Wednesday, December 10, 2014

رقصة الوحدة الاخيرة

Version:1.0 StartHTML:0000000167 EndHTML:0000012293 StartFragment:0000000454 EndFragment:0000012277
رقصة الوحدة الاخيرة
علي زبيدات – سخنين

لعل أكثر الشعارات رواجا في موسم الانتخابات هو شعار "الوحدة". انه ملك الشعارات من غير منازع الجميع حريص على الوحدة ويعمل لانجازها ويضحي من أجلها. في هذا الموسم يتم نبش التاريخ للتنقيب عن الايات، الاحاديث، الامثال والقصص التراثية التي تحث على الوحدة ونبذ التفرقة. فلا غرابة ان تسمع السياسي المتدين وغير المتدين يبدأ حديثه أو خطابه: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.. أو يد الله مع الجماعة أو في الوحدة قوة وفي الفرقة ضعف أو يسرد حكاية الشيخ الحكيم الذي جمع اولاده حوله فبل مماته ووزع عليهم حزمة من العيدان فاستطاع الابناء كسر كل عود على حدة ولكنهم عجزوا عن كسر العيدان مجتمعة.
الموسم الراهن لانتخابات الكنيست قد باغت الاحزاب العربية وادخلها في حالة من الضغط والتوتر فهو بالنسبة لهم أكثر من موسم، إنه معركة وأية معركة، وقد تنبه قيادي في احد الاحزاب "القومية" وصرح على غير عادته "ان انتخابات الكنيست ليست أم المعارك ولكنها رافعة للتحدي". على كل حال، دخول مجموعة من الاشخاص في معركة ، مهما كان تعريفهم لهذه المعركة، متفرقين هو نوع من الانتحار السياسي. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هذه الاحزاب، أو ربما الاصح تسميتها قوائم انتخابية، عن أية وحدة تتكلم؟ هل يوجد هناك ثمة برنامج سياسي مطروح للنقاش وتدعو الجماهير لللوحدة والالتفاف حوله؟ هل يوجد هناك غايات عينية يراد تحقيقها أو ربما اهداف تكتيكية أو استراتيجية؟. جميعنا نريد الوحدة، ولكن الوحدة حول ماذا؟ الوحدة من أجل ماذا؟ اليس من حق الجمهور ان يسأل هذه الاسسئلة ومن حقه ان يتلقى اجوبة شافية عليها؟.
في الحقيقة ابتدأ جمهور المنتخبين يسأل مثل هذه الاسئلة على الاقل ابتداء من عام ١٩٦٦ (الكنيست الرابعة عشرة) حيث للمرة الاولى ظهر نوع من التعددية السياسية كسرت احتكار الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وبعض القوائم المرتبطة او المنبثقة عن حزب العمل. وتلقى طوال هذه الفترة بعض الاجوبة على اسئلته: وكانت جميع الاجوبة صادمة وما زالت صادمة حتى هذه اللحظة: كانت الوحدة فوقية هدفها الوحيد تأمين الدخول للكنيست للمتنافسين المتنفذين. لذلك تفككت هذه الوحدة بعد الانتخابات مباشرة: الوحدة بين الجبهة والتجمع الوطني الديمقراطي ومن ثم بين هذا الاخير والحركة العربية للتغيير ولم يكن الوضع افضل في القائمة العربية الموحدة حتى ان احد اعضاءها انشق وانضم الى حزب صهيوني هذا ناهيك عن النزاعات الداخلية في القوائم الثلاث الممثلة في الكنيست. صدق من قال: لقد كانت وحدة كراسي وما زالت وحدة كراسي.
هل يبدو الوضع قد تغير اليوم؟ أظن أن التغيير الوحيد الذي حصل هو رفع نسبة الحسم لدخول الكنيست (من ٢٪ إلى ٣.٣٥٪) الذي اشبه بسيف مسلط على رقاب كل الاحزاب العربية. وهذا هو سر اكتساب شعار الوحدة كل هذه الاهمية الفائقة. حساب بسيط يستطيع توضيح كافة الامور: في الانتخابات السابقة حققت الاحزاب العربية مجتمعة نسبة ٩.٢٠٪ من الاصوات (الجبهة: ٣.٦٥ ، العربية الموحدة ٢.٩٩٪ ، ألتجمع ٢.٥٦٪) عندما كانت نسبة الحسم ٢٪ نجح الجميع. اليوم تحت وطأة النسبة الجديدة الجميع مهدد بالسقوط بما فيها الجبهة بالرغم من انها نالت في المرة السابقة على أعلى نسبة، فمعدل النسبة للاحزاب الثلاث هو:٣.٠٧٪ فزيادة طفيفة على نسبة المقاطعين أو مشاركة قائمة جديدة، أو زيادة التصويت للاحزاب اليهودية خصوصا اذا ضمت بعض النجوم العربية (زهير بهلول، فيصل عزايزة) ومصير الاحزاب العربية الثلاث على كف عفريت. من هنا تبدأ الحملة المسعورة لتوحيد القوائم من جهة ولمحاربة حركة المقاطعة من حهة اخرى. ومما يزيد الطين بلة كما قال لي احد الاصدقاء: "النزول (لاحظوا كلمة نزول) للكنيست فيه مصة اصبع". وأنا اضيف على قول صديقي: أن مصة الاصبع هذه هي عامل حاسم في اللهث وراء تحقيق وحدة الكراسي وتصعيد المعركة ضد المقاطهين. لتمويل "المعركة" الانتخابية سوف تتلقى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ميلغ وقدره ٤.٥ مليون شيكل والقائمة العربية الموحدة هي الاخرى ٤.٥ مليون شيكل، بينما سيكتفي التجمع الوطني الديمقراطي ب٣.٣ مليون شيكل، أي سوف تقبض القوائم العربية الثلاث مجتمعة ١٢.٣ مليون شيكل سيتم صرفها خلال ثلاثة أشهر. العامل المالي سيواصل لعب دوره الحاسم ما دامت هذه الاحزاب داخل الكنيست. طبعا من يجني كل هذه الارباح لن تكون لديه مشكلة أن يدفع ضريبة كلامية لارضاء ناخبية هلى شكل خطابات نارية وتصريحات ملتهبة. تماما كما أن مؤسسة الكنيست هي الاخرى ليس لديها أية مشكلة لدفع ضريبة مالية على الارباح التي تجنيها من وجود النواب العرب داخلها بأن تترك لهم الحبل على الغارب.



No comments: