تناقلت وسائل الاعلام المحلية من جرائد ومواقع انترنت وإذاعات الاسبوع الماضي نبأ "إنتخاب" رئيس جديد للجنة المتابعة العليا للجماهير العربية. وبما أن المسألة غير شخصية فقد إخترت عدم التطرق الى الرئيس الجديد لا من قريب ولا من بعيد. كما تلاحظون، وضعت كلمة "انتخاب" بين هلالين صغيرين. بالطبع لم يكن ذلك من باب الصدفة. فمن لم يكتف بقراءة عنوان الخبر وقرأه كاملا لوجد انه لم يكن هناك لا انتخاب ولا يحزنون ولا حتى أي شكل من أشكال قد يوحي بالانتخابات المتعارف عليها. في الحقيقةلا أدري لماذا استعملت معظم الصحف هذه الكلمة، هل هو من باب السهو أم الخطأ أم العادة أم من باب التمنيات المكبوتة.
بالرغم من مساوئ الانتخابات خصوصا في بلادنا مثل الرشوات والكذب، الذي يسمى دعاية إنتخابية والفساد على الوانه واشكاله الا انها تحدد مسبقا ضرورة وجود مرشحين مختلفين وضرورة وجود جمهور يدلي بصوته وفي بعض الاحيان ضرورة وجود نقاش مستفيض وبرامج عمل، الخ. في حالتنا هذه لم يكن هناك أي غبار من هذا النوع.
ينص الخبر على أن سكرتارية لجنة المتابعة، بجميع مركباتها، عقدت جلسة خاصة وقررت بالاجماع التوجه الى السيد زيدان وتكليفه بهذه المهمة بعد تقليده لقب رئيس لجنة المتابعة العليا. تسربت بعض المعلومات التي تقول أن بعض مركبات اللجنة قد تغيب عن الجلسة وبعضها أبدى تحفظاته. ولكننا نحن كجمهور مثل الطرشان بالزفة لم نسمع لا رأي المتغيبين واسباب تغيبهم ولا أية تفاصيل عن المتحفظين وتحفظاتهم.
اصلا دعوني اتساءل: لماذا أقحمت وسائل الاعلام، على الطريقة الماسونية، عن ذكر أعضاء سكرتارية لجنة المتابعة الذين إجتمعوا ولماذا تسترت على اسماء الوفد الذي ارسل لمهمة التكليف؟
هل تم إنتخاب سكرتارية اللجنة كما تم إنتخاب رئيسها؟ أم هل تم تعيين أعضائها بشكل "توافقي"؟ وفي كلا الحالتين من الذي إنتخبهم ومن الذي عينهم عينهم؟ قد يزعم البعض أن الاحزاب والحركات السياسية هي التي إختارت مندوبيها في هذه اللجنة. بالرغم من عدم إنتمائي لأي حزب أو حركة سياسية إلا أن معلوماتي تؤكد انه لا يوجد هناك اية آلية حزبية أو حركية إنتخبت أو إختارت ممثليها للجنة المتابعة، كل ما في الامر يعود الى قرارات شخصية لبعض المتنفذين في هذه الاحزاب والحركات. والنتيجة تبقى واحدة: للجماهير العربية التي تدعي هذه اللجنة بتمثيلها لا ناقة ولا جمل بتركيبة أو عمل هذه اللجنة لا من بعيد ولا من قريب.
يروج البعض بضاعة فاسدة تقول: أن طريقة التوافق بادرة خير وتعبر عن موقف موحد ومسؤول وهي قادرة على الانتقال من موقف التحدي لسياسة التمييز الى موقف التصدي لها. أذا كان هناك من يصدق هذا الكلام فأنا أحسده على حسن نواياه وعلى طيبة قلبه.
رأيي أن هذا التوافق المزيف هو موقف جبان ولا خير يرجى منه. وأن الوحدة التي يتغنون بها ليست سوى قناع هش أضعف من بيت العنكبوت، ولم ترتق لجنة المتابعة في افضل اوقاتها الى درجة التحدي فكم بالاحرى الى مرحلة التصدي؟ لقد آن الاوان أن ننزل عن الشجرة العالية التي تسلقناها وأن نتخلص من شعاراتها الرنانة التي لا تغني ولا تسمن من جوع.
مما لا شك فيه أن أوضاع جماهيرنا مأساوي لا تختلف جذريا عن أوضاع باقي جماهير شعبنا في كافة أماكن تواجده وهي بحاجة الى قيادة حكيمة ومخلصة ومناضلة تقود نضالها من أجل الحرية على ارضها، تدافع عن حقوقها المشروعة وتتصدى للسياسات الاسرائيلية الغاشمة. ولكن هل من الممكن أن تكون لجنة المتابعة بتركيبتها الحالية وبطريقة إختيار مؤسساتها ورئيسها وبغياب أي أفق نضالى عن عملها مرشحة للإرتقاء بالعمل الجماهيري الى المستوى المطلوب؟ للقيام بالدور التي تنسبها الى نفسها؟
في البيان الذي أصدرته سكرتارية لجنة المتابعة لكي تبشرنا ب"إنتخاب" رئيس جديد لم تنس أن تذكر طبعا ضرورة "إعادة تنظيم وبناء لجنة المتابعة". هذا الشعار الذي تتمسك به بعض الاطراف المكونة للجنة منذ سنوات طويلة ولكنها لم تتقدم حتى الآن قيد انملة، يذكرني بشعار آخر يعاني منه باقي جماهير شعبنا الفلسطيني وهو شعار: "إعادة تنظيم وبناء منظمة التحرير الفلسطينية". إسألوا أي مقاول عمار فأنه يسديكم النصيحة التالية: إذا لم تستطع ترميم بيتك الايل الى السقوط فمن الافضل أن تهدمه وتبني بيتا جديدا على أسس راسخة متينة.
No comments:
Post a Comment