الكنيست
أخطر من الحكومة
علي
زبيدات – سخنين
قد
يكون الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو واضع
نظرية فصل السلطات من ذوي النوايا الحسنة.
ففي ذلك الوقت كانت
اوروبا تنتقل من العصور الوسطى حيث النظام
الاقطاعي كان ساـئدا يعبر عنه حكم الملوك
المطلق والنبلاء إلى عصر الرأسمالية
وصعود الطبقة البرجوازية وبداية نشوء
النظام الجمهوري. ولكن
منذ ذلك الحين وحتى اليوم جرت مياه كثيرة
في نهر السين وفي نهر العوجا (اليركون)
وانقلبت الامور
رأسا على عقب من باريس الى تل أبيب.
فسرعان ما تبين
أنه لا يوجد فصل حقيقي بين السلطات بل
العكس من ذلك هو الصحيح:
فالسلطات التشريعية
والتنفيذية والقضائية ليس فقط انها شديدة
الترابط فيما بينها بل تكمل بعضها البعض
الى حد تشكيل نظام واحد منسجم.
تحاول
الاحزاب العربية التي تلهث وراء انتخابات
الكنيست أن تقنعنا عكس ذلك.
فالحكومة هي مصدر
الشر الوحيد وهي لوحدها المسوؤلة عن
جرائم الاحتلال وعن سياسة التمييز
والعنصرية وهي التي ترفض السلام وتثير
الحروب ولا تحقق العدالة الاجتماعية وهي
السبب في الازمات الاقتصادية.
لذلك تؤكد هذه
الاحزاب انها تعارض الحكومات الاسرائيلية
المتعاقبة وتناضل من أجل اسقاطها.
أما الكنيست فهي
بريئة من كل ما ذكر. لذلك
فإن مقاطعة الحكومة حلال أما مقاطعة
الكنيست فهي حرام.
فإذا
كانت الحكومة هي مصدر كل الجرائم فالكنيست
هي أم كل الاجرام لأنها هي مصدر الحكومة.
وعلى الاحزاب
العربية ونوابها في الكنيست أن يراجعوا
أسس كتب المدنيات التي تدرس في المدارس
العربية قبل غيرها والتي توضح بشكل لا
يقبل التأويل بأن الكنيست بصفتها السلطة
التشريعية للدولة أهم بدرجات من السلطة
التنفيذية (الحكومة)
ومن السلطة القضائية
(المحاكم).
فالحكومة بحاجة
لثقة الكنيست ليس فقط من أجل قيامها بل
أيضا من أجل الموافقة على خطوطها العامة.
ولأن الكنيست
تستطيع أن تنزع ثقتها من الحكومة وتسقطها.
بالاضافة الى ذلك
فإن صلاحيات الحكومة تحددها القوانيين
التي تسنها الكنيست. فقط
قصير النظر يظن للوهلة الاولى بأن الحكومة
هي كل شيء ولا يرى بأن الكنيست هي في
الحقيقة كل شيء أو تكاد أن تكون كل شيء.
ويجب ألا ننسى أيضا
بأن رئيس الحكومة هو عضو كنيست ومعظم
وزرائة وجميع نواب وزرائه أعضاء كنيست.
تدعي
الاحزاب العربية بأن نوابها موجودين
دائما في المعارضة وهم ليسوا جزءا من
الائتلاف لا في الحكومة ولا في الكنيست.
وقد يبدو هذا صحيحا
للبعض ولكنه في حقيقة الامر أبعد ما يكون
عن الصحة. ما
زلنا نذكر الفترة التي شكل فيها النواب
العرب درعا واقيا لحكومة رابين واعتبروا
ذلك نجاحا ما بعده نجاح.
ولو صح لهم أن
يدخلوا الحكومة لدخلوها.
ولكن هل وجودهم في
المعارضة يزيل عن كاواهلهم وضمائرهم
المسؤولية عن جرائم الكنيست والحكومة؟
ألا يعلمون أن الاكثرية المكلفة بتشكيل
الحكومة بحاجة للمعارضة لكي تكتمل اللعبة
وتسجل محليا وعالميا على أنها ديمقراطية
لا غبار عليها؟ لا تخشى الاغلبية الصهيونية
في الكنيست ولا تكترث أصلا بوجود عشرة
نواب عرب ولا تكترث حتى لو ضاعفوا عددهم.
فالاغلبية دائما
مضمونة. ولا
أبالغ إذا قلت أن وجود المعارضة العربية
في الكنيست أهم بما لا يقاس من أوساط واسعة
في الائتلاف الحكومي نفسه، إذ تستطيع
الحكومة أن تقترف أفظع الجرائم وتخرج الى
العالم لتقول: ها
نحن دولة ديمقراطي خالصةة وأكبر دليل على
ذلك وجود نواب عرب بينا في الكنيست لا
يتوقفون لحظة عن شتمنا.
لنتصور
للحظة واحدة فقط أن مقاطعة انتخابات
الكنيست كانت شاملة وأن الجماهير الفلسطينية
لم ترسل أي عضو للكنيست فكيف سوف تصبح
صورة اسرائيل في العالم؟ إلى متى سنكتفي
بستر عورات هذه الدولة؟
مقاطعة
انتخابات الكنيست لا تعني التقوقع داخل
انفسنا والاختباء داخل البيوت.
فهناك شوارع كثيرة
وساحات واسعة نستطيع أن نملأها.
No comments:
Post a Comment