Wednesday, October 08, 2014

كلكم تكفيريون



كلكم تكفيريون
علي زبيدات – سخنين

من يظن أن التكفيرية هي حكر على الجماعات الاسلامية الاصولية فهو مخطىء. ومن يظن أصلا أن التكقيرية تقتصر على السياق الديني فحسب فهو ايضا مخطىء. التكفيرية متجذرة وضاربة اطنابها في كل الجماعات الاصولية: العلمانية، اليهودية، المسيحية، البوذية، في الجماعات القومية، الوطنية، الليبرالية والاشتراكية. لم يعد هناك شبر واحد على هذه الارض لم يلوث بهذه الدرجة او تلك بالتكفيرية. وقد تكون التكفيرية العقائدية (الدينية) ليست اسوأ انواعها، فالفكر التكفيري موجود في كل مكان وفي كل زمان وفي كل مجال. الفكر التفكيري يولد سياسة تكفيرية وممارسة تكفيرية. يقول البعض أن الجماعات الاسلامية الاصولية اصبحت اكبر منتج ومصدر للارهاب في العالم، حقاً؟ وماذا عن الارهاب الذي تنتجه الولايات المتحدة الامريكية وتصدره الى كافة ارجاء العالم؟ أليس ما يجري في افغانستان وباكستان والعراق وسوريا واليمن والصومال واماكن لا تحصى ولا تعد في مشارق الارض ومغاربها يشكل اضعاف مضاعفة مما تنتجه الجماعات الاسلامية الاصولية مجتمعة؟ وماذا بالنسبة للإرهاب الذي تنتجه وتصدره اسرائيل منذ فيامها وحتى اليوم؟ هذا الارهاب لا يقتصر على قطاع غزة والضفة الغربية ودول الجوار، بل هو موجود في كل مكان إما على شكل اسلحة صناعة اسرائيلية واما على شكل خبراء ومدربين ومرتزقة. اما عن الارهاب الذي تنتجه الانظمة العربية معظمه للاستهلاك المحلي وبعضه للتصدير فحدث بلا حرج.
يقولون أن الحركات التكفيرية الاسلامية قد شوهت الوجة الحقيقي السمح للاسلام، وهذا صحيح من حيث الاسساس، ولكن التكفيريين "الديمقراطيين" من امثال امريكا وحلف الناتو واسرائيل الذين يشعلون الحروب العدوانية باسم الديمقراطية ومن أجل نشرها وللدفاع عن حقوق الانسان ألا يشوهون صورة الديمقراطية؟ في هذا العالم الرأسمالي البشع الكل يشوه الصورة التي يزعم انها صورته والتي هي في الحقيقة ليست اكثر من قناع. فالديمقراطي هو اول من يشوه الديمقراطية، والقومي هو اكثر من يشوه القومية والوطني هو اشد من يشوه الوطنية والاشتراكي هو افضل من يشوه الاشتراكية.
تريد الجماعات الاسلامية الاصولية أن تجر الناس للعودة الى ايام السلف الصالح التي ولت من غير رجعة منذ قرون عديدة حتى ولو كان ذلك بحد السيف. بينما تريد الجماعات الاصولية الغربية أن تجر الناس الى "ديمقراطيتها" حتى ولو كان ذلك بالصواريخ والقنابل الذكية واسلحة الدمار الشامل. من يتهم الآخرين بالتكفيرية عليه الا ينسى التكفيرية الخاصة به وإلا أن يصمت. إذ ليس من اللائق الكلام عن التسامح بينما كل ممارساتك تنضح بالتعصب، والكلام عن التعددية وكل تصرفاتك تهدف إلى احتواء الآخرين، والكلام عن حرية الفكر وفي الوقت نفسه تقمع كل فكر يعارض فكرك.
بعيدا عن الشعارات التي لا رصيدا لها، أروني عقيدة أو ايدولوجية لا تكفر غيرها من العقائد والايدولوجيات؟ أروني حزبا سياسيا أو تنظيما لا يكفر غيره؟ في السنوات الاخيرة اتخمنا بالكلام عن الجماعات الاسلامية التكفيرية من داعش وجبهة النصرة وانصار الشريعة وبيت المقدس وعشرات الجماعات المشابهة إلى الاخوان المسلمين والسلفيين على الوانهم وانواعهم. هذا الكلام لا يعدو كونه ذر الرماد في العيون لكي نعمى عن رؤية الصورة كاملة ومن كافة جوانبها وتحويل الانظار عن رؤية الحقيقة كما هي، الحقيقة التي تقول: كلكم تكفيريون.
ما يهمني في هذا الصدد بعض الملاحظات حول تكفيريينا المحليين. ما زلنا نرضخ تحت وطأة التعريف السائد للتكفيرية على اساس ديني ونشير باصبع الاتهام لفكر الاخوان المسلمين والحركات الاسلامية التي تتبنى هذا الفكر كمرجع. ولكني كما اوضحت آنفا: لا يقتصر التكفير على الانتماء الديني. فلدينا احزاب قومية تحتكر الفكر القومي، أو تحاول ذلك على الاقل ، وتكفر غيرها. وهنالك احزاب تجهد نفسها في احتكار الوطنية وتكفر ما عداها، وهناك احزاب تحتكر التقدمية والاشتراكية وغيرها ليس سوى رأسمالي رجعي. والحالة هذه فما الغريب في حالة التشرذم التي نشهدها؟ وما الغريب في أن نفشل بتنظيم مسيرة ذكرى، قكم بالاحرى في مواجهة سياسة تمييز عنصرى فائقة التنظيم والمهنية؟.
يوجد داخل كل فرد فينا تكفيري يجب التخلص منه ومن الافضل قبل أن يكبر ويستفحل ومن ثم الانطلاق نحو الحرية.

No comments: