لماذا
تخلى العرب عن فلسطين؟
علي
زبيدات – سخنين
قد
يرفع بعض القراء حاجبه دهشة واستنكارا
لمجرد طرح مثل هذا السؤال.
غير معقول، من يقول
مثل هذا الكلام الخطير والسخيف؟ اليست
فلسطين هي قضية العرب الاولى؟ ألم تقاتل
الدول العربية بغض المظر عن انظمتها دولة
اسرائيل دفاعا عن فلسطين؟ ألم تعادي
الشعوب العربية هذه الدولة الغاصبة بسبب
ما جلبته من كوارث على فلسطين واهلها؟
مثل هذه الاسئلة الاستنكارية ان دلت على
شيء فانها تدل على ان ما تستنكره قد وقع
بالفعل.
سؤالي
او تساؤلي لا يدور اصلا حول اذا ما تخلى
العرب عن فلسطين أو لم يتخلوا فهذا الامر
محسوم سلفا، ما احاول الاجابة عليه هنا:
لماذا تخلى العرب
عن فلسطين؟ فوجدت الاجابة سهلة جدا يستطيع
كل واحد ان يتوصل اليها من غير عناء ويمكن
تلخيصها حسب رأيي في سببين رئيسيين:
اولا:
لان الفلسطينيين
انفسهم تخلوا عن فلسطين.
ثانيا:
لان الفلسطينيين
تخلوا عن العرب.
مرة
اخرى قد يصاب القارئ بالذهول والانكار.
ومتى تخلى الفلسطينيون
عن فلسطين وهم اكثر شعوب الارض تمسكا
بوطنهم وبحقهم في العودة اليه؟ اليس مثل
هذا الكلام مجرد افتراء لا يقبله المنطق؟
ولكن للاسف الشديد للحقيقة عدة وجوه وقد
يخدعنا أحد وجوهها ويبهرنا إلى درجة عجزنا
عن رؤية الصورة كاملة بكافة جوانبها.
عند كتابة هذه
السطور مر أمام بصري تاريخ الحركة الوطنية
الفلسطينية كشريط سينمائي بدءا برفض قرار
التقسيم والنتائج التي تمخضت عنها النكبة
بكل ابعادها والتصميم على تحرير فلسطين
كاملة من البحر الى النهر عن طريق حرب
التحرير الشعبية طويلة الامدوالكفاح
المسلح وحتى الوصول، بعد ربع قرن من
النكبة، الى مرحلة مكانك قف ومن ثم إلى
مرحلة خلفك در التي اعادتنا الى نقطة
البداية بل الى ما قبل البداية وحتى تخلت
الحركة الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة
التحرير الفلسطينية وبشكل رسمي وامام
العالم اجمع عن ٨٠٪ من فلسطين والان يجري
التفاوض على ال٢٠٪ الباقية والتي لا احد
يعلم كم سيبقى منها في نهاية المفاوضات
والتوصل إلى" السلام
العادل والثابت". لم
يستمر البرنامج الوطني الفلسطيني الذي
طالب بتحرير كامل التراب الفلسطيني لاكثر
من تسع سنوات وبالتحديد من ١٩٦٥ (انطلاقة
فتح) وحتى
١٩٧٤ (البرنامج
المرحلي). ومن
ثم جاءت مرحلة اقناع العالم باستعدادنا
للتنازل والاكتفاء ب"تحرير
جزء من فلسطين فقط لاقانة السلطة الوطنية
عليها". امتدت
هذه الفترة حوالي عشرين عاما حتى مفاوضات
مدريد وأوسلو وتوجت بالتوقيع على اتفاقيات
اوسلو التي نصت على الورق فقط على معادلة:
٨٠٪مقابل٢٠٪
ولكنها على ارض الواقع وبعد حوالي ربع
قرن من التوقيع عليها ما زالت المعادلة
١٠٠٪مقابل صفر٪. بناء
على ذلك فالسؤال الذي يطرحه العربي
المتوسط: اذا
تخلى الفلسطينيون عن فلسطين بهذا الشكل
فلماذا اتمسك بها انا؟
وكيف
تخلى الفلسطينيون عن العرب؟
منذ
البداية، وضعت منظمة التحريرالحركة
الفلسطينية نفسها، مع بعض التفاوت بين
الفصائل، في سلة الانظمة العربية مقابل
حفنة من الدولارات هنا أو الدعم السياسي
مقابل السكوت هناك. الحركة
الوطنية الفلسطينية التي كانت تطمح لان
تكون طليعة حركات التحرر العربية سرعان
ما وجدت نفسها جزءا لا يتجزأ من انظمة
الاستبداد والرجعية العربية بحكم كونها
عضو في جامعة الدول العربية وفي ممارساتها
خارج الجامعة. في
الوقت نفسه، قامت هذه الانظمة باستغلال
فلسطين لتبرير جرائمها في حق شعوبها:
مصادرة الحريات
الاساسية للمواطنين لانها تضعف الدولة
في حربها ضد العدو الصهيوني، القبول
بالفقر والجوع والامراض لانه يجب حشد
كافة الامكانيات للمعركة ضد العدو
الصهيوني. وفي
النهاية تبين انه لا يوجد حرب ولا معركة
ضد العدو الصهيوني، على العكس من ذلك،
يوجد هناك تحالف وانسجام سري أو علني وأن
السياسة العربية مثلها مثل سياسة السلطة
الفلسطينية هدفها الوحيد المحافظة على
أمن اسرائيل ومن يتقاعس عن تأدية هذه
المهمة او يحيد ولو قليلا عنها فانه يعرض
نفسه لخطر السقوط. وهنا
يتساءل العربي المتوسط مرة اخرى:
اذا اختار الفلسطينيون
جانب الانظمة العربية التي تقمعني يوميا
فلماذا اقف إلى جانبها؟
العودة
إلى برنامج التحرير بعد تصحيح المسار
والابتعاد عن الانظمة القمعية والالتصاق
بالجماهير العربية هو الضمان الوحيد
لعودة هذه الجماهير لاحتضان قلسطين
والكقيل باحداث تغيير جذري على صعيد
العالم العربي.
No comments:
Post a Comment