاس من الحكومة مهما بلغت شراستها وعنصريتها مثل الحكومة الراهنة بزعامة الثنائي نتنياهو – ليبرمان. اعود واكرر هذه الحقيقة اليوم ايضا. الحكومة ليست سوى واجهة، ليست سوى مقاول ثانوي تنفذ سياسة وقرارات وتعليمات صاحب العمل الحقيقي، ألا وهي الكنيست . الاعتداءات الاخيرة على غزة هي جزء من هذه السياسة ومن يظن انه لا علاقة بين هذه الاعتداءات والانتخابات القادمة فهو يعاني من مشكلة فهم المقروء. ولو رجعنا قليلا الى الوراء لوجدنا أن كافة الحروب التي شنتها الحكومات المختلفة جاءت اولا وقبل كل شيء كدعاية انتخابية. هل ما زال احد يذكر رجل السلام شمعون بيرس ومجزرة قانا عام ١٩٩٦؟ وبالرغم من ذلك نودي من على مآذن بعض المساجد للتصويت له ودماء اطفال قانا لم تجف بعد. وفي عام ٢٠٠١ إجتاحت جيوش براك الضفة الغربية وواصل شارون الاجتياج مرتكبا مجزرة جنين وغيرها الم تكن هذه أيضا جزءا من الدعاية الانتخابية للحزبين الكبيرين؟ وفي عام ٢٠٠٩ عندما شن رجل السلام الآخر ايهود اولمرت الحرب على غزة، ألم يكن ذلك من أجل انتخابات الكنيست محاولا وقف تدهور حزبه نتيجة الهزيمة التي مني بها في حرب لبنان ٢٠٠٦؟.
تريد الاحزاب العربية أن تقنعنا أن الهدف من دخولها للكنيست هو مواجهة المد العنصري والسياسات العدوانية انطلاقا من نظرية "التغيير من الداخل" من خلال الخطابات وتقديم الاستجوابات والتصويت ضد القرارات الحكومية. لو لم يكن هذا الامر مأساويا لكان مثيرا للضحك. في بيان الجبهة الديموقراطية الاخير مثلا جاء: أن أهم شيء هو منع نتنياهو – ليبرمان من تشكيل الحكومة القادمة. لنفرض أن الجبهة قد حققت هذا المطلب السامي فمن يا ترى سيشكل الحكومة القادمة؟ أولمرت؟ ام ليفني؟ أم براك؟ ام يحموفيتش؟ أم لبيد؟ لكي نبدأ بسرد حكاية ابريق الزيت من جديد.
كالعادة، بالنسبة للاحزاب العربية، الانتخابات القادمة هي انتخابات استثنائية تأتي في ظروف خطيرة جدا لذلك يجب حشد كافة القوى ورفع نسبة التصويت عند الجماهير العربية. أما الذين ينادون بمقاطعة انتخابات الكنيست فما هم إلا مجموعة من اللامبالين الذين يريدون اقصاء الجماهير العربية عن السياسة او من المترددين وذوي المصالح الخاصة والنزاعات الشخصية. والبعض يروج للفرية التي ما زالت تجد من يصدقها والتي تقول أن كل صوت مقاطع يذهب مباشرة للاحزاب الصهيونية. مثل هذا الكلام هو اهانة واستخفاف بنصف الجماهير العربية التي تقاطع انتخابات الكنيست والتي تزيد عن عدد المصوتين للاحزاب العربية والصهيونية مجتمعة. حتى عندما نشطب عدد اللامبالين والزعلانين والمترددين من مجموع المقاطعين تبقى الاغلبية الساحقة للذين يقولون: لن نمنح الشرعية لهذه المؤسسة العنصرية التي تستطيع أن تعيش الا من خلال سفك دماء شعبنا.
يزعم البعض أن موقف المقاطعة يلتقي مع مواقف الاحزاب اليمينية المتطرفة والتي تحاول بشتى الطرق منع الاحزاب العربية من المشاركة في انتخابات الكنيست. مثل هذه المزاعم التي تتغاضى عن المنطلقات المبدئية والايديولوجية لن يكون غريب عليها أن تتوصل الى مثل هذه النتائج العبثية. التيار المركزي في الحركة الصهيونية من يسارة مرورا بوسطه وحتى يمينه سعيد جدا بالتواجد العربي في الكنيست. تواجد هامشي حدا على الصعيد الداخلي ولكنه على غاية الاهمية على صعيد الدعاية الصهيونية الخارجية. عندما يتم الحديث في العالم الغربي عن الديموقراطية الاسرائيلية الوحيدة في الشرق الاوسط فإن الركيزة الاساسية لمثل هذا الحديث هو: انتخابات الكنيست والمشاركة العربية فيها. وأقول أكثر من ذلك: ليس فقط أن التيار الصهيوني المركزي سعيد بالتواجد العربي في الكنيست بل يشجع على زيادته ايضا، فكلما زاد عدد النواب العرب كلما كان ذلك دليلا دامغا على ديموقراطية الكيان ككل.
لنفرض جدلا أن الاحزاب العربية قد ضاعفت من قوتها في الانتخابات القادمة وأصبح لديها ٢٢ نائبا فهل يشكل ذلك ضمانا لتغيير السياسة الاسرائيلية؟ حسب رأيي ستبقى الاحزاب اعربية على الهامش كما عهدناها. فها هو حزب كديما الصهيوني مع ٢٨ نائبا وهو الحزب الاكبر قد أمضى السنوات الاربع الاخيرة هو الاخر على الهامش.
ولكن بالمقابل لنفرض جدلا أيضا أن الكنيست القادمة ستكون وللمرة الاولى منذ عام ١٩٤٩ خالية تماما من النواب العرب جراء حملة مقاطعة تحت شعار: هذا البرلمان لا يمثلنا. اترك لكل واحد منكم تصور نتائج وتداعيات مثل هذا الموقف.

Wednesday, October 24, 2012

الكنيست اخطر من الحكومة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009022 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009006
الكنيست أخطر من الحكومة
علي زبيدات – سخنين

قد يكون الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو واضع نظرية فصل السلطات من ذوي النوايا الحسنة. ففي ذلك الوقت كانت اوروبا تنتقل من العصور الوسطى حيث النظام الاقطاعي كان ساـئدا يعبر عنه حكم الملوك المطلق والنبلاء إلى عصر الرأسمالية وصعود الطبقة البرجوازية وبداية نشوء النظام الجمهوري. ولكن منذ ذلك الحين وحتى اليوم جرت مياه كثيرة في نهر السين وفي نهر العوجا (اليركون) وانقلبت الامور رأسا على عقب من باريس الى تل أبيب. فسرعان ما تبين أنه لا يوجد فصل حقيقي بين السلطات بل العكس من ذلك هو الصحيح: فالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ليس فقط انها شديدة الترابط فيما بينها بل تكمل بعضها البعض الى حد تشكيل نظام واحد منسجم.
تحاول الاحزاب العربية التي تلهث وراء انتخابات الكنيست أن تقنعنا عكس ذلك. فالحكومة هي مصدر الشر الوحيد وهي لوحدها المسوؤلة عن جرائم الاحتلال وعن سياسة التمييز والعنصرية وهي التي ترفض السلام وتثير الحروب ولا تحقق العدالة الاجتماعية وهي السبب في الازمات الاقتصادية. لذلك تؤكد هذه الاحزاب انها تعارض الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وتناضل من أجل اسقاطها. أما الكنيست فهي بريئة من كل ما ذكر. لذلك فإن مقاطعة الحكومة حلال أما مقاطعة الكنيست فهي حرام.
فإذا كانت الحكومة هي مصدر كل الجرائم فالكنيست هي أم كل الاجرام لأنها هي مصدر الحكومة. وعلى الاحزاب العربية ونوابها في الكنيست أن يراجعوا أسس كتب المدنيات التي تدرس في المدارس العربية قبل غيرها والتي توضح بشكل لا يقبل التأويل بأن الكنيست بصفتها السلطة التشريعية للدولة أهم بدرجات من السلطة التنفيذية (الحكومة) ومن السلطة القضائية (المحاكم). فالحكومة بحاجة لثقة الكنيست ليس فقط من أجل قيامها بل أيضا من أجل الموافقة على خطوطها العامة. ولأن الكنيست تستطيع أن تنزع ثقتها من الحكومة وتسقطها. بالاضافة الى ذلك فإن صلاحيات الحكومة تحددها القوانيين التي تسنها الكنيست. فقط قصير النظر يظن للوهلة الاولى بأن الحكومة هي كل شيء ولا يرى بأن الكنيست هي في الحقيقة كل شيء أو تكاد أن تكون كل شيء. ويجب ألا ننسى أيضا بأن رئيس الحكومة هو عضو كنيست ومعظم وزرائة وجميع نواب وزرائه أعضاء كنيست.
تدعي الاحزاب العربية بأن نوابها موجودين دائما في المعارضة وهم ليسوا جزءا من الائتلاف لا في الحكومة ولا في الكنيست. وقد يبدو هذا صحيحا للبعض ولكنه في حقيقة الامر أبعد ما يكون عن الصحة. ما زلنا نذكر الفترة التي شكل فيها النواب العرب درعا واقيا لحكومة رابين واعتبروا ذلك نجاحا ما بعده نجاح. ولو صح لهم أن يدخلوا الحكومة لدخلوها. ولكن هل وجودهم في المعارضة يزيل عن كاواهلهم وضمائرهم المسؤولية عن جرائم الكنيست والحكومة؟ ألا يعلمون أن الاكثرية المكلفة بتشكيل الحكومة بحاجة للمعارضة لكي تكتمل اللعبة وتسجل محليا وعالميا على أنها ديمقراطية لا غبار عليها؟ لا تخشى الاغلبية الصهيونية في الكنيست ولا تكترث أصلا بوجود عشرة نواب عرب ولا تكترث حتى لو ضاعفوا عددهم. فالاغلبية دائما مضمونة. ولا أبالغ إذا قلت أن وجود المعارضة العربية في الكنيست أهم بما لا يقاس من أوساط واسعة في الائتلاف الحكومي نفسه، إذ تستطيع الحكومة أن تقترف أفظع الجرائم وتخرج الى العالم لتقول: ها نحن دولة ديمقراطي خالصةة وأكبر دليل على ذلك وجود نواب عرب بينا في الكنيست لا يتوقفون لحظة عن شتمنا.
لنتصور للحظة واحدة فقط أن مقاطعة انتخابات الكنيست كانت شاملة وأن الجماهير الفلسطينية لم ترسل أي عضو للكنيست فكيف سوف تصبح صورة اسرائيل في العالم؟ إلى متى سنكتفي بستر عورات هذه الدولة؟
مقاطعة انتخابات الكنيست لا تعني التقوقع داخل انفسنا والاختباء داخل البيوت. فهناك شوارع كثيرة وساحات واسعة نستطيع أن نملأها.

Wednesday, October 17, 2012

برلماننا وبرلمانهم

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000009615 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000009599
برلماننا وبرلمناهم
علي زبيدات – سخنين

مبدئيا أنا ضد "النضال" البرلماني بغض النظر عن مكان وزمان هذا البرلمان وبغض النظر عن طبيعته ودوره واهدافه. حسب رأيي حتى في البرلمانات الاكثر ديموقراطية في العالم لا يعدو دور المواطن الكادح والمقموع سوى اختيار من يستغله ويقمعه حتى الانتخابات القادمة. ولكن التاريخ يعرف أيضا بعض الاستثناءات مع أن جميع هذه الاستثناءات كانت نسبية ومشروطة ومؤقتة. هذا الكلام لا يعني أبدا التقليل أو الاستخفاف بأهمية البرلمان بالنسبة للطبقات الحاكمة وللطبقات المحكومة على حد سواء. بالنسبة للطبقات الحاكمة البرلمان هو أهم هيئة تمثيلية تضمن شرعية النظام من جهة وتقدم أدوات ناجعة لاستمرار الاستغلال والاضطهاد من جهة أخرى. وبالنسبة للطبقات المحكومة البرلمان هو أكبر مصدر لتصدير الاوهام التي تصبح في حالة الادمان عليها بديلا عن التحرر الحقيقي. مما لا شك فيه أن الكنيست الاسرائيلي هو أهم وأقوى مؤسسة تمتلكها الصهيونية، فهي مؤسسة حديثة، عصرية، متطورة جدا وناجعة الى اقصى حدود النجاعة. فلولا وجود هذه المؤسسة على رأس باقي المؤسسات الصهيونية لما استمرت دولة اسرائيل في الوجود بالشكل الموجودة عليه. مقاطعة انتخابات الكنيست، التي سوف أعود لمناقشتها من كافة جوانبها مرارا في الفترة المقبلة، هي أولا وقبل كل شيء موقف سياسي لا ينفي أهميتها بالنسبة للكيان ولكنه ينفي أهميتها بالنسبة لي كفرد من الشعب الفلسطيني. المعادلة بالنسبة للشعب الفلسطيني هي بكل بساطة: شرعية الكنيست هي نفي للشرعية الفلسطينية. وكل التبريرات الاخرى لا تغير من هذه الحقيقة شيئا. يعني لو فرضنا جدلا أن هذه المؤسسة قد منحتنا كافة الحقوق المدنية والغت كافة القوانين العنصرية وحققت المساواة في الميزانيات وفرص العمل ومناطق النفوذ، وهي أصلا غير قادرة على ذلك، لسوف يبقى موقف المقاطعة هو الصحيح لأنه الموقف الوحيد القادر على تغيير معادلة الشرعية.
هنا يفسح المجال للإستثناء النسبي والمشروط الذي ذكرته آنفا. يجب معارضة الكنيست كأعلى هيئة تمثيلية تشريعية للكيان الصهيوني بالمجلس الوطني الفلسطيني كأعلى هيئة تمثيلية تشريعية توحد الشعب في الفلسطيني في كافة أماكن تواجده. ومن أجل إقصاء أي التباس أفصل ما المقصود بالشعب الفلسطيني: جميع الفلسطينيين القاطنين في المناطق المحتلة عام ١٩٤٨ والمناطق المحتلة عام ١٩٦٧ وفي باقي دول الشتات.
ولكن يا للمأساة! شتان ما بين الهيئتين. خلال عملية بحث قصيرة وجدت نفسي أقف أمام ثلاثة برلمانات فلسطينية في برلمان واحد هو في الحقيقة لا برلمان على الاطلاق. البرلمان الاول هو "المجلس الوطني الفلسطيني" الذي توقف عن العمل منذ عام ١٩٩٨ بعد أن انعقد بشكل تعسفي لتغيير ميثاقه والتوقيع على وثيقة وفاته. ولا أحد يعرف ما هو عدد أعضائه بالضبط هل هو ٧٦٥ أم هو ٣٥٠ وما هي أسماءهم ومن توفي منهم ومن لا يزال على قيد الحياة. والبرلمان الثاني الذي يحتضنه الاول هو المجلس التشريعي المنبثق عن ديمقراطية أوسلو والذي أوقف عمله تماما منذ أكثر من خمس سنوات وأعضاؤه إما في السجون أو في البيوت أو في أروقة السلطة. والبرلمان الثالث ما يسمى بالمجلس المركزي وهو من مخلفات مرحلة بائدة عندما كانت السلطة توزع محاصصة على الفصائل.
أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني قد تنبهت لهذا الجانب المأساوي وأخذت تطالب بإعادة الاعتبار للمجلس الوطني الفلسطيني كأعلى هيئة تمثيلية للشعب الفلسطيني عن طريق انتخابه من قبل أصحاب حق الاقتراع بصورة ديمقراطية أسوة بباقي البرلمانات في العالم. ولكن هذه الاوساط ما زالت تتخبط في مستنقع من النقاشات العقيمة وتتحسس طريقها في الظلام.
من السهل جدا أن نكيل المسبات والشتائم على الكنيست الصهيوني بينما نبحث عن التبريرات الواهية عندما نتكلم عن المجلس الوطني الفلسطيني. في هذا المجال نستطيع أن نتعلم الكثير من التجربة الاسرائيلية. الجماهير تبحث عن بديل ولكنها تبحث عن بديل أفضل. في الوقت الذي ينبغي علينا بذل كافة الجهود لاقناع الجماهير الفلسطينية بمقاطعة انتخابات الكنيست الصهيوني يجب علينا أن نبذل جهودا أكثر لاقناعهم بضرورة انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني كبديل للكنيست.

Wednesday, October 10, 2012

تحية من أمستردام

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000010966 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000010950
تحية من أمستردام
علي زبيدات – سخنين

علاقتي بهولندا علاقة مركبة جدا. في الماضي غير البعيد سكنت في هذا البلد حوالي ٨ سنوات. زوجتي هولندية جاءت الى فلسطين للتضامن مع شعبها ولكنها كما يبدو تضامنت أكثر من اللازم بزواجها مني وبتفضيلها العيش في سخنين على العيش في قرية غاية في الجمال بالقرب من أمستردام. رزقت بإبنتين كنت اصفهما في الماضي بأنهن نصف فلسطينيتين ونصف هولنديتين ولكن تبين فيما بعد إني كنت على خطأ. فهن فلسطينيتان كاملتان وهولنديتان كاملتان. في الحقيقة، عدت للبلاد بعد ٨ سنوات لثلاثة أسباب رئيسية: أولا، حب اوشوقا للوطن السليب والتزاما بالقضية الوطنية التي استحوذت على فؤادي وعقلي منذ الصغر. ثانيا، الطقس البارد والماطر طيلة ايام السنة تقريبا وأنا من عشاق الشمس. ثالثا، الموقف الهولندي الحكومي والشعبي المؤيد لدولة اسرائيل من غير تحفظ. الموقف الحكومي ما زال على حاله ولكن الموقف الشعبي يتغير بخطوات حثيثة نحو التأييد للحق الفلسطيني.
لم اتوقع أن أعود الى هولندا ولكن هذه المرة في زيارة خاصة. بعد أن اختارت ابنتي الزواج من شاب غزاوي علقت ما بين سخنين وغزة ولم تجد مكانا تلجأ اليه غير امستردام معتمدة هذه المرة على هويتها الهولندية. كيف ستتطور الامور مستقبلا؟ لا أحد يعرف، كل ذلك يعتمد الى حد بعيد على قوانين المواطنة الاسرائيلية. على كل حال، هذا موضوع آخر قائم بذاته يعتمد على مقدرتنا جميعا في مواجهة هذه القوانين والتغلب عليها.
أود هنا أن أشارككم بثلاثة مواقف حصلت معي في الاسبوع الاول منذ قدومي الى هذا البلد. الموقف الاول: حصل في اليوم الثاني لوصولي حينما قابلت مجموعة من الشباب الهولنديين أعرف بعضهم معرفة سطحية. سألني أحدهم: من أين أنت؟ فأجبت: من فلسطين. فعاد وسأل من أين في فلسطين؟ هل من القدس أم من رام الله أم من الخليل؟ فقلت: لا، أنا من بلد اسمها سخنين. فسأل مجددا: أين في الضفة الغربية تقع؟ فقلت: انها لا تقع بالضفة الغربية اطلاقا بل تقع في الجليل. وسأل باستغراب: ولكن الجليل هو جزء من اسرائيل وليس من فلسطين. كنت متعبا بعض الشيئ ولا اريد أن اسرد الحكاية من بدايتها. فقلت له مختصرا: تصور أن المانيا عندما احتلت هولندا في الحرب العالمية الثانية غيرت اسمها وأطلقت عليها اسما آخرا فهل هذا يعني أن هولند اقد زالت؟ فقال بالطبع لا. فقلت له هذا ما حدث عندنا: البلد كلها تسمى فلسطين والاحتلال الاسرائيلي غير اسم مساحة واسعة منها. الفرق ان الاحتلال الالماني لهولندا دام خمس سنوات بينما الاحتلال الاسرائيلي ما زال مستمرا حتى اليوم بعد ٦٤ عاما من الاحتلال. والفرق الثاني أن الاحتلال الالماني لم يرحل السكان الاصليين ولم يجلب مستوطنين المان بدلا منهم كما حدث عندنا. والفرق الثالث، أن العالم أجمع كان ضد احتلال المانيا لهولندا بينما معظم هذا العالم لا يعتبر الاحتلال الاسرائيلي احتلالا. فأنتم محظوظين.
الموقف الثاني، قالت لي ابنتي: هناك متحف أفتتح مؤخرا سوف يعجبك وسوف نزوره غدا يسمى: "متحف التعذيب". وكان بالفعل متحفا فريدا،يسرد قصة التعذيب تاريخيا على مدى عصور ويشمل عددا كبيرا من الادوات التي استعملت للتعذيب منذ القرون الوسطى مرورا بمحاكم التفتيش وحتى الثورة الفرنسية. أدوات كانت تستعملها الكنيسة لتعذيب النساء اللاتي اتهمن بممارسة السحر. أدوات استعملها الحكام والنبلاء لتعذيب المتمردين. وفي وسط المتحف ارتفعت مقصلة حقيقية ما زالت بلطتها قادرة على قطع الرأس عن الجسد بضربة واحدة. عند الخروج من المتحف قلت للعامل المسؤول: المتحف جيد ولكن لماذا لا يوجد ذكر للتعذيب في العصر الراهن حتى تكتمل الصورة؟. عليك بزيارة بعض الدول "الديمقراطية" مثل أمريكا واسرائيل وتستمع لقصص التعذيب في السجون الاسرائيلية وأبو غريب وغوانتنامو.
الموقف الثالث والاخير أكثر تفاؤلا: بعد الخروج من متحف التعذيب وعلى الطرف الآخر من القناة يوجد هناك سوق فريد من نوعه هو "سوق الورود" عشرات بل مئات الانواع من الورود والاشتال والزهور والابصال والبذور، مناظر خلابة متعددة الالوان والروائح. التمشي في هذا السوق هي متعة حقيقية ليس فقط لعشاق الورد بل لكل شخص خصوصا بالنسبة لنا القادمين من أماكن أشبه بالصحراء.