Friday, August 26, 2011

1948 Tents versus 2011 Tents

August 10, 2011.
Ali Zbidat
1948 Tents versus 2011 Tents

I was asked about my stance on the Israeli protest movement that has been taking place for over two weeks, and the effect of the so-called Arab Spring on these protests, and most importantly: what the role of Palestinians living in the colonial state of Israel should be in these protests. Should they join these protests and tents and adopt the same demands? Should they erect their own tents and make demands relative to the Palestinian cause? Or should they quit, stand aside, and say: These protests don’t concern us at all?
Ultimately, the main theme of the Israeli protests, taken from the Arab Spring movement, and tweaked, is: “The people demand social justice!” This slogan summarizes the essence of previous, current and future Israeli protests. First: when they define “people”, we, the Palestinians, find our selves not only outside of this definition, but in the category of “enemy of the people”. Second, what does social justice mean when the entire state, from its inception, has survived on social oppression embodied in colonizing the land of Palestine and displacing its people.
Hence, I came to a definite non-negotiable answer: Any struggle in the State of Israel is necessarily a reactionary struggle as long as it opposes and ignores the struggle for natural rights for indigenous Palestinian people, including the liberation of the land and the return of the refugees.

In summary, The Israeli protest movement is reactionary regardless of its demands and our attempt to give ideological excuses/explanations to it, as some parties are trying. The demands of young couples, university students, doctors, and others can not be progressive demands if they ignore the demands of the indigenous people and instead race to steal their land and destroy any person opposing them.
The aim of these protests is to improve the situation of the colonizers/occupiers while our job is to hold them accountable. Is it my job, as a homeless Palestinian refugee, to make certain that my occupier can live a nice life and acquire a bigger and cheaper apartment on my land? Let this occupier go to hell and wander homeless on the streets. What do the inhabitants of these new, clean, colorful, tents in Tel Aviv, Haifa and Jerusalem think of the black Palestinian tents that filled the area in 1948? Do they recognize their responsibility to these tents? Anyone who wants to live in a comfortable apartment at reasonable price cannot ignore these questions!
Social demands cannot be separated from political demands, especially in this country.
I am not, nor will I fall into the Zionist traps. I am not claiming that the Israeli society does not suffer from class struggles, nor am I someone who is narrow-minded by my nationalist ideals. I do not believe that the “Jewish nation” is an exceptional case because I simply do not believe in the existence of a Jewish nation outside of the sick imagination of some racist Zionists. We have enough meaningless bickering between the Israeli Communist Party and the BALAD party (party that represents Palestinian), which is just as Israeli as the Communist Party.
What I have said above does not lessen the significance of the Israeli protest. In actuality, a positive and important consequence of these events is the truth that came out about our local leadership and political parties. In spite of our continuous empty talks about housing problems, lack of building permissions and land confiscations, our leadership was too cowardly to take initiative and waited two weeks into the Israeli protest movement to join, fearing we wouldn’t be welcomed among the various Israeli protest groups.
Another reason for the importance of the protest movement is its expression of the crisis of the Israeli state locally, and the rising crisis with capitalist systems worldwide.

Finally, these protesters, united, from the right and left, liberals and conservatives, will find themselves faced with a question that will continue to follow them as they attempt to escape it: Will the State of Israel give them any solutions? Or will they discover that the State is in fact their real problem?

Wednesday, August 24, 2011

من الذي انتصر في ليبيا؟ الشعب الليبي أم حلف الناتو؟

من الذي انتصر في ليبيا؟ الشعب الليبي أم حلف الناتو؟
علي زبيدات – سخنين

سقط نظام حسني مبارك في يوم الجمعة 11 فبراير 2011 وعمت الفرحة معظم شوارع العالم العربي. وبالرغم من انتقاداتي السابقة واللاحقة على مجرى الثورة وخصوصا على ضرورة استمراريتها، تعميقها والسير بها حتى النهاية إلا أن الحدث حسب رأيي كان يستحق الاحتفال في كل بيت عربي وشارع. على جناح السرعة، قررت المبادرة بالاتصال بجميع فنانينا الملتزمين وتنظيم مهرجان احتفالي في سخنين بمناسبة انتصار الثورة المصرية ومن قبلها الثورة التونسية. بالرغم من ضيق الوقت ومن التجاوب المتواضع للفنانين، والتجاوب المتواضع من الجماهير إلا أن المهرجان قام في يوم الأحد 13 فبراير أي بعد يومين فقط من انتصار الثورة وكانت الفنانة الملتزمة سلام أبو آمنة على رأس المحتفلين. قلت من على المنصة وأنا تحت تأثير الحماس الشديد الذي وصل إلى حد الهستيريا، خصوصا وأن رياح الثورة أخذت تهب على بلدان عربية أخرى: هذا هو الاحتفال الأول وسوف نحتفل هنا بانتصار كل ثورة عربية، في اليمن وليبيا والبحرين وسوريا والأردن والمغرب وفلسطين.
منذ ذلك التاريخ لم تنتصر أي ثورة عربية، ما عدا "ثورة" ليبيا. وها أنا أنكث بوعدي. لم استطع الاحتفال بل لم استطع حتى الفرح بسقوط صنم عربي آخر. لقد استحوذت علي الشكوك: هل ما حدث في ليبيا كان ثورة أصلا؟ هل نال الشعب الليبي حريته؟ أم أن كل ما هنالك أنه فاز باستعمار جديد؟ كيف يمكن الاحتفال أو حتى الفرح إلى جانب نيقولاي ساركوزي، سلفيو برلسكوني، ديفيد كاميرون وحمد بن خليفة آل ثاني؟ وهل المحتفلون في بنغازي وطرابلس يمثلون حقا الشعب الليبي؟ إذا كان الأمر كذلك فلا بد من مراجعة كل ما آمنت به وناضلت من أجله حتى ألان.
أولا: يجب أن أغير رأيي وموقفي من حلف الناتو. فهو ليس حلفا امبرياليا قام من أجل ما يسميه هو: مقاومة الخطر الشيوعي وحماية أعضائه الذين ينتمون إلى"العالم الحر" من هذا الخطر. وقام بشن الحرب الباردة التي تحولت إلى حرب ساخنة في العديد من الدول النامية: كوريا، فيتنام، لاوس، كمبوديا، كوبا، تشيلي وغيرها. وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي، بدأ يبحث عن عدو جديد فوجده في العالم الإسلامي والعربي فشن حرب إبادة في أفغانستان والعراق ووقف إلى جانب دولة إسرائيل في جميع حروبها. بل هو حلف يناصر الشعوب المظلومة ويدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وثانيا: يجب تقديم اعتذاري إلى كل من كرزاي والجلبي والمالكي وعلاوي والسنيورة والحريري وعباس وفياض الذين اتهمتهم بالعمالة أو التواطؤ مع الامبريالية بينما هم أبطال وطنيون على غرار زميلهم في ليبيا مصطفى عبد الجليل.
ثالثا: يجب أن أسحب كل ما قلته عن جامعة الدول العربية: عن عجزها وفسادها وأن أكف عن التطاول على بعض الأنظمة العربية ونعتها بالرجعية فها هي وقفت إلى جانب "الثورة" الليبية وخصوصا دول الخليج والسعودية وقرار الجامعة العربية الذي شكل الغطاء اللازم لحلف الناتو من أجل التدخل العسكري. حمد بن خليفة آل ثاني هو تشي جيفارا الشرق بعد وقفته المشرفة إلى جانب "الكتائب الأممية" في العراق والبحرين وليبيا. يا لسخرية الأقدار!
عند كتابة هذه السطور كان مصير القذافي الشخصي ما زال مجهولا. إلا أن مصير نظامه كان قد حسم قبل ذلك بعدة أشهر أي بعد قرار جامعة الدول العربية بتفويض مجلس الأمن فرض حظر الجوي على ليبيا لحماية المدنيين وبعد قرار مجلس الأمن تنفيذ هذه "الحماية" من خلال غارات حلف الناتو الجوية، وكأنه لا يوجد مدنيين في المناطق التي تعرضت لهذه الغارات. لقد شن حلف الناتو بناء على تصريحاته هو أكثر من 7500 غارة جوية، فلماذا لم تقم قناة الجزيرة والعربية بتغطية هذه الغارات خصوصا تلك التي استهدفت المدنيين وأوقعت ضحايا لن نعرف عددها أبدا بينما كانت تعيد بث صور غارات كتائب القذافي التي استهدفت المدنيين مهما كانت ضئيلة عشرات بل مئات المرات؟
لا أدافع عن نظام القذافي ولا أتباكى على سقوطه. فقد كتبت عن ضرورة إسقاطه عندما كان المحتفلون اليوم يحجون إليه وينادونه بملك الملوك ورئيس الرؤساء. لكن للحقيقة وللتاريخ لم يكن القذافي أسوأ من باقي الحكام العرب الذين يتم السكوت عن جرائمهم. هل الملوك والرؤساء العرب من محمد السادس في المغرب مرورا بعبد الله الثاني في الأردن وحتى ملك السعودية وباقي أمراء الخليج أفضل من القذافي؟ فلماذا لا يقوم حلف الناتو إذا كانت مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان العربي تهمه إلى هذه الدرجة بتخليصنا منهم؟.
تمتلئ صفحة الفيسبوك بالتهاني من قبل المنافقين "الوطنيين" قبل غيرهم ومن قبل الحريصين على حقوق الإنسان بسقوط الطاغية وبهذا النصر العظيم الذي حققه الشعب الليبي! بدون أن ينبسوا ببنت شفة حول عودة الاستعمار إلى هذا البلد إلى سابق عهده.
ما حدث في ليبيا لا يمت للثورة بصلة. إنه صراع على السلطة بين نخب قبائلية متناحرة. القيادة في المجلس الوطني الانتقالي كانوا إلى فترة بسيطة مضت من أركان نظام القذافي وشاركوه عشرات السنين بجرائمه. سوف يتغير من يقف على رأس النظام ولكن النظام نفسه باق، ولكن هذه المرة سوف يكون أكثر خضوعا للنظام الامبريالي العالمي.
لقد أعدم عمر المختار من قبل المستعمر الايطالي مرة واحدة. ولكنه يعدم كل يوم من قبل الطرفين المتصارعين الذين يقترفون جرائمهم باسمه. دعوا عمر المختار يستريح في قبره، لا تقلقوا راحته الأبدية. فروح عمر المختار سوف تلاحقكم حتى انتصار الثورة الحقيقية.

Wednesday, August 17, 2011

سوريا: هل هي ثورة أم مؤامرة؟

سوريا: هل هي ثورة أم مؤامرة؟
علي زبيدات - سخنين

كلما كثرت المعلومات التي تردنا عما يجري في سوريا كلما ابتعدت وضاعت الحقيقة. إننا نقف أمام فيض بالمعلومات تغرقنا فيها قناة الجزيرة والعربية وال BBC الانجليزية وال CNN الأمريكية و France 24 باللغة العربية وعشرات القنوات الفضائية والمواقع العنكبوتية والصحف. كل هذا الفيض والأراضي السورية مغلقة في وجه وسائل الإعلام هذه فكيف تكون حالة هذا الكم الهائل من المعلومات لو كانت الحدود السورية مفتوحة أمامها؟ أي "شاهد عيان" يظهر على شاشة الجزيرة عبر الهاتف هو شاهد زور وأي منهم هو شاهد حقيقي؟ أي مقطع فيديو تم تركيبه أو العبث به أو منتجته عن طريق الفوتو شوب وأي مقطع يصور بصدق ما يجرى على أرض الواقع؟.
لا أريد أن أكرر نفسي فقد كتبت في هذا الموضوع سابقا. تطورات الأحداث لم تزعزع إيماني بما قلت بل بالعكس فقد زاد هذا الإيمان رسوخا.
وضعت أمامي مقياسين لتقييم حركات الاحتجاج العربية والتي يسميها البعض بشكل جارف بالثورات العربية، الاول: مدى جذرية التحولات الاجتماعية والسياسية التي تطرحها هذه الحركات منذ اندلاعها وخلال الصراع ومدى تحقيق هذه التحولات في البلدان التي انتصرت فيها (تونس ومصر). الثاني: مدى مقاومة نظام العولمة الرأسمالي ورفض هيمنته ومقاومته.
يشكل هذان المقياسان بالنسبة لي، وأرجو أن يكون كذلك بالنسبة للآخرين أيضا، نوعا من البوصلة تشير إلى الاتجاه الصحيح وتحذر من الانحراف. في الحقيقة كانت انجازات حركات الاحتجاج العربية، وأنا لا أجرؤ على تسمية جميعها بالثورات لأن ذلك سيكون تجنيا على مفهوم الثورة، في كلا المجالين متواضعة جدا في الأماكن التي سقط فيها النظام (مصر وتونس) أما في الأماكن التي لم يسقط فيها النظام بعد (ليبيا، اليمن، البحرين، سوريا) وفي باقي الأماكن التي لم يصل فيها الصراع إلى حد الانفجار فالوضع أسوأ بما لا يقاس.
في تونس ومصر على سبيل المثال، وهنا لا أتردد أبدا أن أطلق اسم الثورة على التحولات التي حصلت فيها من حيث المد الجماهيري والمشاركة الشعبية التي أسفرت عن إسقاط النظام. ولكن أين التحولات الاجتماعية والسياسية التي حصلت؟ لم أسمع مثلاعن إعادة تقسيم عادل لثروات البلد. لم أسمع عن تأميم بنوك أو شركات احتكارية أو إعادة توزيع أراض أو لجم تغول رأس المال المحلي المدعوم عالميا. في مصر مثلا لم يستطيعوا حتى التخلص من صفقة بيع الغاز لإسرائيل بالرغم من اتفاق الجميع على إجحافها. وأين رفض الهيمنة الامبريالية؟ ولا كلمة، بل على العكس يحاول النظامين الجديدين في كل من تونس ومصر الحفاظ على العلاقات الحميمة مع النظام الامبريالي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ومع الاتحاد الأوروبي. الوضع أسوأ بما لا يقاس في ليبيا حيث قام المعارضون بإرجاع القوى الامبريالية متمثلة بحلف الناتو إلى البلد الذي قدم آلاف الشهداء للتحرر من نيرها. انك بحاجة لخيال مريض حتى تسمي قيادة المعارضين الليبيين بالثوار، هذا بغض النظر عن طبيعة النظام القائم.
لنعود إلى الوضع في سوريا والذي يهمنا أضعاف ما يهمنا الوضع في ليبيا أو في أي قطر عربي آخر. ليس فقط لأن سوريا قريبة علينا جغرافيا ولها دور خاص تجاه القضية الفلسطينية، بل لأننا كفلسطينيين نشكل جزءا لا يتجزأ من بلاد الشام ومن شعبها بالرغم من حالة التمزق التي فرضتها علينا معاهدة سايكس – بيكو وبالرغم من النزاعات الإقليمية لبعض الطبقات الحاكمة. هل ما يجري في سوريا هو مؤامرة دولية – إقليمية – محلية لإسقاط نظام الممانعة خدمة لدولة إسرائيل؟ أم هي ثورة شعبية ضد نظام قمعي فاسد؟ مما لا شك فيه أنه يوجد هناك مؤامرة تستهدف سوريا ودورها في النزاع العربي – الإسرائيلي وإلا كيف يمكن أن نفهم تكالب أمريكا وأوروبا والرجعية العربية لمحاصرة وإسقاط النظام السوري؟ هل يمكن أن نقف إلى جانب الاستبداد في قطر والسعودية والى جانب تيار المستقبل اللبناني ونصدق أن دورهم هو حرصا على الشعب السوري ودفاعا عن حريته ورخائه؟ هل يمكن أن نطمر رؤوسنا بالرمل ولا نرى التحركات الإسرائيلية المخابراتية لاختراق كل بلد عربي؟ ولكن، ومن جهة أخرى، هل ينفي هذا استبدادية وفساد النظام السوري؟ كلا طبعا. إذن، الوضع في غاية التعقيد ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبسيطه. وهنا لا بد من العودة إلى البوصلة التي تكلمت عنها سابقا. ما يقلقني هنا هو انجراف قوى المعارضة السورية في العموميات. الاقتصار على الشعارات العامة حول إسقاط النظام الاستبدادي واستبداله بنظام ديمقراطي لم تعد كافية. خصوصا وأن الديمقراطية على الطريقة الأمريكية عليها علامات استفهام كبيرة. حتى ألان لم أسمع عن أية معارضة سورية تطرح برنامجا اجتماعيا سياسيا تقدميا وتدعو الجماهير لتبنيه والنضال من أجله. والاهم من ذلك لم أسمع عن تصريحات من أية جهة معارضة تدعو إلى مقاومة الهيمنة امبريالية وكل أشكال التدخل الأجنبي. بالمقابل توجد هناك أوساط معينة من المعارضة السورية ترتمي في أحضان الامبريالية الغربية ومنها من قابل وزيرة الخارجية الأمريكية مؤخرا. هنا لا تكفي التصريحات العامة برفض التدخل العسكري الأجنبي بل يجب فضح ورفض مثل هذا التدخل بجميع أشكاله. حتى تستحق حركات الاحتجاج السورية اسم ثورة يجب أن تطرح برنامجا اجتماعيا سياسيا جذريا وتقدميا وأن تعبر عن مدى رفضها ومقاومتها للهيمنة الامبريالية. أقول ذلك وأنا أضع ما آلت إليه الثورة الفلسطينية (ثورة مجازا) نصب عيني: إذ كيف يمكن اعتبارها ثورة وهي تدور في فلك الامبريالية والصهيونية؟ كيف يمكن اعتبارها ثورة وهي غارقة من رأسها إلى أخمص قدميها بالفساد؟
انتهى نظام البعث السوري تاريخيا ولكن هل نريد احمد جلبي، كرزاي، عباس، حريري آخر؟؟

Wednesday, August 10, 2011

خيمة 1948 مقابل خيمة 2011


خيمة 1948 مقابل خيمة 2011
علي زبيدات – سخنين

سئلت عن موقفي من حركة الاحتجاج الإسرائيلية التي تجتاح البلاد منذ أكثر من أسبوعين وعن تأثير ما يسمى بالربيع العربي على هذه الاحتجاجات، وأخيرا وليس آخرا وربما كان السؤال الأهم: ما هو دور الجماهير الفلسطينية في هذه البلاد؟ هل ينبغي أن تنضم إلى هذه الاحتجاجات وتلقي بثقلها في خيام الاعتصام وتتبنى مطالبها؟ أم عليها أن تقيم خيامها الخاصة وتطالب بتحقيق مطالبها الخاصة؟ أم عليها أن تعتزل وتقف وقفة المتفرج وتقول: هذه الاحتجاجات لا تعنينا لا من قريب ولا من بعيد. وهناك العديد من التساؤلات الأخرى المتفرعة عن ذلك.
لنبدأ من النهاية: شعار حركة الاحتجاج الإسرائيلية الرئيسي، المستمد، مع التحريف طبعا، من حركات الاحتجاج العربية هو: " الشعب يريد عدالة اجتماعية الآن". هذا الشعار يلخص جوهر الاحتجاجات الإسرائيلية السابقة والراهنة والقادمة أيضا. أولا: عندما يعرفون الشعب، فنحن الفلسطينيون نجد أنفسنا ليس فقط خارج تعريفهم بل نجد أنفسنا في خانة "أعداء الشعب". وثانيا ما معنى عدالة اجتماعية والدولة بأسرها تقوم منذ يومها الأول على الظلم الاجتماعي الذي يجسده اغتصاب أرض فلسطين وتشريد أهلها.
من هنا جاء جوابي النهائي المسبق الذي لا يقبل أي نقاش وهو: أن كل نضال في دولة إسرائيل هو بالضرورة ومن حيث التعريف نضال رجعي ما دام يتعارض أو يتجاهل النضال من أجل إعادة الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني كاملة والتي تتلخص في تحرير الأرض وعودة اللاجئين.
باختصار: حركة الاحتجاج الإسرائيلية هي حركة رجعية في جوهرها مهما كانت مطالبها ومهما حاولنا إضفاء التبريرات الإيديولوجية عليها كما تفعل بعض الأحزاب. مطالب الأزواج الشابة، طلاب الجامعات، الأطباء وغيرهم لا يمكن أن تكون مطالب تقدمية إذا كانت تتنكر لحقوق أصحاب الأرض وتتسابق في هضمها وقمع كل من يطالب بها. هذه النضالات جاءت في أحسن الحالات لكي تحسن من ظروف المغتصبين الحياتية بينما مهمتنا هي معاقبة المغتصبين. هل من مهمتي، أنا الفلسطيني اللاجئ المشرد، أن ينعم مغتصبي بحياة رغدة وينال شقة سكنية أوسع على أرضي وبأسعار رخيصة؟ ليذهب هذا المغتصب إلى الجحيم وليتشرد في الشوارع. ما هو رأي سكان الخيام الجديدة والنظيفة والملونة في تل أبيب والقدس وحيفا وباقي المدن الإسرائيلية بالخيام الفلسطينية السوداء التي ملأت المنطقة في عام 1948؟ هل يعترفون بمسؤوليتهم عن تلك الخيام؟ من يريد أن يحصل على شقة مريحة ومن يريد أن يستأجر شقة بسعر معقول في هذه البلاد لا يمكنه أبدا أن يهرب أو يتهرب من مواجهة هذا السؤال.
لا يمكن فصل المطالب الاجتماعية عن المطالب السياسية خصوصا في هذه البلاد مهما حاول عصام مخول وأيمن عودة وعودة بشارات وغيرهم ابتذال الشيوعية كنظرية نقدية كبرى وتحويلها إلى نظرية ليبرالية مبتذلة تقود إلى ممارسات أشد ابتذالا. لا يهمني إذا صرح مخول بأنه يفتخر بانتمائه إلى الشعب الإسرائيلي أو لم يصرح، كما لا يهمني كثيرا ماذا تقوله وثيقة السادس من حزيران 1980. فهو "جزء حي وفاعل ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني" حسب الوثيقة وهو في الوقت نفسه "جزء حي وفاعل ونشيط من الشعب الإسرائيلي" فأين التناقض؟ هل يوجد تناقض؟ لا يوجد تناقض. أنصح الرفيق مخول وباقي الرفاق أن يحضروا المسرحية الكوميدية "خادم لسيدين".
لست من الواقعين في فخ الحركة الصهيونية. ولا أقول بأن المجتمع الإسرائيلي يخلو من الصراعات الطبقية. ولست ممن "يؤدلجون ضيق الأفق القومي" ولا أؤمن بأن "الشعب اليهودي" حالة استثنائية مميزة لأني وبكل بساطة لا أؤمن بوجود "شعب يهودي" أصلا إلا داخل المخيلة المريضة لبعض العنصريين الصهاينة. لقد سئمنا من المناكفة العقيمة بين الحزب الشيوعي الإسرائيلي والتجمع الوطني الديمقراطي (مع وبدون هلالين) الذي لا يقل إسرائيلية عن الحزب الشيوعي.
ما قلته سابقا لا يقلل من أهمية الحركة الاحتجاج الإسرائيلية. ولعل أكثر مساهمة ايجابية قدمتها لنا هي أنها عرت قيادتنا المحلية من أحزاب سياسية ولجنة متابعة مرة أخرى. فبالرغم من كلامنا الغزير ولكن الفارغ عن ضائقتنا السكنية وهدم البيوت وعدم الترخيص ومناطق النفوذ وغيرها إلا أن هذه القيادة جبنت من تأخذ زمام المبادرة بيدها وتعمل شيئا، وفقط بعد مرور أكثر من أسبوعين قررت وبشكل خجول ركوب الموجة ويدها على قلبها: هل سيتم الترحيب بها أم أو لفظها.
هذه الحركة مهمة أيضا لأنها تعبر عن أزمة الدولة ككل، بل عن أزمة النظام الرأسمالي العالمي بأسره. في نهاية المطاف سوف يجد هؤلاء المحتجون، الموحدون بيمينهم ويسارهم، بليبرالييهم وعنصريهم، أنفسهم يقفون أمام السؤال الذي يلاحقهم ويهربون منه: هل دولة إسرائيل ستقدم لهم الحلول؟ أم أنهم سيكتشفون أن هذه الدولة هي مشكلتهم الحقيقية؟

Wednesday, August 03, 2011

المجاعات والموت هي صناعات رأسمالية

المجاعات والموت هي صناعات رأسمالية
علي زبيدات – سخنين

الصور التي تبثها الفضائيات يوميا عن المجاعة في القرن الأفريقي فظيعة ومحزنة ولكنها ليست فقط كذلك، إنها مثيرة للسخط والغضب في الوقت نفسه. مظاهر الأطفال الذين يشبهون الهياكل العظمية في فلم رعب أمريكي، الشيوخ والنساء ومظاهر الفقر المدقع والبؤس والجوع، أنها جميعها أمور لا تصدق، إنها وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء. ولكنها أولا وقبل كل شيء جريمة مروعة. وككل جريمة يوجد هناك مجرم اقترفها يجب فضحه، إلقاء القبض عليه، تقديمه إلى المحاكمة ومعاقبته عقابا صارما يتناسب مع هول الجريمة.
كالعادة، الفضائيات ومن ورائها مما يسمى بالمجتمع الدولي والمؤسسات "الإنسانية" التي يرعاها النظام الرأسمالي السائد تبرئ المجرم الحقيقي وتبحث عن عوامل ثانوية لكي تحملها مسؤولية هذه الجرائم. تقول لنا هذه الفضائيات ومن يمولها ويقف وراءها: أن المسئول عن المجاعة في القرن الإفريقي هو الجفاف الذي يضرب تلك المنطقة. ومن يستطيع أن يكذب الصور التي تجسد هذا الجفاف؟ إلا أن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. طبعا يوجد هناك جفاف، وهذا الجفاف يلعب دورا مهما في تفشي المجاعات ولكن من هنا وحتى تحميل الجفاف جريمة هذه المجاعات المسافة طويلة.
أولا وقبل كل شيء الجفاف نفسه كجزء من ظاهرة التحولات المناخية التي تشهدها كرتنا الأرضية المسئول الأول عنه هو النظام الرأسمالي العالمي المهيمن، وهذا باعتراف الدول الصناعية المتطورة نفسها. ثانيا، لماذا هذا العجز في مواجهة الجفاف؟ أثيوبيا مثلا هي خزان عالمي للمياه وأراضيها تشمل المنابع الأساسية لنهر النيل الذي يمر فيه 115 مليار كوب سنويا، فكيف لا يوجد هناك سياسة لتزويد جنوبها الذي يضربه الجفاف بشكل دائم بالمياه الضرورية؟ أوغندا وكينيا وحتى الصومال التي تقع في مركز الجفاف والمجاعة لديها ما يكفي من المياه لمواجهة الجفاف والتغلب عليه. إذن يوجد هناك عامل آخر هو المسئول عن هذه الجرائم البشعة. منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة: الفاو تذكر بالإضافة إلى الجفاف غلاء الأسعار والنزاعات العسكرية الداخلية كأسباب لتفشي المجاعة. فمثلا أسعار الذرة وباقي الحبوب في هذه المنطقة ارتفعت في الثلاث سنوات الأخيرة بنسبة تتراوح بين 60-120%. أما النزاعات المسلحة فحدث فيها بلا حرج. في الصومال لا يوجد حكومة معترف بها منذ سنوات. الكل هناك يطلق النار على الكل. وعدد قطع الأسلحة بين أيدي الناس يزيد عن عدد الأرغفة. والوضع ليس أحسن بكثير في باقي دول القرن الأفريقي الأخرى. ولكن الفاو وباقي المؤسسات التابعة للأمم المتحدة مرة أخرى تتستر على المجرم الحقيقي وتحاول تبرئته من خلال الدعوة للإسراع بإرسال المساعدات الغذائية. لا تقول الفاو مثلا من هو المسئول عن غلاء أسعار السلع الأساسية وما هي علاقة هذا الغلاء بالأزمة الاقتصادية التي عصفت مؤخرا بالدول الرأسمالية المتطورة. ولا تقول شيئا حول من يشعل نار النزاعات الداخلية المسلحة ومن الذي يزود الأطراف المتنازعة بالسلاح. الجواب واضح: النظام الرأسمالي العالمي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تفعل ذلك. ولكن الوضع أخطر من ذلك بكثير. دول القرن الأفريقي ليست دولا فقيرة فهي غنية بالمواد الخام من معادن مختلفة منها اليورانيوم والغاز الطبيعي ومؤخرا تم اكتشاف حقول نفط واسعة في الصومال، هذا بالإضافة إلى الأراضي الخصبة التي لا تكفي لإطعام السكان المحليين فحسب بل ولتصدير الفائض أيضا. أين ذهبت هذه الثروات؟ بكل بساطة يتم سلبها من قبل الشركات الرأسمالية العالمية. لم أصدق عيني عندما قرأت أن هذه الشركات تحتكر حقولا واسعة في أثيوبيا وكينيا لزراعة الزهور التي تصدر إلى أوروبا بدلا من أن تكون مزروعة بالذرة والقمح. بينما يتلقى العامل في هذه المزارع أجرا يوميا لا يزيد عن 50 سنت.
4 ملايين صومالي مهددون بالموت جوعا. 14 مليون أفريقي في القرن الأفريقي مهددون بالموت جوعا. مليار إنسان في شتى أرجاء العالم يعانون من سوء التغذية. إذن، النظام الرأسمالي العالمي هو القاتل، هو المجرم الحقيقي، هو المسئول ليس عن المجاعات فحسب بل وعن الجفاف وغلاء المعيشة والحروب المتواصلة أيضا. ولا يغرنكم ذر الرماد في العيون على شكل هبات ومساعدات وقروض يقدمها هذا النظام القاتل.
نحن، سكان هذه المنطقة من العالم، نعرف هذه الحقيقة جيدا من واقع قطاع غزة. قطاع غزة ليس فقيرا كما يصوره البعض. وهو يستطيع سد احتياجات سكانه بكاملها وحتى تصدير العديد من السلع إلى الخارج. النظام الرأسمالي من تل أبيب إلى واشنطن مرورا بباريس ولندن هو الذي يخنق ويفرض الفقر على قطاع غزة. غزة ليست بحاجة إلى هبات الدول المانحة وليست بحاجة إلى الملايين التي ما زالت حبرا على ورق والتي خصصها أمراء النفط كذبا وبهتانا لإعادة إعمارها. إنها بحاجة إلى أمر واحد فقط: ارفعوا أيديكم القذرة عن قطاع غزة وهو سيعمر نفسه والآخرين أيضا.
في هذا الشهر، شهر رمضان تزداد المواعظ ضد البذخ والتبذير، وأنا شخصيا لست من المتحمسين للمواعظ، فالبذخ مستمر والتبذير مستمر بل ويزداد أيضا والطوابير أمام حوانيت الحلويات والمواد الغذائية والمطاعم الفاخرة تزداد طولا. وبدل أن يصرح أحد زعامات الحركة الإسلامية في البلاد أمام آلاف المستمعين أنه سوف يرسل المساعدات الإنسانية للصومال ننصحه أن يبدأ بإرسال هذه المساعدات إلى غزة وهي الأقرب. ولكن أولا يجب البدء بمحاربة البذخ والتبذير والاختصار من الإفطارات الجماعية المبالغ فيها والإعلان عن حملة لنصرة غزة يتم تنفيذها في عيد الفطر.