Thursday, August 04, 2016

أين كرامة العامل الفلسطيني؟



أين كرامة العامل الفلسطيني؟
علي زبيدات – سخنين
اعتقالات، طرد، اهانات، ضرب، تعذيب، هذا هو اسلوب شرطة اسرائيل في تعاملها اليومي مع العمال الفلسطينيين. لم يعد هذا الاسلوب سرا، بل تتناقله وسائل الاعلام المحلية يوميا، الشرطة نفسها لا تنكره وتمارسه في وضح النهار، الحكومة لا تعترف به فحسب بل تبادر إلى سن القوانيين في الكنيست لتشريعه ايضا. بالمقابل لا يوجد هناك من يحرك ساكنا. لا اريد أن اتكلم هنا عن تقاعس سلطة اوسلو المعيب في الدقاع عن الحقوق الاساسية للعمال الفلسطينيين، فهذا موضوع قائم بذاته اتركه لاهلنا هناك، ولكني اريد الكلام عن تقاعس مؤسساتنا هنا في الداخل من لجنة المتابعة والاحزاب السياسية والنقابات العمالية التي تصمت صمت اهل القبور عن الممارسات الوحشية التي تقوم بها السلطات الاسرائيلية امام بصرها وسمعها، فتغلق اعينها كي لا ترى وتصم آذانها كي لا تسمع.
معظم العمال الفلسطينيين يعملون بدون تصاريح لذلك يعتبرون متسللين أو حسب المصطلح الرسمي المتداول: متواجدين غير شرعيين. ومن هذا المنطلق يعاملون منذ اللحظة الاولى على اعتبارهم مجرمين، خارجين عن القانون يجب ملاحقتهم ومعاقبتهم. يقوم هؤلاء العمال، خلال سعيهم وراء لقمة العيش، باجتياز الاسلاك الشائكة والجدار العازل في جو من الخوف والرعب خوفا من اكتشاف امرهم من قبل حرس الحدود وقوات الجيش والشرطة. وبسبب فرض العقوبات ايضا على اصحاب العمل والمقاولين وعلى من ينقلهم بسيارته أو من يؤجرهم سكن، نراهم يسكنون في الملاجئ والمخازن وفي الحقول والكروم تحت الاشجار، بفترشون الارض ويلتحفون السماء. وكأن هذه الظروف غير الانسانية لا تكفي فهم عرضة دائما للمداهمات من قبل رجال الشرطة الذين لا يعرفون سوى استعمال العنف والاهانات والاذلال. ولا اريد ان اضيف ان معاملتنا نحن، الذين نعتبر انفسنا جزء حي من الشعب الفلسطيني، لهم في كثير من الاحيان ومن الاماكن تزيد الطين بلة ولا تزيدنا شرفا بسبب نظرتنا الفوقية المتعالية التي تصل في بعض الاحيان إلى استعمال العنف والاهانات اسوة برجال الشرطة.
المأساة لا تنتهي عند العمال "غير الشرعيين" الذين يعملون بدون تصاريح. إذ ان ظروف العمال الذين يحملون التصاريح ليست افضل بل في كثير من الحالات أسوأ. تبدأ معاناة هؤلاء في ساعات الصباح الباكر حيث يتجمعون باعداد كبيرة عند الحواجز. يصل البعض في الساعة الثانية او الثالثة بعد منتصف الليل لكي يؤمن دوره لاجتياز الحاجز في الساعة السادسة صباحا. هذا ناهيك عن التفتيش المهين كل صباح. وكل عامل معرض لأن يعود ادراجه لاسباب تافهة يختلقها رجال الامن. غنى عن القول أن هولاء العمال يعملون باجور منخفضة جدا لا تصل في معظم الاحيان الحد الادنى من الاجور وبدون أي حقوق عمالية هذا بالاضافة لاستغلالهم من قبل سماسرة العمل ومحاولة تجنيد بعضهم لخدمة الاجهز الامنية.
في الاشهر الاخيرة، كثفت الشرطة ملاحقتها ومطاردتها للعمال الفلسطينيين من النقب في الجنوب حيث تمت مداهمة احد المصانع واعتقال العمال الفلسطينيين واغلاق سوبرماركت لانه شغل عاملا من الضفة بدون ترخيص، مرورا بالمثلث وحتى الجليل حيث تقوم الشرطة يوميا بالمداهمات والملاحقات.
ازاء هذا الوضع، تصريحات الادانة من هذا الطرف أو ذاك وفي اوقات متباعدة، لم تعد مجدية. اننا بحاجة إلى حراك شعبي ورسمي لحماية العمال الفلسطينيين، تماما كما اننا بحاجة إلى حراك شعبي ورسمي لحماية الاسرى السياسيين وعلى نفس الدرجة من الاهمية. أين دور الاحزاب التي ترفع على رايتها شعار يا عمال العالم اتحدوا والشعارات العمالية الاخرى؟ اين النقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني؟ لماذا لم ننظم حتى اليوم مظاهرة واحدة أو حتى وقفة احتجاجية واحدة دافاعا عن العمال الفلسطينيين.
احاول في هذه المقالة العاجلة أن أدق ناقوس الخطر: الدفاع عن حقوق العمال من الضفة الغربية ورفع الحصار عن العمال في قطاع غزة هي قضية وطنية بالغة الاهمية. لقد آن الاوان لكي نرفع شعار: لن نسمح بامتهان كرامة العمال الفلسطينيين.

No comments: