مؤتمر القمة العربية في دمشق- هل سيكون مختلفا؟
لقد قيل وكتب الكثير عن جامعة الدول العربية منذ تأسيسها قبل أكثر من 60 عاما بمبادرة أنجليزية قبل ان يسلموا فلسطين للحركة الصهيونية ويعودوا الى جزيرتهم. لا حاجة للتنويه الى أن معظم ما كتب عن هذه المنظمة كان سلبيا للغاية. يكفي أن نذكر هنا أن تاريخ الجامعة العربية كان مواكبا لتاريخ نكبة فلسطين. كلاهما ترعرع في أجواء الهزائم المتواصلة والعجز والفشل. وليس من باب الصدفة أن الشعار الذي كان وما زال سائدا على هذا التاريخ المشترك: إتفق العرب على الا يتفقوا.
وقد قيل وكتب الكثير عن مؤتمرات القمة العربية، ومؤتمر دمشق سوف يكون المؤتمر العشرين من حيث الترتيب. هذه المؤتمرات هي أيضا لم تسلم من الشتائم. فمنهم من أطلق عليها مؤتمر "القمامة" العربية ومؤتمرات العجز والخيانة الى آخره من هذه الصفات.
الشتائم والمسبات قد تنفس عن بعض الاحتقان والغيظ عند الناس ولكنها لا تكفي لتفسير هذه الظاهرة وبالتأكيد لا تستطيع أن تقدم بديلا او تؤدي الى تغيير جذري نحو الافضل. مؤتمرات القمة العربية هي في نهاية المطاف مؤتمرات النخب الحاكمة في البلدان العربية. وكما يقول المثل: الاناء بما فيه ينضح. مؤتمر القمة هو مرآة يعكس حقيقة الحكام المشاركين لا أكثر ولا اقل. هل ممكن أن نتوقع من رئيس وصل الى كرسي الرئاسة بواسطة انقلاب دموي ويحافظ عليه بواسطة المخابرات أن يكون مثالا للتسامح والديموقراطية؟ هل نتوقع من أمير نشأ وترعرع في ظل الحماية الامبريالية أن يشهر سيفه في وجه حماته؟ وهل من المعقول أن يخرج أحد الملوك من جلده ويرفع علم الاشتراكية والتقدم؟ لماذا إذن نحمل هؤلاء المؤتمرين فوق طاقتهم؟ خلاصة القول: اذا أردنا مؤتمرات قمة عربية بالمعنى الحقيقي للكلمة فلا بد من تغيير كافة الملوك والامراء والرؤساء العرب. أي لا بد من إعلان الثورة العربية الشاملة. ولكن حتى ذلك الحين، لا بد من أن نتوقف ولو للحظة عند مؤتمر القمة الاخير في دمشق من أجل تسجيل بعض الملاحظات:
بالنسبة للكثيرين، من مؤيدين ومعارضين لمؤتمرات القمة، مجرد عقده في دمشق هو أمر بحد ذاته يستحق التوقف عنده وسبر مكنوناته . دمشق في نهاية المطاف ليست الرياض حيث عقد المؤتمر الاخير وهي ليست تونس أو شرم الشيخ. دمشق هي عاصمة الممانعة الوحيدة الباقية في الوطن العربي حتى وإن كانت هذه الممانعة واهنة وهزيلة. وهذا بحد ذاته يضفي على المؤتمر جوا خاصا مغايرا نسبيا عن الاجواء التي سادت المؤتمرات السابقة.
ذاكرة المواطن العربي العادي لا تحمل من مؤتمرات القمة السابقة سوى النزر القليل. ولعل المؤتمر الوحيد العالق في ذاكرتنا خصوصا نحن الفلسطينيون هو مؤتمر الخرطوم بعد نكسة 1967 ولاءاته الثلاث: لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف بإسرائيل. وبالرغم من أن هذا المؤتمر قد عقد بعد هزيمة اليمة، وبالرغم من تحول السياسة العربية الحاد من مبدأ محو "مصدر العدوان" الى مبدأ محو "آثار العدوان" الا انه ما زال حاضرا في ذهن جميع الافراد والتنظيمات المعادية للهيمنة الصهيونية والامبريالية.
إذا أخذنا مؤتمر الخرطوم كمقياس وكنموذج للمقارنة فأين يقع منه مؤتمر دمشق؟ واضح أن لاءات الخرطوم قد سقطت منذ زمن طويل. حيث قامت دولتان عربيتان بالصلح العلني والرسمي مع اسرائيل اما باقي الدول العربية فإنها تمارس الصلح العملي معها على مستويات مختلفة. الاعتراف بإسرائيل أصبح شاملا ليس فقط من جراء اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو بل أيضا من خلال ما يسمى: مبادرة السلام العربية. اما المفاوضات فإنها لا تتوقف حتى عندما تكون عديمة الجدوى خصوصا في ظل رؤيا محمود عباس للمفاوضات ولسان حاله يقول: أنا افاوض فأنا موجود. والبلد المضيف نفسه لا يرفض المفاوضات مع اسرائيل مبدئيا بل على العكس من ذلك، فهو لا يترك مناسبة الا ويصرح بها عن استعداده للبدء بالمفاوضات ومن دون اية شروط مسبقة وإن "خيار السلام هو خيار استراتيجي" للنظام السوري.
هل سيتخلى مؤتمر دمشق عن "مبادرة السلام العربية" التي اطلقها مؤتمر بيروت في أوج حصار رام الله وأكدها مؤتمر الرياض في أوج حصار غزة؟ خصوصا وأن اسرائيل بالرغم من كل التنازلات التي قدمتها، قد القت بها في سلة المهملات؟ لا اظن ذلك. سوف يتمسك القادة العرب بمبادرتهم هذه وسيكتفون بتوجيه بعض كلمات العتاب الى اسرائيل راجين منها ان تنقذهم وتقبل المبادرة ولو بشروطها المهينة. إذن ماذا سيقدم المؤتمر للقضية الفلسطينية؟ لا شيء سوى المزيد من الادانات اللفظية للسياسة الاسرائيلية في غزة. من المتوقع أصلا الا تكون القضية الفلسطينية في أعلى سلم اولويات المؤتمرين. هناك على الاقل 3 قضايا أخرى سوف تستحوذ على هذه الاولوية وهي:1) الازمة اللبنانية 2) العلاقات مع ايران والتحالف الامريكي – الاسرائيلي – العربي لمواجهة ما يسمى الخطر الايراني 3) الوضع في العراق.
وربما جاءت قضايا الصومال والسودان والعلاقات بين الدول العربية قبل القضية الفلسطينية. دعوة نوري المالكي لكي يتراس الوفد العراقي تعني ضمنا قبول الاحتلال الامريكي والتعامل مع العراق المحتل وعملائه. ودعوة محمود عباس لتراس الوفد الفلسطيني تعني الوقوف الى جانب خيار المفاوضات وإقصاء المقاومة.
هذه قراءة سريعة لمؤتمر القمة العربية العشرين المزمع عقده غدا في دمشق. لن يطرأ اي تغيير جذري على أوضاع المنطقة بعد المؤتمر او من جراء المؤتمر. التغيير سوف يأتي فقط من خلال تحرك جماهيري ثوري يسقط كافة الانظمة القائمة.
لقد قيل وكتب الكثير عن جامعة الدول العربية منذ تأسيسها قبل أكثر من 60 عاما بمبادرة أنجليزية قبل ان يسلموا فلسطين للحركة الصهيونية ويعودوا الى جزيرتهم. لا حاجة للتنويه الى أن معظم ما كتب عن هذه المنظمة كان سلبيا للغاية. يكفي أن نذكر هنا أن تاريخ الجامعة العربية كان مواكبا لتاريخ نكبة فلسطين. كلاهما ترعرع في أجواء الهزائم المتواصلة والعجز والفشل. وليس من باب الصدفة أن الشعار الذي كان وما زال سائدا على هذا التاريخ المشترك: إتفق العرب على الا يتفقوا.
وقد قيل وكتب الكثير عن مؤتمرات القمة العربية، ومؤتمر دمشق سوف يكون المؤتمر العشرين من حيث الترتيب. هذه المؤتمرات هي أيضا لم تسلم من الشتائم. فمنهم من أطلق عليها مؤتمر "القمامة" العربية ومؤتمرات العجز والخيانة الى آخره من هذه الصفات.
الشتائم والمسبات قد تنفس عن بعض الاحتقان والغيظ عند الناس ولكنها لا تكفي لتفسير هذه الظاهرة وبالتأكيد لا تستطيع أن تقدم بديلا او تؤدي الى تغيير جذري نحو الافضل. مؤتمرات القمة العربية هي في نهاية المطاف مؤتمرات النخب الحاكمة في البلدان العربية. وكما يقول المثل: الاناء بما فيه ينضح. مؤتمر القمة هو مرآة يعكس حقيقة الحكام المشاركين لا أكثر ولا اقل. هل ممكن أن نتوقع من رئيس وصل الى كرسي الرئاسة بواسطة انقلاب دموي ويحافظ عليه بواسطة المخابرات أن يكون مثالا للتسامح والديموقراطية؟ هل نتوقع من أمير نشأ وترعرع في ظل الحماية الامبريالية أن يشهر سيفه في وجه حماته؟ وهل من المعقول أن يخرج أحد الملوك من جلده ويرفع علم الاشتراكية والتقدم؟ لماذا إذن نحمل هؤلاء المؤتمرين فوق طاقتهم؟ خلاصة القول: اذا أردنا مؤتمرات قمة عربية بالمعنى الحقيقي للكلمة فلا بد من تغيير كافة الملوك والامراء والرؤساء العرب. أي لا بد من إعلان الثورة العربية الشاملة. ولكن حتى ذلك الحين، لا بد من أن نتوقف ولو للحظة عند مؤتمر القمة الاخير في دمشق من أجل تسجيل بعض الملاحظات:
بالنسبة للكثيرين، من مؤيدين ومعارضين لمؤتمرات القمة، مجرد عقده في دمشق هو أمر بحد ذاته يستحق التوقف عنده وسبر مكنوناته . دمشق في نهاية المطاف ليست الرياض حيث عقد المؤتمر الاخير وهي ليست تونس أو شرم الشيخ. دمشق هي عاصمة الممانعة الوحيدة الباقية في الوطن العربي حتى وإن كانت هذه الممانعة واهنة وهزيلة. وهذا بحد ذاته يضفي على المؤتمر جوا خاصا مغايرا نسبيا عن الاجواء التي سادت المؤتمرات السابقة.
ذاكرة المواطن العربي العادي لا تحمل من مؤتمرات القمة السابقة سوى النزر القليل. ولعل المؤتمر الوحيد العالق في ذاكرتنا خصوصا نحن الفلسطينيون هو مؤتمر الخرطوم بعد نكسة 1967 ولاءاته الثلاث: لا صلح ولا مفاوضات ولا إعتراف بإسرائيل. وبالرغم من أن هذا المؤتمر قد عقد بعد هزيمة اليمة، وبالرغم من تحول السياسة العربية الحاد من مبدأ محو "مصدر العدوان" الى مبدأ محو "آثار العدوان" الا انه ما زال حاضرا في ذهن جميع الافراد والتنظيمات المعادية للهيمنة الصهيونية والامبريالية.
إذا أخذنا مؤتمر الخرطوم كمقياس وكنموذج للمقارنة فأين يقع منه مؤتمر دمشق؟ واضح أن لاءات الخرطوم قد سقطت منذ زمن طويل. حيث قامت دولتان عربيتان بالصلح العلني والرسمي مع اسرائيل اما باقي الدول العربية فإنها تمارس الصلح العملي معها على مستويات مختلفة. الاعتراف بإسرائيل أصبح شاملا ليس فقط من جراء اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو بل أيضا من خلال ما يسمى: مبادرة السلام العربية. اما المفاوضات فإنها لا تتوقف حتى عندما تكون عديمة الجدوى خصوصا في ظل رؤيا محمود عباس للمفاوضات ولسان حاله يقول: أنا افاوض فأنا موجود. والبلد المضيف نفسه لا يرفض المفاوضات مع اسرائيل مبدئيا بل على العكس من ذلك، فهو لا يترك مناسبة الا ويصرح بها عن استعداده للبدء بالمفاوضات ومن دون اية شروط مسبقة وإن "خيار السلام هو خيار استراتيجي" للنظام السوري.
هل سيتخلى مؤتمر دمشق عن "مبادرة السلام العربية" التي اطلقها مؤتمر بيروت في أوج حصار رام الله وأكدها مؤتمر الرياض في أوج حصار غزة؟ خصوصا وأن اسرائيل بالرغم من كل التنازلات التي قدمتها، قد القت بها في سلة المهملات؟ لا اظن ذلك. سوف يتمسك القادة العرب بمبادرتهم هذه وسيكتفون بتوجيه بعض كلمات العتاب الى اسرائيل راجين منها ان تنقذهم وتقبل المبادرة ولو بشروطها المهينة. إذن ماذا سيقدم المؤتمر للقضية الفلسطينية؟ لا شيء سوى المزيد من الادانات اللفظية للسياسة الاسرائيلية في غزة. من المتوقع أصلا الا تكون القضية الفلسطينية في أعلى سلم اولويات المؤتمرين. هناك على الاقل 3 قضايا أخرى سوف تستحوذ على هذه الاولوية وهي:1) الازمة اللبنانية 2) العلاقات مع ايران والتحالف الامريكي – الاسرائيلي – العربي لمواجهة ما يسمى الخطر الايراني 3) الوضع في العراق.
وربما جاءت قضايا الصومال والسودان والعلاقات بين الدول العربية قبل القضية الفلسطينية. دعوة نوري المالكي لكي يتراس الوفد العراقي تعني ضمنا قبول الاحتلال الامريكي والتعامل مع العراق المحتل وعملائه. ودعوة محمود عباس لتراس الوفد الفلسطيني تعني الوقوف الى جانب خيار المفاوضات وإقصاء المقاومة.
هذه قراءة سريعة لمؤتمر القمة العربية العشرين المزمع عقده غدا في دمشق. لن يطرأ اي تغيير جذري على أوضاع المنطقة بعد المؤتمر او من جراء المؤتمر. التغيير سوف يأتي فقط من خلال تحرك جماهيري ثوري يسقط كافة الانظمة القائمة.
No comments:
Post a Comment