العربي
الجديد يبحث عن الاسرائيلي الجديد
علي
زبيدات – سخنين
عندما
نقول: "انسان
يقوم بعمل لا انساني"،
ألا نقف امام مفارقة؟ امام معضلة؟ امام
ما يسمى في علم المنطق برادوكس؟ اذا كان
الانسان انسانا فمن المفروض أن تكون
أعماله انسانية، فاذا كان العمل غير
انساني فلا يصح أن يكون من عمله انسانا،
اليس كذلك؟ هل يعقل أن اقول لمن يقوم
بأعمال غير انسانية: أنت
أخي في الانسانية؟ هل يجب ان نعود إلى
اكثر من الفين سنة لافلاطون وارسطو لكي
نعرف من هو الانسان؟ هل الانسان الحقيقي
موجود في عالم المثل وما الانسان الذي
نراه حولنا سوى تقليد أو تقليد التقليد
للانسان المثالي حسب نظرية المثل لافلاطون؟
ام أن الانسان هو صورة الانسان كما نراها
في الواقع كما يزعم ارسطو؟ كيف نتخلص من
هذه المعضلة؟
مرت
كل هذه الافكار بذهني وانا اشاهد فيديو
الخطاب الاول لرئيس القائمة المشتركة
في الكنيست ايمن عودة.
وتذكرت في الوقت
نفسه صور الاحتفال بافتتاح الكنيست ووقوفه
بخشوع عند سماع النشيد الوطني الاسرائيلي
بالرغم من اعترافه بان هذا النشيد لا يعبر
عن تطلعاته. كما
تذكرت مقابلاته التلفزيونية في حملته
الانتخابية وخصوصا تلك المناظرة مع
ليبرمان ودرعي وغيرهما من زعماء الاحزاب
الصهيونية. لقد
استطاع ايمن عودة ان يرسم صورة جديدة
للعربي الجديد وان يخترق بها الحيز اليهودي
باحثا عن اليهودي الجديد الذي يتجاوب
معه. الكلمة
السحرية المستعملة لوصف لهذه الصورة هي:
الانسانية.
وكأن كل نضالنا
السابق كان غير انساني،بل كان همجيا
متطرفا مبنيا على الكراهية وغريزة
الانتقام. اما
العربي الجديد الذي يمثله ايمن عودة فلا
يمثل الطفل البدوي سالم، الذي يعيش في
قرية غير معترف بها مهددة بالهدم فحسب،
ولا يمثل مجد الطالب في جامعة تل ابيب
الذي لا يستطيع ان يجد مكانا للسكنى لكونه
عربيا فحسب، ولا يمثل عماد وامل الزوج
الشاب العاجز عن ايجاد بيت يأويه فحسب،
ولا يمثل هبة خريجة المدرسة الثانوية
التي تبحث عن عمل مؤقت فلا تستطيع بسبب
اشتراط الخدمة العسكرية فحسب، بل يمثل
ايضا المهاجرين الروس افضل من ليبرمان
ويمثل اليهود الشرقيين افضل من كحلون ومن
درعي ويمثل اليهود المتدينيين وغير
المتدينين والاثويبيين ولولا الحياء
لقال بانه يمثل المستوطنين افضل من بانيت
ويمثل امن اسرائيل افضل من نتنياهو نفسه.
العربي
الجديد يتفهم معاناة اليهود على مر الاجيال
ويتفهم مخاوفهم الامنية.
هنا على ارض فلسطين
يوجد متسع للجميع يهودا وعربا، لا يوجد
هنا محتل وشعب يرزح تحت الاحتلال، لا يوجد
مستعمر وارض مغتصبة، لا يوجد شعب مشرد
ومستوطنين اتوا من كافة ارجاء العالم.
يوجد هناك حقان
متساويان. العربي
الجديد لا يعترف بوجود حق وباطل.
المسألة هي مجرد
سوء تفاهم ليس اكثر. خلال
عشر سنوات سوف يغير الواقع وسوف تتحقق
نبوءة يشعيا وسوف يلعب الذئب مع النعجة
وتتحول البندقية الى منجل.سيسود
البلاد السلام وسيعيش الجميع في ظل العدالة
الاجتماعية والمساواة.
سوف تختفي العنصرية
تماما وتشتقل فلسطين وتقيم علاقات سياحية
وافتصادية طبيعية مع اسرائيل، وسوف يتعلم
اليهود اللغة العربية وسيحافظ العرب على
العبرية، مشاكل القرى والمدن العربية
سوف تختفي وخرائط هيكلية سوف تشملها جميعا
والعمال العرب سوف يعملون في كافة المجالات
بحرية، امنحوه عشر سنوات فقط!!.
حتى
الشباك الذي عانى منه الاف الفلسطينيين
سوف يصبح شريكا في بناء مجتمع ديمقراطي
يكون مفخرة امام العالم.
العربي
الجديد يحمل في داخله كل من مارتن لوثر
كينغ ونلسون ماندبلا والمهاتما غاندي،
ينظم المسيرات السلمية، ويدعو الى انهاء
التمييز العنصري وهو يحمل عنزته.
ولا يهم اذا جعل
من كينغ ومانديلا وغاندي مجرد ابطال لفلم
من الصور المتحركة انتجته شركة والت ديزني
الامريكية. هذا
العربي الجديد ليس سوى دمية سوف تهترئ
سريعا من كثرة ركله اواللعب بها.
للاسف
الجديد لم يحقق الانسان جوهره بعد، أي
انه لم يحقق انسانيته بشكل كامل وما زالت
غريزته الحيوانية تتحكم بتصرفاته بدرجات
متفاوتة. الانسان
يحقق انسانيته بواسطة الحرية والابداع
والعمل. النظام
الرأسمالي العالمي المسيطر يقمع كل هذه
الامور. يستعبد
العامل وينزعه عن نتاج عمله وعن غيره من
العمال ويفرض عليه حالة من الاغتراب وينزع
المبدع عن ابداعه. لذلك
فان النضال ضد هذا النظام وضد ممثليه في
جميع ارجاء العالم هو نضال من اجل الانسانية.
والسكوت على مقترفي
الجرائم ضد الانسانية لا يمكن ان يكون
لصالح الانسانية مهما حمل من شعارات.
No comments:
Post a Comment