برلماننا
وبرلمناهم
علي
زبيدات – سخنين
مبدئيا
أنا ضد "النضال"
البرلماني بغض
النظر عن مكان وزمان هذا البرلمان وبغض
النظر عن طبيعته ودوره واهدافه.
حسب رأيي حتى في
البرلمانات الاكثر ديموقراطية في العالم
لا يعدو دور المواطن الكادح والمقموع سوى
اختيار من يستغله ويقمعه حتى الانتخابات
القادمة. ولكن
التاريخ يعرف أيضا بعض الاستثناءات مع
أن جميع هذه الاستثناءات كانت نسبية
ومشروطة ومؤقتة. هذا
الكلام لا يعني أبدا التقليل أو الاستخفاف
بأهمية البرلمان بالنسبة للطبقات الحاكمة
وللطبقات المحكومة على حد سواء.
بالنسبة للطبقات
الحاكمة البرلمان هو أهم هيئة تمثيلية
تضمن شرعية النظام من جهة وتقدم أدوات
ناجعة لاستمرار الاستغلال والاضطهاد من
جهة أخرى. وبالنسبة
للطبقات المحكومة البرلمان هو أكبر مصدر
لتصدير الاوهام التي تصبح في حالة الادمان
عليها بديلا عن التحرر الحقيقي.
مما لا شك فيه أن
الكنيست الاسرائيلي هو أهم وأقوى مؤسسة
تمتلكها الصهيونية، فهي مؤسسة حديثة،
عصرية، متطورة جدا وناجعة الى اقصى حدود
النجاعة. فلولا
وجود هذه المؤسسة على رأس باقي المؤسسات
الصهيونية لما استمرت دولة اسرائيل في
الوجود بالشكل الموجودة عليه.
مقاطعة انتخابات
الكنيست، التي سوف أعود لمناقشتها من
كافة جوانبها مرارا في الفترة المقبلة،
هي أولا وقبل كل شيء موقف سياسي لا ينفي
أهميتها بالنسبة للكيان ولكنه ينفي
أهميتها بالنسبة لي كفرد من الشعب
الفلسطيني. المعادلة
بالنسبة للشعب الفلسطيني هي بكل بساطة:
شرعية الكنيست هي
نفي للشرعية الفلسطينية.
وكل التبريرات
الاخرى لا تغير من هذه الحقيقة شيئا.
يعني لو فرضنا جدلا
أن هذه المؤسسة قد منحتنا كافة الحقوق
المدنية والغت كافة القوانين العنصرية
وحققت المساواة في الميزانيات وفرص العمل
ومناطق النفوذ، وهي أصلا غير قادرة على
ذلك، لسوف يبقى موقف المقاطعة هو الصحيح
لأنه الموقف الوحيد القادر على تغيير
معادلة الشرعية.
هنا
يفسح المجال للإستثناء النسبي والمشروط
الذي ذكرته آنفا. يجب
معارضة الكنيست كأعلى هيئة تمثيلية
تشريعية للكيان الصهيوني بالمجلس الوطني
الفلسطيني كأعلى هيئة تمثيلية تشريعية
توحد الشعب في الفلسطيني في كافة أماكن
تواجده. ومن
أجل إقصاء أي التباس أفصل ما المقصود
بالشعب الفلسطيني: جميع
الفلسطينيين القاطنين في المناطق المحتلة
عام ١٩٤٨ والمناطق المحتلة عام ١٩٦٧ وفي
باقي دول الشتات.
ولكن
يا للمأساة! شتان
ما بين الهيئتين. خلال
عملية بحث قصيرة وجدت نفسي أقف أمام ثلاثة
برلمانات فلسطينية في برلمان واحد هو في
الحقيقة لا برلمان على الاطلاق.
البرلمان الاول
هو "المجلس
الوطني الفلسطيني" الذي
توقف عن العمل منذ عام ١٩٩٨ بعد أن انعقد
بشكل تعسفي لتغيير ميثاقه والتوقيع على
وثيقة وفاته. ولا
أحد يعرف ما هو عدد أعضائه بالضبط هل هو
٧٦٥ أم هو ٣٥٠ وما هي أسماءهم ومن توفي
منهم ومن لا يزال على قيد الحياة.
والبرلمان الثاني
الذي يحتضنه الاول هو المجلس التشريعي
المنبثق عن ديمقراطية أوسلو والذي أوقف
عمله تماما منذ أكثر من خمس سنوات وأعضاؤه
إما في السجون أو في البيوت أو في أروقة
السلطة. والبرلمان
الثالث ما يسمى بالمجلس المركزي وهو من
مخلفات مرحلة بائدة عندما كانت السلطة
توزع محاصصة على الفصائل.
أوساط
واسعة من الشعب الفلسطيني قد تنبهت لهذا
الجانب المأساوي وأخذت تطالب بإعادة
الاعتبار للمجلس الوطني الفلسطيني كأعلى
هيئة تمثيلية للشعب الفلسطيني عن طريق
انتخابه من قبل أصحاب حق الاقتراع بصورة
ديمقراطية أسوة بباقي البرلمانات في
العالم. ولكن
هذه الاوساط ما زالت تتخبط في مستنقع من
النقاشات العقيمة وتتحسس طريقها في
الظلام.
من
السهل جدا أن نكيل المسبات والشتائم على
الكنيست الصهيوني بينما نبحث عن التبريرات
الواهية عندما نتكلم عن المجلس الوطني
الفلسطيني. في
هذا المجال نستطيع أن نتعلم الكثير من
التجربة الاسرائيلية.
الجماهير تبحث عن
بديل ولكنها تبحث عن بديل أفضل.
في الوقت الذي
ينبغي علينا بذل كافة الجهود لاقناع
الجماهير الفلسطينية بمقاطعة انتخابات
الكنيست الصهيوني يجب علينا أن نبذل جهودا
أكثر لاقناعهم بضرورة انتخاب المجلس
الوطني الفلسطيني كبديل للكنيست.
No comments:
Post a Comment