عقولنا
في خطر
علي
زبيدات – سخنين
واخيرا
تحركت لجنة المتابعة ودعت الناس إلى "يوم
النفير" للقدس
والاقصى. ولا
يخطئن احد بان يوم النفير هذا يعني ما
يوحي اليه اسمه: التعبئة
العامة وحث الناس على القيام لمحاربة
العدو حتى تحرير القدس والاقصى.
بل هو مجرد دعوة
متواضعة لمسيرة استنكار على تصاعد
الانتهاكات الاسرائيلية تنتهي باعتصام
ومؤتمر صحفي تستطيع به زعامات لجنة
المتابعة ان تحافظ على القليل مما تبفى
من ماء الوجه بعد الانتفادات الشديدة
التي تلقتها في اعقاب فشل نشاطها الاخير
بمناسبة هبة القدس والاقصى، خصوصا وان
معظم هذه الزعامات كما يقول المثل:
لا في العير ولا
في النفير. بالاضافة
للاستنكارات شديدة اللهحة، طالبت هذه
الزعامات الاردن (النظام
الملكي الذي ينسق كل سياسته مع اسرائيل)
بإن يتحمل مسؤوليته
ويمارس سيادته الادارية في الاقصى بشكل
فعلي كما ناشدت السلطة الفلسطينية (ربما
من خلال التنسيق الامني)
بالوقوف امام
مسؤوليتها التاريخية والدفاع عن الاقصى
رسميا وشعبيا.
لا
يمكن فهم هذا لتحرك الاخير بمعزل عن
مهرجانات الحركة الاسلامية المتعاقبة
سنويا في ام الفحم أو كفر كنا او غيرها من
مدن الداخل الفلسطيني تحت شعار "الافصى
في خطر". حيث
يتم حشد عشرات الآلاف من المؤمنين، والذين
يريدون حقا رؤية مقدساتهم حرة، واغراقهم
بالخطابات الملتهبة والشعارات الرنانة.
منطقيا، اذا كان
الاقصى في خطر أو اذا كانت القدس في خطر
أو اذا كان أي شيء بالعالم في خطر فهذا
يعني انه ما زال على ما يرام وفي حالة جيدة
وان هناك خطر أو اخطار تتهدده ويجب الاسراع
لدرء هذا الخطر أو هذه الاخطار عنه قبل
فوات الاوان. الاقصى
محتل منذ نصف قرن والقدس محتلة منذ نصف
قرن. الاقصى
تعرض للحرق في الماضي وانتهكت حرمته مرات
لا تعد ولا تحصى اما القدس فقد تم تهويدها
منذ زمن طويل، قبل الاستيلاء على بعض
البيوت في الشيخ جراح او في سلوان.
القدس فقدت طبيعتها
وهويتها الفلسطينية بعد تدمير واخلاء
احياء كاملة وتهجير الالاف من اهلها وبناء
المستوطنات على اراضيها ومن حولها.
ما تبقى من القدس
العربية ليس اكثر من احياء حزينة وتعيسة
تكاد أن تكون ميتة ليلا.
وما زلتم تقولون
الاقصى في خطر؟ والقدس في خطر؟ كلا، عقولكم
في خطر، عقولنا في خطر.
كل
مهرجاناتكم، ومسيراتكم ومؤتمراتكم
الصحفية لن تجدي فتيلا اذا لم تكن جزأً
لا يتجزأ من مسيرة النضال الوطني من أجل
العودة والتحرير. حتى
الان الامر ليس كذلك. دغدغة
عواطف المؤمنين الدينية لا تكفي لتحرير
الاقصى او القدس او اي شبر من فلسطين.
وتقولون الافصى
ليس ملكا للشعب الفلسطيني فحسب أو للأمة
الاعربية فحسب، بل للأمة الاسلامية التي
تعد أكثر من مليارد ونصف انسان وتنطوي
تحت كنف منظمة المؤتمر الاسلامي التي تضم
٥٧ دولة.حسناً،
جميع هذه الدول بدرجات متفاوتة ولكن بدون
استثناء تحافظ على علاقات وطيدة مع إسرائيل
وتقدم لها الدعم المباشر وغير المباشر
لتكريس احتلالها. لجنة
القدس المنبثقة عن هذا المؤتمر ويرأسها
الملك المغربي تقيم علاقات حميمة مع محتلي
القدس. حركات
الاسلام السياسي بكل انتماءاتها الطائفية
والمذهبية تحارب في كل ارجاء العالم ضد
بعضها البعض وضد غيرها ولكنها لا تجرؤ
حتى على التفكير بالاقتراب من القدس.
الدول العربية
المتحالفة مع امريكا واسرائيل ترسل
طائراتها لقصف مواقع عربية بينما تقع
القدس على مرمى حجر منها ولا تحرك ساكنا
لنصرتها. علماء
المسلمين يفتون ليس فقط بقتل بعض الحكام
المسلمين بل ايضا بقتل مواطنين مسلمين
وينشطون لكي يروا فتواهم تتحقق ويصمتون
صمت اهل القبور عندما يتعلق ذلك باسرائيل.
لم يعد هناك حاجة
الى مستشرقين وصليبيين وصهاينة وماسونيين
ومحافظين جدد لتشويه صورة الاسلام،
فالاسلاميون الجدد قاموا بهذه المهمة
على افضل وجه.
لست
متدينا، واذا كان هذا الصراع صراع ديني
صرف فلا يوجد افضل من الجلوس على الجدار
والتفرج، لأن عقلي يرفض لا يستوعب:
لماذا يوجد هناك
أصلا اماكن اسلامية مقدسة وأماكن مسيحية
مقدسة أخرى يهودية مقدسة وجميعهم يعبدون
الرب ذاته؟. حرية
الاقصى وحرية القدس هي جزء لا يتجزأ من
حرية فلسطين كل فلسطين.
No comments:
Post a Comment