Wednesday, May 20, 2015

ممنوع دخول الكلاب والعرب



ممنوع دخول الكلاب والعرب
علي زبيدات – سخنين

أثار القرار الذي اصدره وزير الحرب الاسرائيلي موشه يعلون بخصوص الفصل بين العمال الفلسطينيين العائدين الى قراهم وبين المستوطنين اليهود في المواصلات العامة في الضفة الغربية والذي اضطر إلى تجميده بعد اقل من يوم عاصفة من ردود الفعل محليا وعالميا. ما زال راسخا فيا ذهان اوساط واسعة من الليبراليين الاسرائيليين والغربيين. تلك اللافتات العنصرية التي كانت منتشرة في جنوب افريقيا أبان نظام الفصل العنصري على ابواب المطاعم والملاهي ودور السينما والشواطئ والحافلات المخصصة للبيض والمكتوب عليها: ممنوع دخول السود والكلاب. وما زال راسخا في اذهان هذه الاوساط قصة السيدة السوداء روزا باركس التي رفضت أن تخلي مقعدها في الباص لرجل ابيض وتمت اهانتها وتقديمها للمحاكمة.
تستطيع الاوساط الليبرالية الاسرائيلية، من رئيس الدولة وبعض الوزراء وحتى قيادة احزاب الوسط واليسار الصهيوني إن تتنفس الصعداء قائلة: الحمد لله، لا يوجد لدينا أية لافتة مشابهة تقول: ممنوع الدخول للكلاب والعرب. كل ما حدث ليس سوى محاولة لفصل الفلسطينيين عن المستوطنين في المواصلات العامة وذلك لدوافع مهنية امنية وليس حتى لدوافع سياسية أو لا سمح الله لدوافع عنصرية. فمن حق المستوطنين أن يتنقلوا بأمان وبدون خوف لأن الفلسطيني اماأن يكون ارهابيا بالفعل واما أن يكون ارهابيا بالقوة، وهو في كل الحالات يثير الخوف والرعب بملابسه الرثة وربما بشواربه الغليظة ولحيته الكثيفة. هذا بالاضافة إلى تحرشاتهم بنساء اسرائيل العفيفات والسرقات التي يقومون بها عالطالع والنازل. وبالرغم من كل ذلك حسنا فعلت الحكومة بتجميد هذه الاجراءات التي من شأنها ان تشوه الوجه الديمقراطي للدولة خصوصا وأن العديد من وسائل الاعلام الغربية "اللاسامية" انقضت على هذا الخبر واخذت تنشره في بلادها.
في هذه الايام، حيث تحيي جماهير الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده ذكرى النكبة التي لم تنته بعد، تبدو هذه الحادثة العنصرية ضئيلة الشأن تكاد لا تذكر اذا ما قارناها بتدمير ٥٣٢ قرية فلسطينية وتهحير ٨٠٠٠٠٠ فلسطيني ومصادرة ما يقارب ٩٧٪ من اراضيهم هذا بالاضافة الى هدم القرى والبيوت من ام الحيران في الجنوب مرورا بدهمش في الوسط وحتى كفر كنا وسخنين بالشمال.
ولتذكير الاوساط الليبرالية الاسرائيلية فقط: فإن التمييز العنصري ضد السود لم يبدأ بالسيدة باركس التي نالت تعاطف العالم ولم يقتصر عليها فقط. فقد حاولت الدعاية الامريكية اقناع العالم بإن ابراهام لينكولن قد حرر العبيد قبل قرن من هذه الحادثة.بينما لا زال السود يموتون على يد الشرطة لاسباب عنصرية إلى هذا اليوم وفي ظل رئيس أسود. هذا طبعا من غير الخوض في عملية التطهير العرقي التيأودت بحياة عشرات الملايين من السكان الاصليين من الهنود الحمر. والتمييز العنصري في جنوب افريقيا لم يقتصر على منع السود من الدخول الى بعض الاماكن المخصصة للمستوطنين البيض بل شمل كل مجالات الحياة. وهنا في فلسطين العنصرية لا تتوقف على فصل الحافلات في الضفة الغربية. مع كتابة لافتات عنصرية أو بدون كتابة مثل هذه اللافتات.
لم يكن المقصود من كتابة عنوان هذه المقابلة المبالغة أو الاستفزاز، بل هي تعكس جزء طفيف من الحقيقة فقط. ففي كثير من الاماكن مسموح الدخول للكلاب ولكنه ممنوع للعرب. واعني ذلك حرفيا: فإن انسى لا انسى تلك الحادثة "الطريفة" التي كنت مع بعض الاصدقاء شاهدا عليها، عندما اقتربنا الى احد الحواجز الذي اعلنت سلطات الاحتلال عن اغلاقه ووقوف عشرات ان لم يكن مئات السيارات في طابور رهيب ولم تسمح قوات الجيش لاحد بمرور الحاجز وفي هذه الاثناء شاهدنا كلبا ضالا يمشي بخيلاء عابرا الحاجز من غير ان يعترضه احد، وقلنا لبعض على سبيل النكتة لو كنا كلاب لعبرنا الحاجز بسلام. وهناك مئات بل الالف الاماكن على طول البلاد وعرضها يحق للكلاب دخولها ولا يحق للعربي دخولها. ومن يريد أن يتأكد و يرى ذلك بأم عينه فليصطحب كلبا ويذهب الى الخليل او بيت لحم أو إلى اي حاجز وليطلق سراح الكلب ويجري وراءه ، وانا اراهنكم بان الكلب سوف يعبر وصاحبه سوف يسقط برصاص الجيش او الشرطة. فهل هناك من يجرؤ بالقيام بمثل هذه التجربة؟.
العنصرية لا تزول إلا مع زوال النظام الذي ينتجها.



No comments: