انتخابات
الكنيست طريقنا إلى الحضيض
علي
زبيدات – سخنين
وضع
الاحزاب العربية يثير الشفقة.
المحكمة العليا
ترفض الالتماسات لاعادة نسبة الحسم الى
سابق عهدها ٢٪ وتبقيها كما أقرته الكنيست
المنحلة ٣.٢٥٪
الامر الذي ادخل كافة الاحزاب إلى حالة
لا تطاق من الضغط وإلى سباق مع الزمن.
محاولات الوحدة
فيما بينها تتعثر وتواجه مشاكل لم تكن
بالحسبان. هذا
ناهيك عن ازماتها الداخلية المزمنة
الناتجة عن الصراع على الاماكن المضمونة.
قناعاتي الشخصية
حول واجب مقاطعة انتخابات الكنيست،
انخفضت نسبة الحسم ام ارتفعت، توحدت
الاحزاب في قائمة مشتركة واحدة أو في
قائمتين أو بقيت على حالها أو زادت عن
حالها، ليس فقط لم تتغير بل ازدادت رسوخا.
ما جرى في الايام
القليلة الماضية (والخير
لقدام) يجب
أن يضيء ضوءا احمرا امام كل مواطن تهمه
مواصلة الحياة على هذه الارض.
بما أن هذه الاحزاب
قد تبنت الشعار السياسي الكلاسيكي الذي
صاغه مكيافيلي:"الغاية
تبرر الوسيلة" بكل
حذافيره وحددت هذه الغاية بالوصول الى
الكنيست اصبحت كل الوسائل متاحة.
ولا اعني هنا
الوسائل السلبية المنتشرة في كل مكان من
فساد ورشوات ووعود بلا رصيد وتزييف وغيرها
فحسب، بل اعني ايضا ابتذال شعارات سامية
طالما تغنينا بها وهتفنا من اجلها مثل
الوحدة وخدمة الجماهير والدفاع عن حقوقها.
لم
يعد الكلام حول ابتذال شعار الوحدة مقتصرا
على المقاطعين ذوي النوايا السيئة بل جرف
المشاركين في هذه الانتخابات ايضا الذين
قد بزوا المقاطعين في ذلك.
في البداية، كان
يجرى الحديث عن اربعة احزاب كبيرة اذا ما
اتفقت تحققت الوحدة بسلاسة وعلى احسن
وجه. وهذه
الاحزاب هي: الجبهة
الديمقراطية للسلام والمساواة، التجمع
الديمقراطي الوطني، الحركة الاسلامية
والحركة العربية للتغيير.
فيما بعد يبدو انه
تم الاستغناء عن هذه الاخيرة بعد رفضها
من قبل الثلاثة الكبار الاخرين وكل له
اسبابه. وهكذا
انضمت الحركة العربية للتغيير الى الحزب
الديمقراطي العربي والحزب القومي العربي
مشكلة ثلاثية من "الصغار"
تقف في مواجهة
"الكبار"
وتدعي انها في
الحقيقة هي التي تمثل غالبية الشعب بعد
أن انضم اليها قائمة ناصرتي وبعض المثقفين
المستقلين الذين يئسوا من ايجاد مكان آمن
لهم في الاحزاب الكبيرة حيث الازدحام
خانق في الصفوف الامامية.
يقول
المثل: "اذا
اختلف لصان انكشفت السرقة".
فالاحزاب "الكبيرة"
تتهم الاحزاب
الصغيرة بانها تعرقل الوحدة لا بل تخربها
تنفيذا لأجندة حكومية لتكريس الفرقة
والانشقاق يقودها اشخاص انتهازيون تحركهم
مصالحهم الشخصية. فترد
الاحزاب الصغيرة بأن هذه الاحزاب "الكبيرة"
التي هي في الحقيقة
ليست كبيرة إذ لا تحظى بأكثر من ثلث الاصوات
لا تمثل كافة شرائح المجتمع وتهمش قطاعات
واسعة ومهمة داخله مثل الشباب والنساء
والاكاديميين والسلطات المحلية والنقب
ومدن الساحل وتتبنى سياسة الاقصاء
والاستثناء والاحتكار.
من على حق؟ جميعهم
على حق فيما يقولونه عن بعضهما البعض ولكن
جميعهم على غير حق في مواقفهم السياسية
الوطنية. بغض
النظر عن التصنيف حسب الحجم خصوصا عندما
يكون الميزان مختلا، ولكن من الواضح اننا
نزن البضاعة نفسها. اجتماع
الناصرة الذي ضم مجموعات تسمى مجازا أحزاب
وأطراف اخرى لا يختلف من حيث الجوهر عن
اجتماع الناصرة الاخر الذي ضم المجموعة
الاخرى من الاحزاب. لا
خوف، عندما يتوصلون الى صفقة مقبولة سوف
يلحس كل طرف شتائمه وينتهي الزعل بقبلة
على اللحى وطبطبة على الاكتاف حسب العادات
والتقاليد العربية الاصيلة.
في النهاية، منهم
من سيجد له مكانا في ثنايا القائمة المشتركة
ومنهم من سيكتفي ببعض التعويضات المالية
كما كان الوضع في السابق وأثبت فعاليته.
لم
تبتذل في هذه الانتخابات شعارات سامية
كالوحدة فحسب بل تم ابتذال الثقافة ايضا.
لست هنا بصدد الخوض
في دور الثقافة والمثقفين في المجتمع
بشكل عام وفي مجال السياسة بشكل خاص بالرغم
من اهميته الفائقة. فهذا
موضوع قائم بذاته ويستحق دراسات جدية لا
تتحملها مقالة صحفية. يظن
بعض المثقفين أن شهادته الجامعية هي جواز
سفر سحري يمنحه الحق في تجاوز جميع الحدود
وولوج كافة الاماكن من غير أن يغادر برجه
العاجي، يتنقل "فكريا"
من حزب إلى آخر
ويغير مواقفه كما يغير جواربه فتارة يدعو
الى اقامة حزب جديد وطورا يدعو الى مقاطعة
الانتخابات ويعود لينضم الى بعض المستائين
ويسخر لهم ثقافته المتلونة وهكذا دواليك.
لا
بد هنا من الاعتراف بأننا في حركة مقاطعة
انتخابات الكنيست قد فشلنا في تحويل هذه
الحركة الشعبية العفوية التي تعبر أحسن
تعبير عن اشمئزاز معظم حماهيرنا من الكنيست
وكل ما يدور حولها إلى برنامج سياسي منظم
يشكل بديلا للهث وراء أوهام الكنيست.
يبدو أن المقاطعة
اكبر من الاشخاص ومن الحركات السياسية
التي تتبناها. ولكني
على ثقة بأن الشهرين القادمين حتى موعد
الانتخابات سوف تزود شعبنا بما يكفي من
القناعات لكي تؤسس مستقبلا لبرنامج وطني
تحرري لن تكون الكنيست احدى مفرداته.
No comments:
Post a Comment