Wednesday, May 14, 2014

الانتخابات تليق بكم



الانتخابات تليق بكم
علي زبيدات – سخنين

من يقول أن قطار الحضارة الحديثة قد أقلع وترك العرب من وراءه؟ ومن الذي يدعي بأنهم لم يساهموا بشيء يذكر في التاريخ الحديث وانهم بحاجة الى الغرب ليعلموهم الديمقراطية واحترام حقوق الانسان حتى ولو كان ثمن ذلك اعادة احتلال بلدانهم أو تدميرها؟ لقد قدم العالم العربي مؤخرا وفي الشهر المنصرم بالذات وسوف يقدم قريبا وفي الشهر القادم بالذات المزيد من براءات الاختراع والابداعات الفذة في مجالات الديمقراطية واساليب الحكم، ابداعات لم يحلم بها الغرب على مر العصور. فإذا كانت الانتخابات هي المظهر الاساسي للديمقراطية في العصر الراهن فإن ماقدمته النخب العربية من اختراعات وابداعات محفوظة الحقوق في هذا المجال لم يحلم به جون لوك وجان جاك روسو ومونتسكية مجتمعين.
لنبدأ بانتخابات الجزائر بلد المليون شهيد، بلد الثورة العربية الاولى التي دحرت الاستعمار الفرنسي. الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يربح الانتخابات الرئاسية لدورة رابعة بدون أن يحرك ساكنا. واقصد لم "يحرك ساكنا" بالمعنى الحرفي، فالرجل اصيب قبل عدة اشهر بجلطة دماغية اصابته بشلل جزئي، ولو اصابته بنوم عميق كما اصابت شارون لما تغيير من الواقع شيء. ادار حملته الانتخابية محمولا على كرسي متجرك يكاد لا يستطيع تجميع بعض الكلمات لتكوين جملة مفيدة واحدة، ادلى بصوته وهو مجرور على كرسي متحرك واقسم اليمين الدستوري وهو جالس على كرسي متحرك. ومع ذلك فاز باكثر من ٨٠٪ من الاصوات. اليس هذا ابداع ما بعده ابداع؟ يا لسخافة الرئيس الامريكي (وأظن رؤساء آخرين ايضا)الذي يجب ان يقدم تقريرا طبيا مفصلا عن حالته الصحية قبل ان يرشح نفسه للانتخابات. لا ننسى أن بوتفليقة تجاوز ال٧٧ من العمر وهذه الدورة الرئاسية الرابعة بالرغم من أن الدستور لا يسمح سوى بدورتين. لا يوجد مشكلة في تعديل الدستور كما سوف نراه في ابداعات عربية اخرى. ولا ننسى طبعا أن تاريخ بوتفليقة حافل بالفساد والاختلاسات.
في مصر سجل عبدالفتاح السيسي هو الاخر اختراع انتخابي مميز. فبعد أن اقصى الرئيس المنتخب في الانتخابات النزيهة الوحيدة التي جرت في مصر، واعلن عن جماعة الرئيس بانهم ارهابيون يجب ملاحقتهم في كل مكان واصدر عليهم احكام اعدام بالجملة، واصدر مرسوما بمنع المظاهرات مهما كانت غايتها ومهما كان منظمها لانها تعكر استقرار البلد وفي الوقت نفسه يدعي بانه مكمل الثورة المصرية التى عرفت اكبر المظاهرات في العالم الذي لم ينس الملايين في ميدان التحرير. حتى موسيليني لم يكن يحلم بسيناريو كهذا. في الشهر القادم سوف يفوز السيسي بنسبة تفوق النسبة التي حصل عليها زميله الجزائري.
في لبنان، الديمقراطية الطائفية تتفوق على نفسها. سمير جعجع المرشح الاوفر حظا هو مجرم حرب لا اكثر ولا اقل، حكم عليه بالسجن المؤبد وهو مكانه الطبيعي ولكنه حظي بالعفو من خلال لعبة طائفية قذرة. لم يحكم عليه بالسجن لانه قتل العديد من الفلسطينيين ومن الوطنيين اللبنانيينومعظمهم من المدنيين العزل بل لانه قتل بعض زملائة وحلفائه السابقين. تعرض مسرحية انتخاب الرئيس اللبناني الآن على منصة مسرح مجلس النواب اللبناني والتي تعرضها بالتقسيط حتى يكتمل النصاب القانوني. هذا النموذج الفريد من نوعه من الديمقراطية الطائفية في لبنان لا شبيه له في العالم، الا يستحق أن يسجل كاختراع ويكون محميا حسب قانون الملكية الفردية.
انتخابات الرئاسة في سوريا تستحق الجائزة الاولى في سباق براءات الاختراع في مجال الديمقراطية. ميزتها الاولى انها غير ضرورية وغير ملزمة. فالرئيس بشار الاسد يستطيع أن يبقى رئيسا طالما نظامه قائم لا يحاسبه احد. اصلا اصبح رئيسا بالوراثة وهذا بحد ذاته براءة اختراع. والدستور الحالى الذي يحدد عمر المرشح بأربعين عاما تم تعديله قبل ١٤ عاما لأن الرئيس في ذلك الوقت لم يتجاوز السن القانونية. اذن، انتخابات الرئاسة في سوريا هي من باب الرفاهية ومن باب المقاهرة والمكايدة للمؤامرة الكونية على هذا النظام الممانع. في الماضي كان يتم تمديد ولاية الرئيس عن طريق الاستفتاءات، كل سبع سنوات تقوم الاجهزة الامنية بتنظيم استفتاءات نموذجية يحصل الرئيس بموجبها ما بين ال٩٠ وال١٠٠٪. اليوم يريد العالم أن يرى انتخابات حرة ونزيهة؟ حسنا ما المشكلة. بدل المرشح الواحد خذوا ٢١ مرشحا، والا اقولكم: يكفي مرشحان آخرين. بشرط منع أي معارض جدي من خوض الانتخابات (حسب الدستور طبعا) الا ينص الدستور على أن يكون المرشح مقيما في سوريا عشر سنوات اقامة دائمة ومتصلة؟ وهذا الشرط لا يتوفر الا للذين يقبعون في السجون أو في القبور. وماذا بالنسبة للاجئين في المخيمات في الاردن وتركيا ولبنان والعراق وغيرها؟ لهم الله. وماذا بالنسبة للمواطنين في المناطق التي يسيطر عليها "الارهابيون"؟ حظ اوفر في الانتخابات القادمة. الا يوجد أحد من أنصار الرئيس بشار الاسد يهمس في اذنه:" سيادة الرئيس لا يوجد احد يعتب عليك فلماذا تجعلنا اضحوكة في أعين الكفار المتآمرين؟"
وأخير وليس آخرا، كلنا بانتظار الانتخابات الرئاسية الفلسطينية وما تحمله لنا من مفاجآت.

No comments: