Wednesday, April 03, 2013

يوم الارض من سخنين إلى الشام

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000011994 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000011978
يوم الارض من سخنين إلى الشام
علي زبيدات – سخنين
انتهت مسيرة يوم الارض المركزية في سخنين هذا العام، كما كان متوقعا، بطوشة عمومية. لكن هذه المرة ليست بين الاحزاب المتنافسة والمكبوتة مسبقا بقرار لجنة المتابعة بحذر الاعلام الحزبية والاكتفاء برفع العلم الفلسطيني الذي من المفروض أن يوحد كافة الاحزاب. بل بين مجموعة تطلق على نفسها "اللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا" قام افراد منها بالاعتداء على مراسل الجزيرة الصحفي الياس كرام والطاقم المرافق له. الطوشة العمومية في تراثنا الشعبي تبدأ عادة بمجموعة صغيرة من الاشخاص لسبب تافة ولكن سرعان ما تجذب اليها العديد من الناس الذين لا يعرفون عادة ماذا جرى بالضبط ويكونوا متفرجين أكثر من كونهم مشاركين. وتنتهي الطوشة كما بدأت يرافقها فيض من الاستنكارات والادانات والتبريرات. هذا بالتقريب ما حدث في نهاية مسيرة يوم الارض. هذه النهاية كانت متوقعة لمن راقب وواكب هذه المسيرة منذ البداية. التزمت الاحزاب السياسية بقرار لجنة المتابعة بعدم رفع الاعلام الحزبية وهو حسب رأيي قرار خاطىء فالاعلام المتنوعة تعطي زخما ورونقا للمسيرة وتفتح مجالا للتنافس بين الاحزاب وبقليل من الوعي ليس من الضرورة أن تضر هذه الاعلام بوحدة المسيرة بل بالعكس قدتكون عاملا موحدا. ولكن قد يكون قرار لجنة المتابعة قرارا صائبا نظرا لضيق أفق الاحزاب وتعصبها وغياب الوعي السياسي كما تؤكده تجارب الماضي. الفئة الوحيدة التي لم تلتزم بقرار لجنة المتابعة هذا كانت المجموعة المسماة "اللجنة الشعبية للدفاع عن سوريا" التي جاءت رافعة العلم السوري بدلا من الفلسطيني. في هذه الحالة لم يكن رفع العلم السوري من قبل هذه المحموعة يختلف عن رفع اى حزب لعلمه الخاص. ومع ذلك لم يطلب احد من المنظمين من هذه المجموعة الالتزام بالقرار إما من باب التواطؤ وإما من باب الخوف واللامبالاة. وخلال المسيرة كانت هتافات هذه المجموعة لا تمت بصلة ليوم الارض وكأن المسيرة قد نظمت منذ البداية للدفاع عن النظام السوري. وهكذا كان الاعتداء على الصحفي الياس كرام وكأنه هو الذي يقود المؤامرة الكونية على سوريا. ومما زاد الطين بلة أن الزعامة التي تواجدت حينذاك على المنصة كانت مشغولة في سماع خطاباتها، بعد ان انفض المتواجدون من حولها وتحولوا لمشاهدة تطورات الطوشة، ولم تحرك ساكنا لفض النزاع وهو في أوله.
تكاثرت الاستنكارات المنددة باللاعتداء على الياس كرام والتي كانت حسب رأيي في معظمها من باب رفع العتب. وانا هنا لست بصدد اضافة استنكار آخر لهذا الاعتداء. موقفي من قناة الجزيرة كبوق لسياسة مشيخة قطر ومن خلفها السياسة الامريكية – الصهيونية كنت قد عبرت عنه منذ زمن بعيد، وانا اقاطع هذه القناة منذ اكثر من سنة تماما كما اقاطع القنوات الاسرائيلية. ولا اشعر بأني في حاجة لمشاهدة الجزيرة والقنوات التي على شاكلتها من أجل التواصل مع الاحداث. ما حدث في مسيرة يوم الارض فتح جرحا قديما بعض الشيء دفعني للتراجع عن قرار كنت قد اتخدته بعدم الكتابة عن الوضع في سوريا. ليس لان ما يحدث هناك لا يهمني بل على العكس لانه يهمني فوق ما اتصور وفوق ما ستطيع تحمله الى درجة يفوق اهتمامي بما يجري في فلسطين نفسها.
ما يحدث في سوريا لا يمكن حصره في مصطلح واحد: فهو مأساة وكارثة ومصيبة وجريمة في آن واحد. قلت في السابق ها أنا اكرر: كل سلاح في سوريا، بغض النظر عن حامله ، ولا يكون موجها الى الجولان المحتل وفلسطين المحتلة فهو سلاح آثم. للاسف الشديد السلاح في سوريا موجه فقط الى صدور السوريين. من لا يموت برصاص الجماعات التكفيرية باسم الدين يموت تحت قذائف النظام السوري باسم القومية والممانعة. يجرى الصراع في سوريا على السلطة السياسية. وفي هذا الصراع الدموي كل الوسائل مشروعة. النظام السوري كباقي الانظمة العربية اقام قوة عسكرية لا يستهان بها ليس من أجل تحرير الجولان المحتل او فلسطين المحتلة أو حتى للدفاع عن سوريا من اعدائها الخارجيين بل من أجل غاية واحدة وحيدة الا وهي الدفاع عن نفسه. من اجل ذلك تم اختزال الشعب بالنظام، والنظام بالحزب، والحزب بشخص الرئيس. سوف يدافع النظام عن نفسه حتى الرمق الاخير حتى لو تم تدمير سوريا عن بكرة ابيها. بالمقابل الحركات التي تسمي نفسها جهادية والمدعومة من الخارج وخاصة من قبل السعودية ودول الخليج مستعدة ان تحرق سوريا برمتها في طريقها الى السلطة. المصيبة ان كل ذلك يجري باسم الشعب السوري وتحت شعار "الدفاع عن سوريا". كل طرف يلبس قناعه: الجهاد، الحرية، الديمقراطية، الممانعة، القومية. ولكن عندما تسقط الاقنعة تظهر بشاعة الوجوه على حقيقتها.
يبدو الامر كئيبا ومحبطا. وهو كذلك. ولكن من صلب هذه الكآبة الحالكة ومن احشاء هذا الاحباط الرهيب لا بد وأن تتفجر ينابيع الامل. فالشعب السوري لن يبقى رهينة بين عصابات النظام والمعارضة الى الابد. واشتداد الازمة إلى حد لا يطاق لا يعني الا قرب الخلاص. سوريا لن تموت ولن تدمر كما ان فلسطين لن تموت ولن تدمر، مهما تكالبت قوى الظلام لقتلها وتدميرها. فلسطين هي جنوب بلاد الشام وبلاد الشام هي شمال فلسطين. وستبقى ارض فلسطين تعانق ارض سوريا وتسطران قصة عشق ابدية.

No comments: