Wednesday, April 24, 2013

ضد الثقافة والمثقفين

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011026 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011010
ضد الثقافة والمثقفين
علي زبيدات – سخنين

كثر الكلام في الآونة الاخيرة عن الثقافة وعن ضرورة تطويرها وتفعيلها لكي تأخذ دورها الطبيعي في التغيير المجتمعي ولكي تخلصنا من حالة الركود السياسي والاجتماعي الجاثم على صدورنا منذ عقود طويلة. كما كثر الكلام عن دور المثقفين أو على الاصح عن غياب دور المثقفين في عملية التغيير التي تجتاح المنطقة وخصوصا غياب دورهم القيادي أو حتى الارشادي في بلدان ثورات الربيع العربي. وكلما قرأت أكثر في هذا الموضوع كلما ازدادت قناعتي بأن الثقافة المقترحة أسوأ من انعدام الثقافة وغياب دور المثقف أمر محمود ومن المفضل أن يبقى ينظر في برجه العاجي.
لست هنا بصدد تعريف الثقافة أو بصدد الكلام عن اهميتها ودورها بالنسبة لشعب يناضل من أجل عودته وحريته، فقد أسهب بعض الكتاب"المثقفين" مشكورين في ذلك من خلال سرد مقتبسات من ادوارد سعيد ونوعام تشومسكي وانطونيو غرامشي وفوكو وغيرهم. لا ادري على وجه التحديد لماذا شعرت انه كلما كثرت الاقتباسات عن الثقافة كلما تقلصت الثقافة وتلاشت من أمامي. وتذكرت على التو قول لينين:"المثقفون أقدر الناس على ارتكاب الخيانة لانهم اقدر الناس على تبريرها". طبعا السياق هنا ليس ارتكاب الخيانة من أي نوع كانت ولكن السياق هو قدرتهم على التلاعب بالمصطلحات وتزييف المصطلحات.
مثلا يقول احد المثقف المعتبرين: من أخطر المصطلحات في الحركات الثورية هي "الثوابت" و"الاجماع" اذ كيف يمكن ذلك في عالم متحرك وغير ثابت وفي عالم يشجع التعددية الفكرية؟ تبرير منطقي ومفحم اليس كذلك؟ ماذا افعل أنا الذي كنت دائما وما زلت انتقد الحركات الثورية وخصوصا الفلسطينية منها لأنها لا تتمسك ب"الثوابت" هذا اذا كان لديها ثوابت اصلا، واذا تمسكت بثوابت فبشكل لفظي وخارجي، هل اصبح متهما بالجمود العقائدي؟ التفكير الميكانيكي بعكس التفكير الجدلي يضع "الثوابت" في تناقض تام مع التغيير، مع انها في الحقيقة تجسد محصلة التغيرات في مرحلة معينة. فاذا كانت العودة من ثوابت الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة ذلك لانها جاءت بسبب التحولات التي طرأت عليه في عام النكبة وما تلاه. وهي لن تبقى من "الثوابت" بعد التحرير. وصحيح انه لا يوجد هناك "اجماع" مطلق ولكن هذا لا يعني الا تطمح الحركات الوطنية بتحقيق اجماع نسبي يتلاءم مع متطلبات المرحلة. وهذا الاجماع النسبي بدوره قابل للتغيير على الدوام.
دور المثقف الملتزم وطنيا، وكما يسميه غرامشي بالمثقف العضوي ليس التحرر من قيود"الثوابت" والتمرد على "الاجماع" بل المساهمة في صنع ثوابت متينة على اسس وطنية تقدمية و انسانية واخلاقية تنسجم مع ضرورات المرحلة التي يمر بها الشعب والطموح الى اجماع نسبي يضمن السير قدما بنضال الشعب حتى تحقيق اهدافه.
نعم، يجب على المثقف الثوري الملتزم الا يقبل بوجود بقرات مقدسة حتى وان كانت تسمى ثوابت، ولكن هذا لا يعني أن يقبل بوجود بقرات هزيلة وسقيمة. المثقف الثوري الملتزم بقضايا شعبه لا يقبل الاشياء مسلمة وعليه ان يضع كل شيء امام المحك العملي ولكن في الوقت نفسه عليه أن يعلم بأنه لا يملك اجوبة نهائية في أية مسألة وعليه أن يتعلم التعايش مع الاخرين رغم الاختلاف في الرأي.
مع كل الاحترام لجميع المفكرين المثقفين الذين تم ذكرهم آنفا من غرامشي وحتى ادوارد سعيد وتشومسكي ولكن يجب وضع وفهم مساهماتهم حول الثقافة والمثقفين في سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي. طبعا على المثقف الحقيقي أن ينتقد وأن يتحدى السلطة والقوة المسيطرة في مجتمعه وفي بلده وفي العالم وعلى كافة الاصعدة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يوجد في عالمنا العربي مثقفون حقيقيون؟ ينتقدون ويتحدون خارج صوامعهم؟
المأساة أن ثقافتنا المهيمنة هي ثقافة الهزائم والنكسات المتكررة والتخلف الاجتماعي المتراكم ومعظم مثقفينا إما ممن ساهموا في صنع هذه الثقافة المهزومة وإما أبناء واحفاد مخلصين لها. في الحقيقة، لا اري بارقة أمل في التحركات "الثقافية" الاخيرة والدعوة الى ضرورة اقامة منتدى فكري خصوصا وان المبادرين الى ذلك هم من بين الذين اتحفونا قبل سنوات بالتصورات المستقبلية والوثائق التطبيعية والذين يريدون تحديد علاقتنا بالدولة من خلال اقناعنا بأن "ليس كل ما هو اسرائيلي رديئا وكل ما هو ضد اسرائيل جيدا". وهذه هي الخطوة الاولى على طريق قبول الهيمنة الاسرائيلية على ثقافتنا كوسيلة لإبقائنا رعايا في ظل الدولة الصهيونية. نعم لثقافة وطنية تقدمية ثورية انسانية ولتسقط باقي الثقافات.

Wednesday, April 17, 2013

ماذا جرى ليوم الاسير الفلسطيني؟

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000007735 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000007719
ماذا جرى ليوم الاسير الفلسطيني؟
علي زبيدات – سخنين

كتبت هذه السطور صباح يوم الاربعاء ١٧ نيسان وهو، كما أعلم وكما يعلمه مثلي الكثيرون ، يوافق يوم الاسير الفلسطيني الذي طالما أحييناه بالمهرجانات والنشاطات الهادفة الاخرى وأقل ما يمكن اصدار بيان في هذه المناسبة يحيي ويتضامن مع الحركة الاسيرة في السجون الاسرائيلية. قبل أن امسك بالقلم واشرع بالكتابة ابحرت في الشبكة العنكبوتية طولا وعرضا، توقفت عند معظم المواقع الاخبارية المحلية ووضعت في خانة البحث كافة اللجان التي تعني بشوون الاسرى لعلي اجد خبرا عن مسيرة او اعتصام او مهرجان او حتى بيان في هذه المناسبة فلم أجد شيئا. النشاطات الوحيدة التي قرأت عنها عبارة عن بعض الاعتصامات والمسيرات في بعض الاماكن في الضفة الغربية معظمها تحت رعاية وزارة الاسرى وهي حسب رأيي اقل بكثير من المطلوب في هذه المناسبة وفي هذه السنة بالذات. في ظل الاضرابات الاسطورية التي خضاها الاسرى في السنة الاخيرة والتي ما زال بعضها مستمرا حتى اليوم وعلى رأسها الاضراب الذي يخوضة سامر العيساوي منذ تسعة اشهر، وفي ظل استشهاد عرفات جرادات وميسرة ابو حمدية مؤخرا بسبب التعذيب والاهمال الطبي وفي ظل تدهور اوضاع الاسرى في كافة المجالات وعلى جميع الاصعدة وفي ظل العنجهية الاسرائيلية وضربها كافة القيم الانسانية بعرض الحائط كنت اتوقع أن تكون هذه السنة سنة الاسير الفلسطيني بامتياز والتي تتوج في هذا اليوم بالذات، يوم الاسير الفلسطيني بهبة جماهيرية ورسمية تخترق التعنت الاسرائيلي والتواطؤ العالمي والصمت العربي. ولكن وللأسف الشديد شيئ من هذا لم يحدث وفي أغلب الظن لن يحدث في المستقبل المنظور.
الاسرى بعد الشهداء هم الذين يحملون شعلة القضية الفلسطينية ويبقونها حية. تصوروا انه لا يوجد هناك اسرى فلسطينيون بالآلاف من شيوخ وشباب واطفال ونساء يملؤون السجون الاسرائيلية فمن كان يدري انه ثمة هناك قضية شعب مشرد يناضل من اجل حريته واستقلاله؟ هل المفاوضات العبثية في شكلها الاخير المستمرة مع بعض التفطع منذ عشرين سنة؟ ام قرارت جامعة الدول العربية التطبيعية في جوهرها ومع ذلك تبقى حبرا على ورق؟ ام القرارات الدولية من الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وحتى كافة اللجان التي تتغنى بحقوق الانسان ولكنها تصمت صمت اهل القبور عندما تصطدم بدولة اسرائيل وتبدأ بالتأتأة عندما تتكلم عن حقوق الاسير الفلسطيني؟
يضحي الاسرى بأغلى سنوات حياتهم خلف القضبان. يتعرضون يوميا للاهمال الطبي والتفتيش المذل والعزل الانفرادي والاعتقال الاداري ومنع زيارات الاهل ومنع التعليم الجامعي واشكال اخرى لا تعد ولا تحصي من المضايقات. وبالمقابل تقوم مؤسساتنا الرسمية من أعلى سلطة الى اصغرها في احسن الحالات بالاستنكار والادانة والتضامن الكلامي الذي لا يجدي فتيلا ولكنها في معظم الاحيان تلوذ بالصمت واللامبالاة. اين وصلت الادعاءات بجعل قضية الاسرى قضية عالمية وايصالها الى كافة المؤسسات الدولية ومن ضمنها المحكمة الجنائية الدولية؟ بل اين وصلت الادعاءات بجعل قضية الاسرى قضية مركزية على الصعيد المحلي والعربي؟ لا يضيركم بشيء أن تتعلموا من دولة اسرائيل كيف جعلت لسنوات من قضية جندي واحد أسير هو جلعاد شاليط ليس فقط قضية اسرائيلية من الدرجة الاولى بل وقضية عالمية مركزية ايضا. في الاونة الاخيرة كثرت الفتاوي الصادرة عن بعض من يسمون انفسهم بعلماء المسلمين والتي تتيح وتشرع قتل مسلمين آخرين الا يوجد في جعبتكم مكان لفتوى واحدة تنصر الاسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الاسرائيلية؟
لقد جاء يوم الاسير الفلسطيني الاول في اعقاب تحرير الاسير الفلسطيني الاول عام ١٩٧٤ في أول عملية تبادل للأسرى. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم كانت عمليات تبادل الاسرى هي الطريق الوحيدة للحرية. وسوف تبقى كذلك مستقبلا وما دام الصراع مستمرا.

Wednesday, April 10, 2013

من يوم الارض إلى يوم النكبة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012120 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012104
من يوم الارض الى يوم النكبة
علي زبيدات – سخنين

بعد اسبوعين من احياء ذكرى يوم الارض تقف جماهير شعبنا على اعتاب احياء ذكرى اخرى لا تقل من حيث اهميتها، إن لم تكن تزيد، عن ذكرى يوم الارض ألا وهي ذكرى النكبة. فاذا كان يوم الارض قد اصبح رمزا يرمزا لتشبثنا بما تبقى لنا من ارض ولرفضنا سياسة المصادرة والتهويد الصهيونية ويعبر عن حقنا في النضال من اجب استعادة ما سلب من ارض، فان يوم النكبة يرمز الى رفضنا ضياع الوطن ككل وتشريد الشعب ويعبر عن حقنا بالعودة الى قرانا ومدننا المهجرة وتحرير وطننا من الاحتلال الاستيطاني الصهيوني. كتبت في حينه بصدد يوم الارض إن اشد ما يثير القلق هو تحول هذا اليوم من يوم نضالي دفاعا عن الارض الى يوم احتفالي روتيني يقتصر على النضال الكلامي الذي لا يضمن استعادة أو منع مصادرة شبرا واحدا من الارض، وهذ الشيء نفسه اشد ما يثير القلق بالنسبة لذكرى النكبة ايضا.
وكما انه لا يكفي أن نصرخ باعلى صوتنا يوما واحدا في السنة مطالبين باستعادة ما تمت مصادرته من ارض أو توسيع مناطق نفوذ قرانا لكي يتم تحقيق ذلك بالفعل، كذلك لا يكفي أن نصرخ باعلى صوتنا عن تمسكنا بحق العودة المقدس ورفضنا التنازل عنه مهما كان الثمن واستنكارنا لكل من يفرط بهذا الحق لكي نجسد حق العودة على ارض الواقع. وكما اصبح برنامج يوم الارض معروفا مسبقا: مسيرة، خطابات، طوشات. هكذا اصبح برنامج ذكرى النكبة أيضا معروفا مسبقا: مسيرة (نسميها مجازا مسيرة العودة)، خطابات وطوشات. الشيء الوحيد الجديد في هذا البرنامج هو نقله كل سنة من مكان إلى آخر، من قرية مهجرة إلى اخرى. والسؤال العبثي الذي يتبادر للذهن هو: هل نحن بحاجة الى ٥٣٠ سنة للعودة على عدد القرى المهجرة؟
يوم الارض، كما يوم النكبة، ما زال يجذب الآلاف من أبناء شعبنا وخصوصا من جيل الشباب مما يبقي شعلة الامل ملتهبة. إن دل ذلك على شيء فإنه يدل على ان شعبنا يملك قوة كامنة قادرة لو تفجرت بالشكل الصحيح ليس للدفاع عن الارض فحسب بل ولصنع العودة ايضا. نلمس هذا الامر كل سنة وبشكل متزايد فمن خلال المشاركة الشبابية في مسيرة يوم الارض ومسيرة العودة. حسب رأيي المشكلة تكمن في موقع آخر وعلى وجه التحديد في القيادة وصانعي القرار. وفي حالتنا هذه الاحزاب السياسية ولجنة المتابعة. ليس سرا أن لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين التي تنظم مسيرة العودة تفكر بعقلية لجنة المتابعة وتخضع لكافة معاييرها. ولكي لا افهم خطأ أنا لست ضد مسيرة مركزية في هذه المناسبة ومشاركة أكبر عدد ممكن من جماهيرنا، ولست ضد زيارة القرى المهجزة في هذا اليوم ، فهذه القرى يجب أن تزار ويتم التواصل بها طوال ايام السنة، أنا فقط ضد قولبة الذكرى وجعلها مناسبة روتينية مملة تقتل الروح الحماسية والابداعية خصوصا عند جيل الشباب. في الماضي كنت قد تقدمت، وعلى ما أظن لم أكن الوحيد، باقتراحات جديدة مثل تنظيم عودة فعلية الى قرية مهجرة يتم حشد كافة الطاقات الشعبية لانجاحها تستمر لأكثر من يوم، والان يوجد لدينا تجربة قرية باب الشمس. طبعا ستكون جرافات الدولة جاهزة لهدم الخيم والكرفانات، ومن يظن أن الدولة ستقول لنا: انتم على حق وقد عانيتم كثيرا فتفضلوا بالعودة فهو واهم. لكن آن الاوان لكي نخطو خطوة اخرى الى الامام، من الكلام عن حق العودة الى العمل من أجل العودة نفسها.
قد يكون "شعار يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا" صحيحا تاريخيا وعاطفيا ولكنه يبقي نضالنا في حدود رد الفعل وهذا بحد ذاته لا يساهم في صنع العودة الفعلية. انا شخصيا كنت افضل أن يكون العمل المركزي في الخامس عشر من أيار، وهوالتاريخ المتعارف عليه دوليا لاقامة الكيان الصهيوني، وذلك لاتاحة الفرصة امام جميع ابناء شعبنا الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ولجميع القوى العالمية المتضامنة مع شعبنا المشاركة في هذا النشاط في وقت متزامن. نستطيع مثلا ان نعلن في يوم استقلالهم العبري يوم حداد وطني ويوم الخامس عشر من أيار يوم هبة وطنية.
بالمناسبة، تحتفل دولة اسرائيل بيوم استقلالها بالتزامن مع ما تسميه "ذكرى الكارثة والبطولة" الامر الذي يتحاشى الكتاب العرب والفلسطينيون عادة الخوض فيه. اولا، وقبل كل شيء، من العار عن يقبل العالم ان تنصب دولة اسرائيل نفسها الوريث الشرعي لضحايا النازية من يهود أوروبا مع انه من المعروف ان موقف الحركة الصهيونية كان يتراوح بين اللامبالاة والتعاون مع النازية. دموع التماسيح التي ذرفها قادة اسرائيل، وخصوصا من قبل رئيس الحكومة ورئيس الدولة ، لا تستطيع طمس هذه الحقيقة. فقبل شن الهجوم على منكري الكارثة اليهودية لينظروا إلى انفسهم كيف ينكرون الكارثة الفلسطينية، أم ان تهجير اكثر من نصف الشعب الفلسطيني وسلب وطنه لا تعد كارثة؟ هذا بالاضافة للمتاجرة الفاضحة بالكارثة اليهودية نفسها التي جعلت من الطبقة الحاكمة فاحشة الغنى بينما يتضور الناجون الفعليون من المحرقة النازية من الجوع. حسب الاحصائيات الرسمية يعيش ثلث هؤلاء الناجين تحت خط الفقر. أين ذهبت كل أموال التعويضات؟. تصل وقاحة رئيس الحكومة الى حد اتهام العالم بأن كراهية العالم لليهود لم تختف ولكنها تحولت الى كراهية لدولة اسرائيل، وكأنه لا يوجد هناك ما يبرر الكراهية لهذه الدولة العنصرية والعدوانية. ويصل به الغرور الى حد التصريح بأنه يلتزم بعدم حدوث كارثة ثانية لليهود بينما تشكل سياسته اكبر خطر لكارثة تهدد ليس فقط اليهود بل كافة شعوب العالم.
ان نضال الشعب الفلسطيني من اجل العودة والتحرير ليس فقط لا يشكل كارثة لليهود بل هو الضمان الوحيد لانقاذهم من الكارثة التي تقودهم اليها هذه الدولة التي تدعي انها دولتهم.

Wednesday, April 03, 2013

يوم الارض من سخنين إلى الشام

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011994 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011978
يوم الارض من سخنين إلى الشام
علي زبيدات – سخنين
انتهت مسيرة يوم الارض المركزية في سخنين هذا العام، كما كان متوقعا، بطوشة عمومية. لكن هذه المرة ليست بين الاحزاب المتنافسة والمكبوتة مسبقا بقرار لجنة المتابعة بحذر الاعلام الحزبية والاكتفاء برفع العلم الفلسطيني الذي من المفروض أن يوحد كافة الاحزاب. بل بين مجموعة تطلق على نفسها "اللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا" قام افراد منها بالاعتداء على مراسل الجزيرة الصحفي الياس كرام والطاقم المرافق له. الطوشة العمومية في تراثنا الشعبي تبدأ عادة بمجموعة صغيرة من الاشخاص لسبب تافة ولكن سرعان ما تجذب اليها العديد من الناس الذين لا يعرفون عادة ماذا جرى بالضبط ويكونوا متفرجين أكثر من كونهم مشاركين. وتنتهي الطوشة كما بدأت يرافقها فيض من الاستنكارات والادانات والتبريرات. هذا بالتقريب ما حدث في نهاية مسيرة يوم الارض. هذه النهاية كانت متوقعة لمن راقب وواكب هذه المسيرة منذ البداية. التزمت الاحزاب السياسية بقرار لجنة المتابعة بعدم رفع الاعلام الحزبية وهو حسب رأيي قرار خاطىء فالاعلام المتنوعة تعطي زخما ورونقا للمسيرة وتفتح مجالا للتنافس بين الاحزاب وبقليل من الوعي ليس من الضرورة أن تضر هذه الاعلام بوحدة المسيرة بل بالعكس قدتكون عاملا موحدا. ولكن قد يكون قرار لجنة المتابعة قرارا صائبا نظرا لضيق أفق الاحزاب وتعصبها وغياب الوعي السياسي كما تؤكده تجارب الماضي. الفئة الوحيدة التي لم تلتزم بقرار لجنة المتابعة هذا كانت المجموعة المسماة "اللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا" التي جاءت رافعة العلم السوري بدلا من الفلسطيني. في هذه الحالة لم يكن رفع العلم السوري من قبل هذه المحموعة يختلف عن رفع اى حزب لعلمه الخاص. ومع ذلك لم يطلب احد من المنظمين من هذه المجموعة الالتزام بالقرار إما من باب التواطؤ وإما من باب الخوف واللامبالاة. وخلال المسيرة كانت هتافات هذه المجموعة لا تمت بصلة ليوم الارض وكأن المسيرة قد نظمت منذ البداية للدفاع عن النظام السوري. وهكذا كان الاعتداء على الصحفي الياس كرام وكأنه هو الذي يقود المؤامرة الكونية على سوريا. ومما زاد الطين بلة أن الزعامة التي تواجدت حينذاك على المنصة كانت مشغولة في سماع خطاباتها، بعد ان انفض المتواجدون من حولها وتحولوا لمشاهدة تطورات الطوشة، ولم تحرك ساكنا لفض النزاع وهو في أوله.
تكاثرت الاستنكارات المنددة باللاعتداء على الياس كرام والتي كانت حسب رأيي في معظمها من باب رفع العتب. وانا هنا لست بصدد اضافة استنكار آخر لهذا الاعتداء. موقفي من قناة الجزيرة كبوق لسياسة مشيخة قطر ومن خلفها السياسة الامريكية – الصهيونية كنت قد عبرت عنه منذ زمن بعيد، وانا اقاطع هذه القناة منذ اكثر من سنة تماما كما اقاطع القنوات الاسرائيلية. ولا اشعر بأني في حاجة لمشاهدة الجزيرة والقنوات التي على شاكلتها من أجل التواصل مع الاحداث. ما حدث في مسيرة يوم الارض فتح جرحا قديما بعض الشيء دفعني للتراجع عن قرار كنت قد اتخدته بعدم الكتابة عن الوضع في سوريا. ليس لان ما يحدث هناك لا يهمني بل على العكس لانه يهمني فوق ما اتصور وفوق ما ستطيع تحمله الى درجة يفوق اهتمامي بما يجري في فلسطين نفسها.
ما يحدث في سوريا لا يمكن حصره في مصطلح واحد: فهو مأساة وكارثة ومصيبة وجريمة في آن واحد. قلت في السابق ها أنا اكرر: كل سلاح في سوريا، بغض النظر عن حامله ، ولا يكون موجها الى الجولان المحتل وفلسطين المحتلة فهو سلاح آثم. للاسف الشديد السلاح في سوريا موجه فقط الى صدور السوريين. من لا يموت برصاص الجماعات التكفيرية باسم الدين يموت تحت قذائف النظام السوري باسم القومية والممانعة. يجرى الصراع في سوريا على السلطة السياسية. وفي هذا الصراع الدموي كل الوسائل مشروعة. النظام السوري كباقي الانظمة العربية اقام قوة عسكرية لا يستهان بها ليس من أجل تحرير الجولان المحتل او فلسطين المحتلة أو حتى للدفاع عن سوريا من اعدائها الخارجيين بل من أجل غاية واحدة وحيدة الا وهي الدفاع عن نفسه. من اجل ذلك تم اختزال الشعب بالنظام، والنظام بالحزب، والحزب بشخص الرئيس. سوف يدافع النظام عن نفسه حتى الرمق الاخير حتى لو تم تدمير سوريا عن بكرة ابيها. بالمقابل الحركات التي تسمي نفسها جهادية والمدعومة من الخارج وخاصة من قبل السعودية ودول الخليج مستعدة ان تحرق سوريا برمتها في طريقها الى السلطة. المصيبة ان كل ذلك يجري باسم الشعب السوري وتحت شعار "الدفاع عن سوريا". كل طرف يلبس قناعه: الجهاد، الحرية، الديمقراطية، الممانعة، القومية. ولكن عندما تسقط الاقنعة تظهر بشاعة الوجوه على حقيقتها.
يبدو الامر كئيبا ومحبطا. وهو كذلك. ولكن من صلب هذه الكآبة الحالكة ومن احشاء هذا الاحباط الرهيب لا بد وأن تتفجر ينابيع الامل. فالشعب السوري لن يبقى رهينة بين عصابات النظام والمعارضة الى الابد. واشتداد الازمة إلى حد لا يطاق لا يعني الا قرب الخلاص. سوريا لن تموت ولن تدمر كما ان فلسطين لن تموت ولن تدمر، مهما تكالبت قوى الظلام لقتلها وتدميرها. فلسطين هي جنوب بلاد الشام وبلاد الشام هي شمال فلسطين. وستبقى ارض فلسطين تعانق ارض سوريا وتسطران قصة عشق ابدية.