ماذا تبقى من يوم الارض؟
انبش الجرائد العربية الصادرة في نهاية الاسبوع المنصرم، اقلب صفحاتها. اتنقل بين مواقع الاخبار العربية على الشبكة العنكبوتية. ارصد نشاطات الاحزاب والتنظيمات والجمعيات المختلفة باحثا عن الارض في ذكرى يوم الارض فلا اجد سوى كلمات مستعارة مجترة منذ سنوات: لجنة المتابعة تجتمع. البعض يأتي والبعض لا يأتي والبعض يتم تجاهله أو عدم الاصغاء له. يبحثون في مائة موضوع وموضوع. طبعا مواضيع النقاش متواجدة بوفرة، فهناك التهديدات الصادرة عن اوساط في اليمين الصهيوني لبعض الزعامات العربية وهناك سياسة هدم البيوت وهناك مكانة المرأة العربية وغياب دورها وصوتها في لجنة المتابعة، الخ. الخ. وجميعها يجب أن تطرح ويتم القرار بشأنها. وأخيرا يتم الاتفاق على مهرجان مركزي كالعادة في مكان ما ونشاطات محلية هذا بالاضافة الى توزيع البيانات وإخراج الخطابات القديمة من الادراج بعد نفض الغبار عنها.
أعود وأتساءل بحنق: ولكن أين الارض؟؟ لا يوجد هناك ارض. هذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع. ألا يقولون في دراساتهم المنشورة أن 97% من الارض الفلسطينية قد صودرت؟ وأن ما بقي في حوزة الفلسطينيين لا يتجاوز ال3%؟ أتذكر قصة ذلك الاعرابي الذي اعترضه بعض قطاع الطرق ونهبوا قطيعة وعندما عاد الى عشيرته خالي الوفاض سألوه: ماذا جرى لك؟ فقص عليهم حكايته. فقالوا له: وماذا فعلت؟ الم تفعل شيئا؟ فقال بلى، اوسعتهم شتما وأودوا بالابل. فذهب قوله مثلا. ماذا نعمل نحن في ذكرى يوم الارض؟ سوى انها مناسبة لوسع المؤسسة الاسرائيلية شتما، نصفها بابشع الصفات واقبح الاقوال. هذا يصرخ بأعلى صوته: انها دولة عنصرية وذاك يقول: بل هي دولة فاشية وآخر يلطم: انها تقتل الابرياء وتهدم البيوت وتبني جدار التمييز العنصري. ويختلط الحابل بالنابل ومن كثرة المسبات والشتائم لم يعد أحد يفهم على أحد. وبكل هدوء تسحب المؤسسة الاسرائيلية الارض من تحت أقدامنا، تبني مستوطنة هنا، تهدم بيتا هناك، تخطط لقلع هذه القرية، تسيج منطقة هناك وتعلن عنها حديقة عامة وتقيم معسكرا هناك ...
بالطبع نتغنى بأمجاد يوم الارض الاول، بالتضحيات التي قدمناها وبصمودنا وتحدينا للسلطة بالرغم من سياسة الترهيب. وكل واحد منا يروي روايته الخاصة. ولكن بشرط: ألا نعيدها. لقد كان قرار الاضراب قرارا تاريخيا وبطوليا ولكن يجب الا نفكر بإضراب آخر لأن الجماهير غير مستعدة لذلك، وقد كان التصدي لقوات الشرطة والجيش اسطوريا، ولكن الان يجب أن نبتعد عن أية مواجهة لأن ذلك ضرب من التهور والمزاودة.
الفشل يتيم والنجاح له مائة أب. من من الاحزاب القائمة، وحتى التي لم تكن قائمة في ذلك الوقت بعد، لم تزعم انها هي التي صنعت يوم الارض؟ ها هو الرفيق توفيق طوبي على سبيل المثال لا الحصر، بعد أن يشن هجوما على التنظيمات الاخرى التي تدعي تفجير يم الارض يقول:" يوم الارض الذي فجرته جماهير شعبنا بقيادة حزبنا الشيوعي..." هل يستطيع أحدكم أن يقول لنا الى أي تنظيم سياسي كان ينتمي الشهداء الستة؟
نعم، في عام 30 آذار 1976 هبت جماهير شعبنا رافضة الاسرلة التي حاولت السلطة فرضها، متشبثة بهويتها الوطنية وبحقها بالعيش بكرامة على ارضها، ولكن بعد هذا التاريخ عادت الجماهير لتغط في سبات عميق. ولماذا؟ من كثرة مخدرات الاسرلة التي حقنتها القيادة لهذه الجماهير: الاضراب غير مطروح، الجماهير غير مهيئة لذلك، مواجهة الشرطة هي أعمال زعرنة، رفع العلم الفلسطيني هو ايضا من أعمال الزعرنة، لنطالب بالمساواة ولا اقل من المساواة، هذه هي الاسطوانة التي إنتشرت بين الناس بعد هبة يوم الارض الاولى، فهل من عجب اذا وصلنا لما وصلنا اليه اليوم؟
لماذا كان الاضراب العام والشامل جيدا في عام 1976 ولكنه أصبح سيئا في عام 2008؟ هل الاوضاع اليوم أفضل؟ كلنا يعرف ان اوضاعنا حينذاك كانت أفضل بما لا يقاس من اليوم. فإذا فمنا حينذاك بإضراب شامل ليوم واحد فإننا بحاجة اليوم الى إضراب مفتوح.
لم يعد لدينا أرض نطالب بعدم مصادرتها، ولكن لدينا أرض مسلوبة نطالب بتحريرها، نعم تحريرها، هل هذه الكلمة تخيف بعض الناس؟ يجب إعادة التي سلبتها الدولة من اللاجئين والمهجرين، يجب إعادة ارض البطوف والنقب والساحل وكل فلسطين. هذا هو الشعار الرئيسي الذي يجب أن يهيمن على كافة نشاطات ذكرى يوم الارض ومن غيرها لن تكون هذه النشاطات أكثر من إستمناء سياسي يمارسه بعض المحترفين.
من أجل إنقاذ الارض وإنقاذ الانسان الفلسطيني الذي يحيى على هذه الارض أو الذي اقتلع منها، علينا أن نستوحي التاريخ النضالي لشعبنا الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني وخصوصا النواحي التالية:
1) إعلان الاضراب العام والشامل سنويا في ذكرى يوم الارض، وفي حالة إشتداد الازمة السياسية (كما هو عليه اليوم) يجب الدعوة الى إضراب مفتوح على غرار إضراب عام 1936 ولكن هذه المرة بعد أن نتعلم دروس هذا الاضراب: عدم الاصغاء الى الحكام العرب مثلا!
2) مقاطعة المستوطنات التي قامت على الارض العربية المصادرة وكافة منشآتها التجارية. لا يعقل أن يقوم رؤساء بلدياتنا ومجالسنا المحلية بالتنسيق الكامل مع هذه المستوطنات التي قامت بهدف خنق مدننا وقرانا. ولا يعقل أن نحج يوميا، جماعات ووحدانا الى مراكزها التجارية للتسوق.
3) يجب طرق كافة المنصات الدولية من حقوقية وسياسية وإعلامية لفضح سياسة الدولة العنصرية ومقاومتها.
4) يجب أن نقاوم سياسة الدمج على كافة المستويات وبالمقابل يجب أن نبدأ بتشييد مؤسساتنا الوطنية المستقلة وعلى كافة المستويات أيضا. يجب مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية التي يمكن الاستغناء عنها وإستبدالها بمنتوجات وطنية، وتشجيع الصناعة والزراعة الوطنيتين.
غدا سوف تنتهي المسيرات وسوف تخفت الخطابات وتتلاشى إلا أن نداء الارض سوف يلاحقنا فلنلبي هذا النداء
انبش الجرائد العربية الصادرة في نهاية الاسبوع المنصرم، اقلب صفحاتها. اتنقل بين مواقع الاخبار العربية على الشبكة العنكبوتية. ارصد نشاطات الاحزاب والتنظيمات والجمعيات المختلفة باحثا عن الارض في ذكرى يوم الارض فلا اجد سوى كلمات مستعارة مجترة منذ سنوات: لجنة المتابعة تجتمع. البعض يأتي والبعض لا يأتي والبعض يتم تجاهله أو عدم الاصغاء له. يبحثون في مائة موضوع وموضوع. طبعا مواضيع النقاش متواجدة بوفرة، فهناك التهديدات الصادرة عن اوساط في اليمين الصهيوني لبعض الزعامات العربية وهناك سياسة هدم البيوت وهناك مكانة المرأة العربية وغياب دورها وصوتها في لجنة المتابعة، الخ. الخ. وجميعها يجب أن تطرح ويتم القرار بشأنها. وأخيرا يتم الاتفاق على مهرجان مركزي كالعادة في مكان ما ونشاطات محلية هذا بالاضافة الى توزيع البيانات وإخراج الخطابات القديمة من الادراج بعد نفض الغبار عنها.
أعود وأتساءل بحنق: ولكن أين الارض؟؟ لا يوجد هناك ارض. هذه هي الحقيقة التي يعرفها الجميع. ألا يقولون في دراساتهم المنشورة أن 97% من الارض الفلسطينية قد صودرت؟ وأن ما بقي في حوزة الفلسطينيين لا يتجاوز ال3%؟ أتذكر قصة ذلك الاعرابي الذي اعترضه بعض قطاع الطرق ونهبوا قطيعة وعندما عاد الى عشيرته خالي الوفاض سألوه: ماذا جرى لك؟ فقص عليهم حكايته. فقالوا له: وماذا فعلت؟ الم تفعل شيئا؟ فقال بلى، اوسعتهم شتما وأودوا بالابل. فذهب قوله مثلا. ماذا نعمل نحن في ذكرى يوم الارض؟ سوى انها مناسبة لوسع المؤسسة الاسرائيلية شتما، نصفها بابشع الصفات واقبح الاقوال. هذا يصرخ بأعلى صوته: انها دولة عنصرية وذاك يقول: بل هي دولة فاشية وآخر يلطم: انها تقتل الابرياء وتهدم البيوت وتبني جدار التمييز العنصري. ويختلط الحابل بالنابل ومن كثرة المسبات والشتائم لم يعد أحد يفهم على أحد. وبكل هدوء تسحب المؤسسة الاسرائيلية الارض من تحت أقدامنا، تبني مستوطنة هنا، تهدم بيتا هناك، تخطط لقلع هذه القرية، تسيج منطقة هناك وتعلن عنها حديقة عامة وتقيم معسكرا هناك ...
بالطبع نتغنى بأمجاد يوم الارض الاول، بالتضحيات التي قدمناها وبصمودنا وتحدينا للسلطة بالرغم من سياسة الترهيب. وكل واحد منا يروي روايته الخاصة. ولكن بشرط: ألا نعيدها. لقد كان قرار الاضراب قرارا تاريخيا وبطوليا ولكن يجب الا نفكر بإضراب آخر لأن الجماهير غير مستعدة لذلك، وقد كان التصدي لقوات الشرطة والجيش اسطوريا، ولكن الان يجب أن نبتعد عن أية مواجهة لأن ذلك ضرب من التهور والمزاودة.
الفشل يتيم والنجاح له مائة أب. من من الاحزاب القائمة، وحتى التي لم تكن قائمة في ذلك الوقت بعد، لم تزعم انها هي التي صنعت يوم الارض؟ ها هو الرفيق توفيق طوبي على سبيل المثال لا الحصر، بعد أن يشن هجوما على التنظيمات الاخرى التي تدعي تفجير يم الارض يقول:" يوم الارض الذي فجرته جماهير شعبنا بقيادة حزبنا الشيوعي..." هل يستطيع أحدكم أن يقول لنا الى أي تنظيم سياسي كان ينتمي الشهداء الستة؟
نعم، في عام 30 آذار 1976 هبت جماهير شعبنا رافضة الاسرلة التي حاولت السلطة فرضها، متشبثة بهويتها الوطنية وبحقها بالعيش بكرامة على ارضها، ولكن بعد هذا التاريخ عادت الجماهير لتغط في سبات عميق. ولماذا؟ من كثرة مخدرات الاسرلة التي حقنتها القيادة لهذه الجماهير: الاضراب غير مطروح، الجماهير غير مهيئة لذلك، مواجهة الشرطة هي أعمال زعرنة، رفع العلم الفلسطيني هو ايضا من أعمال الزعرنة، لنطالب بالمساواة ولا اقل من المساواة، هذه هي الاسطوانة التي إنتشرت بين الناس بعد هبة يوم الارض الاولى، فهل من عجب اذا وصلنا لما وصلنا اليه اليوم؟
لماذا كان الاضراب العام والشامل جيدا في عام 1976 ولكنه أصبح سيئا في عام 2008؟ هل الاوضاع اليوم أفضل؟ كلنا يعرف ان اوضاعنا حينذاك كانت أفضل بما لا يقاس من اليوم. فإذا فمنا حينذاك بإضراب شامل ليوم واحد فإننا بحاجة اليوم الى إضراب مفتوح.
لم يعد لدينا أرض نطالب بعدم مصادرتها، ولكن لدينا أرض مسلوبة نطالب بتحريرها، نعم تحريرها، هل هذه الكلمة تخيف بعض الناس؟ يجب إعادة التي سلبتها الدولة من اللاجئين والمهجرين، يجب إعادة ارض البطوف والنقب والساحل وكل فلسطين. هذا هو الشعار الرئيسي الذي يجب أن يهيمن على كافة نشاطات ذكرى يوم الارض ومن غيرها لن تكون هذه النشاطات أكثر من إستمناء سياسي يمارسه بعض المحترفين.
من أجل إنقاذ الارض وإنقاذ الانسان الفلسطيني الذي يحيى على هذه الارض أو الذي اقتلع منها، علينا أن نستوحي التاريخ النضالي لشعبنا الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني وخصوصا النواحي التالية:
1) إعلان الاضراب العام والشامل سنويا في ذكرى يوم الارض، وفي حالة إشتداد الازمة السياسية (كما هو عليه اليوم) يجب الدعوة الى إضراب مفتوح على غرار إضراب عام 1936 ولكن هذه المرة بعد أن نتعلم دروس هذا الاضراب: عدم الاصغاء الى الحكام العرب مثلا!
2) مقاطعة المستوطنات التي قامت على الارض العربية المصادرة وكافة منشآتها التجارية. لا يعقل أن يقوم رؤساء بلدياتنا ومجالسنا المحلية بالتنسيق الكامل مع هذه المستوطنات التي قامت بهدف خنق مدننا وقرانا. ولا يعقل أن نحج يوميا، جماعات ووحدانا الى مراكزها التجارية للتسوق.
3) يجب طرق كافة المنصات الدولية من حقوقية وسياسية وإعلامية لفضح سياسة الدولة العنصرية ومقاومتها.
4) يجب أن نقاوم سياسة الدمج على كافة المستويات وبالمقابل يجب أن نبدأ بتشييد مؤسساتنا الوطنية المستقلة وعلى كافة المستويات أيضا. يجب مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية التي يمكن الاستغناء عنها وإستبدالها بمنتوجات وطنية، وتشجيع الصناعة والزراعة الوطنيتين.
غدا سوف تنتهي المسيرات وسوف تخفت الخطابات وتتلاشى إلا أن نداء الارض سوف يلاحقنا فلنلبي هذا النداء