من
يوم الارض الى يوم النكبة
علي
زبيدات – سخنين
بعد
اسبوعين من احياء ذكرى يوم الارض تقف
جماهير شعبنا على اعتاب احياء ذكرى اخرى
لا تقل من حيث اهميتها، إن لم تكن تزيد،
عن ذكرى يوم الارض ألا وهي ذكرى النكبة.
فاذا كان يوم الارض
قد اصبح رمزا يرمزا لتشبثنا بما تبقى لنا
من ارض ولرفضنا سياسة المصادرة والتهويد
الصهيونية ويعبر عن حقنا في النضال من
اجب استعادة ما سلب من ارض، فان يوم النكبة
يرمز الى رفضنا ضياع الوطن ككل وتشريد
الشعب ويعبر عن حقنا بالعودة الى قرانا
ومدننا المهجرة وتحرير وطننا من الاحتلال
الاستيطاني الصهيوني.
كتبت في حينه بصدد
يوم الارض إن اشد ما يثير القلق هو تحول
هذا اليوم من يوم نضالي دفاعا عن الارض
الى يوم احتفالي روتيني يقتصر على النضال
الكلامي الذي لا يضمن استعادة أو منع
مصادرة شبرا واحدا من الارض، وهذ الشيء
نفسه اشد ما يثير القلق بالنسبة لذكرى
النكبة ايضا.
وكما
انه لا يكفي أن نصرخ باعلى صوتنا يوما
واحدا في السنة مطالبين باستعادة ما تمت
مصادرته من ارض أو توسيع مناطق نفوذ قرانا
لكي يتم تحقيق ذلك بالفعل، كذلك لا يكفي
أن نصرخ باعلى صوتنا عن تمسكنا بحق العودة
المقدس ورفضنا التنازل عنه مهما كان الثمن
واستنكارنا لكل من يفرط بهذا الحق لكي
نجسد حق العودة على ارض الواقع.
وكما اصبح برنامج
يوم الارض معروفا مسبقا:
مسيرة، خطابات،
طوشات. هكذا
اصبح برنامج ذكرى النكبة أيضا معروفا
مسبقا: مسيرة
(نسميها
مجازا مسيرة العودة)،
خطابات وطوشات. الشيء
الوحيد الجديد في هذا البرنامج هو نقله
كل سنة من مكان إلى آخر، من قرية مهجرة
إلى اخرى. والسؤال
العبثي الذي يتبادر للذهن هو:
هل نحن بحاجة الى
٥٣٠ سنة للعودة على عدد القرى المهجرة؟
يوم
الارض، كما يوم النكبة، ما زال يجذب الآلاف
من أبناء شعبنا وخصوصا من جيل الشباب مما
يبقي شعلة الامل ملتهبة.
إن دل ذلك على شيء
فإنه يدل على ان شعبنا يملك قوة كامنة
قادرة لو تفجرت بالشكل الصحيح ليس للدفاع
عن الارض فحسب بل ولصنع العودة ايضا.
نلمس هذا الامر كل
سنة وبشكل متزايد فمن خلال المشاركة
الشبابية في مسيرة يوم الارض ومسيرة
العودة. حسب
رأيي المشكلة تكمن في موقع آخر وعلى وجه
التحديد في القيادة وصانعي القرار.
وفي حالتنا هذه
الاحزاب السياسية ولجنة المتابعة.
ليس سرا أن لجنة
الدفاع عن حقوق المهجرين التي تنظم مسيرة
العودة تفكر بعقلية لجنة المتابعة وتخضع
لكافة معاييرها. ولكي
لا افهم خطأ أنا لست ضد مسيرة مركزية في
هذه المناسبة ومشاركة أكبر عدد ممكن من
جماهيرنا، ولست ضد زيارة القرى المهجزة
في هذا اليوم ، فهذه القرى يجب أن تزار
ويتم التواصل بها طوال ايام السنة، أنا
فقط ضد قولبة الذكرى وجعلها مناسبة روتينية
مملة تقتل الروح الحماسية والابداعية
خصوصا عند جيل الشباب. في
الماضي كنت قد تقدمت، وعلى ما أظن لم أكن
الوحيد، باقتراحات جديدة مثل تنظيم عودة
فعلية الى قرية مهجرة يتم حشد كافة الطاقات
الشعبية لانجاحها تستمر لأكثر من يوم،
والان يوجد لدينا تجربة قرية باب الشمس.
طبعا ستكون جرافات
الدولة جاهزة لهدم الخيم والكرفانات،
ومن يظن أن الدولة ستقول لنا:
انتم على حق وقد
عانيتم كثيرا فتفضلوا بالعودة فهو واهم.
لكن آن الاوان لكي
نخطو خطوة اخرى الى الامام، من الكلام
عن حق العودة الى العمل من أجل العودة
نفسها.
قد
يكون "شعار
يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا"
صحيحا تاريخيا
وعاطفيا ولكنه يبقي نضالنا في حدود رد
الفعل وهذا بحد ذاته لا يساهم في صنع
العودة الفعلية. انا
شخصيا كنت افضل أن يكون العمل المركزي في
الخامس عشر من أيار، وهوالتاريخ المتعارف
عليه دوليا لاقامة الكيان الصهيوني، وذلك
لاتاحة الفرصة امام جميع ابناء شعبنا
الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ولجميع
القوى العالمية المتضامنة مع شعبنا
المشاركة في هذا النشاط في وقت متزامن.
نستطيع مثلا ان
نعلن في يوم استقلالهم العبري يوم حداد
وطني ويوم الخامس عشر من أيار يوم هبة
وطنية.
بالمناسبة،
تحتفل دولة اسرائيل بيوم استقلالها
بالتزامن مع ما تسميه "ذكرى
الكارثة والبطولة"
الامر الذي يتحاشى
الكتاب العرب والفلسطينيون عادة الخوض
فيه. اولا،
وقبل كل شيء، من العار عن يقبل العالم ان
تنصب دولة اسرائيل نفسها الوريث الشرعي
لضحايا النازية من يهود أوروبا مع انه من
المعروف ان موقف الحركة الصهيونية كان
يتراوح بين اللامبالاة والتعاون مع
النازية. دموع
التماسيح التي ذرفها قادة اسرائيل، وخصوصا
من قبل رئيس الحكومة ورئيس الدولة ، لا
تستطيع طمس هذه الحقيقة.
فقبل شن الهجوم
على منكري الكارثة اليهودية لينظروا إلى
انفسهم كيف ينكرون الكارثة الفلسطينية،
أم ان تهجير اكثر من نصف الشعب الفلسطيني
وسلب وطنه لا تعد كارثة؟ هذا بالاضافة
للمتاجرة الفاضحة بالكارثة اليهودية
نفسها التي جعلت من الطبقة الحاكمة فاحشة
الغنى بينما يتضور الناجون الفعليون من
المحرقة النازية من الجوع.
حسب الاحصائيات
الرسمية يعيش ثلث هؤلاء الناجين تحت خط
الفقر. أين
ذهبت كل أموال التعويضات؟.
تصل وقاحة رئيس
الحكومة الى حد اتهام العالم بأن كراهية
العالم لليهود لم تختف ولكنها تحولت الى
كراهية لدولة اسرائيل، وكأنه لا يوجد
هناك ما يبرر الكراهية لهذه الدولة
العنصرية والعدوانية.
ويصل به الغرور
الى حد التصريح بأنه يلتزم بعدم حدوث
كارثة ثانية لليهود بينما تشكل سياسته
اكبر خطر لكارثة تهدد ليس فقط اليهود بل
كافة شعوب العالم.
ان
نضال الشعب الفلسطيني من اجل العودة
والتحرير ليس فقط لا يشكل كارثة لليهود
بل هو الضمان الوحيد لانقاذهم من الكارثة
التي تقودهم اليها هذه الدولة التي تدعي
انها دولتهم.
No comments:
Post a Comment