Wednesday, May 07, 2014

العودة ما بين الذكرى والذاكرة



العودة ما بين الذكرى والذاكرة
علي زبيدات – سخنين
تعودت في السنوات السابقة أن أكتب عن ذكرى النكبة بما يرافقها من قضايا حول حق العودة ومسيرة العودة قبل حلولها. لكني ظننت هذه السنة انه لم يعد لدي اية انتقادات جديدة ولم اكن راغبا في تكرار الانتقادات نفسها. ولكن بعد العودة من مسيرة لوبيا اقتنعت بانه لا يزال هناك ما يقال في هذا الموضوع. في البداية ولكي لا اتهم بالسلبية أؤكد انه لو شارك ضرير في المسيرة لرأى ببصيرته ولو شارك أصم لسمع بقلبه أن ذكرى النكبة حية وكأنها حدثت بالامس القريب وليس قبل ٦٦ عاما وأن الذاكرة الجمعية لجماهيرنا سليمة لم يعتريها أي خلل.
الذكرى حية والذاكرة سليمة ولكن العودة(ولا اقول حق العودة) للاسف ما زالت اسيرة ما بين الذكرى والذاكرة ومن حقنا أن نتساءل بعد مضي ٦٦ عاما: متى سوف تكسر العودة قيود الذكرى وتخرج من أسر الذاكرة وتسير على ارض الوطن في طرقات وشوارع لوبيا والقرى المهجرة الاخرى؟.
احد الاعذار المحبذة لدى القيادات السياسية من لجنة المتابعة مرورا بالاحزاب السياسية وحتى بعض الاوساط الشعبية: أن الجماهير ليست جاهزة بعد. هذا العذر تخرجه هذه القيادات من تحت قبعتها في مناسبات عديدة مثل يوم الارض، هبة القدس والاقصى وغيرها من المواجهات، وغالبا ما يعمل هذا العذر مفعوله ويحقق الغاية المنشودة من استعماله وهو الابقاء على العمل الجماهيري تحت السيطرة، لاخفاء الحقيقة أن القيادات هي غير الجاهزة وليست الجماهير. بعد مسيرة لوبيا هل ما زال هناك من يشك في جاهزية الجماهير؟ إذن لماذا ما زلنا نتكلم عن احياء الذكرى وعن حق العودة؟ ومتى سوف نبدأ بالكلام عن العودة ذاتها بدونمقدمات أو مجملات؟
مما لا شك فيه أن لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين بالاضافة الى عدد كبير من الحراكات الشبابية قد بذلت جهودا جبارة لانجاح مسيرة العودة وهم يستحقون كل الشكر والتقدير لذلك. ولكن يخطىء من يظن أن هذه الجهود هي السر وراء نجاح المسيرة، بل حيوية الذكرى وسلامة الذاكرة الشعبية هي التي ضمنت هذا النجاح .
نقاط الضعف الملازمة لمسيرات العودة لم تتغير: الخطابات: كلمة لجنة المتابعة، كلمة لجنة المهجرين، وهذه السنة اضافوا كلمة بائسة اخرى وهي كلمة ممثل ما تبقى من منظمة التحرير التي يهيمن عليها تجار حق العودة. أما نقطة الضعف الاولى حسب رأيي تبقى غياب الرؤيا، غياب الفكرة، المثل الاعلى، الابداع، الغاية. ما حصل في في لوبيا في نهاية الامر هو تبديد للطاقات الثورية، هو عملية امتصاص للغضب الشعبي. قد يقول البعض: هذه دعوة للمواجهات العنيفة، كلا، هذه فقط دعوة للعمل الهادف، للاصرار على تحقيق المطالب العادلة التي تكفلها كافة القيم الانسانية والقوانين الدولية. على الطرف الاخر، الغاصب، أن يخشى المواجهات العنيفة ويتحمل كافة عواقبها في حال وقوعها. هذا الطرف ليس انه ما زال ينكر النكبة ويتملص من تحمل مسؤوليتها فحسب بل يتجاهل ما يراه امام أعينه أيضا: فهذا موقع واللا وهومن اكبر المواقع الاخبارية في البلاد يقول بكل وقاحة بعد ان عكس الحقيقة: "سار بعض المئات من الفلسطينيين نحو انقاض القرية المدمرة في غابة ليفي بينما كان آلاف الاسرائيليين يحتفلون في الجانب الاخر من الغابة بعيد الاستقلال". اماموقع "يديعوت احرونوت" فقد اعترف بانهم كانوا بضعة الاف، بينما تجاهل موقع معاريف الحدث وكأنه لم يحصل مطلقا. فقط موقع هآرتس تحدث عن عشرات الالاف وذلك لأن مراسله الذي نقل الخبر فلسطيني.
على لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين أن تعيد النظر في شعارها الخاطىء: "يوم استقلالهم هو يوم نكبتنا". هل حقا هذا اليوم هو يوم استقلالهم؟ هل خاضوا نضالا وطنيا تحرريا ضد مستعمر اجنبي ونالوا استقلالهم؟ أليسوا هم المستعمر الاجنبي؟ اليس من الاحرى ان نقول: "يوم احتلالهم هو يوم نكبتنا"؟ او أن نضع هذه الكلمة على الاقل بين هلالين مزدوجين؟
لقد اثبتت مسيرة العودة إلى لوبيا بما لا يترك مجالا للشك: لا خوفا من النسيان. ولكن ما الفائدة من الانتظار؟

No comments: