This is my personal blog. you can find here news from Palestine, news from Sakhnin and all kind of ideas and projects which I like to share with all of you. I'll be glad to read your comments.
Wednesday, June 30, 2010
اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب
علي زبيدات – سخنين
مر اليوم العالمي لمناهضة التعذيب في الأسبوع الماضي مرور الكرام. ذكرته بعض المواقع الإخبارية بسطر أو سطرين ونوهت به بعض منظمات حقوق الإنسان وكأنه من مخلفات الماضي السحيق وكأن عالمنا اليوم مليء بالرفق والحنان ويخلو من كافة أشكال التعذيب مع أن الحقيقة تشير إلى العكس من ذلك تماما.
يظن البعض أن وفرة الاتفاقيات الدولة المناهضة للتعذيب كافية بأن ترسل هذه الظاهرة اللاإنسانية إلى متحف التاريخ وكأنها من مخلفات عصور مظلمة في التاريخ البشري. فها هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على عدم جواز إخضاع أحد للتعذيب وسوء المعاملة والعقوبة القاسية واللاانسانية. وها هي اتفاقيات جنيف تؤكد على ضرورة منح جميع المعتقلين حق ممارسة الأنشطة الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية ومواصلة الدراسة وتوفير الغذاء الكافي كما ونوعا وتوفير الرعاية الصحية وغيرها من الحقوق الإنسانية. وها هي الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب تؤكد مرة أخرى عدم شرعية استعمال أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسديا كان أم عقليا بقصد الحصول على اعترافات أو معلومات. وتدعو إلى مقاضاة كل من يلجأ إلى هذه الأساليب. هذا غيض من فيض من النصوص الدولية حول هذا الموضوع، لكن يبدو أنه كلما زاد الحديث عن مناهضة التعذيب كلما نما وترعرع واتسعت رقعته.
قلت في الماضي، وها أنا اكرر ما قلته: أن الدولة، كل دولة، هي في الحقيقة عبارة عن جهاز قمع مكون من جيش وشرطة ومخابرات وسجون هدفه الأساسي الحفاظ على النظام وليس الدفاع عن جماهير الشعب. قد يكون هذا الجهاز القمعي همجيا وبدائيا وقد يكون متطورا. وبالتالي يستعمل كل جهاز الأساليب التي تلائمه في التعذيب.
لقد قطعت الدول الحديثة وخصوصا الدول المتطورة صناعيا وتكنولوجيا شوطا بعيدا في تطوير جهازها القمعي. وهي تمارس شتى أنواع التعذيب بينما تعلن صباح مساء التزامها وتمسكها بالاتفاقات الدولية المناهضة للتعذيب. ولعل الممارسات الأمريكية في سجن أبو غريب وغوانتنامو وغيرهما من السجون المعروفة والسرية خير مثال على ذلك ولكنها ليست المثال الوحيد. ينبغي ألا ننسى أن الهدف من التعذيب الأمريكي هو نشر الحرية والديمقراطية.
أما دولة إسرائيل فقد طورت أساليب التعذيب حتى جعلت منه علما وفنا. في البداية كانت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تركز على استعمال التعذيب الجسدي للمعتقلين من أجل انتزاع الاعترافات والمعلومات منهم. في الوقت نفسه كانت تنفي اللجوء إلى التعذيب وتدعي أن المعتقلين قدموا اعترافاتهم بمحض إرادتهم وأن الكلام عن التعذيب ليس إلا افتراء على الأجهزة الأمنية الأكثر أخلاقية في العالم، على غرار الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. مع الوقت ومع تطور الصراع طورت هذه الأجهزة أساليبها في التعذيب وأخذت تركز على التعذيب النفسي والذهني مع أنها لم تتخلى عن التعذيب الجسدي الذي حددته محكمة العدل الإسرائيلية العليا وبهذا أصبحت إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي تجيز استعمال التعذيب قانونيا. يرتكز التعذيب النفسي عن العزل التام وإرهاق المعتقل بمنع النوم عنه لفترات طويلة وإخضاعه للتحقيق لساعات طويلة بالإضافة إلى استعمال الوسائل الحديثة التي تهدف إلى كسر معنويات المعتقل وتدمير شخصيته. لقد استشهد العشرات من المناضلين خلال التحقيق معهم بينما لا يزال الآلاف من المعتقلين يعانون من آثار التعذيب حتى بعد سنين طويلة من خروجهم من السجون الإسرائيلية.
حسب رأيي تعريف التعذيب في المواثيق الدولية ضيق وناقص وعلى المختصين في هذا المجال إعادة النظر في هذا التعريف. فالتعذيب لا يقتصر على ممارسات الأجهزة الأمنية في السجون وفي أقبية التحقيق، بل هو أوسع من ذلك بكثير. أليس الحصار المفروض على غزة هو شكل من أشكال التعذيب؟ أليست سياسة هدم البيوت واقتلاع الأشجار ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم وإرهابهم شكلا آخرا من أشكال التعذيب؟ وماذا عن الجدار الفصل العنصري ومئات الحواجز وسياسة الاعتقالات والمداهمات العشوائية للبيوت والتصفيات الجسدية؟ أليست هذه تعذيبا على نطاق جماعي؟ هل يمكن الفصل بين ما يدور داخل السجون والمعتقلات وبين ما يدور خارجها؟ هل يكفي أن نضع ما يدور في أبو غريب وغوانتانمو مثلا في خانة التعذيب وتدمير العراق وقتل العديد من أهله خارج هذه الخانة؟ هل يمكن التمييز بين من يستشهد برصاص الجنود أو المستوطنين وبين من يستشهد على أيدي المخابرات؟
قلت انه كلما تطورت الدولة كلما تطورت أساليب التعذيب التي تستعملها. الأمة العربية ابتليت بدول متخلفة وما زالت تستعمل أساليب متخلفة في التعذيب. ما يجري في سجون مصر وسوريا والأردن والسعودية وغيرها من الدول العربية لا يعلمه غير الأجهزة الأمنية وغير الله. من حين لآخر تتسرب بعض المعلومات التي تقشعر لها الأبدان. هل تستطيع دول كهذه أن تكون طرفا في أي نضال تحرري؟
ونحن، الشعب الفلسطيني، أنعم الله علينا بدولة ممسوخة أو بالأحرى بدولتين ممسوختين واحدة في الضفة الغربية وأخرى في قطاع غزة. وها هي سجون السلطة تمتلئ بالمساجين بعدما أصبح فدائيو الأمس سجانين اليوم يزجون بالمقاومين الجدد في بالسجون. تعلمنا أساليب التعذيب من إسرائيل بسرعة فائقة وفي كثير من الأحيان تفوقنا عليهم. إن الكلام عن التعذيب في السجون الإسرائيلية يكون مجرد جبن ونفاق إذا صمتنا عن التعذيب في سجون السلطة أو في سجون الحكومة المقالة في قطاع غزة. لقد أصبح معروفا أن أجهزة أمن السلطة تعمل تحت إشراف، رقابة وتدريب أجهزة الأمن الأمريكية والإسرائيلية وهي مجتمعة المسئولة عن التعذيب في السجون الفلسطينية.
مناهضة التعذيب على الصعيدين المحلي والعالمي هي رافد من روافد النضال من أجل الحرية.
Wednesday, June 23, 2010
من أجل إنقاذ محمود درويش من "المستورثين"
علي زبيدات – سخنين
قبل حوالي اسبوعين جرى احتفال رسمي وشعبي في كفر ياسيف بمناسبة إفتتاح "مؤسسة محمود درويش للإبداع" وصفه القيمين عليه بأنه كان احتفالا مهيبا. وقد انفردت صحيفة حديث الناس بتغطية موسعة لهذا الاحتفال، هذا بالإضافة إلى مقال بقلم المحامي جواد بولس بهذه المناسبة وعن أهداف هذه المؤسسة نشرته الجريدة نفسها. أقول مسبقا، منعا لأي التباس، أن هذه المقالة ليست عن محمود درويش كشاعر أو كسياسي أو حتى كمهجر أو لاجئ. لا يستطيع أحد أن ينكر مكانة درويش وقيمته اللامحدودة وتأثيره على القضية الفلسطينية. ولا اعتراض لدي على التسميات التي أطلقت على الشاعر مهما بلغت من مبالغة مثل: شاعر فلسطين، شاعر الثورة والمقاومة ورمز الثقافة الفلسطينية الإنسانية وغيرها من الأوصاف العاطفية التي تميز ثقافتنا في المجاملات خصوصا في حالات الرحيل عن هذه الحياة. في نهاية المطاف، كل واحد حر في رأيه. هذا لا يعني بطبيعة الحال أن محمود درويش فوق النقد وأن هناك ثمة مسوغ لرعاية نوع من عبادة الشخصية.
على كل حال محمود درويش ليس بحاجة لشهادة مني أو من غيري لإثبات مكانته الخاصة في مجمل القضية الفلسطينية. ولكن يبدو أن البعض بحاجة لمحمود درويش ليثبتوا مكانة لا يستحقونها في القضية الوطنية الفلسطينية وهذا ما كشفه لنا مرة أخرى الاحتفال الأخير في كفر ياسيف. هذه المقالة عن هذا البعض الذي اسميه مجموعة من "المستورثين" مع الاعتذار للسيدة سهى عرفات التي قد تكون تحتفظ بحقوق ابتكار واستعمال هذه المصطلح.
يقول المحامي بولس في مقالته أن الاحتفال كان مميزا بالحضور الذي شمل وفد رفيع المستوى من السلطة الفلسطينية برئاسة رئيس حكومتها سلام فياض بالإضافة إلى بعض أعضاء الكنيست العرب والوزير السابق يوسي سريد وغيرهم، ويتابع المحامي قوله:" إننا نصر أن تبقى المؤسسة خارج تأثير أي حزب أو فصيل أو مجموعة ذات مآرب فئوية". لا أدري إذا كان أحد يصدق مثل هذا الكلام بينما جرى الاحتفال برمته تحت رعاية أكثر شخص مختلف عليه فلسطينيا.
لقد قال محمود درويش ذات مرة: "على الشاعر أن يبقى على مسافة من السياسي. لأن السياسي يتعامل مع الممكن بينما يعبر الشاعر عن الحلم ويتعامل مع المستحيل في السياسة". لكن بعد الشاعر عن السياسي، حسب رأيي، كانت قصيرة جدا وفي بعض الأحيان كانت تتلاشى تماما. قبل اتفاقيات أوسلو كان شاعرنا يمشي جنبا إلى جنب مع السياسي وكان كلاهما يمر في أزمة. بعد اتفاقيات أوسلو اتسعت المسافة بعض الشيء وقد وصف درويش الوضع الذي تمخض عن هذه الاتفاقيات، كمن يخرج المحتل من غرفة نومه إلى الشرفة. بالنسبة للشاعر الشرفة مجال ضروري لاستنشاق الهواء واستمداد الوحي من أجل التواصل مع الحلم ولكنها ليست كذلك بالنسبة للسياسي. لو أخرجت اتفاقيات أوسلو المحتل إلى الساحة الخلفية مثلا لربما اختلفت الأمور. ولكن ها هو المحتل يعود بعد حوالي 20 سنة إلى غرف النوم ولكن هذه المرة بدون أن يقض مضجع النائمين.
احتفال كفر ياسيف يعيد الشاعر بعد رحيله للارتماء في أحضان السياسي.
في الحقيقة كثرة التكريمات التي نالها الشاعر منذ وفاته وحتى اليوم يفوح منها رائحة فاسدة. بدأت منذ اليوم الأول لوفاته. فقد أصرت السلطة على دفنه في رام الله ضاربة بعرض الحائط برغبة ذويه وأصدقائه ورغبته هو نفسه بأن يدفن في الجليل مكان ولادته ومرتع طفولته وصباه. ما زلت أذكر النقاش الساخن الذي دار حول مكان الدفن. وكيف أرسلت السلطة وفدا رفيع المستوى للضغط على أهله لقبول دفنه في رام الله تحت تبريرات واهية. كانت السلطة بحاجة إلى أيقونة أخرى إلى جانب عرفات لكي تعزز من شرعيتها المهزوزة ولكي تمارس عملية التسول السياسي عليها. عرفات دفن في المقاطعة بعد أن تحولت المقاطعة من ثكنة محاصرة إلى بؤرة للتنسيق الأمني. ودرويش دفن في "قصر الثقافة" التطبيعية على ارض مسروقة من أصحابها.
لم يكن هذا "التكريم" عفويا. بل جاء ليقول لدرويش الشاعر اللاجئ ولغيره: من حقك أن تحلم في العودة ولكن ليس من حقك أن تعود ولو كنت ميتا.
لم يكن هذا"التكريم" الوحيد المخجل الذي منحته سلطة رام الله للشاعر. فقد أعلنت قبل عدة أشهر يوم مولده كيوم الثقافة الوطنية الفلسطينية. وأحيت هذا اليوم في احتفال راقص في قصر الثقافة. وتحت رعاية من؟ حزرتم، تحت رعاية رئيس الحكومة الفلسطينية الذي يعدنا بدولة فلسطينية مستقلة في غضون عامين. لا أدري ما سر العلاقة بين الشاعر ورئيس الحكومة. وبما إنني شخصيا لا أؤمن بالصدفة لذلك لم تكن دعوته إلى احتفال كفر ياسيف من باب الصدفة.
طبعا لا يمكن أن أنسى "تكريما" مخجلا آخرا للشاعر في قريته غير المهجرة التي يترأس بلديتها شخص معروف بعلاقاته الحميمة مع السلطات الإسرائيلية. وذلك بإقامة نصب تذكاري للشاعر في وسط البلد حيث سار المحتفلون وراء العلم الإسرائيلي من النصب التذكاري إلى مكان الاحتفال.
ولنعود إلى الاحتفال الأخير في كفر ياسيف. لست ناقدا أدبيا ولا يهمني كثيرا إذا كان الشاعر ندم أو تخلي عن بعض قصائده مثل: بطاقة هوية أو عابرون في مكان عابر أو محمد الدرة أم لا. فبعد أن تم نشر هذه القصائد لم تعد ملكا للشاعر أو لأي شخص آخر بل أصبحت ملكا للقراء. من المخجل أن يدعى الوزير السابق يوسي سريد بصفته صديقا للشاعر لكي يخبرنا أن درويش ندم على كتابة بعض قصائده. وأن يبعث كاتب صهيوني آخر معروف بعنجهيته وعنصريته المبطنة هو عاموس عوز بكلمة تتلى على الحضور يكيل المديح على الشاعر ويشبهه بشاعر الصهيونية الوطني حاييم نحمان بيالك، على غرار تشبيه رئيس حكومة السلطة بمؤسس الصهيونية هرتسل.
لست ضد تكريم المبدعين خصوصا إذا كانوا بهامة محمود درويش مهما اختلفنا حول التفاصيل. على العكس من ذلك فالتكريم ضروري وواجب. ولنتعلم من الحركة الصهيونية نفسها التي تكرم كل من ساهم في خدمتها مهما كان دوره ضئيلا وأسماء المدن والشوارع والمؤسسات الإسرائيلية تشهد على ذلك وتبرزه بشكل يفقئ العيون. علينا أن نكرم كل من ساهم في حمل الهم الفلسطيني والقضية الفلسطينية. ولكن التكريم شيء و"الاستيراث" شيء آخر.
Wednesday, June 16, 2010
الحقيقة بين هيلن توماس ومحمود عباس
علي زبيدات – سخنين
هل يعني القاضي، عندما يطلب من الشاهد أن يقسم على قول الحقيقة كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، ذلك حقا؟ وهل يعرف هذا الشاهد المسكين أصلا ما هي الحقيقة؟ وهي مسألة قد دوخت الفلاسفة منذ أيام الإغريق وحتى يومنا هذا؟ وإذا كان يعرف بعض الحقيقة أو أحد جوانبها فهل يعرف كل الحقيقة؟ ولنفرض جدلا إنه يعرف كل الحقيقة فهل يقال كل ما يعرف؟ من يستطيع أن يضمن عدم تسلل أشياء بقصد أو عن غير قصد غير الحقيقة إلى الحقيقة نفسها؟ لا يمكن لوم هذا الشاهد المسكين إذا لم يستطع الإخلاص لقسمه بل يجب توجيه اللوم كل اللوم إلى ذلك القاضي الأرعن الذي طلب من هذا الشاهد أن يقوم بهذه المهمة المستحيلة. لو دققنا النظر قليلا لوجدنا القاضي والشاهد غارقين في الورطة نفسها. لا أظن أن القاضي أفضل حالا في معرفة الحقيقة أو في قولها.
أنا لا أدعي معرفة الحقيقة فكم بالأحرى كلها. ولا استطيع قول كل ما أظنه أنه حقيقة وإلا وجدت نفسي في غياهب سجون الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. وأعترف مسبقا أنه من الممكن جدا أن يكون في كلامي أيضا أشياء غير الحقيقة. لن أكون أفضل من سقراط الذي قضى حياته باحثا عن الحقيقة وقبل أن يجدها وجد أمامه كأس السم. ولن أكون أفضل من أفلاطون الذي تابع البحث عن الحقيقة بعد موت معلمة وفي النهاية قال لنا أنه وجدها ولكن ليس في عالمنا هذا بل في عالم المثل الذي لا يدري أحد أين يوجد. ولن أكون أفضل من الفيلسوف ديكارت الذي شك في جميع الحقائق وحاول أن يصل إلى الحقيقة، بأل التعريف، عن طريق العقل الذي لم يسعفه كثيرا حسب رأيي، ولا ابن سينا الذي قال: "إن الحقيقة هي موافقة ما في الأعيان لما في الأذهان" فرأى العجب، ولا فريدريك نيتشه الذي ضرب بعرض الحائط جميع القيم والحقائق.
ولكن، دعونا نعترف أنه وراء نسبية الحقيقة وتعدد أوجهها والمرونة الشديدة في تعريفها، لها علاقة خاصة بما هو حق، لها علاقة متينة بالصدق، لها علاقة بالواقع وربما كانت شكل من أشكال هذا الواقع، فهي قيمة أخلاقية أولا وقبل كل شيء. لنكتف بهذا القدر من الحس العام في معرفة الحقيقة.
هذه المقدمة كانت ضرورية بالنسبة لي لكي أفهم وأستوعب ما قالته الصحفية الأمريكية في البيت الأبيض هيلن توماس وما قاله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمام ممثلي اللوبي الصهيوني في واشنطن في الفترة نفسها. مع التركيز على المفارقة الصارخة بين كون الأولى صحفية عملت أكثر من 40 سنة في البيت الأبيض غطت أخبار ما لا يقل عن 10 رؤساء والثاني هو رئيس سلطة تدعي الوطنية ورئيس منظمة تدعي التحرير.
ما قالته هيلين توماس بسيط جدا يعرفه القاصي والداني وبفضل بساطته الشديدة يحتوي على نسبة عالية من الحقيقة. قالت عن الفلسطينيين أنهم شعب محتل وهذه بلادهم وعلى الصهاينة أن يخرجوا منها ويعودوا إلى بيوتهم في بولندا وألمانيا وأمريكا وكل مكان آخر. إنها لم تقل كلمة واحدة جديدة. وفي الوقت نفسه لم تقل كل الحقيقة. قالت جزءا بسيطا من الحقيقة فقط، وماذا تستطيع بعض الثواني من لقطة فيديو أن تقول أصلا؟ ولكن هذا الجزء البسيط جدا كان كافيا لأن يقيم الدنيا ولا يقعدها. وأن يذل سيدة في التسعين من عمرها ويعيدها إلى بيتها مكسورة الخاطر لا تشفع لها سنوات خدمتها التي يعترف بها الجميع.
الحقيقة تبقى هي الحقيقة: يحق للجميع العودة إلى بيوتهم. يحق للاجئين الفلسطينيين العودة إلى بيوتهم التي شردوا منها كما يحق للغزاة المحتلين العودة إلى بيوتهم التي أتوا منها. عندما ذكرت هيلين توماس بولندا وألمانيا لم تكن تقصد العودة إلى معسكرات الإبادة النازية كما لمحت وسائل الإعلام الصهيونية والمتواطئة معها وتجاهلت بخبث "أمريكا وكل مكان آخر"، بل قصدت العودة إلى البيوت الحقيقية التي جاءت هذه المعسكرات لسلبها. يهود ألمانيا هم أولا وقبل كل شيء ألمان، وهم ألمان أكثر من هتلر نفسه وباقي النازيين. ولهم الحق في العيش في بيوتهم. ومن يقول غير ذلك فهو عنصري. ولو فتحت ألمانيا أبوابها الآن لعاد إليها العديد من اليهود الذين يعتبرون ألمانيا بيتهم. عدد كبير منهم عاد بالفعل. فلسطين المحتلة هي بلاد الفلسطينيين وليست بلاد يهود أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول. زعيم حزب العمال الهولندي، يوب كوهن اليهودي والذي قد يصبح رئيسا للحكومة هو هولندي وربما أكثر من زعيم اليمين العنصري خيرت فلديرز. وهو يعرف أن هولندا هي بيته وليست فلسطين المحتلة، مع إنه يستطيع حسب قانون العودة الصهيوني أن يحمل حقائبه غدا ويرحل إلى فلسطين المحتلة ويقول: عدت إلى بيتي.
اليهودي المغربي هو مغربي وله الحق لأن يعود إلى بيته في المغرب وكذلك بالنسبة إلى اليهودي اليمني والعراقي والإيراني والسوري. كما يحق لليهودي الفلسطيني أن يعيش في فلسطين تماما كالعربي الفلسطيني. ما قالته هيلين توماس ليس الحقيقة فقط بل هو الأمر الطبيعي العادل. منح الحق لكل إنسان للعودة إلى بيته لا يعني بأي حال من الأحوال الترحيل القسري. فكل إنسان في العالم له الحق الطبيعي في أن يغير بيته. ولكن بشرط: ألا يطرد إنسانا آخرا من بيته ويحل محله.
أما رئيس السلطة الفلسطينية، الذي من المفروض أن يمثل القضية العادلة لشعبه فإنه يقول أمام اللوبي الصهيوني:" لن أنفي أبدا حق الشعب اليهودي على ارض إسرائيل". وسؤالي الذي أوجهه لرئيس السلطة، عباس: هل وجه الدعوة لممثلي اللوبي الصهيوني ال30 الذين قابلهم لكي يعودوا إلى أرض إسرائيل لممارسة حقهم؟ على ضوء هذا التصريح الذي عجز عنه بلفور أتساءل: هل يوجد هناك حق للشعب الفلسطيني على ارض فلسطين؟
أيتها الحقيقة الملعونة كم من الجرائم أقترفت باسمك؟؟؟
Wednesday, June 09, 2010
عين على غزة وعين على جنوب أفريقيا
عين على غزة وعين على جنوب أفريقيا
علي زبيدات – سخنين
طبعا لن أجرؤ على الدعوة لمقاطعة مباريات كأس العالم (المونديال) التي تنطلق هذا الأسبوع في جنوب أفريقيا، هذا مع أنها تستحق المقاطعة. لو فعلت ذلك لما أصغي إلي أحد وبالمقابل سيقوم الآلاف إذا لم يكن الملايين ويتهمونني بالجنون وربما رجمت بالحجارة أيضا. هذا بالإضافة إلى أنني لن أجد أحدا آخرا يقاطع معي حتى أنا نفسي لأني أنا الآخر في نهاية المطاف من عشاق كرة القدم. لكن كل ما أطلبه، عندما يدخل العالم في إكستازا المونديال، ألا ننسى غزة وألا ننسى القضية الفلسطينية برمتها. سوف تستغل إسرائيل التهاء العالم بمشاهدة المباريات لكي تشدد حصارها على غزة ولكي ترفع من وتيرة تهويد القدس وتعمل على توسيع المستوطنات. أشد ما أخشاه في هذه الفترة أن تخمد أصوات الاحتجاج مهما تمادت السياسة الإسرائيلية ولن يكون هناك من يخرج للمظاهرات.
منذ زمن طويل، فقدت الأحداث الرياضية الكبرى، خصوصا المونديال والألعاب الأولمبية، الكثير من روحها الرياضية فشعار المنافسة الشريفة والتقارب والأخوة بين الشعوب زالت من الوجود أو تكاد. بالنسبة للمنظمين هي مصدر لجني الأرباح حيث بلغت قيمة سوق كرة القدم في أوروبا وحدها على سبيل المثال، بالرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بها، 15.7 مليار يورو. وهي بالنسبة للسياسيين أرض خصبة لتمرير سياستهم الشوفينية والرجعية. هل من باب الصدفة أن يكون حوالي نصف الفرق المشاركة أوروبية مع أن هذه الدول تشكل أقل من 15% من العالم؟ عدد سكان أوروبا يعادل عدد سكان أفريقيا ولكن في المونديال يخصص لأوروبا ضعف ما يخصص لأفريقيا فهل بهذه الطريقة يمكن الكلام عن الأخوة بين الشعوب؟ أم أن هذه وصفة لفرض الهيمنة التي هي امتداد للهيمنة الامبريالية.
لم يعد بالإمكان فصل الرياضة عن السياسة ولا يمكن أصلا الفصل بينهما. ولكن عندما تكون السياسة فاسدة تفسد الرياضة أيضا. خير دليل على ذلك ما حدث بين مصر والجزائر مؤخرا. كادت الفتنة التي سببتها السياسة الفاسدة أن تعصف بالعلاقة بين الشعبين الشقيقين وتشعل نار الحقد والكراهية بينهما. تشجيع فريق شيء والتعصب والشوفينية شيء آخر. ما نراه في معظم حالات التشجيع هو تعصب أعمى وشوفينية مقيتة. ليس من السيئ تشجيع الفريق الذي نشعر بالقرب منه لأسباب قومية أو أيديولوجية أو أية أسباب أخرى ولكن من السيئ أن يتحول هذا التشجيع إلى حافز للكراهية والتنافر.
نحن كفلسطينيين لا نملك أوراقا كثيرة في هذه الألعاب. سوف يكتفي معظمنا بدور المشاهد والتشجيع من بعيد. لكننا نستطيع أن نستغل هذا المنبر الهام جدا لفضح السياسة الإسرائيلية والأمريكية والغربية بشكل عام. هنا لا يسعني إلا أن أعبر عن خيبة أملي من سياسة حكومة جنوب أفريقيا بكل ما يتعلق بموقفها اتجاه القضية الفلسطينية. من المعروف أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي رفضت مقاطعة نظام الابرتهايد البائد في جنوب أفريقيا وحافظت على علاقات علنية وثيقة معه. كما مدته بالأسلحة والخبرة العسكرية ومن ضمنها التعاون النووي الذي كشف عنه مؤخرا. لم تأت هذه العلاقات الوثيقة من باب الصدفة بل لأن جوهر النظامين واحد يقوم على الفصل العنصري. كنا نتوقع من النظام الجديد في جنوب أفريقيا أن يقاطع نظام الابرتهايد الأخير الموجود في عالمنا. لكنه لم يفعل ذلك بل على العكس أقام معه علاقات طبيعية واكتفى هنا وهناك بإدانة لفظية لبعض ممارساته.
كان الشعب الفلسطيني بمعظم حركاته الوطنية من أشد المؤيدين لنضال شعب جنوب أفريقيا العادل ضد نظام الابرتهايد وكان نلسون مانديلا لسنوات طويلة المثل الأعلى للحركة الأسيرة الفلسطينية. اليوم يوجد لدينا العشرات من الأسرى الذين تفوقوا على مانديلا من حيث المكوث في الأسر بعد أن تجاوزوا الثلاثين عاما في السجون الإسرائيلية. كنا نتوقع من نيلسون مانديلا شخصيا ومن القيادة الحالية في جنوب أفريقيا أن تبدي دعما أكثر للقضية الفلسطينية وأن تقطع علاقاتها بنظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
أخيرا، جرت العادة أن يختار كل واحد منا فريقه المفضل أو فرقه المفضلة ويعبر عن ذلك برفع أعلام الدول التي تنتمي لها هذه الفرق. هذه الظاهرة تكتسح المدن والقرى العربية. وقد اخترت شخصيا ثلاثة فرق لتشجيعها ولا أطمح أن يشاركني بهذا الاختيار الكثيرين:
الفريق الأول، هو فريق كوريا الشمالية وذلك لموقفها الصارم الرافض للهيمنة الأمريكية ولتحديها هذه الهيمنة في الوقت الذي تنبطح دولنا العربية أمام هذه الهيمنة. الفريق الثاني، ولكن بمسافة أبعد هو الفريق الجزائري وذلك احتراما وتقديرا لشعب المليون شهيد ولما تبقى في صدور الجماهير الجزائرية إخلاصا لقيم ومبادئ الثورة التي تخلى عنها النظام، طامحا أن يقوم أحد لاعبي هذا الفريق بنصرة غزة على طريقة أبو تريكة الخالدة والمؤثرة. الفريق الثالث، إذا كان لا بد من اختيار أحد الفرق الكبيرة فأنا أختار فريق الأرجنتين وذلك من أجل الأسطورة مرادونا الذي يتعرض لهجوم عنيف من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية، وبسبب مواقفه المؤيدة للشعب الفلسطيني ولشعوب أمريكا اللاتينية المناضلة ضد الهيمنة الأمريكية وعلاقته المميزة بالأنظمة التقدمية في فنزويلا وكوبا وبسبب تصريحه الأخير بأنه يريد أن تذكر الأرجنتين بصفتها وطن الثائر الاممي الفذ تشي جيفارا.
Tuesday, June 08, 2010
Perseverance of the Resistence is the only way to break the siege
June 2 2010
Ali Zbidat - Sakhnin
I will talk about the brutal Israeli attack on the freedom flotilla to break the siege on Gaza from a different angle, that is almost put aside and marginalized in the developments of the last events; the angle of the perseverance (somood) and continuity of the popular resistance in spite of the difficult situations that the siege has imposed and in spite of the massive sacrifices of our people in Gaza. Of course, I am not minimizing the importance of the Freedom Flotilla or any other flotillas that came before or will come after. Without the perseverance of our people in Gaza and the continuity of their resistance and their valuable life sacrifices, the consciences of the world wouldn’t have been touched and people wouldn’t have crosses sees and continents to go to the Gaza Strip.
The aim of Israel in imposing a siege on Gaza is obvious and known; to have the resistance kneel down and pull it towards the whirlpool of useless negotiations and then impose the Israeli-American solution on our Palestinian people including giving up on the national components and accepting a monster state and a fake independence in return of giving up on the Right of Return and self-determination.
In order to impose the Israeli-American peace, Israel has committed war crimes and many other crimes against humanity. The last attack against the Freedom Flotilla is one of these crimes. But in any way, we should not forget the king of crimes Israel has committed a year and a half ago when it launched a war of extermination on the Gaza Strip that led to the death of 1450 martyrs, in addition to tens of thousands of injured, and a massive destruction. We also should not forget Israel’s preparations for a crueler and bigger war.
The martyrs of the Freedom Flotilla are part of the martyrs of Palestine, no matter what their citizenships are. The blood of the injured mix with the blood of the Palestinians. But I come back to concentrate on the real heroes. Gaza’s children that resisted, with their nude chests, Israeli rockets fired from Apache helicopters and American-made F16’s, it are Gaza’s men that are buried deep in the ground looking for a bite to eat, it are the sick, bearing their pain and injuries because of the lack of medicines, it are the mothers that watch their children in hunger.
This legendary perseverance is what drove Israel crazy, and this is what made Israel act like a wild bull.
With all respect and admiration to all of the aid convoys and all the attempts to lift the siege from Gaza, the un-doubtful truth is that the continuity of the resistance, and its perseverance is the only insurance to break this siege.
The Israeli lobbying its media has circulated and which are repeated by international media that are known to be Israeli-biased don’t fool anyone anymore. Who believes that the Israeli soldiers fires their guns in self-defense after being attacked by activists? Who believes the testimony of the Israeli soldier who said” We did not have any weapons, except for guns, but as final resort? While the whole world saw pictures of soldiers heavily armed with weapons from top to toe? Who believes that they used their weapons as final resort, and fired towards the legs? Who reads the Israeli version think that the activists are those who attacked the Israeli navy forces. It looks to me that the Israeli media need some additional courses in the art of lying.
I don’t want to repeat the accusations about the Arab inability to break the siege. In fact, this is not about the inability, it is about accomplice and many times in actual cooperation in imposing the siege. I am not one of those that jump from happiness when hearing the news of opening the Rafah crossing until notice. We will see later for how short it will stay open. And the more important question is what is allowed to be entered and what is not. The real happiness will be when we see Egyptian bulldozers destroying the crossing, the wall, and the fences forever. And this, in my humble opinion, will only happen when Egypt stands up from the laps of the USA and Israel and comes back to the laps of the Arabic nations.
I am also not one of those who fly from happiness after hearing the condemnation from the Palestinian Authority on Ramallah. These are only words that don’t feed the hunger nor protects from fear, and reminds us of its condemnation of the extermination war on Gaza while in reality it had an affective role in it. How can this condemnation be honest when there is still security coordination and useless negotiations going on? The only thing the Authority in Ramallah is interested in is using these crimes to repeat their talks about “National Unity” that will secure going forward in the Israel-American solutions.
Finally, I am not one of those delighted of hearing the Turkish statements. I appreciate the positive changes in the Turkish policies, but Turkey still has a long way to go in order to distance themselves from the imperial camp. The first step will be for Turkey to step out of the NATO and cut its diplomatic and military ties with Israel.
The resistance in Gaza, which is part of Arabic and international resistance in the face of the globalized imperialism systems, have to survive and continue and join all the free peoples in the world until it reaches victory and liberation.
Wednesday, June 02, 2010
صمود المقاومة هو الطريق الوحيد لكسر الحصار
علي زبيدات – سخنين
سوف أتناول موضوع الاعتداء الإسرائيلي الغاشم على أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة من زاوية أخرى تكاد أن في خضم تطور الأحداث الأخيرة، أن تهمش وتوضع جانبا، من زاوية صمود المقاومة الشعبية واستمراريتها بالرغم من الأوضاع القاسية التي فرضها الحصار وبالرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمتها جماهير شعبنا في غزة. طبعا مع عدم التقليل من أهمية قافلة الحرية الأخيرة والقوافل التي سبقتها والتي سوف تليها. لولا صمود أهلنا في غزة واستمرارية مقاومتهم والتضحيات الغالية بالأرواح التي قدموها لما تحرك أصحاب الضمائر الحية من شتى أنحاء العالم وقطعوا البحار والقارات ليتجهوا إلى قطاع غزة المنكوب.
هدف إسرائيل من فرض الحصار على غزة معلن وواضح وهو تركيع المقاومة وجذبها إلى دوامة المفاوضات العبثية ومن ثم فرض الحل الإسرائيلي - الأمريكي على شعبنا الفلسطيني بما يشمله من التخلي عن الثوابت الوطنية والقبول بدولة مسخ واستقلال مزيف مقابل التنازل عن حق العودة وتقرير المصير. من اجل فرض السلام الإسرائيلي – الأمريكي اقترفت إسرائيل جرائم حرب وجرائم عديدة ضد الإنسانية. كان الاعتداء الأخير ضد قافلة الحرية إحدى هذه الجرائم ولكن في جميع الأحوال بجب ألا ننسى جريمة الجرائم التي اقترفتها إسرائيل قبل عام ونصف عندما شنت حرب إبادة على قطاع غزة أسفرت عن سقوط 1450 شهيدا، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى، وعن دمار هائل. ويجب ألا ننسى تحضيرها لشن حرب إبادة أعتى وأقسى من سابقتها.
ينضم شهداء قافلة الحرية إلى شهداء فلسطين مهما كانت جنسياتهم ودماء الجرحى تمتزج مع الدماء الفلسطينية النازفة.
لكني أعود وأركز أن الأبطال الحقيقيين هم أطفال غزة الذين تصدوا بصدورهم العارية للصواريخ الإسرائيلية المنطلقة من مروحيات الآباتشي والأف 16 أمريكية الصنع، هم رجال غزة الذين دفنوا في أعماق الأرض سعيا وراء لقمة العيش، هم المرضى القابضين على أوجاعهم وجراحهم بسبب انعدام الأدوية، هم الأمهات اللاتي تشاهدن أطفالهن يتضورون جوعا.
هذا الصمود الأسطوري هو الذي أفقد حكومة إسرائيل صوابها وهو الذي دفعها إلى التصرف كالثور الهائج.
مع كل الاحترام والتقدير لجميع قوافل الإغاثة ولجميع محاولات رفع الحصار إلا إن الحقيقة التي لا يطولها الشك هي أن استمرارية المقاومة وصمودها هو الضمان الوحيد لكسر هذا الحصار.
الدعاية الإسرائيلية التي روجت لها وسائل إعلامها وكررتها جوقة وسائل الإعلام العالمية المعروفة بانحيازها لإسرائيل لم تعد تنطلي على أحد. من يصدق أن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار دفاعا عن النفس بعد أن تمت مهاجمتهم من قبل المتضامنين العزل؟ من يصدق شهادة الجندي الإسرائيلي الذي قال: لم نأت مع سلاح ما عدا مسدس كملاذ أخير؟ بينما شاهد العالم أجمع صور الجنود المدججين بالسلاح من رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم؟ من يصدق أن الجنود استخدموا مسدساتهم كوسيلة أخيرة للدفاع عن النفس وأطلقوا النيران باتجاه الأرجل؟ من يقرأ الرواية الإسرائيلية يظن أن أفراد القافلة هم الذين شنوا الهجوم على قوات البحرية الإسرائيلية. يبدوا واضحا أن المسئولين الإسرائيليين الإعلاميين بحاجة إلى دورات استكمالية في فن الكذب.
لا أريد هنا أن أكرر الاتهامات حول العجز العربي في كسر الحصار. الكلام هنا لا يدور أصلا عن عجز بل عن تواطؤ وفي كثير من الأحيان عن مشاركة فعلية في فرض الحصار. لست من الناس الذين يقفزون فرحا لسماع الأخبار عن فتح معبر رفح لأجل غير مسمى. سوف نرى قريبا كم كان هذا الأجل قصيرا. والسؤال الأهم ماذا يسمح وماذا يمنع دخوله؟ الفرحة ستكون حقيقية عندما نرى الجرافات المصرية تهدم المعبر والجدار والسياج وتزيلها عن بكرة أبيها. وهذا حسب رأيي المتواضع لن يتم إلا بعد أن تتخلص مصر من أحضان أمريكا وإسرائيل وعودتها إلى أحضان أمتها العربية.
ولست ممن يطيرون فرحا لسماع عبارات الإدانة والاستنكار من سلطة رام الله. فهذه مجرد كلمات لا تغني من جوع ولا تؤمن من خوف تذكرنا بإدانة واستنكار حرب الإبادة على غزة بينما في الواقع كان لها دورا فعالا في شنها. كيف يمكن أن تكون هذه الكلمات صادقة في ظل التنسيق الأمني واستمرار المفاوضات العبثية؟ كل ما يهم سلطة رام الله هو استغلال هذه الجرائم لتكرار الحديث الممجوج حول استعادة "الوحدة الوطنية" التي تضمن السير قدما في الحلول التصفوية الإسرائيلية – الأمريكية.
وأخيرا، لست ممن يشقون ثيابهم فرحا للمواقف التركية الأخيرة ، هذا بالرغم من تقديري للتحولات الايجابية في السياسة التركية. ما زال على تركيا أن تقطع مسافات طويلة حتى تبتعد عن المعسكر الامبريالي وأول خطوة عليها أن تترك حلف الناتو وتقطع علاقتها الدبلوماسية والعسكرية مع إسرائيل.
المقاومة في غزة، التي هي جزء من المقاومة العربية ومن المقاومة العالمية في وجه نظام العولمة الامبريالي يجب أن تصمد وتستمر وتلتحم مع جميع أحرار العالم حتى النصر والتحرير.