بناؤون
آخر زمن
علي
زبيدات – سخنين
اذكر
عندما كنت طفلا صغيرا قد ساعدت وبعض اخوتي
جدي على بناء جدار من الحجارة (سنسلة)
على حدود ارضنا.
وبعد ساعات من
العمل الشاق وبعد أن أخذ العرق يتصبب من
جبهاتنا وانتهينا من العمل جاء جدي ولكز
الحجارة بعكازه فانهارت جميعها، واخذ
يوبخنا قائلا: هل
تسمون هذه سنسلة؟ أم "
كعكور"
من الحجارة؟ كل
شغلكم " تكعكر
بتكعكر”. وقد
اعجبتني هذه الكلمة. وعندما
كبر اخوتي واصبح بعضهم معلمين عمار كنت
اسمع جدي بين الحين والآخر عندما يغضب
يصيح بهم٬ هذا شغل تكعكر وليس شغل عمار.
مرت سنوات كثيرة
منذ ذلك الوقت ولكن كما يبدو ظلت هذه
الكلمة محفورة في ذاكرتي وانفجرت مرة
واحدة عندما قرأت مقالة زميلي في الكتابة
في هذه الجريدة عودة بشارات بعنوان:
"الحجر الذي
اهمله البناؤون اصبح رأس الزاوية".
حاولت ان ابحث في
الفواميس المتوفرة لدي عن معنى كلمة
"كعكر"
ومشتقاتها ولكني
لم اجد المعنى الذي قصده جدي والذي عشش
في ذاكرتي كل هذه السنين.
وبما ان المسألة
ليست شخصية فإني اسمح لنفسي أن اقول للزميل
بشارات أن حجرك هذا ليس سوى تكعكر بتكعكر
وهو سوف ينهار من اول ضربة عكاز للاجىء
فلسطيني عائد ولن يصلح ابدا لأن يكون رأس
الزاوية ولن يصبح كذلك حتى ولو نشرت مقالك
هذا في جريدة هآرتس والغارديان وليس فقط
في صحيفة حديث الناس ومهما تملق هذا المقال
اليساريين الصهاينة من مجموعة مبادرة
جنيف وروج لحسنات تبادل الاراضي من مدرسة
ليبرمان وخطة كلنتون لتفسيم الفدس لكي
تصبح عاصمة للدولتين.
المقصود
طبعا بحجر الزاوية هو حل الدولتين لشعبين
على اساس الاعتراف بقرار التقسيم والفرارت
الاخرى التي تلته مثل قرار ٢٤٢ و٣٣٨ التي
تهضم الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني
وتمنح الكيان الصهيوني الكولونيالي
الشرعية. لا
يجوز في كل مرة أن نعود ونكتب التاريخ من
جديد ونفصل الحقيقة على مقاسنا.
لم يعترف الحزب
الشيوعي الاسرائيلي (الفلسطيني
في ذلك الوقت) بقرار
التقسيم لانه كان الحزب الوحيد الواعي
للموامرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني
واراد بكل ما يملك من قوة انقاذ ما يمكن
انقاذه كما يدعي الان ، بل بكل بساطة لانه
تلقى اوامر من موسكو في اعقاب الخطاب
الصهيوني للمندوب السوفياتي في الام
المتحدة أندريه غروميكو بضرورة الاعتراف
بالدولة العبرية الوليدة.
ما قاله الكاتب من
أن الشيوعيين قد دفعوا ثمنا باهضا بسبب
تأييدهم لقرار التقسيم صحيح تماما.
وكان الثمن هو
نبذهم من شعبهم وفي الوقت نفسه تسديد ضربة
قاصمة لكافة الاحزاب الشيوعية العربية.
ويتوهم الكاتب ان
شأنهم قد ارتفع مرة اخرى في اعقاب قبول
العالم بحل الدولتين بما فيه الدول العربية
ومنظمة التحرير الفلسطينية.
ولكن كل الحقائق
تؤكد على ان شأن كل من قبل بحل الدولتين
هو الذي انخفض وخصوصا بعد انتقال العالم
العربي من معسكر اللاءات الثلاثة إلى
معسكر ال ٩٩٪ من اوراق االحل في يد امريكا
وانتقال منظمة التحرير الفلسطينية من
معسكر الكقاح المسلح هو الطريق الوحيد
لتحرير فلسطين إلى معسكر الحياة مفاوضات.
حجر
الاعتراف بقرار التفسيم الذي بني عليه
الاعتراف بدولة اسرائيل ومن ثم حقها
بالحدود الآمنة وحقها في هضم حقوق الشعب
الفلسطيني كما جاءت في القرارات اللاحقة
واتفاقيات اوسلو المختلفة كيف يمكن لمثل
هذا الحجر أن يكون رأس الزاوية؟
الحجر
الذي اهمله البناؤون هو حجر الثورة الشعبية
طويلة الامد وهو الذي سوف يصبح رأس الزاوية.
No comments:
Post a Comment