Tuesday, April 08, 2008

اللاجئون اليهود واللاجئون الفلسطينيون

من يبحث عن المنطق في السياسة الامريكية في المنطقة فقد يطول بحثه، ومن يبحث عن العدالة او النزاهة في هذه السياسة فأغلب الظن انه لن يجد شيئا من هذا القبيل مهما طال بحثه. بات معروفا أن السياسة الامريكية وخصوصا في ظل إدارة جورج بوش الابن لا تتقيد بأية معايير أخلاقية فكم بالاحرى معايير منطقية او عقلانية. آخر دليل على ذلك هو القرار غير الملزم الذي إتخذه الكونغرس الامريكي مؤخرا بإعتبار اليهود الذين قدموا من الدول العربية وايران مهاجرين تسري عليهم القوانين الدولية تماما مثل اللاجئين الاخرين وخصوصا الفلسطينيين. وعندما يتم طرح قضايا اللاجئين في المحافل الدولية يجب أن يتم شمل اللاجئين اليهود ايضا.
من الواضح أن الهدف من هذا القرار الذي ينضح غباء وسخافة هو التنكر لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتصفية قضيتهم بواسطة دفع بعض التعويضات.
السؤال الاول الذي يجب أن يطرح على أعضاء الكونغرس غير المحترمين هو: لماذا فقط إعتبار اليهود الذين قدموا من البلدان العربية لاجئين؟ ولماذا لا يعتبروا اليهود الذين قدموا من اوروبا وامريكا ايضا لاجئين؟
يقول احد أعضاء الكونغرس، الذي يلعب دور الخادم الامين للوبي الصهيوني في امريكا: " يجب على العالم أن يفهم، أن الحديث لا يدور حول العرب فقط وليس حول الفلسطينيين فقط في الشرق الاوسط، بل ايضا اليهود الذين سلبت ممتلكاتهم وبيوتهم وكانوا ضحايا أعمال ارهابية، هؤلاء ناس عاشوا في تجمعات في بلدان الشرق الاوسط ليس لعشرات السنينبل لآلاف السنين" ويضيف عضو كونغرس آخر:" النقاش حول اللاجئين في الشرق الاوسط يتمحور بسبب قصر النظر حول اللاجئين من اصل فلسطيني، ولكن ماذا عن الظلم الذي لحق باللاجئين اليهود من البلدان العربية وايران؟ فقد شاهدوا مجتمعاتهم تنهار بصورة منهجية، حيث فقدو مصادر رزقهم وبيوتهم وهربوا من الاضطهاد والقمع وأعمال البوغروم، وقرار مجلس الامن 242 يدعو الى حل قضية اللاجئين حلا عادلا بدون أن يشير الى هوية هؤلاء اللاجئين"
ليس غريبا على كونغرس غبي كهذا أن يتوج على بلاد الامكانيات اللامحدودة رئيسا غبيا مثل جورج بوش الابن.فلو عادوا الى مقاعد المدرسة وتعلموا بعض دروس التاريخ لما تفوهوا بمثل هذه الترهات.
عندما بدأت اوروبا تلاحق اليهود أولا في اسبانيا بعد مغادرة العرب ومن ثم في باقي الدول الاوروبية لوجدوا أن يهود أوروبا وجدوا ملجأ آمنا في البلدان العربية. إن أعمال القمع والاضطهاد والبوغرومات هي صناعة اوروبية بحتة، حتى المستشارة الألمانية ميركل في زيارتها الاخيرة لإسرائيل اعترفت بذلك وقالت انها تشعر بالعار من جراء ذلك. فلماذا لا تعتبر هي الاخرى اليهود الذين هربوا من جحيم النازية لاجئين؟ ولماذا لا توافق على حقهم بالعودة؟. ولكنها فضلت، مثلها مثل الطبقة الحاكمة في اسرائيل، أن تبقى مخلصة لمبادئها الرأسمالية وعملت على حل القضية عن طريق دفع التعويضات السخية ولكن ليس للمتضررين انفسهم بل للذين يدعوا تمثيلهم.
وكما أن الغباء في نهاية المطاف يعود ويضر بصاحبه، فإن قرار الكونغرس الامريكي سوف يعود بالضرر على متخذيه وعلى الجهة التي جاء يخدمها وهي دولة اسرائيل.
وأنا أضم صوتي المتواضع الى اصوات الكونغرس الامريكي وأقول: نعم، يجب إعتبار اليهود الذين غادروا بلدانهم لاجئين (حتى هؤلاء الذين غادروها بمحض اردتهم، فقد يكونوا قد خدعوا). ويجب أن يتمتعوا بكافة الحقوق التي تكفلها لهم القوانين الدولية وعلى رأسها حق العودة الى اوطانهم الاصلية.
الحركة الصهيونية، ومن ثم عندما اصبحت دولة هي المسؤولة الاولى عن تهجير الفلسطينيين وجعلهم لاجئين من خلال عمليات التطهير العرقي التي جرت عام النكبة. ولكنها في الوقت نفسه هي المسؤولة الاولى عن تهجير اليهود وجعلهم لاجئين ايضا. الوسائل التي استعملها العملاء الصهاينة لإقتلاع يهود العراق ومصر وسوريا معروفة للجميع، والارشيف الصهيوني مليء بقصص الاعمال الارهابية التي مارستها هذه الدولة بحق اليهود.
الايديولوجية الصهيونية هي ايديولوجية تهجيرية في جوهرها. فهي تحث يهود العالم على ترك اوطانهم والهجرة الى فلسطين. وبالنسبة لها كافة اساليب الترغيب والتهديد متاحة (كوشر) وما زال عملاء الوكالة اليهودية يجوبون العالم لإقتلاع اليهود وجعلهم لاجئين. وعندما تخلص مهمتهم أو ينتهي عقد عملهم بعد أن جنوا الاموال الطائلة والسهلة فهم انفسهم لا .
على برلمانات الدول العربية، وخصوصا الدول التي غادرها مواطنوها اليهود الى فلسطين، مثل المغرب، اليمن، العراق وغيرها، أن تتخذ قرارا على غرار قرار الكونغرس الامريكي وتعتبر اليهود الذين غادروها لاجئين وتمنحهم حق العودة، هذا بالرغم من عدم مسؤوليتها في جعلهم لاجئين. على دول اوروبا أن تحذو حذو بولونيا وتفتح باب العودة لليهود الذين غادروها وتعيد لهم جنسيتهم.
لقد قلنا دائما أن حق العودة هو حق خاص وجماعي لا يسقط بالتقادم ولا يمكن إبداله أو إختزاله بالتعويض فقط، وهذا المبدأ ينطبق على كافة اللاجئين في العالم وليس على اللاجئين الفلسطينيين فحسب.

No comments: